رواية عصافير الغرام الجزء الثاني2 الفصل الرابع4بقلم تسنيم محمود
ابتسمت شهد ابتسامة نصر !
أسر بحنق: غزل لو مش عاوزاه خلاص انتي مش مضطره تو......
قطعت غزل حديثه وهي تهتف بعدم مبالاه وكأن الروح متعلقه على ذكريات حبيبها سارق نبضها؛ فقد أصبح صوتها خالي من الحياة: مبقتش تفرق يا أسر أنا خلاص قررت وانا موافقه أنا اللي عملت كده في نفسي سمحت لنفسي اتمادى وأحب حد مينفعش أحبه نسيت حدودي، وربنا بيعاقبني
أسر اتنهد بضيق شديد لا يعلم سببه: طيب ربنا يصبر قلبك
غزل دخلت اوضتها مسهمة ومتوهه قفلت النور والباب وجلست في جو هادئ للغاية يملؤه فقط حزنها وذكريات أجمل ثلاث سنوات من عمرها .. كانت دموعها لا تتوقف عن النزول وقلبها يبكي علا ما تتسبب به من أذاً لنفسها ! فهي حقا لم تشعر بالأمان ابدا بوجود ذاك الشاب... فكيف لها أن تتزوجه وتصبح زوجته وهي قلبها وعقلها مع آخر؟ وبالأخص عدم شعورها بالأمان معه مطلقا
ثم عاد تفكيرها لأيهم؛ ولكن طالما يحبها هكذا لما لم يقل لها من قبل؟ ألم تكن جديره بمخاطرة واحده مثل التي يقوم بها أثر عمله؟! ألم تك تستحق منه مجازفه واحده؟
حطمت قلبي الصغير الذي مازال يناديك .. تحطم الحب الذي بنيناه وكتمناه سنينًا، تحطم بسبب قسوتك وكبريائي.. فكانت القسوة خطيئتك وكان الكبرياء خطيئتي وحين التحمت الخطيئتان كان الفراق ووجع قلبي وقلبك هو المولود الجديد.. ولكني مازالت أحبك يا تنين قلبي لقد اشتقت لكلمة تايمة منك ! إذا عدت واعتذرت سأقبلك سأمنحك قلبي في علبة ذهبية؛
ولكنه اعتذر !
اغمضت عيناها بقوة وأطلقت العنان لدموعها بالهبوط دون توقف فهي من فعلت ذلك بنفسها منذ بداية الأمر سمحت لنفسها بالتمادي تخطت حدودها التي وضعتها لنفسها .. كانت تخاف على زعله وعلى زعل نفسها من عدم رؤياه؟! فأين رضا الخالق؟؟ أين يا غزل؟ ولكني أحبه... وضعت يدها على قلبها وضغطت بقوة: يارب ارحمني يارب شيل حبه من قلبي
ولكن كيف لذاك الأحمق الذي في كل دقة يعلن لها عن العبء الذي وضعته عليه؟! كيف يجعلها تنسى من يعشق؟ وهو بكل ضخة له يعلن حبه للتنين؟! في كل دقيقة يذكرها سبعون مره بحبه .. أ فهل يفيد الندم بعد فوات الأوان؟؟!... ظل سؤال مترددا بمخيلاتها هلا سينساني التنين؟! هل أنا سأستطيع العيش بدونه لحظتًا
...........
صدح رنين الهاتف، في تلك البقعه الساكنة وسط جبال إسبانيا، فامتدت يد انوثية ناعمه تلتقطه برشاقه وهي تردف بقسوة لا تتناسب مع ذاك الوجه الملائكي: ماذا هناك؟
أتاها صوته الخشن يهتف بالالمانية: لم أمسك طرف خيط حتى الآن
اردفت هي بصرامة امتزجت بها بعض القسوة: ألا ترى الآن انك تتكاسل أيها الرجل؟
ضحك ذو الصوت الخشن قائلا بعدما تتدارك موقفه: أم انك تخافين يا ميراكل؟!
تغلل الغضب إلى أعماق جوفها قائله بصوت انوثي ناعم لا يناسب كلماتها تلك: أم انك تود ان أرحمك بعد عملك هذا فتتودد لي؟!
ابتلع الأخر ريقه بشئ من المرارة قائلا بعدما أخذ نفسه وأخرجه على عدة مراحل: اعتقد انك ذكية بما يكفي يا سيدتي... والأن لنتحدث بجد
اردفت الأخرى بضيق: هل سأشحذ الكلمات من فمك؟
قال صاحب الصوت الغليظ: عذرا سيدتي ولكنه يبحث عنا حقا؟!
أخرجت الهواء الذي كانت تحبسه بداخلها بعد سماع رده ربما لتهضم الانفعال الذي تسابق إليها: هذا سيقوده إلينا حتما
أجاب المتصل بغلظة: أ نواصل متابعة خطواتها؟!
ردت ذات قناع الجمال: بالتأكيد.. إنها ورقتنا الرابحه.. يجب أن يثبت لنا أنها قريبه جدا من عدونا اللدود، فهذا فسوف يقودني إليه بدون تعب مني !
رد الآخر مستفهما في استغراب: كيف ذلك؟ ألم تكوني قولتي من قبل أنه لو أراد أن يختفي من الوجود، فما من قوة على الأرض ستتمكن من الوصول إليه؟
ضحكت الأخرى ضحكات ساخرة للغاية: أ أنت مجنون يا روحي؟ اختفى الرجل لثلاث أيام فقط ولم تعثر عليه حتى الآن فماذا إذا اختفى لمهمة؟
أجاب صاحب الصوت الخشن: لا أعلم شيئا حتى هذه اللحظة ولكننا سنتابع البحث.. ألا تعلمين اي نقاط ضعف له؟
أجابت هي برشاقه: عزيزي باشر عملك ولا تشغل رأسك الجميل بما لا يعنيك
أغلقت الهاتف وارتسمت ابتسامة مصطنعه على وجهها ذو النحت الملائكي: ماذا بك يا تنيني؟؟! أ تعلم؟ اني أحزن عند رؤيتك حزين لأن الحزن لا يليق بك... انت فقط شرس؛ وذاك ما أعشقه في شخصيتك التي لابد أن تتحطم على يدي أنا .. أنا وحدي !
..........
ترك عدي ما بيده من أوراق والتفت لها: نعم يا قلب عدي
فاطمة ابتسمت وقفذت على الكنبه بجانبه تنظر لما بيده بعدم فهم: ايش تسوي الحين!؟
عدي عقد حواجبه: احنا فين؟؟
فاطمة بضحكه جميلة: المهم انك فاهمني وخلاص
عدي ضحك ومسح على شعرها بحنان: بذاكر ياختي .. المهم احكي
فاطمة نامت على رجليه: أنا مش جايه احكي انا جايه اضيع وقت الملل ده
عدي: يبقى لازم نتكلم عشان الملل يضيع
فاطمة بشرود: هنرجع امتى؟ أنا زهقت بجد
عدي: عايزه ترجعي ليه يا روحي؟ البلد مش عجباكي؟؟
فاطمة: لا يا عدي بلدنا أحلى.. جوها وناسها وبيتنا أهلي ماما وبابا وحشوني اوي كل حاجه وحشتني اوي
عدي بمكر: على فكره بقى البلد هنا حلوه اوي وجوها ممتاز
فاطمة بغيظ: خلاص خليك انت هنا وانا هرجع مصر انا وماما صباح والأولاد
عدي: طب اوعى بقى كده عشان اشوف الماتش عشان مش عايز اتجنن دلوقتي
فاطمة قامت وقفت في وشه: لأ مش هتشوف ماتشات يا عدي غير لما ترجعنا مصر
عدي: يابت غوري اتقلبي من أدام الزفت.. الماتش هيخلص وارجعك مصر واوديكي المعمورة كمان يلا اوعى
فاطمة بعند: الااااا مبحبهاش
عدي: انتي متأكده انك من فصيلة البنات يعنى؟؟
فاطمة بتوهان: هاااا؟!
عدي: يلا شطوره حبيبي ابعدي عن الشاشه بقى
قفذت على الكنبه مره أخرى وظلت تنظر له ببلاهة لبرهة قليلة وهو غير مبالي بها ابدا حتى همست له بصوت ناعم وهي تعيد خصلات شعره بدلال وتلمس وجهه بطريقة لا تناسبها كما اعتاد عليها شرسه: عدي؛ حبيبي؟ هات ايدك؟؟
أعطاها يده بعدم وعي منه حتى صدح صراخه بعد أن غرزت أسنانها التي تشبه اللؤلؤ بجسمه المكبل بالعضلات
ضحكت على منظره المتألم من عضتها وعلامتها بجسمه ! وهو يطالعها بغضب وغل ووعيد وينفخ في يده مكان العضه
مسحت شفتاها بغضب ونظرت للأوراق التي كان يمسكها قائله بلامبالاة: خطك وحش .. ومش هتشوف ماتشات يا عدي.. أمسكت بالريموت وقفلت الشاشه.. وبرضو هرجع مصر هاا.. ثم هرولت مسرعة للخارج بعد أن وقف ونظر لها بتوعد فظلت تصرخ بجنون وأنفاسها تخرج لاهثه من كثرة الضحك: يا ماااامااااا
..........
في إحدى الغابات الكثيفة لروسيا .. في مناطق الصيد والتي تسمى لوفيششا .. أخذ يراقب الغزالة القاصية بهدوء وبيده بندقية
أحد الماره بهدوء: ماذا هناك؟
كان كل تركيزه مع الغزال وينوي اصطيادها كالعادة فهو يعشق صيد البراري؛ أشار بأصبعيه على أعينه ثم أطلقهم على الغزال: سأصتاد الغزال.. هل لك أن تصمت؟
الرجل بابتسامة: أراك تعشق الصيد؛ هل هذا يوم لخروج أحدهم للصيد؟! ألا ترى الجو يا بني؟!
ترقب الغزالة بدقة وعيناه الزرقاوات تتفحصها إنش إنش.. عيناها الواسعتان السوداوين قرونها السوداء المتدرجة الملساء واذنيها الطويلتان النحيلتان وذيلها القصير الناعم؛ وظهرها البني الفاتح الذي يتدرج فيما بعد إلى البني الغامق تغطيه بعض خصلات الشعر وبطنها الأبيض.. فحقا وصفت عيناه الغزال من أصبعه الأصغر حتى القرون: عفوا؛ دعني اركز
ظل الرجل يحدق به لفترة ليست معلومة مذهول بعدم تركيزه معه ومع ذلك يرد بذكاء بدلا أن يحرجه ثم ابتسم بخفة ... شهق بفزع عند إطلاق صوت الرصاص وإصابة الغزال وابتسامة النصر التي ظهرت على وجه الفتى المجهول بالنسبة له
ابتسم أيهم ونظر له لا يعلم أعليه أن يسخر أم يكون جديا؟ أزال قبعة الجاكيت البني الجلد الذي يرتديه مغطي عيناه.. ليحدق الرجل به بقوة ثم هتف بابتسامة: يبدو أنك من سكان روسيا الأصليين؟!
أيهم بامتعاض: لا اني رجل أعمال مصري ! هل تود متابعت رؤيتي عند الصيد مجددا؟
أردف الرجل مبتسما: إن لم يكن سيضايقك هذا فأنا أود ذلك وبشدة؛ انك بارع يا بني ..
أيهم بضيق: أتعلم جئت لهنا وأنا أود الإبتعاد عن العالم بأكمله ولكن يبدو أن هذا أيضا قد فشلت به ... لم يعاير الرجل الذي مازال ينظر له وأكمل طريقة تجاه الغزال الراقده على الأرض لا تستطيع الحركة
أقترب منها ليرى جرح رجلها الذي أوقفها فقط عن الحركة ولكنها لم تمت وهذا بالضبط ما كان يتمناه .. نظر الرجل إليه وإلى الغزال بصدمة من براعته في إصابتها وكأنه يحتاجها ولا يود قتلها
أيهم وهو يمرر يده على ظهرها وشعرها برفق وطيبة قلب: يا ربي على جمالك!؟ صدت أربعة وانتِ الخامسة بس كلهم مش حلوين اوي كده؛ هاخدك برضو !
خلع حقيبته ليخرج منها علبة عجيبة الشكل وبدأ بإخراج أدوات ليبدأ بعملية جراحية بسيطة ويتابعه الرجل بعيناه ومازال الذهول يسيطر على قسمات وجهه ثم اقترب منه ليهتف متسائلا: ألم تكن رجل أعمال منذ قليل؟
ضحك أيهم على فضوله واستمر في معالجة قدم الغزال: أراك ذكيا؟
الرجل ضاحكًا: أنها لوجهة نظرك ليس لي دخل بها؛ قل لي يا رجل أ أنت بارع لهذه الدرجة؟
أيهم: ليس كذلك بالضبط ولكني أعشق الصيد وآخذ الذي أصيبه لبيتي لذلك يجب عليّ أن أكون على علم بكيفية معالجتهم وإلا سيموتوا مني وأخسرهم جميعا ! هل تود معرفة شئ آخر؟
الرجل: أود أن اتعرف عليك جيدا؛ اني أعشق مصر والمصريين ولكن حالتي المادية كما ترى..؛ لا تسمح لي؛ أكره حياتي الريفية لقد سأمت منها للغاية
نظر له أيهم وابتسم: أنا لم أذهب للمدينة لأتمتع بعيشكم هذا؛ أحب الحياة الريفية والصيد بالادغال كما ترى..، فماذا إن عرضت عليك السفر معي إلى مصر هل توافقني؟!
أجاب الرجل وقد ظهر على وجهه الحماس: ما اسمك إذا؟
...........
كانت كعادتها منذ بعدها عنه لابده بغرفتها لا تفارقها ابدا تمسك بألبوم صورهما معا وهي تمرر يدها على وجهه وتتمنى رؤيته ولو صدفة ولكن كيف ذلك وها هي بيدها تبني حاجز بل حصن منيع قوي إذا دلفت إليه حقا فلن تستطيع دبابات العالم هدم ذاك السور الذي تبنيه الآن! إن ركبت عناد رأسها الذي سوف يقودها إلى الدمار والهلاك المبكر فلا تأتي بعد ذلك تبكي لفقدانه .. أ فهي حقا لم تفقده حتى الآن أم أن هذا من إشتياقها له؟ نعم هذا فقط من غليان قلبها المتألم واشتياقه للتنين .. فهي فقدته ولن تراه حتى صدفة ! هي تحبس نفسها بداخل غرفة من أربعة جدران وهو غادر البلد بأكمله فكيف يلتقيان إذن؟؟ ندمت حقا يا أيهم؛ أعذرني فأني فتاة تخاف على نفسها من الفتنه رغم علمي بكل تلك الذنوب التي حصدتها بمرافقتك طيلة هذه الفترة.. ولكن بعد الفراق أصبح كل شيء في هذه الحياة بطيئًا ، أصبحت الساعات والدقائق حارقة، وأصبحت أكتوي في ثوانيها.. تركت لعيناي فرصة الحديث فلم تفهمني .. فلم تك تحبني لدرجة انك تقرأ سوادهم
أعادت رأسها للخلف مستنده على بطانه السرير وهي تضم لصدرها دفتر مذكراتها التي كتبت فيه قصائد لحبيبها الذي لم يقدرها وكان أسهل حل توصل له هو البعد .. إختار أصعب طريق لكي يسلكه
اغمضت عيناها لتسمح لدموعها تأخذ مجراها: بحبك يا أيهم بحبك ومش قادره أنساك.. أرجوك ارجع حاسه اني هموت من غيرك! ازاي قدرت تسيبني أحط حياتي في ايد راجل تاني غيرك؟ وأنا عارفه انك بتحبني زي ما أنا بحبك حتى لو مقلتهاش.. كنت بحسها في كل تصرف ليك معايا بس كان ناقص واحد فينا يبدأ .. بحبك اوي
لمست يدها السلسال الألماس الذي أهداها إياه بعيد ميلادها الأول لهم سويا وكان عبارة عن قلب محفور فيه حروفهم وشكله رقيق جدا ويبدوا أنه باهظ الثمن..، في تلك الأثناء جعلها تعده ألا تزيله عن عنقها ابدا حتى لو افترقا، اغمضت عيناها بقوة وهي تهتف بحسرة: وحشتني !
فتحت شهد الباب واشعلت إضاءة الغرفة لتعتدل غزل بسرعة تكفف دموعها
شهد بتنهيدة مريره: لسه بتحبيه؟!
كانت النظرات والدموع هي الإجابة الوحيده التي توصل لها عقلها فما هو لسان الفراق سوى الصمت؟!
شهد: يبقى أنصحك تشيليه من دماغك انتي دلوقتي واحده على وش جواز ولسه مشفتيش خطيبك، قومي غيري هدومك واغسلي وشك عشان هو جاي كمان ساعة
هزت غزل رأسها بإيجاب ..... شهد بهدوء: ربنا يصبر قلبك يا حبيبتي، لكن صدقيني يا غزل كده احسنلك لو كان فيه خير كان...
غزل مقاطعه بصوتها المبحوح: قدر الله وما شاء فعل
تركت شهد الغرفة لتتركها تحسم زمام أمورها
أخذها تفكيرها لليوم الملعون الذي تقدم فيه كارم لخطبتها
******
فلاش باك
أسر بضيق: لا مهو كده كتير واحنا بنام بدري على فكرة
كارم وهو يرتشف القهوة بعدم تركيز: حاضر.. هتكلم
أسر بص لأمه بغيظ وهي ضغطت على ايده يسكت .. ضغط على شفته السفلى بغل ثم نهض ليجلس على مقربة منه وينظر لما بيده: حلوة صح؟!
كارم رفع رأسه وبصله وابتسم: اه اوي
أسر بغيظ وهو يحاول جاهدا تمالك أعصابه: أمي بتعمل قهوة حلوة
كارم بنفس الابتسامة المستفزه: ربنا يبارك فيها
كل ما كان يدور في عقل أسر هو الانقضاض عليه وخلع رقبته عن بقية أعضاء جسمه: اللهم آمين يارب العالمين
مازال هو يرتشف قهوته ويرفع رأسه بيبصلهم ويبتسم باحراج .... وشهد وابنها بيبصوا لبعض وعلى وجههم علامات استفهام كبيرة
أسر بغضب طفيف: لا مهو حضرتك مش هينفع تقعد كده كتير ولا انت شايف ايه؟
كارم باحراج: مهو .. اصل أنا مش عارف ابدأ منين؟
أسر: لا متقلقش اتكلم واحنا هنفهمك، ثم اكمل فى سره: ان شاء الله
كارم: احم احم... هو .. لا هي اه هي
أسر برفعه حاجب: افندم؟
كارم اتوتر اكتر: مقصدش؛ لا بصو بقا ندخل ف الموضوع على طول
أسر بحنق: ياريت
كارم: انا جاي اخد ايد بشمهندسه غزل!
شهد وابنها بصدمة حقيقة: ناااااعم؟؟
كارم بسرعة: لالا سحبتها.. مش هي دي الكلمة اللي اقصدها؛ نتكلم جد شوية
شهد بتعب: ياريت والله
كارم بحب وعيناه تلمع بعشقها: أنا جاي اطلب ايد بشمهندسه غزل..!
صمت عم عليهم لمدة لا أعلم كم هي... ولكن يكفى صدمتها بوجود كارم أمامها الأن
شهد بتوتر: والله يا أستاذ كارم حضرتك ونعم الرجل وانا ارتحتلك كفايه وقفتك معانا
كارم بابتسامة: لا متقوليش كده الجيران لبعضها ولا ايه؟
شهد بتوتر شديد وبتتكلم غصب عنها: ده العشم برضو.. لكن القرار ف الأول والأخير لغزل دي حياتها وانا مقدرش اجبرها .. وده مش كلام نهائي.. حضرتك لو بجد شاري أختي اطلبها من عم محسن هي بتحبه وبتعتبره مكان والدها من لحظة ما دخلنا المكان ده
ابتسم كارم بحب: صدقيني أنا مكنتش متخيل اني ممكن احب حد بالطريقة دي بس حقيقي غزل خطفت قلبي .. ثم اكمل بفرحة غامرة: حاضر هروح لعم محسن اطلبها منه .. عن اذنكوا
أسر بغضب: انتي عايزه تجوزيها للمعتوه ده؟!
شهد: أنا مقولتش هجوزها أنا مقدرش ادخل في أمور حياتها اصلا...
بعد مرور وقت
غزل: نعم يا عمو
محسن بمرح: ايه عمو دي يابت؟؟ انتي هتكبريني قبل أواني ولا ايه؟
ضحكت غزل بشدة: يالهوووي انا اقدر برضو يا مز يا جامد انت؟..
فجأة وجدت يد أحدهم تمسك بملابسها: بتعاكسي جوزي وانا واقفه يابت؟!
ضحكت غزل ورفعت ايديها باستسلام: ربنا يعلم دا أنا كنت بمدح فيه مش أكتر
السيدة بابتسامة حنونه: اقعدي يابنتي على ما اعملك حاجه تشربيها
جلست غزل بجانب عم محسن قائله بابتسامة هادئه: ها قولي بقا كنت عايزني ف ايه؟؟
محسن بهدوء: غزل يابنتي انتي يوم ما جيتي هنا وثقتي فيا من أول موقف يحصل معاكم .. وقولتيلي انت أبويا وعمر ما كان في أب يقدر ييجي على سعادة أولاده صح؟
غزل بعدم فهم: ليه المقدمة الطويله دي يا عمو؟... أنا من يوم ما رجلي خطت عتبت المنطقة دي وانا بحبك زي والدي .. أنا سلمتك حياتي وقولتلك عيزاك تكون واصي عليا
ابتسم محسن بحنان أبوي: طيب يابنتي انتي عارفه انك كبرتي وبقيتي عروسة زي القمر... وهو ده اللي عاوزك فيه
غزل بضحك ومشاكسة: ياعم خضيتني والله... ما كنت تقول من بدري انك عايز تتجوزني؟؟؟! بس صح حرام دي طنط علا هتقتلنا انا وانت... اه أقرب حل اننا نهرب
ضحك الرجل بشدة: بت مش عايز لماضه الموضوع جد!
انتبهت غزل قائله: عمو محسن هو حضرتك مش بتهزر معايا؟
عم محسن بهدوء: بصي يابنتي الشاب كويس وهو عايش هنا ليه سبع سنين وعمري ما شفت منه إلا كل خير والكلمة الطيبه.....
بعد كلام كتير وانهيار غزل من رؤية فرحة وتمنى فى عيون أختها .. لكن لامتى هتفضل كده؟ لامتى هتفضل عايشه ف ذكريات جميلة بتعيشها مع أيهم؟؟ هي مش صغيره دلوقتي؟
دخلت اوضتها وهي تشعر وكأن تفكيرها عالق؛ اعشقك يا أيهم وانت لا تشعر بي؟.. بتعيط بشهقات مكتومه .. وهي شايفه نظرة الفرحة فى عيون أختها فهي نفسها الحمل يخف شويه من على أكتافها .. لامتى أختها هتفضل شايله مسؤليتها؟؟!..
أمسكت بهاتفها ليأتيها صوته المرح: أخيرا ما افتكرتي أهلي؟
غزل بدموع وصوت مبحوح من شدة بكاءها: أيهم عيزاك
أيهم باستغراب: مالك يا غزالتي؟؟
غزل بعياط: محتجاك اوي
أيهم بهدوء: اجهزي،، خمسه وهكون عندك .. سلام
بااااااااااااااك
..........
في مقر شركات العسيلي
خطت قدماه غرفة الاجتماعات خطوات ثابتة وواثقه؛ بهيئته المرعبه وطلاته الخاطفة للأنفاس... والأعين الزائغة التي تراقبه؛ تراقب مظهره، وسامته الصارخة، قوة شخصيته، لامبالاته بمن حوله وكأنهم لا يسوون سوى بضعة ملاليم، تصرفاته وردود أفعاله الهادئة الحكيمة
كان الصمت هو ردهم الوحيد عند رؤيته.... حبست أنفاسهم المتوتره فقد كانوا ينظرون لبعضهم برعب من ثباته وهدوءه المميت فأنه حتى لم يلقى عليهم السلام
كان من ينظر إليه بعيناه ونظراتها الثاقبة يقسم على أنه سوف يغشى عليه من خوفه
سامر بهمس: في ايه يا حمزة مالك النهاردا؟!
حمزة بجمود وهو ينظر للفراغ الذي تراه زرقاوات عيناه: اتعود على كده من اللحظة دي
اعتدل سامر بعد اطلاقه تنهيدة مليئه بالتوتر والتعجب من صديقه متقلب المزاج: رجعت ريما لعادتها القديمة.... احم طب ايه؟!
حمزة بهدوء صاعقي وثبات مريب: ابدأ
أشار سامر للمهندس ليبدأ بعرض مشروعاتهم الجديده فوقف وهو يبتلع اللعاب الذي شعر وكأنه هرب من فمه
أغلقت الأضواء ليبدأ ثلاث مهندسين بعرض إنجازاتهم على التوالي وبعد الإنتهاء من شرح دامت مدته لفترة ليست معلومة ونظرات إعجاب من جميع الحضور بهم ولكن الكل يلتزم الصمت المريب خوفا من النطق بحرف واحد ...! فجأة تعالت صوت ضحكات ساخرة للغاية من ذاك الخطر الذي يترأس طاولة الاجتماع وصوت تصقيف يديه رن بأذانهم واحد تلو الأخر فابتلعوا لعابهم برعب
نظر له سامر وهو لا يعلم بماذا ينطق الآن؟ فكانت علامات الاستغراب ، الصدمة والدهشة هم أسئلته الوحيده فابتلع ريقه بصعوبة
وقف حمزة بينهما ووضع يديه القويتين على أكتافهم: دي رسمة من بتوع الحضانه صح؟.... ماذا تتوقعون أن يكون الجواب سوى الصمت؟
اقترب حمزة من مدير أعماله الذي ارتبك وأصبح وجهه بألوان الطيف الذاهيه: انت ايه رأيك يا أستاذ إبراهيم؟؟ المشروع ممتاز؟ نسلمهم زمام أموره واحنا مش قلقانين ونحط في بطننا بطيخة صيفي مش كده ولا ايه؟؟ عن نفسي شايف ان رسمهم هايل وتخطيطهم في غاية الروعة بمعنى اني معنديش مانع نقول انهم من أشطر المهندسين على مستوى الجمهورية ونكرمهم كمان ولا عند سعادتك إقتراح ألطف؟!
سامر في سره: نهار اسود... قلبي عليك يا إبراهيم !
فصرخ بهم حمزة بصوت جهوري ونظرات شيطانيه مميته وهو يطالع الحائط المعروض عليه المشروعات السخيفه من وجهة نظره باشمئزاز: ردوا عليا ايه القرف ده؟! ايه لعب العيال ده؟؟
سامر وقف قائلا بخفوت: اهدى بس يا حمزة اكيد في حاجه غلط في الموضوع
حمزة بصراخ: غلط ايه؟ عايزني أسلم مشروع بالضخامه دي لشويه عيال؟؟ ايه اتجننت انت كمان؟؟ ولا المتخلف اللي قاعد جنبك شبه الكرسي اللي قاعد عليه ده بهت عليك؟!
إبراهيم بتوتر: يا باشا اهد......
حمزة زعق وقام بإلقاء الأوراق على الأرض متحدثا وهو يخبط يداه على ترابيزة الاجتماعات بعصبية: اهدى ايه وزفت ايه؟؟ شكلك كبرت وخرفت ومعتش عارف انت بتقول ايه.. جايبلي شوية عيال نسلمهم مشروع من أهم المشروعات في تاريخ الشركة وتقولي اهدى!؟ ياريتها كانت جابت كلب على الأقل كان هينفعها
انفلتت ضحكه من شفتي سامر غصب عنه فحاول كبتها سريعا: احم الاجتماع انتهى ... اتفضلوا
شعر الكل بأنهم قد أخذوا إفراج فهرولوا للخارج مسرعين وبقى سامر وحمزة الذي تعالت أنفاسه من شدة عصبيته وسامر مش قادر يسيطر على نفسه من شدة الضحك
سامر مد له ازازة ميه: حمزة اهدى يابني خلاص حصل خير
حمزة وهو يرتشف المياه بغزارة: اسكت يا سامر الله يكرمك
سامر حرك رأسه يمين وشمال بألم: بس والله طريقتك مع إبراهيم دي غلط خالص... الراجل بيشتغل معانا من زمان وانا وانت عارفين انه كفء
حمزة بحنق: جايبلي عيال يا سامر ... صدقني المشروع مهم اوي، انا مش بنام الليل ولا بشوف أولادي ولا مراتي ولا أعرف حاجه عن أختي ولا أخويا اللي الله أعلم فينه؛ علشان ميضعش من ايدي وييجي هو بسذاجته دي يبوظ كل ده واقف اتفرج؟!
سامر قعد قصاده: حمزة، مش هو ده السبب؟؟
حمزة برفعه حاجب: القصد؟!
سامر ضيق عنيه ورجع بجسمه لورا: يعني انا وانت عارفين انك مفرطش قبل كده في مشروع سواء صغير أو كبير عشان تبقى متمسك بالمشروع اكمنه كبير قال
حمزة باستعباط: مش جايز تبقالي سبقه؟؟
قهقه سامر واغمض عيناه بقوة: لأ يا معلم انا فاهمك كويس اوي.. المهم ايه السبب بقا؟؟
اعتدل حمزة في جلسته ونظر له بعمق: نفس السبب اللي بيبعدك عن مراتك دلوقتي يا سامر بيه؟
............
في بيت الجميلة بطلة قصتنا ( غزل )
جلست بالغرفة تهاتف فاطمة بعد أن استعدت لمقابلة كارم
غزل بدموع وصوت مبحوح: الحمد لله يا فاطمة كويسه
فاطمة باستغراب: مالك يابنتي صوتك منهار كده ليه؟
غزل وهي تحاول كبت دموعها: مفيش يا قلبي، طمنيني عنك انتي وأسر وصبا عاملين ايه؟
فاطمة: سيبك مننا انتي مالك صوتك مش طالع كده ليه؟ انتي معيطه ولا ايه؟
غزل: لا يابنتي انتي عيزاني اعيط ليه؟ المهم البت صبا وحشتنى الكلبه هي فين؟
فاطمة بتنهيدة: هتكون فين يعنى غير في حضن أبوها؟
غزل ضاحكه: وانتي غيرانه بقى؟!
فاطمة بغيظ: خلاص ياختي بقا لازم تسيحيلي ع الفضائيات؟؟ وبعدين مش كفاياكم بقى انتي وأيهم باشا تنجزوا؟! عايزين فرح يابنتي
حاولت جاهده حبس الدموع ولكن دموعها تعرف طريقها لوجهها مجددا، حاولت كبت شهقاتها ولكن كيف لها ذلك؟ ظلت صامته فقط بكاءها وصوت الشهقات هي التي تصل لمسامع فاطمة !
فاطمة بتعجب وقلق: غزل.. حبيبتي مالك؟ بتعيطي ليه؟
غزل بقوة محاوله استجماعها: كل واحد راح لحاله يا فاطمة.
شهقت فاطمة ووضعت يدها على فمها فهي كانت تعلم أن علاقتهم بهذه الطريقة لن تدوم .. ولكنها أيضا تعلم حبهم المجنون لبعضهما البعض: غزل؛ اهدى يا حبيبتي واحكيلي
سردت غزل الحديث بأكمله وخطبتها من كارم اليوم حتى انتهت من حديثها كانت فاطمة تسمع لها بذهول وعدم تصديق أن يكون هذا أيهم الذي اشبعهم بحوار حبه لغزل وعدم قدرته على النطق ... لما؟ فإنه لا يعلم؛ كم مره اجتمع الشمل مع بعضهم أثناء ذهابهم للمزرعة وحديثهم عنه وغزالته ونظرة الحب التي تملأ عيناه الزرقاوات ولكن لسانه هو الذي لا يطاوعه على الاعتراف
دقت شهد الباب ودخلت وغزل قد استأذنت فاطمة أن عليها المغادرة الآن وسوف تعاود مكالمتها
شهد ضمتها لحضنها بحب أخوي: ربنا هيعوضك بكارم يا غزل ان شاء الله
غزل بوجع وحرقه: مش بحبه يا شهد.. عمري ما حسيت بأمان بوجوده
شهد بعدت عنها وابتسمت بعدما رفعت انظارها إليها: مش هقولك انتي واثقه فيا أو لأ... ع الأقل عمو محسن يلا علشان هم برا ... غزل اتنهدت وشهد خرجت عقب دخول ابنها
أسر قعد جنب خالته وغزل رفعت وشها بصتله وهو ابتسملها فضحكت لعلمها بما يدور عقل ابن أختها: مالك؟
أسر وهو يقلب انظاره في سقف الغرفه ويضع يده أسفل ذقنه يصطنع التفكير: بتخيلك وانتي مش هنا
لكمته غزل على ذراعه المكبل بالعضلات قائله بصوت هامس: رميت طوبتي يا أسر؟؟
أسر: يابت ارحمي أمي بقا انتي ما صدقتي هتطلعي من الأوضة ولا ايه؟!.. نبقى نكمل خناق بعد ما ابوا عيون صفر ده يمشي
كتمت غزل تلك الضحكات التي كانت في لحظة تهور منها ستنفجر .. بعد وقت قليل من الاتفاقات والحوارات
خرجت غزل مع شهد لتنقلب عينان كارم الذي يشعر وكأنه أصبح مصاب بجنون حبها
وقف بدون وعي وهو ينظر لها بذهول ... هزه الرجل الواقف بجانبه: يابني عيب كده ميصحش
تنحنح كارم وقد كان يقتله التوتر: احم هو مش خلاص كده؟
ضحك الرجل بخفة: خلاص ايه يابني، اقعد
جلسوا سويا في صمت تحت نظرات كارم العاشقه لغزل وعدم قدرته على إبعاد عينه عنها
محسن مبتسما: طب نسيبهم لوحدهم شويه؟!
أسر ميل على غزل قائلا بغيظ: إياكي يمسك ايدك يا غزل فاهمه؟!
الكل طلعوا وسابوهم لوحدهم يتعرفوا
كارم بحب: ايه القمر دا؟
غزل بحدة فهي الآن علمت أنها أخطأت كثيرا ويجب تصليح ذلك: لاحظ كلامك يا أستاذ احنا لسه مفيش بينا حاجه عشان اسمحلك تتمادى حتى لو بالكلام مفهوم؟
كارم بابتسامة عاشقة: أنا آسف بس مش قادر اسيطر على نفسي او مشاعري....
غزل بحنق: وبعدين معاك بقى يا أستاذ؟
كارم بابتسامة: أستاذ ايه طيب دا انا جاي اخد أمانه.. احنا كلها شويه وهنتجوز
غزل: برضو ملكش الحق انك تقول اي كلام من اللي حضرتك بتقوله غير لما ربنا يسهل وابقى مراتك وفي بيتك
كارم بابتسامة جذابة: افهم من كلامك انك موافقه؟!
ابتلعت غزل ريقها بصعوبة: اللي ربنا كاتبه هنشوفه يعنى موافقتي أو رفضي دي حاجه لسه علمها عند ربنا مش بأيدي
كارم هز رأسه بيأس: خلاص خلاص مش عايزه تسأليني اي أسئلة؟؟
غزل وقفت: احنا اتكلمنا كتير عن اذنك .. وخرجت
محسن بخفوت: ايه يابني ما اتفقتوش ولا ايه؟!
كارم وهو ينظر لطيف معشوقته ببلاهة: ما اتفقناش ايه بس متقولش كده والنبي
ابتسم العم محسن بهدوء لذاك الأحمق العاشق: لو كانت من نصيبك ف مفيش قوة على الأرض هتقدر تفرقكم.. انت بس ادعي ربنا
كارم: طب أسر الفرح الأسبوع الجاي اوك؟
أسر بغيظ: ليه حد قالك لاقيتها في الشارع؟!
محسن: انتو هتتخانقوا ادامي ولا ايه؟ يابني في أصول مش كده.. لازم يكون في إشهار ده أهم ركن من أركان الزواج واحنا في عرفنا بنعمل خطوبة وكتب كتاب
أسر رفع حاجبه مستنكر: عم محسن هو جاي من كوكب تاني ولا ايه؟
كارم بغيظ: يعنى هو أنا كنت اتجوزت قبل كده!.
أسر بهجوم: ليه حضرتك مش مسلم؟ سيبك من دي يمكن مش متدين طب محدش في عيلتك اتجوز قبل كده؟ ايه متعرفش الناس بيعملوا ايه قبل الجواز ولا هو خلاص شافها وشافته وكان الله بالسر عليم؟
كارم بهدوء قاتل: انت منفعل كده ليه؟ ممكن تتكلم بهدوء احنا مش في الشارع، بس احب ألفت نظرك يا أسر اني فعلا معرفش حاجه عن العادات والكلام ده عشان مليش أهل انا مقطوع من شجره ( وضع يده على كتف محسن وابتسم ) معرفش غير الراجل الطيب ده ومراته اللي احتوني وعاملوني كأني ابنهم مع انهم ميعرفوش عني حاجه !
محسن: حصل خير يابني هدوا نفسكم... أخبرتهم غزل بموافقتها وتم قراءة الفاتحة بفرحة كارم التي كادت أن تنسيه نفسه من شدة سعادته بموافقتها على زواجهم الآن ولكن لا يعلم لما يملأ قلبه قلق من نظرات غزل الذي يشعر وكأنها مليئة بالحزن والأسى الشديد...، فهو لا يرى بعيناها التي قلبت كيانه سوى حزن وجفاء في معاملته وكأنها مجبره عليه .. أحزنه الأمر بشدة ولكن قرر انه سوف يعرف ماذا بها بعدما تصبح زوجته وببيته كما قالت له مسبقا سيجعلها تعشقه كما ادمنها سيجعلها تعيش أسعد لحظات حياتها معه... ستكون حياتهم كلها فرح وسعادة فقط سيمحي ذاك الحزن الذي يراه دائما في عيناها .... أما عنها فعزمت بداخلها ان تنسى أيهم وكل اللحظات الجميلة التي عاشتها معه، فهي عزمت على أن تمحيه من ذاكرتها ولكن يا حسرتاه مازال قلبها وعقلها متعلق به... لا يرحمها عقلها من التفكير فيه ولا قلبها من الإشتياق له ! فعلاقتهم محكوم عليها بالفشل الدائم؛ لطالما بدأت بمعصية فلن يبارك فيها الخالق ابدا
أقبل سواد الليل الذي هو قلب وروح ودمعة لقد أقبل بنسماته الباردة ليدلي إليها الحزن والحيرة التي وضعت نفسها بها .... مازلت أعشقك لقد عرفت الحب على يداك وشربت العشق من كأسك، وطعم الورود بأنفاسك، لأنك عذب بإحساسك، يا تنين قلبي فقدت العيش ببعد لمساتك
تلك كانت مذكراتها تقرأها في التراس وسط لفحات الهواء الطلق ورفرفة خصلات شعرها الحريري المنسدل على كتفيها وظهرها بانسيابيه
كفاها بكاء وكفى قراءة لأيام نحس لا ولن تعود؟ ثم عادت بتفكيرها أ حقا هي لا تريد عودة أيامه؟ كانت اجابتها أنها أضعف بكثير من أنها تفكر في أن تكرهه لا إنها مازالت تحبه بجنون، كان يشعر بها وبما تعاني قبل أن تفتح فمها وتتفوه بحرف واحد: صوتك وحشني اوي يا أيهم، صوتك وانت بتغنيلي وحشني بجنون، مش عارفه ادمنتك بالطريقة دي ازاي
صوت أذان العشاء قطع حبل أفكارها فدلفت للداخل بعد انتهاء صوت الأذان الذي كان يشرح الصدر جعل دموعها تهبط مرهفة
جذبت مصليتها لتشرع في الصلاة تشكي لخالقها ما يضيق به صدرها أطالت سجودها دعاء واستغفار ونحيب وشهقات عاليه
...........
ارتفعت طائرة المظلات الحربية لتشق عباب السماء الزرقاء حيث وقف بداخلها شاب طويل القامة وسيم عريض المنكبين في منتصف العقد الثاني من عمره ينظر من خلال باب الطائرة المفتوح إلى السحاب الذي ينطلق أمام عيناه ويلفح الهواء ببشرته حتى جاء صوت قائده قائلا في جفاء: اتأكد أن المظلة مربوطه كويس يا أيهم .
لم يعجبه الحديث فلم يعبأ به كعادته عندما لا يعجبه حديث أحدهم يكون التجاهل أفضل بكثير من الرد
القائد بصرامة: التجاهل مش في كل حاجه يا سيادة الملازم لو انتظرت اكتر هيكون الخطر أكبر
أشار أيهم بيده كعلامة نصر أنه نجح في مضايقته ثم سأل في برود: أقصى حد للحبل عند كام؟!
فكر القائد قليلا ثم هتف: عند ألف وعشرين بتسأل ليه؟
لم يرد أيضا وذاك ما أشعل الغضب في أبدان القائد
ابتسم أيهم ابتسامة غامضه ثم سمع صوت القائد يقول بصوت عالي: استعد.... اقفز
وبدون لحظة تردد قفز من الطائرة عبر ذاك الارتفاع الشاهق وظل القائد يراقبه في حنق شديد بسبب كونه متعجرف بهذه الطريقة ثم ابتسم بخفة: بتضايق منك بس مش خسارة فيك اقول انك بارع .. لا وشجاع كمان ثم نظر للكاميرا التي بيده تظهر ملامح وجه أيهم فكان يكتسي الجمود ولا يبدو عليه قلق ابدا ويتمتم بكلمات غريبه حاول القائد جاهدا قراءة شفتاه ولكنه لم يستطع فهو لا يتقن كل اللغات باللهجات المختلفه التي يمتلكها أيهم الشاب الذي مازال في الرابعة والعشرون من عمره
بدأ أيهم في الهبوط وسط تلك البقعه البيضاء في أرض المعسكر .. لملم مظلته بهدوء ثم أغلق الفيلم عند تلك اللحظة !
التفت اللواء إلى مدير المخابرات قائلا في ذهول: مين ده؟!
المدير بابتسامة: ده أيهم استنى كمل دهشتك ده كان اليوم التالت له في التدريب
اللواء بعدم استيعاب من قوة صدمته بذاك الشاب ذو القوام الممشوق والوسامة الصارخة: ازاي ده نزل أحسن من اجدعها خبير..، ده إنسان؟
المدير: دي واحده من مميزاته
اللواء: تقريبا التصوير مش جديد فازاي هو بالبراعه دي
أعاد المدير رأسه للخلف بأريحية: فعلا التصوير مش حديث، التصوير من خمس سنين
اللواء: يجيد أي مهارات تانيه؟
قهقه المدير بصخب ثم اعتدل لتتقابل نظراتهم: أيهم ده ثروة قومية... ثم اكمل حديثه يهتف بجدية بالغة: بيتعامل مع كل الأسلحة بلا استثناء وكل الفنون القتالية حتى التايكوندو بيتعامل مع كل الأجهزة حتى اللي بالأشعة تحت الحمراء والاجهزة اللاسلكية متقن سبع لغات حيه بالإضافة لعشرة محلية
لم يستغرب فهو أخذ الصدمة منذ قليل فهتف متسائلا: بيعرف يتعامل مع الطيارات؟!
كانت ضحكات المدير التي تعالت فجأة هي الإجابة: والغواصات كمان
تشوق اللواء بشدة لمقابلة ذاك الشاب المذهل: ده فئات نادره؟!
المدير بلامبالاة وهو يمد له دفتر ضخم مليئ بإنجازات أيهم المستحيلة؛ بمهارة فائقة: مش بيحب اللقب ده بس هو اخده فعلا
اللواء بصدمة حقيقة: افندم؟ اومال بيحب ايه؟؟
المدير: تنين المخابرات المصرية .. اتفضل
اللواء اخد منه الملف وبعدها ابتسم: كان له سبقه، مهو اكيد مش مكمل
المدير بجدية: لا استغفر الله الكمال لله وحده.. فعلا مش بيحب التعامل مع الكائنات اللطيفة وفريقه دايما رجال وده عيبه الوحيد من بعد أول مهمه له كانت في مواجهة مافيا روسية
اللواء باستغراب: ليه؟
المدير: الله أعلم ليه... لما اتسأل من تلامذته على سبب كرهه للشغل مع السيدات رفض يفشي السبب واحتفظ بيه لنفسه حتى اليوم ده محدش يعرف أسبابه
اللواء باعجاب شديد ثم هتف بمكر: تحت الضغط؟
المدير بهدوء: أيهم مش زي ما انت فاكر هينطق عشان انا مديره لأ ابدا مفيش ضغط بيطلع من لسانه كلمه مش عايزها تطلع، عنده قدرة رهيبه على اللعب بعقل اللي أدامه كويس جدا وإقناعه بكذبه بيضا زي ما بيقولوا
اللواء بضحكه مرحة: تقريبا كده انا عجزت
شاركه المدير الضحك فحمحم اللواء قائلا: وهو فين؟!
المدير بتنهيدة طويله: اختفى !