البداية
قاد السيارة بجنون والغضب ما زال يسيطر عليه بعد أن تركته ورحلت، هل تتركه بعد أن أنقذها؟ كان سيتنازل لها عن كل شيء خاصة البيت لكن الآن، بحق السماء ما الذي فكرت به عندما هربت منه؟ وكأنه لن يلاحقها للمريخ
الحقيقة أن لديها كل الحق لتفعل فهي لن تعيد الكرة مرة أخرى واندفعت الذكريات لرأسه كشريط يحجب عنه الطريق
****
خرج من مطار شرم الشيخ وهو يشعر بحرارة تضربه بوجهه ليجد سائق يمسك بلائحة عليها اسمه "سيد عامر دويدار" تحرك للرجل جارا حقيبته ونظارته تحجب الشمس الثقيلة عن عيونه، هو شخصية لها وزنها بعالم ال-عمال ولكنه لا يتصرف كملك متوج فوق ملياراته بل رجل عادي هو وإخوته لا يتبعون مسيرة والده بحشد دزينة من الحراس الشخصيين خلفه وسيارات فارهة بسائقين بل هم أبسط من ذلك بكثير أو ربما كرهوا طريقة رفيق وأحبوا اتباع كل ما هو عكس رفيق
نظراته سقطت على الرجل الواقف أمامه وقال بثبات "أنا عامر"
ابتسم الرجل وفتح له الباب وهو يهتف "مرحبا بك سيد دويدار، الإدارة ترحب بك"
دخل السيارة المكيفة والسائق تولى الحقيبة، تمنى لو فك ربطة عنقه من الحر اللاذع ولكن ليس وهو بطريقه للفندق الممتلئ عن آخره برجال أعمال من أنحاء العالم دعوته جاءت بالصدارة لحصوله على وسام التميز لهذا العام بمجال الاستثمارات ولم يمكنه الاعتذار
المدينة لم تكن جديدة عليه لكن الفندق جديد، إدارة المؤتمر هي من اختارته، رنين هاتفه لم يتوقف منذ نزل من الطائرة، سكرتيرته الخاصة تمنحه بيانات طالب بها، جاسم أخيه يشير لسفر مفاجئ، أخته الصغرى ضي تخبره أنها ستنهي رحلتها الصيفية بمطروح تقرير من حمزة، فقط ساهر من يفلت من الزمام، لا يحب التقييد بمسيرة الإخوة دويدار، متهور وصاحب نزوات نسائية لا تحصى وسمعة لا يحسد عليها لكن كمهندس عقله فاق من بعمره بمراحل ودراساته بالمجال بلغ دول أوروبا ولا يعرف كيف ينجح كمهندس وهو يتسكع بين الملاهي الليلية بلا تراجع
لم يشعر والسيارة تقف أمام الفندق، كان جميل بالفعل خاصة من الداخل، موظف الاستقبال نظر له باستعلام فقال "عامر دويدار"
ابتسم الموظف وقال "بالتأكيد سيد عامر، أهلا بك، الجناح العاشر، فقط نحتاج بعض التوقيع هنا وهنا"
أنهى الأمر بضجر وهو يحلم بحمام بارد فهو طار من مدريد للقاهرة ومنها إلى هنا بلا نوم مع فارق التوقيت فشعر بأنه يتهاوى هذا بخلاف المجادلات والمفاوضات التي أرهقته بمدريد والمترجم الذي جعله يريد أن يسب ويشتم ولكن كالعادة لا يضاهيه أحد عندما يريد شيء لا يمكن إيقافه عنه
جناحه كان رائع ويمتاز بمنظر مميز على البحر وشمس الظهيرة كانت قوية، قذف جاكته وربطة عنقه وبلحظة كان تحت المياه الباردة
بالليل كان عشاء تعارف ولم يكن يهوى التجمعات الكثيرة ولكن بالطبع لا يفتقد للاجتماعيات خاصة عيون النساء التي تطالب بالكثير وجوده كان يطغى على كل الرجال من حوله ونظراته تسقط النساء الفاتنة لكنه لم يهوى أبدا أي علاقة خارجة ليس كساهر، أما هو وحمزة وجاسم فيعرفون أن الطريق الوحيد المسموح به للمرأة هو الزواج هكذا اقتنعوا وهكذا صاروا وعيونهم على إخوتهم البنات..
المرأة ذات الفستان الأسود الطويل مفتوح الصدر بشكل جريء لازمته، ما اسمها؟ آه ندى هكذا قالت، حاول الفرار منها لكنها لاحقته حتى انتهى العشاء واعتذر منها بأدب بعد أن يئست منه، النوم كان متعة لا يعرفها فالسوق التجاري العالمي يأخذه بلا حدود وبالخامسة سقط بالنوم
لم يوقفه هذا عن الاستيقاظ بالسابعة، حمام بارد، بدلة زارا الكحلية وربطة العنق ورجل الأعمال لازمه مرة أخرى وتحرك للخارج، ما أن نزل حتى تذكر جهازه المحمول فعاد ولم ينتظر المصعد المزدحم وإنما اتخذ الدرج للأعلى وما أن وصل حتى رأى الجناح مفتوح فتحرك بعصبية وهو يبحث عن من فتح ليجد أدوات نظافة الغرف فلم يهتم وهو يحصل على حقيبته ولكنه سمع صرخة فزع جعلته يلتفت ليرى مصدرها ليلتقي بعيون زيتونيه لم يرى مثلها من قبل ويد بيضاء رفيعة مرفوعة على فم صاحبتها صاحبة صرخة الفزع من رؤيته المفاجئة
ضاقت عيونه وهي تقول بخوف "من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟ من فضلك دع الحقيبة"
استعاد نفسه وسقطت عيونه على الجسد الجميل الملتف بملابس العمل من الفستان الأزرق القصير وعليه مريول أبيض بدانتيل فاخر، طوق قماشي أبيض التف فوق رأسها ومن خلفه بل حوله خصلات فوضوية لشعر بني قاتم
كانت جميلة لا بل فاتنة، كلماتها جعلته يعتدل ويقول "إنها غرفتي، أنا لم أطلب خدمة الغرف"
لم يذهب الشك منها وقالت "نحن لا ننتظر الطلب سيدي هل تسمح لي بأن أرى الكارت الخاص بالغرفة؟ من باب التأكد"
تفهم وضعها فرفع يده بالكارت الذي كان يمسك به ليفتح وبدا لها عملاق بوجه جذاب، مترين، أقل قليلا، صدر لم ترى مثله من قبل تحت أكتاف عريضة هائلة، بدلة غاية بالأناقة تكاد تكون جلده الثاني، فاح نفس العطر الذي وجدته عندما دخلت، احمر وجهها بشكل جعله ينبض بقوة بلا سبب وهي قالت بخجل
"آسفة سيدي"
ظل يتأملها وصوتها الرقيق أشاع ضي غريب حولها، تلك العيون الواسعة تبهره ولونها يجذبه بشدة، صفى حنجرته وهو يقول "لا تفعلي، أنا من نسي الحقيبة"
والتفت ليذهب ولكنه توقف والتفت لها وقال "ألا يفضل إغلاق الباب أثناء عملك كي لا يدخل أحد؟"
زاد تورد وجهها وقالت "ربما سيدي، هي مرتي الأولى هنا"
ضاقت عيونه البنية كما خمنت بنفس لون شعره الغزير ولا تعرف كيف ثبته للخلف بهذا الشكل الرائع، لقد سرق أنفاسها نعم هذا هو ما حدث لها، نظرة واحدة لهذا الرجل وجعلها تصبح كالهلام
اعتدل وقال "مرتك الأولى، ماذا كنتِ تفعلين قبل هذا يا.."
ابتلعت أي شيء بفمها وقالت "ليل، لم أعمل من قبل، كنت أدرس انتهيت من عامي الأخير بالكلية ولابد من توفير مصروفاتي بالعمل"
تحرك تجاهها حتى وقف أمامها وهو يردد اسمها "ليل؟ اسم غريب لا يمت لكِ بأي صلة فأنتِ تبرقين كالشمس وقت الشروق"
كان قد توقف أمامها وبالطبع كفتاة لا تزيد عن المتر وخمسة وستون سنتيمتر تقريبا لابد أن ترفع وجهها لهذا العملاق الرائع وقلبها الآن يدق بقوة لم تعهدها من قبل، وماذا قال؟ شمس؟ هي شمس؟ أي شمس؟
ارتبكت بخجل لكلمات لم تسمعها من قبل وهي تهمس "شمس؟ أنا شمس؟"
ابتسم للبراءة التي تتحدث بها ورأى بها الطفلة التي لم يرى مثلها من قبل، خمسة وثلاثين عاما لم يقابل فتاة مثلها، عيون براقة تأخذ النظرات، بشرة ناعمة ولامعة بذات الوقت، صوت رقيق يلف العقل لأول مرة تجذبه فتاة وتجعله يهوى النظر لها دون تراجع
قال وهو يشم رائحة الورد، الياسمين نعم هو عطر أمه المفضل، يا لها من صدفة غريبة، ابتسم وقال "أخطأ من سماكِ ليل"
ارتجفت شفتيها الصغيرة أمامه وسقطت عيونه عليها وبالكاد استطاع التحكم برغبة طفت على السطح لم يجربها منذ المراهقة وبعدها تعلم السيطرة على النفس لكن الآن بالنظر لتلك الشفاه الناعمة ومزمومه أمامه على شكل قلب جعلته يريد أن يقبلها، يا الله! ما هذا الجنون؟ إنه بالكاد يعرفها وهي مجرد فتاة خدمة الغرف
العيون ظلت عالقة حتى اهتز هاتفه بجيب الجاكيت فاستعاد نفسه وهو يخرجه ليرى اسم المسؤول فتراجع واستعاد نفسه وهتف "تأخرت، ليل أريد رؤيتك مرة أخرى"
وأخرج ورقة بمائة جنية ووضعها بيدها وابتعد خارجا وما زالت مأخوذة به وبجماله حتى أعادها صوت الباب فاستعادت نفسها وأنفاسها تعود لها وكأنه كان يوقف أنفاسها بل سرقها، بل سرق شيء آخر، شيء لم تعرفه فقط هو رجل لم تراه من قبل أغمضت عيونها وضمت يداها معا أمام قلبها حتى شعرت بشيء بيدها فنظرت لترى ورقة المائة جنيه وبسرعة البرق ارتفعت الدموع للإهانة التي شعرت بها ولكنها أسقطتها على أرض الواقع، وضعتها بمكانها الحقيقي، جحر الفأر، هي مجرد فأر يدهس بالأقدام، دموع انهمرت وهي تذكر أن الألفي زوج أمها كان يمنحها المال لمصروفاتها ولكن ما أن كبرت للثانوية حتى تبدلت نظراته لها وبدأت لمساته تختلف واعتذار مرة ثم ابتسامة مرة حتى أدركت نواياه، والدتها لم تكن لتصدق ما يحدث خلف الكواليس لذا لم تخبرها بشيء حتى جاء وقت الابتعاد عندما زاد الأمر ولم يعد بالإمكان السكوت عليه وفعلت، من البحر الأحمر للغردقة ومنها إلى هنا، هذا هو عملها الأول لأنها لم تجد عمل بأي مكان ولم تدرك كم الإهانة بعملها هذا إلا الآن ولكن..
مسحت دموعها وهتفت "ليس بالعمل الحلال أي إهانة إنه حيث أحفظ شرفي"
الصداع لاحقه بسبب محاولته التركيز بالجلسة، عيونها تكاد تجعله لا يرى سواها، تململ بجلسته ألف مرة بلا راحة، المترجم بالسماعة كان سيء، الحديث كان سيء حتى مشاركته كانت رهيبة ولكن لم يهتم أحد فالجميع لم يختلفوا
نفخ بمجرد انتهاء الجلسة ونهض خارجا متفاديا أي محادثات مع الموجودين، لم يكن بمزاج يسمح له بأي حوار، كوب من القهوة سيكون رائع وبالفعل المكان المخصص كان هادئ وراقي، كوب القهوة مع كيك طازج وكان هو إفطاره، نظرة لساعته الثمينة وأدرك أن لديه اجتماع زووم مع مدراء فروعه بعد ساعة، حمل حقيبته وعاد لغرفته، كانت نظيفة ومرتبة والياسمين ما زال ينبض بالمكان
عادت عيونها، وكأنها اختفت!؟ سخر من نفسه وهو يبعد الحقيبة والجاكيت، شعور غريب نما مرة أخرى داخله، جسده يستجيب بشكل غريب، حمام بارد كان هو الأفضل، حمام طويل بالأصح
تراجع بدهشة عندما قذف المنشفة على المقعد والتفت ليرى ورقة المائة جنية بجوار الفراش
تحرك ورفعها أمامه وابتسم، تلك الفتاة تخترق عقله أكثر وأكثر ورغم أنها المرة الأولى التي تدفعه امرأة بل فتاة بتلك الطريقة إلا أنه كان مستمتع
الاجتماع كان طويل ومرهق أكثر حتى انتهى وتراجع، كانت الثامنة، ارتدى جينز وتي شيرت من كونكريت، المفضل بعد زارا وتحرك لمطعم شهير وهناك تناول غداء بعشاء، وجبة واحدة بقدر ما سمح وقته هكذا تعود ولم يكن ذلك يضايقه فالعمل هو الأول وحياته الشخصية مربوطة به لا جدال
عادت الفتاة لعقله بسرعة البرق وأنب نفسه على تفكيره السيء وغرضه الدنيء منها بعد أن وجد المال فهو بالنهاية لن يفعل شيء مجرد أفكار، زجاجة بيرة كانت كافية لمنحه قدرة على السير بجوار الشاطئ وسط الكافيهات المضيئة وبعض المطربين تعلو أصواتهم على بعضهم البعض ولكنه سار وحده كعادته هو دائما يفضل الوحدة والبقاء بالهدوء ومع هذا البحر وتلك النسمات اللطيفة لليل حتى شعر بانسجام جعله يهدأ رغم أنه ما زال يفكر بها
الرمال كانت تغوص داخل الحذاء فخلعه وشعر بملمسها الناعم فزاد استمتاعه أكثر وما أن تقدم للأمام حتى رأى جسد صغير متكوم على الرمال أمام المياه، الظلام كان حالك فلم يرى ملامح الجسد ولكن تلك الخصلات التي تطايرت بشكل فوضوي مع النسمات الرقيقة جعلته لا يذكر سوى وجه واحد 'ليل'
على مقربة توقف لأن الياسمين طار إليه فابتسم للصدفة الغريبة التي وضعتها بطريقه وتساءل هل حقا الصدفة تأتي لصفه مرة من نفسه؟ عاد يتحرك حتى وقف بجوارها وما زال الظلام يحميها وقال بهدوء "هل لاسمك علاقة بوجودك هنا؟"
الفزع جعلها تنتفض وتخرج صرخة مكتومة وهي ترفع رأسها تجاهه وانتفض قلبه معها وعيونها الزيتونية تواجهه ولكن بها بريق دموع فنسى فزعها وانحنى تجاهها وقال
"أنتِ تبكين؟"
مسحت دموعها ونهضت وهي تشعر بغضب بمجرد تذكر المال، تحركت لتبتعد لكنه قبض على ذراعها وهتفت بحزم "أنا أتحدث إليكِ"
نفضت ذراعها منه ولفت وجهها له مع خصلاتها الطائرة هنا وهناك وقالت "يا فندم من فضلك اتركني، ماذا تريد مني؟"
عيناها تلمع كالنجمة بظلام السماء تأخذه، تصعقه وتلقيه مهزوما بلا حول ولا قوة، صفى صوته محاولا الهدوء وقال "عامر، اسمي عامر وما أردته فقط أن نتحدث"
قلبها يزن بصرير مرتفع وعقلها يدق بقوة أجراس التحذير، ابتعدي، ارحلي ولكنها لم تفعل بل قالت "لا حديث يجمع بين سيد وخادمة، المال فقط ربما مائة جنيه"
كانت ذكية ويا الله! جميلة، جميلة لدرجة الجنون، أصابعه اخترقت شعره وشعرت بنفسها تنهار أمام جاذبيته ولكن المظاهر لا تخدعها ليس بعد، ليس أبدا
عاد لها وقال "لم أقصد أي إهانة، اعتدت على تلك الأمور، هي عادة لا أعلم لم أظنها سيئة سوى معكِ"
تراجعت دون فهم فنفخ وقال "أنا دائم التنقل بالفنادق وهذا بالطبع شيء ليس بجديد لكن هو جديد بالنسبة لكِ"
أبعدت وجهها وقالت "هذا هو أنا"
أراد تجاوز الأمر وقال "أوافق، لم تخبريني بأي جامعة كنتِ!؟"
لا تعلم لماذا تسمرت قدماها بالرمال وهي تشعر برائحة البحر تختلط برائحة رجولية رائعة وعطر ثقيل يلفه، هو ثري، بالتأكيد أيتها الغبية ثري ألا يقيم بجناح؟ كل شيء به يصرخ بالثراء عدا أنه الآن لا يرتدى حذاؤه مثلها بالضبط
"ليل؟"
نبرة صوته كانت مغلفة بالحنان، هل كان حنان؟ لا، هو غش جديد، خداع، بالنهاية هو رجل ولديه تلك الرغبة الحيوانية، ثار غضبها والتفتت من الخوف لتهرب كما اعتادت أن تفعل، لن تعاني مرة أخرى، لا هو ولا سواه
صدمه هروبها من أمامه والفزع الذي رآه بعيونها، بل صدم من تصرفه هو مع فتاة مثلها، يا الله! عاملة غرف؟ هو يطارد عاملة غرف بالفندق الذي يقيم به! هل رآه إخوته؟
لكان ساهر أثار جلبة لا تنتهي من السخرية ولهتف حمزة "مرحى يا رجل منذ متى ترى النساء حتى ترى فتاة بعمرها؟"
لم يتبعها وسقط جالسا على الرمال مكانها والحيرة تضربه من نفسه وكأنه لم يعد يعرف من هو وتاه منه الصواب وسقط فقط ببحر غريق من الرغبة ولا مجال للنجاة منه ولا بألف حمام بارد
الفراش الذي حصلت عليه بغرفة الفتيات العاملات معها بنفس الفندق كان صغير وبالكاد يحتوي جسدها الصغير، ظلت ممددة على ظهرها وقت طويل، لم تتحدث مع أحد، تلك الفتيات مختلفات، ملابسهم مكشوفة، ضحكاتهم مرتفعة، يسهرون لوقت متأخر ويأتون بأموال من حيث لا تدري لذا اختارت البعد والصمت
بلمح البصر اخترق وجهه الجميل مخيلتها وطغى على السقف فوقها والذي تساقطت قشرته من الرطوبة فتنهدت لعيونه البنية الحازمة، فمه الحسي بدى جميل وهو يلتوي من رد فعلها، ماذا لو ابتسم؟ ماذا لو قبلها؟
هبت جالسة بالفراش وهي لا تصدق الجنون الذي فكرت به، حرارة تصاعدت لجسدها ولكن ما الجريمة بالتفكير فقط؟ ألا تتحدث الفتيات عن هذا طوال الوقت؟ منذ كانت بالإعدادية وهن يتحدثن عن الكراش أو الإكس فريند، كلمات لم تكن تعرفها إلا عندما سمعتهم خلسة بالحمام..
نهضت حافية للمطبخ وحصلت على مياه باردة تناولت بعضها ربما تخفض حرارة جسدها وتعيد لها صوابها
ليس رجل مثله الذي يفكر بعاملة غرف، فقط لو كان والدها ما زال على قيد الحياة؟ أو لو ظل زوج أمها نفس الرجل الطيب الحنون؟ لكانت الحياة ظلت حالمة كما كانت تظنها حتى سقطت المطرقة على رأسها لتوقظها من الأحلام، هذا هو الواقع هذه هي الحياة، طبقات، أموال، تعادل بالمكانة وهي، هي نكرة تحت خط الصفر
ضحكت ساخرة على نفسها فهي حتى لم تصل للصفر، ليس لديها حتى سوى ثلاث بلوزات قديمة وجينز واحد مهترئ وحذاء يكاد يلحق به ولا تعرف ماذا ستفعل لو انتهى أمره؟ زوج أمها كاذب وجبان، وقف يشاهدها بقسوة مدعيا أنها ابنة حقودة تريد الإيقاع بينه وبين زوجته ولا مكان لها بينهم ولم يمنحها شيء سوى ما جذبته بسرعة لتفر منه
سقطت على الفراش وهي ترى أمها والغضب بعيونها تصدق زوجها فقط، أغمضت عيونها، هي أبدا لن تغضب من أمها لكنها لا تعرف هل يمكنها الحصول على حضنها مرة أخرى؟ لا إجابة بالطبع
سقطت بالنوم دون أن تشعر وصورة الثري هي كل ما تراه أمامها ولم تعترض وابتسمت فقط عندما سمعته ينطق اسمها وعندما قال "عامر، اسمي عامر"
الفصل الرابع
لنتزوج
للمرة الثانية الجلسة تكون طويلة ومملة وهو يكاد ينفجر بوجه الموجودين، أخرجوني من هنا
تماسك وتناقش وجادل وحصل على مبتغاه بضراوة، الهزيمة لا مكان لها بحياته، هكذا كان قراره عندما جذب حطامه بعد فضيحة والده، لن أُهزم أبدا، وعلى الفور دعمه إخوته الواحد تلو الآخر، كبروا بسرعة جعلته لا يدرك متى وكيف اعتمدوا على أنفسهم وعليه ووجد نفسه الأب قبل الأخ وتحمل المسؤولية ولم يفر منها كان موجود معهم بأي وقت وما زال وربما كما قال ساهر
"نلتمس منك الوحي أخي، أنت القائد"
كان عليه تبادل العديد من الحوارات بعد الجلسة وتناول الغداء مع بعضهم، ليس اختياري وبالنهاية تحرك لموظف الاستقبال الذي ابتسم له وقال
"سيد عامر، كيف أخدمك؟"
ورقة بمائتين ظهرت تحت يده ولمعت عيون الرجل وعاد لعامر الذي قال "ليل، عاملة الغرف"
هز الرجل رأسه بابتسامة خبيثة ويده تمتد للورقة التي جذبها عامر بعيدا قبل أن يكمل "لو تسرب الأمر لا تبحث عني"
ابتلع الرجل ريقه وهو يهز رأسه فعاد عامر بالورقة للرجل الذي جذبها وعيونه تبحث عن دخيل ثم قال "نصف ساعة سيدي وتكون لديك كل البيانات اللازمة، أين أجدك"
قال بهدوء "البار"
وتحرك بهدوء متمنيا لو تخلص من البدلة ولكن استعجاله للأمور جعله يترقب بالمكان، كان بإمكان جاسم أن يمنحه تاريخ حياتها فلديه شبكة أمن رائعة ورجال حراسة لمستأجرين من الأثرياء ولكنه لم يكن ليخبر إخوته عنها ليس وهي المرة الأولى التي تستهويه امرأة
كانت تعلم أن الطريق للبيت طويل والشمس ما زالت شديدة لكن لا مفر من السير العمل لم يكن مرهقا بل بالعكس هي أحبته، المدير أخبرها أن عليها البداية من الصفر وها قد فعلت، وكأن لديها بديل، الأماكن الأخرى لم تمنحها أي راحة وهذا الفندق هو الأفضل حتى الآن
انتهت من يومها وتحركت لشراء بعض الأشياء قبل العودة للشقة وما أن ابتعدت عن الطريق العام حتى سمعت بوق سيارة، لم تلتفت، المارة كثيرين وربما..، الصوت مرة أخرى فالتفتت للطريق لترى السيارة اللاند روفر تقف بجوار الرصيف وانحنى القائد تجاها لتراه من شباك الراكب وهو يهتف
"ليل، هل تحتاجين لتوصيلة؟"
احمر وجهها ثم شحب ثم لا تعلم أين رحل صوتها تاركا إياها في دوامة تلف بها، هو، بالتأكيد هو، هل يتبعها الآن؟ ماذا يريد منها؟ لا، عليها بالهروب منه ولكن إلى متى؟ لا يمكنها أن تظل جبانة للأبد ولماذا تهرب من الأساس؟ ما الجرم الذي ارتكبته لتهرب؟
لم يعجبها الجمود الذي أصابها وبدت مثيرة بشكل رهيب بذلك الجينز الذي يحتضن جسدها بلطف والبلوزة البيضاء قديمة لكن حقا قاتلة، هو لم يأخذ أي معلومات من الموظف سوى موعد انتهاء عملها حتى يتبعها وربما تلك الشقة التي تشترك فيها مع نظيراتها ولم يلقى بالا بأي شيء آخر وهي أول مرة له لا يكون دقيق تجاه كل شيء
بلحظة كان يقف أمامها ورأسها مرفوع لتصل لرأسه وهو يقول "ألا تسمعيني؟"
أخيرا تمكنت من جذب صوتها الجبان لتقول "بلى، لا، أقصد، سيد عامر أنا لا أعرف ماذا تريد مني!؟"
نظارة الشمس السوداء قضت على بقية القوة التي كانت لديها لمقاومة وسامته الزائدة، الآن لو طلب منها أيا ما كان فلن ترفض، الشعر البني يلمع تحت الشمس الساطعة، بشرته البرونزية تتجاوب مع لون قميصه الكاكي وبدلته السماوية، رجل لا يمكن المرور به دون التوقف والتأمل بملامحه والتنهد عند الوقوف أمامه وهو ما صدر منها تنهيدة جعلت صدرها يرتفع وينخفض أمامه مما جعله يريد أن يجذبها ويحبسها بين ذراعيه ثم يأخذ تلك الشفاه بقوة في قبلة يضيع فيها بعيدا عن العالم
نسى ماذا كان السؤال وكل ما فعله أنه قبض على ذراعها وجذبها ولكنها أبعدت يدها وقالت بقوة "لا، اتركني"
لم يبتعد وإنما انحنى وقال بحزم "أنا لست بطريقي لاغتصابك ليل، أنا عامر دويدار الجميع يعلم من أنا، أنا فقط أريد أن نجلس سويا ونتحدث بمكان بعيد عن الشارع، نحن لسنا متسولين، مكان هادئ وسط الجميع فهل ترفعي الغشاوة من على عيونك وتدعي عقلك يعمل قليلا بلا خوف؟"
شحب وجهها وهي لا تعرف ماذا تفعل أو تقول ولكنه على حق مكان مفتوح، الكثير من الناس ولن يكون زوج أمها وإنما عامر دويدار
بلحظة كان بسيارته وراء المقود ينتظرها، ما الضرر من بعض الدقائق معه؟ تسمعه ويسمعها، هي تريد ذلك، فقط دقائق لن تضرها بشيء، صوت البوق جعلها تنتفض وتستجمع شجاعتها وتهرع له
اليخت مكان لم تتخيل أن تراه حتى من بعيد لا أن تصعد على متنه وتجلس لتناول الغداء مع أجمل رجل بالعالم، لقد كان مصروفها من زوج أمها بالكاد يكفيها ولم تستطع طلب المزيد
مشهد البحر والسماء من حولها جعل قلبها يرقص طربا، وجه ذلك الرجل حتى وهو جامد هكذا جعلها لا تريد أن ترحل من هنا
الرجل أخذ الطلب منه وهي لم تنطق بكلمة، شعرها لم يشغلها بأي يوم، دائما تتركه هكذا فوضوي، لا تحب تمشيطه بعناية فقط والدتها من كانت تفعل..
عيونها الزيتونية، لا بل خضراء، لم يعرف ما لونهما حقا، فقط رائعة، الصمت كان ثقيل وهو نزع جاكته وعلقه على ظهر مقعده بعناية وطوى أكمام قميصه بنظام ثم قال "تبدين خائفة، حتى وسط كل هؤلاء"
عيونها انفصلت عنه للثنائيات التي أحاطت بهم ما بين ملتصقين ومتجاورين وحتى واقفين يحتضن كلاهم الآخر، احمرت واصفرت ورأى بوجهها كل الألوان حتى عادت لعيونه وقالت
"لماذا أحضرتني هنا سيد.."
اعتدل بالمقعد وقاطعها "عامر هل اسمي صعب؟"
هزت رأسها وقالت "ما زلت عاملة الغرف وأنت"
أسند وجهه على أصابعه وذراعه على مسند الكرسي وقال "أنا معجب بكِ ليل، بكل وضوح لا أتوقف عن التفكير بكِ منذ رأيتك، لا معنى لكونك فتاة غرف أو سواها هو أنتِ من أتحدث عنها ماذا عنكِ؟"
الصراحة الصارخة ضربتها بقوة، بوجهها، بمعدتها بكل مكان بجسدها، عقلها صرخ باعتراض، أعطني مهلة أيها الرجل، قلبها انتفض خذني معك فطريقنا واحد، يداها انقبضت على بعضها البعض وضاعت، تاهت، لم تعد تعرف أين هي ولا من حولها هو فقط من تراه، تسمعه وهي تعلم أنها مثله، معجبة جدا به، جدا جدا بالأصح، تتمنى لو تظل معه دون فراق لليل أو لعمل، فقط هو ولا أحد سواه، نظراته التي تمر على جسدها تخيفها وتسعدها، شفتيه تتحدث بالكثير دون صوت لكن أن توافقه على ذلك كله فهو الجنون، الجنون بذاته، لقد عرفته بوقت لا يذكر بل لم تعرفه أصلا ولا تعرف حقا من هو، من نظراته تدرك فقط أنه الرجل الذي لا يقبل الخسارة بأي تفاوض فما بالها بما يخصه هو شخصيا؟
أخفضت وجهها وقالت بصوت منخفض خجول "حتى، حتى ولو كنت، أنا.. أقصد"
ورفعت عيونها له فتنفس بصعوبة من تورد وجنتيها الجميلة، والجنون سقط عندما خرج لسانها ومر على شفتها السفلى هذا كاد يصيبه باللا وعي واستجاب جسده بشكل لا يعقل فاعتدل بجلسته والمائدة خير صديق بحالته..
نظم أنفاسه بصعوبة محاولا التحكم بتلك الرغبة المجنونة التي تجعله يكاد يفقد عقله، منذ متى كان يفقد نفسه هكذا؟ لم يكن بأي يوم رجل شهوات فما الذي أصابه؟
أسكت جسده الذي كان يئن بقوة وقال "هل لكِ أقارب؟ عرفت أنكِ هنا وحدك"
لا دموع ولا ذكرى لزوج أمها ولا حتى أمها لذا قالت "نعم أنا هنا وحدي ودائما وحدي منذ مات والدي"
حدق بها وسأل "والدتك؟"
حدقت به وفتحت فمها لتجيب عندما اهتز هاتفه بجيب الجاكيت اعتدل وجذبه ورأى اسم جاسم فأومأ لها برأسه ونهض مبتعدا وجاسم يقول "أحتاج وقت كثير لما طلب مفيد ثروت"
ضاقت عيونه وسأل "أنت؟ وماذا طلب؟"
"أرسلت لك بريد الكتروني عامر فقط الأمور ليست بيدي الآن هل عدت؟"
لا لم يعد ولا يخطط للعودة الآن "لا جاسم، المؤتمر لم ينتهي وربما، أعني هناك مساحة لأجازه يمكن لحمزة أن يساعدك"
صمت أخذ جاسم قبل أن يعود ويقول "اجازة!؟ لو كان لامرأة من بنات شرم فمرحى لك يا أخي، لك تضامني من كل قلبي فقط خذ كل ما يمكنك من سعادة فأنت تستحقها"
تشجيع كان بحاجة له، أنهى الحديث وعاد لها، كان الرجل قد وضع الطعام وهي كانت تحدق بالبحر بعيون تائهة وخصلاتها تتطاير مع الريح التي تحركها سرعة اليخت، قلبه توقف أمام جمالها البسيط وبراءتها التي تفتنه، يا الله! هو حقا يريدها ولا يفكر بسواها واللعنة على أي شيء سواها
جلس فاستعادت نفسها وابتسمت برقة فقال "هل الطعام جيد؟"
هزت رأسها وقالت كلمة واحدة "نعم"
ما أن انتهوا حتى كان اليخت قد توقف بمنتصف البحر تاركا كل من أراد الاستمتاع بالجمال أن يفعل، نهض فنهضت معه وتحركت أمامه لمقدمة اليخت وعندما يده أمسكت يدها ليساعدها فليساعده الله الآن لأنه يفقد سيطرته على ذاته بوجودها أو لمستها الناعمة والدافئة فهي أول وأكثر ما أراده، والحق أنه لم يترك يدها من بعد ذلك وما أن وصلا لسور اليخت حتى أسكرهم منظر البحر الواسع بزرقته وخضاره معا بتناسق بديع يخلب العقول
ذراعه التفت حول كتفها فارتجفت وابتعدت ولكنه لم يتركها ورفعت وجهها له ورأت بعيونه نفس الرغبة التي تشتعل داخلها ولم تستطع الهروب من ذراعه بل وقربها أكثر لتشعر بحرارة جسده تكاد تحرقها وصلابته لا تتناسب مع لين جسدها ولكنها أحبت قربه ولأول مرة رجل يهيمن عليها ويفقدها عقلها..
بحلول الغروب كان المشهد فقط لمن هم مثلهم، داخلهم مشاعر لا يفهمونها وللذين يفهمونها، الهدوء المبجل لهبوط الشمس أوقف الأنفاس، الزينة التي سطعت بالسماء بالألوان البرتقالية والمشمشية حتى اندس الأحمر بينهم كخيط فقط للعشاق وانسحب بسرعة سامحا للشمس بأن ترحل بسكون
عندها، عندها فقط لفها بين ذراعيه وأحنى رأسه ولم يفكر وهو يفعل ما أرده منذ رآها لأول مرة، قبلها، قبلها بلا مقدمات وبدت بريئة، بريئة جدا تتخبط تحت سطوة شفتيه حتى جعلها تفرج شفتيها له وتذوق طعمها الحلو وشعر بنعومتها التي لم يلمس مثلها من قبل
وعندما شعر بها تكاد تتهاوى بين ذراعيه أبعد شفتيه ورأى عيونها المغلقة وأنفاسها الضائعة وتورد خدودها القاتل همس بلا أي عقل لأن لا مكان للعقل الآن
"لنتزوج"
فتحت عيونها لتتسع عن آخرها فجأة وهدر قلبها كصوت موتور اليخت الذي هدر بنفس الوقت، ولم يبعدها وهي تهتف "ماذا؟ أنا، أنت لا يمكن، لا يمكنك، أنت ذلك ال.."
أغلق فمها بقبلة أخرى ولم يدرك كلاهم أن من حولهم من الأزواج كانوا بمكان آخر، ضائعين، سقطت بفخه مرة أخرى وضاعت وتاهت وانفجرت المتعة بقلوبهم بلا توقف وكأنها تخبرهم أن وجودهم معا هو الصواب والفراق ليس له مكان هنا
ابتعدت بقوة ولكن تلك المرة كان يعلم أنها لن تقول لا
مأذون هو كل ما أراده وموظف ورجلان من هناك شهود وتم العقد، المال يفتح كل الأبواب فستان من الدانتيل الأبيض كان ينادي بواجهة المحل فجذبها فهتفت "لا، لن تفعل"
ضمها له بلا تردد وعيونه تأكل عيونها "من سيوقفني؟"
ودفعها برفق للداخل ولم يتوقف الأمر هنا لأنهم كانوا بانتظار الفستان الأبيض بل فستان آخر وثالث، بنطلونات عرضتها المرأة بلوزات، جاكيت من هنا وآخر من هناك، أحذية بكعب عالي وأخرى عادية وهو يجلس فقط يشاهد جسدها يتلون بين الملابس، زوجته امرأته وستكون له، ملكه، ساعة واحدة ولن تخرج من أحضانه إلا لو أراد
المرأة عرضت ملابس داخلية وهو هز رأسه بهدوء كالعادة وهي اعترضت، كثيرا وعلى كل شيء حاولت ألا تنتقي هذا أو ذلك لكن المرأة تغاضت عنها وفقط السيد الجذاب هو من له السلطة
الفستان الأبيض استقر على جسدها أخيرا مجسدا كل منحنى به، انسدل حتى قدميها فقط فتح جانبية ارتفعت حتى فوق ركبتها، فستان بلا أكمام مما أصابها بالرعب لكن كان الأمر كذلك فقط شريط من الستان الفضي التف حول عنقها ليحكم الفستان وظهر عنقها الأبيض كالنهار المشرق، المرأة أمرتها بأدب أن تعيد ترتيب شعرها وبلا رغبة فعلت بشكل تعرفه، تعلمته من أمها
الحذاء الفضي عالي الكعب رفعها سنتيمترات وصنع منها امرأة مثيرة جدا، رحلت سنواتها الاثنان والعشرين ولاحت امرأة بمنتصف العشرينات لم تعرفها، امرأة لا تعرف ماذا يحدث لها؟ لا يمكنها أن تقبل كل ذلك، هي لا تريد المال هي أرادته هو وتمنت، تمنت لو أرادها كما هي ولكن حقيقة وليس كحلم كما تخاف أن يكون
شيء ما نبض بعيونه عندما وقفت أمامه بالفستان، هكذا هي، كان يعرف أن هناك امرأة فاتنة خلف تلك الفتاة الصغيرة وقد كان، نهض واقفا وتحرك تجاهها وصدرها العاري يعلو ويهبط بسرعة مؤلمة هو سببها ولا تعرف كيف توقفها، نظراتها له كانت كلها تساؤلات ولكنه لم يهتم، وجوده معها، نظراته، ما يحدث لها هو حلم، وهم؟ أي شيء غير الحقيقة ولكنها كانت الحقيقة
رفع يدها بيده إلى فمه وقبلها برقة وهتف بقلب ينبض بالكثير "هكذا يكون الجمال، أنتِ حقا آية في الجمال ليل، تنبضين بالحيوية والإثارة صغيرتي، لا أكاد أصبر على العودة لجناحنا"
الأحمر اعتلى وجنتيها وكأنه مكانه الأصلي بلا منازغ وصوتها همس "لم يكن عليك.."
قبل يدها مرة أخرى فأوقف كلماتها وهو يقول "كان عليّ"
ظلت ضائعة داخل الفستان الرائع والمحكم على جسدها، تفكر، هل هي بوعيها؟ زواج؟ هي تزوجت هكذا ومن رجل بالكاد تعرفه وبطريقها لغرفته، جناحه، أيا كان هي ستكون معه بمفردها هل هذا هو الصواب؟
كيف سقطت فريسة قلبها؟ هل خانها عقلها ورحل تاركا إياها بالمتاهة وحدها؟ لا لقد حذرتك يا فتاة، لا تلعبي بالنيران فأنتِ أول من سيكوى بلهيبها والآن لا تراجع
يده تسربت ليدها وهو يراها بعيدة جدا فقال "هاي، أين ذهبتِ؟"
نظرت له، كان مثال الرجل الذي يأسر قلوب النساء وهو أسرها فعلا وبلا مقاومة، هزت رأسها وقالت "أحاول التأكد من أنه واقع وأتوقف عن لوم نفسي لأني كلفتك كل ذلك وأتساءل متى ستدرك أنك تسرعت وربما تندم"
عاد يقبل يدها وهو يبدل نظراته بينها وبين الطريق وقال "أولا كل ما يحدث واقع، واقع كلانا يريده وسعيد به ثانيا ما حصلنا عليه لا شيء بجوار ما سيكون، ثالثا ليس عامر دويدار من يندم على قرار اتخذه بأي وقت، أما الآن فنحن بطريقنا لأسبوع العسل الذي سيكون لنا ولنا وحدنا، هيا ليل أخبريني أنكِ تريدين ذلك مثلي تمام ولستِ نادمة"
قلبها لم يعد يتحمل ما يحدث، هذا الرجل كثير، كثير جدا عليها وعلى الأقل كلمة جيدة ستمنحه قليل مما يستحق لذا ضربت الخوف بكاحلها وابتسمت وهي تقول "لا، لست نادمة طالما ستظل معي"
ابتسم لها وضغط على يدها بقوة سعيد بكلماتها لا يفكر بالجنون الذي اندفع له ولا بالنتيجة، كل ما فكر به أنه أرادها وليحقق ذلك كان لابد من اتخاذ ذلك الطريق
ظلت يدها بيده حتى توقفت السيارة أمام فندق آخر غير الذي تعرفه والذي كان يقيم به، كانت العاشرة وهي تنزل من السيارة وتقف بحيرة حتى وصل لها وهتف
"استبدلت الفندق حتى لا تصطادنا العيون صغيرتي، أنا وأنتِ فقط"
دخل وبدا أن الموظف على علم بوصوله وهو ما كان بالفعل، وهي تستبدل الملابس بالمحل هو أجرى اتصالاته بفندق آخر، حجز ونقل واعتذر عن المؤتمر ولأنه الملياردير عامر دويدار توفر الجناح على الفور وتم الموافقة على اعتذاره وكل شيء سار كما أراد بلا صحافة ولا ضوضاء ولا أحد بالأساس يعرف شيء عما يفعله الآن
لم يمنحها أي فرصة لتفكر أو تعترض، ما أن فتح باب الجناح بالكارت حتى وضعه بجيبه وانحنى وحملها فهتفت بفزع "لا، ماذا تفعل؟"
دخل بها الجناح ودفع الباب بكعبه ليغلقه وقال "أحمل عروسي بليلة زفافنا لغرفتنا"
يدها التي التفت حول عنقه ارتجفت خوف؟ قلق؟ أم ماذا؟ ما الذي يدور داخل عقلها اللعين؟
أنزلها برفق بالقرب من الفراش ولكنه لم يحررها ورأسه منخفضة ليواجه عيونها الجميلة التي تبرق بالخجل، الخوف أو أيا كان المسمى فلا يهم المهم أنها هنا، معه، حلاله زوجته، أخيرا سيأخذ ما أراده
همس صوت داخله يسأله بغضب "وعندما تنتهي رغبتك؟"
لم يجد إجابة بل ركل السؤال بقوة بعيدا، ليس الآن، ليس حتى يشبع رغبته منها تماما، تلك الرغبة المؤلمة التي لازمته كشوكة بظهره
همس "خائفة"
لم يمكنها أن تنكر، لا خبرة، لا معرفة لا أم تنصح، معلومات من هنا أو هناك همسات البنات، لكن رجل حقيقي يلفها بذراعين قويتين لا مفر منهما فهو ما لم تعرفه ولا تدرك كيف تواجهه، هزت رأسها ومنعت دمعة خوف من أن تشوه الليلة هو لا يستحق، هو يستحق امرأة تعرف كيف تمتعه، كيف تكون له، لا تخاف ولا ترتجف كالورقة الذابلة بخريف ممطر عاصف
رفع وجهها له بإصبعه وقال "ألا أستحق ثقتك؟"
ارتفع قلبها بأنين صارخ وهي تواجه عيونه الجميلة وهمست "بلى، فقط أنت تستحق.."
همس يقاطعها بلا تفكير "أستحقك ليل"
وعاد لقبلتها بداية ناعمة رقيقة لترتفع للقوة وتشتعل بالرغبة التي كانت تقوده، يده اعتصرت جسدها ويدها التائهة تخبطت على صدره، الجدار الصلب من كومة العضلات المحتشدة بتناسق خلف الملابس، وعندما زاد إحكامه عليها وتأوهت بين شفتيه رفعت يداها لعنقه ولمست شعره كما تخيلته ناعم غزير، مثير
شفتيه تطالب بالمزيد وهي تستجيب، متعة، سعادة ما بعدها سعادة، فضاء خالي من أي شيء سواهم، يطيران، يحلقان بعالم جديد، جسدها اشتعل بنيران لا تعرف كيف يمكن إخمادها، جسده يلح بطلباته البدائية عندها تأوهت برقة وهمست
"عامر، آه عامر"
طار ارتفع لم لا نهاية، شيء من الجمال والمتعة نيران هبت بكل مكان بجسدهما وعند سماع اسمه من بين شفتيها بتلك الطريقة قال مستجيب "نعم صغيرتي، أنا هنا، هنا من أجلك، أنتِ لي جميلتي، ملكي، لي أنا وحدي"
وانزلقت يداه على سحاب فستانها وشهقت بين شفتيه وهو يجذبه لأسفل بعد أن فك الرباط الستان بسهولة الحرير وانزلق الفستان فابتعدت فجأة وأمسكته والفزع بعيونها، عارية؟ لا ليس عارية
تفهم الفزع الواضح بعيونها، بل هو خجل العذارى، بالتأكيد هو يعلم جيدا من قبلتها كم هي بريئة وخائفة وهذا جعله يخاف أكثر عليها ولا يريد أن يضرها بأي شكل
رفع راحتيه على وجهها وأحاطه بهما ونظر مباشرة بعيونها وقال بنبرة حنان لامست قلبها "صغيرتي، اتفقنا على عدم الخوف، لن يمكنني أن أكون سبب بإيلامك ليل، أنا أريد أن أراكِ سعيدة لا خائفة فقط ثقي بي وسأكون حريص على إسعادك ووقت أن ترغبي بالتوقف أخبريني، لكن هذا هو كيف يحدث الأمر ليل، رجل وامرأة بلا حدود، هذا هو الزواج"
كانت ضائعة بين عيونه هو حقا يمنحها الطمأنينة بنبرته بالكلام ولمسته على وجهها وإبهامه يداعب شفتيها ابتسامة مثيرة رائعة فاتنة على وجهه وهكذا لابد أن تكون له، هكذا هو الزواج، رجل وامرأة بلا حدود وهي تدرك ذلك لكن لا تعرف كيف سيكون الأمر؟
عاد يهمس "فقط ثقي بي صغيرتي"
وفعلت، لم تتحرك ولانت ملامحها وهو أدرك ذلك فقبلها مرة أخرى برقة وانزلقت يده على يدها لتترك الفستان فيسقط حول قدميها وما زال يقبلها على وجنتيها وهي ضائعة معه، عندما تجولت عيونه على جسدها أدرك أنها قمر مضيء وسط ليل حالك، فينوس تشاطره الحلم آلهة الجمال بين ذراعيه، ابتلع ريقه وعيونه تتجول عليها، وهمس
"جميلة لا تكفيكِ حقك، أنتِ ساحقة"
وجذبها له في قبلة جديدة يبدأ بها رحلة أخرى حتى شعر بها تتهاوى بين ذراعيه فحملها وشعر بنعومة جسدها بين يديه ومددها برفق بالفراش وتجول عليها بعيونه ولم تفك يدها عنه فابتسم وقال
"أنتِ لي"
يده تجولت على جسدها ويدها تخبطت على قميصه فابتعد وخلع ملابسه فأبعدت وجهها والخجل يرتفع لها، حتى اقترب منها مما جعلها تعود له وتتساءل هل هناك رجل هكذا؟ بمثل هذا الجمال وتلك الرجولة الطاغية؟ رجل هو بالحقيقة زوجها، جسد مثالي، عضلات متناسقة بلا خطأ واضح ومع كل تلك القوة كان رقيقا جدا بكل لمساته لها مما جعلها تريد المزيد مما لم تعرفه من قبل وخاصة أنه جعلها تسعد بأن رجل مثله يريدها هي
جسده اعتلاها وحرارته تكاد تحرق بشرتها الناعمة وجعلها تشعر بمشاعر مختلطة لم تعرفها، همس باسمها معيدا وجهها له لتصطدم بصدره المتضخم من كتل العضلات الهائلة، لا واحدة أكثر ولا أخرى أقل، عضلات بطنه واضحة قوية مرسومة بدقة، عادت لوجهه ولم يمنحها أكثر من ذلك وهو يعود لشفتيها ويدها تعرف طريقها لجسده، حار مثير، صلب وجميل وهو يلفها بذراعه، بتملك، بقوة هي له وتلك اللمسات الرقيقة منها جعلته يشتعل أكثر بالرغبة ولن يوقفه شيء
تقوس ظهرها عندما أخذها ولم تصرخ أو تعلن عن الألم وانحنى فوقها وهمس "صغيرتي أنتِ بخير؟ هل أتوقف؟"
استعادت نفسها وفتحت عيونها لترى القلق بعيونه وتمسكت يداها بالشراشف وأحاطت وجهه بنظراتها الدامعة وقالت بنعومة "لا، لا تتوقف، أنا بخير، فقط خذني لعالمك عامر"
ابتسم وعاد يأخذها حقا لعالمه بل عالمهم، عالم المتعة والتحليق بسماء صافية مشرقة بالسعادة والأمل والرغبة أو.. العشق