رواية زواج في الظل الفصل السادس والعشرون26بقلم ياسمين عطيه


رواية زواج في الظل الفصل السادس والعشرون26بقلم ياسمين عطيه





في غرفة المراقبة 
أركان دخل بسرعة، نظراته حادة، مشاعره متفجرة بس ملامحه متماسكة… في اللحظات اللي زي دي، الغضب ميأثرش عليه، بالعكس… بيخليه أشرس.
صلاح كان وراه، رجالة الأمن واقفين في حالة استعداد، الجو مشحون، والشاشة قدامهم كانت هي المفتاح.
رجل الأمن وهو بيشاور على الشاشة: "دي آخر لحظة ظهرت فيها هنيه."
أركان ركّز في الشاشة، عينه مثبتة على ليلى وهي خارجة من الأوضة، حركتها كانت بطيئة، ملامحها مش واضحة، لكنها كانت ماشية قدام شخص، شكله مريب… واضح إنه ماسك حاجة في إيده وبيهددها.
أسماء وهي تمسك دراع أركان بقلق: "مين ده؟ هي رايحة فين؟!"
أركان لف بسرعة ناحية أسماء، عقله بيجمع التفاصيل بسرعة.
أركان بنبرة حادة: "إنتِ كنتِ معاها، لما جيتوا من عند الدكتور… دخلتي معاها الأوضة؟"
أسماء بدموع وهي تهز رأسها: "لا… أنا طلعت عشان أغير هدومي للحفلة!"
أركان بعيون مشتعلة: "يبقى هو كان مستنيها جوه الأوضة."
في اللحظة دي، الغضب في عينه كان أخطر من أي سلاح.
أركان بصوت جامد مليان أمر: "زوّد السرعة، شوف بعدها حصل إيه."
الشاشة عرضت المشهد بوضوح… ليلى كانت ماشية قدامه وهي متوترة وخيفه، بتبعد عن الضوضاء، كأنها عارفة إنها مش في أمان… بعدها اختفت.
أسماء صرخت بفزع: "يا نهار أسود! حد خطفها!"
أركان كان ثابت في مكانه، ملامحه بقت حجر، بس عينه… كانت بركان، غضب صامت بيغلي، قلبه بيتحرك أسرع من عقله، بس عقله كان هو اللي بيوجهه دلوقتي.لكنه متكلمش… بس لما تكلم، صوته كان زي حد بيصدر حكم بالإعدام
أركان بصوت مخيف وبارد: "وقف الصورة هنا… زوّوم على وشه."
الرجل نفذ بسرعة، الصورة اتوضحت، لكنه كان لابس كاب، الظلمة كانت مخبية ملامحه… 
في اللحظة دي، مستناش أكتر. خرج بسرعة، جري في اتجاه المكان اللي اختفت فيه، عينه بتدور على أي حاجة، أي أثر، أي دليل يوصله ليها قبل ما تكون فات الأوان.
كل خطوة كانت بتغلي غضبه أكتر… ولو حصل لها أي حاجة، اللي عمل كده هيدفع التمن غالي جدًا.
ــــــ&ــــــ
دخلت ليلى الأوضة، وقبل ما تلحق تاخد نفسها، حسّت بإيد قوية بتتثبت على بقها، وجسم تقيل بيشدها للخلف، وسكينة بتضغط على جنبها.
صوت خشن قرب ودنها: "لو اتكلمتي… هفتحلك بطنك."
رجفت، جسدها تصلب، عينيها دموعها غرقت فيها، بس غريزتها كانت بتحركها… رفعت إيديها بهدوء على بطنها، ماسكة صورة الأشعة كأنها بتحمي أطفالها.
بخطوات بطيئة، خرجت قدامه، عيونها بتلمع بالرعب، أنفاسها مخنوقة، وكل خطوة بتاخدها كانت بتحسسها إنها ماشية ناحيه الموت.
لحد ما وصلت قدام باب البدروم… زحها لجوه، الباب اتقفل وراها بصوت مكتوم، ووقفت وسط الضلمة وهي بتحاول تستوعب اللي بيحصل.
ليلى بعيون مذعورة وهي تلف حولين نفسها: "في حد هنا؟!"
اترد عليها صوت ناعم… لكنه كان مليان شر.
نسرين بابتسامة باردة: "أهلًا يا هانم… هنية، تصدقي… لقيّة أوي."
ليلى بصوت مرتجف وهي تحاول تسيطر على خوفها: "إنتِ عايزة مني إيه؟!"
نسرين بعيون مليانة حقد: "عايزة حظك… نصيبك… تتجوزي واحد زي القمر، وتحملي في توأم؟! لا، مش هسيبك تعيشي السعادة اللي أنا اتحرمت منها… هحرمك من عيالك، وهخد جوزك!"
ليلى وهي بتحط إيديها على بطنها بحماية: "إنتِ… إنتِ الشيطان عَمى قلبك… فكري! جدك لو عرف، هيعمل إيه فيك؟!"
نسرين بضحكة مجنونة: "جدي؟! هيحبسني هنا؟ هيقتلني؟! أنا أصلا عايزة أموت، بس مش قبل ما أتأكد إنك مش هتخدي حاجة من اللي أنا نفسي فيه!"
ليلى وهي بترجع بظهرها لورا، تحاول تلاقي طريق للهروب: "إنتِ مش طبيعية… مفيش إنسان كده!"
نسرين بصوت مليان جنون: "وأنا عمرى ما كنت إنسانه، أنا كنت ضحية… بس دلوقتي، جاية أكون الجلاد!"
نسرين بصت لليلى بعيون مليانة حقد، قبل ما ترفع إيديها وتضربها بقوة…
"آه!"
صوت ليلى طلع مكتوم وهي بتقع على الأرض، جسمها ارتطم بالارضيه البارده، ووجع عنيف انتشر في ضهرها.
حاولت تتحرك، بس الألم شدها، نفسها كان متقطع، ودموعها غرقت عينيها وهي بتسحب نفسها للخلف بإيديها المرتعشة.
ليلى بصوت مكسور، وهي بتحط إيديها على بطنها بحماية: "حرام عليكي! خدي حقك مني… من جوزي… بس بلاش اللي في بطني، ذنبهم إيه؟ الأطفال دي ملهاش ذنب!"
نسرين ابتسمت… ابتسامة خلت القشعريرة تسرى في جسم ليلى.
نسرين بصوت بارد، وهي ترفع اديها : "ما هي دي البداية، هقتلهم … وبعد كده، هقتلك معرفتش اموتك المره اللى فاتت والطلقة جت في دراع سعيد بس المره دي مش هتفلتي مني… !"
ليلى شهقت بصدمه وخوف  قلبها كان بيدق بجنون، حاولت تتحرك، تقوم، تهرب… بس قبل ما تلحق، نسرين هجمت عليها تاني
نسرين كانت زي المجنونة، عيونها مليانة كره، وكل مرة رجلها كانت بتنزل على بطن ليلى، كانت بتصرخ وهي بتحاول تحمي أطفالها بإيديها المرتعشة.
"آه… بلاش… حرام عليكي…!"
كانت بتقاوم بكل ضعفها، بتمسك في رجل نسرين، بتحاول تبعدها… بس جسمها كان بيضعف مع كل ضربة، ومع كل شهقة ألم.
الدموع نزلت من عينيها ، مش على نفسها… على أطفالها، على الروح اللي جواها، اللي كانت عارفة إنها ممكن تضيع في أي لحظة.
نسرين بصوت متوحش: "هخلص عليكي! لا إنتي ولا العيال دول هيعيشوا!"
ليلى كانت بتحاول تصوت، تستنجد، يمكن حد يسمعها… بس صوت الأغاني العالي كان حابس صوتها، وكأن الدنيا كلها تخلّت عنها.
حست بجسمها بيرتخي… الوجع كان بيزيد… نفسها بيتقطع… بس رغم ده، فضلت ماسكة بطنها، بتحاول تدافع عنها لحد آخر نفس فيها.
ليلى حست بحاجة سخنة بتنزل منها، إحساس غريب، مرعب… رفعت راسها بضعف، عينيها مليانة دموع، وشافت الدم… دمها، وكانه حنفية اتفتحت، بينتشر بسرعة تحتها.
جسمها بقى تقيل، رعشة برد سرت في أوصالها، كانت بتحاول تستوعب، لكن الألم كان مسيطر، مخليها حتى مش قادرة تفكر.
"لا… مش كده… مش عيالي…"
همست بصوت ضعيف، مش سامعة حتى نفسها، كل اللي حاسة بيه هو الدموع اللي بتغرق وشها، والبرد اللي بدأ يتسلل لعظامها.
نسرين وقفت تتفرج عليها ببرود، كأن المشهد عاجبها، كأنها مستمتعة باللي شايفاه.
لكن قبل ما تكمل، الباب اتفتح :
"مدام نسرين .. سعيد جاي ناحيه هنا شكلهم عرفوا إن هنية هنا!!!"
نسرين بجنون وهي بتلف حوالين نفسها: "إزاي؟! مش المفروض أسماء وسعيد في الحفلة؟!"
الراجل اللي معاها بقلق وهو بيبص للباب: "معرفش، بس لازم نهرب بسرعة قبل ما يوصلوا!"
نسرين كانت واقفة مكانها، عينيها مليانة حقد وهي بتبص لليلى اللي كانت شبه فاقدة الوعي على الأرض، الدم حواليها بقى بحر، نفسَها بقى ضعيف، إيديها لسه مغطية بطنها كأنها بتحاول تحمي أطفالها حتى بعد ما راحت أرواحهم.
"مش قبل ما أخلص عليها… زي ما قتلت عيالها!" نسرين بصوتها المليان شر، وهي بتتحرك ناحية ليلى.
لكن الراجل شدها من إيدها بعنف: "مفيش وقت للجنان ده! لازم نمشي حالًا!"
سحبها بسرعة برا المكان، ونسرين وهي بتتبعه، كانت بتبص وراها بكره، عايزة تشوف آخر نفس في ليلى…
نسرين والراجل كانوا بيجروا بأقصى سرعتهم، خطواتهم بتخبط في الأرض بخوف، بيحاولوا يهربوا قبل ما أركان يدخل عليهم.
أما ليلى، فكانت بتحاول تتشبث بأي شيء… الألم كان قاتل، دمها بينزف، وكل نفس بتحاول تاخده كان بيحرقها. بس رغم ده، رفضت تستسلم… كانت عارفة إن أركان قريب، ولازم توصل له.
بصعوبة، سحبت نفسها على الأرض، كل حركة كانت بتقطع فيها، لحد ما وصلت عند الباب، حطت إيدها المرتعشة عليه وسندت نفسها، كأنها بتقاوم الموت.
خرجت برا البدروم وهي بتترنح، عينيها معتمة، الدنيا بقت ضباب قدامها، لكنها قدرت تشوف ضبابيًا صورة شخص بيجري ناحيتها…
أركان كان بيجري بجنون، عيناه بتدور على أي خيط، أي حاجة توصله ليها… فجأة، لمح حاجة على الأرض، حاجة شدت انتباهه بقوة…
صورة!
انحنى بسرعة وخدها في إيده، كانت صورة أشعة أطفالها، بس مش مجرد صورة… كانت متغرقة بدموعها، متوسخة بآثار صوابعها اللي كانت ماسكاها جامد، كأنها كانت بتتمسك بيها كآخر أمل لها.
عيناه اتحجرت على الصورة، عقله وقف للحظة… دي أول مرة يشوف عياله… أول مرة يعرف إنهم كانوا فعلاً حقيقة، مش مجرد فكرة في دماغه.
بس الفرحة دي، أو الإحساس ده، ما طولش ثانية… لأنه رفع عينه من على الصورة وشاف أسوأ حاجة ممكن يتخيلها.
ليلى…
كانت خارجة من البدروم، مدمرّة، هدومها مبلولة بدمها، خطواتها متلخبطة، كل نفس بتاخده واضح إنه غصب عنها… ورغم كل ده، كانت إيديها لسه على بطنها!
كأنها بتحمي الفراغ اللي جواتها… كأنها لسه بتتمسك بالأمل…
أركان حس بنار ولعت في قلبه، نار مش قادر يطفيها،بمجرد ما شافها، عينيه اتسعت بصدمة، لأول مرة في حياته يحس بالخوف بالشكل ده، جرى عليها بكل سرعته، ومد إيديه قبل ما تقع على الأرض…
"ليلى!!"
أركان كان واقف قدامها، مش قادر يصدق اللي شايفه… ليلى، اللي كانت دايمًا مليانة حياة، واقفة قدامه مدمرّة، الدم مغرق هدومها، جسمها بيرتعش، وعينيها—العين اللي كانت دايمًا بتلمع—بقت مطفية، مليانة وجع وخوف.
رفعت كف إيدها المرتعشة وحطّتها على وشه، لمسته كأنها بتتأكد إنه حقيقي، إنه واقف قدامها… شفايفها تحركت بصعوبة، صوتها كان ضعيف، أقرب للهمس منه للكلام…
"نسرين… أنقذ عيالنا…"
وبعدها، اختفى صوتها… جسمها ارتخى، وعينيها تقفلت ببطء وهي بتنهار في حضنه.
أركان حس بقلبه بيوقع من مكانه، مسكها قبل ما تقع، حضنها وهو بيهزها، صوته خارج بغضب وخوف: "ليلى! ليلى اصحي! متقفليش عيونك!"
بس ليلى ماردتش… جسمها كان بارد، أنفاسها ضعيفة… والدم، كان بينزل أكتر وأكتر.
الحفلة، الصفقات، نسرين، كل حاجة اختفت من دماغه في اللحظة دي… مفيش غير ليلى، ودمها اللي بيضيع بين إيديه.
كانت العربية بتجري بجنون في الشوارع، الكلاكسات بتدوي، والناس بتبعد بسرعة عن الطريق، بس أركان كان فاقد السيطرة على أي حاجة غير أنه يوصل المستشفى في أسرع وقت. ليلى بين إيديه، نفسَها بيضعف، ووجهها بيزيد شحوب.
أسماء كانت حاضناها وبتبكي بحرقة، مش قادرة تستوعب اللي بيحصل، مش سامعة حاجة غير دقات قلبها اللي بتخبط في صدرها بخوف.
بإيده المرتعشة، طلع تليفونه واتصل على أبوه، صوته كان حاد، مشحون بالغضب:
"تعالى المستشفى حالًا، وهات معاك أم ليلى وأختها!"
عدلي، على الطرف التاني، حس بالخطر في صوت ابنه، سأله بخوف: "إيه اللي حصل؟"
أركان بعصبية، وهو بيضغط على دواسة البنزين أكتر: "كل حاجة انتهت، يا بابا!"
عدلي بصوت هادي، لكنه مليان توتر: "أركان، اهدا… متخليش الغضب يتحكم فيك!"
أركان صرخ بانفعال: "هما اللي استعجلوا نهايتهم! اللي عملوه مش هيفلتوا بيه!"
عدلي بحزم: "كل اللي عملته هيضيع لو سيبت غضبك يتحكم فيك!"
أركان، وعينيه مغرقة بالدموع اللي رفضت تنزل، رد بصوت ثابت، لكنه قاتل:
"بابا… اعمل اللي بقولك عليه."
وقف المكالمة، وعينيه كانت على ليلى… مش هيسيب حقها، وحق عياله، حتى لو كان التمن حياته.
أركان نزل من العربية وهو شايل ليلى بين إيديه، جري بيها جوه المستشفى وهو مش شايف أي حاجة غيرها، صوت أنفاسها الضعيفة كان بيموّت فيه جزء جزء.
أول ما الدكتور شافها،عرفها عنيه اتسعت بدهشة وقلق، وقبل حتى ما يسأل، قال بصوت عالي مليان استعجال:
الدكتور: "ترول بسرعة! دي حالة ولادة مستعجلة، ولسه في الشهر السابع، ممكن يكون في سقوط!"
الممرضين اتحركوا بسرعة، أخدوها من بين إيدين أركان، وهو حس إن روحه بتتسحب منه، وقف مكانه مش قادر يستوعب إن ليلي اللي كان المفروض يحميها فيها، انتهت بالشكل ده.
أسماء كانت وراه، عنيها مليانة دموع وخوف، وهي ماسكة دراعه بقوة، بتحاول تهديه:
أسماء بصوت مهزوز: "لازم نثق إنهم هيقدروا ينقذوها… هي والعيال."
بس هو كان واقف زي الصنم، عينيه مش بتتحرك عن باب غرفة العمليات، والوحيد اللي كان سامعه هو صوتها وهي بتنادي عليه قبل ما تفقد الوعي:
"أنقذ عيالنا، أركان..."
بعد لحظات أركان حس كأن الزمن وقف، عينيه اتجمدت على الورقة اللي في إيد الممرضة، وصوتها كان بيتردد في دماغه زي الصاعقة.
الممرضة: "حالة المريضة خطيرة جدًا، لازم تقرر هننقذ مين… الأم ولا الأولاد؟"
إحساس غريب ضرب صدره، كأن قلبه بيتسحب من مكانه، نظر للممرضة بعينين متجمدة، صوته طلع منه هادي، بس كان وراه بركان غضب وخوف:
أركان: "بتتكلمي عن إيه؟! أنا مش هختار… أنقذوا اللي اتنين!"
الممرضة بارتباك: "إحنا هنحاول، بس لو الأمور خرجت عن السيطرة، لازم ناخد قرار سريع…"
مدي إيده وخطف الورقة منها، بس بدل ما يبص عليها، بص للباب اللي وراها… الباب اللي جوه كان فيه ليلي مراته اللى ضحت كتير اللى بتحبوا وأولاده اللي لسه ما شافهمش.
أركان بصوت متحشرج، وكأنه بيحلف: "لو حصل لها حاجة… كلكم هتدفعوا التمن."
اتلفت بسرعة ناحية الممرضة، وعينيه كانت كلها تهديد:
أركان: "أخرجوا ليهم كل اللي عندكم… هتشوفوا يوم أسود لو خرجت من هنا من غيرهم."
الممرضة بلعت ريقها ورجعت خطوتين لورا، قبل ما تجري تدي التعليمات جوه العمليات.
أسماء وقفت جنبه، مسكت دراعه وهي بتحاول تسيطر على رعشة إيدها:
أسماء بصوت متقطع: "… هتبقى كويسة، صح؟ أنت مصدق إنها هتبقى كويسة، صح؟"
بس هو كان واقف في مكانه، مش بيرمش، مش بيتنفس… كل اللي كان قادر يعمله هو إنه يستنى، ويستعد لأي حاجة ممكن تحصل.
أركان كان واقف في مكانه، ملامحه حجر، لكن عينيه كانت بتفضح العاصفة اللي جواه.
فوزية دخلت وهي بتجري، ووراها أمير، الاتنين ملامحهم كانت كلها خوف ودموع.
فوزية بصوت مخنوق وهي بتقرب منه: "إيه اللي حصل يا ابني؟ ليلى كانت مكلماني الصبح وكانت كويسة!"
اميره وهي بتحاول تستوعب الصدمة: "إزاي بتولد؟ دي لسه في الشهر السابع! إيه اللي حصل؟"
أركان كان حاسس إنه مش قادر حتى يشرح، صدره كان مقبوض. بس أول ما لمح عدلي داخل وراهم، رفع عينه عليه وقال بصوت هادي لكنه كان مليان تعب:
أركان: "بابا… هيحكي لكم كل حاجة، أنا مش قادر."
لف على فوزية وأمير، نظر لهم للحظة وكأنه :
أركان: "أنا عايزكم تبقوا جنبها لما تفوق… خليها تحس إنها مش لوحدها."
عينه كانت بتلمع بلمعة غريبة، بين الغضب، الخوف، والتعب اللي كان بينهش روحه. بعد ما قال كده، لف وراح ناحية الباب، وقف قدامه، حط إيده على الحيطة وحاول يتمالك نفسه… بس قلبه كان متعلق جوا، مع ليلى، مع ولاده، مع كل حاجة ممكن تتسحب منه في لحظة.
الممرضة خرجت تاني، ملامحها كانت متوترة، وعينيها مليانة أسف وهي بتقول بصوت مرتبك:
"أنا آسفة… لازم نخلي مسؤوليتنا،خصوصا الامل ضعيف وحضرتك لازم تختار… الأم ولا الأولاد؟"
الوقت وقف…
كل العيون كانت متعلقة بأركان، حتى أنفاسهم كانت محبوسة، الكل مستني يسمع هو هيقول إيه.
فوزية حطت إيديها على صدرها وهي بتحاول تستوعب المصيبة: "يا رب استر!"
أمير بصوت متحشرج: "إزاي يعني يختار؟ إزاي؟"
أركان كان واقف في نص الممر، عينه على الممرضة، بس عقله كان في حتة تانية… كان سامع صوت ليلى وهي بتقوله "أنقذ عيالنا"، كان شايف دموعها، وإيديها وهي بتتحايل عليه.
لحظة…
إيده تشدت، عضلاته تصلبت، قلبه كان بيدق بجنون… مفيش اختيار.
رفع عينه ناحية الممرضة وقال بصوت ثابت لكنه كان مليان ألم:
"أنقذوا …"


تعليقات