رواية عصافير الغرام الجزء الثاني2 الفصل التاسع9بقلم تسنيم محمود


رواية عصافير الغرام الجزء الثاني2 الفصل التاسع9بقلم تسنيم محمود





اعتدل المدير في جلسته ونظر له بعمق ثم هتف: عثرنا على جاسوس إسباني إسرائيلي؟! مقيم في مصر من سبع سنين وقدر يصور مداخل خطيرة للبلد وسرقة حقيبة دبلوماسية؟ 
أيهم بتركيز واهتمام: وامتى كان موعد خروجه من البلد؟ 
اتنهد المدير بحنق: من أربع أيام بالضبط .. في زي عريس ! 
لتتضح جميع الخطوط أمام أعين أيهم الذي سيطرت عليه الصدمة وهو غير مصدق لما فهمه عقله بهذه الأثناء فأسرع يسأل بجنون: واللي اتجوزها اسمها ايه؟ يعرفها ازاي؟؟ اسمها غزل مصطفى؟؟؟ 
عم الصمت بعد قوله ذاك ونظراته المتحدية ونظرات المدير تحاول إخفاء الدهشة وذهوله من سرعة استجابته وذكاؤه وسرعة البديهة التي يتمتع بها ! 
اتنهد المدير: اتفضل نتمشى ونتكلم في التفاصيل 
أيهم وقف وخرج هو والمدير من مكتبه ومشيوا في طرقة من البلاط على جانبيها نجيله خضراء ذاهية وأيهم برضو كل تفكيره بيروح لغزل بدون إرادة منه بس مركز جدا مع كل حرف المدير بينطقه 
المدير: دي شنطة دبلوماسية يا أيهم؛ وأكيد انت مش محتاجني أوضحلك مدى خطورة الموقف.. يكون في علمك مهمتك الشنطة وبس ومش أي حاجة تانية؟!؟ 
بدأت الدنيا تلف وتدور بيه وهو حاسس انه معدش في وعيه من الصدمة .. عنيه مش شايفه غير الفراغ ونظرات المدير بتستفهم حالته أو بمعنى أوضح بتستفهم منين عرف اسم البنت اللي يبدو أنها انضحك عليها لكن هو دلوقتي ملوش أدنى علاقة بالبنت أهم حاجة الشنطة وبس وإلا هيشيلوه من منصبه؛ أهم حاجة الدولة متتأثرش بأي شكل من الأشكال فبالتالي مش هيفكر في البنت ! 
رفع أيهم رأسه مبتسما وكأن شيء لم يكن مما جعل الصدمة تحلق على ثنيات وجه المدير: انا عارف الكلام ده كويس اوي ومش منتظر توضيح .. إنما سؤال بيتردد جوايا دلوقتي؟ 
المدير بتنهيدة: اسأل؟؟ 
أيهم: قولتلي يكون في علمك؟! وقبلها قولتلي انك مش محتاج توضحلي... فأنا أفهم ايه من التنقد ده؟ 
المدير بضيق: افهم اللي تفهمه يا أيهم احنا مش هنهرج الشنطة أهم حاجة لازم يكون كل تركيزك عليها 
أيهم بتحدي: وليه المعلومات المسروقة تكون كل هدفي؟ ليه مش البنت؟ 
المدير: هعمل ايه انا بالبنت؟ احنا داخل جهاز مخابرات لو سعادتك لسه فاكر؛ يعني الحاجات اللي اتسرقت دي ممكن تهد البلد فوق دماغنا؛ وبعدين من امتى يا سيادة المقدم بتهتم بواحده بالشكل ده؟؟ 
أيهم بقهقة: من نفس اللحظة اللي سعادتك اجبرتني ولا كنت مسميه ايه حضرتك اه اه لويت دراعي علشان سيادة الملازم تطلع معايا مهمه كانت صعوبتها انا نفسي متخيلتهاش في أبشع كوابيسي ! 
نظر له المدير بغضب: سعادتك بتهددني ولا ايه؟ بطل تنكش في القديم؛ انت كان لازم تحس انهم طبيعيين جدا وطبيعي في أي لحظة تتحط تحت ضغط عملهم معاك.. ولا عند سعادتك رأي تاني؟؟ 
أيهم ابتسم: معقوله كل ده ومتعرفنيش يا سيادة المدير؟ أنا أيهم اللي مبهددش؛ أيهم اللي اديتوله كارت أحمر انا وسعادتك أعلم عطيتهولي ليه؟!! 
المدير بحنق وضيق شديد: كنت عارف ان الكلام معاك مش هيودي ولا هيجيب؛ افتكر يا أيهم اني المدير بتاعك ومش بلعب معاك 
أيهم ببرود: وهو حضرتك شايفني جاي بكرة كفر وبقولك هنلعب شوت؟! 
المدير بحدة: مش موضوعنا؛ الضابط اللي دخل حدود البلد وقعد فيها حوالي 7 سنين من أخطر ضباط جهاز المخابرات الإسرائيلي .. 
أيهم باندماج وبطل تهريج وتحدي وانخرط في شغله وحتى لو المدير كلفه بالشنطة بس فهتكون مهمته الشنطة وبس ومش أي حاجة تانية!! حبيبته اختارت وهو طبيعي مش عايش حياته علشان يصحح أخطاء الكل: اومال إسباني الجنسية ازاي؟؟ 
المدير: والدته إسرائيلية كانت متجوزه إسباني وبعد وفاته انقلبت الآية وبقى الضابط عدو لجهاز المخابرات الإسباني لما ضغطوا عليه بطريقة غير مباشرة؛ لكن ذكائه اسعفه واخدها من قصيرها وبقى تابع لجهاز الاستخبارات العامة الإسرائيلية 
أيهم: تمام اوي .. 
المدير: أول سؤال انت وجهتهولي لما دخلت .. البنت اسمها ايه؟ يعرفها ازاي؟ صح كده؟! 
أيهم بابتسامة لعوبه: استبعدت الشك في شخصية البنت ليه؟؟ مش جايز يكون ليها ايد؟؟ 
علم المدير لهجته التي توحي بالمكر الشديد وخبثه الغير منتهي وأنه يتحدث بهذا المنطق ليجرجر لسانه بالكلام حتى يؤكد صدق حديثه فأطلق تنهيدة طويله ثم هتف: البنت أضعف بكتير من أنها تخون؛ دي غلبانه ملهاش ف الطور ولا ف الطحين؛ كانت من سكان الأماكن الشعبية بت فقيره بتشتغل مهندسة في شركة المقاولات التابعة ليكم ! لحد ما ربنا كرمها وقدرت تخرج من الحارة لشقة في أكتوبر؛ وهناك قابلته والظاهر أنه رسم عليها دور العاشق واتجوزوا 
اتنفس أيهم بقهر وأغمض عيناه حتى يستطيع الصمود والسيطرة على أعصابه التالفة... لتاني مره يتحط في نفس الاختبار ويختار البلد على حساب اللي بيحبها؛ ياترى غزل هتضيع منه هي كمان؟! هو اصلا عنده استعداد يتجوزها بعدما اتجوزت؟.. عنده استعداد يرجع يحبها زي الأول؟.. عنده نفس وطولة بال يدي نفسه فرصة يشوف غزل مجنونته معشوقته ملازه الآمن؟! هيدي نفسه فرصة يشوف تايمة البريئة بتاعته اللي هي مملكته ولا خلاص براءتها اختفت؟ طالما اتجوزت غيره؟؟ 
اختبار أصعب مما كان يتخيل؛ ضحى بالأولى بس إلا غزل مش هيقدر، مش هيقدر يضحي بيها؛ عقله مش بيدي فرصة لقلبه ينعش احساسه من ناحيتها مره تاني إلا أن عقله بيسيطر ويقوله انك مش هتستحمل تتجوزها متجوزه قبلك؛ يبقى دلوقتي مفيش طريق تسلكه غير انك تسمع كلام المدير وتنقذ البلد وترجع الشنطة وغزل بكرا ترجع لبيتها وحياتها ! 
المدير: معلوماتنا بتقول انه مش هيفضل مقيم في إسبانيا كتير؛ كلها يومين أو تلاته بالكتير ويرجع لإسرائيل
أيهم بتنهيدة مريره مصحوبه بالحنق والحزن العميق: تمام؛ امتى موعد سفري؟؟ 
المدير: محددتش لسه؛ طبعا يا أيهم عارف انك اتهلكت وتعبت مقدر موقفك وتعبك حقيقي، ومش أي حد يستحمل كل المهام تكون بالصعوبة دي وجايز يكون كل اللي بيدور في عقل حمزة باشا اني ضاغط عليك؛ لكن لولا انك كفء وانا وكل الأكاديمية اتعودنا منك على شجاعتك مكنتش هفكر مجرد تفكير فيك؛ غير كده قوتك دي وعدم خوفك من أي شيء بيدفعني كل مره اني اخليك تواجه أصعب المهام؛ المهمة دي رفضت اسندها لأي حد غيرك لأن مفيش حد جدير بأنه يفوز بيها غيرك.. لياقتك البدنية لباقتك في الحديث بإتقان للغتين دافع قوي انك الوحيد اللي هتقدر تنجح ببراعة زي ما اتعودت عليك 
أيهم بيسمع الكلام ده كله بملل مريب وضيق شديد: ربنا يقدرنا على فعل ما بوسعنا؛ ده واجبنا وبس تجاه بلدنا 
المدير بابتسامة: يلا يا بطل بكره بإذن الله ترجع لفريقك مستنيكنك بفارغ الصبر.. بكرا هترجع تدربهم وأول معلومة توصلني هبلغك 
رفع أيهم يده بتحية عسكرية معتادة ثم خرج من المبنى بسرعة البرق .. أخرج هاتفه ليطلب عدي حتى جاءه رده بعد ثوان: لزقت عندك ولا ايه؟؟ 
عدي: انت فين اتأخرت؟ 
أيهم: في العربية هات أيهم وانجز .. قفل الخط ثم ظل لبرهة قليلة ينظر للاشيء وعيونه تلمع بحزن عميق 
........... 
في فيلا العسيلي 
جلسا على طاولة بيضاء في حديقة الفيلا أمام حمام السباحة يتحدثا سويا 
همس بضيق: تاني يا حمزة نفس الموضوع؟؟ 
حمزة باستنكار: ليه مضايقك اوي كده؟! 
همس باستنكار مماثل: انت شايف انه ميضايقش؟ الموضوع عادي بالنسبالك؟ 
حمزة: طبيعي جدا يا همس؛ الست جالها انهيار عصبي حاد وشلل نصفي يعني أكيد مبتقدرش تخدم نفسها حتى 
همس بغيظ: واحنا مالنا؟! بنتها غلطت ودلوقتي بتتعاقب؛ شيء مفروغ منه ميخصناش اصلا؛ فليه شاغل بالك للدرجة دي؟ 
حمزة بذهول: وانتي من امتى بتفكري في نفسك بالطريقة دي؟ 
همس: مبفكرش ف نفسي يا حمزة؛ وانت عارف كده كويس لكن يظهر ان انت اللي مش عايز تفهم وجهة نظري .. 
حمزة: وجهة نظر ايه هااه؟ بقولك مريضه يا همس مريضه بتنازع الموت وتقوليلي بنتها بتتعاقب؟؟ 
همس: أعمل ايه يعني؟ اقولك روح أفرج عن بنتها مثلا؟ هو السجن ده بتاع أبويا؟؟ 
حمزة بغضب: انتي ازاي بتتكلمي كده؟ أنا غلطان اصلا اني فكرت ادخل في نقاش مع طفلة زيك.. عن إذنك 
قام مشي وهي قعدت مكانها بتبص لطيفه بغيظ وهي نفسها تضربه هو عايز يعمل ايه؟؟ عايز الحكم يخف عن ميار؟! عايزها ترجع لوالدتها؟ بحجة أنها مريضه وبتصارع الموت؟ هو ده اللي عايز يعمله؟ في الف فكرة وفكرة ممكن يساعدها بيها غير أنها تخرج من الحبس !! 
دلف أيهم وصغيره الذي مازال يحدثه كثيرا ولكن أيهم لم يكن بكامل تركيزه مع الحديث فقط يبتسم له ويحاول مداعبته حتى لا يشعر بأنه بعيد عنه تماما 

الساعة دقت 12 بالليل وأيهم في شقته بيشرب الخمرة والسجاير زي المجنون... عايز ينسى حتى اسمه؛ لحد ما سكر خالص واغم عليه من كتر الشرب 

تاني يوم رجع الفيلا الصبح بدري والكل كان نايم فدخل اوضته وقعد في تراس الغرفة على الكرسي الدائري الذي يتوسطها وهو بيتنفس دخان سيجارته المسمم .. بيسحب منها نفس طويل ويخرجه كله مره تانيه وهو مش شايف ادامه غير صورتها .. ضحكتها .. طفولتها .. صراخ الفرحة اللي بيطلع منها لم بيعملها مفاجأة بسيطة؛ كل شئ فيها وحشه بس دلوقتي خلاص مبقتش بتاعته؛ كل ده راح لحد تاني.. كل الحب اللي كان بيفيض من عنيها بقى ملك حد تاني؛ ملكش حتى الحق انك تمسك ايدها تعديها من على الكبري المكسور قبل حارتها؛ ملكش حق انك تاخدها في حضنك لما بتتعب وتجيلها الحالة؛ حتى مفيش صدفة هتجمعكم؛ ولو صنت عشرة التلات سنين اللي ما بينكم وانقذتها ورجعتها مصر؛ ياترى قلبي هيقبلها مره تاني؟ ياترى انا هقدر اتجوزها وأجيب منها أطفال أو حتى أن شالله كلاب لولو..؟ ولا هحس الموضوع صعب عليا؟ 
حمزة: تاني رجعت تشرب القرف ده؟ انت ايه مبتشبعش؟
أيهم بواقعية: انا مبتطلتش اصلا .. 
حمزة بضيق مغلف بالغضب الشديد: وبعدين معاك بقى؟!؟ انت ايه؟؟ مش هتبطل القرف اللي غرقان فيه ده؟ 
نفخ دخان سيجارته في الهواء ثم غمس ما تبقى بالطفاية وأخرج أخرى يشعلها باندماج: يا برنس انا مرتاح كده .. متخافش عليا وانا هبقى زي الفل ! 
حمزة بغضب: قولي بتفهم بأي لغة وانا اكلمك بيها؛ سيب القرف ده من ايدك وكلمني؟! 
أيهم بهدوء ساب السيجاره وبصله واتكلم بكل بساطة: حمزة يا حبيبي هدي نفسك؛ دي سيجارة... دخان مش أكتر..! 
كان خارج فمسك حمزة ايده بغضب ولفه ناحيته: استنى هنا؛ عايز تثبت لنفسك ايه؟! انك كده كويس؟؟ 
أيهم بابتسامة موجوعه مقدرش يخبيها عن أخوه اللي ملاحظ تعبه بوضوح وضيقه وأنه ماسك نفسه قبل ما ينهار..: اه كويس؛ وكويس اوي كمان .. مالك يا حمزة محسسني إنها أول مره؟؟ 
حمزة: ولما هي مش أول مره؛ عامل في نفسك كل ده ليه؟ 
أيهم: معملتش حاجه؛ بس رجعت زي ما انا لأني اكتشفت اني مينفعش اتغير... أبسط شيء علشان شغلي 
حمزة باستنكار: شغلك؟! ولا اكتشفت ان الحياة صعبة من غير اللي بتحبها فبتحاول تهرب؟؟ 
أيهم بتنهيدة: مبهربش يا حمزة ومش أنا اللي يهرب علشان واحده اختارت تعيش حياتها على حساب قلبي.. مش كنت بتنصحني أعيش حياتي وانسى أوجاعي؟ أهي هي دي حياتي؟ 
حمزة بيأس: غبي وهتفضل طول عمرك غبي.؛ خلاص انا معاك هي اختارت تعيش حياتها وأنتهى الموضوع؛ ليه رجعت بالسوء ده؟؟ معندكش إجابة صح؟ صدقني مبتخسرش حاجة غير دنيتك ودينك وحط مية خط تحت كلمة دينك دي؛ قولي يا أيهم دينك سمحلك تعمل اللي بتعمله؟ انت غرقان في دوامة أحزان بتأثر على كل حاجه؛ اللي جاي واللي هييجي؛ وحتى الموت.. مفكرتش مره لو مت وانت على معصية هتقابل ربنا بأي وش؟؟ قولتلك الكلام ده بدل المره ألف وكل مره بنرجع من الصفر وكأننا بننفخ في قربه مقطوعة؛ النفس بيخلص وهي مبتتأثرش؛ بالضبط ده حالك 
أيهم: اوك يا حمزة انا حالي مقلوب... خلاص اشطا عارف
حمزة بغضب: هتفضل لامتى متجاهل حقيقة قرف'ك ووسا'ختك؟؟ 
ضحك أيهم واتجه ناحية غرفة الملابس يخرج ملابسه الرياضية بعناية مستعدا لممارسة رياضة الجري: حاضر هبطل متتعصبش بس وهدي نفسك؛ إلا صحيح قولي عملت ايه مع السكرتيره؟ 
ترك حمزة غرفته بعدم اكتراث لحديثه السخيف وهو يشعر وكأن القهر ينهش بأوصاله 
ارتدى ملابسه وقام بوضع الهاند فري مستمعا للموسيقى الحماسية التي ظن أنها تستطيع قتل تفكيره وإلا سيجن جنونه من عدم توقف عقله عن التفكير؛ وضع قبعة السويت شيرت وخرج من غرفته ليجد أيهم ابن أخيه ينظر له بعدم رضا وهو لا يختلف عن زيه الكثير فضحك: ايه اللي عامله في نفسك ده؟ 
أيهم بامتعاض: ماذا؟ أ تظن اني سأتركك؟ 
نزل لمستواه يعدل من ملابسه بحب: حد بيلبس كده..؟ 
........... 
بإسبانيا 
كانت تجلس بالغرفة يؤنسها دمعها المقهور على حالتها وهي لا تعلم أين ذهب ذلك المدعو إيثان... فوضعت الهاند فري وأغمضت عينيها تستمع إلى آيات القرآن الكريم حتى أنها لم تسمع صوت الطرقات بخارج الغرفة 
إيثان بابتسامة: صباح الخير؟ 
غزل: ______ 
إيثان باستغراب وهو يقترب منها فهزها بخفة ففتحت عيناها بفزع: غزل؛ حبيبي انتي مش سمعاني؟! 
قفذت عن السرير قائله بصراخ: ابعد عني متلمسنيش 
ابتعد عنها وهو يشعر بالفزع من حالتها تلك: اهدي طيب اهدي مش هلمسك 
بقيت تطالعه وهي مازالت تقف على السرير بغضب واستفهام يحتاج لتبرير لما فعل هذا؛ امتعاض من تصرفاته الغير مفهومه بالمره.. 
إيثان بابتسامة حنونه: تمام كده؟! 
غزل بغضب حارق وتحدثت كالمجنونة: انت عايز مني ايه؟ 
إيثان بنفس الابتسامة الهادئة: والله هقولك... انتي كل اللي عليكي اهدي وتعالي نتغدى اوك؟ 
غزل بغيظ: ملكش دعوه بيا ولا بأكلي 
إيثان بحب: يعني ممكن نتكلم عادي؟! 
غزل: انت عايز ايه؟؟! خطفتني من مصر ليه؟ 
إيثان بضحك: خطفتك ايه؟ احنا اتجوزنا زي اي اتنين متجوزين ! 
غزل بغضب: انت يهودي كافر... متجوزليش؛ مينفعش اتجوزك.. انت حتى لو مصري عربي وأخر إنسان ع الكوكب مش هتجوزك لأنك كداب ومنافق 
إيثان بابتسامة بارده: تؤتؤ اليهودي مش كافر.. اليهودي من أهل الكتاب .. يجوز 
غزل بغيظ وغضب جحيمي: يجوز ازاي؟؟! انت مجنون؟ ايه اللي يطمن في انكم هتتقوا الله فينا وانتو اصلا متعرفوش ربنا؟ 
إيثان بتعجب: القصد؟! 
غزل: ربنا بيقولكم اقتلوا الناس بدون وعي؟ ربنا بيقولكم اشربوا الخمور؟ اغتصبوا البنات؟ 
إيثان بنفس الاستغراب والدهشة: واحنا عملنا كده امتى؟؟ 
غزل بنرفزة: اومال الفلسطينين دول ايه هااه؟! مش بشر؟ مين بيقتلهم ويشتت شملهم ويشردهم ويسفك دمهم ويحرق بيوتهم ويدنس عرضهم؟ ما ترد؟؟ 
إيثان: احنا مبنعملش كده أبدا يا غزل؛ انتو فاهمين منطقنا غلط.. 
غزل بسخرية: بجد والله؟؟ ممكن دليل بسيط اد كده هو ( أشارت له بسبابتها وإبهامها ). أن ليكم الحق تقتلوا نفوس بريئه ملهاش ذنب في انكم عنصريين متحكمين؟
إيثان بسرعة: لالالا اليهودي مش عنصري ولا متحكم.. اليهودي عنده مبدؤه الخاص وهو أنه استحالة يسيب حقه لأي دخيل أو معتدي.. لكن انتو كشعوب عربية اتعودتوا انكم تطمعوا 
غزل باستنكار ورفعة حاجب: انت مقتنع بصدق كلامك؟
إيثان بابتسامة: طبعا يا حبيبي لأني لو مش مقتنع مكنتش هقوله 
غزل: طب تمام احنا طماعين اتجوزتني ليه؟؟ عايز مني ايه؟ 
إيثان بحب: علشان حبيتك يا غزل؛ انا حاسس ان حبك لعنة وصابتني..، ولازم ولابد هنكمل حياتنا سوا 
غزل بصراخ وبكاء هستيري: حياتنا ايه اللي نكملها انت مش ممكن تكون إنسان طبيعي؛ قولتلك حرام حراااااام أفهم بقى.. جوازنا ده ملوش اصل ولا فصل؟ رجعني مصر ! 
قهقه إيثان بصوته كله: واتجنن انا بحبك؟ احنا هنفضل هنا عمرنا كله .. هنقضي حياتنا سوا بكل حب 
غادر الغرفة فوقعت هي على السرير مكمله رحلة عذابها وتألمها في صمت وهي تتذكر حالها منذ تركها لحبيب قلبها وكيف كانت أيامها بصحبته 
............. 
حالة من الحماس والشغف مشتعلة بنفوس أولئك طلاب كلية الشرطة الجدد وهم يستفسرون عن الاسطورة الذي طوال فترة دراستهم يتمنون رؤيته يستمتعون عند ذكر لقبه فقط بحديث على الألسن لأنهم وأخيرا وجدوا من يجيبهم عن أسئلتهم ليطفئ حماسهم هذا أو يقلله بعض الشيء .. الأسئلة تتردد من لسان كل شخص وكل واحد من الحضور في الصالة الضخمة التي شملت أكثر من 10000 طالب وقائد ولواءات وضباط من كل الفئات يتحدثون عنه؛ يتهامسون بإنجازاته 
المدير بخفوت: فين أيهم يا جاسم؟! 
جاسم: أيهم مبيتأخرش فاضل على ميعاده سبع دقايق 
المدير: اوك... اتفضل القي كلمة قبل دخوله 
جاسم: علم وينفذ سعادتك .. وقف جاسم على المسرح ليكن في مواجهة هذا الجمهور الحافل بنظرات الحماس المتزايد والشغف الامتناهي ليبدأ بإلقاء كلمته محيي الكل ثم بدأ يسرد حديثه عن صديق عمره ويتلقى أسئلتهم بهدوء وابتسامة الفخر تزين وجهه فهو أيضا صديق مخلص غير أناني بالمره 
لف الصمت القاعة بعد سؤال سُطر ليجعل الكل منصت في اهتمام ولمعة الإعجاب بهذا السؤال التي كانت تلمع بأعينهم واحدا تلو الأخر نقلهم من جو الملل والأسئلة المعتادة إلى جو مشحون بالاثارة والجنون والتطلع إلى إجابته 
" لقد سمعنا أن مهارات سيادة المقدم كانت في مثابة مستحيلة فهل دفعه هذا للتغلب على أخطر أجهزة المخابرات على مستوى العالم حقا طبقا لما سمعته آذاننا .. أم أن ما طرق الأذان والأذهان مجرد تقوية لإسمه وسمعته " 
تبسم جاسم بسمة عريضة ثم هتف متسائلا: ممكن مجاوبش؟
تعالت الأصوات معلنه عن الرفض القاطع والكل يطالب بأهمية إصداره للإجابة فورا والمدير يطالعه ببسمة فهو يعلم أن طبعه المرح لن يغيره الزمن أبدا 
جاسم: هنستفيد ايه لو اللي سمعته اذانكم مجرد تقوية لإسمه وسمعته؟؟ 
فكان كل ما سيطر على الوجوه هو معالم الصدمة عندما أخبرهم بطريقة مبطنه أن ما سمعوه صحيح لا يحتمل الخطأ أبدا 
ثم ما لبث أن سلطت الأضواء على الباب عقب دخول أيهم كالوحش بثقته في نفسه الا متناهيه مما جعل جميع الأعين تراقبه في ذهول وصمت يحلق على أفواههم وهو غير عابئا بهم ولا بنظراتهم أبدا... لقد اعتاد على أمثالهم ! 
ولكن هناك نظرات حاقده تتمنى تفجيره وتفجير غروره ذاك .. 
جاسم بفخر: أقدملكم سيادة المقدم أيهم العسيلي.. ولا اقول يا تنين؟؟ 
المدير مؤيدا رأي جاسم: ايوا صحيح... تحب اناديك ب ايه؟ 
أيهم ابتسم ابتسامة خفيفة حتى ما ظهرتش أسنانه متحدثا بخفوت: أيهم بس ! 
حلقت الصدمة ثنايا وجه المدير فلمس يده دون أن يرى أحدهم: جسمك مش سخن؟؟ 
كادت تنفلت ضحكاته المهلكة إلا أنه استطاع كبتها فحمحم قائلا بهدوء: النظرات علينا 
جاسم بغتاته: متعرفش تيجي دقيقة بدري عن ميعادك؟ 
أيهم بامتعاض: هعرفك عليا من جديد حاضر 
كفوا عن الهزار والضحك وبدأ أيهم بصعود المنصة يلقي كلمته بهذا الحفل الذي صنع خصيصا لأجله... ليتم تكريمه 
حضر الحفل حمزة وهمس .. عدي وفاطمة .. سامر وشذا الذين كانت ابتسامة الفخر تزين وجههم كلهم 
شذا: يخرب بيته موز 
سامر بصدمة: نعم نعم يا روحي؛ ماله؟؟ 
شذا بعدم اكتراث: لا يا معلم لقيتك مش منتبهلي قولت ألفت نظرك ولا حاجه؟؟ 
سامر بغيظ: غوري يا شذا.. اتقلبي بعيد عني 
شذا بغتاته: الااااا قاعدة على قلبك ومربعه 

نظر لها عدي مطولا ثم أردف بحب وهو يرى معالم الضيق تعلو قسمات وجهها: حبيبي مالك؟ 
فاطمة: افتكرت غزل ! 
اتنهد عدي بضيق فشل في كبته: دلوقتي ترجع 
فاطمة بصتله شويه ومسألتش سكتت وهي عارفه انه مضايق ومخنوق أكتر منها؛ هي بتحس انه علاقته بأيهم مش مجرد صداقه أو صحوبية والسلام؛ كأنهم روح وحده؛ نفس الجنون نفس التفكير الخبيث نفس المهارة كل شيء واحد كأنهم فوله واتقسمت نصفين متماثلين
عدي: سكتي ليه؟! غزل أكيد حياتها أحسن هي لقت اللي يحبها ويقدرها ودلوقتي تعيش حياتها معاه وهتنسى؛ ولما يتقابلوا صدفة هيضحكوا على أيامهم سوا
رفعت حاجبها مستنكره حديثه: انت بجد متأكد من كلامك ده؟؟ 
عدي بابتسامة جذابة: بصراحة مش متأكد اوي 
فاطمة بصتله وبعدها بصت لأيهم اللي بيتكلم مع مديره ومجموعة من اللواءات قبل أن يقف ليلقي كلمته التي انتظرها كل واحد بالحفل: هو بيحبها؟ 
عدي بتنهيدة: مشكلته أنه محبهاش؛ اتجنن بحبها ودلوقتي بيتألم بسبب فراقها 
فاطمة باستنكار ورفعة حاجب: افندم؟ متبررش لصاحبك موقفه يا عدي؛ مين بيحب حد يعمل فيه كده؟! والأدهى من كدا تفريطه فيها وصعبان عليكم؟ 
عدي: حبيبي انا .. مببررش موقفه؛ غير كده أيهم مبيحبش يشوف نظرة عطف أو أنه صعبان علينا زي ما بتقولي أبدا؛ بالنسبالة قتل قتيل ولا أنه يشوف النظرة دي في عيون حد؛ لكن انا هبررله موقفه ليه؟ دي حياته وهو حر فيها .. اه هي صاحبتك بس دلوقتي حياتها اتغيرت لما اتجوزت واحد بيحبها .. كذلك هو صاحبي لا مش صاحبي هو بالنسبالي كل حاجه زي ما انا بالنسباله كل حاجه؛ لما مكنش في حد في حياتي كان أول واحد اشاركه همي ولجأتله بدون ما أفكر.. وطبيعي ... 
فاطمة باقتضاب من نفسها انها ضايقته حتى لحظة فرحه: عدي انا آسفه متزعلش مني... مقصدش اضايقك والله 
عدي بحب: قلب عدي دي ولا ايه؟؟ 
فاطمة: اتلم احنا مش في بيتنا 

انطفت جميع الأنوار ليندمج الكل وتبقى أنظارهم كلهم مسلطة على الضوء الذي أضاء المسرح فحسب على هذا الوسيم ذو الجسم الممشوق والعضلات المفتوله ليبدأ بالتحدث لبرهة قليلة حتى أنه توقف فتوقفت معه قلوبهم أجمع... ليكمل حديثه قائلا: انا هنا النهاردا مش جاي اتكلم عن نجاحي أو نجاح حد واسرد ليكم سطور انكتبتلي؛ وحفلات التكريم دي سيادة المدير أعلم بيا أنها مبتدخلش مزاجي لأني مبحبش أكون البطل في نظرات حد؛ انا بأدي عملي لأني خضت حرب علشان أكون في المكان ده دلوقتي لحبي الشديد في المجال ومش علشان أقف قدامكم احكي عن نجاحي أو اسرد قصة قصيرة كانت سبب في وجودي في المكان ده؛ إنما السبب اللي جابني هنا واني واقف وسطكم دلوقتي اني عايز أعرف سبب تعلقكم الشديد بإنسان درستوا عنه في الكتب بس..؛ شخصية جوا كتاب اتعلقتوا بيها لكونها لسه على قيد الحياة؛ منكم عايز يسمع مني شخصيا عن تجاربي في كلية الشرطة ومنكم عايز يستفسر عن حياتي الخاصة ومنكم شايف أسطورة عالمه .. إنما أنا مش جاي محفز ولا انا من تبع التنمية البشرية علشان ادي دفعة أمامية؛ ده حقيقي حصل وانا واقف معاكم لأني منكم؛ لكن الشيء المختلف اني فعلا أسطورة مجالي؛ سبق وقلت اني مش جاي علشان انعش آمالكم وأحفز روحكم المعنوية احنا في كلية قاسية مفهاش دلع وطبطبه... واللي عنده استفسار يتفضل انا بنفسي معنديش مانع أجاوبكم على أي أسئلة حابين تعرفوا اجابتها؛ لأن الوقت ده انا خصصته ليكم 

الكل مذهول منه ومن لباقة حديثه حتى لو اشتمل على غرور أو كبر هم كانوا متوقعين ايه؟ لكن مش دي غايتهم؛ هم غايتهم وهدفهم الوحيد شخصيته اللي يظهر أنها شخصية صارمه جدا مبتهزرش؛ ده بخلان عليهم بالكلمة الحلوة .. بخلان عليهم بكلمة تحمسهم؟؟ 
بدأت الأسئلة بسؤال أحد الطلاب الذي مازال بالسنة الأولى يسأل بارتعاش وارتباك ملحوظ: كنت شايف نفسك .. احم في مجال غير المخابرات؟ 
أيهم ببرود واختصار قصري للإجابة: لأ ! 
طالب أخر: هل كلية الشرطة بتكون ضغط على الطلبه الجدد؛ بالنسبة لأنهم بينتقلوا من حياة الرفاهية إلى حياة صارمة قاسية ولا بيكون فيما بعد التعود عليها سهل؟ 
أيهم: تواجد الطلاب فى أكاديمية الشرطة يبدأ بفترة الـ45 يوماً الأولى التى تعتبر هى الأصعب على أى طالب، فهو ينتقل فيها من مواطن عادى إلى شخص ملتزم بقواعد " الميرى " والتى يبدأ من خلالها إكساب الطلاب المهارات وتدعيم انتمائهم لوطنهم وولائهم للمنظومة الأمنية، وبالتالى فإن فترة البداية تكون قاسية نسبياً على الطالب، ولكن يكون هدفها إخراجه من حياة الحرية المدنية دون ضغط ومواعيد والتزام إلى حياة ملتزمة وصارمة؛ لأن طبيعة عمل  الضباط شاقة، ولابد أن يتم تدريب الطالب منذ اليوم الأول على تحمل الضغوط أيا كان مصدرها، ويبدأ الطالب فترته فى الكلية بالتزامه بمواعيد النوم والاستيقاظ وحضور طابور وتمرينات الصباح بهدف تنشيط الدورة الدموية للطلاب والحفاظ على أعلى لياقة ممكنة لهم، ويتم ذلك بشكل تدريجى تصاعدى بداية من الفرقة الأولى حتى الفرقة الرابعة، لكن هذا لا يعنى أن حياة الطلاب فى الأكاديمية وكأنهم فى معتقل أو سجن كما يتصور البعض، ولكنها قد تكون شاقة نسبيا على الشخص المدنى، وهذا طبيعى لتأهيل الطالب للعمل فى ظروف شاقة فى مختلف الأماكن، والطلاب لا يتعرضون للإهانات كما يشيع البعض .. فكلنا هنا نعمل من أجل الحفاظ على القانون الذى يطبق على الجميع، والطلاب كلهم سواسية ومن يخالف القانون يتعرض للعقاب، إضافة إلى أننا جميعا نعيش معا فى نفس المكان .. ونأكل الأكل نفسه .. ونقوم بنفس التمرينات الواجبة علينا، بداية من رئيس الأكاديمية حتى كل صف التدريس والإشراف، والمطلوب هنا هو تخريج ضابط ملتزم يعرف معنى الواجب ولا يقصّر فيه أبدا... بالإضافة إلى أن أكيد السبب اللي دفعه لدخوله كلية الشرطة هيحببه فيها بالرغم من صعوبة الموقف وأعمال الضباط الشاقة؛ لأنه هو اللي اختار ومش مجبر على أنه يكون في مكان بدون ارادته 

صقف جاسم واتبع ذلك بصفير ليعلو من بعده صوت تصقيف القاعة بأكملها ووقوف الكل بتحية عسكرية مرموقه لهذا الوحش الثائر 

حمزة بابتسامة وهو بيحضن أخوه اللي جري عليه أول واحد وكأنه مش مجرد أخ عزيز..؛ لا هو كل شيء؛ هو سندي وضهري زي ما انا بالنسبالة مقلتش قدرا عن ذلك: مبارك يا أيهم.. ألف مبروك يا سيادة المقدم 
ابتسم أيهم بفرحة: مقدم ايه؟! انا أيهم ابنك اوعى تنساني؟ 
همس بمشاكسة: طب ايه طيب؟! ده جوزي انا على فكرة
خبط أيهم كفيه ببعضهم بنفاذ صبر: هو حضرتك شيفاني السائحة ولا حاجه؟! 
.....: هل لي أن أخذ من وقتك ثوان مسيو حمزة؟! 
التفت حمزة لمصدر الصوت ليرى ابنة اللواء فتبسم بهدوء: بالطبع تفضلي؟ 
همس بغيظ وهي تنظر لزوجها الذي اندمج مع البنت ولكنها ابتسمت عندما أحرجها حمزة وجعلها تغادر مكانها على الفور بعدما وقع على إحدى أوراقها: بس بقى اسكت متفكرنيش 
حمزة بتوجس: سائحة ايه لامؤاخذه؟! 
همس بضيق: السائحة ياخويا اللي كانت عيزاك تشرحلها خريطة حلاوتك أصلها كانت تايهة؟! 
قهقه أيهم وحمزة بصخب: يخرب عقلك؛ انا قولت تلاقي الذاكرة عندك ضعيفه 
همس بزعل: ع العموم ألف مبروك يا سيادة المقدم 
أيهم: لأ ياختي سيادة مقدم ايه؟ أنا أيهم تمام؟؟ 
همس بضحكه جميلة: اشطا وماله .. لكن هناك لون أزرق تحول للأسود القاتم ! 
أيهم وهو بيوزع نظراته بينهم: ايه النظرات دي يا حمزة بيه؟
حمزة ضربه على ضهره وجز على أسنانه مما جعل أيهم سيسقط من شدة الضحك: اخرس 
صغيره بسعادة عندما حمله عمه إلى صدره: ما الذي عليّ قوله الآن يا أبي؟ 
ضحك أيهم وقبل جبينه بحنان: congratulations 
همس بضيق: هتنسوه اللغة ياعم... قول لعمو مبروك يا حبيبي 
هز الصغير رأسه نافيا: لم يخبرني صاحبي بأن عليّ قول ذاك 
حمزة: لغتنا أجمل يا أيهم؛ دي لغة القرآن الكريم.. ولما تتكلم بيها أكتر تسهل عليك حفظ الآيات أكتر 
الصغير مستفهما: أ حقا؟! 
هز حمزة رأسه مبتسما بتأكيد فنظر الطفل لعمه الذي ابتسم له مؤيدا رأي أخيه: بالطبع 
عدي: سلموا دا احنا حتى قرايب؟ 
سامر: يابني احنا ولاد البطة السودا مش اد المقام؟ 
حمزة باستنكار: هو مين اللي يبارك لمين؟ 
أيهم: انا اللي هبارك فوق دماغهم 
عدي: حقود ياباااي؟ 
شذا بابتسامة: أيهم؟ الف مبروك... من نجاح لنجاح بإذن الله 
أيهم بابتسامة جذابة: الله يبارك فيكي يا زوزه 
سامر بغيظ: ما تتلم بقى ياعم التقيل؟ ولا هو عشان مغسل وضامن جنة هتسوق فيها؟ 
أيهم ضحك: نيتك هي اللي سودا؛ يابني شذا دي كانت صديقة طفولة من قبل ما انت تشوفها اصلا؟ 
وضع سامر يده على كتف شذا بتملك متحدث بكل برود: وخلاص ياخويا قفلنا ع الموضوع وشفتها؟؟ 
أيهم بعدم اكتراث: اولعوا ياخويا؛ في داهية  
فاطمة باقتضاب وتكشيرة: مبروك يا سيادة المقدم.. ألف مبروك 
أيهم باستغراب: الله يبارك فيكي 
فاطمة بدون نفس: مستغرب كدا ليه؟!؟ 
أيهم بنفس الاستغراب والدهشة: هو فيه بينا كلاش لامؤاخذه؟
فاطمة بغيظ: لأ العفو 
أيهم استغرب تاني برضو: اومال ضاربه في وشي بوز تسعة ونص متر كده ليه؟ 
فاطمة وهي تضغط على أسنانها بغيظ: مودي كده؟! 
عدي: خلاص كفاية نقار لحد كده 
همس بهدوء وصوت هامس: كفايه يا فاطمة هو كمان مضايق مش شيفاه عامل ازاي؟؟ 
فاطمة بغيظ ونفس الهمس: هو اللي زي ده بيعرف يضايق؟؟ 
أيهم بضيق شديد من نظراتها ليه اللي مش شايف فيهم غير احتقار وبس وعنيه مركزة مع كل حرف شفايفها بتهمس بيه: هي البتاعة دي مش ناويه تخلص؟ حفلة ناشفه؟؟ 
كلهم في نفس واحد حتى فاطمة اللي كانت بتبصله ونفسها تخنقه أو تجيبه من شعره اللي فرحان بيه ده: نطريها ازاي سعادتك؟! 
........... 
الحفلة خلصت بعد تكريم أيهم اللي العنين منزلتش من عليه وده مخليه طول الوقت مضايق ومتنرفز لأنه حاسس انه متراقب بسبب نظراتهم؛ اتصورا كلهم صور جماعية مرسوم فيها البهجة والسعادة على وش كل واحد فيهم إلا هو بيبتسم بمجامله لأنه حتى مفهوش نفس يطلع ابتسامة حلوة... وكذلك حمزة اللي مراقبه طول الوقت وشايف في عنيه وجع مشافوش في عيون أخوه قبل كده أبدا حتى حوار أنه بيشرب علشان ينسى واحده قبل كده غلط وحبها مكنش صح في معظم الأحوال هو بيشرب بس علشان ينسى حادث موت والده ووالدته اللي مش بيفارق تفكيره لحظة؛ لكن اللي حبها في الأول دي كانت في فترة طيش منه؛ يعني حبها أو محبهاش كان سيان بالنسباله ومش فارق في شئ هو اتخذها مبرر لإنحرافه ناحية الغلط 
حمزة باستغراب: مش هترجع معانا؟! 
أيهم: مشوار صغير 
رفع حمزة أنظاره نحوه ببطء فكانت تحمل التحذير ليبتسم أيهم بخفة: عارف 
........... 
وقف أمام منزلها ينظر للعمارة بشيء من القهر والحزن الشديد... تعلقت انظاره بالدور المقيمة به ينتظر منها رد؛ ينتظرها تخرج له من بلكونة غرفتها يتبادلن الرسائل ببسمة تفيض بالحب 
كانت خارجة من العمارة وقفت تنتظر تاكسي يأخذها من هذا المكان الذي لا تجد به سوا سخرية وإهانة من ذاك المتعجرف الكبير ! 
وقعت أنظارها رغما عنها على السيارة الفارهة فتعجبت ثم تذكرت شيئا جعلها تضرب مقدمة رأسها تلعن غباءها: عادي يا كامي عادي عربية؛ معفنه بكرا تتوظفي ويبقى عندك ست ستها؛ اه وماله حاضر دي حتى مبتشوفيهاش في أحلامك؛ بصي استرجلي كدهون بلا عربيات بلا كلام فاضي؛ ياربي بس العربيات دي مكنتش بشوفها غير مع ابن المحظوظة اللي اللهِ ينشك في قلبه 
أيهم: أكتر من كدا؟ وانا اقول مالي مريض ليه؟ اتاري من دعواتك عليا؟؟ 
شهقت كاميليا بفزع ففتحت عيناها بقوة من شدة الصدمة: انت هنا بتعمل ايه..؟! امشي يالا بدل ما ألم عليك امة لا إله إلا الله 
أيهم بذهول: بس بس اخرسي .. انتي لسه عايشه في جو الحارة؟ لا وبتقوليلي يالا؟؟ 
كاميليا: امشي ياد بدل ما اعورك... ايه القرف ده ياربي ع الصبح؟ 
أيهم: بت لمي لسانك واقفي معوج واتكلمي عدل؛ اسمك كاميليا مش كده؟ 
كاميليا بغرور: غنيه عن التعريف .. اتفضل بقى يا أخينا 
أيهم بقرف: اي شلق؟ أنا غلطان اني وقفت اتكلم مع واحده زيك جاتك البلى 
كاميليا بصتله من فوق لتحت باحتقار: مع السلامة ياخويا؟ 
أيهم بتنهيدة: بصي انا عارف طولة لسانك بس عايز أسألك سؤال ممكن؟ 
كاميليا باهتمام: اسأل كلي آذان صاغية 
أيهم: هي غزل اتجوزت بجد بجد؟ 
كاميليا باستغراب: بجد بجد اللي هو ازاي يعني؟؟ 
أيهم: كاميليا مش انتي عارفه اني بحبها؟؟ 
كاميليا: ميمنعش انك سيبتها تتجوز غيرك مع انك عارف اد ايه كانت متعلقه بيك ودلوقتي آسفه لازم امشي
تركته وغادرت إلى حيث منزلها وهو مازال يقف مكانه يطالع الفراغ بنظرات متحسرة حتى ابتلعها التاكسي ليغادر هو مكانه عائدا إلى الفيلا 
دلف للداخل ليجد الداده تقابله ببسمة حنونه: أهلا يا أيهم يابني 
أيهم بابتسامة: أهلا يا داده 
الداده بحب وحنان أموي خالص: مش هتاكل يا حبيبي؟
أيهم بسرعة: أيهم أكل؟! 
ضحكت الداده: محدش أكل حمزة بيه مستنيك وكذلك ابنك 
أيهم بضحك: هو أكتر من ابني؛ هشوفهم بقى لحسن يدعو عليا مجوعهم 
الداده: بالهنا يا حبيبي.. 
صعد لغرفته ثم قام بخلع جاكيته وحذائه والقاهم على الأرض بعدم اكتراث وبلا اهتمام..، وقف أمام المرآة يخلع ساعة يده ورابطة عنقه وألقى كل شيء بغير محله لتصبح الغرفة أشبه بالزريبة فهو غير مرتب في معظم الأحوال... على حسب مزاجه كيف يوجهه 
جذب هاتفه يعبث بصورهما معا وهو نائم بنصف جسده فقط على السرير يقلب الصور باندماج يدندن إحدى الأغاني التي كانت تعشقها وتطلب منه أن يغنيها لها دائما 
شعر بأن أحدهم على وشك دق الباب فجذب جهاز التحكم وفتح 
حمزة بضيق: هتاكل؟ 
أيهم ومازال كل تركيزه مع الهاتف: اممممم 
حمزة: طب يلا هنخرج نغير جو بدل جو الملل اللي عايشينه ده 
أيهم: ع اليخت؟ 
حمزة: زي ما تحب 
أيهم قام وقف بصله وبعدها ضحك: طالما في سمك فأنا مش ممانع أبدا .. ولا انت ايه رأيك يا زميلي؟ 
لكمه حمزة في صدره بغضب وقد احمرت عيونه: اقسملك انك عايز رباية من أول وجديد 
بتلقائية وضع أيهم يده مكان الضربه بضحك: اه انت هتتحول ولا ايه؟! 
........... 
اليوم عدى على خير ما بين لعبهم وضحكهم وتصويرهم على اليخت وهمس هتموت من الغيظ لأن أيهم صورها صور جميلة وهي عايزه تنزلهم انيستا وحمزة رافض؛ وأيهم بيغيظها لما يتصور هو وحمزة وأيهم فقعدت في ركن بعيد عنهم خالص 
حمزة: وبعدين معاكي بقى؟؟ 
همس بغضب: ابعد عني متلمسنيش 
حمزة: اهدي وكلميني... ايه اللي حصل لكل ده؟؟ 
همس بغيظ: سلامتك؛ يلا ابعد عني وروح شوف ابنك المستفز وأخوك المستفزين ! 
حمزة غصب عنه ضحك: ايه المستفزين دي؟؟ لغة جديدة لسه ما اتقنتهاش؟؟ 
همس بحنق وهي تدير وجهها عنه: على فكرة بقى هم صوري مش صورك يعني متدخلش 
حمزة بصدمة: نعمممم؟ نهارك أبيض؟ ايه متدخلش دي؟
همس: اهو كده مش زعلتني؟.. جاي تصالحني ليه بقى؟
حمزة بخبث وهو يقبل خدها الذي إحمر بحمرة الضيق: عشان مقدرش اشوفك زعلانه مني 
همس زقته بعيد عنها بعشوائية: اوعى كده وبطل كلام الاسطوانات ده 
قبل بطن يدها اليمني: روحي انتي .. اللي خلاني مش بخرجك من البيت إلا معايا أو بالعربية علشان محدش يبصلك بعين فتخيلي اتحط في موقف ان العالم كله يشوفك؟ 
همس: بتاكل بعقلي حلاوة يا حمزة؟! 
قربها إليه بشدة وهمس بين شفتيها الكرزية: بيبي.. من امتى ده طبعي؟! 
............ 
في اليوم التالي 
وقفت غزل من مكانها فزعة عند رؤيته يدخل إلى الغرفة 
إيثان: بيبي عامله ايه النهارده؟ 
غزل: _______ 
اقترب منها إيثان فابتعدت بخوف وهي تبلع اللعاب الذي شعرت مؤخرا وكأنه هرب من جوف فمها 
إيثان بمكر: مش انتو بتقولوا عندكم ان السكوت علامة الرضا؟ أنا بقى بقول ان السكوت خير إجابة ! 
كان بيقرب وهي بتبعد لحد ما بقت هي والحيطة واحد فانهمرت دموعها برعب: اا.. ابع.. د؛ عني؛ ار.. أرجوك 
إيثان بحب وهو يزيل خصلة من شعرها يضعها خلف اذنها فأغمضت عيناها بقوة لتتحمل ما سيحدث لها: متخافيش مني يا روح قلبي؛ انا بحبك يا غزل مجنون بيكي فأرجوكي بلاش دموعك دي بتقتلني 
غزل صرخت وبعدت عنه وهي بتعيط بشهقات وبتصرخ: انت واحد كافر كافر متجوزليش؛ أفهم بقى 
إيثان بهدوء: بلاش تختبري صبري أكتر من كده يا غزل وبطلي صراخ 
لم تكف عن الصراخ كالمجنونة فقيد حركتها ودفعها على السرير بغضب وبدأ كالمجنون يخلع قميصه ويلقيه بالأرض وعلى وجهه ابتسامة صفراء خبيثة 


                الفصل العاشرمن هنا
     
تعليقات