رواية المتناقض الجزء الثاني2من ضد الزمان الفصل السادس عشر16بقلم حازم الباشا
كنا قد تركنا سعيد وهو يحكي لأدهم تفاصيل بدايه معرفته مع هبه
وقد وصلنا لذلك المشهد ...
عندما كانا يحظيان بأول لقاء رومانسي شاعري ، في احد المطاعم الشعبيه بحي السيده زينب
وقد استبد بهما الجوع ، فأنهمكا في افتراس اطباق "الفشه" و"الكرشه"
لدرجه ان الزيوت والشحوم قد امتدت من اطراف اصابعيهما ، حتى وصلت الى مرفقيهما !!!
وبات من الصعب ، بل من المستحيل ، احصاء عدد البقع التي زينت ملابسهما !!!
واثناء تلك المعركه المحتدمه ، بادرت هبه بالكلام وقالت :
ده الموضوع طلع بجد بقا
انت جايبني هنا عشان تاكل
اومئ سعيد برأسه ، وقال مبتسما :
اومال انتي فاكره ايه
انا ما بعرفش ارغي على معده فاضيه
وبعدين االي يسمعك بتقولي كده
يقول البت ما كلتش !!!
وانتي اللهم صلي على النبي
ضاربه لوحدك ٣ اطباق كرشه !!!
شهقت هبه وقالت باندهاش :
انت بتبصلي في اللقمه
اللي باكلها يا سعيد !!!
طب يا سيدي شكرا
مالكش فيه بقا
اكل اللي في نفسي
وانا هادفع تمن اللي كلته
انفجرت ضحكه مدويه من سعيد ، وقال :
انتي عارفه اللي ما بيدفعش
بيعملوا ايه فيه ....
بيتسيخ !!!
ردت هبه باندهاش اكبر :
يعني ايه ... بيتسيخ ؟؟؟؟
سعيد بنفس الابتسامه :
بيتسيخ يعني ...
بيحطوه على " السيخ " الحديد
زي الشاورمه كده
ردت هبه بدلال :
وانت هتسبني "أتسيخ" يا سعيد ؟؟؟
رد سعيد بحزم :
اه
اه يا هبه
لو ما كلتيش وانتي ساكته
هاسيبهم " يسيخوكي "
قطبت هبه حاجبيها وقالت بغيظ :
انا كان معايا حق
لما قلتلك
انك معندش احساس
كمل طفح يا سعيد
انا خلاص نفسي اتسدت
الحمام فين ؟؟؟
رد سعيد ساخرا :
حمام ايه يا قرنفله !!
انتي فاكرك نفسك في " بيتزا هت " !!!
امسحي اديكي في هدومك
زفرت هبه في حنق واضح ، وقامت بالفعل مسح يديها في اطراف ملابسها
بينما ظل سعيد يتطلع اليها بكل اعجاب ، حتى انهى عشاءه ، ونادى على احدى الفتيات ممن يعملون في المطعم
فاسرعت الفتاه ومعها ابريقا كبيرا من الماء ، وصابونه ، وناولتها لسعيد
وكانت الفتاه تستعد لصب الماء لسعيد ، حتى يغسل يديه ، الا ان هبه وقفت ، وقالت مخاطبه للفتاه :
عنك انتي يا انسه
انا هأصب الميه لسعيد
تهللت اسارير سعيد ، وهو يرى هبه قد غارت من الفتاه ، وانتابته فرحه عارمه وعو يتخيل نفسه " سي السيد " في فيلم "بين القصرين"
الا ان تلك الفرحه لم تدم طويلا !!!
فلقد تعمدت هبه ان تسكب الماء على بنطلون سعيد ، ليبدوا وكأنه ... قد بال على نفسه !!!
صاح سعيد وهو يحاول تفادي المياه :
يا جذمه
يا بنت الصندل
ايه اللي هببتيه ده !!!
ردت هبه ، وهي تضحك بشكل طفولي جدا :
احسن
تستاهل
عشان تبقى تقولي
امسحي اديكي في هدومك !!!
كان وقع ضحكات هبه على مسامع سعيد ، كوقع السحر
فقبل ان تطلق تلك الضحكه الطفوليه ... كان يستعد يستعد لقطع رقبتها
اما بعدها .... فهو لا يتمنى اي شيء من هذه الدنيا ، سوى ان يضمها برفق الي ضلوعه !!!!
فما كان منه في النهايه ...الا ان امسك يدها برفق ، وانتزع الابريق ، ووقف وقد تشابكت اصابعه في اصابع هبه
وخرجا سويا من المطعم ...
الا ان هبه استوقفته وصاح فجأه :
على فكره احنا ما حاسباش على الاكل
سعييييد
هو انت متعود تاكل سحت !!!
فاقترب سعيد من اذنها وهمس :
المطعم ده بتاعي
يا ام لسان
عاوز يتحش بالمنجل
فردت هبه بنفس الضحكه العذبه ، وقالت :
هي ايه الخروجه
اللي كلها قله قيمه دي
الصبر من عندك يا رررررب
وخرجا الاثنان بالفعل من المطعم ، وامضى بقيه الليل يتجولان في شوارع حي السيده زينب
وقد قص كل منهما قصته للاخر ، وتعاهدا على ان يلتقيا مجددا
وتوالت اللقاءات ، والحوارات ، وزاد التقارب بينهما ، حتى ايقن كلامهما ، انه قد وجد ضالته المنشوده في الاخر !!!
فاتفقا على الزواج ، ولكن امرا ما حدث ، وغير من مسار الاحداث !!!
لتنقلب قصتهما الجميله الى قصه حزينه مؤلمه !!!
--------------------ء
وما ان وصل سعيد في سرده الى تلك الذكرى الاليمه ، حتى لمعت عيناه بالدموع
فانتفض ادهم محاولا الهاءه ، وقال :
وحد الله يا سعيد
احنا كنا ماشيين كويس
ليه النكد ده بس
بسرعه شديده استرد سعيد رباطة جأشه وقال ساخرا :
لا اله الا الله
في ايه يا ابو الدكاتره
انت فاكرني بعيط على هبه
يا عم الحاج انا بعيط من الجووووع
انفجر ادهم ضاحكا ، وقال :
انت مصيبه بجد يا سعيد
وياريت تبطل تناديني دكتور ادهم
احنا خلاص بقينا اخوات
من هنا ورايح اسمي ادهم
رد سعيد ضاحكا :
ادهم حاف كده !!!
رد ادهم :
لأ ...
ادهم بالجبنه
قطب سعيد حاجبيه وقال بجديه واضحه :
ياااااه على تقل دمك
يا ابو الاداهيم
خصيمك النبي يا شيخ
ما تهزر تاني
افيهاتك كلها قديمه وواقعه
رد ادهم بابتسامه واسعه :
ماشي يا عم سعيد
قبوله منك
يا خفيف الظل يا مرح
وانتهى حوارهما الباسم ، بأن خرج ادهم ليحضر وليمة العشاء التي طلبها سعيد
وما ان خرج حتى وجد مفاجأه غير متوقعه بإنتظاره !!!
-----------------------ء
وفي نفس تلك الاثناء ....
كان امجد قد نزل خلف زيتا ، وقد لحق بها على بوابه مبني المستشفى
وكانت زيتا مازالت تبكي وتنتحب ، فاقترب منها وهو يصيح :
زيتا ....
انتي يا مجنونه استني
انا مش هاجري وراكي
الناس بتتفرج علينا
يا زييييتا
لم تلتفت زيتا له ، بس اسرعت في خطواتها ، مما اضطر امجد لان يصيح في افراد امن البوابه الخارجيه :
اقفلوا البوابه
ما تخلوش الانسه دي تخرج
وبسرعه البرق ، وثب افراد الامن واغلقوا البوابات ، وضربوا اجهزه الانذار
لتجد زيتا نفسها محاصره داخل المستشفى ، وقد وصل اليها امجد ، وبحركه سريعه ، وثب في مواجهتها ، واحتضنها بقوه
بينما كانت زيتا تقاومه ، وتدفعه عنها ، وهي تقول بصوت باكي :
اتركني امجد
ابعد
انا اكرهك
اكرهك
اكررررر....
وقبل ان تنهي كلمتها ، كان امجد قد الصق شفتيه لتحتضن شفتيها بكل قوه
في مشهد استمر لبضع لحظات ، كانت كافيه لان تتوقف زيتا عن البكاء ، وتهدأ انتفاضه جسدها الذي انهكه البكاء !!!
مسح امجد على شعرها برقه وحنان ثم قال بصوت هامس :
انا اسف
وبجد انا بحبك
وكل املى انك تسامحيني
قال امجد ذلك ، ثم التفت ليجد عشرات من افراد الامن قد التفوا حوله !!!
بينما تتدلى اعناق كل المرضى ، والعاملين من نوافذ المبنى ، وقد جذبهم صوت ابواق الانذار
فابتسم امجد وهو يمسك بايدي زيتا وقال :
عاجبك الفضايح دي يا زيتا
مصر كلها بتتفرج علينا
وقبل ان ترد زيتا ... كان امجد قد جلس على ركبتبه ، واخرج علبه مجوهرات صغيره من جيبه
ثم فتحها وقدمها الى زيتا وهو يقول :
تتجوزيني يا زيتا !!!
التقطت زيتا الخاتم الماسي من داخل العلبه ، ووضعته في اصبعها
ثم رفعت يديها تلوح لجمهور الحاضرين ، وقالت وهي تركع على ركبتيها :
موافقه حبيبي
ده اجمل يوم بعمري
احتضنها امجد بقوه ، وكلاهما جالس على ركبتيه
بينما تعالت التصفيقات ، والزغاريد من ارجاء المبنى
وانتهى المشهد بان اصطحب امجد خطيبته زيتا الى المنزل
لم يشعر امجد بمثل هذا القدر من الفرح في كل حياته السابقه
فرغم كل النعم التي قد منحها الله لأمجد ، الا انه قد اكتشف اليوم ...
ان الحب هو اعظم هديه قد منحها الله له
فقال بصوت هاديء :
الف حمد شكر ليك يا رب
عهد عليا من اللحظه
اني اتوب عن اي معصيه
واكون من عبادك الشاكرين
وقبل ان يدخل امجد الى منزله ، استوقف زيتا قائلا :
بصي يا روح قلبي
من النهارده ولحد يوم فرحنا
انتي هتعيشي هنا
في الفيلا لوحدك
مش هاينفع اعيش معاكي
زي زمان
ردت زيتا بحزن واضح :
اومال انت هتعيش فين
رد امجد :
هاقعد عند سعيد
وما تقلقيش دول كام يوم
نرتب فيهم اجراءات الفرح
وبعدها هنعيش سوا
اومأت زيتا بالموافقه ، وجمعت لامجد حقيبه فيها ملابسه ومتعلقاته ، ثم ودعته
وانطلق امجد عائدا لصديقيه سعيد وادهم
الا ان امرا ما كان يشغل باله ...
فقال في سره بغيظ واضح :
ماشي يا ادهم
ان ما ربيتك
ما ابقاش انا امجد !!!