رواية عقاب ابن الباديه الجزء الثاني2 الفصل الاول1والثاني2 بقلم ريناد يوسف


رواية عقاب ابن الباديه الجزء الثاني2 الفصل الاول1والثاني2 بقلم ريناد يوسف


في صباح يوم جديد يحمل فى طياته الكثير من البهجة لمن تم وصالهم بالأمس لاحت خطوط الصباح الأولى وتلونت ظلمة الليل التي لم يشعر بها لا رابح ولا معزوزة وهم غارقون فى بحور السعادة ذائبين كمعدنين انصهرا وإمتزجا ليتحدا في قالب واحد.. فتح رابح عيناه المغلقة دون نعاس على حركتها وضمھا إليه كطفل ېخاف إبتعاد لعبته الجديدة عن احضانه وسألها بهمس وهو يقترب من وجهها أكثر
وين رايحه ليش تتسرسبي من احذاي وودك تتركيني
تبسمت وهي تحبس خصلة شعرها المتمردة خلف اذنها وردت عليه هامسة بخجل
إصباح الخير ياكل خيري ودي انقوم انتحمم وانجهزلك فطور يليق بحبيب الروح وفرحة القلب.
ياصباح السعادة يانبض قلبي وشمس نهاري وقمر ليلي. ياحبيبي اذا ع الحموم انا بروحي انساعدك لكن اذا عالوكل فانت اليوم عروس ويدك ماتنحط بوكل ولا شي لمدةأسبوع من اليوم ولليوم السابع دلال وراحة يامعزوزتي مابعده دلال.. اياكي تطلعين من الخيمه لأي سبب من لسباب ولا حتي لتسويلي انا شي امي وخواتي هن اللي راح يسون كل شي وأنا وانتى ماعلينا غير نبقو بأحضان بعض.
تبسمت معزوزه وهي تعود للتمدد بجواره وتنظر إليه بسعادة وتتجول فى ملامحه بعيونها وهي تحمد الله على كل هذة النعم التى تغمرها بدء من رابح ومحبته وما يفعله لأجلها والذي لم يفعله رجل في جميع القبائل على مر العصور سوى عنتره ومافعله لأجل عبلة.. وها هو رابح يعيد الأفاعيل مع إختلاف الأسلوب ولكن بنفس مقدار الحب.
أما عقاپ فقد حظي بليلة مليئة بالاحداث تنقل فيها من مجلس الشباب لمجلس الشيوخ وبعدها حظي بفرصة اخرى للجلوس مع حيتة ومحادثتها تلك الطفلة الناضجة التي تمتلك قلبا صغيرا وعقلا يعادل الكون ومع كل حديث معها يكتشف مدى نضجه. 
أما كارمن فكان يواليها بعض الإهتمام من وقت لآخر ويخصها بسؤال أو بشرح شيئ عابر وتعريفها عليه وكان هذا كافيا منه بالنسبة لها فقد كانت تقفز هنا وهناك في القبيلة وبين الخيام وعند منطقة الحيوانات والبئر لتكتشف كل شيئ بنفسها.. أما رجوة فقد كانت تراقب من بعيد وتأكدت من أن آدم نظرته لحياة ليست خالية بالمرة وأن هناك شيء ولد يخلق في قلبه لها وأقسمت إن تبذل قصارى جهدها لتجهضه قبل إكتماله.
وكما كانت تراقب كانت تراقب وبنفس التركيز ومن يراقبها خرج بنفس الاستنتاج عنها وعن آدم.. ولم يكن سوى سالم ذلك الذي طعنته نظراتها لرفيقه وأخيه كطعڼة السيف حين يغمد في القلب على حين غرة فقد تأكد من أنها عاشقة لآدم للدرجة التي جعلتها تقف محترقة وهي تراه يحادث الفتيات ومالغيرة إلا دليل الحب الأكبر والأوضح والذي لا يقبل الجدال أو التشكيك.
كانت ليلة حافلة بالمشاعر الجياشة من حب وغيره وظفر بعد طول إنتظار وراحة بعد تعب طويل وأيضا چرح غائر في قلب أحدهم.
انتهت وتبدل الظلام بنور الصباح وقام الجميع على اعمالهم عوالي ذهبت مع مكاسب لخيمة رابح كي يتقصوا الأمور أما البقية فعادوا لأعمالهم اليومية ومايزه أخذت تتنقل من خيمة لخيمة ومن جوار إمرأة لأخرى كي تتفقد احوال القبيلة وأهلها وتلم بكل مافاتها طوال فترة غيابها.
إنطلقت الهلاهل من فم مكاسب وتبعتها العشرات من أفواه باقي نساء القبيلة معلنين عن إكتمال فرحة رابح ومعزوزه أما قصير فأطلق أول عيار ڼاري في الهواء معلنا عن رفعة رأسه ومن بعده إنطلق وابل الاعيرة يجامل ويشارك. 
وهكذا بصمت القبيلة كلها بالفرحة لمعزوزة ورابحها. 
وبعد إعداد
---
طعام الإفطار إنطلق آدم مع حياة وكارمن وسالم ومدحت بسيارة آدم ليأخذ الفتيات ومدحت في جولة بالصحراء ويريهم الحياة في البرية كيف تكون وأخبرهم بأن يومهم سيكون مختلفا عن أي يوم قضوه في أي مكان.. وذهب معه الجميع يملأهم الحماس وقلوبهم تشعر بالإثارة. 
وقد كانت رحلة فريدة من نوعها بالنسبة لهم رأو آدم وهو يصطاد وسالم يشاركه الصيد وإعداد الغنائم للشوي ولكن ليس هذا ما أثار دهشتهم ولكن تلك النمرة التى تبدوا كمحاربة اتت من عصر الأساطير حيث كانت تقنص وتصوب وتسدد وتردى من أول تصويبه وتمكنها من ذلك وهي على ظهر الخيل جعل منظرها شهي لذلك الذي كان يراقبها مشدوها بما يراه للمرة الأولى طوال حياته.. وكيف لفتاة أن تكون بهذه القوة والمهارة والثبات ولكن كحال الجميع لم يخفى عليه إختلاسها النظرات لآدم بين الحين والحين وفهم أن هناك شيئا ما بداخلها له فأكتفى بشعور الإنبهار والإعجاب وإلا لكان رف قلبه على هذا النوع الجديد من الفتيات.
أما آدم فقد كانت عيناه طوال الوقت يراقبان تلك الهادئة الجميلة المتحكمة فى كل ردة فعل وفي كل التفاتة وكأنها تلتفت وتبتسم وتتحدث بمقدار معلوم لا تزيد عليه.
بعكس كارمن التي لم تكف عن الثرثرة لحظة واحدة وتتنقل هنا وهناك كانت مفعمة بالحيوية والنشاط بشكل مفرط اصاب آدم بالضجر فهو هادئ يعشق الهدوء وكم رآها تشبه رجوه حتى في حديثها الغير منقطع وهذا ماجعله ينفر منها ويحاول الفرار بعيدا عنها.
أما سالم فقد كان يراقب الوضع من بعيد وحين انقشعت الغمامة عن عينيه بالكامل رأي كم ان رجوته. مولهة بأدم وكيف تنظر له بتمني وإشتهاء ويتوقف بها الزمن وأبصارها شاخصة عليه وكأنه أمنية بعيدة تناجي الله بقلبها في كل لحظة أن تتحقق.
انقضى النهار وعاد الجميع إلي البادية آدم مشغول الفكر بتلك التى تغزوه شيئا فشيئا وأيضا بالتخطيط لإنتقامه الأكبر ولضړبته القاضية من اين يبدأها وكيف سيسددها وغير ذلك كيف يستغل كارمن فى تحقيق غايته وبالرغم من أن قلبه يخبره بأن لاذنب لها فيما إقترفه والداها وأن جرمهم لا ناقة لها فيه ولا بعير إلا أن عقله يهب معارضا ويذكره بأنه هو أيضا لم يكن له يد في احقاد عمه ولا ذنب وأخيه الذي توارى جسده تحت التراب واندثر إسمه من الدنيا لم يكن له اي ذنب وأن الابناء هي من تدفع ضريبة أفعال والديها كما يدفع البعض ضريبة أن يكون لوالده اعداء. 
قرر هذه الليلةأن يتقرب من كارمن اكثر ويحاول أن يعرف منها بطريقته كل ماخفي عنه من والداها واخواتها فهم بالطبع لن يتوخوا الحذر في الحديث أمامها هو يريد أن يمسك طرفا لخيط الإنتقام فقط وهذا الخيط مع كارمن إبنتة عمه لا غيرها.
وبالفعل حين أتى الليل تسلل آدم لخلف الخيام وراسل كارمن لتلحقه وهي فعلت على الفور وأخذها بعيدا تحت أشجار النخيل وجلس معها ليستجوبها بطريقة تشبه الغزل وإختلاق أحاديث عابثة حين ينفذ الكلام. 
وأستطاع بالفعل بفراسته أن يأخذ منها ماأراد فقد عرف خطط عمه وابناءه المستقبلية وعرف المشروع الجديد الذي سيدخله ياسين برأس مال ضخم تقريبا بكل مايمتلكه هو وأبيه والذي ستبدأ منه أولى ضربات العقاپ وتقبض مخالبه علي رقاب الجميع.
وكالعادة كانت تقف بعيدا تلك النسرة الغاضبة تراقبه وتتعجب من حاله فهو كل يوم يغازل فتاة مختلفة وينفرد بها وهذه الصفة لم تكن يوما طباعه ولا أخلاقة. فما الذي غيره وإن كان بدأ يلاطف الفتيات أين
---
هي من ذلك وهي لا ينقصها شيئ بل أنها تزيد عنهم جمالا واصلا طيبا لم لم ينتبه لها العقاپ وحلق فوق ارض غير أرضها
انتهت احاديث آدم الظافرة وطلب من كارمن المغادرة خلسة حتى لا يراهم أحد ويبدأ الشك في سكن القلوب فأطاعته كارمن وغادرت وهي تشعر بأن الفراشات تحوم أمام عينيها وهذة سابقة لم تحدث لخروج الفراشات ليلا ولكن فراشات الحب ليس لها مواعيد ثابتة فهي تحضر عند حضور الحبيب وترفرف بأجنحتها مع أحاديثه.
وفور مغادرتها هم آدم بالمغادرة هو أيضا ولكن بعد خطوتين ابتعدهم توقف حين فوجئ بمن يعترض طريقه فرفع عينيه ليراها تقف أمامه والڠضب يملأ عينيها المتلألأة تحت ضوء القمر المنعكس من خلالهم فسألها بعد أن قطب حاجبيه
رجوه! ويش فيك ليش جايه هنا بهالوقت وليش هكي شكلك كيف اللي اخذ الهوا خيمتها وطير اغراضها 
لترد عليه بنبرة ڠضب
عقاپ بصلي وقولي بصراحه انا سمحه ولا مو سمحه 
زاد إستغرابه وقطب حاجبيه أكثر وهو يرد عليها
ويش هاد السؤال يارجوه جنيتي انتي ولا محمومة
ماعليك اعتبرني قليلة عقل وخذني ع قد عقلي وجاوبني بس علي هاد السؤال. 
زفر بقلة حيلة ورد عليها بنفاذ صبر
اي سمحه يارجوه وسماحتك حيييل كثيره ووواجد كبيرره.. والحين جاوبتك يلا احكيلي ويش ورا سؤالك هادا 
سؤالي هادا وراه سؤال ثاني انو اذا انا سمحه وااجد متل ماتقول ليش ما شايفني بعيونك ياعقاب ليش تعمل حالك غشيم ماتفهم وانت اللي تلمح الكلمه بس تجول بالعقل وماتنتظر لتطلع على اللسان وتخرج عالملا.. عارفتك حاسس باللي فيا ومتأكد ان القلب ميال الكومافي غيرك تمكن منه
إحتقنت ملامحه ليقاطعها پغضب
وقفي وقفي يارجوه انت مريضه ولا ايش بيكي اكيد انت مريضه لأنك تهزين اي قلب هاد الميال إلي ليش انت ماتعرفين أن قلبك وكل مافيكي مملوك لسالم نسيتي انك مرهونه ولا ايش 
لا مانسيت وماراح انتمم شي انعمل رغم عني وبلا شوري ماراح نتزوج واحد من وانا طفله ماتعرف للدنيا شكل ولا لون رهني وماهمه انا رايدته ولا لأ ماراح نتزوج سالم ياعقاب. 
تعرفي يارجوه والله اذا سالم مايزعل عليكي كنت ربطتك بحجر ورميتك بالبير القديم وماعرفت حدا طريقك بس اللي منعني انسويها سالم سالم اللي من يوم يومه يمنع عنك كل شړ وماشفتي منه غير كل محبه وخير. 
عقاپ لا تذكرني باللي قدمه لي سالم لأنه كان يسويه ليتزوجني مو لاجل سواد عيني ولا محبه بياكان يسويه طمع بيا.. كان يدفع ليملك. 
وهو اذا مايحبك ليش ليريد يتزوجك يعني اذا عالجمال فيه الاجمل منك واذا عالعقل أنت بسوق العاقلين بضاعه بايره واذا عالدلال أنت ماتعرفين غير النق والمشاكل فيكي تحكيلي ليش هو متمسك فيك اذا مايحبك ليش يتحمل منك كل اللي تسوينه فيه اذا ماساكنه بقلبه.. بس ياخساره يارجوه طلعتي نكارة محبه ونكارة خير.
انا مانكرت خير ياعقاب بس انا ودي اردله الخير بخير والزين بزين متله مااردله زينه بأني انصير أسيرته لاخر العمر.. انا ودي نتحرر من سالم لأن قلبي هواك والقلب ماعليه سلطان وانت اذا تحب سالم ماتخليه يتزوجني لأن حياته قبل حياتي راح تتدمر.
طأطأ رأسه ونفضها ليحاول أستيعاب ماتتفوه به تلك الحمقاء ثم رفع رأسه ونظر اليها بعينين يشعان ڠضب ورد عليها بكلمات مختصرة قبل أن يترك لها المكان مغادرا
ياخسارتك ياسالم ياخوي وخسارة عمرك اللي فنيته وأنت تزرع محبه بأرض بور مالحه ماتطرح..غير المر. ياخسارة عشقك
---
لناس متل ذرات التراب تطير من أقل هبة هوا وتغادر لأرض تانيه.
راقبته وهو يبتعد عنها واغمضت عينيها وهي تحاول أن تبتلع الغصة التي تركها لها قبل أن يغادر.
اما الذي تبعها خلسة واختبئ خلف شجرة النخيل القريبة وتمكن من سماع كل شيء فلم يستطع ابتلاع غصته فقد كانت اكبر من ان يبتلعها بل وقف مكانه مخټنقا بها وهو يحاول إدراك إن كل شيء انتهي وأن شكوكه كلها قد تأكد منها الآن وأن إبنة قلبه عاشقة لأخيه.. وبدأت كلمات جده منصور تعاد على مسامعه الآن وكأنه قالهم ردا على هذا الموقف وهذة اللحظة وكأنه حين اخبره بتلك الكلمات كان عائدا للتوا من هنا من هذه اللحظة ومن خلف شجرة النخيل وسمع كل شيئ وعرف مايحدث. 
فعاد إلى خيمته وهو يجرجر اذيال خيبة قلبه ويتحسر على سنوات عمره التي ضاعت وهو يبني قصرا في الهواء وأسكن فيه طيف ومع هبوب الرياح تلاشى القصر واختفى الطيف.
انقضى الليل والبعض ينعم بالسعادة والبعض الاخر يتقلب على ڼار الجمر.. إعادة للحسابات تتم وقرارات تؤخذ وصراعات داخلية تتم.. بين الممكن واللاممكن بين الواقع والخيال الذي تدمر كليا بين حب وشعور بالانكسار يهزم الروح الف هزيمة في الثانية الواحدة. 
وفي صباح اليوم التالي كانت جميع القرارات محسومه.. 
إستعداد آدم واهله للمغادرة وقهر رجوه التي سيغيب العقاپ عن عينيها ويغادر مع بومتين على حد وصفها وبين قرار سالم بالأبتعاد والاحتفاظ بما تبقى لديه من كرامة وبين قرار آدم بأنه سيبتعد عن طريق كارمن ابنة عمه ويتركها وشأنها ويجهض محبتها له قبل أن تكتمل.. وهذا القرار اخذه بعد ليلة طويلة من الأحلام كانت حياة بطلتهم جميعا. 
وفور أن نظر اليها في الصباح رف قلبه بطريقة لم يختبرها من قبل قط فوضع يده على قلبه الذي خانه وتعلق بمن لا تصلح له زوجة بأي شكل من الاشكال ليس لعيب فيها.. انما العيب كل العيب في أمها وأحيانا لا نستطيع الوصول للزهور مادامت تنموا فى المستنقعات خوفا على انفسنا من أذى محيط بالزهور ولكن حتما للاقدار دائما رأي آخر وتدابير أخرى.
بدأت الايام تمر يوما تلو الآخر رابح ومعزوزه في أوج سعادتهم بعد أن توج صبرهم بالجمعة التي روت القلوب..
آدم عاد يباشر عمله ويخطط لإفتتاح شركة جديدة في نفس مجال الشركة التي يخطط ياسين لإنشائها بعد أن عطل له جميع الإجراءات بنفوذه وأجل له كل شيئ ليأخذ هو الأسبقية في كل شيئ وخاصة أنه مشروع مربح ودراسة جدوته تضمن له ربح مائه بالمائه. 
وفي ظل انشغاله بالعمل لم ينسى أن يهدئ قلبه الذي بات يفتعل الثورات ليليا ولا يكف عن المظاهرات إلا بعد أن يستمع لصوتها وتدور بينهم أحاديث طويلة تجعله يتعلق بها في كل مرة اكثر من السابق.
أما يحيي وفريال زوجته فبات التخطيط للتخلص من آدم هو شغلهم الشاغل ووضع الخطط هى لعبتهم اليومية ولكن اعتراضات ياسين المستمرة علي الطريقة والأساليب هو من كان يمنعهم أما مدحت فقد كان يعترض هو أيضا ولكن اعتراضه كان على أذى آدم من الأساس فهو يرى أنه لم يفعل شيئ يستحق عليه الم. وت ولا عمه وزوجته فعلوا. وبدأ يرى أبواه مسخان تجردا من آداميتهم كليا وخاصة وهو يرى معاملة زوجة عمه وعمه له ولأخته بكل لين وحب وهم من تليق بهم القسۏة بعد كل ما رأوه ولكنهم اعطوه درسا بأن القلوب النقية لا تتغير حتى وأن تعرضت لأبشع الصدمات. 
وبناء عليه إبتعد
---
عن كل هذا واخلى مسؤلية ضميره عن كل ماسيحدث بعد أن جاهد مع ابواه كثيرا وحذرهم بأنه سيقف لهم بنفسه ويسلمهم لعدالة الأرض قبل عدالة السماء إن قامو بإذاء ابن عمه.
إختطف آدم يوما من براثن الإنشغال بعد أن فاض بقلبه الحنين للبادية ولأهله هناك لأصحابه ورفاق سنوات عمره وذهب اليهم ليطمئن ويتمم صفقات الاسلحة التي طلبها منه قصير ويلتقي بسالم على وجه الخصوص ذلك الذي تغير معه في الفترة الاخيرة وإبتعد عنه بشكل مفاجئ وغير مسبوق ولكن آدم يعلم السر جيدا وقرر وضع جميع النقاط على الحروف فهذا اخيه الذي خرج من الدنيا به وليس له سواه.
وفور وصوله للقبيلة وبعد السلام والإطمئنان على الجميع اخبر سالم ورجوه بأنه يريدهم فى في الوادي لرحلة صيد ورافقهم رابح الذي قرر قطع شهر عسله خصيصا ليشاركهم الجمعه. 
وهناك تحدث آدم أمام الجميع بأنه بدأ يحب حياة وأن الزواج بها هي خطته المستقبليه وإن لم تكن حياة فلا سواها إمرأة ستدخل حياته كانت كلماته قاطعة وماضية كالسيف ولم يخفى علي سالم بأنه يقول هذا من أجل أن يقطع طريق المحبة على قلب رجوه له وحتى رابح الذي أسرته معزوزه بما يحدث مع اختها فهم هذا الشيئ 
والجميع نظر لرجوه ليروا ردة فعلها على كلام عقاپ فما كان منها إلا أن رفعت يدها بالقوس وعمرته بسهم وصوبت نحو قلب آدم وملامحها تحولت كليا وما أن فعلت ذلك حتى فزع سالم ورابح ولكن آدم حافظ على ثباته ولم يرف له جفن وركز على عينيها بعينين تنطق تحدي وإصرار على كل حرف قاله.. وبعد دقائق على هذا الوضع أطلقت رجوه السهم ولكن بعد أن إنحرفت في أقل من ثانيه لتسدد السهم لرأس أرنب مسكين كل ذنبه أنه أطل من جحره برأسه ليكتشف ماذا يحدث بالخارج. 
نظر الجميع نحوا موضع إستقرار السهم ومن ثم نظروا إليها وراقبوا إمتطائها للحصان ومغادرتها سريعا كمن يفر من سهام العدو بعد أن إستقر احدها في قلبه ويحاول النجاة بحياته.
نظر سالم لآدم وتبسم له كي يخبره بأنه يعلم ماهو عليه وليؤكد له ثقته فيه وحتى رابح تبسم له وإقترب الإثنان منه وطوقا عنقه بذراعيهم واخذوا يتمشون في الوادي ويتجاذبون اطراف الحديث عما يفعله آدم مع عمه في بلدته الجديدة متجاهلين كل شيئ وكأن رجوه ومحبتها آخر همومهم.
إنقضى النهار وعاد ثلاثتهم وحل الليل وبمجرد أن تلونت الصحراء بالظلام وأنتصف الليل خرجت رجوه باحثة عنه ذلك الذي القى عليها قن. بلة فتتت قلبها وجعلته يتناثر وما أن رأته جالس عند البير ممسكا بجواله ويتصفح فيه فأقتربت منه واردفت بصوت يختنق من الحزن
قولتلي صرت غاوي وتحب هااا
اغلق هاتفه وأعاده لجيبه وجاوبها دون النظر إليها
اي قلت وراح انقول مره ثانيه وعاشره حتى تفهمي وتعقلي اي انحب يارجوه انحب.
رجوه 
طيب وانا ويش انسوي بحالي مافكرت فيا وفي قلبي اللي هايم بيك 
عقاپ
بس انا ماوعدتك بشي لتعاتبيني عليه وغير هكي انتي مرهونه من صغرك كيف قدرتي تتمعشقي وتحبي وفوقها تعرضي روحك على راجل مره وتنين وثلاث.. انتي ليش ماتستحي ولا علي رأي من قال اللي إختشيوا ماتوا! 
اي اني مانستحيخلاص قلعته توب الحيا لان اللي تستحي ماتطول ولا تربح.. وانا ودي نربحك وشاهد علي ربي اذا صرت مرتك لنحطك بين عيوني وباعماق قلبي
واذا عالزواج تزوج ماراح نمنعك تزوجها وأنا خليني زوجه تانيه ماطارت الدنيا هنتظرك لحتي تشبع منها وتمل وتريد
---
التغيير.
وانا ماراح اشبع ولا انمل منها لاني عاشقها واللي يعشق مايشبع ولا يمل.
وانت قلتها.. اللي يعشق مايمل وانا ماراح انمل ولا راح انبطل اطلب قربك بكل يوم وباليوم الف مره لحتى يلين قلبك وتعطيني فرصه.
انت خلاص ملكت قلبي وخديت صك ملكيته ووثقته.
مافي فرص.. انتي مرهووووونه لخوي وفى حكم المتزوجه عقلك جن عالاخير كيف صورلك تفكيرك العطيب اني ممكن ناخد وحده مرهونه 
ووين انودي وجهي من اللي مرهونه له وانتي تعرفي ان هادا بالذات مايصير اني نوقف بوجهه ولا لاجل خاطر الف مره.
ماتحمل هم الرهنة انا هنحلها من عندي انت بس اعطيني كلمه اني انصير زوجتك ولو بعد سنين وانا نخلص حالي وانتظر.
لا ماتحلي ولا تنتظري وانا ماراح ناخدك لو انتظرتي كل عمرك.
هيك صار الحكي
اي هيك صار الحكي وهادا كل اللي عندي يابت العم.
معناها خلصت حلول الود ومابقي غير حلول القوة.
تبسم وهو ينظر لعينيها اللتان تحولتا إلي عيون قطة شرسة تقف في مواجهة أسد متحدية ولا تعلم انه بزئرة واحدة فقط يستطيع قټلها. فأردف لها وهو يبتعد عنها بخطواته للخلف
عاودي للخيمه وماتطلعي بمتل هالوقت مره تانيه خافي من الضباع تاكلك وما نلاقو منك غير قصايبك هادول قالها  وهو يشير بعينيه على ضفائرها اللاتي تصلان إلى أسفل خصرها ثم استدار مبتعدا وتركها وهو يعلم ان نوبة من الجنون على وشك ضړب رأسها الآن 
وبالفعل قبل أن يصل إلي خيمته كانت هي تسبقه لموقع الأحصنة وتحرر احدهم وتمتطيه بسرعة البرق وتجري به في الظلام 
ولا تأبه بأنه لن يرى وجهته أو أين سيأخذها.
فضړب هو الارض بإحدى قدميه پغضب وهو يسرع ليمتطي حصان آخر ويعقبها متبعا ظلها الاسود الذي كاد ان يختفي واردف لنفسه وهو يقترب منها
لا وتريدني انتزوجها بعد. حتى نقضي كل عمري نجري خلفها بالصحاري ونجيبها من الوديان.. الله يبعتلك ذيب ياكلك فغفله ويريحني منك
والله لولا خوكي والملامه والعتب لاتركك ولا نسأل عليكي.
إقترب منها المسافة الكافية التي تمكنها من سماع مايقوله واردف لها بصوته العالي
وقفي يالمهبوله وقفي لوين ودك توصلي.
اتركني بحالي ليش لاحقني عاااود عاود.
إقترب منها أكثر فترك لجام فرسه وحرر اقدامه من السرج واستعد للقفز وبحركة سريعة قفز على حصانها ليكبلها بجسده فوق الحصان ويلتقط منها اللجام ويتحكم بها وبالحصان معا ويوقفه.. من ثم همس لها وهو يصك على اسنانه ويش قولك لو نربطك ونتركك فريسه للذياب الليله وبالصباح تجي الغربان تفطر باللي ضل منك وبعدهم اجي انا اخد عضامك وندفنهم ونرتاح منك ومن هبالك هادا.
اردفت بصوتها الذابل من قربه وهي تحاول تهدئة قلبها الذي يستغيث الآن من هذه الرائحة التي تشبعت بها انفاسها والتي تعشقها حد الجنون
اربطني واتركني لو كان هالشي يريح بالك.. انا اي شي منك راضيه بيه وأي شي تسويه بيا انا خدامتك وماراح تشوف مني غير الطاعه.
تنهد بقلة حيلة وقفز سريعا من فوق الحصان ناهيا لهذا القرب المهلك فهي جميلة حد اللعڼة وتعشقه وتبدوا بين ذراعيه كقطعة من الحلوى وبمفردهم تحت جناح الليل وهو شاب ېحترق حرمانا ولو أنه بقي قريبا اكثر لضعف متناسيا صديقه وخطيبته ومتناسيا العالم فهو بالنهاية رجل ولا يوجد رجل يستطيع مقاومة كل هذه المغريات ففاتنة البادية بين يديه ترجو وصاله ولولا أنه قوي لنضبت قوة تحمله ورضخت مبادئه لسطوة شيطانه الآن.
سار هو يمسك بلجام حصانها بيد ولجام حصانه باليد الأخرى حتى وصل اطراف البادية متجاهلا رجائها له
---
طوال الطريق بان يهبها فرصة واحدة فقط وتعده بأنه لن يندم إن فعلها وتحاول التأثير فيه بكل ماتعرف من عبارات تفتت قوة الرجل لو كان صلبا كالحجر ولكن كعادته لم يتأثر ولم يرف له جفنا الى أن توقف بالأحصنة 
فأنزلها وتركها واقفة تتأمله والحسړة تأكلها
وأخذ الأحصنة يعيد تقييدهم وانتظرت هي عودته لتحاول معه مجددا بلا كلل ولكنه تركها مبتعدا ودلف سريعا لخيمة الشباب هاربا منها وهو لا يعلم سبيل للتخلص من شعوره بالندم على ما سوله له عقله لجزء من الثانيه فهي في نظره خېانة لا تغتفر والخېانة ليست من طباعه ولم يكن يوما لها اهلا.
تفحصه من وسط النيام فوجده يغط في نوم عميق فرفع جزء من الخيمة وخرج من الخلف حتي لا تراه إن كانت لازالت واقفة وأخرج هاتفه بعد أن تمدد فوق الرمال وقام بالضغط على رقمها وفور أن أجابته بصوتها الناعم الناعس همس منتشيا
يااااابااااه قتيل هالصوت وصاحبته انا أنحبك وربي وعقلي مولع بيك وروحي فدوة ليك وإشتقتلك ووااااااجد.

الفصل الثاني 

بعد أحاديث طويلة أغلق آدم هاتفه وعاد للخيمة كي ينام وسط الشباب، وما أن دلف وأضاء مصباح هاتفه ليرى في أي فراش سينام، حتى رأي سالم مستيقظ وينظر لسقف الخيمة ولا يُبدي ردة فعل تدل على انه أنتبه لقدومه، فما كان من آدم إلا أن إقترب منه وجلس بجانبه وسأله وهو يعلم سر حاله جيداً، وكانه يغالط عقله:
- ويش فيك ياخوي، ليش النوم مجافيك وشاخصه عيونك متل اللي يدور بالسقف على شي ضايع منه؟

ليجيبه الآخر وهو على نفس وضعه وثباته:
-النوم مجافيني لنفس السبب اللي مجافيك لاجله ياعقاب، صاحبك سالم مو من اليوم النوم خاصم عيونه، وحتي إن زارهم تكون زياره خطف.. اااخ يانوم من ويش يصالح عيوني عليك.وياليل ماأطولك على مشغول البال؟ 

-هون علي روحك يالغالي وسلمها بيد الله وعاود للنوم وارمي حمولك على الله وهو عليه التدابير.

- ماينام الليل غير خالي القلب والبال ياعقاب ليش ماتفهم.. اتركني وروح ارقد انت واطمن، عارف انك متكدر علي، بس ماتعرف ربك وحكمته يمكن هادا خير لي وانا ماندري.
مانطلب منك غير ماتنساني من دعاك كل ماحط جبينك على الوطا ساجد. 

نظر اليه آدم ولم يعقب، فقد كان حال رفيقه يُرثى له ويعلم أنه لن  يجدي فيه كل عبارات الرثاء. 

إستوى آدم على فراشه وتشارك مع سالم في النظر لسقف الخيمة، واخذ يفكر في كل مايدور من حوله وكل الأذى الذي يحاول صده والبدء في المهاجمة، فقد تأخر هجومه كثيراً، وكم تمنى لو أن كل همه مثل هم سالم، خسر حبيبته ولكنه بمأمن، وقلبه لازال نابضاً، وسيعشق مرة أو مرات أخرى، أو ربما تعود له صغيرته وتبدد الهم الذي سكن يسار قلبه ويعود لسابق عهده.. فخسارة الحبيب هي أهون خسارة من وجهة نظره،اهون من الخوض في حرب من أجل البقاء يهون فيها كل شيئ. 

أما في ليبيا.. 
قياتي:
- يابوي كلك شي وتقوت، مو معقول قافل فمك عن الوكل والشراب وبس تشرب أعشاب ، بهي الحاله راح يزيد عليك التعب. 
منصور بضعف:
-اتركني ياقياتي وماتغصبني عالطعام، النفس اللي تاكل والمعده اللي تتحمل وانا لا نفسي قابله ولا معدتي متحمله، يبقى بلا عذاب ياوليدي، خلي مرتك تسويلي الاعشاب اللي تريحني وماتشغل بالك بوكلي وشربي.

هم قياتي بأن يجادله اكثر، ولكن قطع حديثه إتصال على هاتفه الجوال، فنظر لشاشته وتنهد بإرتياح وهو يردف:
- وهادي الوحيده اللي راح تأثر عليك حضرت.. هلا بعمتي عوالي.. هلا بالغاليه.. والله بوقتك دقيتي. 
- هلا فيك يانبض عمتك انت.. طمني ويش احوال بوك اليوم، انشالله حاله هاني.
- والله ياعمتي كان بودي اطمنك بس للأسف خوكي وتعرفيه، صايم عن الزاد ومافي غير يشرب مي واعشاب لما حاله صار مايسر عدو ولا حبيب. 
- اي نعرفه ياعمتي بس يمرض يخلي كل اللي حوله مرضى من كثر مايوجع القلوب عليه، اعطيه لي خلي انشوف ويش اخرتها معاه هاد الشايب اللي مايعمل حساب لحدا. 

- هدي شوي ياعوالي ماني متحملك انت كمان تنقي فوق نق قياتي ومرته ووجاع راسي بسببهم. 

- والله ياابن أمي وبوي انت حلال فيك وجيج الراس، ولو كنت يمي كنت خليت راسك تصير كبر الجبل من كتر نقي عليك ليل نهار. 
هنينيا من يمك ياشقيقي وكل ياغالي وتقوت اللقمه عافيه وصحه. 

- واللي ماقادر ويش يسوي بروحا ياعوالي؟ بس انت اتركك مني واحكيلي عن اخبار القبيله وناسها، طمنيني عن احوال الكل ياعوالي، طمنيني ويش مسوي قصير  بالقبيله؟ عرف يمشي امورها ولا في شي واقف معاه ومحيره.. هو بعرفا عمره ماراح يجي يحكيلي قلة حيلته وعجزه اذا حصل، طمنيني انت ياخيتي، انت مرايتي وعيني على قبيلتي لحين تفارق الروح جسدها.

تنهدت عوالي وهي تردف له وهي تشعر بقلة حيلتها عليه وعلى حاله:

- والله ياشيخ القبيله كلها بخير وامورها تمام، وقصير مو لحاله، معاه رابح وسالم وآدم وولده هلال بعد صار رجال يملا العين ماشالله عليه وصار كتف بكتف مع ابوه، يعني القبيله بأيادي أمينه وفي رعاية اللي يخافون عليها اكثر من الروح.

سمعت تنهيدة ارتياح خرجت من روحه قبل جوفه بعد أن طمأنته على أحوال رعيته وقبيلته التي لا يشغل باله سواها في هذه الفترة، حتى اكثر من صحته التي لا يهتم لها على الإطلاق. 
تحدثا كثيراً ومن بعدها انهت عوالي المكالمه ونظر منصور لقياتي وأردف له:
- دقلي على آدم ياقياتي ودي نتطمن عليه ونشوف احواله ليرتاح بالي.. كتييير شاغل بالي هالعقاب والله. 
قياتي:
-أتطمن يابوي، انا من كثر كلامك انت وقصير وكل اهل القبيله على عقاب هاد صرت متأكد انه ماينخاف عليه. 
- اي بس الاب يضل يخاف على صغاره ويحرسهم حتي وإن كان أسد وهما اسود متله.. وعقاب وليدي ورباية قلبي قبل عيني. 
- ويش فيك ياشيخ غرت منه انا ترى ها! 
تبسم منصور وهو يرد على قياتي إبنه الذي رأى بالفعل بصيص من غيرة لمعت في عينيه:
- هااا بدأت رحمة الله وقياتي العاقل اللي هيك كبره الغيره حمسته. 

- والله يابوي مابيها كذب، وقت تتكلم على عقاب هاد ينحمس قلبي حمس من الغيره وانا نسمع كلامك عنه وانحس بمحبتك ليه لوين واصله. 
ضحك منصور، 
وعلى الفور هاتف قياتي آدم واعطاه لأبيه الذي لا يتغير مزاجه إلا بعد هذه المكالمة اليوميه التي يُفرغ فيها ابيه كل خوفه وقلقه على آدم وعلي قصير والقبيلة، بعد أن يؤكد له آدم بأنه لن يبتعد وأن كل شيئ على مايرام. 

أما في القبيله:
معزوزه:
- يارجوه ياوجه البومه، ليش هيك ساكته وقاعده بمكانك ماتتحركين كيف اللي بالع احجار؟ مو من عوايدك ياخيتي ماتسرحين وتمرحين بالقبيله وتطفشي حتى الطيور وتحرميها تمر من سماها؟ 

- اتركيني بروحي يامعزوزه ولا تحكين معي، روحي لزوجك رابح حبي واتمعشقي ونامي بأحضانه وانسي العالم وماتشيلي همي ولا هم شي بالدنيا.. وليش تشيلي هم شي هي اللي تاخذ حبيبها يطول قلبها هم ولا غم؟ اتركيني انا بغمي وروحي افرحي انتِ واشقي بروحك وبراجلك . 
فتحت معزوزه عيناها على وسعهم وكبرت وفتحت كفتها في وجه اختها ومن بعدها صرخت فيها:
-صلي على النبي بقلبك يارجوه راح تصيبينا بالعين ياخيتي.. وبعدين ما أنتِ اللي جايبه لحالك الهم والغم وتاركه طيرك اللي بيدك ورايحه تجري ورا طير بالسما ماينمسك ولا ينملك، ولا الك اي فرصه معو ،وانا واثقه انك تعرفين هكي زين لكن، من يومك وانت ماتدوري غير عاللي تكدري بيه حالك.  

صرخت بها رجوه بعد أن فاضت بها مشاعرها، غير آبهة بما تقوله أو بمن سيسمعه:
- ولك أحبه احبااااه ياخلق، احبا ياناس ومابيدي، ولك القلب ماعليه سلطان ياناس وانا احب "عقاب" احبه احبه تفهمون انتوا ولا ماتفهمون؟ 

فجاءها من الخلف الصوت الذي جعلها تعود إلى رشدها، بل وتقفز من الخوف وتحتمي بمعزوزه اختها، ولكن بعد ماذا، فقد تفجرت القنبلة وتناثر مافي القلب:
- وللللك ايش قولتييي؟ ايش حكيتي الحين سمعيننني ماسمعت زين! مين تحبي ياكلبة البدو يافانص ياعديمة الحيا؟ 
- يابوي هي ماتقصد، رجوه تمزح، بس تمزح معي. 
- صكري فمك يامعزوزه والا  ماأكبسه لك غير رمل وانحطك معها بالمحرقه اللي راح انسويها توا وانحطها بيها.. صرتي تتمعشقين ياكلبه وانت مرهونه؟ وحتي لو مو مرهونه عندنا بالقبيله وحده عشقت من قبل؟ 
رجوه بوجع جاوبته:
- اي انا عشقت وحبيت وقلبي اختار غير اللي انفرض عليه، اي انا فانص وقليلة حيا، والحين ياابوي سويلي محرقه وحطني بقلبها ماراح تفرق كتير والله، ولك انا محرقتي شاعله جواتي وماتنطفا ليل نهار، ماراح تأذي كتير محرقتك اللي راح تاكل البدن. 
- ولك شوف الكلبه كيف ترد وماهايبه والي؟ والله اليوم لادفنك حيه يارجوه، ولا ليش حيه، تندفني ميته ودمك تشرب منه رمال الصحرا لتكوني عبره لغيرك من اللي تسولها نفسها تساوي متلك من بنات القبيلة. 

انهى كلماته وسل خنجره من حزام خصره، وهجم عليها وهو عازم على إزهاق روحها في التو واللحظة، ولكن يدين قويتين كبلتاه وارجعوه للخلف قبل أن يطالها خنجره بإنشات فقط! 
فنظر للخلف ليجده سالم، وماأن ميزه حتى هتف به غاضباً:
- ولك اتركني ياسالم، اتركني نغسل عاري وانظف القبيله وانموت هي الفانص اللي موتها كان ولابد منه من سنين طوال، أصلا كان مبين من وهي صغيره انها راح تكون هيك بس تكبر، لكن انا كنت انقول تكبر ويزورها العقل وتنسى كل خبالها وترسى وتصير آدميه.. بس الظاهر اني غلطت غلطه كبيره والحين انريد انصلح غلطي. 

- ولا غلطه ولا شي ياعمي، رجوه مافي منها بكل القبايل وهي ست العاقلين،، بس القصه ومافيها انها هوت، والهوى ماباليد، فماتواخذها فاللي ماتملك من امره شي. 
قصير:
-انت اللي تحكي هيك ياسالم؟هادا اللي قدرت عليه رجولتك؟ خد  الخنجر من يدي وخلص عليها  بيدك،هيااااا.
- وليش ياعمي انخلص عليها، ايش الذنب اللي سوته اللي تنتهي حياتها لاجله.. اذا اللي يعشق يموت معناها اغرز خنجرك بصدري انا بلاول. 

تنصل قصير من قبضته ليستدير ويواجهه ويرد عليه بوجه محتقن وعيون تكاد تخرج من محجريها:
-ولك انت رجال ياسالم رجااال، يعني تعشق كيف ماتريد ومافي عليك لوم ولا عتب ولا عشقك يحملك عار. 
-الأمر سيان ياعمي.. القلب بالصدر هو نفسه، والشعور نفسه، والضعف نفسه، وقلة الحيلة قدر مكتوب.. والحين اغمد خنجرك بجرابه واستعيذ بالله، ورجوه طول ماسالم حسه بالدنيا ماحدا يقدر يمسها بسوء ولا يقرب منها بشر.. رجوه بحماية سالم لحتى تفارق الروح الجسد. 
انهى كلماته ونظر لمعزوزه وأمرها بطريقة لا تقبل الجدال:
- خذيها على خيمتك انت ورابح يامعزوزه، ولا حدا يحكي معها بشي، اتركوها باللي هي فيه ولا تزيدون عليها الهم متل ماكانت تحكيلك قبل شوي. 
ردت عليه معزوزه بشفقة:
- سمعتها ياولد عمي؟ 
-  اي سمعتها ونعرف قبل مانسمعها يامعزوزه، ومو هي اول مره نسمعها تحكيها بفمها، سمعتها من قبل، ومانكذب عليكي كانت أقوى وأوجع.. وهالمره موجعه بس مو متل المره الأولي، المره الأولي مايجي متلها بكل شي. 

انهى كلماته واخذت معزوزه يد رجوه وجذبتها وغادرت بها علي الفور من أمام ابيها الذي رد علي سالم قبل ان تبتعد ليجعلها تسمع مايقول:
- معزوزه قولي لامك تجهز حال رجوه لأن فرحها على سالم اخر الشهر. 
توقفت رجوه واستدرات لتنظر لأبيها وهي مستعدة للرفض والإعتراض، ولكن عيون سالم التي أمرتها بالمغادرة وحذرتها من الكلام في هذه اللحظة لجمت إعتراضها، وجعلتها تبتلعه وتغادر دون ان تتفوه بحرف واحد.. غادرت وهي مطمئنة وأكيدة من أن سالم سيحميها هذه المرة ايضاً، سيحميها بدماء قلبه التي اراقتها بيديها، وجعلتها تسيل على طرقات الوجع. 
أما سالم فنظر إلي قصير وأخبره بتصميم:
- ياعمي انا ماراح انتزوج رجوه بتك اعذرني. 
إنتفض قصير وهو يسمع عبارته ورد عليه بزئير يشبه زئير أسد غاضب:
- ويييش تقول ياكلب، ودك تفض رهنتك على بت عمك يعني؟ هاد اللي طلع معك؟ يعني اذا ماحطت هي راسي بالوحل تحطها انت؟ 
والله اذ.. بحك واذ.. بحها سوا. 

- طول بالك بس ياعمي طول بالك. 

- مافي طولة بال ياسالم، مافي غير زواج بنهاية الشهر وانا قلت كلمتي واللي يقدر يعترض يفرجني مرجلته. 

أنهى كلماته وتحرك مسرعاً يدب اقدامه على الأرض كمن أصابه مس، يتمتم بكلمات يخرج معها الغضب من جوفه، وحاله لا يبشر بخير، بل ينذر بأن القادم شر لا يقبل الجدال.

أما سالم فتحرك بخطواتِ ثقيلة وهو يحمل هم تلك العنيدة ذات القلب الجسور والقليل من العقل، كيف ستكون مواجهتها مع ابيها وعن ماذا سيسفر الصدام بينهم، وهل سيستطيع حمايتها من غضبه للنهاية؟ أم ستُزهق روحها في غفلة منه عنها، وينتهى ذكر رجوه من الحياة وينتهي هو معها. 

عاد إلى الخيام ودلف إلى خيمة اهله، ولأول مرة يندفع إلى حضن أمه  فيرمي بنفسه فيه وكأنه واحته التي هجرها منذ سنوات وسكن غيرها، وعاد إليها اليوم نادماً مشتاقً، وقد عرف أن كل الأماكن دونها زائلة وكل الأحضان زائفة. 
أخذت أمه تمسد على شعره في حنان بالغ وهي تشعر بكل غصة يغصها قلبه، وكأن الذي يتعذب قلبه ومن يشعر هو قلبها، فقد كانت تعلم منذ فترة بأن هذا اليوم آتٍ، وأن ثمار جهد وتعب إبنها سيقطفها غيره من قلب رجوة، وأن سنوات شقائه عليها ذهبت في مهب الريح. 

أمالت عليه بجزعها بعد فترة وهمست له راجية:
- ويش قولك ياسويلم لو نخطبلك بنيه من زينة بنيات القبيلة، فوتني انا نختارلك اللي تليق بيك وبقلبك الطيب وشوف امك ايش راح يكون اختيارها. 
إنتفض سالم وإعتدل في جلسته كمن لدغته حية بعد سماعه لكلماتها واردف رافضاً:
- ايش تقولين ياأمي، ويش هاد الحكي، كيف ودك تخطبيلي وانت تعرفين القلب ومافيه؟ 
- بس اللي بالقلب ياوليدي خلاص فرد جناحاته وطار وحط على قليب غير قليبك ووده يعشش فيه.. ليش انت ودك تسيب قلبك خالي من دون سكان؟ 
خلي طير جديد يبني بداخله عش ويسكنا ويكونله بيت ووطن، وطالع منه اثار الطيور اللي هاجرت وولفت على غيره وماعاد الها رجعه اليه. 

أغمض عيناه وسحب نفساً قوياً وزفره بتعب ثم عقب على حديث أمه قائلاً:
- الحكي ما في اسهل منه ياأم سالم، بس التنفيذ واااجد صعب، دوم اللي عالبر عوام واللي بعيد عن النار يشوف لهبها هين وينطفى بنفخه.. بس آاااخ من اللي قلبه بالنار اااخ. 

أشفقت أمه على حاله اكثر، وصمتت وهي لا تملك على حاله حيلة، ولكنها تعلم جيداً ان سالم إبنها على قدر لين قلبه يمتلك قوة وقسوة قد تدفعه لحرق العالم دون أن يرف له جفن، ولكنها مختفية خلف قلبه الذي أصابه حب رجوه بالضعف..وأن التغيير قادم لا محالة وكم هي مشفقة على ابنها من تبدل الأحوال. 

أما في الخيمة عند رجوة ومعزوزه، ارتمت في احضان معزوزة فور عودتهما واخذت تشهق ببكاء لم تراها معزوزة تبكيه من قبل، ودموع لم تسقط من عيني رجوه بهذه الطريقة ابداً، فضمتها لصدرها اكثر وأخذت تهود لها عل إنتفاضة جسدها تهدأ، وبعد فترة بدأ جسد رجوه يستكين وشهقاتها تهداء، وهمست لمعزوزه راجية:
- أمي ديري شي لبنتك، مو انت أمي يامعزوزه وربيت باحظانك، مو الأم اللي تربي وتكبر، طيب مو الام تحس بأولادها وما تريد الا  راحتهم وتحارب لأجل خاطرهم؟ طيب ليش تاركتني وماتحاربين لأجل خاطري، ليش تتفرجين علي من بعيد ومصكره فمك وانت شايفتني انموت قدام عيونك؟ وينك مني يامعزوزه ووين محبتك لي؟ 
ولا متشفيه في بسبب سالم
جاوبيني وردي ماتتركيني لعقلي يودي ويجيب الشينه من يمك ياشقيقتي! 

- ياعيوني انت ،عليم الله يارجوه انك بنت هالقلب وهالروح، واني لو ضنيت وجبت من حشاي وليد ماراح يكون اغلى منك، بس يابنيتي أنت  مصكره قلبك وقافله عقلك على عقاب.. وانا قولتلك مليون مره هاد الشي مستحيل يتم، ياحبيبة اختك هاد غريب عنا ومانوا من قبيلتنا ولا أصله من أصلنا، يعني غريب وانت تعلمين أن الغريب مايطأ بنياتنا لو انطبقت السما عالأرض.. 
حبك هاد لعقاب طوفان يارجوه وراح تغرقي فيه وماتلاقي اللي يمدلك يد العون، بالعكس الكل راح يمدلك يده بس ليطمسوك بطوفان اغلاطك وينهون عمرك.
فوقي يابت الحلال وردي لعقلك وفوتي لهبال اللي تسمينه حب وعشق، انا بعرفك ماتحبين عقاب وكل اللي بيكي تمنى لواحد كل القبايل تتغنى بإسمه، انما المحبه للي كل شي فيكي اكتمل على يده، العشق لصاحب اليدين اللي شالوا وربوا وتعبوا عليكي، وياما حملوا همك قبل حمولك، للضهر اللي انحنى من كتر شيلتك لجل ماتدوس اقدامك بالرمال الحاميه.. وان الود مخبى بالقلب للي صان العرض وحافظ على بنية قلبه. 

ما أن انهت معزوزه كلماتها حتى شعرت  بأن جسد رجوه يتراخى بين يديها فأحتضنتها جيداً وهي تعلم أن هناك إغمائة في طريقها إليها، وها هو ماتوقعته يحدث وسقطت رجوه أرضاً هاربة من كل مايحدث، وما كان من معزوزه إلا أن تأخذها للفراش وتذهب لطلب العون بعد ان فشلت كل محاولاتها معها لإفاقتها، وما إن نادت على امها بصوتها العالي:
- مكاسب، يومه تعالي شوفي ايش صار برجوه ماني قادره نرجعلها الوعي، يارابح تعال،، يابوي وينك، سااالم. 

وبالرغم من ان أسمه كان آخر المذكورين لكنه كان الحاضر الأول الذي خرج من خيمته مسرعاً كالإعصار تاركاً أمه، ناسياً كل ماتفوهت به، واقتحم خيمة معزوزه كالريح بعد ان رأي القلق والخوف في عينيها، وعلم أن رجوته بدأت في الإعتراض على الوضع الراهن بأقسى وأصعب الطرق، وهي ان تقدم روحها قرباناً لعنادها. 
حاول جاهداً ان يعيدها لوعيها بكافة الطرق ولكنه فشل، بلغ القلق والخوف من قلبه مبلغاً وهو يراها غائبة عن الدنيا تماماً، فما كان منه إلا أن يصرخ في كل من تجمع حوله ويحاول عبثاً فعل شيئ وتتوج محاولاته بنفس الفشل، فهدر بهم جميعاً:
- اسرعو هيا جيبوا عمتي عوالي هي اللي تقدر تفوقها او جيبو مايزه، جيبوا اي حدا يصحيها مايصير تفضل غايبه عن الوعي كل هالمدة. 

غادرت معزوزه مسرعة نحو خيمة الشيخة عوالي وأخبرتها بما حدث، فتوجهت عوالي لحقيبتها المعلقة ودست يدها بداخلها، وأخرجت شيئاً ثم ذهبت مسرعة مع معزوزه، وفور بلوغها رجوه فتحت مابيدها واخرجت منه قنينة فتحتها وقربتها من أنف رجوه، لتنتفض مبتعدة بوجهها عن الزجاجة وتفتح عينيها على الفور. 
تنفس سالم الصعداء وهو يرى عينيها تُفتح وتأوهت بضعف لتعيد له أنفاسه المسلوبة، 
وتخبره بعودتها للحياة بأنه سيظل على قيد الحياة مادامت باقية معه في هذه الدنيا. 
تلفتت رجوه حولها وحينما ادركت مايحدث وتذكرت ماالذي اوصلها لهذا الحال عادت للبكاء مرة اخري، ولكن هذه المرة اشد وأقوى، وكأنها تناجي كافة القلوب المحيطة بها وتطلب منهم الرأفة بحال قلبها. 
نظرت عوالي للجميع وبحزم امرتهم:
- الكل يغادر الخيمة انريد رجوه لحالها ودي نحكي معاها كلمتين. 

اغمضت رجوه عيناها وتنهدت بضيق ثم دفنت وجهها بين كفيها إستعداداً لما ستسمعه، ولكن إعتراض سالم كان المنقذ لها من كل هذا كما عهدته يتدخل دوماً ليبعد عنها كل الاذى في الوقت المناسب. 
- الاذن منك ياعمتي انا اللي ودي نحكي مع رجوه لحالنا، فلو تكرمتي اعطيني أنا الفرصه بالأول وبعدها تعالي واحكي معاها ايش مابدك. 
عوالي:
- اتركني انا نحكي معاها بالاول ياسالم لأن اللي راح تسمعه منها توا راح يوجع قلبك ويتعب روحك انت ماتدري ويش اللي عم يصير. 
- عندي علم باللي صاير واللي عم يصير ياعمتي وماتخافي علي، القلب انوجع ومشي الحال والروح صابها التعب من وقت بعيد.. واي كلام راح نسمعا منها انا مستعدله. 
- براحتك ياوليدي، اذا تريدني انغادر تم، بس بعد ماتنتهي منها تعال لخيمتي ودي نحكي معاك انت كمان
-ابشري ياعمتي في جرتك فوراً بس ينتهي كلامي مع رجوه. 

إنسل الجميع خارج الخيمة واحدة تلوا الأخري، وكان رابح وهلال آخر المغادرين، وأصبح سالم معها بمفردهم، نظر اليها ملياً يشبع عيونه من وجهها الذي كان قبل أيام يظن أنه يمتلكه، ويحق له النظر لعينيها ولتقاسيم وجهها متى شاء وكيفما شاء، واليوم يشعر بأنها النظرة الاخيرة لشيئ كان بالأمس يمتلكه واليوم أصبح له مالك جديد. 
تنهد بألم وأردف وهو يراها تهرب بعينيها منه في كل مكان:
- رجوه ايش ظنك بسالم؟ 
نظرت اليه متفحصة لملامحه وأطالت النظر لعينيه ولم تجبه، فأعاد سؤاله عليها بصيغة أخرى:
- رجوه كيف تشوفين سالم توا؟ 
أجابته بصدق بادٍعلى ملامحها ونبرة صوتها:
- انشوفك أماني ياسالم، انشوفك السد اللي يحول بيني وبين الأذى والضيم 
تبسم وأخفض عيناه أرضاً واردف بصوت متعب:
- وسالم راح يضل أمانك وسندك وسدك لآخر العمر يارجوة القلب اللي ماكملت ولا راح تتحقق.. لا تخافين ولا تشغلي بالك بشي، عمي قصير انا هندبر معاه الأمر وانسوي كل شي، ماحدا راح يجبرك على اي شي مادام سالم عايش ويتنفس.. حتي لو الجبر لصالحي يارجوه، آنا ماراح انعيش معاك غصب عنك، ولا انا اللي نقبل أن حرمتي تكون ببيتي وبين احضاني وفكرها وقلبها مع غيري. 
أنا حليتك من رهنتى يارجوه ومن توا انتِ حره طليقه.. 
بس يابنت الحلال موالك انتِ وعقاب ماراح يتم لأن هو مو من البدو وانت تعرفين زين إن بناتنا تنوئد ولا تتزوج غريب، وهاد مو كلامي ولا انا نحكيه عبث، هاي عاداتنا وتقاليدنا واعرافنا اللي تعلمينها وتعرفيها حق المعرفه. 
رجوه انت مانك صغيره الحين وتقدري توزني أمورك زين.. حاولي تقنعي حالك شوي شوي أن اللي تورط فيه قلبك مايصير؛ لجل لا تدخلين انت وقلبك بحرب خاسره وكل اطرافها وظروفها اقوى منكم.. بداية من الاعراف لآدم نفسه اللي قلبه مع غيرك ومو متاح ألك ولا راح ياخذك لو ع قص رقبته، ولا راح تصيري حرمه ببيته حتى لو خيروه بين نيران السعير وبينك.. راح يرمي حاله بالسعير اهون عليه منك كوني متأكده من هالشي، لأن العقاب ماياكل من وليمة غيره. 

تجمع الدمع في مقلتيها بعد أن سمعت هذا الكلام منه، وسرعان ماسالت دموعها على وجنتيها، فرق قلبه عليها ورفع يده كي يمسح عبراتها وتشربها كفه كما أعتاد وعودها، 
ولكنه ضم يده وأنزلها حين تذكر أنه ماعاد يحق له ذلك، وأكمل بعد تنهيدة وجع جديدة:
- رجوه انا ماحكيت هكي لتبكي  عيونك، انتِ تعلمين ان سالم ما يزيف الحقايق ولا يجملها، ويحب يدج الحقيقة بالوجه دج، وانا من خوفي حكيتلك هادا الحكي، وبتمنى من الله انك تاخذينه بمحمل الجد وتعقليه زين، انت مازال صغيره وقلبك صغير وما يتحمل وجيج، وانا من خوفي عليكي بحكي هكي. 
انا الحين مانحكي مع رجوه حبيبة سالم، انا نحكي مع رجوه بنتي، بنتي اللي انولدت وربيت بحجري وشافت الدنيا وهي فوق كتافي وانخاف عليها متل خوف الاب على بنيته. 

مسحت عبراتها ونظرت اليه واردفت بشفقة عليه وهي ترى ملامحه الشاحبة المتعبة وذقنه النامية وقد نال الإجهاد منه كلياً:
سامحني ياابن عمي والله مو بيدي. 
- اعرف انه مو بيدك وان القلب ماعليه سلطان يارجوه.. انا اكتر حدا بالدنيا يعرف هالشي ولهيك حاططلك مليون عذر وعذر.

-شهقت بالبكاء وهي ترد عليه:
- حقك وحق قلبك على راسي ياسلومتي الغالي. 
اغمض عينيه واخذ يحرك فكه يميناَ ويساراً وهو يضغط على ضروسه محاولاً الثبات بعد كلمتها هذه، وبعدها فتح عينيه ونظر اليها واردف:
- ومن انعل ابوك وامك الحين تزعلين؟ 
اسمعيني زين.. من اليوم مافي سلومتي، مافيكي تتبعيني  للخلا، مافيكي تجي ورانا الوادي، ومافيكي  تجلسي بمكان انا فيه، اذا انا حضرت انت تغادرين اذا كان وجودي بالمكان ضروري وماغادرت انا، مافيكي تتمضحكين قدامي، تواري عن عيوني قدر المستطاع، سوي هالشي فتره بس لحين يصبح الأمر عادي ويبرا الجرح شوي ويخف الوجيج.. لا تزيدين فوق ناري حطب وانتى تروحين وتردين قدام عيوني وتحرقي روحي، خلي عين سالم تعتاد غياب رجوه، اذا قدرتي تسوي هالشي بكون شاكر افضالك، واذا ماقدرتي معناها حكمتي علي انتغرب عن القبيلة ونغادر ومانعود الا والحال غير الحال. 

اجابته مسرعة وكانه تفوه بشيئ لن تتحمله:
- لا لا.. لا تغادر ولا شي وانا ماراح نخلي عينك تشوفني، واذا حصل راح تكون صدفه ونمشي من قدامك فوراً، بس ماتبعد عن القبيلة ولا تغادر، انا من توا ماراح نطلع من الخيمة الا للشدايد، ولا ودي نروح وديان ولا خلا.. خلاص ياسالم رجوه ماعادت تريد من الدنيا غير بس شي واحد. 

تفوهت بها وصمتت مراعية لمشاعره ولكنه أكمل الحديث مبتسماً يحاول مواراة وجعه:
- اي بعرفه هالشي يارجوه..والحين انهضي وغسلي وجهك وكليلك شي ولا تردي على مين ماحكى معاك، اللي يحكيلك شي قوليله روح لسالم هو اللي عنده الرد والإجابات كلها..وإما بخصوص ابوكي لا تفرجيه وجهك هالفتره بالمره، اجتنبيه قدر استطاعتك ومن الحين طول النهار جلستك بخيمة معزوزه او بخيمة عمتك عوالي لا تروحين خيمة بوك وامك، وبالليل مع عمتك عوالي تنامي بطولها لا تفارقيها.. لا تخالفي هالشي والأ راح يصير اللي مايحمد عقباه. 
أومأت له برأسها طائعة وهي تتبسم براحة، اما هو فاقتنص منها نظرة أخيرة ثم نهض مفارقاً لها، تاركاً كل سنوات عمره الماضية تحت اقدامها وتاركاً قلبه رهينة عندها إلى 
يتبع 
                الفصل الثالث من هنا

تعليقات