
رواية عقيق إل دورادو الفصل الثالث والعشرون23 والرابع والعشرون24 بقلم منه ممدوح البنا
دخلت ضي القمر للمكتبة عشان تدور على حاجة تحل بيها مشكلتها، هي كانت عارفة إن المكتبة فيها كتب كتيرة ممكن تساعدها، ولكن ذهلت من الحجم اللي شايفاه، مكانتش متوقعة إنها كبيرة بالشكل ده واتأكدت إنها هتاخد وقت طويل عشان تقدر تلاقي حاجة.
وبعد دقايق طويلة من البحث وسط أرفف الكتب اللي بتتكلم عن الأساطير والعوالم الموازية، شالت كتاب لفت نظرها ونزلت من على السلم بحذر، ولكن وقع الكتاب من إيديها على الأرض واتفتح ونزل منه حجر صغير، سرعان ما أضاء الحجر ده بقوة وظهر عنه شعاع كبير اتشكل على شكل مثلث وبعدين ظهرت صورة
عقيق!
اتجمدت ضي القمر وهي شايفاها قدامها، نفس ملامحها اللي تشبهها بالضبط، بالفعل الرسومات مكدبتش
ولا الملك رسلان!
واقفة رافعة راسها بشموخ، مبتسمة ابتسامة رقيقة، اتحرك الشعاع ومنه اتحركت عقيق وقربت اكتر وقالت_رسلان
حبيبي
أنا عارفة إنك أكيد هتبقى مصدوم دلوقتي
هتسأل نفسك أسئلة كتيرة أولهم أنا ليه سيبتك...
لانت ملامحها واتبدلت للحزن وكملت_صدقني كل اللي حصل ده مش بإيدي
لو كنت فضلت هنا كنت أنتَ بنفسك عدمتني بإيدك
بعد ما زمرد تثبتلك إني قتلت الوزير بِشر
اللي قدر يعرف بجرايمها وألاعيبها ولكن قبل ما يا يقولك كانت خلصت عليه، وباستخدام رجالها كانوا هيشهدوا إني بالفعل قتلته وشافوني خارجة من غرفته
وبعد ما تعدمني كانت هتقتلك أنتَ..
ياريتني كنت أقدر اساعدك بس للأسف أنا ضعيفة
ضعيفة فوق ما تتخيل
وكل الأدلة كانت هتكون ضدي
زمرد أقوى مني يا رسلان
حتى أقوى من حبنا
ولكن صدقني كل اللي حصل مش بإرادتي، أنا كان ممكن أفديك بحياتي، وعلشان كده قررت أعيش بتألم في سبيل إني أكون الذكرى الجميلة في حياتك وكمان...
متفضلش عايش بذنبي...
وكمان تفضل عايش
رسلان اتأكد إني عمري ما هنساك، هتفضلي حبيبي الأول والأخير
حبيبتك عقيق..
انطفى الشعاع في الوقت ده، أما ضي القمر فكانت واقفة متجمدة تمامًا بعيون متسعة، مكانتش مصدقة اللي بيتقال قدامها، ده غير ألاعيب زمرد عليها وإنها اذتها وحبستها كانت هتلبسلها تهمة القتل!
ولكن اللي سببلها دهشة كمان إنها حست نفسها قصاد مراية بتعكس صورتها
بس الاختلاف في نبرة الصوت بس
عقيق كانت سايبة للملك رسلان رسالة وداع وكمان اعتراف بكل اللي عملته زمرد، ولكن الغريب إنه ملقاهاش لحد دلوقتي!
انحنت وشالت الحجر اللي كان مثلث الشكل، وفضلت بصاله شوية وهي بتقلبه بين إيديها وحاسة بالارتباك والصدمة، وبعدين دارته في اكمامها وشالت الكتاب خدته معاها وخرجت من المكتبة
الظاهر إن ده كان كتاب مميز عند عقيق، وإلا مكانتش خبت فيه الحجر..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دخل بدر عليها الزنزانة بخطوات بطيئة، ووقف قدامها يبص لحالتها بملامح جامدة تمامًا
كإنه فقد الحياة من جواه، رفعت زمرد عينيها اللي كانت حمرا ليه، وابتسمت باستهزاء وهي بتقول_قدرت تبيعني يا بدر؟
حطتني في الزنزانة بإيدك؟!
اتكلم بنبرة جامدة_مفيش مكان للخاين في مملكة إل دورادو
قامت وقفت وقربت منه، ولكن كان الحائل بينهم هو القضبان بصت لعيونه مباشرة وقالت_للأسف يا بدر أنتَ بقيت نسخة مصغرة من أبوك
عملتلك سحر؟
آه وبعترف، بس السبب الوحيد اللي خلاني اعمل كده إني مخليهمش يئذوك!
مقدرتش أضحي بيك عشان أنتَ ابني!
رفع راسه ليها وبحدة قال_أنا مش ابنك
أنا بتمنى إنك كنت فضلتي نايمة ومقومتيش، يمكن كنت فضلت محافظ على الصورة المثالية اللي سيبتيهالي وأنا صغير
ولكن للأسف عرفت كل حاجة، من أول علاقتك بضرغام القديمة لحد حيلك عشان يثور الشعب على الملك
اتوسعت عينيها واتراجعت عدة خطوات لورا بدهشة، فضحك هو بتريقة وقال_فاكرة إني معرفتش؟
دي الحقيقة اللي الملك رسلان رفض يقولهالي لحد دلوقتي بس عشان خايف عليا من قسوتها!
ولكن مفيش حاجة بتتدارى دلوقتي يا جلالة الملكة
عرفت بألاعيبك على عقيق عشان تبعد وتبقي أنتِ الملكة،
عرفت بإنك اتفقتي مع عدونا بس عشان اطماعك
مقدرتش ترد عليه، ولكنها بلعت ريقها بارتباك، فقال هو بقوة_صدقيني، مش هتردد لحظة إني أنا اللي اعدمك بإيدي
اشتعلت عينيها في الوقت ده بلهيب حاقد، فقربت خطواتها واتمسكت بالقبضان وهي بتقول بهسيس_بقيت نسخة منه
كإن رسلان هو اللي قدامي
وصدقني لو كنت أعرف إنك بقيت تشبهه بالشكل ده، كنت خليتهم يقتلوك معاه
مكنتش دافعت عنك وقررت آخدك لصفي بدل قتلك...
لوهلة حس بألم في صدره من نظرتها اللي كانت بتحمل كره رهيب بيشع منهم، ولكنه فضل واقف مكانه بل وابتسم بسخرية رغم الوجع اللي جواه
دخل الملك رسلان في الوقت ده ولما شاف الوضع اللي قدامه قدر يميز إيه اللي بيدور بينهم، أما هي اتلفتت ناحيته وقالت بكره من بين أسنانها_رسـلان
آه رسلان
هي غلطتي من البداية إني مخلصتش عليك من زمان
ابتسم الملك رسلان وقال_للأسف يا زمرد، هتموتي قبل ما تشوفي اللحظة دي
ولكن كل اللي عايز أعرفه أنتِ عملتي إيه في عقيق!
أنتِ الوحيدة اللي عارفة سر هروبها
قهقهت زمرد بشدة خلتهم يبصولها بإرتياب، سكتت وبصت للملك رسلان وقالت بسخرية_عقيق
وأنتَ فاكر إن عقيق بريئة بالشكل اللي أنتَ متصوره؟!
متعرفش إن هي اللي قتلت بِشر زمان بعد ما كان هيعترفلك بخيانتها ليك معاه!
_كفاية كدب!
هتفت بيها ضي القمر بحدة وهي بتتقدم لجوا بعد ما سمعت الحوار اللي بيدور بينهم، لمعت عيون زمرد بحقد شديد وضغطت على القضبان بإيديها كإنها عايزة تفتك بيها
وقفت ضي القمر قدامها تحت أنظار الملك رسلان اللي كانت حاسس بالصدمة من اللي اتقاله، أما ضي القمى فقالت_أنتِ معجونة من إيه؟
إيه الشر اللي جواكي ده؟!
أنتِ بنفسك اللي قتلتي بِشر ده بعد ما اكتشف كل ألاعيبك عشان ميروحش يقول للملك!
بهتت زمرد وشحب لونها، ولكنها حاولت تمالك نفسها وقالت بسخرية_طبيعي إن اللي بتحمل دماء عقيق هي اللي تدافع عنها!
لاحظ الملك رسلان في الوقت ده الكتاب اللي بين إيدين ضي القمر، فعقد حواجبه وقال بتعجب_ده كتاب عقيق المفضل!
ابتسمت ضي القمر وأكدت كلامه وهي بتقول_بالظبط، كتاب عقيق
واللي كانت سايبالك فيه رسالة ولكن للأسف مشوفتهاش لحد دلوقتي!
ويشاء القدر إني ألاقيها صدفة
بصلها الملك رسلان باستغراب، فطلعت ضي القمر الحجر اللي بيحمل رسالة عقيق، ولكنها مكانتش عارفة طريقة عمله، فرمته على الأرض زي ما حصل وبالفعل طلع الشعاع منه وظهرت عقيق
لمعت عيون الملك رسلان بحنين جارف واترنج لوهلة وهو بيهمس_عقـيق!
سمعوا الكلام اللي عقيق قالتها، كان بدر حاسس بالذهول من الشر اللي متملك من والدته بشكل ميتصورهوش، أما الملك رسلان كانت ملامحه بتشتد غلظة وتوحش من اللي بيسمعه، مكانش يتخيل إن السبب في معاناته بالشكل ده هي اللي واقفة قدامه واللي قرر يتجوزها عشان المملكة، اتلفت ناحيتها فكانت متجمدة تمامًا، باغتها الملك رسلان بإنه قرب منها ومسك رقبتها بقوة من بين القضبان وهو بيزمجر_هقتلك يا زمرد
هقتلك يا ملعونة
أنتِ إيه؟!
إيه الشر اللي بتملكيه ده!
كنت بتحاول تتملص من بين إيديه ولكن الملك رسلان كان فقد عقله تمامًا من كل الألاعيب اللي حصلتله بسببها، حاول بدر يفرق بينهم بعد ما شاف حالة والده وزمرد اللي كانت بالفعل بتختنق لحد ما قدر يبعده عنها، فوقعت هي على الأرض وهي بتشهق وباصة ناحيتهم بصدمة، أما بدر فكان باصصلها بعيون مليانة دموع محبوسة من القهر وهو متشبث بالملك رسلان عشان يمنع اقترابه منها، فهتف الملك رسلان بعنف_صدقيني يا زمرد، هعدمك قصاد شعب المملكة كلهم، هخليكي عبرة يفضلوا يتكلموا عنها لأعوام.
تراجعت لورا زحفًا لحد ما سندت على الحائط وهي بتبصله برعب، أدركت خلاص إن دي نهايتها اللي مكانتش تتصور إنها قريبة بالشكل ده
نفض الملك رسلان بدر عنه، ووطى أخد الحجر اللي على الأرض وهو بيبصله بحنين وعيون لامعة من الحزن
هو الذكرى الوحيدة من حبيبته الغايبة
هو الشيء الوحيد اللي بيحمل صورتها وصوتها اللي اشتاق له، وفي النهاية رمق زمرد بنظرة أخيرة وبعدين سابها وخرج
أما ضي القمر فاتجهت لبدر وربتت على دراعه ولكنه كان منفصل تمامًا وهو بيوجه لوالدته نظرات عتاب ولوم وقهر شديد
ولكنها أجبرته إنه يتحرك معاها عشان ميفضلش قدامها...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت ضي القمر قاعدة مع جولينهار اللي كانت بترتب جناحها، فاتكلمت ضي القمر بتساؤل_مين بِشر ده يا جولينهار؟
اتلفتت ليها بعيون واسعة فعقدت ضي القمر حواجبها بتعجب وسألت_فيه إيه؟
قربت منها جولينهار وقالت بسعادة_أنتِ نطقتي اسمي صح لأول مرة يا مولاتي!
هزت ضي القمر راسها بقلة حيلة فاتنحنحت جولينهار بسرعة وقالت_عذرًا يا مولاتي
بِشر ده كان الوزير الاكبر وصديق الملك رسلان من الطفولة، لحد ما اتقتل في غرفته في ظروف غريبة، ساءت حالة الملك بشدة وكان بيبحث بكل قوته عن اللي قتله واقسم إنه هيعدمه في ميدان المملكة ولكن مقدرش يعرف هو مين للأسف
مطت شفايفها بتفهم، هي قدرت دلوقتي تميز خوف عقيق، بالفعل بشكل كبير مكانش هيصدقها خاصة مع الشهود اللي كانوا رجال زمرد لما يأكدوا اللي حصل، زمرد كل مدى بتدهشها من كمية الشر اللي بتحمله جواها واللي مش لاقياله سبب لحد دلوقتي!
هي شافت بنفسها معاناة الملك من غياب عقيق اللي لحد دلوقتي بيتهز لما يسمع اسمها من شده عشقه ليها
ازاي قدرت تعيش السنين دي كلها وهي شايلة الذنب ده وشايفة الملك بيتألم قدامها وساكتة!
نزلت ضي القمر لجناح بدر، فتحولها الحراس بسرعة الباب، كان واقف قصاد مراية غرفته بيعدل من الزي الحديدي اللي لابسه واللي شافته بيه قبل كده
هي كانت عارفة مسبقًا إن النهاردة هياخدوا مسيرة لمملكة ازتلان وهتقوم الحرب
وقفت تبصله بعيون معذبة وهي شايفة ملامحه المظلمة، اتلفت هو ناحيتها وشاف دموعها المحبوسة، فاتنهد وشاورلها بإيده تيجي، بالفعل اتحركت وهي ماطة شفايفها بطفولية وبتقول_بدر بالله عليك مش لازم تشارك في الحرب
خلي الجنود يروحوا هما ومعاهم قائد الحرس
مش هقدر اتحمل إن يحصلك حاجة!
ابتسملها بحنان وبضهر كفه ملس على وشها برقة وهو بيقول_مقدرش يا ضي
لازم أكون على مقدمة الجيش، ولا يرضيكي يقولوا عليا أمير جبان خاف يشارك في الحرب؟!
اتحركت بعشوائية وعبوس وهي بتقول_يا بدر دي حرب مش لعبة، لو حصلك حاجة مش هقدر...
نهت جملتها اللي معرفتش تكملها من ارتعاش شفايفها والرعب اللي جواها من فكرة موته وهي بتبكي غصب عنها، فاتنهد وجذبها يضمها لصدره وهو بيملس على شعرها بحنان وبيقول_اهدي
مش عايز اشوف دموعك يا ضيِّي
متقلقيش هكون بخير
بعدها عنه واحتوى وشها بين إيديه وهو بيقول بعيون لامعة بحب جارف_صدقيني السبب الوحيد اللي هيخليني ادافع عن حياتي بكل استماتة هو أنتِ
أنتِ سبب تمسكي بالحياة
ابتسمتله بحب، فضم راسها لصدره وهو بيميل يستنشق ريحتها بولة وبيقول_كفاية دموع بقى!
ولكنه كانت بتشهق بخفة، حس هو بألم من حالتها دي وقال_طب بتعيطي ليه دلوقتي؟!
ردت بصوت متحشرج_البدلة ناشفة أوي
بعدها عنه وهو بيبصلها بصدمة، أما هي فكانت ضمة شفايفها بطفولية، فضحك بقلة حيلة ومال طبع قبلة عميقة على خدها وهو بيمسح بقايا دموعها بأطراف أصابعه..
نزل بدر اللي كان ضامم ضي لصدره وصلوا لساحة القصر فشافت عدد كبير من الجنود واقفين ده غير اللي منتظرينهم على حدود المملكة
شافت الأحصنة الاسطورية الضخمة اللي كانت بنفس عدد الجنود، ده غير الاسلحة الكتير والقذائف اللي كانوا بيجهزوها
لقت الملك رسلان وقائد الحرس منتظرينهم اتوجهوا ناحيتهم فشافوا الملكة آريا بتتكلم مع الملك رسلان وبتقول بتوسل_يا جلالة الملك، أرجوك متئذيش أولادي، أنا طلبت منك الحماية ليا ولأولادي، مقدرش اتحمل خسارتهم!
رفع الملك رسلان راسه بشموخ وكبرياء وقال_أولادك اختاروا صفهم بنفسهم يا ملكة داريا، طول ما هما بعيد عن الحرب محدش هيمسهم بسوء، ولكن مقدرش اسيبهم يئذوا حد من جنودي واسكتلهم
شدت على خصلاتها وهي بتتحرك بحركة عشوائية بجنون، فقرب الملك رسلان من بدر وقال_جاهز يا بطل؟!
أدى تحيته وهو بيقول_على أتم الاستعداد يا مولاي
لاحظ الدموع اللي محبوسة في عيون ضي القمر، فربت على كتفها وهو بيقول_متقلقيش عليه، بدر من أقوى واكفأ الجنود في المملكة مش ولي العهد بس، أنا متأكد إنه هيقود الجنود للانتصار
هزت راسها من غير ما ترد، فاتحرك بدر بدوره ناحية بجاسوس، قربت منه ضي القمر وملست عليه وهي بتقول بدموع_بدر أمانة معاك يا بجاسوس، ارجوك رجعهولي بخير
صهل بجاسوس بقوة كإنه بيأكدلها على كلامها، لفت عيونها لبدر وهي بتبصله بخوف كبير، فجذبها وضمها بقوة وبعد عنها وبعدين امتطى بجاسوس هو وباقي الجنود، ولكن قبل ما يتحركوا دخل جندي من الجنود على حصانه اللي هتف_جلالة الملك، جنود مملكة ازتلان متجهين ناحيتنا!
اتنقلوا النظرات بينهم وبين بعض بصدمة، كانوا متوقعين إنهم هيغزوا المملكة ولكن اتباع ضرغام كانوا قدروا يحذروه
طلع الملك رسلان سيفه ورفع في الهوا وهو بيقول_اسمعوني كويس
جنود ازتلان جم برجليهم على أساس هيقدروا يسيطروا على المملكة، ولكن ميعرفوش هما واقفين قصاد مين
جنود مملكة إل دورادو الشجعان
إلى الحرب!
رفع الجنود سيوفهم ومعاهم بدر وهما بيهتفوا واتحركوا بالأحصنة لبرا المملكة
أما الملك رسلان فجهز نفسه وقرر يزود الحراس على القصر الملكي وياخدوا احتياطاتهم لأي هجوم.
وقفت ضي القمر تراقب أثر بدر وهو بيتحرك بحصانه بشموخ، ضامة قبضتها لصدرها وهي بتدعو إنه يرجعلها بخير.
وعلى غرارها كانت الملكة آريا حاسة برعب على أولادها وكانت بتدعو إنهم ميشاركوش في الحرب.
وقف بدر بجنوده وهما في أتم الاستعداد على حدود المملكة، ودقت طبول انذار الحرب داخل المملكة، فابتدى العجائز والنساء والاطفال يدخلوا بيوتهم ويقفلوا على نفسهم أبوابهم بخوف
واللي عندهم دكاكين بيقفلوها ويعودوا لبيوتهم يأمنوا نفسهم.
ظهر جنود مملكة ازتلان من على بُعد، واللي كان بيقودهم رئبال ومعاه الملك ضرغام، حتى داريا شاركت في الصفوف هي كمان باعتبارها فارسة
وقف الجيشين بينهم فاصل، كان بدر باصصلهم بشموخ وهو رافع راسه بكبرياء، فاتقدم رئبال خطوتين بحصانه واتكلم_اتمنى تكون المفاجأة عجبتك يا سمو الأمير
قولنا مينفعش نخليك تقطع المسافة دي كلها فجينا بدالك، على الأقل تموت جنب مملكتك
كويس إنك بتقود المعركة بنفسك يا سمو الأمير وما استخبتش ورا أسوار قصرك زي النساء
ابتسمله بدر باستهزاز وقال_مشكلتلك إنك دايما تخلط بيني وبينك يا رئبال، مكاني في صفوف الحرب الأولى من طفولتي، اتربيت أكون فارس شجاع، مش من أمثالك!
ومتقلقش، هتشوف بنفسك الهزيمة اللي هتتسبب بيها لمملكتك.
استفزه كلام بدر بشدة، فاتوحشت نظراته وجز على أسنانه وبعدين صرخ وهو بيرفع سيفه
وبالفعل اتحرك كل الجنود واشتبكوا ببعض
كانت حرب طاحنة قدر بدر يكون فيها شامخ
جندي محترف
فارس مغوار
بيتصدى لكل محاولات قتله
قدر ينهي عدد كبير من الجنود
وطبعًا معاه قائد الحرس اللي كان قوي هو كمان
اشتعلت النيران من حواليهم جراء رماة سهام مملكة إل دورادو اللي كانوا بيضربوا سهام مشتعلة من على بعد وقدروا يصيبوا عدد كبير
أما بدر فكان وجهه وملابسه اتملوا بالدماء من المعركة، واتشعثت خصلاته واتعرق بشدة.
مرة ينزل من على بجاسوس ويحارب بإيده، وبعدين يرجع يمتطيه بخفة ويقاتل
حاول الملك ضرغام إنه يتسببله بطعنة قاتلة، ولكن مقدرش واتحاشاها بدر بمساعدة بجاسوس اللي اتحرك بسرعة وجرحه بدر في جنبه فوقع من على حصانه واترمى على الأرض، مدالوش بدر أي اهتمام وكمل على بجاسوس القتال مع بقيت الجنود.
أما الملك ضرغام فكان بيشهق بقوة من الألم، وهو مثبت إيده على جنبه اللي بينزف بشدة من سيف بدر، حاول يتمالك نفسه ويتعدل ولكن مكانش قادر، حس بخطوات بتقرب منه، فوجه بصره ليها ولقاها بنته
داريا!
وقفت قدامه، فرفعلها إيده بضعف وهو بيتنفس بعنف عشان تنقذه قعدت على ركبها قدامه وفضلت بصاله شوية وبعدين قالت_أنتَ خسرت من زمان اوي يا جلالة الملك
خسرت من يوم ما فضلت الساحرة على زوجتك وأولادك
وبدون تردد طلعت خنجرها وطعنته في قلبه من غير ما يرفلها جفن، شاف رئبال المشهد من على بُعد، فصرخ بقوة وبعيون متسعة من الفاجعة_لاااا!
الحلقة الرابعة والعشرون
كانت قاعدة في جناحها بتهز رجليها بارتباك، بتقاوم على قد ما تقدر دموعها المحبوسة، احساس بالقلق والخوف رهيب، مكانتش تتخيل إنها تشهد أحداث زي دي، سامعة صوت الطبول اللي بتنذر بالحرب، جلبة بتعم المكان، أصوات عالية من على بُعد، خبط سيوف وانفجارات قذائف بتهز ارجاء القصر، مكانتش قادرة تتحمل تفضل قاعدة مكانها، فقامت اتحركت في الغرفة بلا هوادة وبعشوائية، كل خوفها عليه هو ليحصله حاجة، مش هتقدر تتحمل خسارته مرة تانية!
خرجت لشرفة جناحها فشافت عدد كبير من الحراس لأول مرة في الجانب ده من القصر، كان عدد مهول كلهم متحفزين ورافعين سيوفهم في استعداد، رجعت تاني تتحرك وهي بتاكل أظافرها بارتباك، وبعدين خرجت من جناحها
مش قادرة تفضل قاعدة بالشكل ده
لازم تطمن
نزلت لتحت وأثناء مرورها شافت الحراس وهما بيتحركوا في ممرات القصر، لحد ما وقف قدامها واحد منهم وقال_يُستحسن ترجعي لجناحك يا مولاتي
الوضع هنا خطر
لو محتاجة حاجة ممكن نجيبهالك إحنا
مكانت مركزة معاه بل قالت بشرود وهي بتكمل نزول لتحت_أنا
أنا عايزة الملك
قالتها وكملت سير لتحت، شافت الملكة آريا واقفة بتبكي على بُعد بإنهيار بعد ما عرفت إن أولادها مشتركين في الحرب، وكان واقف معاها صديقة ليها من مملكتها القديمة اللي قررت تبقى معاها في المحنة دي، فاتجهت ناحيتها بتردد، من وسط بكاء الملكة آريا لمحتها، فرفعت أنظارها ليها ولكن ضي القمر اترددت تروحلها فمدتهاش أي اهتمام واتلفتت كملت بحث عن الملك
كان واقف في ساحة القصر بيتابع اللي بيحصل أول بأول من جنوده، اتجهت ضي القمر ناحيته، فاتلفت ليها بسرعة وقال_إيه اللي خرجك؟
ارجعي على جناحك
وجه نظره للحراس وقال_زودوا الحماية على جناح الأميرة ضي القمر
منضمنش إيه اللي ممكن يحصل
الأعداء كتير حوالينا
ولكن ضي القمر ما استجابتش ليه ووقفت قدامه بدموع محبوسة وقالت_متعرفش حاجة عن بدر
خايفة يحصله حاجة يا جلالة الملك
صدقني مرعوبة مش بس خايفة!
ابتسم وهو باصصلها بحنان، من الرعب اللي ظاهر عليها افتكر عقيق واللي كانت بتعمله ما يكون خارج لمعركة، الزمن بيتكرر بالفعل ولكن المرادي مع ابنه
رغم إنهم مش نفس الشخص
ولكن فيهم نفس الطباع
نفس الحب الغير محدود، الخوف ولهفة المشاعر
رفع إيده وربت على دراعها وهو بيقول_متقلقيش
هيرجعلنا بخير أنا متأكد
لحد دلوقتي الأخبار كويسة، وعرفت إن بدر قدر يصيب الملك ضرغام
جنودنا متقدمين بشكل كبير عليهم، ولو انتصروا هيتجهوا للمملكة ويغزوها، وبعدها هنسلم الحكم للملكة آريا، اللي هيكون حكمها تحت سيطرتنا، وبإدارة مملكة بريتيا
رغم محاولاته لطمأنتها إلا إنه هو نفسه كان حاسس بالخوف والقلق على ابنه، معركة زي دي طاحنة، معملوهاش بقالهم أعوام بسبب الهدنة
كل اللي قالقه يحصل لابنه حاجة!
ابتسمت ضي القمر ليه، وبعدين سابته وراحت تقف على بُعد جنب جولينهار اللي احتوت كتفها وفضلت تربت على دراعها عشان تهدي من إنهيارها...
كانت الملكة زمرد لا زالت مرمية في الزنزانة، واقفة بتلف حوالين نفسها وهي سامعة دق طبول الحرب، ولكن كل اللي مجننها إنها مش قادرة تعرف إيه اللي بيحصل برا
بتتمنى إن الملك ضرغام يقدر يكسب المعركة ووقتها هيكون الحكم تحت سيطرتها هي، نقلت بنظرها للحراس اللي واقفين على زنزانتها بضيق، كان الملك رسلان مشدد الحراسة عليها
دقايق وسمعت صوت جلبة من فوق، كإنه صوت قتال وتأوهات، اتحفز الحراس وبصوا لبعض بقلق، وبعدين طلعوا سيوفهم واتحركوا بحذر على فوق عشان يشوفوا إيه اللي بيدور
كانت هي ملاحظة اللي بيحصل، فاتقدمت واتشبثت بالقضبان وهي بتشب عشان تقدر تعرف إيه اللي بيدور
ولكن سمعت صوت عراك وضرب من فوق، وبعدين شافت واحد من الحراس بيتحرك ناحيتها بخطوات غير متزنة، وفلحظات اترمى على الأرض فشافت خنجر مطعون في ضهره
اتراجعت لورا برعب وهي بتبلع ريقها، دخل ملثم في الوقت ده، اتلفت حواليه تحت انظارها، وبعدين قرب منها وفتح الزنزانة بمفتاح خده من الحراس، واتقدم ناحيتها طلع خنجر ومد إيده ليها بيه وهو بيقول_الملك ضرغام بيبلغك تحياته
اشرقت ملامحها ببهجة، خدت منه الخنجر بسرعة، فسابها الملثم وطلع لفوق، أما هي فكرت قبل ما تهرب تنتقم، ابتسمت بشر واظلمت ملامحها وهي بتنقل الخنجر بين إيديها
طلعت لفوق وهي بتتسلل بقلق، شافت الحراس متجهين للزنزانة بعد ما شافوا الحراس مرميين مقتولين، ولكن قبل ما يشوفوها جريت ولفت من الناحية التانية، بالفعل اتقلب المكان جلبة، وابتدى الحراس يدوروا على الفاعل اللي شافوه من وسط الأشجار فجريوا وراه وكانوا بالفعل شكلهم يوحي بإنهم هيقدروا يمسكوه
واللي زود من تحفزهم أنهم عرفوا بهروب الملكة زمرد من زنزانتها
انتفض الملك رسلان بصدمة من الاخبار اللي وصلتله، فاتجه ناحية ضي القمر وهتف_خدي الحراس واطلعي لجناحك بسرعة
اترددت وهي بتقول_بس....
_يــلا!
صرخ بيها بعنف وبنبرة متحملش أي معالم للنقاش، واتلفت وسابها وهو مطلع سيفه وبيتلفت حواليه وهو بيكلم الحراس اللي سابوه واتحركوا عشان ينفذوا أوامره، أما هي اتحركت بالفعل عشان تطلع لفوق ولكن لمحت من على بُعد الملكة زمرد اللي قربت من ضهر الملك رسلان، فصرخت بدورها برعب_ملك رسلان
لاااااا!
اتلفت ليها بتعجب وقبل ما يستوعب كانت زمرد طعنته بقوة في صدره وهي بتقول بشر_من البداية كان لازم نهايتك تبقى على إيدي يا رسلان
وأهي جت اللحظة اللي استنتها..
شخصت أبصار ضي القمر بهلع من المنظر اللي قدامها، أما الملك رسلان فاتشبث بإيدين زمرد اللي حركت الخنجر ودخلته لجوا أكتر فاتأوه بألم وبعدها وقع على الأرض، جريت ضي القمر واتحرك عدد الحراس الباقيين اللي شافوا المشهد اللي قدامهم، ولكن قبل ما يقربوا من زمرد كانت مسكت ضي القمر بعنف ووجهت الخنجر على رقبتها وهي بتهدد الحراس_لو قربتوا مني هقتل ملكتكم المنتظرة
اتشبثت ضي القمر بإيديها بتحاول تبعدها عنها، ولكن زمرد كانت بتزود من خنقها وهي مقربة الخنجر من رقبتها، نقلت ضي القمر عينيها على الملك رسلان الملقى على الأرض وهو بيكح دماء وبيتحرك بضعف وهتفت_ملك رسلان
ملك رسلان استحمل بالله عليك..
لكزتها زمرد بعنف وهي بتقول من بين أسنانها_اخرسي وبطلي حركة!
كل اللي حصل ده بسببك يا ضي القمر
بسبب وجودك قامت حرب في المملكة، واتقتل الملك رسلان، بسبب وجودك هتنهار ممكلة إل دواردو
أنتِ وعقيق اكبر لعنة حلت على المملكة
وجودكم كان غلط من البداية
هزت راسها بعنف وهي بتبكي بإنهيار ومثبتة عينيها على الملك رسلان، أما الحراس فكانوا موجهين اسلحتهم عليها ولكن مش قادرين يتصرفوا من الخوف على الأميرة والملك رسلان الملقى أرضًا واللي شاورلهم إنهم ميقربوش منها عشان ضي القمر متتئذيش
اتراجعت زمرد وهي ما زالت متمسكة بضي القمر لورا قاصدة الهروب وسط مقاومة ضي القمر المستميتة وصراخها فيها، ولكن لوهلة صدرت ضربة عنيفة على دماغ زمرد من ورا، فصرخت متألمة وضعفت قبضتها، فاستغلت ضي القمر الوضع وضربتها بكوعها في بطنها بقوة فبعدت عنها زمرد وهي بتسب وتلعن، ولكن كانت الضاربة جاية من عصاية سلطان الخشبية اللي قال_ما اكتفيتيش بكل اللي عملتيه يا ساحرة!
صرخت ضي القمر في الوقت ده للحراس_الحقوا الملك بسرعة!
بالفعل جريوا الحراس على الملك، أما زمرد فدارت معركة بينها وبين سلطان اللي كان بيتحرك فخفة وبيضربها بعصايته الخشبية، استغلت ضي القمر انشغالها وسحبت السيف من واحد من الحراس وجريت ناحية زمرد، وقبل ما تطعنها حست بيها واتلفتت فجت الطعنة في دراعها اللي اتجرح بشكل كبير
برقت بغضب رهيب وضربت ضي برجليها بقوة في إيديها فاترمى السيف منها على الأرض، وطت عشان تجيبه ولكنها ضربتها بقوة في وشها لدرجة إن اتنطر دماء من فوقها..
ولكن ضربها سلطان بقوة بعصايته، واتدخل الحراس في الاشتباك اللي داير بينهم وحاولوا يسيطروا على زمرد اللي كانت ليها قوة قتالية جبارة بسبب سحرها اللي مستخدماه
قدرت توقع عدد كبير من الحراس، أما ضي القمر فكانت مرمية على الأرض بتتأوه بألم وهي حاسة بخدل في جميع أنحاء جسدها من الألم وبتزحف للوراء عشان تبعد عنها.
كانت زمرد قدرت تسيطر على الكاهن سلطان اللي حس بالتعب من كتر العراك بحكم سنة وقدرت توقعه على الأرض، فقربت منه زمرد وعلى عينيها كل معالم الشر وقالت_آه سلطان العجوز الأخرق
زهقت منك ومن استعراضاتك اللي ملهاش أي فايدة
حانت نهايتك دلوقتي
وقبل ما تطعنه كانت لمحت ضي القمر ضفدعة سلطان اللي كانت على الأرض، فجريت بسرعة وبعصاية سلطان استخدمتها في إنها تطير الضفدعة اللي لزقت في وش زمرد بقوة
حاولت زمرد تشيلها وهي بتتلوى بعنف، ولكن لوهلة ابتدى جسمها يرتجف بعنف، واطرافها تتحول للون الأزرق، وظهرت بقع حمراء كبيرة على جميع انحاء جسدها المكشوف، وفي لحظات سقطت على الأرض وهي بتنتفض بشدة جراء تأثير سم ضفدعة الكاهن سلطان لحد ما خرت سريعة بأبشع طريقة لدرجة إن جسدها ساح وعظتمها ظهرت من قوة السم اللي كان يشبه تأثير المواد الكاوية
اتعدلت ضي القمر وهي بتنفس بسرعة وبتنهج من المجهود والرعب، اتحاملت على نفسها ووقفت، فقام سلطان في الوقت ده وقف وفضل باصص شوية لزمرد وبعدين قال لضي القمر من غير ما يتلفت_الضفدعة عمرها ما هتسامحك على اللي عملتيه فيها ده
صدر صوت معترض من الضفدعة وكإنها بتوبخ ضي القمر اللي وقفت باصة برهبة لحالة زمرد اللي ملامحها تقريبًا مكانتش باينة، سرعان ما هزت راسها وهي حاطة إيديها على وشها من سلطان اللي مبياخدش أي موقف بجدية أبدًا
افتكرت حالة الملك رسلان، فاتلفتت تدور عليه بعيونها وشافت الحراس أخدوه على جنب وكانت الملكة آريا واقفة بتبصله بصدمة، جريت ضي القمر بسرعة ناحيتها وبعدت الحراس عنه وقعدت على ركبتها بصدمة من حالته اللي شافته فيها، كان تقريبًا شحب تمامًا وهو حاطت إيديه مكان الجرح، فمالت رفعت راسه على رجليها وهي بتقول بلهفة_ملك رسلان
ملك رسلان أرجوك استحمل
بصت للطبيبة اللي كانت واقفة ناكسة راسها بحزن وصرخت فيها_أنتِ واقفـة بتعملـي إيـه؟!
تعالي بسرعة عالجي الملك!!
ولكنها فضلت واقفة مكانها وهي باصة بحزن على الملك، حست ضي القمر بالجنون في الوقت ده وصرخت_أنتـوا واقفيـن كلكـوا ساكتـين لـيه
مـش شايفيـن الملـك تعبـان؟!
اتلفتت على لمسة ضعيفة من الملك رسلان، فبصتله بدموع ورعب واضح، كان مبتسم وهو باصصلها بعيون شبه مقفولة بضعف وحرك شفايفه بصعوبة وهو بيقول_أنتِ بطلة يا ضي القمر
دلوقتي بس عرفت إن مملكة إل دورادو هتحكمها ملكة حكيمة وقوية
ارجوكي يا ضي القمر
خليكي جنب بدر، ومتسيبيهوش...
شهقت بعنف من بين دموعها اللي بتنزل بغذارة وقالت_متقولش كده ارجوك يا ملك رسلان، اتحمل بالله عليك
المملكة هتقع من غيرك!
كح وهو بيتأوه بألم، وبعدين رفع عيونه ليها وقالت_قوليلي يا ضي القمر
عقيق فين؟!
ارجوكي ريحيني في آخر لحظاتي..
دمعت عيونها واهتز جسدها من قسوة اللحظة، واتكلمت بشفايف مرتعشة_عقيق ماتت يا جلالة الملك
ماتت من وقت كبير...
سكت شوية وبعدين قال_دلوقتي عرفت إن الحياة ملهاش معنى
وفلحظة كح بعنف دماء غزيرة، وبعدها غمض عيونه ووقعت إيده اللي الأرض اللي سقط منها الحجر اللي بيحمل رسالة عقيق كإنه متشبث بيها حتى في آخر لحظاته، اتصدمت ضي القمر لما شافت حالته وهزته بعنف وهي بتقول_ملك رسلان
ملك رسلان لأ
متموتش بالله عليك
بالله عليك قوم
ملـك رسـلان!
صرخت بجملتها الأخيرة بإنهيار وهي بتبكي بعنف، مكانتش متخيلة إن ده يحصل، قدرت زمرد تنتقم
حتى قبل ما تموت انتصرت
سندت جبهتها على جبهة الملك اللي بين إيديها وهي بتبكي وبتنتفض وبتشهق بقوة
أما الحراس فوقفوا وهما ناكسين راسهم وضامين خوذاتهم لصدرهم في حالة حداد وهما مغمضين عينيهم بألم، أما جميع العمال اللي كانوا في القصر، فكانوا بيبكوا بصمت
ملكهم العظيم انتهى
انتهى حتى قبل ما يشهد الانتصار
وقد كانت أكبر فاجعة مرت على مملكة إل دورادو العظمى
بعد ما اتقتل الملك رسلان اللي حكمها لأعوام طويلة....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جري رئبال على اخته ودفعها بعنف على الأرض وهو بيقرب من جثة والده بصدمة وبيصرخ فيها_أنتِ عملتـي إيـه؟!
عملتـي إيـه؟!
سندت بإيديها وهي واقعة على ضهرها وباصة لجثة أبوها بصدمة، مش مستوعبة إنها قدرت تعمل فيه كده
لوهلة عماها الانتقام بعد ما عرفت بعلاقته بزمرد
ولكن متوقعتش إنها ممكن توصل لإنها تقتل ملك مملكة ازتلان بنفسها!
شافت رئبال وهو بيصرخ بقهر وبيرفع جثة ابوه يضمها ليه، أما داريا فكانت على مكانها مبتتحرش، وبمجرد ما الجنود شافوا إن ملكهم مات، هبطت عزيمتهم وحسوا بالضعف، خاصةً بعد ما اتقتل عدد كبير منهم بالفعل بعد معركة دامية اثبتت فيها مملكة إل دورادو إنها المملكة العظمى بالفعل، في الوقت ده قدر يرفع جنود إل دورادو سيوفهم في وش العدو اللي المتبقيين منهم انبطحوا على الأرض باستسلام تام
قرب منهم بدر ببطء شديد، ووقف قدام رئبال اللي رافع جثة أبوه على رجله، فشاف رئبال اقدام قدامه، رفع عيونه اللي مليانة دموع ليه، كانت ملامح بدر جامدة ومفيهاش روح، سكت شوية وبعدين قال_أظن الأمر محسوم دلوقتي يا سمو الأمير
رفع راسه بقوة للجنود، هتف بشموخ ميليقش إلا بأمير زيه_زي ما أنتوا شايفين، سقط ملك مملكة ازتلان على يد بنته
وده معناه إن المملكة سقطت
أنا الأمير بدر رسلان، بعلن سيطرة مملكة إل دورادو الكاملة على مملكة ازتلان
اتجه الجنود بتوع بدر وقبضوا على رئبال وداريا اللي كانوا مستسلمين تمامًا، ولكن رئبال كان بيوجه نظرات قاتلة ووحشية لأخته اللي كانت متجمدة ومبتصدرش أي رد فعل
وجه بدر كلامه لقائد الحرس وقال_اتوجه بالمسيرة لمملكة ازتلان، لازم يعرفوا إن المملكة أصبحت ولاية تابعة لمملكة إل دورادو العظمى
أدى قائد الحرس تحيته العسكرية، وبالفعل اخد عدد كبير جدًا من الجنود واتجهوا في طريقهم لفتح مملكة ازتلان واعلان السيطرة الكاملة عليها، أما بدر فشاور براسه للجنود إنهم ياخدو رئبال وداريا للسجن
وارتفع هنا هتاف الجنود بأغاني الحرب وهما بيدقوا على دروعهم وبسيوفهم وبيغنوا بصوت عالي، وبدر واقف مبتسم وهو رافع راسه بفخر
انتصار جديد بيتضاف لمملكة إل دورادو على إيديه
وآخيرًا أعدائهم سقطوا..
وقفت ضي القمر في انتظار بدر بملامح متجهمة على بوابة القصر الملكي، قرروا ميعلنوش وفاة الملك عشان عزيمة الجنود متقلش، كانت حاسة بموت روحها، مش قادرة تاخد أي رد فعل، سامعة صوت دقات طبول النصر وهتاف الشعب اللي كان بيستقبل جنوده الباسلين باحتفالات وهتاف
كلهم كانت الفرحة عارمة بالنسبالهم
دخل بدر وجنوده من جوا المملكة بأحصنتهم الاسطورية وهما بيحيوا الشعب اللي كانوا بيغنوا بصوت عالي وبيهللوا فرحين
وصل القصر الملكي، شافته ضي ولكنها فضلت جامدة مكانها بملامح شاحبة وعيون وارمة من كتر الدموع
وقعت عيون بدر عليها، فابتسملها بفرحة ولمعت عيونه بحماس، نزل من على بجاسوس بخفة، وقرب منها وقف قدامها وهو بيتأمل ملامحها بعشق جارف، فضلت بصاله هي شوية، وبعدين اترمت عليه وضمته وهي لفة إيديها حوالين رقبته وبتبكي بقوة مهماش الدماء اللي مالية ملابسه ووشه، ولا جروحه اللي بتنزف، كل اللي كان هاممها هو إنه رجعلها بخير ومخسرتهوش هو كمان، وبرضه مش عارفة إزاي هتقوله الفاجعة دي في وشه، ضمها هو وفضل يملس على شعرها وهو دافن وشه في تجويف رقبتها وبيستنشق ريحتها بولة، بيهمسلها بحنان إنها تهدى بسبب انتفاضات جسدها من شدة شهقاتها، كإنها كانت الترياق اللي هتحسسه بإنتصاره فعلًا
بعدت عنه في الوقت ده، وبصتله بعيون حمراء منتفخة وشفايف مرتعشة، من نظرتها قدر يعرف إن فيه حاجة مش طبيعية حصلت
حالتها مش خوفًا عليه بس
عقد حواجبه بتساؤل وقلق، فاهتزت وهي بتقول بصوت متقطع_أأ أنـا آسـفة
وبعدها انهارت تمامًا في البكاء، فأدرك بدر إن خسارته المرة دي مش أي خسارة، وانما فاجعة هتغير حياته كلها..
اتحرك بخطوات بطيئة مترجفة، بأكتاف متهدلة، ملامحه مصدومة، كإنه قادر يحافظ على توازنه بصعوبة، دخل للجناح ووراه ضي القمر اللي كانت بتبكي وبتنتفض بحزن من حالته، لوهلة اتجمد تمامًا لما شاف والده نايم على فراشه بلا روح، كان عنده أمل إن اللي اتقال كدب، وإنه هيرجع يلاقيه بخير ومنتظره عشان يفرحه بإنتصاره، لكن بمجرد ما شاف وضعه ده حس بخدل في أنحاء جسده، رجله بقت زي الهلام مش قادر يقف عليها، وبلا مقدمات نزل على ركبته وهو باصص لوالده بإنهيار وعيون شديدة الاحمرار، قربت منه ضي القمر بسرعة وضمته من كتفه، أما هو فصرخ بقهر لدرجة هزت جدران القصر وهي مكانها بتحاول تحتويه على قد ما تقدر
أدركت وقتها إن بدر اتبدل تمامًا
وإنه أصبح بلا روح.....