رواية زواج في الظل الفصل الخامس والعشرون25بقلم ياسمين عطيه
على التراس
جيسي بدلع وهي بتقرب منه بنظرة ذات مغزه: "تعالى نقعد في الأوضة بدل البرد ده."
أركان وهو حاطط إيده في جيبه، بنبرة هادئة: "أنا بحب البرد."
جيسي بابتسامة إعجاب وهي بتقرب أكتر: "وأنا بحبك!"
أركان رفع حاجبه بسخرية وهو بيبصلها: "بالسرعة دي؟ الدنيا عندكم سهلة أوي!"
جيسي بضحكة ناعمة: "طبعًا! إحنا في عصر السرعة."
أركان وهو بيهز رأسه كأنه بيفكر: "أممم... وياترى بعد كلمة 'بحبك'، المفروض يحصل إيه؟"
جيسي بجرأة وهي بتحط إيدها على صدره: "نقضي ليلة حلوة مع بعض."
أركان بابتسامة جانبية وهو بيبعد إيدها بهدوء: "بس أنا متجوز... وبحب مراتي."
جيسي بضحكة خفيفة وهي متمسكة بدلعها: "أفهم من كده إنك بترفضني؟"
أركان وهو بيبصلها بثبات: "سيبي الوقت يحدد... يمكن يحصل بعدين، أصل إحنا مش زيكم، مافيش حاجة بتيجي مرة واحدة كده."
جيسي بصوت ناعم بغمزه: "بتلعب دور التقيلة وأنا أحب النوع ده أوي!"
أركان بابتسامة خفيفة وهو بيجريها بنفس الأسلوب: "وأحنا نحب النوع الجميل زيّك."
جيسي قربت أكتر، وعينيها مليانة رغبة، وفجأة هجمت على شفايفه تحاول تبوسه...
عينه جات في عينيها... شافها وهي بتقع في الأرض، في نفس اللحظة اللي جيسي بتحاول تبوسه فيها!
بسرعة وبدون تفكير، زاح جيسي بخشونة بعيد عنه، متجاهل اعتراضها أو نظرتها المصدومة، ونزل جري على تحت!
في ثواني، كان قدام ليلي... مرميه على الأرض، ووشها شاحب، وعيونها مليانة دموع وصدمه!
أسماء بخوف وهي بتحاول تسندها: "هنيه! مالك؟ قومي يا حبيبتي، إيه اللي حصل؟"
أركان برعب وهو بيركع جنبها، مسك وشها بين إيديه وصوته كان متوتر لأول مرة: "ليل هنيه! ردي عليا... في إيه؟"
ليلي كانت بتبصله بعيون مليانة وجع، تحاول تتكلم لكن صوتها مش طالع... دموعها نزلت غصب عنها، وكأن كل حاجة انهارت جواها في لحظة.
أركان حس بقلبه بينقبض... إحساس بالخوف لأول مرة يسيطر عليه، معرفش هو خايف عليها ولا من نظرة عينيها اللي وجعته أكتر من أي حاجة تانية!
أسماء بصوت مرعوب وهي بتحاول تفوق ليلي: "سعيد، شيلها بسرعة! شكلها تعبانة أوي!"
أركان بدون تفكير، لف إيده حواليها وشالها بسهولة، قلبه كان بيدق بجنون، ملامحها الباهتة كانت بتخوفه بطريقة مش مفهومة.
ليلي بصوت واهن، بالكاد مسموع وهي بتحاول تبعد عنه: "سيبني… مش عايزة منك حاجة…"
أركان بصوت حاسم وهو بيشدها أكتر في حضنه: "هتهري كتير ولا أخدك المستشفى؟!"
أسماء وهي بتجري جنبه: "هنوديها أوضتها الأول، ونشوفها مالها، يمكن مجرد دوخة!"
أركان من غير ما يرد، كمل طريقه بسرعة، دخل بيها أوضتها وحطها على السرير، قرب وشه منها، عيونه بتدور على أي علامة تطمنه عليها.
ليلي دموعها كانت بتنزل في صمت، بصت له بنظرة وجع مش محتاجة كلام، لكن رغم كده، قالت بصوت مخنوق: "شفتك… كنت واقف معاها… كنت بتسيبها تقرب منك…"
أركان اتجمد مكانه، حس كأن الكلام جاي من جواه هو، كأنه بيواجه نفسه مش هي اللي بتواجهه.
أسماء بسرعة وهي بتحاول تهدي الجو: "هنيه، مش وقته الكلام ده، انتي تعبانة، خليكي هادية، البيبيز محتاجينك."
لكن ليلي فضلت تبص لأركان، وكأنها بتستناه يقول حاجة، أي حاجة تهدّي النار اللي جواها.
أركان بعد لحظة صمت، قال بصوت هادي لكن عيونه فيها عاصفة: "أنتِ فاهمة غلط."
ليلي بضحكة باهتة: "طب اقنعني إني غلط… شيل الشك اللي زرعته جوايا دلوقتي."
سكت… مجبش أي رد. مش عشان مش عارف يبرر، لكن لأنه لأول مرة حاسس إنه ميقدرش يلاقي الكلام اللي يطمنها، مش وهو نفسه مش فاهم إحساسه ناحيتها!
ليلي بصت له، دموعها بتنزل بهدوء، بس جواها كان في عاصفة، إحساس الخذلان كان كفيل يهدّ جبل، وخصوصًا لما يكون من الشخص اللي حبيته حتى وهي مش المفروض تحبه.
أركان قرب منها، لكن قبل ما يتكلم، ليلي استجمعت آخر نقطة قوة عندها، ولفت وشها الناحية التانية، كأنها مش قادرة حتى تبص له.
ليلي بصوت مهزوز لكنه واضح: "مش هسألك تاني… مش هستناك تشرح… مش عايزة مبررات، أنا فهمت كل حاجة خلاص."
أسماء بحركة عصبية: "هنيه، انتي تعبانة، بلاش الكلام ده دلوقتي، أهم حاجة صحتك وصحة العيال!"
ليلي بابتسامة مكسورة وهي بتلمس بطنها: "أنا عايشة ليهم… خلاص، عرفت مكاني في حياتك … وعرفت مكاني في حياتي الجديدة."
أركان حس بقلبه بيتخبط، ليلي مش بتصرخ، مش بتتهمه، مش بتعترض… لكنها بتبعد، وده كان أقوى من أي كلام.
قرب منها أكتر، بصوت أوطى بس فيه قلق حقيقي لأول مرة: " متتعبيش نفسك بالكلام ده دلوقتي، ارتاحي، وبعدها… نتكلم."
ليلي بهمس وهي بتغمض عنيها، كأنها خلاص استسلمت: "مفيش حاجة نتكلم فيها… كل حاجة وضحت."
أسماء بصت لأركان بحنق، واضح إنها كانت ماسكة نفسها بالعافية: "اخرج، سيبها ترتاح، مش عايزين منها حاجة غير إنها تبقى كويسة دلوقتي!"
أركان فضل باصص لها لحظة، بعدها لف وخرج من الأوضة، قلبه مكنش مرتاح، لكنه برضه مش قادر يعترف لنفسه باللي بيحصل. مشي في الطرقه بخطوات سريعة، كأنه بيهرب من إحساس تقيل مش قادر يشيله.
في نفس اللحظة، أسماء قربت من ليلي، قعدت جنبها على السرير ومسكت إيديها بحنية: "هنيه، بصيلي… انتي كويسة؟"
ليلي بصوت ضعيف وهي بتحاول تبتسم، لكن عينيها كانت فضحاها: "أنا كويسة يا أسماء… بس تعبانة شوية."
أسماء بحزم وهي بتحاول تديها شوية قوة: "التعب ده مش من الحمل بس، التعب ده من اللي في قلبك… بس اسمعي كلامي، انتي أقوى من كده، والعيال دول محتاجينك واقفة مش مكسورة!"
ليلي خدت نفس عميق، وحطت إيديها على بطنها، كأنها بتحاول تاخد القوة منهم. دموعها كانت على وشك النزول، لكنها مسحتها بسرعة: "انتي عندك حق… خلاص، اللي حصل حصل، وأنا مش هسمح لنفسي أضعف أكتر من كده."
أسماء بابتسامة صغيرة وهي بتحاول تخرجها من المود: "خلاص، يبقى تسمعي كلامي وتتحركي وبتضحكي وتفرحي احنا عايزين ولادة سهلة مش بوجع، ماشي؟"
ليلي بضحك بسيط، لكنه كان مليان وجع: "ماشي يا أسماء، هسمع كلامك."
وفي نفس الوقت، أركان كان واقف عينه كانت ثابتة على نقطة في الأرض، بس عقله كان مشوش. الصوت جواه كان بيحاول يبرر له، يقوله إنه كان الصح، لكن قلبه كان ليه رأي تاني…
قفل عينه وشهق نفس طويل… كان عارف إن الحرب الحقيقية لسه ما انتهتش، وإن اللي جاي هيكون أصعب بكتير.
صلاح قرب من أركان
صلاح، بصوت فيه ضيق واضح: "سعيد، جيسي مشيت زعلانة، ودا مش في صالحنا… الناس دي مش عايزينها تزعل، وإلا ممكن نقع في مشاكل احنا في غنى عنها."
أركان كان ماسك نفسه بالعافية، لو كان الأمر بإيده كان ممكن يولع فيها هي واللي وراها، بس عارف إن كل حاجة ليها وقتها. أخد نفس عميق وقال بنبرة هادية، لكن فيها ثقة واضحة: "متقلقش يا حاج، أنا ماشي معاها بمبدأ شوق ولا تذوق."
صلاح ضحك ضحكة خفيفة، هز راسه وهو بيبص له بنظرة فاهماه: "بلاش تقرص أوي، الأجانب دول خلقهم ضيق، ودي كمان بت دلوعه، مش هتقدر تستحمل حتى قرصة واحدة."
أركان بابتسامة جانبية وهو بيهز راسه باحترام: "حاضر يا حاج، متقلقش."
صلاح حط إيده على كتف أركان، ضغط عليها بخفة كأنه بيأكد على كلامه، وبص له بعمق قبل ما يقول بجملة حملت معاني كتير: "طالما انت في حاجة، أنا مبقتش قلقان."
أركان اكتفى بهزة صغيرة من رأسه، لكن عقله كان شغال بألف سرعة… المهمة دي لازم تخلص، وبأسرع وقت، قبل ما الأمور تفلت منه أكتر.
ــ-----------&----------
في أوضة ليلي، الجو كان كئيب، الأوضة كلها ضلمة إلا من نور خفيف داخل من الشباك، عاكس ظلالها على الحيطان. كانت قاعدة على السرير، ضامة نفسها كأنها بتحاول تحمي روحها المكسورة.
اللي حصل برا كان كفيل إنه يهزها من جوا، شافت أركان وهو واقف مع جيسي، شافته وهي بتبوسه، وهو… ما بعدش عنها على طول! قلبها اتخدش، اتقطع، وفي نفس الوقت، عقلها صرخ فيها: "كنتي مستنية إيه؟ مش قالك قبل كده إن كل واحد هيرجع لحياته؟"
ليلي مسحت دموعها بعنف، وقامت وقفت قدام المراية، بصت لنفسها، لعيونها المتورمة من العياط، لصورتها اللي بقت غريبة عنها.
أنا هفضل كده لحد إمتى؟ هستنى إيه؟ حب من واحد عمره ما حبني؟ أنا عندي أغلى حاجة في الدنيا… عندي ولادي.
بلمعة تصميم في عينيها، قالت بصوت هادي لكنه كان مليان قوة:
"أنا مش هعيش مكسورة… أنا هقف على رجلي، هربي عيالي، وهخرج من الحكاية دي وأنا قوية. مش هستنى حب من حد مش شايفني، مش هستنى اهتمام من حد عمره ما اهتم. كفاية!"
فجأة، حسّت بحاجة غريبة… حركة خفيفة في بطنها، الأول افتكرت إنها بتتوهم، لكن الحركة زادت وبقت واضحة أكتر. قلبها دق بسرعة، والإحساس كان جديد عليها تمامًا، خلى دموعها تلمع بفرحة حقيقية، وبدون ما تحس، صرخت بحماس:
ليلي بصوت مليان سعادة: "أسماء! قومي يا أسماء! بيتحركوا!"
أسماء بفزع وهي بتقوم من النوم مفزوعة: "إيه؟ بتولدي؟!"
ليلي بضحك وهي بتحط إيدها على بطنها: "يا بنتي هولد إزاي وأنا في الشهر الخامس؟ قومي، هوريكي أحلى حاجة ممكن تشوفيها في حياتك!"
أسماء وهي لسه مش مستوعبة: "إيه؟!"
ليلي وهي بتشاور على بطنها بحماس: "فريق الكورة بيلعب ماتش، بس جامد أوي… آااه!"
أسماء بفرحة وضحك وهي بتحط إيدها على بطن ليلي بحماس: "حبايب قلب خالتهم، خليهم يلعبوا براحتهم، دول لسه في أولها."
ليلي وهي بتحاول تخفي وجعها بابتسامة: "ماهو الكلام سهل، أنا اللي هيطلع عيني معاهم في كل حاجة."
أسماء بضحك وهي بتربّت على كتفها: "متخافيش، طالما بدأوا يتحركوا كده، يبقى بيقولولك إحنا معاكي، ومش لوحدك أبداً."
ليلي وهي بتاخد نفس عميق وتحط إيدها على بطنها بحنان: "سبحان الله… إحساس غريب قوي، وكأنهم بيكلموني، بيقولولي إحنا هنا يا ماما."
أسماء بابتسامة دافية: "طبعًا هنا، وعاملين دوشة كمان، شكلك هتتعبي معاهم أوي."
ليلي بضحك خفيف رغم الوجع: "لو دلوقتي كده، أومال لما يكبروا هيعملوا فيا إيه؟ شكلهم هيطلعوا زي أبوهم."
أسماء بحزن: " ناوية على إيه بعد كل اللي حصل؟"
ليلي سرحت شوية، عينيها لمعت بحيرة، وخوف، لكن كان فيها قوة غريبة: "مش عارفة يا أسماء… بس اللي متأكدة منه إني مش هضعف، ولا هسمح لحد يكسرني، لا عشاني ولا عشانهم."
أسماء بحماس وهي ماسكة إيدها: "بس كده! أنا معاكي، ومهما كان اللي جاي، إحنا هنواجهه سوا."
ليلي بابتسامة ممتنة: "عارفة يا أسماء، رغم كل حاجة، أنا حاسة إنهم سبب وجودي في الدنيا دي، هم القوة اللي عمري ما كنت متخيلة إنها ممكن تكون جوايا."
أسماء بحنان: "وأنا متأكدة إنك هتكوني أم عظيمة ليهم، وهم نفسهم هيكونوا سندك في يوم من الأيام."
ليلي بصتلها بحب، وحست لأول مرة من وقت طويل إن الأمل لسه موجود، وإنها مش لوحدها. مدت إيدها على بطنها تاني، وحست بحركتهم، الابتسامة ما فارقتهاش وهي بتهمس:
"أنا مستنياكم يا حبايبي… وهفضل قوية عشانكم."
-------&ــــــــــــ
مرت الأيام وجيه يوم الحفلة الكبيرة، اليوم اللي بيتحضر ليه من شهرين. شهرين من التجهيزات والتخطيط عشان أكبر صفقة مخدرات وسلاح في تاريخ مصر. مفيش مجال للغلط، الغلطة معناها نهايتهم كلهم.
أركان كان بيتجنب ليلي، حسم أمره وقرر يوقف عقله وقلبه عنها تمامًا. ركز في المهمة اللي واخدة كل وقته، كل تفكيره، كل خطوة بيخطيها كانت هدفها توصل للمكان اللي بيصنعوا فيه المخدرات والسلاح. كان بيهرب من جيسي بكل الطرق كان بيهرب منها بحجة شكل، مرة إنه مشغول، مرة إنه تعبان، ومرة إنه لازم يركز في تفاصيل العمليه، كل مرة بحجة جديدة، وهي كانت مجنونة بيه.
أما ليلي… فكانت مقررة تبعد، تحاول تنساه، متحبوش… لكن تعمل إيه في قلبها اللي غبي ، مش قادر ينساه ولا حتى يبعد. كانت عينها عليه في كل لحظة،بتراقبه في كل حركة، كل نظرة، كل نفس بيخده قدامها، وحتى بليل، وهي شايفاه بينام عند البوابة، كانت بتتمنى تروح ليه، تكلمه، تفهمه… لكنه كان متجنبها، مقدرتش تقرب، هو متجنبها، واضح إنه مش عايزها، مش بيحبها، لكن هي وقلبها الغبي عايزينه!
أسماء قطعت شرودها وهي بتشدها من دراعها: "إيه يا بنتي! يلا بقى، ورانا ميعاد عند الدكتور!مش قولتلك متبصيش عليه؟"
"
ليلي وهي بتزفر بضيق: "يوه يا أسماء… هرمونات يا أسماء، مش بإيدي!"
أسماء بضحك وسخرية: "هرمونات حملك دي ما عندهاش كرامة خالص! لو تسمعي كلامي، نطلق أنا وانتي ونشتري شقة، نربي العيال ونعيش ملوك بدل الهبل ده!"
الفكرة دي، والكلام ده، كان بيدايق ليلي، بس غصب عنها ضحكت، مجارية هزار أسماء، وقالت بخفة: "يلا يا أسماء، نمشي قبل ما يجيلي جنان رسمي!"
مشيت معاها، لكن قلبها كان لسه متعلق بمكانه… متعلق بشخص مش عايزها، ومش قادره تسيبه.
اركان كان واقف في مكانه، عينه مش بتتشال من عليها وهي خارجة قدامه، لكنه كان متماسك، عامل نفسه مش شايفها أصلاً. أي حد يشوفه يقول إنه حتى ملاحظهاش، لكن الحقيقة إنه حافظ كل حركة، كل نفس وهي بتمشي بعيد عنه.
بهدوء شديد، من غير ما يحرك ملامحه، بص لواحد من رجاله اللي كان واقف قصاده، صوته كان منخفض لكن حاسم:
"عينك عليهم… لو حصل لهم حاجة، هغزّك عيونك."
الرجل وقف على طول بانتباه وهو بيرد بسرعة:
"حاضر ."
أركان فضل ثابت مكانه، عينه رجعت تراقب ليلي وهي ماشية بعيد
ـــــــ&ــــــ
صلاح كان واقف في وسط المكان، نظرته حادة وهو بيتأكد من عبد الحق وأركان إن كل حاجة ماشية زي ما هو عايز بالظبط.
بص لعبد الحق وسأله بصرامة:
"التجهيزات كلها تمام؟ التأمين، الدخول، الخروج، كل تفصيلة تحت السيطرة؟"
عبد الحق بإيجابية وثقة:
"تمام يا حاج، كل حاجة تحت السيطرة، الرجالة في أماكنهم، والمداخل والمخارج مؤمنة."
صلاح حول نظره لأركان، عارف إنه مش هيقول كلام وخلاص، مستني يسمع تأكيده. أركان رفع عينه ليه، بصوته الهادئ لكن الحاسم:
"كل حاجة زي ما خططنا، مفيش أي ثغرة."
صلاح حرك راسه بتأكيد، لكنه شدد عليهم بحزم:
"مش عايز ولا غلطة… فاهمين؟ كل تفصيلة تمشي زي ما أنا عايز، الحفلة دي مش مجرد حفلة، دي أكبر خطوة لينا، ولو حد غلط، الغلط هيكون على رقبته."
الهدوء سيطر على المكان للحظة، قبل ما عبد الحق يهز راسه باحترام:
"متقلقش يا حاج، كله تحت السيطرة."
أركان فضل ثابت، عينه فيها يقظة غريبة، عارف إن الليلة دي مش ليلة عادية… واللي جاي ممكن يغير كل حاجة.
ـــــــ&ــــــ
ليلي وأسماء كانوا راجعين من عند الدكتور، الجو كان هادي، بس جوا ليلي كان فيه عاصفة من المشاعر.
بصت للصورة اللي في إيدها، بأطراف صوابعها لمست ملامح الأطفال اللي لسه في بطنها، ودموعها نزلت بهدوء، بس الابتسامة كانت منورة وشها، وهي بتهمس بانبهار:
"مقول… دول عيالي؟"
أسماء بضحكة دافية وهي تبص للصورة بحماس:
"أيوه يا ست الكل، دول فريق الكورة اللي مجننك، وبيعملوا ماتش يومي في بطنك."
وأسماء ماسكة صورة الأشعة في إيدها وهي بتبص عليها باندهاش.]
أسماء وهي بتقرب الصورة من وشها: "يا بنتي ده شبهك، نفس شكل دماغك بالظبط، باين عليه دماغه ناشفة زيك."
ليلي وهي بتضحك وبتاخد منها الصورة: "هرِّي، دماغي ناشفة إزاي يعني؟"
أسماء بغلاسة: "ناشفة يا حبيبتي، بس بصراحة العيل ده قمر، بسم الله ما شاء الله، خدوده مليانة حتى وهو لسه في بطنك، واضح إنه عايش حياته على الآخر."
ليلي ضحكت وسط دموعها، وهي تحس بحركة خفيفة تانية، كأنهم بيردوا عليها، إحساس غريب… مزيج بين رهبة وفرحة، خوف وحب، كل حاجة متلخبطة جواها، حست إنها مش لوحدها، وإنهم معاها…
ــــــــ&ـــــ
بدأت الحفلة، الأجواء فخمة، الأنوار متوزعة بعناية، والموسيقى الهادية شغالة في الخلفية. رجال الأعمال، الشخصيات المهمة، ووجوه معروفة في عالم المال والسياسة كلهم موجودين، وكل واحد لابس وشه المناسب للعبة الليلة.
صلاح واقف في زاوية بعيدة، عينه بتراقب كل تفصيلة، وأدامه عبد الحق وأركان، اللي ملامحه كانت جامدة، عينه بتلف في المكان، بيراقب كل حركة، كل شخص داخل أو خارج.
صلاح بصوت واطي لكن حاسم: "أنا مش عايز ولا غلطة، الصفقة دي لازم تتم بهدوء، أي مشكلة ممكن تضيع كل اللي اشتغلنا عليه الشهور اللي فاتت."
عبد الحق بثقة: "كل حاجة تحت السيطرة، الحراس في أماكنهم، والكاميرات شغالة، لو في فار واحد اتحرك غلط، هنعرف."
أركان من غير ما يحوّل نظره عن القاعة: "أنا مش خايف من الفيران، أنا خايف من التعبان اللي ممكن يكون واقف وسطنا، بيتحرك بهدوء ومستني اللحظة المناسبة."
صلاح وهو بيبص له بنظرة طويلة: "إنت حاسس إن في حد ناوي يلعب ضدنا؟"
أركان بهدوء بس بصوت واطي مليان تحذير: "مش إحساس… يقين. بس لسه مستني أشوف وشه الحقيقي."
في نفس اللحظة، الباب الرئيسي اتفتح، وكل العيون اتوجهت للشخص اللي داخل…
[كاميرا بطيئة على دخول جيسي، لابسة فستان أسود أنيق، شعرها مرفوع بطريقة كلاسيكية، خطواتها واثقة، وعينيها بتدور في المكان كأنها بتحسب كل خطوة.]
جيسي وهي بتوقف قدام أركان، وبابتسامة واثقة: "إنت عارف إنك هتبقى أخطر بكتير لو بطلت تتجاهلني؟"
أركان وهو بيميل ناحيتها بس صوته جامد: "وأنا عارف كمان إنك هتبقي أضعف بكتير لو بطلتِ تحاولي تستفزيني."
ضحكت بخفة، بس في عينيها حاجة تانية… حاجة بتقول إنها مش جاية الليلة دي عشان تهزر.
ــــــــ&ـــــــ
الحفلة مستمرة، الجو مشحون، الاتفاقات السرية شغالة وسط الضحك والموسيقى، وأركان رغم إنه كان واقف وسط كل ده، عقله كان في حتة تانية… حاجة جوه قلبه مش مريحاه، إحساس إنه في حاجة هتحصل، وإحساسه عمره ما خذله قبل كده
لكن اللحظة دي… كل حاجة وقفت.
أسماء دخلت الحفله وهي بتعيط، ملامحها مرعوبة، مشية بخطوات سريعة باتجاه أركان، واللي أول ما شافها قلبه اتقبض، جري عليها من غير تفكير.
أركان وهو ماسك دراعها بقلق: "أسماء! في إيه؟ مالك؟"
أسماء وسط دموعها وارتجاف صوتها: "أنا… أنا كنت فوق، روحت أغيّر عشان لازم أظهر في الحفلة، غبت عنها نص ساعة بس… جيت ملقتهاش… هنيه اختفت!"
الكلمة نزلت زي السهم في قلبه، إحساس بالخطر انتشر في جسمه، عينه اتجمدت للحظة قبل ما تتنقل على الحفله، على الأبواب، على أي حد ممكن يكون خرج أو دخل، عقله شغال بأقصى سرعة…
صوت صلاح جه من بعيد، قلقان هو كمان: "في إيه يا سعيد؟ حاجه حصلت؟"
أركان بصوت حاد مليان غضب مكبوت: "هنيه اختفيت."
صلاح شد نفس عميق، نادى على رجاله فورًا، التعليمات واضحة، لازم يعرفوا هي راحت فين، لازم يتحركوا بأسرع وقت.
بس أركان مكنش مستني حد… كان قلبه هيموته، هو الوحيد اللي عارف إن ليلى عمرها ما كانت هتسيب المكان كده، عمرها ما كانت هتختفي فجأة، ده مش منها… حد أخدها.
وفكرة إن في حد لمسها أو قرب منها… ولّعت جواه نار مش هتطفي غير لما يلاقيها.
في اللحظة دي، واحد من رجالة الأمن دخل بسرعة، وشه متوتر، صوته بيترعش وهو بيقول: "يا فندم… لقينا حاجة ممكن تساعدنا… كاميرات المراقبة شافت كل حاجة."
أركان اتحرك على طول… كان عارف إنه مش هيهدى غير لما يلاقيها… ومش بس يلاقيها، ده هيدمر اللي فكر حتى يلمسها.