رواية عصافير الغرام الجزء الثاني2 الفصل الثالث عشر13بقلم تسنيم محمود


رواية عصافير الغرام الجزء الثاني2 الفصل الثالث عشر13بقلم تسنيم محمود



كانت تتعلق برقبته مثل المجنونة.. سعادة لا مثيل لها وهي الآن تستنشق هواء بلدنا الحبيبة مصر الكنانة التي قال عنها رسول الله صل الله عليه وسلم أهلها في رباط إلى يوم القيامة 
أيهم ضاحكًا: يابنتي انزلي كتير كدا 
هزت رأسها نافيه حديثه بالمره: استحالة؛ هفضل معاك ولو هروح معاك بيتك 
أيهم بمكر بالغ: مش هترجعي في كلامك؟؟ 
قفذت عن ظهره وقامت بضربه على صدره بقوة حتى تألم بشدة فأغمض عيناه متحملا الوجع الذي أصابه وهو لا يعلم سببه: غ.. زل؛ كفا.. يه؟ 
رفعت غزل حاجبها باستنكار: لا يا شيخ؟ وجعتك ضربتي؟! ولا معتش طايقني؟ 
جواه وجع مش طبيعي وعايز يكح وحاسس ان ضلوعه بتتفتت؛ جسمه مكسر ودماغه متوهه مش مركز أبدا حاسس وكأنه في لحظة ممكن يوقع قدامها: غزل ممكن حبيبي تتصلي بأسر ياخدك وبكرا نتكلم؟؟ 
ابتسامتها اختفت وملامح وشها انكمشت ودلوقتي هتعيط هو بجد كرهني علشان انا في مخيلته سلمت نفسي لإيثان؟ وحتى لو؟ يعني انا لو مش بنت فعلا مش ممكن يتجوزني؟ أنا بحبه؟ أنا مجنونة فيه.. بصتله فهو ابتسملها ابتسامة حب فعلا نابعه من كل قلبه؛ بس كان صعب ان الابتسامة تدوم كتير لأنه تعبان ومش قادر يفتح عينه 
غمضت عنيها بعد ما دموعها نزلت وشاورتله يمشي: معدتش عايزه أعرفك تاني.. امشي يا أيهم؛ امشي مش عايزه اشوف وشك.. وشكرا اوي على انقاذك لحياتي 
بسرعة اخدت الطريق جري لحد ما خرجت وقفت تاكسي ورجعت بيتها منهاره 
دقت الباب وهي بتصرخ وتعيط وبتخبط بكل ما عطاها ربنا من قوة: يا شااااااااهد؟ 
أسرع أسر نحو الباب بفزع فتحه يادوب هيتكلم وهو مش مصدق المنظر اللي واقفه بيه أدام عنيه، وقعت بين ايديه 
............ 
أما عن أيهم فقلبه اتعصر من عدم فهمها ليه كل مره وكل مره بتلومه على أبسط الأمور وأكبرها وبيستحمل برضو؛ تعب.. خلع الجاكيت وحطه على بوقه وكحة جامده كانت بتخرج منه لحد ما الجاكيت بقى لونه أحمر من الدم اللي بيخرج منه... وزع نظراته في المكان اللي مكنش حد موجود فيه فبسرعة ركب عربية عدي اللي كان مستنيه برا لحظة ما قاله انه راجع الساعة 12 بالليل ودلوقتي بقت 30 :1 
عدي بصدمة ورعب وهو متجنب هزه: أيهم.. مالك؟ ايه ده؟ 
مكنش قادر يستحمل أنه ينطق حتى وبيكح والدم يسيل من فمه وبيغمض كأنه بيودع الدنيا: ع.. عد.. ي؛ ق.. ول.. ها أن.. اني؛ بح.. بها ( عدي قولها اني بحبها ) 
الموقف صعب..؛ الموقف مخيف.. شلل تدفق لعقله رجليه معادتش فيها قدرة أنها تشيل جسمه... هو بيصرخ زي المجنون وبيمسح وش أيهم بالميه ومفيش أي رد فعل وحتى النفس كأنه انقطع..، جن جنونه فكان يكسي الذعر ملامح وجهه وصوت صراخه ودموعه اللي بتنزل بانهيار تام: أيهممممم؛ قووووم..؛ وحياة امك يا شيخ لتفتح عنيك أيهمممم؟؟ 
انك تشوف حد غالي على قلبك بمنظر زي اللي هو شايف فيه صاحبه ده يبقى الانهيار أقرب حل عقلك بيلجأله .. وبدل ما تفكر انك تنقذه هيكون موتك جنبه من الوارد؛ صعوبة الموقف وشكل صاحبه خلى عقله وقف..! حتى أنه مش سامع صوت تليفونه اللي مش مبطل رن رن.. 
........... 
حالة إضطراب وفزع سيطرت على المستشفى والكل بيجري في الممرات دكاتره وممرضات وكل الهيئة العاملة .. اخدوا أيهم بسرعة البرق على أوضة العمليات 
في لحظة الكل عرف باللي حصل لأيهم من أصحابه وتلاميذه واللواءات حتى المدير لحظة رجوعه كان منتظره وأول ما عرف وجوده في المستشفى كان موجود.. 
عدي قاعد على الأرض ودموعه نزلت وهو بيفتكر شكل صاحبه وهو بيقفل عنيه ونفسه بينقطع حبه حبه.. والدم اللي غرق هدومه لما ضم صاحبه بيصرخ فيه ميسبهوش 
جاسم بيتعلق فيه يريح قلبه لأنه هو كمان ماسك نفسه من الانهيار بصعوبة: عدي أيهم فين يا عدي؟؟! 
لا ترى أعينه سوى باب غرفة العمليات المغلق يمنعه عن رؤية صديق عمره ودموعه بتنزل.. شارد لدرجة أنه مش عارف لسانه بينطق بأيه: بيموت جوا ! 
هنا جاسم صرخ ودموعه نزلت هو كمان: اخررررررس؛ متتكلمش... أيهم مش هيموت مش هيموووووت فاااااهم ! 
حالة من الانهيار سيطرت على أعصاب المستشفى كلها؛ محدش عنده قدرة يواسي حد كلهم كانوا متعلقين بيه جدا؛ سواء مديره أو القائد أو اللواءات أو حتى تلاميذه اللي بيهينهم بس بيرجع يكلمهم وكأنه أخ كبير خايف على حياة كل واحد فيهم؛ بيخاف عليهم كأنهم يخصوه هو شخصيا؛ لما بيكلفهم بمهمة ويعرف ان واحد فيهم اتصاب أو اتجرح ولو جرح بسيط بيروح يسأل عنهم؛ لدرجة أنهم كانوا بيتعمدوا يتصابوا عشان التنين يزورهم ويتكلم معاهم بطريقة وديه بس برضو بيكون ناشف زي ما سبق وقالهم انا مبعرفش اطبطب؛ كان عارف تخلفهم وحركاتهم الطفولية دي وكأنهم مش رجاله كبار أمن البلد في أيديهم ومع ذلك بيروحلهم لأنه مش وحش ومش بكل القسوة اللي هم شايفينه بيها؛ بالعكس قلبه طيب جدا .. هو اه طايش ومجنون وتصرفاته تخنق بس وقت الجد الابتسامة حتى مش بتعرف طريقها لوشه؛ تعامله معاهم بمنتهى الجمود غير طبعه بالمره .. فرق شاسع بين أيهم في حياته العادية وبين حياته العملية.. مديره قاعد على الكرسي وحاطط رأسه بين ايديه وكأنه فعلا ابنه؛ علاقته بأيهم غريبة اوي.. يمكن هو الوحيد اللي بيعامله بالحب ده؛ هو الوحيد اللي مبيستحملش فيه شكة دبوس وهو للأسف الشديد مضحي بنفسه وحياته كأنها ملهاش لزمه أبدا 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
التوتر حليفه؛ والقلق يقتله؛ ملأ الرعب قلبه الذي يخفق باضطراب منذ صباح اليوم 
أمسك بالهاتف يعبث به قليلا لعله ينشغل بإحدى المقالات ويهدأ اضطرابه لكن مازال عقله يفرز الأفكار السلبية 
دق هاتفه فنظر للشاشه بتوتر فلماذا سيهاتفه عدي والساعة قد أصبحت الثالثة والنصف بعد منتصف الليل؟
وصله خبر مصارعة أخيه الآن للموت فكأن الدنيا أصبحت بحجم خرم إبرة.. يتخيل كل لحظة مرت عليه يشعر فيها بأن أيهم ابنه المجنون ليس بخير؛ للمرة الأولى التي يذهب فيها أيهم لمهمة سرية ويكون قلقا عليه لهذه الدرجة؛ يتذكر حياتهم سويا ضحكهم، لعبهم، جنونهم، ذهابهم للنادي، لعب الكرة في الشارع، عزف أيهم بطريقة متخلفة على الجيتار مما يجعله يصدر صوتا مزعج للغاية، عندما سبق ورسب أيهم بمادة فلم يحدثه والده لمدة شهرين كاملين فقد كان على وشك أن يجن جنونه فكان حمزة يساعده في استذكار دروسه وفهم المادة، وثق علاقته بوالده مجددا بعدما سائت حالته النفسية؛ عندما اندرج في كل ما حرم الله ولم يعد يذهب لعمله وليل نهار يبيت في البار مما جعل حمزة يستشيط غضبا فكسر له ذراعه؛ علاقتهم ببعض مجنونة.. حبهم لبعضهما ليس كأخوات فقط؛ بل كأنها علاقة ولد ووالده؛ صديق وصديقه؛ اثنان مجنونان عندما يروق حمزة ويكون هادئا .. ترى هل في الوجود من إخوة بهذا الشكل؟ 
مرءت الساعات حتى أشرقت شمس اليوم التالي وهو واقف على أقدامه ينظر من باب غرفة العمليات الذي لم يخرج منه أحد حتى الآن يطمئنه على حال أخيه... وبالضبط هذا حال كل واحد من الحضور 
مسكت يده وقبضت عليها بقوة عندما شعرت بدرجة حرارة جسمه المنخفضة وكأن يديه كانت بداخل فريزر 
همست له بهدوء بصوتها الرقيق تخفف عنه ألمه: حمزة؟ متعملش في نفسك كده يا حبيبي... هو هيكون كويس؛ تعال اقعد انت واقف كده من امبارح؟ 
حمزة بشرود: بيموت قدام عنيا وانا واقف بتفرج ! نفس العجز يا همس.. نفس الشعور في نفس المكان 
هبطت دموعها رغما عنها فمسحتها بظهر يدها قائله بعدما استعادت صوتها: صدقني هيكون كويس اوي؛ وهيرجع معاك البيت .. 
حمزة: عارفه يا همس بيقولوا الكلام اللي بيخرج من القلب بيوصل للقلب أما اللي من اللسان فلا يتخطى الآذان؛ وده بالضبط اللي حصل ! كلامك بس علشان تخففي عني لكن انتي ذات نفسك مش مقتنعه بيه؟!! 
انفجرت باكيه بألم.. فحقا الموقف مخيف وها هو أخوه ينازع الموت.. وهي تعلم حجم تعلقه به 
أما بالداخل فكانت الأوضاع مزيج بين توتر وقلق ورعب دب بأوصالهم وبكافة الطرق يحاولون بذل قصارى جهودهم.. لإنعاشه وإعادة قلبه للحياة من جديد
الممرضه: يا دكتور الجهاز بيصفر.. قلبه بيوقف؛ أرجوك انقذه 
رفع الدكتور رأسه بيأس: pointless ( لا فائدة )
هرول الكل للخارج فوقعت قلوب الكل.. وعيون حمزة تراقب ما يحدث بعدم استيعاب 
عدي بجنون: في ايه؟ بتجروا كده ليه؟ انطقوااااا 
جاسم بصراخ: ردووووا؟؟ ماله أيهم؟! 
الممرضه برعب: البقاء لله... عن اذنكوا 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ 
ما الموت سوى كونه عندما تجد حفرة ضيقة؛ وظلمة دامسه؛ وغربة موحشه؛ سؤال وعقاب وعذاب وإما جنة أو نار 
لم تعد سترى عيناك شمس لأنها تحللت تحت تراب .. عشت وحيدا وهكذا بالضبط سيكون حالك في القبر؛ لن تأخذ معك إلا أعمالك التي لم تكن حسنه في يوم .. ستحاسب حساب الملكين فما سيجيب لسانك الذي كان يطعم خمور الاندرينا؟ 
وعلى الجانب الآخر.. هل هذه نهاية القلب الطيب الذي كان شعاره التضحية وفداء الوطن؟ هل مات حقا؟ كيف ستعيش تايمة بدونه؟ كيف لها أن تأخذ وردا تضعه على قبره عندما يشتاق له القلب الذي تفتت من قوة الصدمات المتتالية؟ 
هل سيستطيع أحدهم تحمل خبر موته وعدم رؤياه مره أخرى؟ لكن الموت واقع ملموس سيشهده كل أناس منا والصعب هو الفراق.. إحساس بشع؛ كيف لك عندما تشتاق لهذا الذي بيديك وضعته تحت التراب لا تراه؟ كيف لن يلمسه إخوته؟ كيف ستكون حياتهم بدونه كيف سيدخلون غرفته ولا يجدونه؟ كيف ستحيا صوره هي واقعهم الذين يخففون بها آلام قلوبهم عند اشتياقهم له؟ 
كان يمشي في مكان تملئه الورود ذات الرائحة الفواحة مفروش سجادا أخضر اللون وعلى بعد خمسة عشر مترا يوجد منزل ضخم للغاية لونه أبيض ناصع البياض؛ وجد والدته كانت تقطف وردة مرغريتا تشمها بسعادة بالغة وترتدي ثوب أبيض طويل ويكسوا ظهرها شعرها الحريري الطويل الذي انسدل بانسيابية ليعطيعها مظهر الفاتنة 
وضع يده على كتفها فالتفتت له ولم تتفوه بحرف سوى أنها كانت مذعوره وتعود للخلف بتعثر 
أيهم بابتسامة مختلطة بدموعه: ماما استني؟ بتهربي مني ليه؟ 
سارة بصدمة: أيهم؟ جاي هنا ليه يا حبيبي؟ 
أيهم بدموع وصوت مهزوز: وحشتيني يا ماما خديني معاكي.. ضميني لحضنك؟ 
سارة: بتعيط ليه يا حبيبي.. مالك؟ 
أيهم بيقرب منها وهي بترجع لورا: تعبان اوي.. زهقت من الدنيا ومعدتش عايزها؛ أرجوكي خديني في حضنك 
سارة بدموع وصوت مبحوح.. من رؤيته كالغريق يتعلق بقشه؛ ماذا به حبيبها وابنها الغالي متعب بهذه الطريقة: متقطعش قلبي عليك يا أيهم يا حبيبي أرجوك ارجع 
أيهم بدموع: متمشيش؟ 
سارة بحب: مش هسيبك أبدا.. لكن ارجع؛ عايز تسيب حمزة؟ طب كوكي.. أيهم ابنك؟ غزل حبيبتك؟! عدي صاحبك؟ 
أيهم بتعب ويأس وحزن ملأ قلبه: معدتش قادر.. مش قادر أرجع طبيعي؛ أنا خسرت كل شيء يا ماما خسرت كل حاجه .. متسبينيش أرجوكي؟ 
والدته: الدنيا حلوة يا حبيب قلبي ليه عايز تسيبها .. اتخانقت انت وحمزة؟ 
هز أيهم رأسه نافيا: محصلش.. 
والدته باصرار: اتخانقت مع عدي؟ كل واحد منكم هيروح لحاله وتنسوا بعض؟ 
أيهم بنفي من عدم فهمهم ليه: لا يا ماما لا 
والدته بابتسامة: مشكلة بينك وبين تايمة؟ 
أيهم تلقائيا ابتسم ابتسامة عريضة.. ابتسامة عشق مجنونة تلقائي زينت وشه: لا.. ثم أكمل حديثه بانهيار ودموعه تتساقط عند رؤيته لصورة والدته تختفي شيئا فشيء: انتي ليه عايزه تسيبيني انا آسف لو عملت حاجه ضايقتك؟ 
والدته بابتسامة حنونه: يا روحي مضايقتنيش لكن عايزاك ترجع للبيت وحمزة وملوكه وغزالتك؛ سهل تتخلى عنهم؟ 
أيهم بصراخ ودموعه بتنزل بانهيار: ما اتخلتش عنهم لكن هم مش بيحبوني؛ انا عاله على قلوبهم بس محرجين يقولوها صريحة 
صوت من خلفه جعله يلتفت بحركة حادة لمصدره فإذا به يرى حمزة يناديه والغضب يحتل أوصاله: تعال يا أيهم؟! 
أيهم بنفي وصراخ: لالالا... سوري متحاولش يا حمزة مش هرجع معاك ! آسف 
حمزة بغضب: هترجع .. تعال معايا يلا 
التفت أيهم لوالدته ليجدها تختفي خلف جدران البيت الأبيض وتنظر له بابتسامة: لقد عاد لينقذك من الوقوع في الخطأ مره أخرى.. ترى هل لك أن تتخلى عن كل هذا؟ كيف تقول أنه لا يحبك؟! عد معه.. عد لبيتك وحياتك وعملك والأحرى حبيبتك التي تنازع الحياة لإجلها الآن.. وداعا حبيبي 
دلفت للداخل وأغلقت الباب بإحكام ولكن هو مازال يقف بهذه الحديقة أعينه معلقة بالباب الذي اختفت خلفه والدته ودموع غزيرة تلألئت بداخل جفونه 
كان يجلس على ركبتيه وينظر له بانهيار تام وعقله رافض تصديق ما تراه العيون التي تدمع بهستيريا ويتحدث بجنون بشبه صراخ وهو يضع يده على رأس أخيه الذي أسلم لتوديع الحياة: أيهم؟ أيهم قوم معايا أرجوك... وحياتي عندك يا شيخ قوم؟ 
اقتربت الممرضه لتغطي وجهه فصرخ: ابعدددددددي عنه بتعملي ايه؟! هو هو كويس وهيقوم معايا .. صح يا أيهم؟ قوم قولهم انك كويس أيهممممم فووووق؟ 
همس بدموع: حمزة اهدى هو في مكان أفضل مني ومنك؛ حرام بتعذبه كدا!؟ 
حمزة بصراخ: اخرررررسي.. أيهم مماتش؛ اطلعوا برااااااا
جذب جهاز الصدمات وبدأ بإنعاش قلبه مجددا مره بعد الأخرى ولكن بلا فائدة .. لا ولن ييأس حتى يجعله يعود معه لبيته وحياته؛ شبك يديه ببعضهم وبدأ يضغط على قلبه بقوة ودموعه لم تكف عن الانهمار على وجهه حتى كح أيهم من جديد فألقى حمزة جهاز الصدمات من يده وأسرع الأطباء يهرولون نحو الغرفة مما جعل حالة من الاضطراب والفزع تسيطر على أعصاب كل من بالمشفى 
الدكتور بتوتر: اتفضلوا برا بسرعة.. مش عايز حد هنا 
نظر للجهاز فإذا بالنبض لون الشاشة مجددا 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
أما عنها فمنذ قدومها إلى المنزل وأفاقها ابن أختها وهي على نفس حالتها لا تنطق ولا تود طمئنة قلوبهم وهم لا يروا سوى دموعها التي تهبط ببطء وعيناها العالقتان بالفراغ 
أسر بتنهيدة: يابنتي مالك؟ فيكي ايه؟ اتطلقتوا؟ هقولك ألف ألف مبروك لأنك عارفه رأيي في أم الجوازه المنيلة دي 
شهد بحدة: أسر ايه الكلام ده؟ انت اتجننت ولا ايه؟؟! 
قبل أسر يد والدته ثم هتف: لا يا ست الكل ما اتجننتش انا سايبهالكم مخضرة اصلا.. كلوا بعض اشطا؟ بت يا غزل هرجع بعد كام ساعة وننزل نتفسح وتحكيلي مالك اوك؟! اصلك عرفاني الفضول قاتلني 
جلست شهد بجانبها وضمتها إليها بعينان تفيضان حنان: غزل مالك يا روحي؟! كارم فين؟ مجاش معاكي ليه؟ وليه جايه منهاره من العياط كده؟ وازاي يا حبيبتي راجعه الساعة واحده ونص بالليل؟!! 
انفجرت باكيه بقهر: سمعتي فيلم أولاد العم؟!؟! انطبق بالضبط على حياتي يا شهد.. أنا كنت في فلسطين ! 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ 
مر يومان فيهم أيهم مازال في غرفة العناية المركزة ممنوع عنه الزيارة ومازال لا يعلم أحدهم ما الذي أصابه 
دخلت إليه زوجته بهدوء وجدته شاردا للغاية.. فاقتربت منه وضعت يدها على رأسه بحزن عميق: حبيبي هتفضل كده كتير؟ 
حمزة بشرود: أعمل ايه يا همس؟! 
قفذت بجانبه تنظر له بتكشيرة طفولية: اممم بطل تقول همس مش حلوة منك.. المهم أنا جعانه اوي؟ 
حمزة: عدي كان نازل يجيب أكل؟ 
همس بصدمة حقيقة: نعم؟ ده كان امبارح؟! 
حمزة: همس مش قادر اهزر حقيقي.. احنا الساعة 12 وسبع دقايق 
همس: طيب يبقى كان امبارح برضو ولا ايه؟! 
حمزة بهدوء مميت: روحي يا أرسيليا ! 
قفذت بحضنه وقبلته بسعادة: هي دي اللي انا عيزاها؛ بس بتقولي روحي ليه؟ هاقعد معاك 
حمزة بهدوء: لا روحي .. انتي معايا من امبارح كفاية تعبتي 
همس باستنكار ورفعة حاجب: افندم؟ تعبت؟! كتر خيرك والله 
حمزة: حبيبتي مقصدش لكن فعلا تعبتي انتي مبتقدريش تقعدي كل ده من غير نوم 
همس: في كلا الحالتين مش هعرف أنام؟ أنا مبعرفش أنام غير في حضنك هنام ازاي بقى؟ يبقى خليني هنا أحسن اوك؟. 
حمزة: أول ما الصبح يطلع تعالي تمام؟ هتوحشيني يا همستي 
همس باستسلام: أمري لله؛ هروح 
ذهبت همس مع أخيها بعد إصرار حمزة على عدي وسامر مغادرة المشفى فاستسلم كلاهما وبقي حمزة وأيهم الفاقد لمذاق الحياة ومازال تحت الأجهزة 
كان يبدل ملابسه والحزن الشديد ينجح دائما في السيطرة عليه 
صبا: بابي.. هو هيما كويس؟ 
عدي بتنهيدة: مش عارف يا حببتي.. أيهم فين؟؟ 
صبا: مع تيته في الجاردن ومش مبطل عياط؛ طب هيما هيرجعله صح؟! 
مسح على شعرها بحنان: طبعا يا روحي هيرجعله.. ذاكرتي دروسك؟ 
فاطمة بخفوت واحراج: همسة؟ هو.. هو عامل ايه دلوقتي؟ 
همس بحزن شديد وآسف: تاني يوم تحت الأجهزة يا فاطمة مفيش حركة ولا حتى زيارة؛ حمزة هيتجنن عليه
فاطمة: صراحة مليش وش ابصلهم ولا أسأل عدي عنه !
همس بغيظ: انتي مش بعيد لو نفختي جنبه يفرقعك بسبب غباءك ده 
فاطمة: والله غصب عني.. وبعدين مهو كمان سافل ووقح ومعندوش دم 
همس بصدمة أشد: نهارك أبيض؟ خلاص اقفلي بوقك ده
فاطمة: مكنتش قادره أحس ان غزل بتعاني وهو السبب 
همس: صدقيني يا فاطمة لو فيه كل العبر يكفي قلبه طيب وحنون كده؛ والله اتعاملي معاه هترتاحيله جدا؛  شخصية غريبة اوي مش لقيالها تفسير.. 
فاطمة بترقب: وحمزة عارف الكلام ده بقى؟! 
ضربتها على يدها بخفة ثم همست: اها طبعا؛ ثم إن بلاش دماغك السم دي تاخدك لبعيد 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
حالة إضطراب سيطرت على المستشفى وأصبح الكل يجري في الممرات على غرفة أيهم التي كان يقف حمزة على بابها ينظر لأخيه مطولا .. 
حمزة بذعر: في ايه؟ ماله أيهم؟؟ بتجري ليه؟؟ 
الممرضه بلهفه وتوتر: عن إذنك اعرف وافهم حضرتك 
المدير بهدوء: السلام عليكم 
حمزة: وعليكم السلام 
المدير بتوتر مماثل: اخبارك يا حمزة باشا؟ 
حمزة بيبوصله جامد ونظراته كأنها نار بتحرقه وتلومه على أنه هو السبب في كل اللي أخوه فيه: اهو زي ما حضرتك شايف 
المدير بتنهيدة: عارف بتفكر في ايه دلوقتي.. لكن أيهم بالنسبالي ابني يا حمزة باشا وأظن سعادتك عارف ان ده مش مجرد كلام؟ 
حمزة: ملوش لازمه الكلام ده كله 
الدكتور خرج مبتسم فالمدير سبق حمزة واتكلم فحمزة رفع حاجبه مستنكر: اخباره ايه دلوقتي؟ 
الدكتور بابتسامة: ربنا كتبله عمر جديد.. حاليا فاق وتقدروا تشوفوه كمان .. عن اذنكوا 
حمزة ما انتظرش الدكتور يكمل كلامه وفر لغرفة أيهم واتكلم بلهفه تقتله: أيهم حبيبي انت كويس؟! في حاجة وجعاك؟ 
وزع أنظاره داخل الغرفة فلم يجد سوى حمزة بجانبه فابتسم بتعب: هروح منك فين؟ معايا حتى في أحلامي 
حمزة بعدم فهم: مش فاهم؟ 
تعلقت انظاره بأخيه ليهدأ إضطراب قلبه: هي مجتش يا حمزة؟ 
حمزة بتنهيدة: أكيد لو تعرف مش هتتأخر يا أيهم.. اسكت متتكلمش اوك؟ 
أيهم ابتسم ابتسامة بيحاول بكل جهده يرسمها: ل.. ليه؟ مق.. ولتله.. اش؟ مم.. مش جا.. يز كن.. ت؟؟! 
حمزة: أيهم أرجوك متتكلمش مش شايف نفسك بتتكلم بالعافيه ازاي؟
أُغمضت عيونه وفرت دمعه من جوانبها 
حمزة بخوف لا متناهي: مالك يا أيهم؟! انادي الدكتور؟ انت موجوع طيب؟ 
أيهم: متق.. لقش؛ انا بخير .. وضع له الوسادة خلف ظهره وساعده في عدل جلسته: كدا أحسن؟ 
هز أيهم رأسه بإيجاب ثم هتف ضاحكًا عندما وقعت أنظاره على الساعة: ودي واحده بالليل ولا الضهر؟ وانا بسلامتي ليا كام شهر كدا؟ 
حمزة بابتسامة: يومين وده التالت .. ودي بالليل 
أيهم: اممممم كان زماني بعدل دماغي في الكازينو مش في المستشفى 
احمرت أعين حمزة وأصبح الشرار يدق منهم: الحق عليا أنا غلطان ياريتني سيبتك تموت 
أيهم بصدمة: احلف اسعفتني؟ 
حمزة بغيظ: سيادتك...... قطع كلامهم دخول المدير بعدما اذن له حمزة بالدخول فأسرع لأيهم يسأله بجنون ولهفه: أيهم حمدلله على سلامتك..؛ عامل ايه دلوقتي؟
أيهم بعدم فهم: انا كويس؟ 
المدير بقلق ينهش بأوصاله: حصل ايه؟ ايه اللي كسر ضلوع صدرك بالطريقة دي؟ عملوا فيك ايه؟ 
أيهم بص لحمزة وحمزة بصله وبعدين سكت: أبدا انا كنت كويس لحد ما دخلت مصر؟ ازاي جسمي مكسر؟ 
المدير: أيهم الجهاز اللي اتحطيت عليه؛ الهراقطة ! 
هنا الخطوط وضحت أدام عنيهم وحمزة اتفزع ووقف بصله وبص للمدير اللي كان هيتجنن زيهم 
حمزة بيوضح: الجهاز ده أكيد مش كل مهمته تكسير ضلوع اللي هيتحط عليه ولا أيهم كان هيوصل لأنه يموت على سرير المستشفى علشان كام ضلع مكسورين؟ 
المدير: تفكيري اتشل يا حمزة باشا مش قادر أوصل لسبب؟ 
أيهم: الجهاز انا استعلمت عنه زي جهاز البصمات بالضبط وده قديم جدا اللي اقصده ان الجهاز احنا عارفينه وهو مش جديد إلا أنهم ضافوا عليه شوية تغييرات زادت من قوته؛ ولا انت ايه رأيك يا حمزة؟ 
حمزة: أيهم انت كنت بتموت أدام عيني؛ غطوا وشك ادامي انت متخيل 
أيهم بصدمة حقيقة: يالهوي؟ قدرت تستحمل تشوفني ميت ادامك؟؟! 
المدير بصلهم هم الاتنين وتقريبا نسيوا أنه معاهم لأنهم استحالة يتكلموا كده ادامه ده من رابع المستحيلات فحمحم قائلا: احم أيهم ألف سلامة عليك مره تانيه وبإذن الله بعد ما حالتك الصحية تتحسن هنشوف الموضوع ده... عن اذنكوا 
كام ساعة عدو وأيهم رجع ينام لأن البنج لسه مأثر في جسمه وحمزة نام على الكنبه.. أول ما الصبح طلع كلهم كانوا في المستشفى وقلقوا منامهم بأصواتهم العليا 
اعتدل حمزة في جلسته ليجد تهليلاً من سامر وعدي الذي أسرع مهرولاً نحو صديقه تقتله اللهفة: أيهم؛ فوق يابني صباح الخير 
سامر: طب بوم طخ طخ طخ ما خلاص نصبت الفخ 
وضع حمزة أصابعه على أذنيه: بااااااس .. متغنيش يا زفت صوتك مقرف 
سامر بغيظ: اهو بقى انا مش فاهم قارش ملحتي ليه؟ مولودين فوق روس بعض؟؟ 
عدي: وطي صوتك يا زفت.. يابني قوم؛ أيهم؟ 
سامر: لا اوعى انت يا حنين؛ أيهم مبيصحاش كده 
حمزة بتحذير: ابعدوا انتو الاتنين.. ملكوش دعوه بيه خالص 
انكمشت ملامح وجه كلاهما فابتعدا عن أيهم؛ أيقظه وساعده لدخول التواليت مما جعل حالة من الحزن دبت بقلب عدي وهو يرى صديقه يصارع الموت ومازال متعب للغاية لدرجة أنه لا يستطيع التنفس بشكل جيد؛ دلف جاسم بعدما دق الباب وأذن له بالدخول: أيهم فين يا عدي؟؟ 
عدي ضحك: بتكلمني ليه دلوقتي هو مش المفروض اخرس؟ 
جاسم ضربه على كتفه بغيظ: سيادتك بتهزر؟ هو كويس؟
عدي بغتاته: الااااا مش هرد عليك 
سامر: بااااس هدوا النفوس؛ ولو انك ما رميتش سلام وندل وكل العبر بس طمن قلبك؛ هو كويس في التواليت
زفر جاسم بأريحية وأغمض عيناه قليلا ثم عاد للنقاش الساخن مع عدي 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ 
في اليوم التالي.. كان متعب بشدة ودرجة حرارته لا تنخفض أبدا ولا ينطق لسانه سوى بأسمها فقط 
سامر بضحك: أقسم بالله أخوك ده نمس 
حمزة بغضب: بس يا كلب اخرس .. قال قارش ملحتك قال؟ ده لو بأيدي كنت فرمتك يا سامر 
سامر: لا ياعم وعلى ايه؟ الطيب أحسن .. المهم هو هيفضل مقيم هنا كتير؟ 
حمزة بضيق: انت بتلمحله وأيهم ما بيصدق.. تعبان اوي المره دي 
سامر: طب ايه حرارته منزلتش؟ 
حمزة: نزلت الحمد لله.. هروح أصلي العصر ولو صحي قوله يا سيدي عدي راح يجبها .. سلام 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
على الجانب الآخر.. صدح رنين جرس المنزل فذهبت شهد لتفتح الباب تحسبها كاميليا: حاضر يا زفوته جايه 
عاد للخلف محرج جدا ويلعن بهم جميعا على ما فعلوه به 
عدي باحراج: السلام عليكم 
شهد باستغراب: وعليكم السلام... اوؤمر حضرتك؟ 
عدي بحرج: دي شقة بشمهندسه غزل؟! 
شهد: اها هي اتفضل تؤمر بحاجة؟! 
عدي: ممكن لو سمحتِ اتكلم معاها دقيقتين؟ 
شهد بضيق: آسفه أسر مش موجود 
عدي: انا آسف على الإزعاج؛ هاجي وقت تاني يكون البشمهندس رجع .. عن إذن حضرتك 
غزل: مين؟ 
شهد بتنهيدة: معرفش هو شاب طويل وابيضاني كدا 
غزل بصدمة: أيهمممم؟؟!؟ 
شهد باستنكار: لا طبعا عرفاه 
فتحت غزل الباب وأسرعت نحو الاسانسير لتحدق أعينها بقوة عند رؤية عدي 
غزل بعدم فهم: عدي باشا؟ أهلا بحضرتك.. اتفضل؟ 
عدي: انا آسف على الطريقة اللي جيت بيها بس أيهم...
غزل بلهفه وتوتر بالغ: ماله أيهم؟ هو كويس؟ 
ابتسم عدي واتكلم بكل هدوء: احم..؛ حقيقي اتنين مجانين؛ غلبتوني انا وفاطمة؟ أيهم تعبان اوي يا بشمهندسه؛ في غاية احتياجه ليكي حاليا 
هبطت دموعها رغما عنها عند سماعها لكلماته التي لم يقوى عقلها على استيعابها .. سرعان ما هرولت للداخل وهو استسلم فنزل للأسفل مستقلا سيارته نحو المشفى وهي بانهيار طلبت ابن أختها الذي جاءها بعد دقائق معدودة 
أسر بسخرية: ايه؟ وشي مكتوب عليه هدوءك؟ 
غزل بدموع: أسر؟ أيهم بيموت ! 
أسر: افندم .. غزل: خدني عنده بالله عليك أرجوك؟ 
أسر لسه مش مستوعب كمية الصدمات اللي بتنزل عليه: بس بس اهدي.. حاضر هاخدك
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ 
وضعت يدها على رأسه بحزن شديد ودموعها تهبط بجنون وشهقه تصدر بين الحين والآخر 
سامر: احم اهدي يا بشمهندسه هو كويس دلوقتي 
غزل بعياط: مش كويس أبدا؛ حضرتك شايفه وشه أزرق شاحب ازاي؟ ودرجة حرارته عاليه 
سامر بتنهيدة مريره: صدقيني كويس.. كان لسه بيكلمني والدكتور أكد أنه بخير 
جلست بجانبه تنظر له ودموعها تنساب على خده فخرج سامر بعدما جاءه إتصال من الشركة .. أما أيهم فقد تضايق بسبب هذه المياه التي تسقط على وجهه ففتح عيونه ببطء شديد.. فما وقعت أنظاره عليها إلا أن رفرف قلبه وتلقائيا شقت الابتسامة طريقها لوجهه؛ بيشاورلها بعيونه تقرب منه فقربت وهو بصعوبة جدا مد يده ليزيل دموعها التي تهبط مرهفة فأخفضتهم أرضا 
أيهم بتعب: ارفعي راسك يا غزالتي.. بصيلي؟ 
أسرعت تجلس بجانبه تمسك بيده وتنظر له ودموعها الساخنة مازالت تهبط على خديها الورديين وتحدثه بلهفه لم تستطع كبتها أكثر من ذلك: مالك يا أيهم.. تعبان؟ اطلبلك الدكتور 
تبسم أيهم بهدوء: متخافيش انا زي الفل الحمد لله 
غزل بصتله وبعدين اتكلمت جنب ودنه بابتسامة فهو ضحك لما قالتله: و كأن الحياه تعاقبك اذا علمت اكثر مما ينبغي؛ اذا تعمقت في التفاصيل؛ فإنك ستصل للجانب المفترس المخفي من كل شيء .. الذي سيقوم بالتهامك حتماً . 
أيهم بضحك: هل التهمتني هكذا؟ 
غزل بغيظ: اه يا خفيف 
حمحم بهدوء ليكتم ضحكاته: الحياة بتعاقبني انا أنتي بتعيطي ليه؟ 
غزل بهمس محطم لقلبه: علشان من لحظة ما اتقابلنا واحنا روح واحده؛ وغصب عنك مش بمزاجك..؛ أنا حته منك زي ما انت كل قلبي 
ضحك فظهرت غمازاته فابتعدت عنه بخجل مما فعلته فهي كانت بغير وعييها والأن أحمر وجهها فأصبحت كحبات الفراولة الناضجه واشتعلت حرارتها: انا.. أنا هروح التواليت؛ باي 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
مرت الأيام على هذا النمط.. كانت غزل لا تغادر فيهم المستشفى وأيهم حالته بدأت تستقر بس لسه الجنون هيصيبه لأنه مش عارف ايه اللي حصله خلاه كدا؛ مش بيتكلم خالص إلا لما بيشوفها بيبتسملها والإجابة على قد السؤال وكفاية؛ كتير كانوا بيمنعوا عنه الزيارة لحد ما هو مل وزهق وأبن أخوه وحشه بجنون لكن حمزة رفض يخليه يروحله لأنه عارف جنونهم وأنه لو شاف عمه مش هيبعد عنه وهو تعبان جدا .. النهاردا آخر يوم ليه في المستشفى هيخرج؛ أخيرا إفراج 
عاد للمنزل فكانت والدة سامر ووالدة عدي قد أتو لزيارته بينما هو فقد كان يشعر باختناق وكأن ضلوعه تتفتت أكثر مما هي عليه 
أيهم وقد كانت عيونه تلمع بالدموع أمسك بيد حمزة ونظر له برجاء: قولهم يمشوا من هنا يا حمزة؛ مش قادر استحمل وجودهم أرجوك 
حمزة بصدمة ورعب تدفق لقلبه: مالك يا أيهم؟ في ايه؟
أغمض أيهم عيناه بقهر لأنه حتى لا يحب أن يظهر بالضعف أمام نفسه فكيف سيكون هينا عليه أن يرى أحدهم ضعفه وقلة حيلته: وجودهم خانقني يا حمزة خرجهم من هنا أرجوك 
حمزة بعدم استيعاب: حاضر حاضر هخرجهم .. اهدى 
دلف للمطبخ حيث تقف والدته وهي ترتدي مريول الطبخ ومندمجه بتحضير طعامه المفضل.. قام بزغزغتها فقفذت من الفزع فغمز هو قائلا بضحك: أموت أنا .. 
أكملت والدته حديثه ضاحكه بقوة: وأعيد السنة ! 
صفق أيهم بفخر: الله .. كده بدأتي تعجبيني؛ وسولي هيعلقنا سوا 
همست والدته بخفوت: وطي صوتك انت وهو مش هيعرف 
قهقه أيهم بصخب وأمسك بابلانشه الخشبيه كأنها طبلة دق عليها فأصدرت نغم فصفقت والدته ومن ثم انفجرت ضحكاتها الرنانة: أقسم لك أن ما بيتنا برا انت وانت ما ابقى أعرف حاجه 
أسرع يعطيها البلانشه عند شعوره بقدوم والده وجلس على الكرسي كطفل محترم لم يفعل شيء أبدا: عايز اكل يا مامي ! 
ضحكت والدته بقوة: جبان؛ بص كدا؟ 
نظر أيهم للذي دلف بزاوية عينه فإذا بها مليكة التي أسرعت لأحضانه قائله بخفوت: أين شكولاتتي؟! 
رفعها أيهم إليه قائلا بحب: لن أعطيكِ شيئا لأنك أصبتني بخضة عالمية منذ ثوان؟ 
انكمشت ملامحها واحمر وجهها وتجمعت دموعها بجفونها: ابتعد عني.. اتركني وشأني 
أيهم بصدمة: حبيبتي ماذا بكِ؟ حسنا سأعطيكِ ما تريدي 
سارة بترقب: وما الذي تريده.. عساه خيرا إن شاء الله؟ 
سرعان ما وضعت مليكة كفيها الصغيرين على فك أخيها تكتم حديثه والتفتت لوالدتها قائله بارتباك: لا.. لا شيء؛ أنه ليس مهما بالمره لا تقلقي حسنا؟ 
كتم أيهم ضحكاته التي تهدد بالانفجار فهزت والدته رأسها بغير اقتناع مصطنع: سأعتبر نفسي أصدقكم 
نظرت مليكة لأيهم الذي أتقن تمثيل دور الهادئ وابتسم لها بحنو: هكذا أفضل أليس كذلك؟ 
أيهم ضاحكًا: نعم نعم أفضل .. ألن تبدلي ملابسك؟ لقد اشتاقت لكِ بيجامة النوم خاصتكِ؟ 
مليكة ببراءة: ولكنك لم تبدل ملابسك.. انظر؟ والأن حقيبتك بالأرض يالك من مهمل ! 
ظهرت تكشيرة كبيرة على وجهه: لماذا تنعتينني بمهمل؟؟ 
مليكة وهي تتأرجح يمين ويسار على رجله: لقد أخبرتني معلمتي أن من يتصرف تصرفاتك جميعها فهو مهمل للغاية 
أيهم: لماذا؟ ماذا أفعل أنا؟ 
مليكة بتهليل: الكثير والكثير تأتي من المدرسة تلقي حقيبتك بالأرض مثل الآنَ تنام على السرير بالحذاء هل يفعل أحدهم أفعالك؟ تلقي كتبك بكل مكان وغير مرتب أبدا انظر لدلابك كل شيء بغير محله.. تعلم؟ أخاف أن أفتح دلابك أغرق وسط أشياؤك.. التي ستنسكب فوقي مثلا أسلحتك التي تملأ الحائط ولكن لن أظلمك هذا الوحيد المرتب؛ انك حتما تأكل كل شيء بالمنزل وخصوصا حلوياتك الخاصة التي تصنعهم لك مامي تأخذهم كحق مكتسب وليس لأحد منهم نصيب؟ وهذا ما قالته لي معلمتي من صفات المهمل 
أيهم وهو يحاول كبت الضحك: لقد أحسنت معلمتك صنعا؛ حقا أبلت بلاءًا حسنا 
سارة بحب: كوكي يا صغيرتي اذهبي لتبديل ملابسك وأخذ قسطا من الراحة هل ممكن؟ 
انكمشت ملامحها الطفولية البريئة فنظرت لوالدتها بحنق: لا تناديني بصغيرتي..؛ اني كبيرة مثلكم 
سارة بنفاذ صبر: الكبير فقط هو لسانك هذا .. مازلتِ لم تتجاوزي السابعة من عمرك.. 
مليكة: نعم وما الفرق بيني وبين هذا الكبير؟ سوى عشرة فقط؟ 
سارة وهي تفتح أصابعها بوجهها: عشرة، عشرة ليس قليل أبدا هل فهمتي؟ 
مليكة بلامبالاة: لن أفهم أخبرني أبي حبيبي أني كبيرة؛ وأنا لا أود خوض معكم معركة تفهيمكم.. أغبياء كلاكما ! 
هرولت للخارج ووقفت والدتها تنظر لطيفها بشيء من البلاهة 
وقف أيهم من مكانه ليقف على مقربة من والدته التي ضربته على يده بخفة عندما وضعها بداخل الطبق يأخذ منه الفراولة فسحب يده بسرعة ينفخ بها بحنية وينظر لوالدته بشيء من الاقتضاب: آآآآآه عملتلك ايه هااه؟ 
والدته بحنق: عملك اسود... ده بابا جاب آخره منك ومن عمايلك؟ 
أيهم بضحك هستيري: ايه؟ هو زعل مني لما قولتله طلق موزتي واتجوزها أنا؟ أو يكون في تفكك أسري واشرب با'نجو وحش'يش؟!! 
كانت الصدمة قد حلقت ثنايا وجه والدته: نهارك أبيض؟
أيهم بغمزة وهو يزغزغها: مهو أبيض علشان انتي منوراه يا قلبي 
تنفست والدته بقوة ثم زفرت مره أخرى: أخفى من ادامي يا زفت 
أيهم بلامبالاة: ياعم أنا عارف اصلا اني زي ابنكم وانتو لقيتوني ورا مصنع الكراسي وتمام مفيش مشكلة؛ لكن أكون مضتهد بالطريقة دي ده اللي لا يمكن أسمح بيه أبدا 
سارة: استغفرك ربي واتوب إليك.. عوض عليا عوض الصابرين يارب 
أيهم وقد كان يأكل الفراولة بجنون: ماما هي تيته ماتت ولا لسه معمره كتير؟ 
سارة ضاحكه: اتلم يا ولد.. متجبش سيرة ماما على لسانك 
أيهم وهو يشير باصبعه عليها: بالنسبة بس للابتسامة دي ايه وضعها؟؟ 
سارة: غور يا أيهم اتخمد على ما حمزة وبابا ييجوا 
أيهم بملل: حاضر... ايه العالم اللي انا عايش معاهم دول؟ ياربي هموت من الجوع انا عارف ايه البشر دول؟ يكونوا مصاصين دماء ولا حاجه مبيجعوش مابيكبروش؟ لا إله إلا الله هنم يا أيهم؟ نميمة مره واحده؟ لا عادي دول سولي وزومي مفيش مشاكل ننحل وبرهم عادي 
سارة مندمجة بتحضير الطعام: بطل برطمه .... أيهم: اوووه حاضر 
****** كان يتذكر حوار قصير دار بينه ووالدته وهو ينظر لصورتها معه بطريقة مجنونة.. وسط الثلج في عطلة نهاية الأسبوع قضوها سويا بأمريكا وأفاقه من تخيلاته صوت هاتفه الذي التقطه بصعوبة بالغة فكانت صغيرته المشاكسة
أيهم: ملوكتي وحشتيني يا قلبي .. عامله ايه؟ 
مليكة: _____ 
أيهم بتفكير مصطنع: امممم بتعرفي تزعلي مني؟ 
رفعت أنظارها إليه ليرى وجهها المختلط بالدموع فتعجب بشدة وهتف بلهفه: كوكي؟ مالك يا حبيبي؟ ليه العياط 
مليكة بإنفجار ودموع غزيرة: عارف ليه العياط؟ علشان نسيتوني يا ابيه؛ ما صدقتوا خلصتوا مني 
صدمة حلقت ثنايا وجهه فحمحم بعد ذلك قائلا: حبيبتي اهدي .. كلميني بهدوء وقوليلي زعلانه مننا ليه؟
مليكة: ليكم خمس أيام مسألتوش عني يا ابيه.. خمس أيام بلياليهم؛ انا كنت تعبانه جدا وامتحاناتي الأخيرة كانت صعبة وملقتش واحد منكم جنبي.. كنت خايفه ومرعوبه يا ابيه وانا اتعودت أجري استخبي فيكم لما بخاف والمره دي حتى تليفوناتكم مقفولة؛ عارف ايه كمان حصل؟ سليم كان هنا وانا طردته .. لما كنت مسافره آخر مره ملقيتكش حتى أسلم عليك..؛ خلصت امتحانات ومفيتوش بوعدكم ليا؟ آسفه أزعجتك؛ عن إذنك 
أيهم اتنهد: فراولتي اهدي .. ننساكي ازاي طيب؟ انتي الحته الشمال يا قلبي ! 
مليكة: ايوا اضحك عليا بقى بكلامك الحلو ده.. وبعدين انت بتهزر اصلا؟ مش عايزنا نعيد الحسابات وتخرج غلطان صح؟ 
أيهم ضحك: والله أبدا هو انا بالخباثة دي يا كوكي؟  تعرفي عني كده برضو.. وبعدين أنا كمان تعبان اوي كنت بين الحياة والموت لكن يظهر لسه ليا مغامرات هقضيها وربنا كتبلي عمر جديد.. الجهاز صفر وانا موجود عليه؛ شوفتي الحظ المنيل؟ 
مليكة بدموع وصوت مهزوز: ابيه يعني بجد حضرتك تعبان؟ 
أيهم: هتعيطي؛ مش هقولك حاجه 
دخل حمزة في تلك اللحظة ترجل إليه يحدثه وبيده كتب طلبها أيهم: الكتب دي جابها جاسم 
أيهم: اوك .. هو تحت؟ 
حمزة: قال هييجي وقت تاني.. اي أوامر؟ 
أيهم ضاحكًا: تعبتك معايا يا زومي 
مليكة بسعادة: ابيه حمزة؟؟ .. هز أيهم رأسه مبتسما 
حمزة ببرود صاعقي: اتلم يا حيوان 
أيهم: ياعم هتلم أكتر من كده؟ دا أنا قربت اكش من القعده المنيلة دي؛ المهم الواد فين كل ده معاد المدرسة؟
نظر حمزة بساعة يده ثم رفع عيناه له قائلا: معداش غير ساعتين لسه 
أيهم بصدمة: ناااعم؟ مش قادر أصوت .. أكملت مليكة حديثه: ابيه حمزة اني هناااا 
حمزة: ملوكه اخبارك يا قلبي؟ عامله ايه؟ 
مليكة بفرحة عارمه: كويسه يا ابيه خلصت امتحاناتي !
ضحك حمزة بصوته كله: يالهوي حاضر يا كوكي بكرا هجيبك 
قفزت على السرير عدة مرات وهي تصرخ بجنون من شدة فرحتها: يعيش ابيه يعيش ! 
نظر كلاهما لبعضهم البعض وظهرت علامات استفهام كبيرة على وجوههم أهذه كانت مربوطه بالساقية أم ماذا؟!: مليكة ايه اللي حصل؟ 
انفجرت مليكة ضاحكه بقوة: اصلكم وحشتوني اوي اوي 
أتى من المدرسة والحزن يمزق أوصاله ابتسمت له والدته قائله: هيما حبيبي 
رفع الصغير رأسه ليقابل وجهها ثم هتف بضيق شديد: رجاءا مامي متقوليش هيما .. اسمي أيهم 
همس بتفكير: طب واللي يقولك أيهم رجع؟ تعمله ايه؟
صرخ الطفل بسعادة بالغة وهو يقفز بأحضانها: اديله بوسه كبيرة اوووي ... تسلق السلم بجنون حتى وصل إلى جناح عمه وهو يصرخ بسعادة: هيمااااااااااااا
أيهم بسعادة بالغة وهو يفتح له ذراعه لينطلق الطفل إلى أحضانه بينما قد تألم أيَهم فضغط على أسنانه ولكن سرعان ما ابتعد صغيره عنه فابتسم له بحنان: وحشتني 
الصغير باقتضاب: على فكرة مكنتش بتكلمني علشان تقول اني وحشتك؟ 
أيهم وقد انفجرت ضحكاته الرجوليه المهلكة: طب انت افتكرتني؟ 
حمزة بهدوء: ما شاء الله.. عارفين عنترة وعبلة؛ قيس وليلي؟ 
نظر الصغير لعمه يسأله بنظراته الخبيثة عمن يتحدث والده فلم يستطع أيهم السيطرة على نفسه من شدة الضحك حتى صدرت من جوفه كحة جافة فهتف من بين تعبه: بالله اطلعوا برا انتو الاتنين 
خرج حمزة متجها نحو جناحه يلقي نفسه على سريره ليأخذ قسطا من الراحة لأن هذا اليوم الخامس على التوالي لا يحظى بنومه هنيئة كالبشر 
بينما قد أتى عدي لقضاء بعض الوقت مع أيهم الذي كان مندمجا وبشدة مع صغيره تارة يلعبان ببجي وتارة أخرى يرسمان على الايباد حتى لا يصيبهم الملل هتف أيهم قائلا بضحك: مالها تنة دي صابها شلل؟ 
قهقه الصغير عندما دقق النظر لما يرسمان والصورة معوجة بطريقة مضحكة وكأن تنة ورنة التي يرسمونها قد أخذت بوجهها بوكس يمين والآخر يسار 
قفز عدي على السرير فصرخ أيهم ثم نظر له بغيظ: ايه يا متخلف؟ شايف نفسك خفيف؟ 
عدي بغتاته: اها ياد يا أيهم على التعب 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ 
عادت تفكر بحبيبها.. عاد قلبها يرفرف وينبض بحب الحياة؛ كتاب مذكراتها وألبوم صورها مع مجنونها قد أزهرا من جديد بعدما قد غطتهم الأتربة .. سطرت خاطرة كانت تعشقها لأنها أول مره سمعتها من لسانه وكانت بقلم كاتبنا الكبير نزار قباني " أحبني كما أنا.. بلا مساحيقَ.. ولا طلاء.. أحبني بسيطةً عفويةً.. كما تحبَّ الزهرَ في الحقول.. والنُّجوم في السماء.. فالحبُّ ليس مسرحاً نعرضُ فيه آخر الأزياء.. وأغربَ الأزياء.. لكنهُ الشمس التي تضيئ في أرواحنا.. والنبلَ والرُّقي والعطاء.. أحبني بكلِّ ما لدي من صدقٍ ومن طفولة.. وكلّ ما أحمل للإنسان من مشاعرَ نبيلة أحبني غزالةً هاربة من سلطةِ القبيلة.. أحبني قصيدةً ما كُتبت.. وجنةً على حدودِ الغيم مستحيلة.. أحبني لذاتي.. وليس للكحلِ الذي يمطرُ من العينين.. وليسَ للوردِ الذي يلوِّن الخدين.. وليسَ للشَّمع الذي يذوب من أصابع اليدين.. أحبني تلميذة تعلمت مبادئ الحبِّ على يديك وكم جميل معكَ الحوار.. أحبني إنسانةً من حقها أن تصنع القرار.. أحبني من أجل فكري وحده.. لا لامتداد قامتي.. أو لرنين ضحكتي.. أو لشعري الطويل.. والقصير أو جسدي المغزول من ضوءٍ ومن حرير.. أحبني شريكةً في الرَّأي والتفكير.. أحبني حضارةً وقيمةً وموقفاً.. وامرأة شجاعةً تحلمُ بالتَّغيير! " .
فرحتها بكونه عائدا ليضمها ويبنيان سويا قلعة يحيطها حصن منيع تحمي حبهم المتيم الذي أثمرت فرحته بقلوبهم كانت عظيمة؛ غاية صعبة المنال؛ حلم بعيد.. كان بمخيلتهم لن يتحقق .. ولكن الآن قد أراهم الله سبحانه إعجازه في قصتهم .. حبهم الذي منحه كلا منهم للآخر بلا مقابل ومن ثم فراقهم الذي طالت مدته؛ ولكن يشاء القدر ويجتمعا بعد عناء مع العتاب والفراق والحب الذي لم ينتهي حتى أن يشيبا سويا ! ستبقى ذكراهم خالدة.. سيكتبونها سويا ليقرأها أولادهم كما يقرأ هو حتى هذه اللحظة مذكرات والده وقصة حبه التي دامت سنوات طوال غير معدودات يزداد فيهم حبهم لبعض.. كذلك هو الآن لن يضيع فمتوثانية من عمره إلا معها وبجانبها 
سيكون لها عوض، درع الأمان وشعلة حنان كما ستكون هي بالنسبة له دواء قلبه وطيب روحه؛ ستكون له الأخت والحبيبة والزوجة والصديقة المقربة في المقدمة لأن علاقته بها قبل أن تكون علاقة زوج وزجة فإنهم صديق وصديقه، حبيب وحبيبة؛ مجنون ومجنونه ولن يفرقهم القدر مره أخرى لأنهم قد تعلموا الكثير والكثير ! 
نائما بأمان الله حتى صرخت مليكة بطفولتها بجانب أذنه وكأنها نسيت تعبه حتما: ابيييييييييه ! 
نهض من نومه فزعاً وتألم بسبب استدارته بحركة حادة فأغمض عيناه ثم عاد يفتحهم.. ينظر لها وهي قد انكمشت بسبب خوفها عليه: كوكي.. انتي يا زفوته 
فتحت نصف عين ونظرت له ببراءة طاغية: ابيه حضرتك كويس؟ 
أيهم بغيظ: هو اللي يعرفكم يعرف يبقى كويس؟ كفاية حضراتكم كويسين وبخير 
قفذت على السرير وضمت قدميها تحتها وجلست تحكي له بثرثرة وهو ينظر لعيناها ببلاهة: ابيه هو انا بقيت شرسة اوي صح؟ 
أيهم بتوهان: اه 
مليكة: ورخمة؟ 
أيهم: اه 
مليكة: ومش عايز تعرفني تاني صح؟ 
أيهم بنفس التوهان وعدم التركيز: اه 
صرخت مليكة بغضب بعدما ضغطت بيدها على وجهه بطفوله: اه ايه؟ أنا رخمة؟ أنا شرسة؟ والأدهى مش عايز تعرفني تاني؟ 
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠ 
مر خمسة عشر يوما حتى تحسن أيهم وأصبحت حالته الصحية جيدة جدا وطبيعي هو كان قد تحرك وذهب لعمله قبل أن تنتهي المدة التي نصحه بها الأطباء بالبقاء في سريره وعدم بذل أي جهد والانتظام على الأدوية حتى يتحسن ولكن من الذي سينصت لكلام طبيب؟!! أنه أيهم فحدث ولا حرج 
أيهم: وحشتيني يا قلب قلبي 
غزل بلامبالاة: بطل كذب 
نفخ أيهم بغضب: أبت مش عايز اتعفرت عليكي.. راعي منظري ومسكتي لبوكيه الورد ده كسر دراعي اصلا 
غزل بصتله بغيظ وهي نفسها تضربه هو بيحاول يكتم ضحكه: اي؟ 
سحبت منه الورد: هديه مش مقبوله.. هروح أغير هدومي دي وارجعلك؛ عارف إياك ثم إياك عينك تبص يمين أو شمال
نفى أيهم ذلك عندما هز رأسه برفض.. كانت إحداهما خارجه من المكتب فصفر بمعاكسة عند رؤيته للفتاة تتمايل أمام أعينه وتضحك ضحكه خليعه: يلا يا سا'فله 
جاءته زجاجة مياه اصتدمت برأسه جعلته غير قادر على استيعاب ما حدث له ولكن أفاقه صوتها عندما صرخت: اتلم
بدلت ملابسها بعدما قد أتت للتو من الموقع بعدما عادت لعملها الذي لم تكن قادرة عن الاستغناء عنه؛ ارتدت دريس كافيه هادئ كثوب الأميرات ضيق عند الصدر وواسع جدا في الأسفل وعليه خمار مشجر بورود من نفس اللون وخرجت له وهي تتجنب النظر إليه من غيظها منه 
أيهم بمشاكسة: هتفضلي مبوزه في وشي كده؟ حبيبي خلاص بقى 
غزل: بطل هزار يا أيهم.. بجد مش طايقه ابصلك 
أيهم: ليه يا قلبي هااه؟ عملت ايه أنا؟؟ 
غزل: انت لسه تعبان وحالتك مش مستقره.. وغير كدا انت ايه اللي جابك الشركة اصلا؟
أيهم بضحك: الحب يا قلبي.. ده تعب؛ زهق بيمووووت مش قادر ينتظر أكتر 
غزل مستنكره حديثه: لا يا شيخ؟ 
أيهم بخبث: طب وحياة الشيخ 
غزل بغيظ: اه منك .. ايه اللف والدوران ده؟ المهم ايه لزمه الورد؟ 
أيهم بابتسامة جذابة: Happy valentine's day 
غزل: على فكرة ده كان امبارح 
أيهم بتأفف: استغفر الله.. يابت انتي الحكاية مش نقصاكي؛ ميبقاش قلبك أسود 
غزل ضاحكه: خلاص اخدته 
نظر لها أيهم وابتسم بعشق فقد عادت ضحكتها العذبة تلون يومه وتدخل هنا وسرور على قلبه لكن لم تدوم الابتسامة طويلا لأنها تلاشت بعدما سألته بتوجس: هتقدر تستحملني؟
كان فاهم قصدها كويس اوي وبلع ريقه لأنه معندوش فكرة مش عارف هيتعامل ازاي.. هو لسه بيحبها بس مفكرش في صعوبة الموقف وشكله فيما بعد هيكون عامل ازاي .. استجمع قواه ليردف بهمس لتلك المجنونة: أنا بحبك يا تايمة .. أنا بعشقك 
جلس على ركبته أمامها بعدما قد أخرج من جيبه علبة حمراء وفتحها فإذا بها خاتم ألماس التهبت الأعين التي رأته بعدما قد تجمعت الشركة بأكملها لرؤية ماذا يحدث .. فكانت جميع الأعين تراقبه وتلمع بسعادة وفرحة وتمني لهم بعيش حياة هنيئة بالرفاء والبنين .. ونظرات أخرى لا تخلو من الغيرة والحسد فمن هي ليطلب يدها أيهم العسيلي بشحمه ولحمه؟ من هي لتقف الشركة كلها تنتظر ردة فعلها هل ستوافق عليه أو لا؟ من هي ليحضر الخطر بنفسه يرى احمرار وجهها خجلا مختلطا بدموع الفرحة 
أيهم بابتسامة جذابة بعدما قد سمع صفير أخته المجنونة: مش عارف هيجي مقاس صباعك ولا هتقرفيني 
غزل بضحك ودموع الفرحة تتلألأ بجفونها وتهبط مرهفة على خديها المتكنزين الحمراوين من شدة الخجل: لا هقرفك وأطلع عينك ! 
أيهم بابتسامة: تقبلي تتجوزيني يا غزالتي؟ 
غزل بدموع وهي تهز رأسها نافيه: ..... 


تعليقات