رواية وجوه فى العتمه الفصل الحادي والعشرون21 والثاني والعشرون22 بقلم منه ممدوح


 رواية وجوه فى العتمه الفصل الحادي والعشرون21 والثاني والعشرون22 بقلم منه ممدوح

صحيت من النوم وهي بتبص حواليها في الغرفة ولكن لقت نفسها لوحدها، كان جواها تساؤل وفضول شديد عن سبب خروجه في الوقت ده 
أو يمكن إنه سابها لوحدها!
حاولت تعدل من وضعية جسمها، فاتأوهت بألم بعد ما عجزت وحست بإن الجرح بيشد عليها
كان في الوقت ده واقف شارد في بلكونة غرفتهم، بينفث دخان سيجارته بهدوء وبيراقب رجالته من قدامه وولاد عمه وافراد العيلة اللي خارجين على شغلهم ولكن نظراته الشاردة كانت محملة بشك، وصل لدرجة احساسه بإنه محاصر من كل ناحية
فاق من شروده على صوت آنات صادرة من جوا، فرمى السيجارة قبل ما يخلصها ودخل على طول بلهفة.
انصدمت من وجوده لما لقت إنه هنا بالفعل ومسابهاش، ولكنها لاحظت إنه حالته مزرية، ملامحه باين عليها الارهاق والتعب وكإنه كبر تلاتين سنة على عمره، اتجه ناحيتها بهدوء وهو بيقول بحذر_صباح الخير
محتاجة مساعدة؟
هزت راسها بصمت وهي بتقاوم فضولها من ناحيته وبتتحاشى بنظرها عنه، فقرب منها وابتدى يعدل من وضعية جسمها لحد ما ساعدها تقعد نص قاعدة، فبتردد سألت_أنتَ صاحي من بدري؟
بحسبك خرجت
فضل باصصلها شوية، لوهلة حست بغصة في صدرها من عيونه اللي كانت مليانة هم مش فاهمة سببه، كان عايز يقولها إنه منامش خالص أساسًا
وإزاي يجيله نوم وهو مش قادر يعرف مين اللي بيهدده بالشكل ده بحياته وحياتها!
وبعد ما طال الصمت ومردش اتنحنحت وهي بتبعد بنظرها عنه، وفي الوقت ده سمعوا صوت خبطت على الباب، قام عامر ببطء واتحرك لهناك وكإنه كان عارف مين اللي جاي، فتح الباب وخد صينية الأكل من هدية بعد ما شكرها، اتجه ناحيتها وهي بتراقبه بتعجب، حط الصينية على رجليها وهو بيقول_قولت لهدية تعملك حاجة خفيفة عشان تاخذي العلاج
رغم الدهشة اللي ملت عينيها من اهتمامه، إلا إنها هزت راسها برفض وهي بتقول_مش عايزة آكل
بصلها بنظرات حادة وبرفعة حاجب، فزفرت بضيق بعد ما عرفت إنه هيصر عليها وابتدت تاكل فعلًا وهو قاعد قصادها بيتابعها في صمت، لحد ما قال بمكر_تحبي أأكلك أنا لو مش عارفة تاكلي؟
رفعت عيونها ليه بتزجره بنظراتها وهتفت_عايز تتخانق صح؟
ما أنا عارفاك!
 يجرالك حاجة لو منكشتنيش وحرقت دمي وخرجتني عن شعوري!
ضحك بشدة لما شاف الخجل اللي ظاهر على وشها المحمر وانفعالها الواضح، فقام وقف واتجه لدولابه وهو بيقول بمرح_كذه اتطمنت عليكي
طالما لسانك لسة بخير!
بصتله بغيظ شديد من مقصد كلامه، فخد هدومه واتجه للحمام وقبل ما يخرج شاورلها بتحية مستفزة وبعدها قفل الباب، أما هي فرغم عنها بمجرد ما اختفى عن عيونها هزت راسها بقلة حيلة وهي مبتسمة، وبعدها كملت أكلها...
خرج بعد وقت قليل وهو مغير ملابسه لجلباب داكن تقليدي، لقت نفسها بتتامله لوحدها، مظهره في الجلباب بجسده العريض كان مديله هالة غريبة بالنسبالها، رغم إنها شافته بيه كتير ولكن حاسة إن الفترة دي فيها حاجة غريبة
مستغربة إنها مركزة معاه للدرجة دي ومستنكرة ده ورافضاه!
نثر عطره النفاذ ولبس ساعته الفضية الغالية، وبعدين اتجه ناحيتها وهو بيرمقها بتفحص ولما لقاها خلصت قرب منها وشال الصينية وحطها على التسريحة لحد ما هدية تيجي تاخدها.
ورجع تاني وقف قدامها وقال_عهود هتيجي تقعد معاكي لحد ما ارجع، عشان مسيبكيش لحالك، وكمان الممرضة من فترة للتانية هتطمن عليكي وتعطيكي العلاج وتغيرلك على الجرح، وأنا هتابع معاهم عشان لو صار شي
سكتت من غير ما ترد وبعدين سألت_وصلت للي عمل كده؟
حس إن السؤال بيجرحه
يمكن عشان بيحسسه بالعجز قدامها
أو بيوريه قد إيه هو ضعيف لدرجة إنه مش عارف مين دخل بيته وحاولت يقتل مراته!
نكس راسه للأرض وظهر عليه الضيق، ورد_متقلقيش، مسألة وقت وكل حاجة هتظهر
_عـامر
رفع عيونه ليها بعد ما سمع ندائها الرقيق، كانت بترميه هي بنظرات مترددة، خايفة لياخد رد فعل عنيف ضدها، فضمت شفايفها وهي بتقول بتوتر_هو مش ممكن اللي عمل كده
تبقى
أقصد حد من البيت
فهم مقصدها على طول ووصله، ففضل باصصلها بصمت، أما هي فزفرت بضيق وقالت_أعذرني، ماهو مامتك هددتني بالقتل بدل المرة عشرة، ورفعت السلاح في وشي قبل كده!
بص لعيونها مباشرة وقال_وأنا هددتك بدل المرة ألف، ورفعت السلاح عليكي كتير
عملت فيكي حاجة يا يقين؟
بالعكس أنا اللي بقيت بدور على اللي سواها دلوقت عشان آخذ حقك!
لا سلاحي صابك ولا بطشي لحقك
وبقسوة ردت برفعة حاجب_تفتكر؟
بصلها بتساؤل فكملت بتوضيح_تفتكر مش هييجي اليوم اللي  هيصيبني فيه يا عامر؟
تفتكر ده مش مجرد كلام؟
حس بغصة في صدره من شكها فيه وتخوينه، فإداها ضهره وهو ضامم قبضته وقال_اتطمني، مش أمي اللي سوتها.
سكتت هي وشافته بيدور على حاجة في أدراج التسريحة ولكن كان بيدور بعصبية شديدة لاحظتها، أما هي فمردتش عليه بل وفضلت صامتة بفم مطبق وهي حاسة بتأنيب الضمير بس شايفة إنها معذورة
اللي شافته في البيت ده يخليها تشك حتى في نفسها!
وظروف علاقتهم بتخليها يخرج منها كلام مش قاصداه!
هتفضل مسألة الثقة بينها وبين عامر مشكلة مش عارفة ممكن تتحل امتى أو إزاي، أو يمكن هي اللي معتقدة إن فيه مشكلة ثقة بينهم!
تابعته بعيونها وهو بيلبس جذمته، عندها فضول رهيب تسأله رايح فين، لوهلة حست إنها مش عايزاه يسيبها ويمشي
يمكن عشان عارفة حاليًا إنه مش هيئذيها وإنه الوحيد اللي ممكن يحميها دلوقتي، يمكن عشان هو الشخص الوحيد اللي هنا اللي بيدافع عنها دايمًا!
زفرت بضيق وهي بتلف وشها للناحية التانية، ولكن وقعت عينيها على دبلتها اللي محطوطة جنبها على الكومودينو، رفعت إيديها ولقتها مش موجودة فعلًا، حتى ملاحظتش ده!
مدت إيديها ومسكت الدبلة وهي بتقلبها بين صوابعها، وبتنقل نظرها بينها وبين عامر وكإنها بتقارن بينهم
للحظة جه في بالها كل اللي عمله يوسف معاها 
كذبه وخداعه ليها، لحظات اجهاضها لجنينها، اللحظات اللي عاشتها بعد موته والانتقام اللي كان بياكلها من جواها ومأرق حياتها
سعت بكل حاجة عشان تجيب حقه وهو الجاني أساسًا
لوهلة سألت نفسها هي بتعاقب عامر ليه؟
كل اللي حصل ده مش بسببه!
بل بسبب يوسف
وبسببها إنها صدقته
هي اللي أقحمت حياتها في حياة عامر بإرادتها
هي اللي مشيت ورا عواطفها إنها لازم تجيب حق جوزها المغدور
لو مكانش يوسف ملى دماغها بحاجات مش موجودة مكانتش شافت عامر، مكانتش حياتها اتشقلبت، مكانتش اتخطفت واتجوزت بالإجبار وخسرت أهلها وشغلها
كل اللي حصل ده يوسف سببه!
لقت نفسها بترمي الدبلة في سلة الزبالة اللي جنب السرير بدون تردد وكإنه شيء حقير عكس ما كانت متمسكة بيه!
ملاحظتش عامر اللي كان بيتابع كل انفعالاتها الظاهرة من انعكاسها في المراية، ولما لقاها بترميها اتلفت وعلى وشه علامات التعجب والدهشة، رفعت عيونها ليه اللي كانت بتلمع بدموع مكتومة، فقال بتعجب_هذا خاتمك!
هزت راسها وردت_عارفة
سكت ونقل نظره بين سلة الزبالة وبين وشها، فابتسمت هي بألم وقالت_المكان اللي يليق بيه
هو وكل الذكريات الكدابة اللي عيشتها، آن الأوان اتخلى عن الكدبة اللي كنت متمسكة بيها
فضل باصصلها شوية بصمت، ولكن كان جواه حاسس بسعادة غريبة، كان لحد لحظات حاسس بغيرة بتغلي جواه بسبب تمسكها بيوسف، حتى لو بالنسباله بينكر المشاعر دي ولكن هو راجل شرقي برضه، كون إنها كانت بتلبس دبلة راجل غيره وهي على ذمته كان بيكويه!
وبعد نظرات طويلة طالت بينهم، كل واحد فيهم عيونه كانت بتتكلم عوضًا عنه، قطع لحظتهم دقات على الباب، فاتعدل عامر وفصل نظراتهم وهو بيتنحنح وقال_ادخل
اتفتح الباب وطل منه جواد وهو بيجري على أبوه اللي رفعه وهو بيطبع قبله على خده
ووراه عهود اللي قالت بابتسامة_مقدرتش أمنع القرد الصغير هذا
موارهوش غير جملة عاوز أشوف ماما يقين!
ابتسمت يقين بدورها وهي بتنقل نظرها عليهم، فوجهت عهود كلامها ليها_كيفك اليوم يا مرت أخوي؟
ردت بود_كويسة الحمدلله
هزت عهود راسها وربتت على كتف عامر، اللي جذب راسها بإيده التانية وطبع قبلة على شعرها بود وحنان في مظهر كانت يقين أول مرة تشوفه قدامها
عامر حنين فعلًا!
أب حنين وأخ حنين!
رغم القسوة اللي بيبان فيها إلا إنه حاجة تانية بالنسبة لأهل بيته!
فنزل جواد وجري على يقين ولكن منعه عامر اللي مسكه وهو بيقول_براحة يا بطل
ماما يقين تعبانة شوية
عبس الطفل وبقلق قال_أنتِ تعبانة يا ماما يقين؟
امبارح ماما نوارة ما كانت راضية تخليني آجي أشوفك وأنا زعلت!
بصتله يقين بحنان وشاورت لعامر براسها يسيبه وبعدين رفعت إيديها ليه، فجري عليها جواد وضمها، لوهلة اتأوهت بألم فاتحرك عامر خطوة بقلق ولكنها طمنته بنظراتها فوقف مكانه تاني وهو بيتابعهم، أما يقين فطبعت قبلة على خد جواد من الناحيتين وهي بتقول_أنا بخير يا عيوني
كنت تعبانة وبقيت كويسة، وبعد كده أي وقت عايز تيجي فيه تيجي على طول متستناش حد يقولك آه أو لأ
ضحك عامر ووجه كلامه لعهود وهو بيقول_مرت أخوكي عاوزة تشعلل البيت
ضحكت عهود فبصتله يقين برفعة حاجب وتهديد فرفع إيديه باستسلام، أما جواد فضمها  وبعدين بعد عنها ومسك كفها وهو بيقول_طب يلا قومي يا ماما يقين عشان تلعبي كورة معايا!
اتدخل عامر في الوقت ده وبعد جواد عنها وقال_لا يا بطل
ماما يقين مش هتعرف تلعب اليوم، لازم ترتاح شوية
ضرب جواد الأرض برجله وهو بيقول بعبوس طفولي_بس أنا عاوز ألعب كورة اليوم 
ملس على شعره وقال_خلاص إيش رأيك تروح لـ ليلى وتخليها تلعب معاك هي؟
عند ذكر اسمها تأهبت حواس يقين من غير إرادتها ولقت نفسها بتهتف_لأ..
بصلها عامر وعهود بتعجب، ارتبكت هي ومبقاتش عارفة هي نفسها رفضت ليه أو حست بالارتباك والتهديد اول ما سمعت اسمها، فبتوتر بعد ما لقت النظرات اتوجهت ليها بتساؤل حاولت تصحح الوضع وقال_مش لازم تلعب بالكورة، ممكن تجيب الآيباد بتاعك نلعب عليه هنا أو نلعب بالقطر بتاعك إيه رأيك؟
ابتسمت عهود بخبث وهي بتنقل نظرها بين يقين وعامر بعد ما استشعرت بـ حثها الأنثوي إن فيه حاجة، أما عامر فمكنش فاهم رد فعلها، ولكنه استسحن الفكرة ووجه كلامه لابنه وهو بيسأل_ها وش رأيك؟!
اتصنع جواد التفكير وبعدين قال بحماس_ماشي، هروح أجيب التابلت وألعابي وأجي طوالي!
خلص كلامه وجري على طول فضحكوا هما على رد فعله، أما عامر فقال لعهود_لو صار شي أبقي اتصلي علي
هزت راسها وردت_ما تقلق ياخوي يقين بأمانتي
ربت عامر على كتفها وبعدين رمى نظرة سريعة على يقين اللي كانت بتتحاشى النظر ليه بإحراج، وفي النهاية خرج من الغرفة.
نزل لتحت مقرر إنه يتحاشى التعامل مع أي حد في البيت، ولكن وقف بضيق لما سمع نداء أمه ليه، وقف وهو مديها ضهره وضامم قبضته، فوقفت هي قدامه بقصد وقالت بسخرية_ست الحسن والجمال كيفها؟
رفع حاجبه وهو بيبصلها بضيق ومردش، أما هي فعلقت على كلامها_بسأل وكإني مش عارفة إنها كيف القط بسبع ترواح
هذي ما بيأثر فيها شي!
زفر بضيق_عاوزة شي ياما؟!
رفعت راسها بكبرياء واتبدلت نظراتها الساخرة لتانية قوية و_أنا مالي ناسية كلامك ولا اتهامك امبارح يابن بطني، كيف مالي ناسية إنك شكيت فيا إني أأذيك بسبب هذي المصراوية الملعونة!
ضغط على جفونه ومسح على وشه بضيق وقال_حقك علي ياما، ويقين مالها ذنب في اللي قولته
ابتسمت بزاوية فمها بسخرية وقالت_ما أكيد هي اللي حرضتك علي وقالتلك أمك وأمك
هذي كيف الشيطان بس أنتَ اللي مالك واعيلها عشانها عاجباك!
جز على أسنانه وقال وهو بيحاول يتمالك أعصابه_عن أذنك ياما ورايا شغل
نهى كلامه وسابها وخرج تحت أنظارها اللي مليانة ضيق، اتلفتت ورفعت عيونها للسلم اللي بيوصل للدور التاني وهي حاسة بالغضب الرهيب من اللي ماكثة فوق، وبعدين سابتهم وراحت للمطبخ.
 اتجه لسعد اللي كان واقف مستنيه ومال عليه وهو بيقول_عرفت توصل لشي عن الأرقام اللي بعتها ليك؟!
هز عامر راسه بالرفض ورد_لا للأسف، كل الأرقام ما باين لهم ملامح
مش متسجلين ومش معروف صاحبهم، وحتى لما حاولت أكلمهم كانوا مقفولين
زفر عامر بضيق، فجه حمد في الوقت ده وقال_أنا خليت الرجالة يراقبوا كل اللي في الدار كيف ما قولتلي يا عامر بيه، وأكدت عليهم ما يخلوا حد يدرى بيهم، وأذا صار شي هيقولوا
هز عامر راسه، وقال_خلوا عيونكم مفتحة كويس، لازم نعرف وش اللي بيصير حوالينا، اللعبة على كبير والمشكلة إننا مش عارفين نوصل لأول خيط حتى!
فقال سعد_ما تقلق يا عامر بيه، أكيد هيجيلهم يوم ويظهروا
اتنهد ووجه كلامه لحمد_قول للجماعة يستنوني في المكتب على العشية عشان نتكلم على الشحنة الجديدة 
مش عاوزين شغلنا يقف
هز حمد راسه وهو بيربت على صدره، أما عامر فسابهم وقرر يتوجه للمزرعة عشان يتابع شغل العمال نظرًا لإنه بقاله مدة مش بيتابعهم بنفسه وسايبهم على اخواته وولاد عمه.

                             ****
كانت قاعدة عهود على السرير قدام يقين وهما بيتفرجوا على جواد اللي بيلعب على الأرض بألعابه.
نقلت عهود عينيها بين جواد وبين يقين وبعدين سألت_لسة ما عرفتوا مين اللي سواها مش كذه؟
هزت يقين راسها بالرفض وهي بتضم شفايفها بضيق، في حين قربت منها عهود وربتت على إيديها وقالت_ما تقلقي، أنا متأكدة إن عامر هيجيبه وهيوريه الويل وهيعرفه كيف يتعدى على حد يخصه زين!
هزت يقين راسها وهي بتبتسم بود، ولكن عهود مكانتش على حالتها الطبيعية، بل كانت بتنقل نظراتها بفضول ناحية يقين وكإنها عايزة توصل لحاجة معينة، لحد ما اتكلمت وقالت_أنتِ قابلتي ليلى قبل كذه؟
اتوجهت نظرات يقين ليها وظهر عليها انفعال غريب ولكنها كتمته_آه قابلتها كذه مرة
فقالت بفضول_صار شي بينكم؟!
هزت يقين كتفها وببساطة حاولت تمثلها قالت_عادي، زيها زي الباقي، كده كده محدش طايقني هنا
ابتسمت عهود وقالت_لا بس ليلى غير
عاذراها برضك ما هي شايفاكي خطفتي عامر منها
رفعت يقين عيونها ليها في الوقت ده بعد ما قدرت عهود تجذب انتباهها، هي بالفعل كانت شاكة في حاجة زي دي بس مكانتش اتأكدت بعد ما اتهرب عامر من الاجابة على سؤالها، فاتكلمت بصوت مهزوز حاولت متظهرهوش وبجهل_يعني إيه؟!
فضلت بصالها عهود شوية وهي شايفة نظراتها اللي اتبدلت، فابتسمت وهي بتبعد وشها عنها وكإنها بتتكلم ببساطة_أصل بيني وبينك كان فيه مشروع جواز بينها وبين عامر، بس طبعًا متمش بعد ما اتجوزك
فشايفاكي خطفتيه منها، أصلها بتعشق عامر، من يوم ما وعت على الدنيا وهي بتحبه، حتى بعد ما اتجوز سلمى عشان يبقى فيه نسب بينا وبين الرشايدة فضلت حابسة حالها في غرفتها شهر وما رضيت تحضر الفرح.
سكتت يقين وهي حاسة بإحساس غريب بيتملك منها في الوقت ده، احساس هي نفسها مش قادرة تلاقيله تفسير، بلعت ريقها وبارتباك قالت_وعامر..
بيحبها؟!
بصتلها عهود بطرف عينها، وقالت_لا مقدرش اقولك أنا مش فتانة، تقدري تاخدي الرد من عامر بنفسك
وبعد ردها ده محاولتش يقين تتكلم تاني عشان متتكشفش أكتر من كده، ولكن كان جواها شعور غريب مش لاقية تفسيره، حاسة بنار موقدة جواها
معقولة يكون بيحبها؟
وعند الفكرة دي حست بإن فيه نار بتشتعل في صدرها، غصة توسطت حلقها
احساس بالتملك وكإن عامر يخصها ومينفعش حد يقرب منه طالما هي موجودة 
ولا يمكن
غيرة!
كانت عهود قارية انفعالاتها دي وهي باصة لشرودها بطرف عينها، وابتسمت من غير ما تاخد بالها، الظاهر إنها كده أشعلت الفتيل بينهم، الفتيل اللي هينهي الجمود بين عامر  ويقين...
وبالليل في آخر اليوم 
سمعت صوت عالي جاي من قدام باب أوضتها، كانت باصة للباب بفضول، لحد ما اتفتح الباب وطل منه عامر وهو بيجر كنبه وبيدخلها في الأوضة لحد ما حطها في زاوية ما، وقف وعدل من ضهره بعد المجهود اللي عمله خصوصا إنه نقلها بنفسه لإنه مكانش هينفع يطلب من حد من رجالته في وجود يقين في الغرفة.
وجه نظره ليها وقال_عهود ماشية بقالها كتير؟
هزت راسها بالرفض وردت_لسة من ساعة، جوزها كان عايزها
هز راسه واتحرك في الغرفة وهو بيقلع ساعته وجذمته، أما يقين فكانت بصاله بتركيز وكلام عهود بيتردد في أذنها، لوهلة حس بنظراتها، فبصلها بتعجب وهو بيقول_فيه حاجة؟!
عقدت حاجبها وقالت_بتسأل ليه؟
فرد_حاسك غريبة، أو نظرتك غريبة، كإنك عاوزة تقولي شي بس مترددة!
هزت راسها بالرفض وقالت_لأ خالص أنا عادي، متهيألك بس
فضل باصصلها شوية وهو متأكد من جواه إن فيه حاجة مش طبيعية ورا نظراتها وهدوئها، ولكن في النهاية هز كتفه وقال_يمكن
اتجه لدولابه وطلع هدومه، أما هي ففضلت متابعاه وهي حاسة بفضول رهيب، لحد ما في النهاية قالت_هي ليلى قريبة منكم اوي؟
اتلفت وهو عاقد حواجبه بتعجب من سؤالها وقال_يعني؟
عبثت بخصلات شعرها بأرتباك وهي بتتحاشى النظر ليه وقالت_اقصد عشان يعني قولت لجواد يروح يلعب معاها الصبح
فعشان كده بسأل
حس عامر إن فيه مقصد تاني من كلامها، ونسي خالص وقت ما سألته قبل كده اذا كان بيحبها ولا لأ بسبب الرسالة اللي جاتله في نفس الوقت، فساب اللي في إيده واتقدم ناحيتها بخطوات بطيئة لحد ما وقف قصادها يتطلع لملامحها بتفحص، لحد ما قال_قولي اللي عاوزة تقوليه طوالي من غير لف ودوران
مطت شفايفها وهزت كتفها وبانفعال مصطنع قالت عشان تداري عن اللي في بالها_أنا بسأل عادي مفيش حاجة
عامةً تصبح على خير
قالتها وهي بتتعدل بحذر ونامت على ضهرها واتصنعت إنها بتغمض عينيها وبتنام فعلًا، فضل واقف مكانه باصصلها بصمت لحد ما اتنهد وسابها وخد هدومه ودخل لحمامه، أما هي فبمجرد ما قفل الباب فتحت عيونها وبصت لأثره بشرود شديد
وجواها سؤال واحد مش لاقية اجابته
هي مهتمة ليه؟!

                          ****

مر يومين كانت صحة يقين بتتحسن إلى حد ما وابتدت تقدر تتحرك براحة من حين لآخر، أما عامر فكان في حالة مش طبيعية طول اليومين دول نظرًا لعجزه إنه يوصل لحاجة لحد دلوقتي
حتى رجالته مش قادرين يعرفوا مين اللي ورا اللي بيحصل.
وبعد ما خرج قررت يقين تنزل تتمشى شوية في المزرعة بصحبة عهود اللي قررت تروحلها تطلب منها ولكن هتخلي معاهم رجالة عامر احتياطي عشان ميتكررش اللي حصل ده تاني 
وبمجرد ما اتجهت للسلالم سمعت جدال عنيف بين عامر وفاطمة اللي كان بيقول بعصبية_أنا مش عيل صغير معرفش أميز كلام اللي قدامي!
قولتلك مش عزيز ولا حد من الرشايدة اللي سوى كذه!
فيه حد تالت بيلعب بينا، عاوز يشعل نار ما تطفيش، عرف إن الصلح تم بينا بالنسب، راحوا قاتلين سلمى عشان عارفين إن الحرب هتقوم تاني
وطول المدة هذي بيسووا فصولات فينا عشان عارفين إن أول شي هيصير إني هلوم الرشايدة، وهذا اللي كان بيصير فعلًا!
وما كنت بصدق لما عزيز يقولي إنه ماله هو، رغم إنه كان بيعترف لما يسوي شي بنفسه وبيفتخر بهذا
ولما عرفوا إن يقين صحفية والدنيا قامت لما اختفت حاولوا يقتلوها عشان يقوموا الدنيا عليا ويقولوا أنا اللي قتلتها!
وقفت يقين على أول السلم بتسمع اللي بيتقال بينهم بوجه جامد خالي من المشاعر، أما فاطمة فكان ظاهر عليها العصبية وبانفعال هتفت_وأنتَ رايح تصدق الرشايدة أوام يا عامر، مش بعيد يكونوا هما اللي قتلوا سلمى بنفسهم عشان مش عاجبهم اللي صار
الرشايدة الغدر والكذب بيجري في دمهم، كيف صدقت الملعون اللي اسمه عزيز وابوه صالح!
مسح عامر على وشه بعصبية وقال_ياما بالله عليكي فيه حد هيقتل ضناه؟!
رفعت راسها وردت_هذولا مش أي حد
هذولا الرشايدة، يبيعوا لحمهم عشان مصلحتهم
زفر عامر بنفاذ صبر وقال_اسمعي ياما، خلاصة الكلام الرشايدة مش ورا اللي صار، وخليكي أنتِ برا الموضوع وما تتدخلي في شغلي الله يرضى عنك
سيبيني أحل اموري بمعرفتي!
رفع عيونه في الوقت ده لما لمح يقين اللي كانت واقفة تتابع اللي بيحصل، فاتلفتت فاطمة هي كمان لما شافتها، اتحركت يقين في الوقت ده ونزلت وهي بتتسند على حواف السلم لحد ما وصلت عندهم، وجهت كلامها لعامر وهي بتتحاشى النظر لفاطمة وقالت_أنا كنت هروح لعهود عشان زهقت من القاعدة في الأوضة.
فضلت فاطمة ترمقها من فوق لتحت بنظرات مليانة استحقار وكره شديد أربك يقين، لحد ما اتكلمت_هذي بقت كيف الحصان أهي!
بصتلها يقين برفعة حاجب فكملت فاطمة بنبرة ذات مغزى_ومتيهألي بكفاية كذه يا عامر، خلينا ننهى هذا الموضوع كفاية البي صار من تحت راسها لحد دلوقت، ليصير اللي قولتلك عليه، يا تسكتها بمعرفتك وتغورها من هنا وما نشوف وشها تاني
أنا وأنتَ عارفين زين إن هذي عمرها ما هتصير مرتك ولا أم عيالك!
بصتلها يقين بدهشة من كلامها، ونقلت نظراتها بينها وبين عامر بقلق، لوهلة حست بشيء غريب من فكرة الانفصال
معقولة ممكن يتخلى عنها بسهولة فعلًا؟
هل هي رافضة علاقتهم ولا رافضة الطريقة اللي اجتمعوا بيها؟
هل هي جاهزة لإنها ترجع تواجه الناس تاني بعد كل اللي حصل، اهلها، اهل يوسف، زمايلها في الشغل!
غمضت عيونها بإرهاق، هي فعلًا عايزة تنفصل، هي اللي صممت وهي اللي طلبت منه بدل المرة ألف تنهي المهزلة اللي حصلت دي، ليه خايفة دلوقتي؟
ليه كلام فاطمة جرحها؟
وليه مستنية رده بفارغ الصبر!
فتحت عيونها لما حست بكفه بيحتوي كفها، رفعت عيونها ليه، أما هو فوجه كلامه لأمه وبقوة قال_يقين مرتي ياما
وهتفضل مرتي
حتى لو هي نفسها طلبت الطلاق أنا مش هوافق
طول ما فيا الروح هتفضل على ذمتي وملزومة مني وهتفضل تحت حمايتي
يعني أي حد يتعرضلها هيبقى كإنه بيتعرضلي أنا!
لوهلة ارتجفت إيديها بين إيديه، نبرة صوته الرجولية خلت رجفة لذيذة تتسلل لجسدها، قلبها اللي بينتفض بشكل غريب، احساس بالأمان بيساورها وهي جنبه، دي مش المرة الأولى اللي يدافع عنها باستماته بالشكل ده ويرد كرامتها، مش المرة الأولى اللي يحميها من أمه!
عيونها اللي بتلمع بمشاعر غريبة خلته يوجه نظره ليها رغم عنه واتبادلوا النظرات في لحظة فصلتهم عن واقعهم وعن طريقة دخول كل واحد فيهم لحياة التاني وطريقة جوازهم حتى!
خدت فاطمة بالها من نظرتهم لبعض ودي حاجة معجبتهاش خالص، هي مدركة إن ابنها ميال ليقين وهي رافضة ده، شايفة إنها هتكون وسيلة ضعف ليه، شايفة إنها هتاخد ابنها منها!
فرفعت راسها وقالت_كلنا عارفين إن هذي ما بتصير تكون مرتك ولا واحدة مننا ومش أنا بس اللي بقول كذه!، واللي المفروض تكون مكانها ليلى
ليلى اللي أنا اديتها كلمة وهنفذها يا عامر مش فاطمة الزيات اللي ترجع في وعد عطيته لحد أنا مش عيلة صغيرة!
 أنتَ هتتجوز ليلى وهذا آخر كلام عندي
يا كذه يا هفضل غضبانة عليك ليوم الدين!
اتجمدت إيد يقين واتوسعت عيونها ووقع قلبها في الوقت ده بل حست بدوار عنيف بيلفح راسها ووجهت نظراتها لعامر وهي مستنية رده، مكانش يقل صدمة عنها وهو بيهز راسه لامه باستنكار ولكن نظراتها المصرة خلته متجمد تمامًا
مكانتش بتهزر وهو عارف أمه وعارف شخصيتها، لو حكمت ممكن تفضل مقاطعاه فعلًا، وميقدرش يخليها زعلانة منه
دي أمانه أبوه ليه!
دخل سعد في الوقت ده بعد ما اتنحنح، ولكنه سكت لما حس إن الوضع متأزم دلوقتي، اتلفتت يقين ناحيته بنظرة عابرة لكن سرعان ما حست بتيبس جسدها عليه
فضلت بصاله وهو كذلك، وكإنه كان متحفز وقلقان
أما هي فكان كل اللي في بالها إن..
العيون والنظرة دي هي عارفاها!.

الحلقة الثانية والعشرون

كان عامر بيرمق فاطمة بنظرات مليانة لوم متهزتش هي بيها بل كانت رافعة راسها بكبرياء وهي بتبصله بنظرات قوية كإنها بتأكد على كلامها وبتفهمه إنها مش ندمانة على اللي تفوهت بيه، أما يقين فكانت مركزة نظرها على سعد، لون عيونه المميز ده فكراه واللي كان عسلي ممزوج باللون اللي يشبه لون ورق الشجر فماكنش لون شافته كتير هنا، حتى هي حست بارتباكه بل ونسيت اللي تفوهت بيه فاطمة تمامًا.
ولكنها فاقت وحادت بنظرها عنه لما قال عامر بعتاب_وش اللي بتقوليه هذا ياما؟
معقولة؟
معقولة سهل عليكي للدرجة هذي إنك تقوليها في وشي؟!
لهذي الدرجة أنا مش فارق معاكي؟!
لوهلة اتألمت يقين من نبرة عامر اللي لأول مرة بتشهدها، هي شافت كتير إزاي كان بيتحمل تصرفات وكلام أمه وتدخلها في اللي مش بيعنيها بل وقسوتها وعدم اشفاقها وتحكمها في كل حاجة، ولكن النهاردة كانت شايفة كسرة غريبة في عيونه، صوته المبحوح اللي مليان عتاب ورغم ده مش قادر يرفع صوته عليها بل اكتفى بلومه الرقيق ليها.
فاتكلمت فاطمة بقوة_أنا قولت اللي عندي يا عامر وأنتَ بإيدك تختار
لو وافقت تتجوز ليلى العيلة اللي بتعشقك من وهي بتحبي وقتها هشيلك في نن عيوني، أما لو فضلت واخد صف المصراوية فقلبي هيفضل غضبان عليك ليوم الدين
حس سعد في الوقت ده بتأزم الوضع، فانسحب من المكان بهدوء مقررًا إنه يرجع في وقت تاني تكون الأمور هديت فيه تحت تركيز يقين اللي عينيها كانت مسلطة عليه
وقابل في طريقه ليلى اللي كانت داخلة كعادتها تتطمن على مرات عمها، اللي أول ما شافتها فاطمة مدت إيديها ليها وهي بتقول في حين مصوبة نظرها على عامر بتحدي_تعالي يا ليلى
تعالي يا زينة البنات يا غالية
جيتي في وقتك.
بصتلها ليلى بتعجب وهي بتمد إيديها وبتحطها في كفها وقربت وقفت جنبها وهي بتنقل نظرها بين يقين وعامر اللي ملامحهم مكانتش تبشر بالخير ففهمت إن الموضوع يخصها في الوقت ده
كان عامر وشه باين عليه الانفعال بعيونه الحمرا الجاحظة وفكه اللي باين إنه مشدود ده غير قبضته اللي ضاممها بقوة، هو عارف إن فاطمة متسلطة وعندها حب السيطرة من زمان ولكن معقولة بتحاول تخليه تعيس ومش فارق معاها للدرجة دي!
بصت ليه فاطمة وبنبرة ذات مغزى متحملش أي شفقة قالت_فكر وأنا مستنية ردك
وأنتَ حر بقرارك بس ما تلوم إلا حالك يابن بطني، أنا جيبت لك الخلاصة.
فضل باصصلها شوية بعجز وغضب رهيب ممزوج بالعتاب تحت أنظار يقين اللي كانت حاسة بالحزن على الوضع اللي هو فيه ومن قسوة فاطمة عليه وفنفس الوقت فيه نيران بتشتعل جواها وهي شايفة ليلى قدامها وبتتخيل فكرة إنه ممكن يوافق عشان يرضي أمه وفي الآخر هيبقى ليها ضرة!
ولكن إيه يضايقها أساسًا لو هي كانت مش معترفة بالجوازة دي؟
ليه فارق معاها رده وليه حاسة بحنق تجاه ليلى وليه بتتفحصها كإنها غريمتها وهتاخد حاجة ملكها!
وبعد ما طال الصمت سابهم عامر وخرج بدون ما يقول أي كلمة ولكن كان خروجه يشبه العاصفة، فرمقت يقين فاطمة بنظرات مليانة ضيق وتأنيب ردتها التانية باستحقار وعلى وشها ابتسامة ساخرة، وفي النهاية لقت يقين نفسها بتجري ورا عامر
محتاجة تتطمن عليه
حالته محسساها بالقلق وهي عارفة إنه عاجز وقليل الحيلة دلوقت!
حاولت تسرع من خطواتها وراه ولكن كانت عارجة وهي بتهتف_عامر
عامر استنى!
ولكنه مكانش بيرد عليها رغم إنه سامع صوتها وهي بتنادي على اسمها باستمرار، وكإن نبرة صوتها بتئذيه بزيادة وهو حاسس بقلبه بينبض وبيضعف ناحيتها
فسرعت من خطواتها أكتر وهي بتتحامل على ألمها وباسطة إيديها على مكان جرحها لحد ما حست إنه شد بعنف فصرخت بألم واتأوهت وهي واقفة مكانها وحانية راسها
وقف هو واتلفت بسرعة أول ما سمع صوتها وبمجرد ما شافها في الوضع ده نسي غضبه وجري عليها وهو بيقول بلهفة_يقـين!
أنتِ بخير؟!
وقف قدامها وهو بيشيل إيديها وبيتفحصها وفنفس الوقت بيبص على ملامحها المنكمشة بألم وشفايفها اللي بتضغط عليهم، في حين قال_بيوجعك؟
أجيبلك الدكتور راضي؟
قوليلي حاسة بإيه؟!
قصاد اهتمامه وإيده اللي باسطها على كفها والتانية اللي ساندها بيها فتحت عيونها وبصت لداخل عيونه مباشرة، لوهلة لقى نفسه انجرف جوا عيونها وكإن العالم وقف من حواليهم، فحاولت تطمنه وقالت_متقلقش أنا كويسة، الجرح شد بس عليا لما اتحركت بعنف
 تمالك نفسه وقال بضيق ولوم_إيه بس اللي جراكي ورايا وأنتِ جرحك لسة حي 
هتفضلي متهورة كذه؟!
_قلقت عليك
قالتها باندفاع وهي مش حاسبة كلامها نهائي بل خرج بتلقائية بدون ما تحس، اتجمد تمامًا قصاد كلمتها اللي لمسته من جوا واتسببت في اضطراب دقات قلبه وانتفاضة صدره، وكإنه حس بالحياة في الوقت ده بعد أعوام قضاها ميت
أدركت هي فداحة اللي قالته فاتنحنحت بارتباك وحاولت تصحح وهي بتقول_أقصد
عشان خرجت متضايق يعني 
عشان
كان شكلك...
لقت نفسها مش لاقية مبرر للي قالتها وارتكبت أكتر تحت نظراته اللي كانت بتلمع بشغف، مكانش مصدق إنه شايف اهتمام منها وحاول ينكر نظرة عيونها من جواه، فهزت هي راسها بتوتر_عامة حصل خير 
حبيت أعرف هتعمل إيه بس
فسأل بعقدة حاجب_هعمل إيش؟!
فقالت بمراوغة_ليلى بتحبك و..
ميل براسه وهو بيبصلها بعمق_و...؟
ارتبكت أكتر فضمت شفايفها وبصوت خافت قالت_أنتَ بتحبها؟
ربع إيده قصاد صدره واتكلم برفعة حاجب_أنتِ إيش شايفة؟
عبست بخصلات شعرها وهي بتحاول تلاقي كلام تقوله يبرر فضولها وقالت_أنا بسألك
بغموض أكتر قال_يهمك في أيش تعرفي أنا بحب ليلى ولا لأ؟
رفعت عيونها ليه اللي كانت مليانة حيرة وصلتله ولكنه كان بيكدب نفسه، فقالت_هتتجوزها؟
قرب منها خطوة وقطع الفاصل بينهم، ظهر فرق الطول بينهم في الوقت ده وحست إنه محتويها بجسمه، أما هي فكانت بتبصله بنظرات بريئة تشبح القطط سلبت أنفاسه، فاتكلم بصوت متهدل_هيفرق معاكي؟
متهيألي أنتِ نفسك مش معترفة بجوازنا، ونفسك تتحرري مني اليوم قبل بكرا
مش كذه ولا إيش؟
صمتت وانعقدت لسانها قدامه، مبقتش عارفة تقول إيه، هي نفسها مش عارفة عايزة إيه، ولكن في النهاية حاشت بنظرها عنه وقالت وهي بتبعد_عندك حق
أنتَ صح، أنا مش معترفة بجوازنا فعلًا
ومعتبراه سجن
وميخصنيش إنك تتجوز أو لأ ده قرارك وأنتَ حر فيه
قالتها وسابته ومشيت وهي بتعرج ووقف هو يتابعها بنظره، ولوهلة الجمود اللي كان ظاهر عليه اتبدل لحزن، كلامها بيوجعه
وهي دايمًا توجعه بالكلام بقصد رغم كل اللي بيعمله، بس برضه بيديها الحق
ودي حاجة مخلياه مستعجب من نفسه.
في أثناء رجوعها قابلت سعد، خففت من خطواتها وهو كذلك، كان بيرمقها بنظرات جامدة مش واضح عليها حاجة، أما هي فكانت بصاله بشك كبير
وبعد ما اتخطاها وقفت مكانها واتلفتت تبصله، لقت نفسها بترفع إيديها تلقائيًا وتحطها على مكان جرحها
وسؤال واحد في بالها
معقولة احساسها ده صح؟
دخلت للبيت لقت الهدوء بيعم المكان، فقالت تروح تشرب حاجة من المطبخ اللي كان فاضي، ملت كوبايتها من مبرد المياه، ووقفت تشرب وهي بتشرد في كل اللي حصل
خاصة اهتمام عامر بيها
واهتمامها بيه
اهتمام متبادل فعلًا!
لوهلة عقدت حاجبها لما سمعت صوت فاطمة من برا وكإنها بتتهامس وبتتكلم في التليفون، سابت الكوباية وقربت بفضول شديد، وقفت على جنب من الباب بحيث متسمعهاش، ورمت أذنها فسمعتها بتقول_قولتلك عاوزة الموضوع هذا يخلص اليوم
وبكرا بالكتير نسمع خبر عزيز
كفاية لحد كذه اللي صار من ورا راسه، وكمان كل بعقل عامر لحد ما صدقه،
كيف ما قولتلك، خلى الراجل حوالين داره، أول ما يخرج ما يتردد ويقتله
اتسعت عيون يقين بذهول من اللي سمعته، معقولة جبروتها وصل للشكل ده!
فسمعتها بتكمل وهي بتقول_بلغني أول بأول
وكيف ما قولتلك، لو عامر شم خبر بالاتفاق اللي بيننا ما تلوم غير حالك!
قالتها وهي بتقفل التليفون وبتعدي جنب المطبخ، فبسرعة استخبت يقين في أحد الزوايا عشان متشوفهاش وتعرف إنها سمعتها، حست فاطمة لوهلة إنها شافت خيال، فتراجعت بخطواتها تاني وبصت جوا المطبخ برفعة حاجب ولما ملقتش حد  كملت سيرها.
خرجت يقين بتبص لأثرها بصدمة، رغم إنها سمعت الحوار اللي دار بينها وبين عامر ولكن لسة مصرة إنها تكون متسلطة وترمي بكلام ابنها عرض الحائط
وبدون تردد قررت تدور على عامر مكان ما اتحرك هي عارفة كويس إنه أول واحد هيضر لو حصل اللي فاطمة عايزاه، خصوصًا بعد ما سمعت كلامهم وفهمت كل حاجة، فخرجت وهي بتدور عليه لحد ما شافت عايد مقابلها، وقف واعترض طريقها وهو بيتساءل بتعجب_رايحة لوين يا مرت أخوي؟
سألت بتلهف_عامر فين؟
عقد حواحبه وقال بقلق_وش صاير؟
وشك مخطوف؟
_عامر فين لو سمحت؟!
شاورلها بإيده وهو ما زال بيرمقها باستغراب_أول المزرعة على إيدك اليمين هتلاقيه في مكتبه
هزت راسها ومستنتش يكمل كلامه واتحركت مسرعة لمكان ما وصف، مكانتش فاهمة هي متلهفة ليه عشان تقوله
ليه تدخل نفسها؟
يمكن عشان عارفة إن ممكن يحصله مشاكل بحركة زي دي
القيامة هتقوم هنا وهيقولوا إن عامر اللي قتله ووقتها ممكن يقتلوه هو!
معقولة تكون خايفة عليه؟!
هزت راسها رافضة التفكير في الوقت ده عن أي حاجة، وصلت للمزرعة واتلفتت بعنيها لحد ما شافت المبنى الخشبي الأنيق اللي يشبه الكوخ اللي عدت عليه كذه مرة قبل كده ولكن مخدتش بالها إنه مكتبه الخارجي اللي سمعت عنه قبل كده
وبدون تردد اتقدمت وفتحت الباب بسرعة من غير ما تخبط حتى وهي بتهتف_عامر...
سكتت ومكملتش كلامها لما لقت العيون كلها مسلطة عليها، كان اخوه فارس وولاد عمامه وكمان عمه مرزوق وغالب اللي الواضح كانوا بيتكلموا في شغل وهي قاطعتهم، رفع عامر عيونه ليها بتعجب وقال بتساؤل_يقيـن!
بصتله بارتباك وهي بتنقل نظرها عليهم، فقام فارس في الوقت ده بعد ما حس إن الموضوع خاص لما شاف نظرة يقين وقال_طيب ياخوي، هنظبط باقي الأمور ولو صار شي هنقولك
بالفعل قاموا ولاد عمه مع فارس مقررين يسيبوهم رغم التعجب اللي ظاهر عليهم خاصة وهما عارفين بتوتر العلاقات بينه وبين يقين
ومعاهم قام مرزوق وغالب اللي كانوا بيرموا يقين بنظرات مليانة ضيق، فهما لحد دلوقتي شاكين إنها بلغت عن الشحنة اللي اتمسكت وإنها اتفقت مع عزيز ولكن قرروا الصمت عشان عامر
وبعد ما اتأكدت إنهم خرجوا كلهم قفلت الباب وراهم باحكام، فوقف عامر ولف حوالين المكتب لحد ما بقى قدامها وسأل بتعجب_إيش فيه؟
جاية على ملى وشك ليش؟
بهمس قالت_أمك..
عقد حواجبه وقال بحذر_ضايقتك؟
هزت راسها بالرفض، فبصلها بتساؤل مليان فضول، وفي النهاية قالت هي_سمعتها بتتكلم مع حد في التليفون وبتتفق معاه يقتل عزيز
هتف بصدمة_إيش؟!
هزت راسها بتأكيد_صدقني، قالت هيحطوا  واحد حوالين البيت ولما يخرج هيقتلوه، وأكدت عليه ميقولكش عشان عارفة إنك هتتضايق وهتمنع اللي هيحصل
فضل باصصلها بصدمة شوية، حس بغضب رهيب بيتمكن جواه، أمه مصممة تصغره وتطلعه عيل وبعمايلها دي هتشعل الحرب بينهم، جز على أسنانه وهو بيمسح على وشه بضيق وفي النهاية مسد على كتفها من غير ما يحس وقال_ارجعي على الدار وخليكي في غرفتك لحد ما ارجع
قالها وهو بيسيبها عشان يخرج، ولكنها مسكت دراعه فبصلها بتساؤل وقالت هي بقلق_هتعمل إيه؟
طمأنها بنظراته ورد_ارجعي على الدار ما تقلقي
هزت راسها بصمت وفعلًا نفذت كلامه وقررت ترجع البيت وتتجنب الاختلاط بيهم لحد ما يرجع.

                          ****

أخد عامر حمد وسعد من غير ما حد ياخد باله أو ويحس وخرج بيهم من غير ما يفهمهم فيه إيه، فسأل حمد اللي كان سايق بتعجب_لوين رايحين يا عامر بيه؟!
رد عامر اللي كان بيهز رجله بضيق_دار الرشايدة
بص حمد وسعد لبعض بتعجب، فوضح عامر_هنمنع قتل عزيز
اتلفت سعد في الوقت ده وكان ظاهر على وشه علامات الاستنكار ورد_اعذرني يا عامر بيه
بس ليش؟
وش دخلنا ما يتقتل ولا يتحرق!
بصله عامر بحدة من لهجته اللي معجبتهوش يزجره بنظراته فنكس التاني راسه بسرعة بعد ما أدرك فداحة اللي قاله، أما عامر فاتكلم_هما عاوزين النار تشتعل بينا وبين الرشايدة
وأنا مش هنولهم اللي في بالهم، عشان كذا لازم نحمي عزيز لحد ما نكتشف مين ابن الملاعين اللي بيلاعبني
سكت سعد تمامًا ومرضيش يزود في الكلام أكتر من كده، كفاية اندفاعه اللي كان هيوديه في مأزق حقيقي.
وبعد وقت قليل كانوا وقفوا على بعد من بيت الرشيدي، نزل عامر هو وحمد وسعد، طلع سلاحه من خصره ورفع صمام الأمان، ووقف يركز بعيونه اللي تشبه الصقر حوالين البيت وهو بيدور على اللي أمه بعتته.
اتفتح الباب في الوقت ده، وخرج عزيز اللي يكاد يكون استعاد صحته قليلًا ولكن وشه كان مازال ملئ بالكدمات، وقف برا يتكلم مع واحد مع رجالته وعيون عامر مسلطة عليه وعلى المكان من حواليه، لحد ما هتف حمد بلهفة_عامر بيه..
بص عامر مكان ما شاور، فشاف شخص نايم على بطنه على تلة رمال من على بُعد وماسك قناصة في إيده عارفة وجهتها تمامًا.
في حين كان عزيز بيتكلم مع حارسه وبيديله أوامر، وفلحظات سمعوا صوت طلق ناري عنيف، نزل عزيز بجسده على الأرض بيختبيء وبيحمي نفسه في حين خرج الحراس بسرعة ورفع اللي كان معاه سلاحه في وضع استعداد
ولكن لوهلة شافوا عامر اللي كان مسلط سلاحه على مكان معين وهو واقف بشموخ ووشه باين عليه الجمود والقوة، وقف عزيز واتعدل وبص مكان ما ضرب عامر فشاف من على البعد الشخص اللي كان متربصله واللي كان لقى مصرعه
خرج صالح في الوقت ده وهو حاسس بالهلع، وبيتساءل عن اللي بيحصل، ولما شاف عامر اشتعلت ملامحه بالغيظ واتقدم خطوتين ناوي يتجه ناحيته وهو بيقول من بين أسنانه_عـامر!
ولكن قبل ما يتوجه ناحيته منعه عزيز لما بسط دراعه يحيد بينه وبين الخروج، بصله صالح بتعجب أما عزيز فكان نظره مسلط على عامر اللي كان بيتقدم ناحيته وهو بيحط سلاحه مكانه في خصره
وقف قدامه وهو بيرمقه من فوق لتحت، فاتكلم عزيز_ليش حمتني؟
بصله عامر شوية وبجمود قال_محتاجك عايش
على الأقل حاليًا
رفع عزيز حاجبه بعدم فهم فوضح عامر_كان عندك حق
فيه حد تالت بيوقع بيننا وهو سبب العداء اللي صار بينا من زمان
في البداية لما عرفوا إن النسب اللي بينا هيوقف الدم قتلوا سلمى
وبعدين ابتدوا يعملوا فصولات عشان كل واحد ياخد رد فعل ضد التاني على أساس إنه عملها.
كان عزيز باصصله بصمت وكإنه مش مندهش لكلامه، هو بالفعل لما فكر فيها خصوصًا بعد آخر جدال بينهم أدرك إن فيه طرف تالت قصده يوقعهم هما الاتنين
يمكن شخص بينه وبينهم عداء
أو عيلة عايزين يقضوا على نفوذهم لما حسوا إنهم محتكرين السوق في مجالهم.
المهم إن في كل الحالات مقصدهم إنهم يوقعوهم في بعض
مال عامر براسه وقال_شكلنا للأسف مضطرين نحط إيدينا في إيد بعض لحد ما نعرف إيش اللي بيدور حوالينا
ابتسم عزيز بسخرية ولكنه كان عارف إنه عنده حق عشان يعرفوا الخطر اللي محاوطهم وفنفس الوقت يرجع حق اخته، فقال_هدنة؟
هز عامر راسه وأكد_هدنة
مد عزيز إيده ليه ينوي مصافحته كوافقة على اللي بيقوله، فبصله عامر شوية وهو بينقل نظره بين كفه وبين وشه وفي النهاية قبض على إيده وهو بيصافحه بقوة..

                            ****
رجع البيت ودخل لجوا بخطوات تشبه العاصفة، حاسس بحنق كبير تجاه أمه، شافها قاعدة على كرسي في بهو البيت وكإنها مستنية حاجة
وهو كان عارف هي مستنية إيه كويس.
رفع عيونه ليها واتقدم منها بخطوات بطيئة وهو بيحاول يتمالك نفسه قدر المستطاع..
أما يقين فكانت قاعدة في غرفتها وهي حاسة بقلق رهيب، من وقت للتاني بتقوم تبص من البلكونة عشان تتطمن رجع ولا لأ
قلقانة عليه مش هتنكر
خاصة بعد ما أدركت إن الموضوع هيدخل فيه دم
ولما سمعت صوت سيارته قامت بهلفة فشافته نازل من عربيته بغضب جحيمي ظاهر على وشه، وبدون تردد خرجت من غرفتها بخطوات سريعة ملهوفة ووقفت على بداية السلم تتابع اللي بيحصل بتوتر وهي مترددة تنزل ولا لأ.
وقف عامر قصاد أمه، اللي رفعت راسها ليه وقالت بقوة_فكرت في اللي قولته؟!
ابتسم بألم ورد_فكرت ياما
فكرت في حاجات كتير أوي
اتبدلت نظراتها للتعجب، فكمل هو_ومن كتر التفكير حسيت إن طاقتي خلصت
تعبت
ما بقيت قادر
بتزودي حمل فوق حملي وأنا طاقت نفدت، بفكر وأقول ليش مصرة تصغريني؟!
مصرة تقللي مني ومصرة تنفذي اللي في دماغك وما بتراعي إني كبير هذي العيلة ومسئوليتهم مني وأنا أدرى بمصلحة كل واحد فيهم، ولما يصير غلط عامر بس هو اللي بيشيل الطين على دماغه
ليش بتدمريني ياما ليش؟
كانت حاسة بإن كلامه بيحمل معنى تاني تمامًا، فقامت وقفت وهي بصاله بتوتر وقالت_وش صاير يا عامر؟
كل هذا عشان طلبت منك تتجوز ليلى؟
ليش ليلى معيوبة ولا شي؟!
ليلى زينة البنات، بنت عمك ومن دمك وبتحبك يعني ما رايدة إلا مصلحتك وراحتك، راحتك اللي عمرك ما هتلاقيها مع هذي الملعونة اللي واخدها تحت جناحك ومعتبرها مرتك!
غمضت يقين عيونها بألم لما سمعت كلامها، أما عامر فضحك وهو بيهز راسه للناحيتين بقلة حيلة، وفي النهاية نقل نظره بين الموبايل اللي محطوط على مسند الكرسي وبين عينيها، فسكتت وهي ملاحظة نظراته دي واتوترت لوهلة وارتجف جسمها، اتبدلت نظرات عامر الساخرة لتانية قوية وقال_كإنك مستنية خبر ياما؟!
ارتبكت وقالت_خبر إيش؟!
أنا مستنية عودتك، وبعدين بتغير الكلام ليش؟!
بصلها بعتاب ولوم، فرن تلفونها في الوقت ده، بصت فاطمة للتليفون بتردد وهي بتنقل عيونها بينه وبين عامر، وبأمر لا يقبل النقاش قال_ردي ياما
يمكن يجيلك الخبر اللي منتظراه
بلعت ريقها بتوتر وهي بتحاول تتهرب ولكنه كان مصر وهو بيشاور براسه للتليفون اللي مبطلش رنين، فمدت إيديها وفتحت التليفون بتردد وحطته على أذنها، فسمعت الصوت جايلها بيقولها_ست فاطمة
الواد اللي بعته عامر بيه قتله
كان عارف بكل اللي هيصير.
نزلت يقين في الوقت ده فرفع عامر عيونه ليها وممنعهاش، وقفت جنبه وهي حابة تسنده في وقت زي ده، اتجمدت إيد فاطمة اللي ماسكة التليفون لحد ما سقطت إيديها من على أذنها ووجهت نظرها لعامر اللي كان بيراقبها بنظرات سخرية ممزوجة بالعتاب، واتكلم باستهزاء_ها
عطاكي الخبر اللي مستنياه؟!
_عـامر...
قالتها بسرعة فقاطعها بقوة_أنا تعبت منك ياما
تعبت من قلة سمعان كلامك
لهذي الدرجة شايفاني عيل؟
ممشي عشيرة كاملة ومش قادر عليكي أنتِ؟!
قولتلك خليكي برا الموضوع، قولتلك اتركيني اتصرف، قولتلك ما تسوي شي من دماغك
وفي الآخر عملتي إيش؟!
عاوزاهم يقتلوا عزيز؟
مش خايفة من الدم اللي هيصير بينا وهما أول شي هيقولوه عامر الزيات اللي قتله؟!
لهذي الدرجة أنا مش فارق معاكي؟!
اتقدمت خطوة منه وقالت بعيون مليانة دموع_يا عامر يابني كله عشان مصلحتك و...
قاطعها بجحود_ لولا يقين سمعتك وأنتِ بتتكلمي وجت قالتلي عشان الحق اللي هيصير، كان زمان عامر ابنك هذا في عداد الميتين وبسببك!
كنتي هتدمريني بس عشان عنادك
كرهك للرشايدة لغى عقلك حتى لغى خوفك على ابنك
قوليلي لولا يقين كان إيه اللي هيحصل
بحور دم ياما وأنا في أولهم!
نسيت كل حاجة ووجهت نظرها ليقين أول ما نطق عامر بالكلام ده، اشتعلت عيونها بنيران الغضب وهتفت_أنتِ
أنتِ يا ملعونة!
قربت منها ورفعت إيديها بشراسة ناوية تصفعها بعد ما أدركت في دماغها إن يقين هي اللي وقعت بينها وبين عامر قصد، انكمشت يقين على نفسه مستعدة لتلقي الضربة، ولكن انصدمت لما قبض عامر بقوة على دراع أمه بعنف يمنعها، بصتله فاطمة بصدمة، أول مرة عامر يقف في وشها بالشكل ده وكله بسببها هي، فهتفت بصدمة_عـامر!
بصتله يقين بدهشة، مكانتش متوقعة إنه يحميها منها، أما عامر فنفض إيد أمه وهتف_إياكِ
إياكِ تفكري تمدي إيدك على مرتي ياما، فاهمة، إياكِ!
فقالت بذهول_هذي اللي وقعت بينا، عملتها قصد
ضربت عصفورين بحجر، عشان تخرجك عن طوعي 
وعشان تحمي عزيز
عزيز اللي أكيد عشيقها
معملتش كذه عشان سواد عيونك
كانت بتحمي عشيقها يا عامر وأنتَ وقعت في فخها!
شهقت يقين بصدمة من كلامها اللي كان بمثابة صفعات، بتطعنها في شرفها!
وصل جبروتها للدرجادي!
فهتفت يقين بعدم استيعاب_إيه الجنان اللي بتقوليه ده؟!
أنتِ إزاي كده؟!
أما عامر فصرخ بغضب وكإن الشياطين كلها بتتراقص قدام عيونه_يـاما!
حـاذري علـى كلامـك!
يقين مرتي شريفة وأنا واثق فيها، أنتِ اللي محتاجة تراجعي تصرفاتك كويس وإلا هتخسريني ياما
لو عاوزة تخسريني خليكي كيف ما أنتِ
بس ما ترجعي تلوميني مرة تانية!
قالها وجذب يقين من كفها وطلع على فوق وساب فاطمة بتتابعهم بأعين متسعة بذهولة وصدمة في آن واحد، قعدت على الكرسي وراها بإنهيار وكإنها مش حاسة برجليها، مش متخيلة إن اللي قدامه ده ابنها، خسرته
هي خسرته فعلًا وكله بسبب يقين!
دخل بيها الغرفة وقفل الباب بعنف وهو بيلف حوالين نفسه وبيمسح على وشه بيحاول يتمالك أعصابه اللي انفلتت، فقربت منه يقين وهي خايفة ليكون صدق كلام أمه، فبعيون لامعة بدموع هتفت_عامر والله ما...
اتلفت ليها وحط إيده على شفايفها قبل ما تكمل_شششش
عـارف
بصتله بعيون متسعة بصدمة، حتى مستناهاش تبرر، هو واثق فيها، عيونه بتقول إنه مصدقها من غير ما تتكلم، مشافتش أي نظرة لوم في عيونه
ارتجفت شفايفها تحت إيده وعيونها بتلمع بسعادة
فضل باصصلها بصمت وهو بيتأمل ملامحها بنظرات غريبة عليها لوهلة سكنت ملامحه وخفتت أنفاسه وبقت بطيئة، بَعد إيده عن شفايفها وملس على وشها بأطراف أصابعه بحنان غريب مسها واتسبب في رجفة جسدها
اتبدلت نظراته لتانية مظلمة، مظلمة حسستها بقلق، واتسعت عيونها برهبة أكتر لما لقته بيميل عليها وأنفاسه الساخنة بتلفح في وشها....

يتبع 

         الفصل الثالث والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات