رواية وجوه فى العتمه الفصل السابع والعشرون27 والثامن والعشرون28 بقلم منه ممدوح


 رواية وجوه فى العتمه الفصل السابع والعشرون27 والثامن والعشرون28 بقلم منه ممدوح

جذب عامر يقين بسرعة وخلاها ورا ضهره لما شاف الملثمين اللي قدامهم واللي كانوا ماسكين أسلحة مصوبينها عليهم وهما بيقربوا منهم ببطء، اتسعت عيون يقين بهلع واتشبثت في ملابس عامر بقوة وهي بتقول بنبرة مرتجفة من الخوف_عـ..عامر
مين دول
ولكنه كان مركز عليهم وهو فارد دراعه بيحميها وواقف بتحفز، قرب منه أحد الملثمين وقال بنبرة غليظة_هتيجي معانا بالهداوة ولا تحب نقتلك ونقتلها؟!
قالها وهو بيشاور بسلاحه ناحية يقين اللي اللي ارتجفت إيديها المتشبثة بضهر عامر وسندت راسها على ضهره بخوف رهيب، تصرف تلقائي طلع منها ولكن اثبت إنها شايفاه مصدر أمان وحماية ليها، كان عامر بيتعامل معاهم بحذر عشان خوفه على يقين، فاتكلم بحدة_مين باعتكم؟!
صدرت ضحكة ساخرة من الملثم وقرب من عامر وهو بيشيل سلاح عامر من خصره بعنف وقال_مش عاوزين رغي كتير، هتعرف لما نأذنلك إنك تعرف
يلا قدامي أنتَ وهي
ممنعهوش عامر بل سابه ياخد سلاحه بدون اعتراض، وبالفعل جذب يقين وضمها لصدره بحماية وهو بيتحرك معاهم وهما حواليه، كان شغله الشاغل بس إنه يحميها وإن ميصيبهاش أذى، لو عليه كان دخل في معركة طاحنة معاهم وهو مش فارق معاه حياته
ولكن يقين!
يقين هي نقطة ضعفه، مش هيقدر يخليهم يصيبوها بأذى قدامه
 دمعت عيون يقين من الخوف ودفنت وشها في صدره وهي بتقول بنبرة مهتزة_عامر أيه اللي بيحصل؟!
مين دول وواخدينا لفين؟!
زاد من ضمه ليها وهو بيتحرك معاهم، وهدهدها وهو بيقول بحنان_ششش
متخافيش أنا معاكي
لقاهم بيتجهوا ناحية سيارة سودا ضخمة زجاجها اسود مش موضح مين فيها، لمح حمد في الوقت ده اللي جه وهو بيسحب سلاحه ومتحفز، ولكن شاورله عامر في الخباثة إنه ميعملش حاجة، بصله حمد بتعجب ومكانش فاهم إنه بيعمل ده كله من خوفه على يقين
فرجع عامر شاورله بعيونه إنه يلحقهم من غير ما ياخدوا بالهم عشان يعرفوا مكانهم 
صلتهم الطويلة ببعض كانت مخلية حمد قادر يفهم تلميحاته
فهم إنه عايزه يعرف هياخدوهم على فين عشان يجيب الدعم
وفهم من ضمته ليقين إنه خايف عليها لتتئذي
فتحوا باب العربية، واللي كان الكرسي الخلفي ليها مكون من كرسيين مقابلين لبعض
ساعد عامر يقين تطلع وركب جنبها وهو مازال ضاممها ليه بحماية وعيونه مسلطة على الرجلين اللي صعدوا في الكرسي اللي قدامهم، والاتنين التانيين اللي واحد استقل عجلة القيادة والتاني جنبه.
وبعدها اتحركوا في الطريق بصمت، بس عامر عيونه بتتابعهم بحذر، أما يقين فكانت متشبثة بيه بهلع وساندة راسها على صدره
كانت عيونه مشتعلة بغضب رهيب من الوضع اللي اتحط فيه هو وزوجته، ولكن مكانش قادر يتكلم 
على الأقل قدامها عشان ميحصلش أي رد فعل منهم ممكن يئذيها..
وعلى بُعد كان حمد ملاحقهم وهو متحفز وبيحاول ميضيعهمش وفنفس الوقت ميكشفش إنه ملاحقهم، مد إيده في الوقت ده وطلع تليفونه، طلب رقم فارس اللي رد بسرعة وقال_خير يا حمد
الأمور تمام؟
رد حمد وهو مسلط عينه على الطريق_فارس بيه، عامر ومرت أخوي طلعوا عليهم ناس وأخذوهم
انتفض فارس من على طاولة الأكل وهو بيهتف بذعر_وش بتقول أنتَ!
لفت اهتمام كل الموجودين ووقف عايد بتحفز وهو بيحاول يفهم اللي بيحصل، أما فاطمة فعقدت حاجبها وقالت بقلق_وش فيه يا فارس؟!
مردش عليها بل استمع لكلام حمد بعناية_ما تقلق يا فارس بيه، أنا وراهم دلوقت
عامر أخوي مرضاش اتدخل عشان معاه مرته وخاف عليها
لملم فارس اشياؤه وهو بيقول بعجلة_وينكم دلوقت
وين رايحين؟!
رد حمد_لسة ماني عارف ياخوي،
احنا لسة في مصر، ماني عارف لوين أخذينهم، أول ما يثبتوا بمكان هبعتلك الموقع
مسد فارس على شعره وهو بيحاول يتمالك نفسه وقال_تمام تمام
هتابعك كل شوية وتعرفني وصلتوا لوين عشان أقربلك أنا والرجالة ، لازم نلحقهم بأسرع وقت
 إياك تقفل تليفونك يا حمد
هجهز الرجالة على ما تعرفني بالجديد
_تمام ياخوي ما تقلق
قفل حمد مع فارس وكمل تركيز في الطريق وهو خايف وقلقان من إن تحصل حاجة تئذي عامر وزوجته
أما فاطمة فهتفت بنفاذ صبر بعد ما أدركت إن فيه مشكلة حصلت وقالت_ما تنطق يا فارس
وش فيه؟!
وجه فارس نظره لعايد وقال باستعجال_عامر ومرت أخوي طلع عليهم رجالة وأخذوهم
روح نادي لولاد عمك وأنا هجهز الرجالة اللي هنا لحد ما يجيلنا خبر من حمد
شهقات متتابعة ملت المكان، فانتفضت فاطمة وقربت من فارس اتشبثت بتلابيبه وهي بتهتف_أخوك!
أخذوا أخوك!
وش سوت فيه هذي الملعونة!
أنا قولتله يتركها تغور في نصيبة وش بس اللي وداه وراها!
زفر فارس وقال بضيق_وش هتسوي فيه ياما؟!
مرت أخوي معاه هي كمان يعني اللي هيصيب عامر هيصيبها
وجه نظره لفارس وقال_يلا ياخوي
وبالفعل بعد أمه عنه وخرج باستعجال هو وعايد، أما فاطمة ففضلت مكانها تندب وهي بتضرب على صدرها وبتقول_أنا قولت
قولت هذي الملعونة ما ييجي من وراها إلا الخراب
قولت ما يروح وراها!
اتحركت نوارة وأخدت الاطفال وطلعت على فوق عشان ميشهدوش اللي بيحصل، أما راوية ففضلت جنب حماتها وهي بتحاول تهديها وهس بتحط عطر على كفوفها عشان تتمالك نفسها شوية
صعدت نوارة بجواد لغرفته اللي كان ماسك ايديها وقال_أما نوارة
صح أبوي راح يجيب ماما يقين؟
نزلت نوارة بجسدها عشان تكون في مستوى جواد، مسدت على شعره وهي بتقول بحنان_آه يا نن عيوني
أبوك عامر راح يجيب أمك يقين عشان عارف إنها وحشتك
ابتسم جواد بحماس وقال_وحشتني أوي أوي
هي تيجي بس وأنا مش هخلي أما فاطمة تزعلها
ضحكت نوارة على كلامه وعبثت بخصلاته بعنف خلته يزمجر بضيق وهو بيجري منها...

                            ****

مر وقت مش قليل وهما خارجين من نطاق القاهرة ومتجهين للطريق الصحراوي اللي ماشيين فيه من مدة، كانت يقين بتتابع نظراتهم الاجرامية من تحت الوشاح البدوي اللي لفينه حوالين وشهم ومش ظاهر منهم غير عينهم، في حين بيترجف جسدها من وقت للتاني بسبب خوفها فبيربت عليها عامر عشان يهديها، هو عارف إنها أول مرة تتعرض لمواقف زي دي وعامل حساب وده وإلا مكانش سكت لكل اللي بيحصل
رفعت وشها بعيونها الحمرا بخوف، وقالت بهمس_أنا خايفة
نزل عيونه ليها وقال بابتسامة وحنية_ما تقلقي، أنا معاك
ضمت شفايفها وهي بتقاوم احساسها، ولكن في النهاية قالت بصدق_دي الحاجة اللي مطمناني
إنك معايا..
اتجمدت عيونه عليها بصدمة مش مستوعب اللي بتقوله، حاسس إن اللي قدامه عندها فصام، شوية تكون حباه وشوية تكون كارهاه، هو عارف ومدرك إنها بتحارب مشاعرها ورافضاها لكن لو فضلت بتصرفاتها دي هتجننه
_بطلوا رغي شوية
هتف بيها واحد من الرجالة وهو بيرمقهم بحدة، فبصله عامر بغضب رهيب وهو بيضم قبضة إيده وبيقاوم إنه يقوم يفتك بيه.
لاحظ إنه غيروا اتجاه الطريق ونزلوا في قلب الصحرا، كان مراقب الطريق بعيونه عشان يعرف اتجاهاتهم
وبعد مدة كانوا اتوقفوا عند مكان يشبه المخزن  ولكنه كان أضخم من إنه يبقى مستودع عادي وكان في الصحراء بعيد عن الطريق بشكل كبير، واللي كان ظاهر إنها منطقة صناعية مهجورة
لاحظ حمد توقفهم فوقف من على بُعد مش قليل عشان مياخدوش بالهم منه وفي الوقت ده طلع تلفونه ولكن للأسف ملقاش شبكة
زفر وهو بيحدف تليفونه بنفاذ صبر، وفتح درج في السيارة طلع منها لا سلكي
ابتسم وهو بيقلبه بين إيديه وبيبتسم بانتصار
لولا اللاسلكي ده واللي موجود مع كل رجالة عامر بسبب شغلهم مكانش قدر يوصل للي في البيت..
اتفتح باب العربية ونزل الرجالة اللي معاهم وشاورولهم ينزلوا، بصت يقين لعامر بقلق ولكنه طمنها ونزل وبعدين ساعدها في النزول
اتحركوا لجوا المستودع وهي متشبثة بدراعه، دخلوا لجوا فبالفعل اكتشفوا إن المستودع أكبر مما تخيلوا، ده غير إنه مكون من كذه طابق
اتكلم واحد من الرجالة وقال_خذوهم للغرفة اللي فوق وخلوا بالكم منهم، مش عاوز أي غلطة
وبالفعل انفصل اللي معاهم إلا من اتنين صاحبوهم لفوق
كان عامر بيتأمل المكان بتركيز عشان يحدد خطة في دماغه يقدر ينفذها حسب اللي شايفه حواليه
مشيوا في طرقة طويلة كانت مليانة غرف متعددة أبوابها مقفولة،  كان عامر بيتحرك ومن حين للتاني بيبصلهم بطرف عينه بتحفز
لحد ما دخلوا لأحد الغرف وقفل الشخص الباب وراهم بالمفتاح ووقفوا على الباب عشان يحرسوهم بالذات لإنهم عارفين إن عامر مش سهل
اتحركت يقين في الغرفة بعشوائية وهي بتمسح على وشها وبترجع شعرها لورا، حاسة إنها على وشك الإنهيار من اللي هي بتتعرضله، قرب منها عامر بقلق وقال_أنتِ بخير؟
اتجمدت إيديها مرة واحدة، ورفعت عيونها ليه وهي بتبصله بحدة وبتقول_والله؟
لا بجد والله؟
عقد حواجبه وهو بيتابعها بتعجب، فحطت هي إيد على التانية واتكلمت بسخرية ممزوجة بانفعال_أنا الحمدلله كويسة
متجوزة مهرب أسلحة، ويدوب طلع علينا رجالة بالسلاح وخدونا لمكان وسط الصحرا ومش عارفة هيعملوا فينا إيه دلوقتي!
لا أنا تمام
تمام جدًا!
رمقها عامر من فوق لتحت بنظرات حسستها إنها مجنونة، فسابها وراح قعد على كرسي وهو بيقول_الحق عليا إني سألت!
صرخت بعصبية_الحق عليك فعلًا
هو ده سؤال يتسئل!
أنتَ مش شايف الحالة اللي إحنا فيها ولا عشانك متعود يعني؟!
حط رجل على رجل وسند ضهره بإريحية على الكرسي وردد ببرود اللي قالته_عشاني متعود يعني
شدت على خصلاتها بعصبية وهتفت_أنتَ إزاي قادر تبقى هادي كده؟!
ابتسم بسخرية ورد وهو بيتأملها من فوق لتحت_أحسن من إن يبقى عندي ربع طاير كيفك
بصتله بدهشة ووقفت متجمدة وهي بتجز على أسنانها وبعدين زمجرت بعنف وعصبية وهي بتديه ضهرها وبتشد على خصلاتها وهي بتحاول تتمالك نفسها
رجعت اتلفتت ليه، بتاخد نفس طويل تهدي عصبيتها عشان عارفة إنه هينرفزها أكتر وقالت_ممكن أعرف مين دول وعايزين مننا إيه؟!
رفع كتفه وهو بيرد_علمي علمك
عضت على شفايفها وقالت_هنخرج من هنا ازاي؟
_لما ربنا يفرجها، ياريت تبطلي صداع واتركيني أفكر عشانك كلتي دماغي دلوقت
شغالة رغي رغي رغي لما خلاص!
رد بنفاذ صبر وهو بيحاول يتمالك نفسه، فاتقدمت ناحيته وهي بتهتف بعصبية_لا أنتَ مش طبيعي
أنتَ هتجنني والله
إن كنا في الوضع ده فده بسببك أنتَ
لو مكانش اسمي مربوط بيك مكانش ده كله حصلي!
من أول ما دخلت حياتي وهي عبارة عن كوارث، كل يوم بصحى وأقول يا ترى مصيبة إيه اللي هتحصل النهاردة!
رفع عيونه ليها بحدة وكإنها اشعلت غضبه بكلامها وهو اللي كان بيحاول يكون هادي عشان يعرف يتصرف رغم خوفه من الوضع اللي هو فيه
ولكن كان خوف عليها هي مش على نفسه وهي مكانتش مدركة ده بل بترميه بالاتهامات زي عادتها
قام وقف وهو بيرمقها بنظرات شرسة وهتف بعصبية_أنتِ مبتزهقيش من الكلمتين اللي بتعيدي وتزيدي فيهم؟
عرفنا إني واحد حقير، ومهرب، عايش بالحرام وقاسي ومعنديش قلب
عرفنا هذا كله
وأنتِ نفسك عارفة ومع ذلك حبيتيني يا يقين، إن كنت وحش كيف ما أنتِ شايفة، مشاعرك اتحركت ليا ليش؟!
ضمت شفايفها وكإنه عراها قدام نفسها، فقالت بإنفعال_أنا مقولتش إني بحبك!
مال بوشه ليها ورد وهو باصص في عيونها بتحدي_لو فضلتي تنكري برضك عارف يا يقين
أنتِ بتحبيني، وعيونك الوارمة هذي من البكاء على غيابي، بس راسك اليابس العنيد هذا مانعك من إنك تعترفي بهذا
بتهربي من نفسك ومن مشاعرك، بس مهما لفيتي هتلاقي نفسك راجعالي يا يقين
حط اصبعه على صدرها تحديدًا موضع قلبها وقال_عشان قلبك رايدني، حتى لو رفضتي فقلبك رايدني أنا
تمالكت نفسها من إنها تبكي من كلامه اللي بيمسها وبيحسسها بالضعف، فكتفت إيديها قدام صدرها ورفعت حاجبها بتحدي وقالت_وأنتَ؟
لجمه سؤالها اللي مكانش متوقعه، هو نفسه معترفش إنه بيحبها
هو شايف إنه مشاعره بتقوده ناحيتها، عارف إن فيه حاجة مميزة ليها ولكن مش مدرك إن ده حب، فأشاح بنظره عنها وفضل الصمت، ولكنها اجبرته يبصلها لما مدت إيديها وجذبت وشه وقالت بعصبية_لا متهربش مني
رد عليا زي ما برد عليك!
حذرها بحدة_صوتك!
بعصبية أكتر قالت_رد عليا يا عامر
إنك كنت عارف أوي إني بحبك وشايف ده
طيب بالنسبة ليك أنتَ؟
بتحبني برضه ولا شايفني لعبة عاجباك؟
كانت مستنية رده بفارغ الصبر، فضل باصصلها بصمت بمشاعر متضاربة، مش عاوز يثبت لنفسه إنه ضعف بالشكل ده، مش حابب فكرة إنه خنع لست رغم إنه عمل كده فعلًا، مش عايز يظهر ضعيف قدامها فتقدر تستغل ده وهي بتوجعه دايمًا
هو مش معترف إن فيه حاجة اسمها حب أصلًا وفنفس الوقت مش لاقي مسمى للي حاسس بيه ناحيتها، أشاح بعينه بعيد عنها ورد بجمود_مفيش مكان للحب عندي، كيف ما قلتي، أنا راجل خارج عن القانون، مهرب أسلحة وما عنده قلب
كانت عارفة إنه بيردد كلامها ومع ذلك كبره مخليه رافض يعترف، فابتسمت بسخرية، وقالت وهي بتهز راسها كذه مرة_أنتَ صح، عشان كده ملهاش حل غير الطلاق
مش هفضل رابطة نفسي بمجرم زيك كتير، مش هتفضل حياتي في خطر طول الوقت بسببك!
جذبها من دراعها ومن بين أسنانه قال_أنتِ مراتي يا يقين
وهتفضلي كذه
حتى لو هخليكي معايا بالإجبار هعملها
أنا لحد دلوقتي هادي معاكي وبسايسك، ما تجبريني أظهرلك وشي التاني 
نظراته الاجرامية الغاضبة أثارت الرعب في قلبها، ملاها الحزن في الوقت ده، هي دايمًا بتوجعه بكلامها قصد، مش عايزة توجعه ولكن بتلاقي نفسها بتفرغ غضبها فيه وبيسكت ويعدي ولكن المرادي وجعها زي ما وجعته، ابتسمت بألم وعيونها اتملت بالدموع وردت_شوفت إن أنتَ كمان ليك وش تاني ومتفرقش عن غيرك كتير!
وأنا اللي كنت فاكرة إني عرفتك!
رد بعصبية ورفعة حاجب_ما قدرتي تعرفيني يا يقين
معرفة الناس مالها سهلة مش كذه؟
فضلتي سنتين عايشة مع يوسف وما عرفتيه
مستغربة ليش!
اتوسعت عيونها بدهشة وحست بغصة توسطت صدرها من كلامه، فرفعت إيديها في وشه وهتفت من بين دموعها اللي بتكبحهم_اسكت!
اسكت متتكلمش تاني!
نهت كلامها وسابته وراحت قعدت في آخر الغرفة وهي بتمسح الدمعة اللي خانتها بعنف، وقف مكانه وهو حاسس إنه متأيد، ولكن من وقت للتاني بيبصلها وهو حاسس بالأسف على اللي تفوه بيه ولكن استحالة يعتذر، هي ياما آلمته بكلامها اللي بيحسسه هو قد إيه قليل وميستاهلش، جه الوقت اللي يخليها تدوق من نفس الكاس
من وقت للتاني كانت عيونهم بتتقابل فتشيح بوشها عنه بعصبية وكإنها بتعاقبه
اتنهد بضيق ورفع ساعته قدام عينه، المفروض بعد الوقت ده كله قدروا يوصلوا لمكانه، هو أساسًا كان بيحاول يضيع وقت لحد ما يضمن إنهم لحقوه.
قام وقف تحت أنظارها، وجه نظره ليها وقال بأمر_خليكي مكانك
مهما صار ما تتحركي من عندك 
اتعدلت وهي بتقوم تقف وبتقول بقلق حقيقي_هتعمل إيه؟!
ولكنه من بين أسنانه قال_سمعتيني يا يقين
مهما صار ما تتدخلي
وقفت مكانها وهي بتراقبه بخوف حقيقي، شافته بيقرب على الباب، وبيخبط عليه بقبضته بعنف وهو بيهتف_افتح الباب
هاتلي كبيرك يقابلني راجل لراجل 
انكمشت على نفسها بخوف وهي سامعة صوته العالي اللي بيرج المكان وهو بيكرر نفس الجملة، اتفتح الباب في الوقت ده ودخل واحد من الرجالة اللي كان شايل سلاح في إيده، اتراجع عامر لورا فهتف الراجل بتهديد_لو سمعت صوتك تاني ما تلوم إلا حالك
اتهبب اقعد في أي داهية وإلا والله العظيم أفضي الخزنة في جوفك
نهى كلامه واتلفت عشان يخرج ولكن في الوقت ده باغته عامر وشال الكرسي وضربه بيه بعنف خلى الرجل يقع على الأرض وهو فاقد الوعي زي الجثة، صرخت يقين بهلع وبسطت كفها على فمها من المشهد  اللي حصل قدامها فبصلها عامر بتحذير
وخرج لبرا بعد ما شاورلها تفضل مكانها، قابله الرجل التاني اللي أول ما شافه رفع سلاحه عشان يضربه ولكن عامر صده وضربه بكوعه في وشه ومسك إيده اللي فيها السلاح عشان يمنعه يضرب بيه وهو بيوجهله لكمات بإيديه التاني ولكن كان بيخرج رصاص عشوائي بيخلي يقين تنتفض مكانها بهلع، وفي النهاية ضرب إيده الراجل برجله خلى السلاح طار من إيده ودخل لجوا الأوضة
وقفت يقين من على بُعد وهي سامعة صوت معركة طاحنة كانت بتدور بين عامر والرجل
حست يقين بالرعب من إنه يحصل لعامر حاجة، فجريت ومالت بتردد مسكت السلاح بين إيديها اللي بترتجف من الخوف
وخرجت لبرا ولما شافت الرجل في وشها ضربت رصاصة بعشوائية كانت هتصيب عامر اللي مكتف الرجل من وراه ولكن في آخر لحظة بعد وهو بيبص على الرصاصة اللي استقرت في الحيطة بدهشة وبعدين رجع بصلها بعدم استيعاب واستنكار في نفس الوقت فانقض الراجل في الوقت ده على عامر مستغل إنه انشغل ولف زراعه حوالين رقبته بعنف بيخنقه فاتكلم عامر بنبرة مختنقة مليانة عصبية_شاطرة يا يقين
براڤو عليكي!
ارتجفت إيديها اللي ماسكة السلاح وقالت_أنا آسفة
أنا آسفة والله أنا خوفت!
ضرب عامر الرجل بالكوع في بطنه بقوة خلاه يتأوه وتضعف قبضته، فاستغل ده وحرر وثاقه وبعدين مسك الراجل من مؤخرة راسه وضربه كذه مرة في الحيطة لحد ما فقد الوعي، فعدل من هدومه وهو بيتنفس بعنف ورد على يقين_خافي،
خافي أنتِ
أنا عارف زين إن مسيرك هتضربيني بالنار في يوم
قالها وهو بيميل عشان ياخد سلاح الشخص الملقى أرضًا، فبسطت يقين إيديها على صدرها وهي بتتنفس بعنف وبصتله بغيظ
شاورلها عامر تقرب، فجريت عليه وهي بتتشبث بدراعه بذعر واتحركوا وهما بيتسللوا لبرا.
في الوقت ده كان اتجمع رجالة الزيات على بُعد من المكان، كان فارس وعايد وأولاد عمهم ده غير الرجالة اللي معاهم بعد ما وصلوا للمكان اللي وصفه ليهم حمد ولحظهم كان قريب منهم بعد ما اتحركوا بالتتابع مع حمد
اتكلم فارس في الوقت ده موجه كلامه لحمد_مفيش أي جديد من وقت ما جم؟
هز حمد راسه ورد_أخذوهم لجوا ومن وقتها ولا حد دخل ولا حد خرج
اتدخل عايد وقال_طب والعمل ياخوي، أنا خايف نطب عليهم ويسووا شي في أخوي ومرته عشان يضغطوا علينا
كان حسن متابع المستودع بعيونه من على بُعد، فبصلهم بتفكير وقال_حيث كذه المفروض نفترق وكل شوية مننا يروحوا لناحية بحيث نحاوطهم ونقدر نسيطر عليهم
أيدوا كلهم الفكرة دي فقال زايد_أنا شايف كذه برضك
هاخد كام واحد معايا ونلف من المدخل الوراني للمكان
فقال خالد_وأنا شايف كام واحد من الناحية الشرقية، هذولا عليا أنا
ضم فارس شفايفه وقال_أنا وعايد والرجالة هندخل من قدام نداهمهم
فقال حسن_حيث كذه يبقى عليا الاتجاه الغربي
واللي يقدر يوصل لعامر ومرته الأول يعطي التاني خبر
ربت كل واحد على كتف التاني بدعم، فاتكلم عايد_خلوا بالكم من حالكم يا رجالة
عاوزينكم عايشين
وبالفعل ابتدوا يتحركوا كلهم وافترقوا، ولكن اتجمدوا كلهم لما سمعوا صوت اطلاق ناري
وبدون تردد جريوا كلهم بسرعة عشان يلحقوا ما يمكن لحاقه واللي كان مطمنهم إن عددهم كبير
ودارت معركة دامية بينهم من كل الاتجاهات..
كانت يقين متشبثة بكف عامر وهي شايفاه بيتحرك بخفة وتركيز، ولكن عيونها كانت مثبتة على كفه المحتضن كفها بقوة، لقت نفسها بتبسم بحالمية ولكن محت ابتسامتها بسرعة لما اتلفت ليها وقال_خليكي هادية
هزت راسها كذه مرة بتأكيد، فأول ما وصلوا عن السلم شاف عامر واحد، وبدون تردد ضربه بضهر السلاح على راسه وبعدين صاحبه بلكمة عنيفة في وشه وركلة ببطنه فوقع على الأرض غير مدرك لكل اللي حواليه تحت أنظار يقين اللي كانت بترمقه بنظرات اعجاب مقدرتش تداريها، وقف عامر وهو بيتنفس بعنف وبيمسح قطرات العرق اللي تصببت على جبهته من المجهود، ولاحظ نظرات يقين اللي بتخترقه فبصلها بتعجب واستفهام ولكنها اشاحت بوشها على طول وكإنها مقموصة، فاتنهد بقلة حيلة وبعدين اتحرك معاها لتحت بحذر
وبمجرد ما وصلوا لتحت سمعوا صوت اطلاق ناري ملى المكان فصرخت يقين بهلع من عنف الصوت، جذبها عامر بسرعة واستخبوا ورا طاولة وهو ضاممها ليه بحماية وخافي جسدها بجسده تمامًا لحد ما خفتت الاصوات
_عامـر ياخوي
هتف بيها فارس وهو بيدور بعيونه عليه بهلفة، اتعدل عامر بسرعة وقام وقف وهو شايف أخوه وهتف بعدم استيعاب_فارس!
جري عليه فارس وعايد وضموه، فقال عايد_الحمدلله إنك بخير
مد عامر إيده ليقين اللي بصتله بطرف عينها وقامت وقفت لوحدها وهي بتعدل شعرها وكإنها مكانتش في حضنه من دقايق، هز عامر راسه بيأس ورجع إيده تاني، فاتكلم فارس موجه كلامه ليها_أنتِ بخير يا مرت أخوي؟
ابتسمت بمجاملة وهزت راسها بصمت.
دخل في الوقت ده رجالة الزيات كلهم وولاد عمه اللي كان ظاهر عليهم المجهود من اللي عملوه، جريوا على عامر وضموه وهما بيتطمنوا عليه تحت أنظار يقين اللي كانت مبسوطة بشكل كبير من التقارب اللي هما فيه.
وفي النهاية كانوا في طريقهم للبيت في العربية ومعاهم عايد وفارس اللي كان بيقودها، وكان بيدور بينهم نقاشات عن اللي حصل، لحد ما نامت يقين منهم بعد الضغط العصبي اللي اتعرضتله النهاردة.
وصلوا أخيرًا للبيت
كانت فاطمة وعهود وأعمامهم وستات العيلة في استقبالهم بكل لهفة، نزلوا من العربية فجريت عهود وفاطمة على عامر وهما بيبكوا من الخوف عليه، ربت عامر على راسهم وطبع قبلة على جبهة أمه وهو بيطمنها
فقالت فاطمة بغضب وخوف حقيقي_قولي يا عامر 
قولي مين الكلام اللي عملوا فيك كذه!
ربت عامر على كتفها وقال_بعدين ياما، بعدين أنا بخير قدامك أهو
بس جعان، يا ريت تجهزيلي لقمة بسرعة
بلهفة قالت فاطمة_بس كذه
من عينيا الاتنين يا ضنايا
جذبت عهود واتحركت بسرعة لجوا عشان يجهزوله أكل وهي تشرف عليه بنفسها، مهما كان ده ابنها البكري والمفضل كمان، واللي طمنها أكتر إنها مشافتش يقين معاه..
وبعد السلامات والاطمئنان من الكل، كانت ليلى بتدور على يقين بعينيها ولما ملقتهاش بينهم ابتسمت براحة، فقربت من عامر وهي بتقول بابتسامة رقيقة_حمدلله على سلامتك يابن عمي
ابتسملها من غير ما يرد، وقاطع كلامهم عايد اللي قرب من عامر وقال_أخوي
مرتك رايحة في النوم، روح صحيها أنتَ عشان ما تتخض
وعلى ذكر كلام عايد اتمحت ابتسامة ليلى، خاصة بعد ما سابها عامر بالفعل وراح ناحية العربية، فتح الباب وبص على يقين اللي كانت غرقانة في النوم فعلًا
ابتسم على مظهرها البرئ، خصلاتها البنية اللي نازلة على وشها وفمها المزموم بعبوس خلته مقدرش يداري ضحكته، فاتنحنح وقال_يقين
يقين قومي
يـقـين!
نداؤه الأخير كان عنيف وبصوت عالي خلاها اتنفضت بهلع وهي بتبص حواليها بخضة، وبعدين وجهت انظارها عليه بنزق وهي بتدعك عيونها بتعب، فضحك وقال_انزلي يلا وصلنا من بدري
زفرت بضيق وقالت بصوت متحشرج_حد يصحي حد كده
عايز تقطع خلفي!
بعبث رد_لا طبعًا
أومال هتجيبي أخ لجواد كيف!
اتجمدت يقين وثبتت عيونها عليه خاصة مع نظراته اللي مليانة تسلية، احمرت خدودها من الخجل فاتعصبت ودفعته بعنف وهي بتقول_أوعى كده
أنا غلطانة إني وجهت كلام لواحد زيك
وســع! 
بالفعل تراجع وهو بيضحك بشدة على شكلها، نزلت من العربية ووقفت تبصله بضيق، ولما رمقها بنظرات مستفزة قفلت باب العربية بعنف ورفعت راسها بكبرياء ومشيت قدامه بخطوات مليانة عصبية تحت أنظاره اللي كانت بتتابعها باستمتاع، الحقيقة هو بيستمتع بشكل كبير لما يتخانقوا، يمكن عشان اتعود على كده ومش شايف إن علاقتهم ممكن تكون هادية.
قبل ما يلحقها شاف فارس أخوه اللي جاي من بعيد وبيشاورله، اتجه عامر ناحيته وهو حاسس إن فيه حاجة مش طبيعية
مخدتش يقين في بالها واتحركت ناحية البيت، قابلها جواد اللي خرج جري من جوا وهو بيهتف_ماما يقين!
اشرقت ملامح يقين بحنان ونزلت على ركبتها وضمت جواد اللي رمى نفسه في حضنها، اتملت ملامحها بالحنان وهي بتضمه وبتطبع قبلات متفرقة على شعره وهي بتقول بحنان_يا عيون ماما يقين
وحشتني خالص
استفز الأمر ليلى، فقربت ناحيتها وهي حاسة بالغيرة بتتمكن منها خصوصًا بعد ما شافت انسجامها هي وعامر مع بعض وضحكته اللي رجعت مع وجود يقين
وقفت فوق راسها وقالت بسخرية_واحشك؟
إن كان واحشك فتركتيه وروحتي ليش من الأول؟!
انتفضت يقين وحذرتها بعيونها لما لاحظت إن جواد مركز في كلامها، فعرفت ليلى إن دي حاجة في صالحها، ووجهت كلامها لجواد بدون ما تشيح بعينها عنها_صحيح يا جواد
اللي بتقولها ماما يقين هذي تركتك قصد عشان مالها رايدة تعيش هنا
شهقت يقين وبصتلها بتهديد، وبعدين احتوت وجه جواد وهي بتقول بحنان_حبيبي اسبقني على فوق علشان هنلعب أنا وأنتَ وبابا كتير أوي
كانت قاصدة تذكر عامر عشان تضايقها، هي عارفة إن كل تصرفاتها دي بسبب حبها ليه، فبتردد هز جواد راسه وسابها وطلع على فوق، أما يقين فغمضت عيونها تحاول تتمالك نفسها وبعدين لفت وشها لـ ليلى وهي بتبتسم بسخرية وقالت_فاكرة بكلامك ده هتكرهيه فيا؟
ضحكت باستهزاء وقربت منها أكتر وهي بتقول_انسى
جواد شايفني أمه مش مرات أبوه 
مهما عملتي هيفضل بيحبني أنا، مش ذنبي إنك كنتي استبن لحد ما جيت أنا
بهت وجه ليلى، فجزت على أسنانها وقالت_وش اللي رجعك يا مصراوية؟!
ابتسمت يقين وقالت بنبرة فيها دلال مقصود عشان تضايقها وهي بتلعب في خصلاتها_عامر
عامر اللي رجعني، مقدرش يتحمل إن أنا بعيد عنه
عارفة قالي إيه؟
مالت ناحية ليلى وهي بتقول بهمس_قالي مكاني هيفضل جنبه، حتى لو أنا اللي طلبت أبعد عمره ما هيقبل بده
ضمت ليلى قبضتها ووجهها أصبح شديد الاحمرار من الانفعال وهي شايفة أسلوب يقين معاها، فقالت بغضب_مكانك ماله هنا يا مصراوية
ولكن بعبث أكتر واستفزاز ردت_بالعكس
مكاني هنا جنب عامر
جـوزي، وده كلامه مش كلامي أنا، يعني محاولاتك دي مش هتنفعك بحاجة يا ليلى ارضي بالواقع وسيبك من شغل التعابين ده
نهت كلامها وهي بتبتسم باتساع وبتتأمل ملامحها اللي ظاهر عليها العصبية، بعدت عنها واتجهت لجوا وهي بتشاورلها بـ باي
أما ليلى ففضلت واقفة مكانها وهي بتجز على أسنانها، وحدقتيها بتهتز بانفعال لحد ما نزلت دموعها غصب عنها ومسحتهم بعنف، وبعدها اتحركت ومشيت راجعة للبيت بعد ما لاحظت إن مبقاش فيه غيرها واقف..
أما في الاتجاه التاني، كان واقف عامر في المخزن وهو باصص لمكان سعد اللي كان فاضي ووجهه لا يبشر بالخير أبدًا
ملامحه مظلمة ومتوحشة، ضامم قبضته عضلات فكه مشدودة، حس بفارس اللي قرب منه ووقف جنبه وقال_رجالتنا كانوا جايبين الرجالة اللي أخذناهم من المكان اللي خطفوك فيه، ولما جم هنا
لقوا الاتنين اللي كانوا واقفين على الباب مضروبين، والمكان فاضي كيف مانت شايف..
فيه حد هرب سعد يا عامر...

الحلقة الثامنة والعشرون

دخلت جوا البيت وهي مبتسمة بانتصار، لوهلة لقت نفسها رضت احساس التملك اللي جواها من ناحية عامر لما ردت على ليلى بالشكل ده،
ولكن اتلاشت ابتسامتها لما شافت فاطمة واقفة قدام السلم الداخلي للبيت وهي بتبصلها بنظرات قوية متفحصة من فوق لتحت
حاولت تتلاشاها وتتخطاها بدون ما تتكلم، ولكن وقفت مكانها لما قالت فاطمة_أنتِ الوحيدة اللي هتضيعي عامر
أنا دارية زين على اللي في دماغك واللي عاوزة توصليله، بس صدقيني هكشفله حقيقتك قريب، وهو بنفسه اللي هيرميكي برا الدار بلا رجعة.
مقدرتش يقين تتمالك نفسها، فتراجعت خطوات لورا ووقفت قصاد فاطمة وقالت_أنا اللي هضيع عامر؟
مفيش حد غيرك مضيع عامر
مفيش حد غيركم كلكم، مشيلينه حمل تقيل على كتافه، ومخليينه شغال في الشغل القذر بتاع التهريب عشان خايف عليكوا بس
وآدي آخرتها اتحبس بسببكوا!
سكتت شوية وهي بتبص لفاطمة بنظرات مستهزئة من فوق لتحت وكملت_للأسف إن كان عامر بيضيع فهو بسببكوا أنتوا
جه الوقت اللي ترمي فيه اللوم على حد تاني غيري
قربت منها فاطمة خطوتين وقالت بحذر_على مين مثلا؟
ابتسمت يقين ابتسامة خفيفة وردت_عليكي مثلا؟
إنك مقدرتيش تحمي ابنك ورميتيه في شغل زي ده
محاولتيش تساعديه حتى إنه يبطله
كانت فاطمة بتشتعل من الداخل من كلامها اللي كان حقيقي للأسف ولكنها كانت كاتمة ده تحت قناع البرود اللي راسماه، فرفعت حاجبها وباستنكار قالت_وأنتِ بقى اللي هتقدري تخرجيه من الشغل هذا؟!
ضمت يقين شفايفها وردت بصدق_يا ريتني كنت اقدر
ياريت كان عندي القوة اللي تخليني أخرجه من الشغل ده
لإن للاسف عامر ميشبهكوش
أنتوا راضيين باللي بيحصل، أما هو فمجبر عليه.
نهت كلامها وسابتها وطلعت على فوق في حين كانت فاطمة بتراقبها وهي طالعة، اكتشفت مشاعر يقين؟
بالفعل وقرئتها من أول نظرة
يقين بتحب عامر، دفاعها عن عامر ده ناتج عن مشاعرها ليه، والمشكلة العويصة لو طلع شكها صح وعامر بيحبها هو كمان
رغم إن الكل شايف إنه بيحبها، ولكن هي شايفاها مجرد رغبة تجاهها
يمكن رغبة بكسر عنادها!

وعلى جانب تاني كان واقف عامر مع عزيز اللي كان خرج بكفالة برضه، مع اخواته الاتنين بيراقبوا تسجيل الكاميرات ولكن للأسف مشافوش حاجة تدعو للشك 
مسح عامر على وشه وقال_هذولا الكلاب عملوا عملتهم هذي وأخذوني أنا ومرتي بس عشان يشغلونا ويعرفوا يخرجوا سعد من هنا!
كان واقف فارس وهو بيلف حوالين نفسه بحيرة، وبعدين قال_الغريبة إن الكاميرات مالها جايبة شي
كيف يعني!
مردش عامر بل فضل مركز على الشاشة قدامه لعله يعرف يلقط حاجة، سند عزيز ضهره على الكرسي واتكلم ببساطة_عشانكوا بتدوروا غلط
قد يلفت انتباه عامر اللي بصله بتساؤل فكمل عزيز_واجه حالك يا عامر، أنتَ داري إن كل اللي بيصير هذا ملوش غير معنى واحد
اتكلم عايد بنفاذ صبر_ما تنطق يابن الرشايدة
هتنقطنا بالكلام؟!
بصله عزيز بطرف عينه، كان شايف عدم تقبلهم ليه رغم عامر ولكن هو نفسه مكانش متقبلهم برضه، فقال_الخاين من جوا دارك يا عامر
دور حواليك كويس وشوف مين اللي ليه صالح باللي بيصير هذا كله
شوف ولاد عمك، أعمامك حتى اخواتك نفسهم!
اتعصب فارس من كلامه فاتقدم ناحيته وهو بيقول بعصبية_أنتَ اتجنيت ولا إيش؟!
عاوز توقع بينا يابن الرشايدة!
مسكه عايد قبل ما يهجم على عزيز اللي كان قاعد بأريحية وهو بيراقبهم باستمتاع، فاتكلم عايد_أوزن الكلام اللي بتقوله وإلا والله....
سكت لما عامر رفع إيده في وشه عشان يسكت، وفضل مركز على ملامح وجه عزيز اللي كان عارف كويس إنه مصدقه، كان عامر بيبصله بصمت، هو بيحاول يهرب من الحقيقة دي ولكن فعلًا ملهاش تفسير غير كده
اللي بيحرك سعد حد من جوا بيته، حد بيخونه وطعنه من ضهره، قعد سنين شايل حمل العيلة على كتافه بوصية من أبوه وفي الآخر شكلها هتتهد!
ملهاش تفسير تاني، اللعب كان من جوا عشان كده مش عارف يوصل لطرف خيط يكشف الحقيقة، قام وقف واتحرك لبرا وهو شارد، فسمع صوت فارس من وراه_ما تصدق هذا الملعون ياخوي، إحنا كلنا نفديك بروحنا
أنتَ الغالي وكبيرنا وخيرنا كله من لحم كتافك
ما حد فينا يقدر يخونك
ولكن عامر مردش عليه بل وفضل ماشي بصمت، كانت اكتافه متهدلة، عزيز ضرب في وشه الحقيقة اللي كان بينكرها وكان بيهرب منها
مش عايز يبص نظرة شك لحد من عيلته وللأسف هما بيجبروه
دخل البيت وهو شارد تمامًا، ملامحه واضح عليها هموم الدنيا، راقبته فاطمة من على بُعد ولما شافت شكله اللي بيتكلم عن حالته فضلت إنها متتكلمش معاه، بل راقبته وهو طالع.
فتح باب غرفته فاتعدلت يقين بسرعة لما شافته ولكن فضلت قاعدة مكانها على السرير، لوهلة انتفض قلبها من صدرها لما شافت نظراته المعذبة خصوصًا لما رفع عيونه ليها ونقلها على جواد الغارق في النوم جنبها 
لقى نفسه بيتأملها بصمت، ليه حاسس إن هي الوحيدة اللي قد الثقة؟!
هي الوحيدة اللي شايفها نقية بعيدة عن العبث اللي بيحصل هنا!
بدون تردد قلع البالطو بتاعه واتجه ناحيته، قعد على السرير ولكنها شهقت منفوضة بخضة لما لقته حط راسه على رجليها، فاتكلمت بتوتر وإيديها معلقة في الهوا من المباغتة_عـ عامر..
ولكنه قاطعها لما قال بنبرة مهمومة_ششش
أنا تعبان يا يقين
أجلي أي كلام دلوقت
مقدرتش فعلًا تقول حاجة تانية قصاد كلامه اللي كان واضح فيه الهم والحزن، كان حاسس بالعجز، حاسس بالضعف
هيبة عامر الزيات راحت وهو مش قادر يرجعها 
مش قادر يعرف مين بيطعنه
مين من جوا البيت بيئذيه بالشكل ده، أمه ولا اخواته ولا ولاد عمه ولا حتى أعمامه نفسهم
اتنهد بحيرة وهو بيدفن راسه في رجليها أكتر، فأدركت هي حالته ولقت نفسها بتردد بتغلغل إيديها في خصلات شعره الممزوجة بالشيب، في حين كان بيتنهد هو براحة، وكإنه لقى ملاذه في الوقت ده
لقى المكان اللي يحسسه بالهدوء لأول مرة بعد سنين شقاء وغربة وحيرة
فضلت هي على حالتها المتحفزة، أصابعها بتملس على شعره، لحد ما انتظمت انفاسه وأدركت إنه نام، مالت هي براسها ناحيته شوية وهمست_عامر أنتَ نمت؟
ولما مجاش منه رد أدركت إنه غرق في النوم، لقت نفسها بتتأمله من على قرب، ملامحه الرجولية الجذابة اللي مغلفة بطابع الزمن، شالت إيديها من على شعره وابتدت تملس على ملامحه بحنية، بترمقه بنظرات حانية مليانة حب
اتنهدت هي بحزن على حاله وقالت_كان نفسي تكون راجل طبيعي يا عامر
يمكن وقتها كان بقى لينا مستقبل مع بعض، حاسة بالعجز وأنا شايفاك في وضع أنتَ عارف إنه مش وضعك
بس للأسف مش قادرة أعمل حاجة
مش قادرة انقذك
سمعت صوت همهمات منزعجة صادرة منه وكإنه اتعصب من صوتها اللي مقاطع نومه، فابتسمت بحنان وبعدها قالت بتنهيدة_تصبح على خير..
يا حبيبي..
أراحت ظهرها لورا وملست على شعر جواد اللي نايم جنبها، لوهلة ساورها احساس بالدفء وهي وسطهم، كإنهم عيلة واحدة
عيلة متماسكة مليانة دفى
ولكن الواقع كان غير
وفي النهاية راحت في النوم وهي شبه قاعدة، ساندة راسها على ضهر السرير، وهو نايم على رجليها وجواد جنبها
وبحلول ساعات الصباح الأولى، اتفتح الباب بخفة شديدة لدرجة غير محسوسة
وطلت فاطمة من الباب اللي وقفت متجمدة وهي بتنقل نظراتها على المشهد اللي قدامها
مشهد ميدلش غير إن عامر عاشقها فعلًا
فضلت بصالهم شوية وهي بتأكد شكوكها وبعدين بهدوء خرجت وقفلت الباب وراها، ولكن اتبدلت نظراتها لتانية مظلمة مليانة كره موجه بس ليقين
يقين اللي قدرت تسيطر على ابنها...

                              ****

صباحًا
كان مازال الاتصال بينه وبين عزيز واضح، كان شغله الشاغل إنه يلاقي سعد
وفنفس الوقت خرج يتابع شغل المزرعة ده غير إنه وقف شغل الشحنات لإنه تحت المراقبة من الحكومة اللي بيتابعوا كل حاجة تخصه عشان التحقيق.
_عامر
اتلفت على صوت رقيق واللي كان من ليلى، عقد حواجبه بتعجب وقال_ليلى؟!
وش بتسوي هنا من الصبحية كذه؟!
قربت منه وهي بتقول باستحياء_شوفتك خارج من بدري، قلقت عليك فقولت آجي اتطمن عليك وأشوفك محتاج شي ولا لا، مع إن المفروض هذا دور مرتك اللي مقصرة فيه 
بصلها باستغراب من كلامها الغريب اللي أول مرة تتفوه بيه، فقال وهو بيديها ضهره_تسلمي يا ليلى، ارجعي لدارك وأنا لو احتاجت شي هقول لمرتي المقصرة تجيبه هي
استفزها كلامه اللي كانت فاهمة مقصده كويس، ففضلت واقفة بتتأمله وهو بيقفل صناديق الزيتون، وبجرأة قربت منه وحطت كفها على ضهره، فاتنفض هو زي اللي لسعته افعى ونهرها وهو بيقول_وش فيك يا ليلى؟!
قولتلك ارجعي لدارك أنا ملاحظ إن حركاتك وكلامك مش ولابد ومش عاوز أقل منك!
دمعت عيونها وهي بتقرب منه وبتقول_تقل مني؟
كل ده عشان حبيتك يا عامر
أنتَ داري زين إني مالي شايفة ولا عاوزة غيرك وعندي استعداد احرق الدنيا علشان ترضى عني و...
شهقة قطعت كلامها لما باغتها عامر بصفعة قوية هبطت على خدها، بسطت كفها على خدها وهي بتبصله بدهشة، ولكن ملامحه كانت إجرامية مليانة غضب
_أنتِ اتجنيتي ولا إيش!
هذا كلام يطلع من واحدة رخيصة مش واحدة بتحمل دم الزيات
من متى وأنتِ بتقلي من نفسك كذه يا ليلى؟!
عديتلك كتير وقولت عيلة ومسيرها تكبر، قولت معلش أختي الصغيرة
بس للأسف وصلتيني في الآخر إني أمد إيدي على حرمة!
دمعت عيونها وهتفت بانفعال_أنا مش أختك يا عامر
أنتَ اللي ظالم وقاسي ومش مراعي حبي ليك اللي وعيت عليه، اتجوزت مرة وكنت بتكوي بناري ورجعت اتجوزت تاني وأنا لسة مكاني
شوفت كل الناس إلا أنا!
وفي الآخر شايفني رخيصة عشان بقولك حس بيا؟!
كان كلامها بيزيد اشتعاله أكتر، مسح على وشه وهو بيحاول يتمالك نفسه وقال بمهاودة_ليلى، أنتِ أختي الصغيرة وأنا اخوكي الكبير، اللي أنتِ فيه هذا عمره ما يكون حب، هذا انبهار، من وقت ما وعيتي وشايفاني أنا كبير العيلة اللي ماسك كل الأمور
الكبير والصغير كان بيحترمني
انبهرتي بيا وشوفتيني أنا مثال للراجل اللي عاوزاه، بس صدقيني مش أنا اللي عاوزاه، أنتِ عاوزة صفاتي بس
ولو بصيتي حواليكي هتلاقي فيه مني كتير ومنهم بيحبوكي
كيف خالد كذه، خالد ابن عمك راجل ورايدك وأنتِ اللي رافضاه وصابرين عليكي لحد ما تعقلي
بس أنا بإيدي اللي هزفك لزوجك سواء كان خالد أوي غيره
أنا أخوكي يا ليلى الله يرضى عنك متعقديش الدنيا أكتر ماهي متعقدة!
كانت دموعها واخدة مجراها على وشها وهي بتسمع كلامه اللي كان بيفتت قلبها لقطع، فاتنهد وهو بيكمل_ما تسمعي كلام أمي يا ليلى، عززي حالك، اللي رايدك هيجيلك لحد عندك
أنا متجوز يا ليلى وعندي ولد 
لو كنتي ترضيها لحالك أنا مش هرضاها
ضمت شفايفها وهي بتستوعب كلامه، فمسحت دموعها وهي بتبصله وبتقول_بتحبها؟
سكت شوية وهو عارف تقصد مين، هو نفسه كان بيهرب من اجابة السؤال ده، ولكن لوهلة لقى نفسه بيقول بتأكيد_بحبها يا ليلى
يقين الست الوحيدة اللي عاوزها في حياتي 
والوحيدة اللي عرفت إيش يعني حب معاها
لو ليا غلاوة عندك انسيني وعيشي حياتك
أنتِ تستاهلي واحد يحبك ويشيلك في عيونه، بس الواحد هذا ماله أنا.
قصاد تأكيده ليها بحبه ليقين لقت نفسها بتضغط على جفونها وهي بتخزن كلامه في دماغها، هي مش بتلومه، هو عمره ما اداها أمل لأي حاجة، كان رافض وباستماتة محاولات أمه، عرفت في الوقت ده إنها مهما عملت عامر عمره ما هيكون ليها
هو خلاص قلبه دق باسم يقين واللي حصل حصل مبقاش فيه حاجة تتعمل
كان هو حاسس بالحزن عليهل بس كان لازم يفوقها، فتحت عيونها ومسحت دموعها وهي بتقول بابتسامة مهتزة_ما تقلق يابن عمي، أنا كل اللي هسويه إني اتمنالك الخير
أنا آسفة إني ضايقتك
ابتسم ليها وربت على شعرها بحنان وقال_أنتِ كيف بنتي يا ليلى، متربية على إيدي وعشان عارف إن قلبك صافي مش زعلان منك
ابتسمت ليه باهتزاز، وبعدين سابته ومشيت في حين كان بيراقبها وهو بيتنهد بضيق، مكانش ناقصها هي كمان كفاية الحمل اللي على راسه
لاحظ بطرف عينه في الوقت ده خالد اللي كان واقف بعيد سامع وشايف كل اللي بيحصل، جواه ألم رهيب 
شاف بنت عمه واللي شايفها مراته وهي بتعترف بحبها لواحد تاني واللي هو ابن عمه وكبير العيلة!
رفع عامر عيونه في السما وهو بيطلب العون من ربنا، وبعدين اتجه ناحية خالد ربت على كتفه وقال_ما تقلق، ليلى هتبقى ليك، هي بس عيلة صغيرة مش دارية باللي بتقوله
ولكن خالد بصله بنظرات جامدة وقال_هتظل لحد متى واخد كل شي يا عامر؟!
اتجمد عامر من كلامه وبصله بعدم استعياب وقال_وش بتقـول أنـتَ؟!
نفض خالد إيد عامر من على كتفه وهتف بعصبية_هتفضل لحد متى واخد كل شي؟
اسم ومكانة حتى البت اللي رايـدهـا!
لامتى يا عامر هيبقى كل شي في كفك أنـتَ
حاول عامر يتمالك نفسه وقال من بين سنانه_أنـتَ اتجنـيت يا خـالد!
فهتف بغضب_أنا شكلي هتجن يا عامر
هتجن بسببـك
بحاول امنع حقدي وغضبي ناحيتك، بقول هذا ولد عمك الكبير خيرك من كتـافه، كبـيرك ويفديك بروحه، هذا أخوك اللي اتربيت بين إيـده
بس مالـي قـادر،  مالـي قادر يا عامر ومش عاوز أذيك، بس بتخليني غصب عني أبقى عاوز أذيك يا عامر
غصـب عنـي
كان كلامه زي صفعات بتنزل على وش عامر وهو شايف نظرات الحقد والغضب اللي على خالد، فقرب منه بعصبية ومسكه من تلابيبه وهتف بصدمة_أنـتَ
أنـتَ وش بتـقول؟!
صفعه صفعة قوية وهو مازل ممسك بتلابيبه وبيصرخ_وش بتقـول أنـتَ
وش بتقـول؟!
صفعة تليها التانية وهو بيصرخ_أنا سـويت كل شي عشانكوا أنتـوا
عشان احمـيكوا ضحيت بحياتي وسعادتي، شيلت حمل على كتافي ماكنت رايـده في الآخر بعده هذا كله بتكرهني وبتتمنالي الشر!
نهى كلامه وهو بيصفعه صفعة أخرى لدرجة إن شفتاه نزفت ولكنه كان ماسكه من تلابيبه يمنعه من إنه يقع على الأرض، وخالد كل اللي بيعمله إنه بيبكي بس، حاسس بالخزي من الكلام اللي قاله، عامر عمره ما قصر معاهم بالعكس كان ياخد من جيبه ويعطيهم، كان ساكت ومش بيقاومه بالعكس سايبه يعاقبه لعله يكفر عن اللي قاله
أما عامر في الوقت ده اتلبسته الشياطين، افتكر كلام عزيز عن إن اللي بيخونه واحد من بيته، كلام خالد ابتدى يخليه يربط الخيوط ببعض، فبدون تردد مسكه وهو بيهزه بقوة وبيصرخ بغضب_أنـتَ اللي سويـت فيا كـذه
أنت اللي بتخـونـي؟!
قالها وهو بيلكمه بقوة شديدة فوقع خالد على الأرض وهو بيمسح الدماء وبيحاول يستوعب اللي بيقوله، جثى عامر وجذبه مرة تانية وقفه ولكمه_بتخـونـي يا خالد
بتخـونـي؟!
بتخـون أخـوك
استوعب خالد كلامه، فدفعه بعنف بعد ما كان سايبه يضرب فيه براحته، وهتف من بين دموعه_ما خـونتكـش!
ولكن عامر كان فقد اعصابه بعد ما ربط كلامه باللي بيحصل، فبدون تردد طلع سلاحه من خصره ومسك خالد من رقبته وحط فوهة السلاح على راسه وهو بيهتف_بتخـونـي
بتخـوني يا خالد
بتخـوني يا كلـب
صرخ خالد بعنف_مخـونتكـش
والله العظيم ما خونتـك
اقسم بالله ما خونتك ياخوي، ينقطع خبري قبل ما أسوي كذه
أنا عمري ما أذيتك يا عامر
عمري ما سويتها، بس كل اللي جوايا كان احساس بس
احساس كبحت لجامه وما قدرت أطلعه، عمرك ما هونت علي يا عامر
حتى لو قلبي اسود من ناحيتك بس أنتَ أخـوي
ما أقدر أذيك ياخـوي
كانوا الاتنين بيتنفسوا بعنف من المجهود اللي بذلوه، عامر بيمسع كلامه بعيونه الحمرا الجاحظة وأنفاسه المتسارعة ده غير حبات العرق اللي تناثرت على جبهته، في حين دموع خالد نازلة على وشه المكدوم من كمية اللكمات والصفعات اللي تلقاها من عامر
في النهاية قال خالد بصدق من بين أنفاسه المتقطعة_صدقني ياخوي 
ما خنتك
والله ما قدرت أسويها
بعد عنه عامر مرة واحدة ودفعه ونزل سلاحه، أما خالد كان بيبصله بنظرات متوسلة بعد ما شاف الشك اللي في عينيه، كان صادق
بالفعل كلامه كان صادق، هو كل احساسه بالذنب إنه لوهلة اتمنى الشر لعامر عشان كده سابه يعاقبه
إنما توصل للخيانة؟!
عمره ما يعملها
سابه عامر في الوقت ده ومشي بعصبية بعد ما حس إنه على وشك الإنهيار من كل اللي حصله، واتحرك بخطوات سريعة تحت أنظار خالد اللي كان بيتنفس بعنف.
كانت يقين خرجت تدور عليه بعد ما صحيت ولقته مش موجود، لوهلة خافت وقلقت عليه بالذات بعد ما شافت حالته امبارح
فمشيت في اتجاه المزرعة تدور بعيونها عليه، لحد ما وقفت لما شافته جاي ناحيتها، ضامم قبضته ووشه متحفز وعيونه مش شايفاها حتى
قلقت بشدة وبمجرد ما عدى من جنبها هتفت_عـامر
وقف مرة واحدة وضغط على جفونه وهو بيحاول يتمالك نفسه، وبعدين اتلفت ليها بوشه وهو بيقول بضيق_هتـقولي شـي؟
ضمت شفايفها وهي بتقاوم قلقها الداخلي اللي بيتفاقم جواها بالذات إنه كان ظاهر قدامها مش في حالته الطبيعية تمامًا، فبتردد قالت_أنتَ كويس؟
رماها بنظرات مليانة عتاب لمستها من جوا، وبنبرة هادية ساخرة قال_يهمك أوي تعرفي؟!
لجمها برده ومقدرتش ترد على كلامه، ولكن فضلت بصاله بنظرات مليانة أسى وأسف في نفس الوقت، رغم إنها شايفة حالته وإنه مضغوط ولكن بتكمل عليه هو كمان، فضل باصصلها شوية وهو بينقل نظره عليها، ولما طال صمتها ابتسم بسخرية وسابها ومشي أما هي فوقفت تتابع ضهره وهي ضامة شفايفها بعجز وحزن.
عدلت من خصلاتها وهي بتلف وشها الناحية التانية بتقاوم دموعها، ولكن شهقت بهلع لما شافت حالة خالد المزرية، جريت عليه بخضة، كان بيمشي وهو بيعرج من الألم، قربت منه وهي بتقول برعب_يا نهار أبيض
إيه اللي حصلك؟!
عامر اللي عمل فيك كده؟!
منعها خالد إنها تقرب منه، هي مرات أخوه ومينفعش يلمسها، ولكنه رفع عيونه ليها وقال بتوسل_مرت أخوي
والله العظيم ما خونت عامر
بالله عليكي قوليله، قوليله خالد عمره ما يقدر يخونك
قوليله إن كلامي خرج وقت ضيقة
وقت غيرة، لكن والله عمري ما أأذيه!
مكانتش فاهمة كلامه، لكن نظرة التوسل والألم اللي ظاهر عليه خلاها تهز راسها وهي بتقول بتأكيد_متقلقش،
هقوله، روح ارتاح أنتَ وخلي حد يداوي جروحك
بصلها برجاء فابتسمتله بدعم، وبالفعل سابها ومشي بخطوات بطيئة، أما يقين فوقفت مكانها تضرب كف على كف
رغم إن عامر شبه مبهدل وشه ولكن لسة فارق معاه زعله، فارق معاه إنه ميشكش فيه!
دخل عامر البيت عشان يغير هدومه ويخرج يشوف هيعمل إيه هو وعزيز، هو مصدق خالد وعارف إنه أطيب من كده، عارف إنه عمره ما سمع لحد برا ووقت ما بيحصل حاجة بيجري عليه، ولكن كلامه هو اللي شككه وهو بيدور على أقل حاجة توصله للحقيقة!
قلت خطواته لما شاف أمه واقفة مستنياه، زفر بنفاذ صبر وهو بيشيح بنظره عنها وقرر يطلع على فوق، ولكنها منعته وهي بتقول_مبقتش طايق وشي دلوقت؟
مسح على وشه وهو بيقول_مش وقتك ياما، اللي فيا مكفيني
رفعت راسها وبقوة قالت_أنتَ اللي عملت في نفسك كذه!
رفع حاجبه باستنكار لكلامها، فوضحت هي وكملت بعتاب_ما على أساس مش هتتعلق بيها؟
على أساس إنها جوازة لأجل مصلحتك عشان الحكومة بس؟
في الآخر وش اللي صار؟
اتعلقت بيها وحبيتها!
سمحتلهم يلاقولك نقطة ضعف يضربوك منها!
كان ساكت وهو بيسمع لوم أمه وبيبصلها بنظرات موجوعة، عمرها ما فهمته، عمرها ما فهمت إنه بني آدم طبيعي يبقى عنده حياة غير إنه يحافظ على العيلة
طبيعي إنه يلاقي سعادته غير سعادتهم اللي بنوها على حسابه لدرجة إنها حسسته إنه روبوت ملوش حق يحس إنه عايش!
رغم الألم اللي حست بيه من نظراته، ولكنها كملت بنفس القوة_هذي المصراوية هي أكتر شي غلط سوييته...
ولكنه قاطعها بلهجة صدمتها وقال_يقين هي الحاجة الوحيدة الصح اللي سويتها في حياتي ياما
كفاية
بدهشة قالت_عـامر..
بتر كلامها لما قال_يقين مرتي ياما، مرتي اللي بحبها وعاوزها في حياتي
إن كنتي هتفتحي في الماضي فأنا صاحب الشأن وبقولك طعنة يقين كانت حياة بالنسبالي
نهى كلامه وسابها وطلع، سابها مشدوهة ومتجمدة، عامر فعلًا حبها وهي مش هتقدر تعمل حاجة، يا هتخسر ابنها يا هتقبل بوجودها
ولكن مش هتقبل بوجودها، هي هتتخلص منها بنفسها..
كانت يقين سمعت حوارهم مع بعض وهي واقفة على الباب، لوهلة لمعة عيونها بالدموع قصاد كلامه اللي حسسها بتأنيب الضمير، حسسها قد إيه هي وحشة وقست عليه، وهي شافت بنفسها إنه شاف قسوة من الكل حتى أمه اللي مستكترة عليه إنه يحب حتى!
ابسط حقوقه مستكتراه عليه، عايزاه آلة بس يلبي طلباتهم!
ولكنها مش هتقدر تواجهه، محتاجة فترة تقدر حتى تتعود على المشاعر دي!

                            ****

مساءً في ساعات الليل المتأخرة
رجع حسن البيت وهو حاسس بالتعب، رجالة البيت كلهم في حالة تأهب قصوى عشان يفهموا اللي بيحصل ولكن زايد سبقه من بدري بعد ما حس بالإجهاد
وفضل هو وولاد عمه يمشطوا المزرعة ويدوروا على أي دليل ده غير إنهم كانوا بيخلصوا الشغل المتكوم عليهم.
صعد بإتجاه غرفته هو وعهود، ولكن شاف أبوه مقابله على السلم، عقد حاجبه بتعجب وقال_وين رايح يابوي دلوقت؟!
بصله غالب من فوق لتحت بنظرات ساخرة، وقال_لسة راجع دلوقت؟
ملاحظش حسن نظرته، بل دلك جبينه وهو بيقول بتعب_الدنيا بايظة خالص والله يابوي، بندور على الخاين وفنس الوقت الشغل متراكم علينا وإحنا مالنا قادرين نخلصه، خصوصًا ما بقينا واثقين في أي واحد من الرجالة بعد اللي صار، عامر أخوي الله يكون في عونه المصايب نازلة على راسه ترف
حط غالب إيديه الاتنين في جيب الچاكت اللي لابسه فوق جلبابه وقال_وقف شغل التهريب مش كذه؟
أنا عارف إن مفيش حد غيره هيودينا في داهية!
بصله حسن باستغراب من كلامه وقال بدفاع_وهنكمل الشغل كيف يابوي؟
عامر معرض في أي وقت يتسجن بسبب القواضي اللي لسة ما انتهت، وكمان الحكومة بتيجي كل فترة تفتش كل مخازننا، كان طبيعي يوقف شغل لحد ما الأمور تتظبط!
قرب منه غالب ومظهرش على ملامحه أي تأثر، وقال_عامر كل مرة بيثبت إنه ماله قد مسئولية العيلة، بسببه وبسبب قلة حرصه خلى الحكومة حطت عينها علينا، هذا غير مرته والكارثة اللي جابهالنا على الدار
استنكر حسن الكلام، وقال_وش اللي بتقوله هذا يابوي، عامر هو اللي شايل العيلة كلها وأنا وأنتَ داريين زين إن من غيره مكانش عيلة الزيات بقى ليها اسم من بعد عمي سالم!
رفع غالب إيديه في وشه وبعصبية قال_ما تنسى إننا لينا دور فاسم عامر هذا، لولا إنها وصية عمك سالم الله يرحمه وإنه ترك كل شي لعامر كان الوضع هيبقى غير
عامر بيخبط هذولا اليومين، بداية من مشاكله مع الرشايدة اللي حاطت إيديه في إيدهم دلوقت، وغير الشحنات اللي مسكتها الحكومة ودلوقت القواضي اللي عليه!
كان حسن مشدوه من كلام أبوه، هو عارف إنه كل فترة بيعلق تعليقات مستفزة على عامر، ولكن دلوقتي زودها، خرجت والدته في الوقت ده اللي كانت سمعت حوارهم، وأيدت كلام زوجها وهي بتقول_الكلام اللي أبوك بيقوله صح 
وياريت تبعد عن حوارات عامر هذولا اليومين، مش كيف امبارح روحت جري عشان تلحقه أنت وأخوك من اللي خطفوه وكإن روحك انتَ وهو رخيصة، مهما صار هو اللي موقع نفسه في هذي المصايب، ماله واجب علينا نجري نلحقه كل مرة!
ضرب حسن كف على كف وهو مش مستوعب كلامهم، وسابهم وطلع على فوق، هو مدرك إن والده متحسس من زمان، فلولا وصية عمه سالم كان هو بقى كبير العيلة، ولكن أبوه بنفسه قال مش هامه سلطة وهو مش حابب إنه يشيل هم زي هم العيلة وبالفعل قبل هو وعمه مرزوق إن عامر يكون كبير العيلة، وده ميمنعش إنه من وقت للتاني لما عامر يقع في غلطة يعلق تعليقات مستفزة كان بيتغاضى عنها عامر.
أما غالب ففضل متابعه هو وبدرية لحد ما غاب عن نظرهم، فربتت على كتفه وقالت_ما تقلق، مهما صار أنتَ أبوه ما يقدر يفرط فيك
هز غالب راسه وهو بيربت على إيد بدرية اللي على كتفه..

                           ****

كانت واقفة في البلكونة وهي مستنياه، من ساعة ما خرج بعد نقاشه مع والدته وهو مظهرش، مسدت على عنقها وهي بتحرك رقبتها بإجهاد، ولكن لوهلة لمحت حاجة بتجري لاتجاه المزرعة من بعيد وسط الصحراء، عقدت حاجبها بتعجب وهي بتدقق النظر كويس، فشافت خيال اسود من بين الأشجار، كان بيتحرك بخفة لدرجة إن مفيش حد من الرجالة واخدين بالهم والغريبة إن مكانش فيه عدد الرجالة اللي كانت بتشوفه كل يوم!
حست إن فيه حركة غريبة في المكان، فساورها القلق، وبدون تردد خرجت من غرفتها ونزلت على تحت، اتحركت باتجاه المزرعة فشافها واحد من رجالة عامر اللي كانوا واقفين على الباب، قرب منها وقال_محتاجة شي يا مرت أخوي؟
هزت راسها بلا وهي بتبص على مكان ما على بُعد مش قليل، وفي النهاية سابها ومشي، رغم الخوف اللي جواها ولكنها اتحركت بحذر من غير ما حد ياخد باله فلما اختفت من حوالينهم افتكروها رجعت البيت تاني ومعطوش للأمر اهتمام، مرت بين أشجار الزيتون في الظلام وهي سامعة همس غريب كل ما بتقرب، لحد ما وقفت ورا شجره وهي شايفة خيالين قدامها على حدود المزرعة، شخص مديها ضهرها والتاني لابس وشاح اسود طويل حاطت غطاؤه على راسه
اتلفت الشخص اللي واقف قدامه فرجعت لورا بسرعة تتداري واللي قدرت تميز من وسط الظلام إنه غالب عم عامر، وملى وشها كل معالم التعجب من وجوده في الوقت ده في مكان معزول زي ده، وعن هوية اللي معاه
للحظة طلع غالب تليفون من جيبه فتحه ووجهه للشخص التاني اللي الإضاءة اظهرت إنه 
سعد!
شهقت يقين وهي بتتراجع لورا بعيون متسعة من الصدمة،
غالب هو اللي بيحرك سعد!
وهي بتتراجع ضغطت على كومة قش اصدرت صوت تكسير من الارض لفت انتباههم، وقبل ما يلمحوها اتجمد جسدها لما لقت حد بيحكم وثاقها من ورا وكتم صرختها المفزوعة لما كمم فاهها...

يتبع 

         الفصل التاسع والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات