رواية عقاب ابن الباديه الجزء الثاني2 الفصل الحادي عشر11 والثاني عشر12 بقلم ريناد يوسف


رواية عقاب ابن الباديه الجزء الثاني2 الفصل الحادي عشر11 والثاني عشر12 بقلم ريناد يوسف


صرخت فريال وألقت الهاتف من يدها وأخذت تجري فى كامل الشقة يميناً ويساراً كمن لدغها عقرب، لا تعرف إين تذهب أو ماذا تقول، يحيي هو الآخر تصنم ولا يعلم ماذا يفعل،
 وأخيراً إستطاع التفكير، هاتف إبنه ياسين وأخبره بما حدث لأخيه، وأمره بالإسراع للمشفى قبلهم.. ونظر لفريال وقال لها بأمر:
- مش وقت صويت، أتصلى بأختك وقوليلها تجيب الترياق معاها وخليها تسبقنا على المستشفى وتدى مدحت الترياق بسرعه.

أمسكت فريال الهاتف واتصلت علي اختها، وبدون مقدمات صرخت بها:
- مدحت أكل السم خدي الترياق واتصلي بياسين واعرفي هما فأنهي مستشفى وروحي وراهم قوام، الحقي الولد يافاطمه، الحقي مدحت.

اغلقت فاطمه السماعة واخذت الترياق وذهبت مسرعة نحو المشفى في سباق مع الزمن، وإن مرت اكثر من ساعة لن تستطيع إنقاذه.

وصلت المشفى التي أخبرها ياسين بموقعها، وجدت هناك ياسين وآدم فقط،
 إقتحمت غرفة الطوارئ وهجمت على مدحت تحاول سكب الترياق في فمه، ولكنها لم تتمكن من فتح فمه؛ فقد صك على أسنانه وبدات نوبات التشنج التي تسبق الموت، أمسكت إبرة وملئتها وحقنته بها سريعاً، ولكن سقط قلبها عند أقدامها حين رأت جسده يتراخى، وأدركت أنها تأخرت، 
وأن المادة التي أضافتها للتركيبة مؤخراً أضافت لها قوة اكبر مئات المرات، فمدحت أخرج من فمه رغوة ممزوجة بالدماء وكأن امعائه لم تتحمل السم فذابت! 

رأى الطبيب ماتفعله فاطمه مع المريض، فشك في أمرها، حتى بعد أن أخبرته بأنها طبيبة وسوف تعالجه، فالسم أنواع، وهي اتت بزجاجة فيها ترياق! 
إذاً هي تعرف نوع السم وكيف تناوله. 
والمسألة بها جريمة أكيدة، فأخذ منها الزجاجة عنوة وقام بإبلاغ الشرطة على الفور بعد أن فارق المريض الحياة، أما فاطمة فكانت تنظر لمدحت ولا تصدق بانه فارق الحياة فعلاً، فبرغم كل شيئ هذا إبن اختها بعيداً عن كل الاطماع والخلافات وللموت رهبه.

سمعت صوت فريال في الخارج فأرتعدت أوصالها، ماذا ستفعل الآن حين تعلم أن إبنها مات بالسم الذي صنعته لها بيدها،
 خرجت من الغرفة ووجدتها تصارع كي تدخل لإبنها، لم يخبرها أحد بخبر وفاتهللآن والكل يطن بأنه يتم إسعافه، 
ولكنها قرأت غير ذلك على وجه فاطمة، صرخت وهي تدفعها وتدخل كي تتحقق مما رأته على ملامح اختها من صدمة، وضربتها صاعقة القهر وهي تراه ممددًا أمامها، بطوله الفارع ووسامته، لقد كان هادئاً جداً ورحل في هدوء، 
إقتربت منه واحتضنته واخذت تهمس بإسمه وتهزه كي يصحوا من غفوته وقلبها يُعتصر ألماً، وهاهي ترتشف من الكأس الذي ظنت بأنها تُعده فقط ولن يطال شفتيها، 
غصت وإختنقت الكلمات في جوفها، فقطعة منها فارقت الحياة الآن ولن يعد له وجود وكانه لم يكن، دمعة نزلت محملة بشعور لا تحتمله، وإبتعدت عنه بجذبة قوية من ذراعها،
 كان يحيي الذي أراد أن يجرب حظه مع إبنه هو الآخر، فإقترب  ينادي بإسمه ويحاول إيقاظه غير مصدق بأنه فارق الحياة، ياسين وكارمن، فاطمة وأولادها، الكل تجمع على قلب واحد يقطر ألم، 
ولكن اكثرهم ألمًا كان آدم، فقد تعلق بمدحت بدرجة كبيرة وبرغم قوته يتحمل أي شيء إلا الفراق ولحظات الوداع لمن أحب، عقدة صنعت بداخله من وقت طفولته حين ودعته امه ولم تعود لسنوات، وها هو يودع حبيب آخر. 

اما محمود وعايده فوصلا المشفى وقاما بإحتضان آدم خوفاً وهم يسألونه عما إذا كان يشعر بشيئ.

فطمأنهم عليه وقص عليهم ماحدث ، وتحسباً أحضر معه صندوق الطعام، فصرخت عايده بفزع:
- وإيه جاب السم للاكل دانا عاملاه بإيدي ومتأكده من نضافته وكل مكوناته، وغير كده اكلت منه أنا وابوك عالغدا ومحصلناش حاجه، من نفس الأكل والله. 
فرد عليها آدم:
-السم انا المقصود بيه ياأمي، واذا تسألين كيف وصل للوكل، فهاد شي يسير على اللي يريد الأذى.. بس خايبين مايعرفون إني محمي بدعواتك ومايصيبني أي أذى.
كان يتحدث وهو ينظر لفريال، ثم فتح العلبة وتناول من الطعام أمام عينيها وهو يقول:

- هاك الطعام، هاك سُمك، الشي اللي ماتعرفينه يازوجة عمي إني مايأثر في سم، ولا أي سم من أي نوع،

 يمكن لو كنتي تعرفي هالشي ماكنتي تعبتي وخططتي ودبرتي وراح بيها ولدك، أنضف انسان فيكم.. بس تمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
ياسين:
- إنت فرحان في اخويا، فرحان وشمتان في الموت ياحيوان؟
- يشهد ربي علي إن قلبي ينزف دم عليه وزعلان علي موته يمكن اكثر منك، وانا ماأشمت بالموت، بس ماأنكر لو إنت اللي رحت بيها بدال هالمسكين كنت فرحت واااجد؛ لانك معجون من نفس الطبع المسموم، طبع امك وبوك.

رفعت فريال عينيها على آدم وعلت أنفاسها وصرخت بجنون:
- إبعد من وشي أنا مش طايقة اشوفك، غور بقى ربنا ياخدك وإن مأخدكش أنا اللي هخلص عليك بإيدي، بقى إبني انا يموت وإنت عايش وبتتنفس؟ بعد كل ده ابني انا اللي يموت؟
إحتضنت عايده آدم وهي تُعيذه بالله من دعوات فريال وترقيه بكلماته  التامة من تمنيها الموت له ، وجذبته من ذراعه تريد المغادرة به من هذا المكان،
 نعم هي حزينة على مدحت، ولكنها ليست على إستعداد لخسارة إبنها وسماع شخص يتمني له الموت أمامها والحي أبقى من الأموات.

أما آدم فرفض التزحزح إلا بعد أن يدفن جثمان إبن عمه.. حتى وإن طالت الإجراءات، فمدحت لا يستحق منه إلا التكريم.
تنحى هو وأمه وأبيه جانباً وتركوا مجالاً لفريال تودع إبنها بصرخاتها وتخبطها، ويحيي جالس بجوار جثمان إبنه يمسد على كامل جسده ويتأمله بحسرة، 
وكأنه يراه كثيراً على الموت! 
أما فاطمه فتائهة بين شعورها بالحزن وشعورها بالخوف، تبكي تارة وتتلفت حولها تارة وكأنها تريد الهروب.. إنتبهت لها فريال فأجهزت عليها وامسكتها من تلابيبها واخذت تصرخ بها بعدم وعي:
- ليه، ليه تعملي كده فأبن اختك، ليه تعملي التركيبه اللي مبتديش فرصة دي وبتموت فوراً، ليه تديني السم اللي أسم بيه إبني ليه ليه، دي جزاتي، دي جزاتي إني خليتك سنين فبيتي إنتي وولادك وتاكلوا من خيري، دي جزاتي إني تسترت عليكي لما سميتي جوزك ومبوحتش لحد بجريمتك حتى أولادك، دي جزاتى منك بعد كل ده يافاطمه؟

 هنا شعرت فاطمة بأن أختها ازاحت من فوقها غطاء الستر وستدفع ثمن كل شيء بمفردها، فقررت أن تصوب هى الأخري وتسدد وترمى، فهدرت بها بكامل صوتها:
- لا بقولك إيه انتي هتهب منك ولا إيه؟ انا مسمتش جوزي ولا ليا يد فموته واللي يقدر يثبت غير كده يوريني، وانا اه عملت السم بس انتي المسئولة عن موت إبنك مش حد تاني، ولو عايزه ترمي بلاكي عليا انا عندي كل بلاويكي.. 
مره لما سممتي إنتِ وجوزك إبن اخوه، ومره لما سممتي أخت جوزك، ومره لما دبرتوا حادثه لمحمود ومراته وكانوا هيروحوا فيها، وغير المؤامرات اللي فشلت، انتي لو هتفكري تأذيني فانتى هتأذي نفسك للأسف، لاني انا مفيش عليا أي دليل.. 
والحكومة مش هتعرف تاخد مني حق ولا باطل، أنا دكتوره صيدلانيه وبعمل تركيبة سم وارد إني ابيعها لأي سبب، لقتل الحشرات أو الحيوانات اللي بتعاني من مرض مذمن، أو الكلاب المسعورة، وكل دا لو اتحاكمت عليه هاخد فيه عقوبة عبيطة، أما انتي فبأيدك بتقتلي بني آدمين.
هنا لم تتحمل فريال وأجهزت على اختها بالضرب، وبادلتها فاطمة الضرب، وكل هذا أمام الجميع، وكان الأمر اشبه بأفعتين يتقاتلا،
 اما آدم فلم يفوته أن يصور كل هذا بهاتفه صوتاً وصورة، وإحتفظ بالدليل الذي لا يقبل التشكيك. 

حضرت النيابة وتم فتح محضر وأُخذت جميع الأقول، وتم القبض على فاطمة وفريال وتم إحالتهم للنيابة وأحتجزتهم النيابة ثلاث ايام علي ذمة التحقيق. 

كانت الصدمة كبيره للجميع، موت وخسارة حياة، صدمة لأولاد فاطمة في أمهم التي قتلت اباهم ويتسائلون عن السبب؟ 
خِذي شعرت به حياة من امها ومافعلته، بل وقهر أيضاً.. نظرت لآدم طويلاً كي ترى من خلال عيونه بماذا يشعر، ولكنه لم ينظر إليها إلا نظرة عابرة لم يكررها، وكأن عيناه أيدت اليوم قراره بالإبتعاد وثبُت بانه القرار الأصوب الذي إتخذه بشأن علاقتهم، وأنها لا تستحق محبته وهي تمتلك هذه الأم. 

تمت اجراءات دفن مدحت بعد تشريح الجثة وإكتشاف سبب الوفاة بمساعدة أمه، فقد اعطتهم زجاجة السم بما تبقى فيها، ولولا ذلك لما عُرف سبب الوفاة، فهي نفس اعراض الذبحة الصدرية. 
دفنه آدم وعاد لقصرة، جلس على فراشه يتأمل كل ماحدث ويتسائل، هل النقود تستحق أن يفعل الناس كل هذا لأجلها؟
 اتستحق إن تُزهق الأرواح وتُقطع الارحام وتنتهي  العلاقات وتُدنس جميع القيم؟ 
 سمع عدة طرقات على باب غرفته فإنتبه من شروده وأجاب:
- فوت ياللي بالباب. 
فتحت أمه ودخلت الغرفة وتقدمت منه، ودون مقدمات إحتضنته وأجهشت بالبكاء.. صمت لبرهة ثم همس لها:
- لا تخافي علي ياامي أنا بخير ماموتت. 
- كل مااتخيل إني كان ممكن أخسرك احس إن قلبي هيقف ومش بقدر اتنفس. 
- سلامة قلبك ودقاته يالغالية.. كفي بكا انا قلبي رجيج مايتحمل دمعاتك. 

- صعبان عليا مدحت اووي وزعلانه عليه، ولما شفته ميت قدامي إفتكرت أخوك مروان، مات بنفس الطريقة واتخطف من بين إيديا خطف،
 أصعب حاجة في الدنيا هي موت الحبايب وأنهم يفارقونا فجأة من غير مقدمات، ومش هتصدقني لو قولتلك برغم كل اللي حصل صعبت عليا فريال وهي واقفه فوق إبنها تقلب فيه ومش مصدقة إنه مات، اللحظة دي تشبه طلوع الروح وانا عشان جربتها متمنهاش حتى لعدوى
بس هو دا عدل ربنا، إن كل واحد يدوق من نفس الكاس اللي سقى منه غيره، واللهم لا إعتراض على حكمك وحكمتك وعدلك. 

- واني انقول من وين لي القلب الرجيج خاد اللي مايتحمل..طلع موروث منك! 
- هنعمل إيه ربنا رزقنا بلين القلب. 
- قصدك أبتلينا. 
- لا ياحبيبي دا رزق ومش كل الناس ربنا بيمن عليها بيه، إحنا بإذن الله من ضمن أصحاب القلوب اللي اتحرمت على النار. 

صمت آدم وإستسلم لحضنها الدافئ المُحب، ولم يمر الكثير من الوقت حتى إنضم إليهم أبيه وأخذ نصيبه من إحتضان آدم، 
ضمه لصدره وقبل جبينه في صمت، لم ينطق حرف واحد فلا كلام لديه، فالآن قد نُبش الماضي وظهرت الدفائن جلية للعيان،
 وعادت ذكرياته مع إبنه الإول تراوده ويشعر بقلبه يعتصر من الألم، فلو كان موجوداً الآن لكان سنداً لاخيه وأشتد به عضضه بدلاً من ان يقف وحيداً في في مواجهة تيارات الحياة الجارفة. 

أما في البادية.. 
- وينه زوجك؟ 
- بالخيمة ياشيخ 
- روحي اعطيه خبر بأني اريده علي وجه السرعة. 
- هو.. الحقيقة ياشيخ سالم مايقدر يجيك، اليوم له أربع أيام ماحط بجوفه غير المي وبالغفلات اكبها بخشمة، سالم يموت قبال رجوه وانا مابيدي شي عليه. 

- اللي يموت ورا حرمة قلته احسن، الحين تقوليلة أمشي للشيخ قصير وإلا باخد شعلة نار واحرق الخيمة وهو جواها.. إحنا مانلفي بينا رجال رخوه.
- تم ياشيخ الحين اروح اقوله. 
ذهبت مسرعة نحو الخيمة تحاول ان تخرج سالم لعمه بأية طريقة، فهو لا يتفوه بكلمة إلا ونفذها. 

اما قصير فبعد أن غادرت مزيونه توجه مباشرة لخيمة بناته، سعل بصوت عالٍ ينذرهم بقدومه ثم دخل الخيمة.. وجد رجوه ممددة في الفراش، شاحب لونها ووجهها غادرته معالم الحياة، إقترب منها وتفحصها قليلاً ثم أردف:
- من يوم اللي جيتي عالدنيا وعكرتي كل شي، صرتي شوكة بضهري وماأعاني وصبرني عليك غير سالم. 
سالم اللي كان راضي بيك بكل عيوبك. 
تعرفي يابلوة زماني أنا ماتمنيت لحد الموت بقدر مااتمناه لك الحين، صدقيني بموتك كل شي راح يتحسن، سالم يواصل حياته ومايخسر رفيق عمره وما يتحسر كل ماشافك بالقبيلة أمام عيونه.. أنا ماجاي اقولك طيبي يارجوه، انا جاي اقولك موتي، 
موتي إذا بيك خير وتريدين الكل يضل بخير ويعيش بسلام، موتي لانك صرتي تشبهين غراب أسود ينعق فوق جِريد  نخله بنص القبيلة وعلى حسه يجي فال الشوم وكل شي يصير اسود مثل لون ريشه..الله ياخدك ويرحمنا كلنا منك وأولنا سالم. 

أنهي كلماته وغادر الخيمة، غادر وكانت كلماته هي القشة التي قطمت ظهر البعير، حاولت البكاء فلم تجد دموع تنزل منها، فقد جف جسدها تماماً، أغمضت عينيها وبكت دون صوت، دون دموع، ودون أن يشعر أحد بانها تبكي.

خرج قصير من الخيمة فوجد سالم جالس في مكان المجلس أمام خيمته ينتظره ومعه مزيونه زوجته التي صاحت حين رأت قصير:
- هاك سويلم جبتك لك ياشيخ متل ماأمرت. 
ذهب إليه وأول مافعله هو أن رفع عصاه وقام بضرب سالم بها على ذراعه، تألم سالم في صمت ولم يتحدث، بل نظر لقصير بنظرة عدم مبالاة، 
فأعاد قصير الكرة مرة بعد مرة حتي أسرعت مزيونه التي كانت تشهق مع كل ضربة بألم وكانها تنزل على قلبها، وأرتمت على سالم تحميه بجسدها، حينها كف قصير عن ضربة ووقف شامخاً أمامه وقال له:
-انا من ياولد؟ 
 أجابه سالم بضعف:
- عمي وشيخي وشيخ قبيلتي. 
- حكمي يمشي عليك ولا لا؟ 
- يمشي علي ياشيخي ونعلك فوق راسي. 
-الحين، ياتاكل وتقوم وتصير واحد من رجالي اللي ربيتهم على يدي وعلمتهم المرجله كيف تكون، ياتلم متاعك وتاخد زوجتك وتغادر قبيلتي وبلا رجعه، ولا انت ولا نسلك تنتمون ليها، وراح أكتب مرسول لكل شيوخ القبايل مايستقبلونك، وأجردك من لقب قبيلتنا، وتغروب عنا وتهيم على وجهك في البلاد، لا لك اهل ولا عزوة ولا تقرب نواحينا. 
نظر له سالم بعدم تصديق وأردف بضعف:
إيش هاد اللي تقوله ياعمي؟
- انا قلت وانتهى قولي. 
- بس انا أقسمت قسم ويميني ما في تراجع وانت تعرف ياشيخ. 
- القسم على معصية الله باطل ياسالم باطل، وانت اقسمت انك تموت كافر وتتعذب وترمي بروحك للتهلكه، عن أي قسم تتكلم انت وعن أي يمين؟ 
نظر سالم بعيداً ورد عليه:
- زين.. أمرك مُطاع ياشيخ. 
- أي أمر منهم  ياسالم؟ 
-بجمع متاعي وارحل من القبيلة، 
جحظت عينا قصير، فلم يكن يتوقع أن يكون هذا هو جوابه، ودون تفكير نزل عليه بعصاه يضربه في أي مكان وكل مكان حتى إدماه، 
وكل هذا وسط صرخات مزيونه التى على أثرها أتى الجميع مسرعين، وشاركتها أم سالم في الصراخ وهي ترى وليدها يتعرض لمثل هذا الضرب المبرح لأول مرة في حياته. 

تكاتف الجميع ونجحوا في إبعاد قصير عن سالم، ولكن بعد أن آلمه ذراعه من كثرة الضرب، وإرتمى الآخر على جنبه دون حراك. فصرخت مزيونه في الجميع:
- يااهل القبيلة غيتونا، الشيخ أمر سالم بأنه يغادر القبيلك وراح يحرمه من نسبه وأسم القبيلة، وين انروح؟ 

انت تعرف ياعمي إن هاد كلو من ورا رجوه بتك الفانص وتدري إن سالم يموت وراها إذا ماتت، وبدل ماتروح تأمرها هي تاكل جاي تنفي ولد خوك وتتبرى منو؟ 

- انا مااحاسب حريم يامزيونه ولا اجادل ناقصات العقل، انا احاسب الرجال واللي يفقد صفة من صفات الرجولة ماله مكان بقبيلتي، وسالم فقد كل صفات الرجولة وماضل فيه غير ضعف مايشرفنا يكون صاحبه واحد من قبيلتنا.. 
خدي زوجك وردي لخيمتك ولمي اغراضكم وغدوه بجيب سيارة كبيرة تاخد كل شي يخصكم وتاخدكم انت وهو وتغادرون بلا رجعة. 
انهى كلماته وغادر وترك الجميع في حالة هرج ومرج، فهذه المرة الأولي التي يتعرض فيها أحد من قبيلتهم لمثل هذا الموقف، ومن،، سالم؟!!! 

أخذت أم سالم ومزيونه يقنعانه بعد أن عاد لوعيه بتناول الطعام وعدم تحدى الشيخ، فالأمر سيكلفه كثيراً، ولكنه رفض رفضاً قاطعاً، وأطبق فمه إمام كل المحاولات، واخذ يردد في نفسه:
- يانعيش معها ونشوفها قبال عيني حيه حتى لو بعيده، يااما اموت معها، فلا الدنيا بلا رجوه دنيا ولا العمر له قيمة. 

جلس رابح وباقي شباب القبيلة حول سالم بعد أن فرقوا النساء وجربوا هم حظهم معه، ولكنه ظل على رفضه وعِنده، فضرب راجح الأرض بيده ونهض وهو يشعر بالإنهزام من هذا الغبي، وهاتف آدم، فهو أملهم الأخير، 
شرح له الوضع وإخبره بكل شيئ، وتفاجأ هو ايضاً بما حدث معه، وعلى الفور ترك آدم المدينة وتوجه للقبيلة بعد أن وضع على أبويه الحراسة التي جعلت قلبه يطمئن، فهذا سالم؛ لا تأخر في أمره ولا تردد فى مساعدته.. 

وصل القبيلة في وقت قياسي، لم يهتم بأمر السرعة ولا الردارات التي سجلت العديد من المخالفات، وبمجرد أن حطت قدمه على رمالها حتى علمت مزيونه وذهبت إليه مسرعة تترجى وتتوسل:
- ياعقاب، ياخوي رجيتك واعرفك ماترد لحد رجى.. 
استحلفك بكل عزيز وغالي تساعد سالم باللي تقدر عليه، سالم استسلم للموت مع رجوه، مايهتم بيا ولا بحياته ولا بقبيلته ولا بشي غيرها، وانا نريده، والله أموت إذا صار على سويلم شي. 

أنهت كلماتها وسمع صوت عوالي من خلفه تقول:
- أظن انها نهاية الزوز ياعقاب، لا تلوم روحك إذا حاولت مع سالم وما فلحت، روح سالم مربوطه بروح رجوه وإذا فارقت فارق. 

- انا انكسر راسه ونوكله غصبن عنه.. لو لزم الأمر أنشق بطنه ونحطله الوكل بامعائه ولا تحكم عليه هي الفانص بالموت وهو التيس تابعها بلا عقل ولا فهم. 
-حاول ياعقاب حتى ماتندم، بس كمان إنا انريد انفهمك إنك إذا فشلت ماتتعذب ولا تحمل روحك ذنبه.. 
هاد واحد فنص عشق وحده فانص وهاي هي نهاية الفوانص.. قبلها عبلة سوت بعنتر الاهوال وساقته على بلاد الملك النعمان يجيب نيقان لجل عيونها، ورجوة الحين سايقة سالم عالموت وهو مامعترض..وبالجايات تصير قبيلتنا يسموها باسم سالم ورجوه اللي قتلهم العشق. 

ذهب آدم لسالم وهو مستشيط غضباً، صُعق مما رآه، هل هذا سالم حقاً! سالم القوي، سالم رفيقه الذي كان يستمد منه قوته؟! 

إقترب منه وبعد النظر في وجهه قليلاً أغمض سالم عينيه إستعداداً لوابل من الشتائم، ولكن كل ماتلقاه من آدم بَثْقةُ على وجهه كانت أصعب من كل كلام الدنيا. 
إقتربت مزيونه وبطرف كمها مسحت لسالم وجهه وهي تنظر لآدم بلوم، أما آدم فنظر لها وبأمر قال:
- روحي جيبي وكل وما أكون عقاب  إذا ماوكلته اليوم حتى يطفح الوكل من زوره. 

نهضت مزيونه ونظر له سالم وأردف بضعف:
- ماتتعب روحك، أنا حالف يمين. 
فرك آدم وجهه بقلة صبر وهمس له وهو يصك على أسنانه:
- سالم إذا تكلمت نص كلمة وأنا على آخري منك وربي ماأخلى امك اللي ولدتك وربتك تتعرف على ملامح وجهك. 
-عقاب ماتتعب حالك، سالم عاهد روحه ومو سويلم اللي ينقض لعهود. 

عادت مزيونه مسرعة بالطعام، وقفت تنتظر أوامر آدم فأخذ الوعاء من يدها وجلس بجوار سالم وحاول إطعامه بكل الطرق، بالقسوة واللين، بالعنف والمحايلة، ولكن دون جدوى، نظر إليه والشرر يتطاير من عينيه وقد تبخر صبره، نظر حوله فتبسم سالم لهوجة ضرب جديدة  آتيةعلى يد عقاب، 
وستكون أقوى من هوجة عمه قصير، ولكنه فوجىء بآدم يترك الوعاء من يده ويحمله هو بدلاً عنه  بحركة سريعة على كتفه وأمسك الوعاء وخرج بهما من الخيمة. 

تبعتهم مزيونه وهي لا تعرف ماذا سيفعل عقاب بسالم؟ 
وتبعه رابح أيضاً ومعزوزه إلى أن وصل أمام خيمة رجوه، وأنزل سالم وأمره بالبقاء هنا مع الجميع. 
أخذ الوعاء وإستأذن في الدخول.. 

سمعت صوته فظنت انها في حلم، او ماتت ودخلت الجنة وهاهي أمنياتها تتحقق..
 ولكنها ادركت أنه حقيقة حين نادى إسمها ففتحت عينيها بوهن فوجدته أمامها! 
أرادت أن تصرخ بإسمه ولكن صوتها وقوتها لم يُسعفاها. 
إقترب آدم أكثر إلى أن جلس بجوارها، نظر إليها بتمعن ولم ينطق، أما هي ففي نظراته هذه عاد قلبها للحياة ونبض من جديد، بل وعاد الدم يضخ في جسدها وكأن آدم وصوته وقربه إكسير الحياة. 
همس لها اخيراً بهدوء ونبرة لم تعهدها منه:
- سمعت إنك قاطعه الزاد يارجوه، قالولي رجوه تريد تموت؟ 
قلت إذا ماتت رجوه مات معها كل شي حلو بالقبيلة. 
نظرت في عينيه وهي لا تصدق ماتسمعه، فأكمل وهو يرى حركة بؤبؤ عينيها الغير منتظم وعرف انه بدأ يضرب على الوتر المطلوب:
-تحبيني صدق يارجوه؟ 
تعالت أنفاسها وأومأت برأسها فإقترب بوجهه منها وهمس بصوت أذابها:
- طيب إذا تحبين عقاب أثبتي له يارجوه محبتك. 
قطبت حاجبيها بدون فهم فأكمل وهو يمد لها وعاء الطعام:
- كلي من يدي وقومي وارجعي متل ماكنتي، غزالة برية مايقدر عليها صياد ولا يصيبها رامى مهما سدد، قومي وخلينى اشوفك قديش قوية وتقدري تواجهي الدنيا لو لا، قومى وعلى قدر قوتك على قدر ماتزيد غلاتك بقلبي. 

لم تكن قادرة على إستيعاب هذا الكم الهائل من الغزل،
 بل ولا تصدق أن عقاب نطق بهذا الكلام من الأساس! 
مهلاً، أهو أعطاها وعداً صريحاً للتو بأنه سيحبها بقدر قوتها؟ ايعقل ان يكون أتي لإعطائها الفرصة التي تتمناها؟ وهل هذا بفضل سالم ونجحت أخيراً في الضغط عليه، ام أن آدم بالفعل خاف أن يخسرها وتموت بسببه؟ 
همست لنفسها:
- مو مهم.. مو مهمة الاسباب، المهم انه جاني. 
رأي صمتها وتوترها فعرف أنها لانت، بل وصدقت أيضاً، فدس يده في وعاء الطعام وأخذ منه القليل وقربه من فم رجوه وهو يقول:
- هاك يارجوه، هاد إختباري لك وهاد اثبات محبتك لي. 

فتحت رجوه فمها ببطئ فوضع آدم الطعام فيه، لمست يده شفتيها فشعرت بقشعريرة تسري في كامل جسدها، مضغت الطعام على مهل وساعدها بأن قرب من فمها وعاء الماء وسقاها بيده أيضاً. 
أكلت وشربت من يده ولازالت لا تصدق، وكانها في حلم وتدعوا ألا تفيق منه..
 وبعد أن إكتفت من الطعام نظرت لآدم وهمست له:
- عرفت الحين ياعقاب قديش انحبك.. سل أهل القبيلة كلهن وشوف كم مره حاولوا معي وبس إنت اللي فتحتلك خشمي وكلت من يدك متل مافتحتلك قلبي، بس إنت ياعقاب اللي حلقت بسما الروح وعششت على اغصاني.

صمت آدم وهو ينظر لها ثم نهض دون أن يرد عليها، فسألته في لهفة:
- لوين رايح؟ 
- رايح اعطي صحن الوكل لتيس جوعان شفته بالطريق وانا جايك. 

- بس ماتغيب على يانبض هالقلب. 
- لا ماراح اغيب، انا رديت القبيلة لجلك، والحين قومي تحممي وبدلي ملابسك واقلعي عنك ثوب المرض والضعف،
 انت رجوه القوية اللي من يومها ماحد يقدر عليها ورقدتها عار على اللي تربت عليه وشب عودها. 

غادر الخيمة ونظر لسالم الذي كان يستمع لكل حرف ونكس عينيه للأرض حتى لا يلتقيا بعيني آدم، فمد آدم له الوعاء وقال له بكلمات لازعة وكل كلمة تشبه ضربة سوط على قلبه:
- هاك ياسالم، خد كل بواقي رجوه، اعرفك صرت ماتاكل ولا تنتظر إلا البواقي، صرت ترضى بالفضلات وتاكل اللي يعوفه غيرك وتقف على أبواب الخيام تنتظر الشفقة، وانا اللي عرفتك عزيز النفس بس ماادري ايش غيرك؟
 سمعت بودنك ياسالم وحسيت، حسيت بالقهر وإنت تريد تموت روحك على وحده مايهمها موتك من حياتك..ولك اصحى ورد لهيبتك وقيمتك ياسالم كافى نزلت من كل لعيون وبساط الرجولة إنسحب من تحت رجولك واللي سحبته عيلة ربيتها بيدك وكنت تلاعبها وبس كبرت لعبت هي لعب بيك. 

دفس آدم الوعاء بيد سالم بالقوة وغادر وقد أعطاه درساً أقسم بينه وبين نفسه إن تجاهله هذه المرة فسيُنهي حياته بيديه ويطلق عليه النار في منتصف قلبه وينتهي الأمر. 

ذهب إلى خيمة الشيخة عوالي، وقد كانت بإنتظاره، دخل الخيمه وجلس بجوارها فتبسمت له وقالت:
- الشيخ منصور قال ماراح يحلها إلا عقابي. 
- أنت اللي خبرتيه ياعمتي؟ 
- اي انا، لزوم يعرف كل شي يصير بالقبيلة، فيه واااجد أمور ماتنحل إلا على يده ياوليدي، 
وقصير مهما بلغت معرفته جاهل ببعض الأمور، ولسه أمامه سنين طواال حتى يعرف يدير القبيلة بحكمة متل الشيخ منصور. 

- بس ياشيخة هو مريض وعمي قياتي قال الطبيب مشدد إن ماحد يزعله إو يزعجه. 
- لا ماتخاف، منصور ماينزعج من هيك أمور، هاد لعب وليدات صغار ما يأثر. 
بس اقول.. كيف أقنعت الفانص تاكل؟ 
 تذكر آدم مهاتفة الشيخ منصور له في الطريق... 

- هلا ياشيخي يامية هلا وغلا، كيفك وكيف صحتك انشالله مليح؟ 
- اتركني واترك صحتي ولزوم تروح عالقبيلة وتتدخل الحين، سالم فلت زمام عقله وصار مضحكة بين القبيلة وعن قريب راح تصير قبيلتنا بسببه مضحكة كل القبايل وحديث مجالس الشيوخ وسهرات السمر..

 الحين تروح ياعقاب وتنهي كل المهازل اللي تحصل بقبيلتي. 
- اي ياشيخ بس إنت ماتعرف رجوه إيش تريد وسالم ماشي وراها متل التيس. 
- ادري تريدك.. عشقتك الفانص وباعت الغالي رخيص لجلك واعرف إن زواجك منها أمر مستحيل. 
بس ياعقاب فى الحروب دوم نلتجئ للحيلة والمكر، وانت بحرب إذا خسرت فيها راح تكون خسارتك واااجد كبيرة، راح تخسر رفيق عمرك وأنيس مشوارك وماتضمن الأيام تعوضك خسارتك ليه، ولا يجود عليك زمانك برفيج متله،
 وإذا ربحت الحرب راح تربح سند وضهر وساعد يشيلك ويشيل معك وقبل ماتطلبه يلبي.
اعرفك تحب سالم وادري المحبة تولد التفكير، فكر وخطط ونفذ واريد أشوف مكر ثعالب الصحاري فيك.. واعرفك قد الثقة يارباية يدي. 

إنتبه آدم للشيخة عوالي التي اعادت عليه سؤالها مجدداً، فقص لها ماحدث بينه وبين منصور وما فعله مع رجوه، فتبسمت عوالي وهي تنظر إليه وهمست:
- صدق منصور وقت قال مايجيبها إلا عقابي. 

اما سالم فبمجرد أن غادر أدم نظر للوعاء في يديه وتذكر كلمات رجوه لآدم ورفع الوعاء وضربه على الأرض بغضب، ونظر لمزيونه وأردف:
- تعي اسنديني ووديني خيمتنا وجيبلي وكل، وكل جديد ماحد كل منه قبلي، خلص من اليوم ماراح ياكل سالم بواقي حد،ولا راح يتسول طعام. 

تنفست مزيونه الصعداء، وأخيراً سيعود إليها حبيبها، ولعل ماسمعه هذه المرة هو آخر مسمار يُدق في نعش محبته لرجوة وتنتهى هذه المعاناة للأبد. 

غادر آدم خيمة عوالي بعد الكثير من الكلام، وذهب لعمه قصير وجلس معه ورأى فرحة قصير بقدومة، حيث ان الشحنه ستصل للممر بعد غد، وبما أنه هنا سيتسلمها معه ويعتقه من هذا الهم الكبير. 

مر الوقت وخيم الليل، وكانت رجوه قد إستعادت القليل من صحتها، أكلت وشربت، تحممت ومشطت شعرها ووضعت الكحل في عينيها، وجلست في خيمتها تنتظر أن ينتصف الليل فتخرج من خيمتها وتبحث عنه، فهى حلمت حلماً جميلاً وتريد إكماله ومعرفة نهايته. 

وبينما هي جالسة دخلت عليها خوله دون إستئذان ووقفت أمامها وضحكت بفرحة ثم وضعت يدها على فمها ولما أبعدتها قالت:
- سبحان اللي يحيي الموتي، والله يارجوه لو شفتي حالك من يومين وانتي فاتحه خشمك وريحة عفنه معبيه الخيمة تظني إنك موتي وبطنك عفنت من الداخل. 

نظرت لها رجوه ولم تنطق، فجلست خوله بجوارها وأكملت وهي تتأمل ثيابها:
-رجوه اقول أنت ليش ماتحبيني؟ 
ظلت رجوه محافظة على صمتها وتركتها تثرثر، فهي لا تقوى الآن علي اية مقاومة من إي نوع حتى بلسانها. 

ولاحظت نظر خوله لملابسها، فقامت بوهن وذهبت لصندوقها واخرجت منه ملابس مثل التي ترتديها واعطتهم لخوله. 
إحتضنت خوله الملابس بفرحة ونهضت فوراً وغادرت الخيمة وهي تقول:
- تعيشي وتعطي يارجوه واعيش وآخذ، غدوه اجيلك آخد باقي الاشياء، النعال والبرقع وهي المكحلة الحلوة اللي خلت عيونك صارن واااجد حلوات. 
أغمضت رجوه عينيها وتركتها تعبر عن فرحتها وتغادر، فهي قررت ان تتخلى عن بعض ماتحب لتكسب القليل من الهدوء. 

بعد أن انهى آدم حديثه مع قصير ذهب لخيمة سالم، فقد شعر بأنه قسى عليه كثيراً، إستأذن بالدخول وجلس بجواره ولاذ الاثنين بالصمت، ففهمت مزيونه أنهم حتى إن تعاتبوا فلن يكون أمامها، فتحججت بصنع القهوة وغادرت الخيمة لتترك لهما المجال. 

نظر آدم لسالم وقال:
- هاااا
-ايش تريد؟ 
- اريد اعرف موقفك الحين. 
- مافي مواقف ولا شي. 
- زين اريد اعرف قرارك. 
-بخصوص؟ 
- سالم لا تمثل دور المجذوب الحين. 
- خلص ياعقاب مافي شي من كل الخرابيط اللي كانت بعقلي وقلبي.. رجوه من الحين انا طلعتها من قلبي وتشهد علي الأيام الجايات ماتربطني بها أي صلة.. كافي. 
-ومرتك؟ 
تنهد ثم قال:
-مرتي؟ مرتي هي العوض اللي ربي عوضني بيه سلفاً وانا بقلة عقلى كنت اغرز كل شوي بقلبها خنجر مسموم،ومن الحين انحاول أنعوضها عن كل اللي سويته بيها. 
- وعد رجال؟ 
- وعد رجال ياعقاب. 
- يعني رجوه ماعادلك  دخل بيها ياسالم؟ 
-ولا أي دخل ياخوي. 
- وايش ماسويت انا أو اي حد غيري ماراح تتدخل ولا تزعل؟ 
- لا مااتدخل ولا أزعل..بس قولي ايش تريد تسوي؟ 
- اريد انهي عليها. 
-ايش؟ 

- هاااا، إيش من شوي حكيت ياسالم؟ 
- بس اريد افهم. 
- لا ماتفهم، انا راح انهي على رجوه واتزوجها، وانت وعدتني انك رميتها من قلبك وإنها ماعادت تهمك، خلص قررت احققلك رجاء سابق واتزوجها، بس لجل تشوف ثقتي فيك واني اعرفك ماتتعدى على حريم خوك ولا تنطر لهل بيتي بعين خبث ياسالم. 

الفصل الثاني عشر 

نظر سالم لآدم ولم ينطق، فسأله آدم:
- ليش ماقولت شي؟
- ايش اقول يعني ياعقاب، إذا تريد تنهي عليها هاد قرارك، انا ما عاد لي رأي بهالأمر.
- اي بس فيه شرط.. رجوه راح تصير شي خاص بي، وانا الشي الخاص بي ماحد يتدخل فيه.. بمعني إذا شفتك تعترض على أمر بيني وبينها ماتلوم إلا روحك، 
تمر من أمامها إذا شفتني صالبها على نخله ماتتدخل وتكمل طريقك ولا كنك شفت شي.
- اقول صارحني ياعقاب على ايش ناوي، وايش راح تسوي بنهوة صياح على رجوه وعمك قصير بروحه عطاها له؟
- ماتشغل بالك، إشقى أنت بروحك وانا بعرف أحل مشاكلي لحالي.. والحين انا طالع، باكل لقمة واركب فرسي واطلع للقنص، إذا ذراعك مازال ذراع قناص وعينك للحين تعرف ترصد اهدافها بعز الليل وتقدر تشيل قوسك وسهامك حصلني، أنا بالوادي انا ورابح.

خرج من الخيمة واخذ رابح، وهلال لم يفوت الفرصة ورافقهم، ونزلوا الوادي البعيد المليء بالغزلان البرية والأرانب،
 وبدأو يقنصون تحت ظلام الليل الخداع ويتبعون الحركة فقط واحياناً إنعكاس الضوء في العيون. 
 ولحقهم سالم..
 وكان لآدم نصيب الأسد من الصيد، أما سالم فلم تساعدة قوته الخائرة وإرتجافة يده على أن يسدد رمية واحدة صحيحة، حتي شعر بالخزي وهو لأول مرة يعود خائب القنص بدون صيد. 

عادوا للقبيلة عند الفجر، كُل ذهب لخيمته، اما آدم فذهب لغرفته وهاتف أمه وأبيه ثم هاتف الشيخ منصور بعد ان صلى الفجر؛ فهو يعلم انه يكون مسستيقظ في مثل هذا الوقت، وقص عليه ماحدث، وقال له على ماينوي فعله وطلب منه المساعدة..
- اي ياوليدي بس أنت تريدنا نخالف لاعراف وإذا القبايل شمت خبر  وصياح أو غيره راح اشتكى علينا عند شيوخ القبايل العار يلحقنا ويصير غلطنا ماله دوا.
- بس انا فهمتك ياشيخ وشرحت لك أسبابي، وادري إنها مستحيلة وماحد راح يقدر يسويها غيرك، أنت اللي بتقدر على عمي قصير وغيرك مايقدر.
تنهد الشيخ منصور وصمت قليلاً يفكر، وأخيراً تحدث:
-أبشر ياعقاب، انا بحكي مع قصير وربك يدبر الأمر، لكن دير بالك اللي تريد تسويه جايز يرد عليك بنتيجة عكس اللي توقعته، هي فانص القبيلة وماتأمن عقلها الخربان وتصرفاتها. 
- وإذا هي فانص القبيلة انا عقاب القبيلة، اريد اعرفها العقاب يقدر يحكم الفوانص ولا يروح يطم روحه تحت الرمال،
 واريد اشوف كيف راح تسوي شي من دون رضاي وماتمشي رهن إشارتي. 
- بس مااريد الأمر يطول ياعقاب.. واتمنى يتم بدون فظايح. 
- ماتخاف ياشيخ، انت تكلم عقاب مو وليد صغير..بس اريد انا اللي ابلغ رجوه بالأمر بطريقتي. 
أنهي آدم المحادثة مع منصور وتنهد بتعب ونام وهو يفكر هل ماسيفعله صحيح أم خاطئ. 
امسك هاتفه وبحث عن رقم حياة ووقف أمامه يتأمله، يشعر بإحتياجه لمهاتفتها الآن جداً،
 ولكنه لا يعرف ماذا سيقول لها، أيخبرها بما هو مقدم عليه أم يخبئه ويخبرها بانه مشتاق فقط، وأعظم أمنياته في هذه اللحظة أن يتسمع لصوتها الحنون الذي يبث فيه الطمأنينة ويشبه تهويدات أمه له وهو صغير. 
أطفأ هاتفه بعد أن تغلب عليه النوم، فأغمض عينيه وهرب بعيداً. 

....... 
طلع النهار وأستيقظ الجميع، خرج آدم من غرفته علي صوت مرسال من الشيخ قصير، فعرف أن الشيخ منصور هاتفه.. فذهب إليه مباشرة..
- حياك الله ياشيخ
- تعال ياعقاب اريد احكي معاك. 
- تحت امرك ياعمي وكلي أذان. 
- الشيخ منصور كلمني وقالي شي الحقيقة انا مامقتنع بيه. 
- من بعد إذنك ياعمي انا لي وجهة نظر، شرحتها لعمي منصور والحين اشرحها لك. 

قص عليه كل شيئ فصمت قصير ثم  أردف:
- بس انا اقول كل اللي تريد تسويه ماله داعي، رجوه بتتزوج صياح غصبن عنها، وإذا قطعت الزاد وماتت تموت ماراح يجرا شي،
 لكن تعيش وتخلى رجال تقف على شنابهم الصقور يحتاروا فامرها هي ماجرت ولا تجرا. 
- لا ياشيخ مو حيرة بأمر رجوه، بس خوف على سالم، انا اريد احافظ على خليل عمري ورفيجي واردله عقله براسه،
 واعرف زين إذا رجوه صابها مكروه ولا تعبت بحياتها سالم بيترك الدنيا ومافيها ويقعمز قبالها.
 وانت تدري إيش سالم وأهميته وسطنا وإيش تعلم على يدك، ومافي حد بينا كلنا له طولة باله وكلنا راميين الأمل عليه إنه هو اللي بيدرب وليدات القبيلة من بعدك ويعلمهم كل الفنون وبنفس صبرك وجلدك وطولة بالك. 

أماء قصير برأسه موافقاً على ماقاله آدم وفكر قليلاً ثم قال:
- وصياح ايش راح اسوي معاه؟ 
- صياح خليه علي، ماتقوله شي واترك الأمور متل ماهي. 

غادر آدم من عند قصير ومشى في القبيلة بين الخيام، فوجدها واقفة من بعيد تنظر إليه ومن الواضح أنها تنتظره. 
ذهب إليها وكلما إقترب رأى إبتسامتها تتسع أكثر، وقف امامها وقال:
- حياكِ الله يارجوه، ليش واقفه هين؟ 
- انتظرك ياعقاب. 
- ليش تنتظريني؟ 
- اريد اعرف ايش ورا الكلام اللي حكيته بالأمس، انت طلبت مني اثبتلك محبتي وتم، الحين بعد ماعرفت إني انحبك وعلى استعداد اسوي اي شي لاجلك على ايش ناوي؟ 
- ولا شي. 
تجهمت ملامحها بعد جملته وسألته متعجبة:
- كيف يعني ولا شي ياعقاب؟ 
-يعني ولا شي يارجوه، انا عرفت انك تحبيني.. بس انا ما أحبك، ايش اسويلك يعني، وبعدين أنا حكيتلك إني احب حياة، إيش اسوي بمحبتك لي.. هاد شي يخصك وانت إشقي بيه. 
- بس... بس إذا ماناوي تعمل شي ليش جيت خيمتي ووكلتني بيدك وشفت منك هداك الحِن؟ 
-  هاد لأنك غاليه علي.. غاليه علي واااجد..ونحبك يارجوه، بس انحبك متل اختي، محبة اخ لخته..المحبه اللي ماتنفع تنتهي بزواج. 
ردت عليه بحده:

- بس انا مو اختك ياعقاب، ومافي شي إسمو اختك وماينفع زواج، طوال مااحل لك ينفع الزواج، وما اختك الا اللي تيجي من بطن أمك.
 
- غريب أمرك يابت مكاسب، مو هاد كلامك لسالم، ولا انتِ مبادئك تتغير حسب مصالحك؟ 
- ماتخلط الأمور ياعقاب ولا تدخل سالم بينا، انا وسالم شي وانا وانت شي ثاني. 
- نفس الشي يارجوه بس تغالطين روحك. 
- اريد أسألك سؤال وتجاوبني بالصدق ياعقاب.. أنت بعد كل اللي جرا بتتزوج حياة؟ 
- ماادري.. الزواج قسمة ونصيب وما كل اللي عشق ياخذ شويقه. 

- طيب اقول.. اعطيني فرصة، اعطيني فرصة وقرب مني وشوفني بعين ثانيه غير اللي طول عمرك تنظر لي بيها، شوفني بعين محبه واختبرني وشوفني انفع لك مره ولا لا. 
-عن أي فرصه تحكي يارجوه وانت منهي عليكي وسالم خوي يحبك؟ 
- اذا عالنهوة ماتشيل هم، انا بخلي صياح بروحه يقول مااريد رجوه ويفك نهوته عني.. واذا على سالم انا اخليه يكرهني ويشوف العمى ومايشوفني.. وإذا عليك أنت بتشوف ايش مستعده رجوه تسوي لاجلك. 

تنهد وهو ينظر إليها، فحقاً حالتها صعبة وشيطان العشق تلبسها كلياً، وبنظرة الإصرار والتحدي التي يراها داخل عينيها الآن.. هي مستعدة لفعل اي شيئ وكل شيئ، والخوف كل الخوف ممن وضع قلبه على كفه وقرر أن يحارب الدنيا لأجله. 

رد عليها اخيراً:
- موافق يارجوه، بعطيك فرصة.. بس ماراح اتزوجك إلا ومسألة زواجي بحياة انلغت، وغيرها اكون تأكدت إنك طلعتي من قلب وعقل وروح سالم بالمرة، اما صياح فاتركي أمره الحين،
 مو وقته مانريد صِياح منه ومشاكل الحين، انت إبدي بسالم وصياح امره سهل.. وهاد الحكي يضل بيني وبينك، إذا عرف به مخلوق اعتبري اتفاقنا لاغي؛ لان مو عقاب اللي ينجاب طاريه بشين وينذكر بالسوء وينقال إنه خرب نهوة رجال لينهي هو على نهوته. 

ردت وهي لا تصدق ماسمعته للتو:
- لا لا، ماتخاف يانبض القلب والله ماحدا يعرف شي، وكل اللي قولته اعتبره تم.. أبشر ياعقابي من الحين كل حرف يخرج من جوفك إعتبره أمر علي وملبى من خشم مصكر. 

أومأ لها برأسه ونظر بعيداً للفراغ دون ان يتحدث ففعلت هي:
- عقاب خدني للوادي.. والله اشتقت للوديان والقنص وركوب الخيل، بس اللي اشتقتله اكثر إني أسوي هالشي معك، وانت جواري. 
صمت قليلاً ثم اردف:
-لا.. من الحين.. لا فيه وديان ولا قنص.. ولا ركوب خيل.. ومافي طلعه من القبيلة لأي سبب. 
صمتت قليلاً تستوعب هذا القرار المتعسف ثم اجابته بهدوء:
-تم ياعقاب، مافي كل شي. 
- ومن اليوم مااشوفك إلا بمجالس الحريم وقدام المواقد، تطبخي وتنفخي وتسوي الوكل بيدك وتتعلمين كل شي تسويه البنيات.. كحل بعيونك ماتخلي، حُمره بشفافك ماأشوف، تيابك اذا شفتهم مخصرات عليكي بشعل النار فيهم وانتي لابستهم.. فهمتي علي يارجوه؟ 
- اي اي فهمت. 
صمت وصمتت هي وبلعت لعابها ثم تبسمت وأردفت:
-اروح فدوه للي يغار. 
نظر لها آدم بطرف عينه ثم نظر بعيداً مرة أخرى. 
لم تريده ان يصمت، هي تتمني سماع صوته فلم الصمت، فاردفت قائلة:
- بخصوص سالم، من اليوم ماراح اخلي مكان يجمعني به ولا راح اخليه يشوف طرف ثوبي، اعرفك تغار وانا مااريد اجرح شعورك. 

- مين حكم بهالاحكام؟ انا قلت هيك شي؟.. اسمعي يارجوه، انا اريدك تتعاملين مع سالم عادي، لا تبعدي اكثر من اللازم ولا تقربي القرب الاول، اريد التعامل بينكم يكون في حدود الاخوة، تجتمعون بالمجالس وليالي السمر وتحكي معو وتردي عليه إذا حكى معك.. اريده يعتاد وجودك امام عيونه.. اريدك تصيري له شي عادي، وزوجته رافقيها، خليها متل معزوزه لان انت تعرفين إن علاقتي بسالم ماراح تنقطع وراح تتلاقون واااجد.. واريد كل شي مضي يتنسى ويروح. 
- أمرك.
-والحين ردي لخيمتك وشوفي ايش بتسوي اليوم، هي النخله مااريدك تجلسي تحتها مره ثانيه ولا تبتعدي عن الخيام. 
-ابشر.. يلا بخاطرك يا عطية ربي. 

غادرت رجوه ووقف يراقبها وهو يشعر بشعور سيئ، يخدعها وهو الذي تربى على الصدق ويبغض الخداع،
 لقد جعلته تلك الشيطانه الصغيرة يتخلى عن الكثير من مبادئه ويخالف ماتربى عليه، ولم لا فهي في النهاية حواء، وحواء اخرجت آدم من الجنة وانسته كلمات ربه. 

عادت لخيمتها، سعيدة تشعر بأنها ملكت العالم، اخذت فرصتها التي تتمناها وستغتنمها حق الإغتنام. 
أبدلت ثيابها بأخري فضفاضة وخرجت، ولأول مرة تجلس امام الموقد وتساعد في إعداد الطعام وبكل رضى. 
كانت معزوزه تراقبها في صمت، حزينة على سعادتها المؤقتة، ولكنها بنفس الوقت سعيدة لعودتها للحياة مرة أخرى، حتى ولو بالحيلةَ. 

اما في خيمة سالم.. عاد من الصيد ودخل علي مزيونه واشتكى لها قلة حظه هذه المرة وانه لم يتوفق في الصيد، فإقتربت منه وأثبتت له بطريقتها أنه إن لم يكن له حظ في الصيد، فله حظ وفير في أشياء اخري، ومزيونه من ضمن أجمل حظوظه. 
غادر الخيمة اخيراً.. وقف وهو يراها من بعيد، جالسة أمام الموقد تضحك وهي تقلب الطعام وتساعد باقي الفتيات والنساء في الطبخ! 
إنها مرته الأولي التي يرى يديها يصنعان شيء غير القبض علي لجام حصان أو الإمساك بالقوس والسهم والتصويب بهما! 
إنها حقاً بدأت تتغير، وحتى لو تغيرها من أجل غيره فهو سعيد، يكفي انها امام عينية حية ترزق، ولتعيش مثلما تعيش.. مع عقاب او غيره لا يهم..هذا ماقرره، إو هذا مايحاول أن يقتنع به. 

تخطاها ومر من جانبها ولم يُلقي حتى السلام، وكانه لا يراها.. وهذه أيضاً مرته الأولي التي طاوعته عيناه فيها ولم يتمردا وينظران إليها. 

ويبدوا أن اليوم هو يوم البدايات الجديدة. 
اما آدم فكان يراقب الوضع من بعيد، وكم شعر بالرضى لأول خطوة خطاها سالم في طريق البعد والتخلي،
 وقريباً سيقطع شوط كبير ويصل لخط النهاية، عند نقطة النسيان التي ستكلل رحلته الصعبة بالنجاح. 

بينما هو جالس رن جرس هاتفه، فأخرجه من جيبه وإذ بمدير الشركة الروسية للأسلحة؛ يخبره بأن الشحنة ستدخل الليلة الممر، وفي الغد ستصلهم فى القبيلة. 
انهي المكالمة واعاد هاتفه وذهب لعمه قصير يخبره بوصول الشحنة بعد غد، ويحثه ويحث الرجال على الإستعداد ويهاتف أصحاب طلبيات الاسلحة ليستعدوا للإستلام ويدبروا نقودهم وينتظروا منه مهاتفه. 
تحرك قصير على الفور وهو يدعوا الله ان تتم هذه الصفقة على خير، فهي الاكبر في تاريخ صفقاته أجمع. 

اما آدم فجلس يهاتف أبويه ليطمئن عليهم، وتحدث مع ابيه في امور العمل  وطلب منه عدم الذهاب للشركة و طمأنه بأنه يتابع كل شيء بالهاتف من القبيلة ولا يوجد عمل معطل، وكافة الأمور على مايرام.

اغلق هاتفه وإذ بخيال شخص يقف بجواره، نظر فوجده صياح! 
- صياح! اجلس ليش واقف؟ 
- حياك الله ياعقاب. 
- بارك الله فيك، اجلس اجلس، مبين عندك واجد حكي. 
- إذا تريد الصدق.. اي عندي واجد كلام ياعقاب.
- قول وانا كلي أذان. 
- السلاح ياخوي، اريد اعرف من وين تجيبه ومع اي شركات تتعامل وكيف تتواصل.. ادري إن السلاح روسي، بس يجي من بلاد الروس ولا من اي بلد؟ 
- ليش تسأل ياصياح؟ 
- شوف ياخوي انا ماراح ادس عنك، انا بصراحه اريد اشتغل بالسلاح بس لصالح روحي، يعني اجيب على قد قروشي وابيعهم بمعرفتي ومكسبهم لي وحدي. 
- اي بس الشركة اللي نتعاملوا معاها ماتشتغل إلا بالكميات الكبيره وطلبياتها بمليارات، شغل الكام قطعة هاد ما عندهم.
- زين.. ماتعرف شركات تانيه توافق ترسل لي الكمية اللي أريدها؟ 
- ياصياح.. انت قديش معاك قروش؟ 
- يعني قول مليون. 
ضحك آدم ثم اردف:
- هاد المليون تروح السوق تجيب به بواريد من حق الوليدات الصغار اللي يسوي اصوات وبس. 
- ليش يعني هو المليون قليل؟ 
- بتجارة السلاح لا يُذكر؛ المليون ندفعوه حلوان للي يعدون الصفقة من الممر. 
صمت صياح وتنهد بيأس، فأردف آدم:
- اقول.. ليش ماتاخد بالمليون سلاح من الحموله الجايه، يعني تاخده متلك متل التجار اللي يشترون منا ويبيعون السلاح بسعر اغلي ويكسبون فيه. 
- كنت طامع بمكسب اكثر، وخاصة اني اعرف السعر اللي تشترون به من الشركة. 
- اي بس لا تنسى هي ضريبة المخاطره؛ لأن بأي وقت الشحنه وارد إنها تنمسك بالطريق إذا حدا مكر علينا والعيون اللي زارعينها بكل مكان غفلت منها عين..
 زين اقول إيش رأيك انا بحكي مع عمي قصير يخفضلك شوي بالسعر، وانت رحت ولا جيت يعني ولدنا ولك حق علينا. 

- هاه.. اي.. لا؛ ناجلها الحين ووقت اكون مستعد اجيب سلاح على اسمي من الشركة وقتها بس اجيب واعمل اللي خططلته ايام طويله. 


تعليقات