
رواية عقاب ابن الباديه الجزء الثاني2 الفصل الخامس الثلاثون35 السادس والثلاثون36 الاخير بقلم ريناد يوسف
عاد صياح لخيمته وأخبر أمه بما حدث من قصير، وجلس طوال الليل يفكر، وفي النهاية إستقر على السفر وبدء تجارته بعيداً عن القبيلة، وقرر أن يُفاجئ الجميع بشيء غير متوقع خلاف سفره؛
فإستيقظت أمه في اليوم التالي ولم تجده لا هو ولا ملابسه ولا نقودها المخبأة وكانت تظن أن لا أحد يعلم مكانها، وحتى نقود إخوته لم يجدوها، وإستيقظت كامل القبيلة على اصوات الصياح المنبعثة من خيمتهم، وتجمع الكل أمام خيمتهم، وحين عُرف السبب أنفض الجميع، لم تبقى معهم سوى خوله التي كانت تراقبهم وهم يتخبطون ثم قالت لأمها بشماتة واضحة:
-قليل عليك ياصالحه، هاد وليدك الكنتي تدلليه وحاطاه فوق الكل، وظلمتيني لجله وجيتي علي، كنتي تخليني ارعى له اغنامه التشترينها له بقروشك انت وتقولين هادول حق صياح، هادول لصياح، صياحي اللي راح يرفعني فوق النجوم ويخليني ست القبيلة كلها، هاك صياحك صدق يطير بين النجوم بس يطير هارب بقروشك وقروش إخوانه، راهنتي عالحصان الأعرج ياصالحة وخسرتي الرهان.
-ياخوله انت جايه تواسين ولا تتشمتين؟ قومي ردي لخيمتك ولراجلك واتركينا بحالنا.
-قايمه وماشيه وماراح ارد لهين مرة ثانية، تستاهلين ياصالحة واكثر بعد تستاهلين، والحين راح تستجدين وماتلقي، لو كنتي سويتي خير بخوله كنتي حصدتيه الحين، بس البنيات مامنهم نفع، هاد تفكيرك وقولك وهاد الراح يصير.. من رخصتج يالمسروقه.
غادرت خوله الخيمة وهي تشعر بأن جميع حقوقها تُرد لها تِباعاً، كرامتها، مكانتها، سعادتها، بدأت النقود تعرف لجيبها طريق وتتدفق بكثرة بعد عمر من الشقاء، ولن تعامل السيئة بالحسنة ولن تعفوا، هذا قرارها وهذا مانوته، فالأذى النفسي الذي تعرضت له من التفرقة بين الولد والبنت، الجور الذي رأته جعل قلبها يتحجر، نعم تريد إمتلاك الأفضل وإن تكون الأفضل، ولكن بكدها وتعبها، بعقلها وتفكيرها، بخطواتها المدروسة التي ستأخذها في طريق تحقيق أحلامها دون عثرات، وهذا ماسيحدث.
عادت لخيمتها ووجدت سعود وأمه جالسين يتناولا بعض الفاكهة، فنظرت لهم خوله ولم تتحدث، وذهبت لصندوقها فتحته وقلبت به وأغلقته، فقالت لها أم زوجها:
- على إيش تدورين ياخوله؟
- وانت إيش خصك؟
-كنت اريد اعرض عليك مساعدتي وادور معاك لو تريدي شي.
-وانت ليش تدورين معي وليش تفتشين باغراضي؟
-إيش بيها اغراضك يعني وإذا فتشت، اليشوفك يقول داسه بينهم قروش وهما حفنة ثياب مامنهم نفع.
-ثياااب مامنهم نفع، يعني فتشتي وعرفتي إيش عندي!
- وإيش بيها، خيمة ولدي وكل البيها لي وافتشه براحتي.
-خيمة ولدك قولتي؟ زين.. من الحين خيمة ولدك كلها لك، وأنا راح انصب خيمة لي وانقل بها كل اغراضي وإذا رجلك داستها اقطعها لك من عند الفخذ واعلقها لك على باب الخيمة،وحتى ولدك خليه لك واشبعي به ماأريده.
سعود:
-ياخوله وانا إيش ذنبي وبيش زاعلتك، هي امي تحبك ومن عشمها فيك تتحدث، هي ماتقصد شي، خلص هدي حالك وهي ماراح تقرب يم اغراضك مرة ثانية،والحين هي راده لخيمتها وماراح تيجي إلا وأنت موجوده.
جحظت عينا أم سعود من صدمتها لكلمات إبنها وهدرت به قائلة:
- تبيعني ياكلب لجل مرتك؟ ياحسافة تعبي عليك، ولك تف عليك وعالبطن الشالتك. انا الحين بمشي وخيمتك ماعدت ادخلها ياسعود لو على قص راسي،وانت لا ولدي ولا نعرفك
خوله:
-ماحد منعك من ولدك ولا خيمته، بس في أصول تطبقينها.. مرحبا بك ولكن زياراتاك بأوقات محدده، اغراضي ماتتلفتين لهم، تجلسي بمكانك والتريديه اطلبيه ويجيك، قصة انك تقومي تنبشي خيمتي وأغراضي انبش عليها مصارينك ومصارين ولدك
نظرت حماتها لمسعود فأخفض انظاره ارضاً ولم يتحدث، فهبت أمه واقفة وغادرت الخيمة مسرعة تتمتم في غضب، فجلست خوله وأخذت بنزع ملابسها حتي وصلت لحزام حول خصرها، نزعته وإذ بكل النقود بداخله!
-نظر لها سعود بدهشة وأردف:
-يخزي شيطانك ياخوله تحومين بالقروش؟
-مو احسن مااتركهم بالخيمة وأمك أو غيرها ينهبوهم ومااخذ منهم غير الحسرة؟
هاد الزمان ياسعود مابه أمان واليآمن للبشر مهبول، خوي سرق امه واخوانه وهرب، أستبعد اني انك تسويها انت أو أمك؟
- صمت سعود وهو يطالعها بغرابة، فكيف لها أن تكون بكل هذا الحرص، كيف لمن كان الجميع يصفها بالغباء وقلة العقل أن تمتلك هذه النظرة الثاقبة للدنيا والناس؟
إنتهت من عد النقود ونظرت لسعود واردفت:
- ليش قاعد تناظرني، فز روح جيب مي من البير وتحمم، البس ملابس من الجديدات وإكشخ عالأخير وتطيب بالعطر الجايباه لك من الحضر اليشبه عطور رابح وسالم وعقاب، واطلع مر بين الشباب وإجلس بمجالس الشيوخ وتكلم وقول رأيك بأي موضوع حتى لو ماحد طلب رأيك..
واعمل حسابك اليوم ماشيين للحضر نجيب اغراض ونتونس شوي.
- تم ياخوله، الحين بقوم.
-سعود إنتظر.
-إيش في؟
-اريد اقولك شي.. أنا حبله، اليوم مشيت للقابلة جنديه واكدتلي الخبر.
ضحك سعود وقفز بجوارها وبفرحة سالها:
-تحكي الصدق ياخوله، يعني انا راح نصير أب وانت أم؟
-اي ياسعود، ومن اليوم اريد وليدي يجي عالدنيا ملك، ماناقصه شي، يفتخر بأبوه وأمه، اريد اليشوفه مايصدق إن هاد وليد سعود الأجرب وخوله المهبوله، أريد وكت حد يجيب طاري أمه وأبوه يقول زمان كانوا شي والحين صاروا شي ثاني.. فاهم علي ياسعود؟
-اي ياخوله فاهم عليك، وماتشيلي هم انا من اليوم التزوجنا فيه تغيرت وحياتي كلها تغيرت بفضلك،، صدق بالبداية كنت ناقم على حظي، بس بعد عشرتك وشوفتي للي تسوينه عرفت إن امتلك من لحظوظ أوفرها وأجملها، أنت أجمل هدية جاد بيها زماني علي ياخوله.
أنهي كلماته وخرج مسرعاً ينفذ ماطلبته منه، وظلت هي تراقب إختفائه متبسمة، فهذا هو جل ماأرادته يوماً، شخص يراها كبيرة ومهمة وينظر إلى ماتفعله بعين الإمتنان، شخص يعطيها المجال كي تفعل ماتريد بالطريقة التي تريدها ويساندها دون شروط أو قيود.. وهذا الشخص هو سعود، الذي اقسمت بانها سوف ترفعه لأعلى المنازل مادامت حية ترزق.
اما عند رجوه، ذهبت لخيمة عوالي بعد أن هدأت قليلاً لترى ماذا تريد منها هي الأخرى..
- عمتي انا رجوه.
-فوتي يارجوه.. تعي اجلسي هين حدي.
تلفتت رجوه حولها ووجدت مايزه جالسة تغزل بهدوء فسألتها عوالي:
-على إيش تدورين؟
-ادور وين السكين والجمر.
-لا ماتخافي مافي كي اليوم، انا بس كنت حابه احكي معك كم كلمة.
جلست رجوه وهي تعلم تقريباً ماهو نوع الكلام الذي ستقوله ..
-يارجوه أنا أريدك اسألك انت إيش تريدي من سالم الحين؟
-ماأريد منه شي ياعمتي.
-ومطاردتك له وعدوانك على مرته؟
- كل شي من اليوم كف، وسالم ماعدت اعترض له طريق لا هو ولا مرته.
نظرت لها عوالي بغرابة، فمن هذه التي تتحدث بكل هذا العقل والهدوء، وسألتها مستوضحة:
-إيش بيك يارجوه، تحاولين تضحكين على عقلي بالمهاودة ولا إيش؟
- حيشاك ياعمتي، انا مااضحك ولا شي، أنا كل القصة إني عرفت سالم ماعاد يريدني وانه مرتاح بحياته وباله هاني، وأنا تعبت، تعبت من المطاردات وإني ادور المحبة دواره واستجديها، سالم ضاع مني وأنا ماعاد بي حيل ادور ضايعين.. من اليوم ياعمتي هو له حياته وأنا لي الله.
-يعني إذا جاك عريس راح توافقين؟
-لا ماراح اوافق، وماراح اتزوج من الأساس، أنا مااريد اظلم راجل معي واعذبه وأنا قلبي مع سالم وراح يضل.
وهنا خرجت مايزه عن صمتها وأردفت وهي تنظر للمغزل:
-ماراح تقدري وماأبشع الوحده ومااطول ليل العازب بدون ونيس..انت الحين صغيرة ماتدرين شي، الإحتياج قتال يابنيتي وأنين الروح بنص الليل طنان.
-بس انت تحملتي وعمتي عوالي بعد تحملت وليكي باقيين بدون زواج ماأحلاكم،وأنا أريد اكمل عمري متلكم على نهجكم،بلا محبة بلا وجيج راس، عقلي خالي وروحي هانيه وحياتي لي وبس
تنهدت عوالي وردت عليها :
-ومن قال لك إن قلوبنا خالية وراسنا مابيها وجيج؟ انت إيش تعرفينه عني يارجوه وعن ماضي؟
-اعرف انك ماعرستي ورفضتي كل الكان يطلبك للزواج.
-نص كلامك صحيح والنص مغلوط، انا صدق كنت ارفض كل اليطلبني، بس انا عرست يارجوه، إنعقد عقدي على وليد عمي.. مهيوب.. هاد يكون عم ابوك واخو جد سالم.. كان زينة شباب القبيلة ويشبه سالم صوره وصوت، ولهيك سويلم له بقلبي مخزون محبة ماينتهي،، لأني كل ماأشوفه اتذكر الغايب.. يشبهه حتى بالطباع وشايل نفس الحِن وكان يحبني بنفس الطريقة اليحبك بها سالم،
بس الفرق بيني وبينك اني عشقته وعشت معه مشاعر وااااجد جميلة، كل القبيلة كانت تعرف إن عوالي لمهيوب ومهيوب لعوالي، ويوم عقدنا كانه العيد بذاته، فرحتنا لو اتوزعت عالقبايل تكفيها، لكن للأسف ثاني يوم من العقد طلع مع وليدات عمه ومن ضمنهم منصور خوي يوزعون شحنة سلاح، وتم عليهم سطو وهجوم وراح بيه مهيوب وكم واحد من شباب القبيلة معاه، ومن ضمنهم ماهر زوج مايزه اللي فاتها حبله وبحشاها وليد تيتم قبل مايكتمل.
شهرين ومن الحزن طاح الوليد وخسرته متل ماخسرت زوجها، ومن يومها جمعنا الحظ العاثر ولمنى عليها النصيب، انا عاهدت روحي إن مافي رجال بعد مهيوب يلمسني ويضوق اللي شويقي ماضاقه ومات محرومه،
وهي حلفت من بعد زوجها ماعاد تتزوج، وباعت مايزه خيمتها وجات عاشت معي ومن يومها للحين انا وهي والزمان يكرب علينا.
لهيك يارجوه كنت اكويك بالنار وأنا اشوف افعالك بسالم المايستاهلها، يوم الحطيتيله التين بسرواله حسيته وليدي الجاي من حشاي وانت سويتي به هيك، وغيرها من افعالك الشينه اعرفها و يفور قلبي منك، كنت اريد افوقك واصحيك قبل مايفوت الأوان وتخسرين سالم، بس حسافه مانفع فيك لا كي ولا تقطيع والبراسك تم، وضاع منك سالم.
- إيش اسوي بروحي يعني، هاد حظي وهاد اليسويه.. انا ماشيه ياعمتي لخيمتي، بجيب اغراضي واجي اعيش هين معكم، اخدمكم واتعلم منكم الصبر.
- وغير الصبر راح اعلمك واجد اشيا مادامك إخترتي طريقك وقافلة عليه.. من اليوم راح اعرفك على كل الأعشاب واعلمك كل وصفة وايش مقدارها وايش تداوي، أنت اخترتي تتركي العالم ولزوم تلهي روحك بشي ذات نفع.
والغزل مايزه راح تعلمه لك، والحضر باخدك معي بكل روحه واعرفك كل شي من وين ينجاب والعندنا من صوف مغزول واجبان والبان لمن ينباع
تبسمت رجوه وغادرت الخيمة وهي عازمة على ماقررته، فلا سالم بعد الآن ولا محبة ولن تجعل لقلبها اية سطوة على عقلها من اليوم.
فنظرت مزيونه للشيخة عوالي وقالت لها معاتبة:
-راح تتركيها تتخبط زايد ياشيخة وفوق خسراتها تخسر عمرها واحلى سنينه؟، راح تخليها تصير متلي ومتلك وتجرب الحرمان؟
-أشوف إعتراضك ندم على قرارك بالوفا يامايزه؟
-إيي ندم ياشيخه وكل الندم والله، كنت غالطة وكت ربطت الوفا بالوحدة، إيش كان صار لو إني تزوجت وجبت وليدات افرح بهم وافرح لهم ومعهم، إيش كان صار لو تزوجت رجال يشيل همي ويخفف عني طول الايام، والبلقلب كان ضل بالقلب، مكانه منصان وطيفه كل مايزورني ادعيله واترحم عليه..حاسس بي هو الحين إذا انا باقية علي ذكراه لو لا ولا ملهي بحاله وبخوفه من يوم الحساب؟
-لا يامايزه غالطه الميت يحس، يحس ويفرح ويزعل مع احبابه، قولي إنك راجعتي روحك وعرفتي إنه ماكان يستاهل الوفا وبس هيك.
و للاسف راجعتي روحك بعد فوات الآوان.
-ادري فات الأوان، ومن هيك مااريد رجوه تندم ندمي بعد مايفوت الأوان عليها، ماأريد أوان فرحتها يفوت وتجلس تتحسر عليه وهي تغزل صوف.
رجوه غير عنك.. رجوه لو بيوم حست انها بحاجة زواج راح تعلنها وتطلبها وماتبالي، بس مشكلتها الحين انها رهنت كل سعادتها بسالم وسالم تخلي وزهد، ووقت سالم يحن ويتراجع رجوه راح تعيش، غير هيك رجوه دمها من دمي، ويالشويق يابلا.
صمتت مايزه وعادت للغزل وهي تسترجع سنواتها الضائعة، وكلما زاد الندم زادت حركة يديها وأسرعت بالغزل حتي نبهتها عوالي قائلة:
-يامعوده المغزل راح يشقق اصابعك هوني على روحك شوي، كان قدامك منصور خوي ولمحت لك واااجد بس انت ماتحركتي، إيش نسوي الحين انت كبرتي وماعدتي تصلحي للزواج، اصبري ادزلك على كل شيخات القبايل اسألهم إذا شايب ماتت مرته ويريد يعرس فوقها واجيبه لك.
- ولا تجيبي ولا تدزي، إذا ماسويتها بشبابي اسويها الحين، انا مااريد زواج ولا هم انا بس ماحابه المسكينه رجوه تشرب من إبريقي انا وانت وتترك العالم وتيجي تعيش بخيمة العوانس هي.
-والله يامايزه هاد قدر ومكتوب، والمكتوبلها راح تشوفه غصب عني وعنك وعنها.
الفصل السادس والثلاثون36 الاخير
احضرت رجوه جميع اغراضها بالفعل لخيمة عوالي وبدأت رحلتها في حياة جديدة.. رمت على اعتابها كل مامضى ودخلتها مجردة من كل شيئ، إلا سالم الساكن فى يسارها، ذاك الحلم الذي لم يكتمل.
وبدأت تقضي وقتها مابين اغنامها بالوادي وخيمة الشيخه عوالي بعد عودتها تخلط الأعشاب وتطحن منها مايراد له طحن، وتجهز مع عوالي وصفات الأعشاب البرية التي تبيعهم في الحضر للعطارين،
وعرفت رجوه من ترددها مع عمتها عوالي ان هناك أنواع من العشب نادرة وثمنها باهظ والحصول عليها فيه صعوبة كبيرة، وهذه الأعشاب هي تصادفها احياناً بالوديان وتأكلها اغنامها، فقررت جمعها وبيعها، ومن هنا بدأت أول مشوارها في طب الأعشاب ومعرفة كل أسراره، أما سالم فكان مستغرباً جداً لحالة الإستسلام والهدوء التي أصبحت عليها رجوه!
لم تعد تسرح وتمرح بالقبيلة وكلما رفت عيناه يراها أمامه،
رؤيته لها أصبحت نادرة وبعد أن كانت على مرأى دائم منه أصبح يبحث عنها بحثاً ويتحرى مكانها، ينتظر عودتها من الوديان عند الغروب ليسترق النظر لها ويطمئن على انها بخير،
يتبعها للمدينة ويراقب ماذا تفعل، أصبحت تشتري الحلويات لنفسها وتختار على ذوقها كل ماتشتهي ولم تعد تحتاج له في شيء.
وحينما يشتد الإشتياق عليه يذهب خلسة للوادي ويتفقدها من الأعلى وهي ترعى اغنامها وتقوم بجمع الأعشاب، تقوم بالصيد احياناً ويرقبها بمتعة وهي تقوم بالقبض على الأفاعي السامة وتعود بها وتستخرج منها السم كما تعلمت من عوالي وتبيعه، والافاعي أيضاً تبيعها بعد ان تشعر بأنها استنزفتها، كانت طريقتها في إلتقاط الأفاعي مميزة، خليط بين طريقته وطريقة عقاب ورابح،
شعر بانها نضجت كثيراً، حتى في طريقة كلامها حين تجمعهم الصدفة وتكون عند معزوزه وهو يذهب لرابح..تغيرت نظرتها له وهدأت لهفتها على الأشياء،
لا ينكر بأنه سعيد جداً لما هي عليه الآن، ولكن إقتصار حياتها على الرعي والمداوة والبيع والشراء يؤلمه، يريدها أن تعيش الحياة وتستمتع بها، وخاصة وهو يعرف أن متعة كبيرة تفوتها وهو يعيشها مع مزيونه، ولكنه في نفس الوقت لا يتحمل مجرد التفكير في كونها مع رجل آخر ويفعل معها مايفعله هو مع مزيونه وتعطيه الحب الذي طالما تمناه هو منها.. عالق بين شقي رحى، احدهم شعور بالرغبة في إمتلاكها والآخر تصميم على رأيه وقراره حفاظًا علي كرامته.. وهو في المنتصف يُطحن.
اما مزيونه فأصبحت على مشارف الولادة، وحانت ساعتها، ذهب سالم لجنديه القابلة فلم يجدها، إندارت به الدنيا فذهب لعمته عوالي فأم مزيونه لا تعرف عن الولادة شيء، وحضر كل من عوالي ومايزه، ورجوه أيضاً.
رجوه التي حينما سمعت بإن سالم سيصبح أباً تحرك شيء بداخلها وأصرت على حضور لحظات ولادة طفل سالم؛ وكأنه حدث لا تستطيع تفويته، وكأن لها بذلك الطفل مثل مالسالم!
ودخلت الخيمة بعد أن تبسمت لسالم مطمئنة وهي تراه وقد جف الدم في عروقه لرؤيتها؛ ظنا منه بأن غيرتها هي من أتت بها وبأنها أتت لتفتعل المشكلات.
ولكنه تفاجأ بمساعدتها لمزيونه وخروجها له بطفلة بين يديها، إقتربت منه وهمست بصوت يختنق:
- مبارك ماجاك ياسالم، وليد متل البدر صورة منك،، يربى بعزك ودلالك وحنان أمه يارب.
حمل منها الطفل ورف قلبه وهو ينظر إليه، ضحك وقبله وكبر فى أذنيه ورفع عينيه يشكرها فلم يجدها، إستدار فوجدها إبتعدت بخطوات واسعة وكأنها تهرب من الموقف برمته، فعاود النظر لطفلة وأخذه ودخل به لمزيونه، فهذا وقتها هي وإبنه وليس وقت رجوه والقلق بشأنها وشأن مشاعرها أبداً.
تبسمت مزيونه وهي تراه يحتضن طفلها كأسد يحتضن رضيعه، إقترب وجلس بجوارها، قبل جبينها وهمس لها وهو ينظر للطفل بتمعن:
-الحمد لله على سلامتك وسلامة صهيب ياأم صهيب.
قطبت مزيونه حاجبيها وسألته بإستغراب:
-مو أنت كنت تريد تسمي وليدك رفيق والكل ينادوك بأبو رفيق؟
-لا يامزيونه، هاداك الإسم مو أنا الكنت مختاره وراح مع اصحابه، راح رفيق والحين جه صهيب ياأم صهيب.. إيش ماعاجبك الإسم؟
-لا لا،، إسم زين والأحلا إن انت المختاره، الله ينبته نبات حسن ويجعله بار بيك وبي وعلى وجهه تشوف كل الخير يارب.
تبسم لها سالم واعطى حلوان مايزه، وباركت له عوالي وأم مزيونه، ومعزوزه ايضاً، وغادر الجميع الخيمة وتركوا سالم مع عصفوره الصغير، فرح بقدومه ويشبع منه.
اما في الخارج، من بين كل القبيلة كانت هناك مراقبة تتابع في صمت، يغل قلبها من فرحة الجميع بطفل مزيونه، وخاصة حين بدأت الإستعدادات للإحتفال به، كِباش أتت من كل صوب في القبيلة مجاملة ومساهمة في ليلة صهيب، قطع ذهبية من رابح وآدم وقصير وكل من إستطاع، وحين خرج سالم بالولد أصبحت ثيابه تتدلى منها الجنيهات الذهبية المعلقة فيها بلا عدد .. وتمتمت في نفسها:
-والله هاد كثير عليك يامزيونه، كثير واااجد، إيش تزيدين انت عني، وليش أنا مارحت لخيمة عوالي وصرحتلها بمحبتي لسالم حتى لو بالكذب، ليش ما لحقت الفرصة وقت كانت أمامي ليش؟
كانت (خيره) حالها حال الكثير من فتيات القبيلة اللواتي يرون مزيونه فازت باليناصيب ونصفها الحظ ايما إنصاف، وكما جرت العادة أينما وجدت نعمة وجد حاقد عليها، و(خيره) كانت اكبر الحاقدين، فهذا طبع معظم البشر بأي مكان وزمان.
أما في القاهرة...
جالس أمام التلفاز، ينظر ولكنه ليس منتبه لأي شيء، هي نشرة الاخبار فماذا يهمه منها؟
إن العالم كله مات في عينيه بموت زوجته وأولاده ولم يعد يأبه لكل مايحدث فيه، لا يصبره الآن إلا إبنه السجين، نعم قد لا يعيش لوقت خروجه، وسيخرج إبنه من السجن في سنوات عمره الاخيرة تقريباً، ولكن يكفي انه على قيد الحياة، أيا كانت الحياة لا يهم، هو يتنفس ويأكل ويشرب، وربما بعد أعوام طويلة يخرج ويتزوج ويُرزق بطفل يُخلد إسمه وذكراه ويستمر نسله،
أما هو فسيكتفي بزيارته من وقت لآخر، وسيبذل قصارى جهده كي يعاود الوقوف على قدميه والعمل من جديد، عمل حلال بعيد كل البعد عن نقود اخيه، عمل يكفيه هو ويكفي مصروفات إبنه في السجن ويستطيع ان يدخر له مايجده حين خروجه،،
ياسين هو الخيط الوحيد الذي يربطه بالحياة الآن، ولولاه للحق بهم وغادر الدنيا.. نعم هو نادم اشد الندم ويتمني لو عاد به الزمن لما فعل اياً من كل هذا، لكان حافظ على اولاده حوله وعلمهم ان الطمع مُهلك، وأن ماليس لنا لا نحاول أخذه لانه لن يعود علينا سوي بالخراب.. لساند اخيه وإحتضن اخته واعطاها فرصة اخرى وزوجها ممن ارادت وعشقت، لجنب اخيه كل هذا الحزن على طفله الذي غدره ظلماً وبهتاناً..لإمتنع عن فعل أشياء كثيرة لم يكتشف مدى بشاعتها إلا حين عاشها بنفسه.. ولكن بكل أسف الحياة لا تعطي هكذا فرص، فهناك أشياء تشبه الموت والولادة لا تعاش إلا مرة واحدة.
أشار لجليسه أن يعيده لغرفته، فقام الرجل إليه ونفذ، وضعه في فراشه واعطاه دوائه وأطفأ عليه الضوء وغادر، أطفأ التلفاز ودخل هو الآخر لغرفته ينام، هكذا اصبحت حياة يحيي والوحيد الذي يقاسمه فيها هو خادمه مؤمن.، ذلك الشاب المكلف من قبل اخيه محمود بخدمته.
-------------
منهمك في عمله، فسمع دقات علي باب مكتبه تلتها فتحة الباب، ودلف الساعي خالد من الباب يحمل كوب قهوته المعتاد، وضعه على المكتب أمامه ولم يغادر، فإنتبه له آدم ورفع رأسه له متسائلاً:
-في شي ياعم خالد.. ليش بعدك واقف؟
فقدم إليه خالد بعض الأوراق وهو يقول له:
-دي أوراق بنتي ياآدم يبني، النهارده جات بيهم عشان تقدمهم للحصول على وظيفة وهي بره طالبه تقابلك عشان تشكرك بنفسها على كل اللي عملته معانا.
تبسم آدم ونزع نظارته ووضعها علي المكتب ومد يده اخذ من خالد الأوراق ونظر فيهم وهو يقول :
-خلها تتفظل، ليش مبقيها بالخارج دخلها.
فنادي عليها خالد ودعاها للدخول
فقطب آدم حاجبيه وهو يقرأ الإسم ورفع راسه لخالد وسأله:
-بتك إسمها...
وقبل ان يجيب ردت عليه هي بنفسها وهي تدلف من الباب :
- حياة خالد طه.
نظر لها وإذ بفتاة تقف امامه حسنة المظهر مقبولة الطلة، سمراء ذات ملامح هادئة، فتمتم لنفسه:
-إيش هي الصدفة هي، انا اهرب من الاسم وسيرته وحنيني له ولصاحبته، والحين راح ينذكر أمامي طول الوكت ولساني راح يعاود ذكره، أدري الحظ يعاند بس مو بهالشكل!
- وقف وصافحها ورحب بها ودعاها للجلوس، وقدمت له علبة مستديرة بها قالب من الكيك من صنع يدها، معه اطباق بلاستيكية وشوك، كنوع من رد الجميل.. وغادر خالد لعمله وتركهم يتحدثون ويختبر آدم قدراتها في مجال التجارة.
كانت المقابلة ممتعة بالنسبة له، يسأل هو وتجيب هي لحظياً، مثقفة ودراستها في صميم عمله، تعرف جيداً أصول التجارة ومتطلبات السوق وتستطيع التعامل مع الأرقام بسلاسه وسهولة،
هذا غير أسلوبها الآخاذ في الرد وجذب الإنتباه بثباتها.. فقام آدم بتعيينها على الفور متجاهلاً الإسم، متمنياً أن تستطيع هذه الحياة ان تصرف نظره بشخصيتها المختلفة عن تلك الحياة وتثبت له ان التشابه بالإسم لا يشكل اي عقبات، وأن الشخصية تطغى علي إسم صاحبها.
ولكن ماحدث لاحقاً كان العكس تماماً، فقد وجد فيها نفس الهدوء، نفس الرزانة وتقريباً نفس أسلوب الرد، وكأن القدر أرسل له نسخة من حياة بالإسم والطباع..
ومحبتها لوالدها وإحترامها له ولشخصه ولعمله وعدم الإستكبار عليه أمام زملائها من موظفي الشركة جعلها تضع نفسها أعلى قائمة آدم الموضوعة لإختيار عروس، وبدأ يفكر في الموضوع بجدية،
ولما اخذ رأي والديه سانداه، فقصتهم مشابهة جداً، وتزوجت عايدة من العامل البسيط ووجدت فيه كل ماتمنت.
فقرر آدم دراسة الفكرة بشكل أعمق، وبدأ في التقرب لحياة الجديدة، والتي لم تكن قادرة على إستيعاب ما يحدث،
وتكاد تجن من إعجاب آدم بها وهي فقيرة الجمال وفقيرة المال وفقيرة المستوى الإجتماعي!
وقد بدا لها كالأمير الذي قرر الزواج من عامة الشعب ووقع إختياره على إبنة خادم قصرة.
تم الموضوع سريعاً، خطبة جعلت خالد الساعي يكاد أن يفقد عقله من الفرحة، وإبنته كذلك، كانت يتيمة الأم فإحتضنتها عايده وقامت معها بدور الأم كاملًا.. أما آدم فكان الأمر عنده أشبه بمهمة يؤديها، لا فرحة شعر بها ولا حماس لأي شيء.
راسلها وأخبرها، لا يعرف لماذا فعل ذلك،أكان يظن بأن شيء سيتغير مثلاً أم انها ستمنعه؟أم اراد ان يعرف ردة فعلها حيال الأمر؟
عامة أيا كان مادفعه لفعل ذلك فرد فعلها كان غريب عليه،
لفقد إلتمس الفرحة في صوتها وهي تبارك له، تمنت له اياًم جميلة وأوصته بمن إختارها زوجة له خيرًا، وأن يحاول إسعادها بكافة الطرق، وانهت مكالمتها بعبارة هزت قلبه شوقاً وحنيناً لها قبل ان تغلق، وتركته يلوب في مكانه بلوعة..
(مع إنك مش محتاج تعمل حاجه ياآدم عشان تسعدها، كفايه إنك تكون من نصيبها وهي هتكون اسعد ست في العالم، كفايه إنك تقرب منها القرب اللي غيرها مطالهوش)
كانت كلماتها مليئة بالحسرة مما جعله يشعر بالإختناق، فما تعود ان تكون سعادة احدهم بيده ويمنعها.
كان يوم زفافه يوم اسطوري، أقامه في اكبر القاعات ودعا له القبيلة بأسرها، فهو ليس له اقارب سواهم هم وعمال شركته، وكانوا هم أهله بعد أمه وأبيه،
أما حياة زوجته فدعت جميع صديقاتها وأصدقاءها في الجامعة ، جيرانها واقاربها البعيدون، كان الأمر بالنسبة لها تباهي اكثر من مشاركتهم لهم فرحتها.
كانت تري الهمسات من الجميع والغيرة بادية على اغلب الوجوه فتزداد غِبطة وسعادة، فحتي فتيات القبيلة لم تخلوا نظراتهم لها من الغيرة، وبعد إنتهاء الزفاف في القاعة ذهب ليكمل إحتفاله في القبيلة، الإحتفال التقليدي الذي إعتاد عليه وتمناه.
كل هذا وحياة زوجته تشعر وسط الجميع كما لو نبت لها جناحان وتحلق بهم، ماهذا الذي يحدث معها؟! ماهذا الحلم الجميل؟
انهي حفله في القبيلة علي مشارف الفجر وأخذها وذهب بها للفندق الذي حجز به جناح لتمضية ليلتهم، وظل ابويه في القبيلة فرحين مع المحبين.
وبدأ آدم في إكتشاف حياة جديدة عليه، حياة بالإسم وبالفعل، لا ينكر أن في الأمر متعة وفهم الآن صبر سالم على جفاء رجوه، إنه الونس.
أما رجوه فكانت الوحيدة تقريباً التي لم تحضر الزفاف ولم تهتم، ولم تعد تلك الأشياء تستهويها، وعند طلوع الفجر قامت لأغنامها اخذتهم وغادرت للوادي تفعل ما إعتادت علي فعله.
اما العنود فكانت تراقب رجوه طوال تلك الفترة وقد تأكدت من انها الآن باتت طبيعية تماماً، نعم هذا هو الهدوء الذي يلي الإعصار،
كل شي مدمر ومع الوقت سيعاد ترميمه رويداً رويداً وتعود الحياة لطبيعتها، قد تتخطى رجوه وتتراجع عن قرارها بالإنعزال وربما لا، ولكن في كلتا الحالتين هى الآن في إستراحة محارب.
اخذت العنود أمها واختيها وعادتا لليبيا، حيث قابلت هناك خطيبها وبدأت معه رحلة التعرف..
وبالنسبة لنوف وهلال فكان الإستسلام للأمر الواقع هو الشيء الوحيد الذي تملكه نوف،
قررت أن تحاول التأقلم وخاصة ان إعتراضها ليس على هلال كشخص، وإنما على عيشته، وهذا الأمر ستحتال عليه وأمامها سنواتٍ عدة كي تجد فيهم أكثر من حل وتأخذ من بينهم المناسب.
اما عفراء فقررت العودة للقبيلة فى كل مناسبة متاحة، لقد حبتها وحبت الحياة فيها، ولا يشترط الزواج كي تنعم بمميزاتها وتعيش أجوائها، ستعيشها كرحلة ترفيهية إلى أن تري ماذا يخبئ لها القدر، وحتى وإن جاء نصيبها حضري من أصل بدوي ستزرع لها جذوراً فى القبيلة وبداتها بمشاركة رجوه على بضعة رؤوس من الأغنام،
مشروعها الصغير، وكأنهم مسمار جحا الذي ستضمن عودتها للقبيلة من حين لآخر بسببه.
أما مكاسب وسدينه، فلازال الصراع قائم على قصير والمحاولات مستمرة لإستقطابه، ولكن دائماً مكاسب هي الرابحة، فهى أم هلال، ولأجل عيون هلال تُكرم أمه، بالقرب والدلال والإستجابة للطلب فور طلبه.. أما سدينه فكانت إبنتها الوحيدة هي نصيبها من الدنيا،
وكأنها جدار ولد من احشائها ليحجب عنها كل شيء ويقطع عليها كل سبل الدلال،
ولكنها لم تعاقبها على ذلك كما فعلت مكاسب مع رجوه، فهي تعلم أن لا ذنب لها في ذلك، بل إحتضنتها، احبتها وكأنها كل الدنيا، أعطتها كل الحنان الذي لديها وأغدقتها بالإهتمام، حتى أصبحت مسك أكثر بنات قصير عقلاً وتعقلاً، وأكثر من تمتلك نفسًا سوية من بينهم، وبدأت ترد هذا كله لأمها رعاية ومودة ومحبة، فالود لا يُجازى إلا بالود،
وهذه النقطة ماكانت تثير غيرة مكاسب منها،؛
فبرغم كل الدلال الذي تنعم به من قصير إلا أن بناتها قساة القلب عليها كثيراً، حتي من إحتضنتهم في صغرهم، كبروا ولم يجدوا منها سوي إهمال يقابله إحتواء عظيم لهلال،
هي فقط معزوزه من اخذت النصيب الأكبر من الرعاية من بين شقيقاتها، والآن هي في بيتها منشغلة بزوجها وطفلها،
لا تذهب لأمها سوي زائرة حتى وإن كانت مريضة وبحاجتها، برغم أن الخيام متجاورة، ولكن كُل على بيتها ومصالحها تسعى.
حالة من الهدوء أصبحت تغلف القبيلة من بعد ولادة مزيونه وزواج آدم وسفر بنات قياتي،
وهكذا بدأت الأيام تمر، هادئة وكأن الجميع أخذ هدنة لقلبه بعد كل هذه الحروب الطويلة.. قصص من الحب مختلفة معظمها، لم تكتمل إلا واحدة فقط من بينهم التي حالفها الحظ، وهي قصة (معزوزه ورابح) أما البقية فلعبت الظروف والأقدار لعبتها معهم، وأخبرتهم بأن قصص الحب لا تكلل جميعها بالنجاح والإكتمال، وليست الأمنيات كلها مُحققة،
وأكبر وأعظم درس تعطيه الحياة فى الإستسلام والرضى بالنصيب ذلك الذي يؤخذ من قصة حب لم تكتمل، فثمن الدرس يُدفع وجعاً وألماً، شوقاً وضياع، شعور بالإختناق وكأن الروح تغادر، أشياء لا تُحتمل، مشاعر لا توصف، وبالنهاية تمر مع الأيام وتنتهي.
ولكن أثرها يبقى قابع هنااااك في ركن صغير داخل أبعد نقطة بالقلب، يشبه لغم، آمن طالما لم يقربه أحد ويحاول إكتشافه، ولكن العبث به ولو صدفة يفجره، فتنفجر معه جميع الأحاسيس المنسية
تمت بحمد الله