رواية وجوه فى العتمه الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم منه ممدوح


 رواية وجوه فى العتمه الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم منه ممدوح


_كإنك ألفت الكذبة وصدقتها يابن بطني!
هتفت بيها فاطمة بعد ما وقفت وهي بتضرب بإيديها الترابيزة، فبصلها عامر وبقوة قال_اللي عندي قولته
مش هكرر كلامي تاني
وجه نظره لاخواته وهو بيشاور بإيده ليهم_وكلامي هذا لكل الموجودين!
حطوا في بالكم يقين مرتي وخلاص بقت واحدة مننا سواء رضيتم ولا لأ!
نهى جملته وسابهم وخرج بعصبية مفرطة، رمى نظرة سريعة على يقين اللي كانت واقفة متجمدة تمامًا وهي حاسة بالصدمة، وبعدها خرج من غير ما يتكلم.
استوعبت يقين اللي حصل فاتلفتت على طول وخرجت وراه بسرعة
أما ليلى والباقي فكان ظاهر على وشهم الذهول، في حين بص عايد لاخوه وقال_تفتكر عامر هيسوي كذه فعلًا؟!
رفع فارس كتفه وهو بيمط شفايفه وقال_والله يابن أبوي
عامر مش هيقول الكلام هذا من الباب للطاق
شكله ناوي يكمل معاها فعلًا!
_على جثتي!
هتفت بيها فاطمة بعصبية مفرطة خلتهم سكتوا تمامًا، في حين كملت_على جثتي إن هذا يصير
مش هترك هذي الملعونة تخربها وتقعد على تلها طول ما أنا عايشة على وش الدنيا!
قالتها وخرجت هي كمان بوجه احمر من العصبية والاستنكار في نفس الوقت من اللي عمله ابنها ومعارضته ليها، أما ليلى فكانت واقفة في حالة صدمة وعيونها مليانة بدموع القهرة
الظاهر إن يقين عجبت عامر وإلا مكانش قال الكلام ده!
وده معناه إن خلاص عامر ضاع من إيديها للمرة التانية!
حرك عايد راسه بيأس وقعد على الترابيزة، وابتدى ياكل وهو بيقول_والله أنا بشوف العجب في هذي الدار!
لكزه فارس في الوقت ده وهو بيقول بعصبية_تصدق أنتَ ما عندك ريحة الدم
قاعد بتطفح ولا كإن القيامة قامت!
فاعترض عايد على ضربه ليه وقال بصوت متحشرج وهو بيمدغ الأكل_وش اسوي يعني؟!
وبعدين البيض بالأوطة طعمه رهيب مش قادر اقاوم!
بصله فارس برفعة حاجب، ومال على الترابيزة وهو بياخد عيش وبيغمسه في الطبق وبيقول_بجد؟
وريني كذه أما أدوق
أخد أول لقمة واتوسعت عيونه بإعجاب_تصدق صح
ضحك عايد وهو شايفه بيشد الكرسي وبيقعد، في حين دارت معركة بينهم على طبق البيض غير مباليين باللي حصل ده كله
حست ليلى إن أعصابها هتفلت بسببهم، فسابتهم وراحت لمكان غرفة مرات عمها عشان تفسرلها اللي حصل ده.

خرجت تجري وراه وهي شايفاه واخد في وشه بخطوات تكاد تخترق الأرض من فرط العصبية، وهتفت بضيق_عامر
استني!
ولكنه مردش عليها وفضل ماشي، فمسكته من دراعه بعنف ولفته ليها وهي بتقول بغضب_بقـولك استـني!
وقف مرة واحدة وهو بينقل نظراته بين إيديها وبين عيونها المشتعلة، قرب منها وكانت مازالت هي ماسكاه وقال بضيق_إيش تريدي؟
بمنتهى العصبية ردت_إيـش تريـدي؟
بعد ده كله تقولي إيش تريدي؟!
هو إيه اللي هتبقى أم لأحفادك دي؟!
أنتَ ليه محسسني إن أنا عبد عندك ملوش إنه يتحكم في تصرفاته وقراراته وحياته بنفسه!
رفع حاجبه ورد ببرود_عشان أنتِ مرتي سواء رضيتي ولا لأ
يعني أنا المفروض اللي أقرر عنك!
ضحكت باستهزاء وقالت_ليه حد قالك إني فاقدة الأهلية ولا حاجة؟
وبعدين إيه حوار أني مراتك الجديد ده؟!
قولتلك قبل كده يا عامر ميت مرة..
قاطعها وهو بيردد بنفس اسلوبها بتريقة_عارف عارف، اسطوانة أنا عمري ما هقبل إنك جوزي 
أنا مش معترفة بالجوازة دي
الموت عندي أهون من إني أبقى معاك يا عامر!
بصتله بصدمة بفاه مفتوح، وهي بترمش كذه مرة لحد ما رددت_أنتَ
أنتَ مش طبيعي والله!
مش ممكن!
زفر بنفاذ صبر وهو بيقول_بقولك إيش!
متكبريش الموضوع، أنا قولت هذولا الكلمتين عشان لو سيبتك لأمي مش هتسيبك غير وهي مفضية رصاصتين في نفوخك اليابس هذا
قالها وهو بيخبطها بعنف بصوباعه في جانب رأسها فدفعته هي بوجه معترض،
قرب منها ومال ناحيتها وهو بيقول_وبعدين ما كذبت
أنتِ مرتي فعلًا وهتفضلي مرتي عشان معندكيش حل تاني
خروجك من هنا هيكون على قبرك
هذا غير إنك ما عندك مكان تروحيله أساسًا!
أدرك في الوقت ده فداحة اللي قاله ولكن بعد فوات الأوان، اتملت عيونها بالدموع المحبوسة وبان الانفعال على وشها وشافت إنه عايرها بضعفها، ضمت شفايفها وهي بتبصله بتأنيب وقالت_عندك حق
مليش مكان أروحه فعلًا
رفعت إيديها وشاورت ليه وهي بتكمل بألم_عشان أنتَ سلبت مني كل مكان ممكن ألجأله يا عامر 
أنتَ سلبت مني حياتي
أنتَ خلتني عاجزة ووحيدة
وحيدة لدرجة إني مش لاقية شخص واحد بس ممكن أآمنله
فأنتَ صح عندك حق، أنا مليش مكان تاني أروحله
نهت كلامها وسابته ورجعت على البيت، كان عايز يناديها، ولكنه لقى نفسه عاجز وهو رافع إيده في الهوا بقلة حيلة، وكإن مشاعره رافضة تظهر، ومش قادر يطلع اللي بيعتمره جواه، ولكن مش هيقدر ينكر إنه حزن عليها، بل حس إن نظرة عينيها بتصفعه بعنف
فضل مراقب طيفها شوية قبل ما يتلفت وهو بيتنهد بضيق من نفسه واتجه لعربيته
شاور لسعد وحمد اللي جم على طول، فقال_جهزتوا كل حاجة؟
رد سعد_أيوه يا عامر بيه، ووصينا الرجالة ميعرفوش عايد وفارس بيه
وقبل ما يتكلم كان وصل عنده عايد وفارس اللي قالوا_إحنا جايين معاك ياخوي
غمض عامر عينه وهو بيضغط على جفونه بقوة، رجع بص لسعد اللي شحب لونه بتوتر وقال باستهزاء ورفعة حاجب_هذا هو اللي وصيت الرجالة ميعرفوش عايد وفارس؟!
اتدخل فارس في الوقت ده وقال_اعذرني ياخوي
بس تارك تارنا إحنا كمان
وبعدين الشحنة اللي اتاخدت كنت أنا المسئول عنها
فمش هنسيبك تروحلهم لحالك!
بصلهم بضيق وهو بيقول_أنا مش عاوز حد فيكم يتأذى
ربت عايد على كتفه وقال بتأكيد_ما تقلق، إحنا رجالة نفوت في الحديد برضك
هز راسه بقلة حيلة بعد ما اتأكد إنه استحالة يرجع عن رأيه
وبالفعل كانوا اتحركوا كلهم، تلات عربيات تقريبًا من الدفع الرباعي الربع نقل، عربية فيها عامر وفارس وعايد وكان سعد سايق
والباقيين فيهم رجالة كانوا شايلين سلاح وماشيين بكل جراءة في عز النهار ولا كإنهم بيهابوا شيء
وبعد وقت قليل في الطريق كانوا وصلوا لبيت ضخم على الطراز الحديث واللي كان لصالح ولكنه كان معزول برضه وسط مزارع الرشيدي
وقفت العربيات مرة واحدة خلت رجالة الرشيدي يتحفزوا
وقبل ما يستوعبوا كانوا نزلوا رجالة عامر واشتعل المكان بالطلق الناري وبقوا يقتلوا في الرجالة اللي قدامهم بلا رحمة
ومنهم عامر اللي نزل وهو بيضرب اللي يقابله بسلاحه من غير أي شفقة أو خوف من مظهر الدماء أو الجثث والاصابات  اللي قدامه
ومعاه عايد وفارس اللي كانوا بيشاركوا رجالته في القتل
وقف عامر قصاد الباب، ضرب القفل بمسدسه وهو بيبعد وشه عشان ميتصابش، وبعدين ضرب الباب برجله ودخل، شاف صالح ضامم زوجته نجاة وهما متخبيين ورا الكنبة، في حين عزيز كان واقف وهو بيبص لعامر بنظرات مشتعلة.
قرب منه عامر ووجه كلامه لنجاة_اطلعي على فوق
أنا مبسيحش دم قدام حريم
نقلت نظراتها المرعوبة واللي مليانة بالدموع بينه وبين زوجها برفض ولكن صالح اجبرها تطلع.
وبعدين اتحامل على نفسه ووقف وهو بينفض زجاج الشبابيك المتكسر عن هدومه واتجه ناحية عامر وهو بيقول_أنتَ اتجننت يا عامر؟
بتتهجم على الدار في عز النهار وتقتل في رجالتي ولا فيه خشا!
رفع راسه وهو حاطت كفه اللي فيه السلاح على التاني وقال بقوة_عامر الزيات ما بيهاب شي
وعشان تعرف إن لا أنت ولا الحكومة هتخلونا نكش
واعتبر رجالتك اللي راحوا قصاد بضاعتنا اللي الحكومة صادرتها
نقل نظره على عزيز الواقف كاتم غيظه بغل، في حين حاول يهاوده صالح_يا عامر هذا اللي بتسويه غلط وما يصح!
شاور براسه لعزيز وقال_واللي ابنك سواه هذا غلط ولا مش غلط؟
من متى واحنا بندخل الحكومة بينا؟
ماهو لو عاوزين ندخلها يبقى عز الطلب ومتلوموش غير حالكم!
وأظن أنتم داريين بإن كلامي بيتنفذ ومش شوية تهديد؟!
كان عارف صالح إنه بالفعل ماسك عليهم حاجات ممكن توديهم في داهية، فلذلك بلع ريقه بخوف وقال_لا يا عامر 
خلافاتنا بعيد عن الحكومة
برفعة حاجب قال_قول لابنك هذا الكلام
وبدون تردد اتجه صالح لعزيز وصفعه بقوة لدرجة إن عزيز اتوسعت عيونه بصدمة، في حين وبخه قائلًا_قولتلك بدل المرة مية ما تسوي شي بدون علمي
عاجبك اللي صار هذا!
كتم عزيز غيظه وهو بيبص لأبوه بأعصاب مشدودة وعيون متحجرة، لإن صالح كان عنده علم بكل اللي حصل بل ده كان تفكيره هو!
ولكنه قدر يميز إنه خايف من بطش عامر خاصة بعد جرئته دي، ابتسم عامر باستهزاء وقال_أديك شوفت بنفسك يا صالح
لو عوزت اسوي شي بسويه وسط النهار وعلى عينك يا تاجر
يعني برقع الحيا متشال من على وشي
بلاش تقف في طريقي عشان قسمًا بالله الرصاص اللي اتضرب في شوية الرجالة والازاز هذا هيتضرب في نفوخك أنتَ وابنك
لو عاوز ترمل مرتك، اتحداني تاني!
كان بيقول كلامه بتهديد صريح وهو رافع سلاحه قدام عينه كإنه بيأكدلهم إنه هيعمل كده فعلًا، فكتم صالح غله وقال_غلطة ومش هتتكرر يا عامر صدقني
اعتبره عيل وغلط
رمى عليه عامر نظرة استحقار من فوق لتحت وهو بيقول_لا ماهو عيل فعلًا مش هعتبره
وبعدين قوله يفكه من الجري ورا الحريم ويسترجل
لما يعوز يعمل حاجة يعملها بدون ما يدخل الحريم
وجه نظره لعايد وفارس وشاورلهم براسه وخرجوا بدون ما يزود كلمة تانية، ضم عزيز قبضته ونوى يروح يهجم عليه بعد ما حس بالإهانة من كلامه ولكن منعه صالح لما بسط كفه على صدره وبصله بأمر
وبعدين اتحرك ورا عامر وهو بيبص على جثث رجالته اللي مرمية على الأرض والدماء اللي ملت المكان بحسرة
في حين رماهم عامر بنظرة أخيرة قبل ما يركب عربيته هو ورجالته ويخرجوا خروج عاصف يشبه دخلتهم.
قرب عزيز من أبوه وهتف_يعني كان لازم تضربني قدامه يابوي كيف العيل الصغير!
التفت ليه صالح وربت على كتفه وهو بيقول_كان لازم أقل منك قدامه وإلا مكانش هيسكت غير وهو ضاربك رصاصة
أنا مقدرش استغنى عنك يا عزيز ولا أرضى يصيبك أذى
بس صدقني هيندم
مش هعدي اللي عمله هذا بالساهل
سكت عزيز وهو بيبص لأبوه بغضب شديد، فأومأ ليه التاني بتأكيد على كلامه...

                            ****

صوت خبط على الباب قطع خلوتها بنفسها، مسحت دموعها بسرعة رافضة إن يظهر أي ضعف منها وهتفت_مين؟
اتفتح الباب براحة وطل منه جواد اللي جري عليها وطلع على السرير وهو بيقول_وش بتسوي يا ماما؟!
اتعدلت وهي بترد_ولا حاجة 
كنت جاي ليه؟
كان قاعد على ركبه قدامها وهو باصصلها بابتسامة واسعة في حين بيشيل الشعر اللي نازل على عينه وقال_جاي ألعب معاكي
حاشت بالنظر عنه وهي بتحاول تمنع مشاعر الأمومة اللي بتتفاقم جواها بمجرد ما تشوفه وقالت_مرة تانية عشان تعبانة شوية
ولكن الطفل ميئسش وقال بعبوس_لا بقى مش كل مرة هتقولي تعبانة!
ضحكت يقين غصب عنها لما شافت اصراره، فرجعت ملامحه للحماس وهو بيقول_خلاص تعالي نتمشى في المزرعة وأوريكي مسعود 
عقدت حاجبها بتعجب وسألت_مين مسعود؟
نزل من على السرير وهو بيجذب إيديها رغمًا عنها_مسعود هذا البعير بتاعي، كان صغير أوي وبعدين كبر دلوقت وبقى جمل كبير
لقت نفسها بتمشي معاه غصب عنها، فكمل هو_وكمان هوريكي جواد 
هذا خيل كان أبوي سماه وأمي سلمى حامل فيا، كان بيقول لو جه واد هسميه جواد ويبقى هذا خيله
وأنا مستني أكبر عشان اتسابق بيه 
ابتسمت على برائته وهو بيحكي بحماس، وفعلًا خرجوا لبرا وابتدوا يدخلوا لجوا المزرعة، في حين كان جواد بيحكيلها عن أبوه والعيلة كلها وهي بتسمعه بفضول شديد
يمكن كانت بتتخيله ابنها اللي مقدرتش تشوفه بسبب يوسف بعد ما حرمها منه بسبب قذارته
فبتعوض الاحساس ده فيه
هي كان راغبة بشكل كبير إنها تكون أم
يمكن أول سبب خلاها تتجوز إنها عايزة تشيل طفلها بين إيديها ولكن حتى ده يوسف حرمها منه
لعبوا كتير مع بعض واتجولوا كتير جوا المزرعة، لحد ما حسوا بالتعب والارهاق فقعدوا تحت شجرة يوسفي مفضلة عند جواد لإنها كانت بتنتج يوسفي لونه مايل للأحمر المميز
فكانت يقين قاعدة ساندة ضهرها على الشجرة في حين جواد ممدد على الأرض وحاطت راسه على رجلها وبيلعب بجهازه اللوحي وهو مازال بيتكلم كلام عشوائي
في حين هي بتغلغل أصابعها في شعره وهي سرحانة في الفراغ
يمكن كانت لحظات عشوائية بسيطة مع طفل، ولكنها كانت مليانة دفئ محستش بيه من ساعة ما جت هنا
معقولة جواد يبقى هو رفيقها الوحيد هنا؟!

                           ****

رجعوا البيت بعد المعركة الطاحنة اللي حصلت في بيت الرشايدة، نزل من العربية وقرر يروح لمكتبه عشان يجهز للشحنة الجديدة غير اللي باظت، فوجه كلامه لفارس_قول لزايد يجهز عشان الشغل المرادي عليه
هز فارس راسه واتفرقوا هما التلاتة لأماكن مختلفة، ولكن قبل ما يتجه للمكتب الخارجي كان لفت انتباهه نداء فاطمة عليه وهي بتجري ناحيته، عقد حواجبه بتعجب وقال_خير ياما
اتنفست بعنف وهي بتقول_الحق يا عامر!
قرب منها بنفاذ صبر_قولي ياما متتعبيش أعصابي
_جـواد
قالتها بخوف، فحس إن قلبه وقع من الرعب عليه وقال بحذر_ماله جواد
حصله حاجة!
فردت فاطمة_مش لاقيينه، آخر مرة كانوا شافوه طالع لغرفة المشئومة
ودلوقت لا هو ولا هي في غرفتها
أنا متأكدة إنها ساوت فيه شي
هتنتقم مننا فيه
الحق جواد من بين ايديها يا عامر إلا حفيدي!
رغم القلق اللي اتسلل جوا عامر إلا إنه استنكر اللي بتقوله وقال_هتلاقيهم هنا ولا هنا ياما
دوروا كويس بس، لو كانوا خرجوا كان الرجالة قالولي
ولكن حاولت فاطمة تبخ سمومها اكتر وهتفت بعصبية_بقولك مالهم أثر في الدار، هتئذي ابنك يا عامر!
هذي الملعونة هتعمل أي شي عشان تكسرك!
لقى نفسه بيقول برفض قاطع_لا ياما
يقين ماهي كذه
استحالة تعمل شي في جواد أو تستغله هي مش من هذا النوع
ولكن كلامه اشعل لهيب فاطمة اللي صرخت_كإنك بتدافع عنها يا عامر!
مخليني أحس إنك عارفها بقالك زمن، لو مش فاكر خليني أفكرك!
هذي الملعونة اللي دخلت بيناتنا وطعنتك يا عامر!
زفر بنفاذ صبر وسابها واتلفت راح ناحية رجالته، وقال_جواد ومرتي خرجوا قدامكوا؟
هز الرجل راسه برفض ورد_لا يا بيه
كانوا حوالين الدار بس ما خرجوا
سابهم ومشي ناحية المزرعة تحت أنظار فاطمة اللي كانت باصة لأثره بصمت ونظرات غامضة
وبالفعل كان عامر متأكد من جواه إن استحالة يقين تئذي جواد
هو شاف بعينه معاملتها ليه
وكمان عارف إنها من النوع اللي عمرها ما تستغل طفل في انتقام
ولكن مهما حاول يشرح لأمه عمرها ما هتفهم ده وهتشوفه بيدافع عنها
فضل يدور حوالين المزرعة والأماكن اللي بيحب جواد يروحها، ولكن ملقاهمش
وقبل ما يرجع بعد ما حس بالقلق من جواه ليكون حد اذاهم لقى نفسه بيغير اتجاهه
قلت خطواته السريعة، وارتاحت أنفاسه القلقة، وانفرجت شفتاه عن ابتسامة رقيقة وهو شايف المشهد اللي قدامه
كانت نايمة وهي ساندة على الشجرة، في حين جواد هو كمان غارق في النوم وعلى بطنه جهازه اللوحي
قرب منهم بخطوات بطيئة وهو بيتأمل المشهد اللي قدامه بعمق
مشافش قبل كده جواد بالراحة دي مع حد، وكمان استغرب معاملتها ليه
كإنه أمه!
يمكن دي حاجة مخلياه يتمسك بوجودها أكتر
نزل على ركبته، طبع قبلة على جبين جواد وبعدين انتقل بنظراته عليها بيتأملها عن قرب
حس في الوقت ده بمشاعر مختلفة، كإن فيه أحاسيس جديدة بتقوده ناحيتها
بتجبره يقرب
وبتجبره يحميها!
لقى نفسه بيدرس قسماتها عن قرب، وفي اللحظة دي لمعت عيونه بإعجاب واضح ولكنه كان لسة رافض الاعتراف بيه
مد إيده في الوقت ده وبرقه بَعد خصلة من شعرها عن وشها
زمت شفايفها في الوقت ده باعتراض فابتسم رغمًا عنه
ولكنها فتحت عيونها بنعاس وهي بترمش كذه مرة، فشافته قريب منها لقت نفسها بتبتسم ليه بلا وعي 
ورغم إنه رد فعل بسيط إلا إنه اندهش لإنه متعودش منها غير على نظرات الكره
ولكن اتبددت ابتسامته سريعًا لما استوعبت اللي بيحصل وانتفضت بهلع
فبعد بسرعة وهو بيتنحنح بإحراج وبيقول_اهدي، اهدي
جواد نايم
رمت نظرة على التقل اللي على رجليها وبالفعل لما لقته غارق في النوم هديت حركتها، رجعت بصتله فقال عامر_واخدين راحتكم هنا ورايحين في سابع نومة وسايبين الدنيا مقلوبة عليكم هناك 
عقدت جبينها وسألت متعجبة_مقلوبة علينا ليه يعني؟!
قعد على الأرض وفرد رجليه وهو بيقول بسخرية_أمي فاكراكي خطفتي جواد عشان تنتقمي مني
شهقت بصدمة ورددت بعدم استيعاب_مش للدرجادي يعني!
أنا مشكلتي معاك أنت وعمري ما استغل طفل في حاجة زي دي!
وبعدين جواد هو اللي كان عايز يتمشى فمقدرتش أكسر خاطره
كان باصصلها بابتسامة فملست هي على شعر جواد وقالت_وبعدين الولد ميشبهكوش خالص
أنا مش عارفة هو ابنك ازاي؟!
ضحك لما عرف إنها قاصدة تهينه وقال_متزعليش بكرا لما يكبر هتلاقيه نسخة مني، دم الزيات بيجري في عروقه برضك!
وبعدين ما أنتِ أهو متشبهيناش خالص وبقيتي واحدة مننا!
أصدرت صوت معترض وقالت  بنزق_شوف الكلام اللي يضايق بقى!
لقى نفسه بيضحك بشدة قصاد عبوسها وشفايفها المزمومة بضيق، ورغمًا عنها ابتسمت قصاده وكإنها بتشوف جانب جديد منه، اتنحنحت وقالت_هي مامت جواد 
أقصد يعني مراتك 
يعني كنتوا متجوزين عن حب؟
هز راسه وشرد قدامه وهو بيقول_من زمان وبينا وبين الرشايدة مشاكل بسبب الشغل، كانوا الرشايدة دايمًا بيحاولوا يوقعونا
وكان فيه دم كتير بينا، رجالة كانت بتروح في خلافاتنا
فحبينا نوحد شغلنا ونقفل صفحة العداوة اللي بيننا
فمكانش فيه حل غير إني اتجوز سلمى بنتهم عشان يبقى فيه نسب ودم بيننا بما إني كبير العيلة وحمايتهم مسئوليتي فكان لازم أنا اللي أضحي، 
الحقيقة إن الحياة بينا مكانش فيها مشاعر على الأقل من ناحيتي، كان فيه مشاكل بينها وبين أمي كتير لأنها كانت كارهاها عشانها من الرشايدة
وجه جواد نور حياتنا
بس جوازنا مطولش وصار اللي صار
لاحظت عبوس وشه وكإنه بيقاوم غصة جواه مش قادر يمحيها، شعور بالعار بيساوره، فبفضول وحذر سألت_إيه اللي حصل بالظبط اليوم ده؟
رفع عيونه ليها، فضل ساكت شوية وهو حاسس بتردد جواه، ولكن لقى نفسه بيقول وهو بيغمض عيونه بضيق_يوم عيد  ميلاد جواد التاني، احتفلنا وقضينا اليوم مع بعض
كل اللي في الدار شربوا من نفس العصير هذا اليوم
وكلنا حسينا بنفس الدوخة والهبوط
خلصنا وطلعنا نمنا، مادرينا بنفسنا ولا بأي شي حوالينا
صحيت تاني يوم الصبح، كانت سلمى نايمة على دراعي زي ما هي وجواد على سريره لوحده 
جيت أقوم وأصحيها لقيتها ما بتتحركش ولما قلبتها لقيتها مقتولة بطلقتين 
شهقت يقين بصدمة وهي بتحط إيديها على شفايفها، في حين كمل عامر بضيق شديد وهو بيضم قبضته_لحد دلوقت معرفتش اللي سوي هذي العملة
بس كل اللي متأكد منه إنه عمل كذه عشان يرجع العداوة بين العيلتين
مكنتش أنا هدفه، ولا أي حد من الدار
بس كان هدفه الدم والتار، وفعلًا من وقتها زادت العداوة بين العيلتين أكتر من الأول
اتملت عيون يقين بالدموع المحبوسة، ورددت وهي بتهز راسها بعدم استيعاب_مش ممكن
انتوا في غابة؟!
انتوا ازاي عايشين كده وبتتعاملوا مع القتل والدم والاسلحة بمنتهى السهولة!
كان شايف نظرات الاشمئزاز على وشها، فابتسم بسخرية أليمة وقال_الحياة مش وردية يا صحفية
وبعدين مستغربة ليش؟!
أكيد قابلتي جرايم كتير في مهنتك
هذا غير مهنة اللي كان زوجك!
وبعدين أنتِ بنفسك سايبالي جرح في بطني لسة ما اتداوى لدلوقت
يعني من ساعة من دخلتي العريش وأنتِ بقيتي بتشبهينا يا صحفية!
بصتله بغيظ رهيب، كان قادر يقلب الترابيزة عليها بمنتهى البساطة، ودي حاجة كانت مضايقاها
قطع خلوتهم مع بعض حضور ليلى وهناء اللي كانوا بيدوروا على جواد، ولكن وقفوا متجمدين قصاد المشهد اللي قدامهم واللي كان شكله شاعري،
شهقت هناء ورددت_يا ويلي
شكل كلام أمك صحيح وعامر اعتبرها مرته خلاص 
لكزتها ليلى بعنف وهي بتقول_اسكتي مسمعش حسك!
قربت منهم وهي رافعة جلبابها عشان تعرف تمشي، وهتفت_أنتَ هنا يا عامر!
مرت عمي هتموت من الرعب على جواد
أصل كانت فاكراه حصله حاجة ولا حد أذاه!
قالتها وهي بترمي يقين بنظرات ذات مغزى اللي رفعت إيديها وهي بتقول بعدم استيعاب_مش معقولة نظرية المؤامرة اللي أنتوا عايشين فيها!
محسسني إني هاكله!
ولكن عامر بص لـ ليلى برفعة حاجب خلاها ترتبك، كان قادر يفهم احساس الغيرة من ناحية يقين اللي جواها ومحاولات الكيد اللي بتعملها، ولكنه رد بحدة_قوليلها تتطمن
جواد مع امه
يعني استحالة يصير له أي أذى!
نقلت نظرها على جواد النايم وبعدين على يقين اللي بصت لعامر بدهشة إنه دافع عنها، فاتلجلجت ليلى وقال_أنا ما اقصدش يا عامر أنا..
قاطعها وهو بيقول بلهجة لا تقبل النقاش_روحي يا ليلى
روحي طمني الجماعة، عرفيهم إن جواد مع أبوه وأمه مش حد غريب
بصتله بعتاب، كانت نظرات قدرت تقرأها يقين بسهولة، وقدرت تميز إن اللي قدامها دي عاشقة مجروحة، فبالفعل سابتهم ليلى واتلفتت تمشي بخطوات أشبه بالركض عشان تداري دموعها، أما يقين فاتلفتت لعامر وفضلت بصاله شوية بصمت وبعدين سألت بجرأة_على كده بتحبها أنتَ كمان زي ما بتحبك؟
بصلها عامر بدهشة ملحوظة، أما هي فكانت مستنية رده برفعة حاجب، قطع الاتصال البصري اللي طال بينهم صوت رسالة من تليفون عامر
طلعه من جيبه وهو مازال باصصلها، فتح تليفونه والرسالة اللي كانت من رقم مجهول
ولكنه اتجمد تمامًا لما لقى محتواها
_الحق اتمتعلك يومين مع الصحفية قبل ما اقتلها هي كمان كيف مراتك الأولانية..

الحلقة السادسة عشر

كانت ملاحظة نظراته المتجمدة على موبايله وملامحه اللي اتبدلت لتانية غريبة، كانت أعصابه مشدودة وهو بيعاين الرسالة بعينه، بيتلاعبوا بيه 
كل اللي حصل وبيحصل ده مقصود
ولكن مش قادر يعرف مين غرضه كده 
أو يمكن هو في بؤرة شك تخليه يشك في نفسه حتى!
فتح الرقم وحاول يتصل عليه ولكن كان مقفول، وللأسف مقدرش يعرف هو بتاع مين، 
رغم الفضول اللي كان باين على نظراتها وهي متابعاه، فضلت صامتة وهي بتتأمل قسماته، وبرضه كانت متحفزة مستنية اجابة سؤالها اللي أشعل فضولها بشكل ملحوظ
خاصة صدمته في البداية اللي كانت واضحة عليه
وبعد صمت اتعدل هو واتنحنح ومال شال جواد على كتفه وقام وهو بيقول بتوتر_يلا نرجع الدار
نومة جواد كذه غلط 
رفعت حاجبها وهي بتحدق فيه بتفحص، شافت في الوقت ده إن سؤالها حرجه، وإنه بيتهرب من إجابته بالفعل
إذًا ففيه حاجة بينه وبين ليلى فعلا ومش عايز يبوح!
كان هو بيرمقها من طرف عينه وهي بصاله من تحت، مد ايده يساعدها تقوم، ففضلت تنظر ليه شوية وبعدين قامت وقفت من غير ما تعطي اهتمام لمساعدته ليها، فضم كفه وبعدين شاورلها تتحرك وبالفعل مشيت معاه
دخل لجوا معاها وهو شايل جواد، وقبل ما تسيبه وتطلع لأوضتها لقته بيقول_استني عاوزك
بصتله بتعجب، فدخل هو لجوا غرفة المجلس اللي في البيت، فشاف فاطمة واقفة مع ليلى وهناء وكان معاهم زوجات اخواته
اتعدلت فاطمة أول ما شافتهم داخلين مع بعض كإنهم أسرة واحدة وزوج وزوجة بالفعل ودي حاجة معجبتهاش تمامًا فرمقتهم بنظرات غير راضية 
أما عامر فشاور لنوارة زوجة أخوه اللي جريت خدت جواد منه بحذر وطلعته لأوضته
رغمًا عن يقين لقت نفسها بتتأمل ليلى من فوق لتحت بتفحص وبفضول شديد
طولها المتوسط، عيونها البنية الواسعة المتكحلة بكحل شديد السواد، خصلاتها البنية اللي ظاهرة من تحت الحجاب
كل دي حاجات خلتها تقول جواها
هي حلوة فعلا
تستاهل!
لاحظت ليلى نظراتها فبصتلها برفعة حاجب، فهزت يقين راسها سريعًا وهي بتحوش نظرها عنها
وجه عامر كلامه لفاطمة في الوقت ده وقال بنبرة ذات مغزى_أديكي شوفتي أهو ياما
جواد بخير وما صابه شي، حتى من كتر ما لعب وانبسط غفي من يقين
اللي هي تبقى كيف أمه!
شدد على الجملة الأخيرة بقصد، فرفعت فاطمة راسها وبسخرية قالت_محسسني إن أمه هي اللي كانت عدلة
يلا الميت ما يجوز عليه إلا الرحمة!
رفعت يقين حاجبها وهي بتطالعها باستنكار، أما الجملة دي فخلت عامر يبصلها بتدقيق وشك، مش هينكر إنه حاسس إن والدته ليها يد في الموضوع
خاصة وإنها كانت كارهة وجود سلمى ودايمًا بتفتعل معاها مشاكل زي ما بتعمل مع يقين دلوقتي
حاد بنظره عنها، وقال لراوية زوجة أخوه_معلش يا مرات أخوي هتعبك معايا
ياريت أنتِ وهدية تنقلوا حاجة يقين لغرفتي عشان هتبيت معايا بعد كذه
اتسعت عيون ليلى، في حين شهقت يقين بصدمة وهتفت_نعم؟
هبات فين معلش؟!
التفت لها عامر وهو بيقول بابتسامة مستفزة_معايا يا زوجتي الغالية
مش المفروض نبقى في غرفة واحدة ولا إيش
ولا هنفضل كذه كيف الاخوات؟!
احمر وشها من الانفعال وتحكمه المبالغ فيه، شافت إنه بيجبرها على حاجات مش عايزاها، فصرخت بغضب قبل ما تتلفت وتخرج_استحالة يا عامر 
مش كل حاجة هتمشى على هواك
استحالة سامعني!
تابعها وهي بتخرج بغضب عاصف، كان فاكرها طالعة لغرفتها عشان تقفل على نفسها كالعادة، ولكن مشافهاش وهي خارجة لبرا، بل وبمنتهى العصبية وهي بتحاول تكبح دموعها من احساس الذل، جريت لبرا بس رجالته منعوها من الخروج وهما بيعترضوا طريقها من الباب، فصرخت فيهم_وسعوا عايزة أخرج!
فضلوا يبصوا لبعض بتردد وبعدين انحنوت براسهم عشان ميرفعوش نظرهم على زوجة رب عملهم، زفرت هي بعصبية وهي بتشد على شعرها بغيظ، ولكن لمحت سيارة مركونة جوا من ضمن سيارات عامر، فبدون تردد جريت ركبت العربية اللي كان مفتاحها جواها زي عادتهم
شغلت المحرك وبدون تردد خرجت من العربية من البيت وهي بتدوس بنزين بعنف اجبرت الرجالة ينجدوا بحياتهم ويبعدوا عن الباب قبل ما تخبطهم بلا تردد
وخرجت لوجهة هي مش عارفاها، 
سمحت لدموعها في الوقت ده إنها تاخد مجراها.
أما جوا فوجه عامر كلامه لمرات اخوه وهو بيقول_ما تسمعيش لها، اعملي اللي قولتلك عليه
ياريت تبقى حاجتها في غرفتي قبل المسا
هزت راسها وهي بتقول_اللي تشوفه ياخوي، كده كده حاجة يقين مش كتير، فمش هياخدوا وقت خالص، يدوبك هما شوية الهدوم اللي جايبهم لها
أوما ليها بإمتنان، فخرجت هي في الوقت ده عشان تعمل اللي قالها عليه، أما فاطمة فقربت منه مرة واحدة وهي بتنهره_أنتَ جرا لعقلك حاجة يا عامر؟
وش هذا اللي بتسويه؟
من متى وأنت مخبول بالمصراوية كذه؟
كإنك نسيت كل اللي سوته!
يعني روحت وجيبتلنا بنت الرشايدة وقولت ماشي، قولت هتجوز المصراوية عشان الحكومة قولت ماشي، إنما خلاص اتجنيت؟
عاوزها مرتك كمان وبتجبرنا نحبها ونعتبرها واحدة مننا!
رمقها عامر بحدة وقال وهو بينقل نظره بينها وبين ليلى وهناء_أسلوبك هذا ما يصح ياما!
أنا كبير كفاية آخذ قراراتي بنفسي
وأنا ادرى بمصلحتي
وبعدين كل شوية تفكريني بسلمى ليش
كإنها معلقة معاكي لسبب؟!
نهى كلامه بسؤال استنكاري وهو بيبصلها بنظرات ذات مغزى وهو مش قادر يداري شكه، رفعت فاطمة حاجبها وردت بقوة_ما في سبب ولا شي يابن بطني
ومتهيألي أنتَ اكتر واحد داري إني مالي في اللف ولا الدوران، ولو عاوزة حاجة أو في بالي شي بقوله من غير خشا وما بهاب اي مخلوق!
قربت منه خطوة وهي بتبص في عيونه وبتقول_أنتَ اللي قولي يا عامر 
وش اللي في بالك؟
فضل باصصلها بصمت شوية قبل ما يقول بجمود_يقين مرتي 
وهتفضل مرتي ياما
حطي هذا في عقلك عشان منتعبش كتير مع بعض.
كانت هتتكلم ولكن قطع كلامهم حمد اللي دخل وهو بيجري وبيقول_الحق يا عامر بيه
اتلفتوله كلهم بتساؤل، فقال حمد_مرتك خدت السيارة وخرجت جري ومحدش لحقها!
اتسعت عيون عامر برعب واتملت دماغه بسيناريوهات عديدة كلها أفظع من بعض، فسابه وخرج بخطوات أشبه بالركض، شاف رجالته واقفين وباين عليهم الخوف منه، فركب عربية تانية وبدون تردد خرج هو كمان
أما فاطمة فرفعت راسها وبكره قالت_روحه بلا راجعة إن شاالله
قربت منها ليلى وهي بتبصلها بعيون دامعة مليانة عتاب، بعد ما خلتها ترسم سيناريوهات بينها وبين عامر كل ده بيتهد قدام عينيها بالتدريج وهي واقفة عاجزة، فابتسمت لها فاطمة بدعم وبطرف إيديها رفعت وشها من دقنها ليها وهي بتقول_امسحي دموعك يا أم عيون غزال
أنا عند وعدي ليكي
وكيف ما قولتلك قبل كذه، مش شايفة غيرك مرت عامر 
نقلت هناء نظرها بينهم في عدم رضا، خاصة وهي عارفة برغبة خالد في زواجه من ليلى، وده شيء مخليها مش راضية عن اللي بيحصل. 

مكانتش عارفة في السواقة غير حاجات بسيطة أساسية، يمكن الدروس الأولية اللي اتعلمتها بعد ما طلبت من يوسف ده، وبعدها هي نفسها اللي ملت ومرضيتش تكمل.
كانت متشبثة بالمقود بإيديها الاتنين، مثبتة نظرها على الطريق ولكن عقلها في عالم تاني، بس كان باين على سواقتها عدم الاتزان من حركة العربية الغير منتظمة، دموعها نازلة على وشها وهي بتشهق بعنف،
بيجبرها على حاجات كارهاها، بيستغل ضعفها وقلة حيلتها لمجرد إنه يتحكم فيها بس، لمجرد إنه يفرض سطوته!
شهقت بألم وهي بتضرب على المقود بإيديها الاتنين بعنف، قبل ما تنتفض برعب لما سمعت صوت كلاكس عربية من جنبها عنيف، واللي كان من سواق معترض على سواقتها اللي باين عليها إنها مش متمكنة، اتلفتت للطريق بدموع لحد ما العربية مشيت من جنبها، وبعدين سمحت لباقي دموعها بالهطول على وشها
مكانتش عارفة بتبكي على إيه
على ولائها لشخص خاين؟
ولا فقدانها لأهلها؟
خسارتها لشغلها ولا سمعتها!
زواجها الاجباري ولا الحياة اللي مضطرة تتأقلم عليها؟!
ولكن كل اللي كانت عارفاه إنها حست إن طاقتها نفدت ومبقتش قادرة تستحمل اكتر .
كان دايس على البنزين وماشي بسرعة مهولة وهو بيدور على العربية بعينه، لوهلة أول ما افتكر الرسالة صابه الهلع من أنها تتأذى
معقولة خايف عليها تتأذى فعلا ولا خايف تتاذى بسببه؟!
 ولا يمكن خوفه ده بسبب الماضي اللي لسة سايب علامة؟!
مش عارف، ولكن كل اللي عارفه دلوقتي إنه لازم يوصلها، لازم يتطمن عليها
وبالفعل اتنهد براحة لما شاف العربية من على بُعد، فزود من سرعته اكتر لحد ما وصل جنبها لوهلة حس بخفقة قوية في صدره لما شاف حالتها ولكنه تمالك نفسه سريعًا، نزل ازاز الشباك اللي جهتها وهتف بصوت عالي_اقفـي يا يقين
اقفي على جنب أنتِ مش عارفة تتحكمي في العربية!
مكانتش واخدة بالها منه، وبمجرد ما سمعت صوته حتى صرخت بعصبية_ابـعد عنـي
مـلكش دعـوة بيـا!
قالتها وهي بتزود من سرعة العربية، حس عامر بالخوف الحقيقي، فحاول يهاودها وهو بيقول_اقفي بس يا يقين
اقفي وهنتفاهم وهعملك اللي أنتِ عاوزاه
العربية هتتقلب بيكي كذه يا بنت الناس!
ولكنها بعصبية أكبر زعقت_بقـولك ابعـد عنـي!
زودت من سرعة السيارة لدرجة جنونية، في حين كان هو عمال يضرب بوق السيارة لعله يقنعها وهو بيهتف باسمها بذعر وبإصرار
ولكن مكانتش حاسة هي بنفسها، وبمجرد ما استوعبت السرعة اللي ماشية بيها ارتفع صوت دقات قلبها وتنفسها، ومعاها كان عامر حاسس إنه قلبه هينخلع من صدره وهو شايفها مش عارفة تتحكم في العربية، وسرعتها زادت أكتر لدرجة إنها سبقته
لوهلة حست إن حياتها على المحك، وبسبب الطريق الرملي، والسرعة العالية اللي بيصدر عنها تراب عنيف بيعيق الرؤية، كانت مثبتة إيديها على المقود وهي بتحاول تتحكم فيه على قد ما تقدر، لحد ما حادت عن الطريق ونزلت في أرض صحراوية فاضية، ومعاها داست فرامل مرة واحدة لدرجة إن العجَل لف حوالين نفسه كذه مرة لحد ما وقفت العربية مرة واحدة فارتطمت هي براسها بالمقود بعنف فتأوهت بألم
ولكن بعد ما اتمالكت نفسها فتحت الباب وهي بترمي نفسها برا العربية وسندت ضهرها عليها، مكانتش قادرة تفتح عينها وشعور بالإعياء والغثيان متملك منها
وصل جنبها ونزل من عربيته وهو بيجري عليها وشعور بالهلع عليها مسيطر عليها خاصة بعد ما شاف اللي حصل وإن العربية كانت هتتقلب بيها، شافها وهي على حالتها دي، فركض عليها ونزل على ركبته وهو بيهتف برعب_أنتِ بخير؟
صارلك شي؟!
فيه حاجة بتوجعك؟!
مكانتش قادرة ترد عليه، بتقاوم الدوار اللي بيلفح راسها، فاحتوى هو كتفها واجبرها تسند راسها على صدره وهو كمان كان بيلهث بسرعة من الخوف، غمض عيونه وضغط على جفونه وهو بيقول بعتاب_ليش بس كذه يا يقين!
ليش دايمًا شايفة روحك سهلة بالشكل هذا!
وكإن كلامه كان بمثابة صفعة فوقتها، فدفعته عنها باستنكار لفعلته، وحاولت تسند على العربية عشان تعيد توازنها وهي بتقول بهجوم_ابعـد متلمسنيش!
فضل متجمد مكانه وهو باصصلها بصمت، في حين وقفت وهي بتبعد شعرها عن عينيها
فقام هو كمان وقال_يلا نرجع للدار
بصتله بحدة ولكنه اجبرها وهو بيدفعها بخفة من ضهرها فكانت بتبعد إيده عنها بنفور وهي بتقول_وسـع
ملكش دعوة بيا
زفر بنفاذ صبر وهو بيقول_يلا بس يا يقين
كفاية اللي صار اليوم ما عاد فيا حيل الله يرضى عنك!
ولكنها نفرت إيده تاني وهي بتبصله بحدة، وبعدين اتجهت لعربيته بقلة حيلة
مكانتش عارفة فعلًا هتروح فين
ولكن حبت تشم هوا بعد اللي سمعته، حست بالاختناق، حست بإن فيه حاجة بتقبض على صدرها وملقتش حل غير إنها تبعد لمدة من الوقت علها تسترجع نفسها
قفل عامر باب العربية التانية وهو بياخد المفتاح، وبعدها اتجه وراها، كان في الوقت ده وصل حمد وسعد اللي نزلوا يتطمنوا عليه، فشاورلهم إنه كويس وبعدها حدف المفتاح لسعد عشان يجيب العربية
أما هو فصعد جنبها وهو باصصلها بتفحص قلق، كانت مربعة إيديها قصاد صدرها وهي باصة للجهة التانية وبتتحاشى النظر ناحيته
ملاحظتش نظراته الحانية اللي كانت متوجهة عليها، احساس الخوف اللي كان متملك منه
ملاحظتش ذعره عليها ولهفته إنه يشوفها كويسة ولا لا
هو نفسه ملاحظش تصرفاته دي لأنها كانت تلقائية خارجة عن إرادته.
رجعوا للبيت أخيرًا، بمجرد ما وقف نزلت من العربية من غير ما تديله فرصة يتكلم، وطلعت على فوق على طول
حاولت فتح غرفتها ولكن لقت الباب مغلق
وبعد محاولات عديدة ممزوجة بالعصبية شافتها نوارة اللي قالت بابتسامة بسيطة_عامر قالنا نقفل هذي الغرفة
حاجتك كلها في غرفته دلوقت
رمقتها يقين بحدة، فاتوترت نوارة وسابتها ونزلت بدون ما تقول حاجة تانية
وقفت يقين وهي بتشد على خصلاتها بجنون 
وبعدين اتجهت لغرفته بالفعل، فتحت الباب بعصبية وقفلته وراها بعنف
ولكن لقت نفسها واقفة مكانها بصمت وارتخت ملامحها وهي بتتأمل غرفته اللي كانت كلاسيكية بسيطة
سرير واحد مترتب، خزانة وكرسي قدام التسريحة بمرآتها الكبيرة،
كل ما تخطو خطوة لجوا ريحته القوية بتتسلل لأنفها، كإنه محاوطها حتى في عدم وجوده، كان فيه شعور غريب ساورها بمجرد ما خطت أقدامها للداخل 
وقفت قدام السرير تبصله بصمت
للحظة جه في خيالها إنهم نايمين على نفس السرير سوا
فهزت راسها بعنف رافضة الأفكار دي ونزلت دموعها في الوقت ده، رفعت كفها المرتعش وبسطته على شفايفها وهي بتقول_لأ
مش ممكن
لأ يارب لأ!
قعدت على الأرض بإنهيار وهي ساندة ضهرها على السرير وبتغلغل إيديها في شعرها وهي بتبكي
عاجزة لدرجة مكانتش تتخيلها
عمرها ما كانت ضعيفة بالشكل ده!
اتفتح الباب في الوقت ده ودخل وهو بيدور بعينه عليها لحد ما شافها، لوهلة اتجمد شوية ولكنه بعدها قفل الباب وهو داخل بخطوات بطيئة حذرة، 
حاول يخليها تخرج عن حالتها ويستفزها وقال_شايف إنك وصلتي للغرفة لوحدك أهو!
رفعت عيونها الحمرا ليه ترمقه بنظرات باغضة، مسحت دموعها بعنف بدراعها، وقامت وقفت وقربت منه وهي بتقول بابتسامة ساخرة_أنتَ نسيت ولا إيه؟
مش أنا برضه اللي كانت واقفة على بابك وأنتَ بتتكلم في التليفون؟!
ضم شفايفه وهو عاجز عن الرد بعد ما افحمته بردودها زي كل مرة، ولكن في الوقت ده راحت قوتها الواهية، ميلت راسها للجنب وقالت بنبرة معذبة وعيون مليانة دموع_كفـاية بالله عليـك
أنـتَ بتعـمل فيا كده لـيه؟!
خلاص عرفت إنك بتنتقم مني عشان اللي عملته، بس أنتَ كده خدت انتقامك وزيـادة!
بالله عليك كفاية لحد كده متعذبنيش أكتـر!
بصلها بإشفاق، وهو بيتأمل إنهيارها وعينه بتدور على ملامحها، وقال بصدق_أنا ما كنت بنتقم منك يا يقين
صرخت بعصبية_أومـال اللي بتعمله ده إيه؟!
 مسحت دموعها وهي بتحاول تتمالك نفسها وقالت_خلاص أنا برجع عن كل اللي قولته
مش هنتقم منك 
مش هعمل اي حاجـة تاني ومليش دعوة بأي حاجة، بس طلقني وسيبني أرجع لحياتي الطبيعية
صدقني هنسى إني شوفتك
بص لو عايز هسيب مهنة الصحافة دي خالص لأني كده كده مش هعرف ارجعلها، بس بالله عليك سيبني وكفاية كل ده، كفاية مش قادرة استحمل والله العظيم
والله العظيم تعبت ومبقتش قادرة اتحمل!
لقى نفسه عاجز عن التصرف قصاد توسلاتها، مش عارف يواسيها ازاي، حزن من اللي سببه ليها، فكملت هي بنحيب_بالله عليك طلقني وسيبني أمشي
لو جواك ذرة انسانية سيبني
سيبني أحاول أرجع ربع اللي خسرته!
بلع ريقه يرطب حلقه الجاف، واتكلم بهدوء_مقدرش أطلقك
فبكت وهي بتقول بأنفعال_لــيه؟
لـيه ما تقدرش تطلقني لـيه، ليه بتعمل كل ده طالما مش عايز تنتقم مني زي ما بتقول!
قرب خطوة منها لعله يحتويها حتى بقربه، كان شايف إنه ملوش الحق في إنه يلمسها، اتكلم بصوت متحشرج_لو سيبتك هتموتي
صرخت وهي بتضرب على صدرها_وهو أنا كده مش ميتة؟
أنتَ شايفني عايشة قدامك!
أنا كتبت على نفسي الموت من يوم ما بصمت على قسيمة جوازنا 
الموت وجوازي منك واحد!
على قد ما حس بغصة في صدره من كلامها اللي جرح كبرياؤه وحسسه إنه مسخ منبوذ، إلا إنه حاول يبررلها وقال_صدقيني يا يقين أنا ما أجبرتكيش تنقلي لهنا إلا عشانك أنتِ
عشان احميكي صدقيني
أنا مش من عادتي إني ببرر تصرفاتي لحد بس أنتِ متعرضة للخطر
هيقتلوكي كيف ما قتلوا سلمى وغدروا بيها وهي مالها ذنب في أي شي
وطول ما أنا مش عارف الغدر جاي من وين، فأأمن مكان ليكي هنا معايا!
رغم إنها صدمت في البداية من كلامه ونبرته الصادقة، ولكن بذلة لسان ندمت عليها قالت_ومين قالك كده هتحميني؟
ميــن فهمك ده؟!
ماهي يوم ما اتقتلت كانت نايمة في حضنك!
عرفت تحميها وقتها؟!
بهت تمامًا من قسوة كلامها، وكإنها بتصفعه بعجزه في وشه، الذكرى اللي بيحاول يمحيها من عقله، احساس بأنه ضعيف لدرجة إن مراته قتلوها وهي في حضنه، حتى لو مبيحبهاش بس كفاية العشرة وجواد اللي بينهم!
فضل باصصلها بملامح متألمة وصمت تام، ولكن في النهاية اتنحنح وقال بصوت متحشرج من انفعاله الداخلي_عنـدك حـق
قالها وسابها واتجه لدولابه، طلع جلباب وچاكيت، وبعدين دخل الحمام وهو بيرزع الباب بعنف وراه
وقفت هي تبص على أثره، لحظات وظهر الندم على وشها، فوقفت تعض على شفايفها بضيق شديد وهي بتمسح دموعها.
اتعدلت بسرعة لما اتفتح الباب وخرج وهو مغير هدومه، طالعته بتأمل ونظرات مليانة ندم، فعدى هو من جنبها بصمت وخرج من الأوضة وقفل الباب وراه
فقعدت هي بإنهيار على السرير وهي بتمسح دموعها وبتهز رجليها بعصبية 
وبيتردد في دماغها كلامه عن كونه عمل ده كله بغرض حمايتها فقط
مصدقاه؟
مش عارفة
جزء مصدقه، وجزء بينهرها وبيقولها اللي قدامك عامر الزيات
عدوك الوحيد واللي دمر حياتك
والاتنين بينهم صراع مش عارفة إنهي فيهم اللي ممكن ينتصر في النهاية.

رجع قُرب منتصف الليل، فتح باب الغرفة بحذر، دور بعينه عليها ولكن ملقاهاش، دخل لجوا وهو متعجب، سرعان ما خفتت حركته لما شافها فارشة جنب السرير وراحة في النوم 
هز راسها بقلة حيلة من راسها اليابس وعندها اللامحدود
قرب منها ونزل لمستواها وهو بيتأملها بصمت تام وملامح مش مفهومة
هو مبقاش فاهم نفسه
ولكن حاسس إن فيه حاجة غريبة جواه من ناحيتها وده وضع مش عاجبه، ليه قادر يغفر أي تصرف بتعمله؟
وليه قادر يسامح أي أذى ممكن تسببه ليه؟
ليه مغضبش وثار عليها لما ضربته بالكلام في وشه
ليه وليه وليه، أسئلة كتيرة جواه مش لاقي إجابتها
 بيبرر ده بإنه عذاب ضميره بس هو نفسه مش مصدق ده!
اتعدل وراح غير هدومه لملابس تانية بيتية، ورجع رفع من حرارة التكييف عشان متبردش، وغطاها كويس وبعدين اتمدد على سريره
فضل باصص للسقف شوية وهو بيعيد ذكرياته مع سلمى
اتقلب على جنبه وهو موجه نظره عليها، وبعدها غرق في النوم هو كمان..

                         ****
صباحًا
خرج من الحمام فشافها واقفة بتطبق البطاطين اللي كانت نايمة عليهم، القى عليها نظرة أما هي متلفتتش ناحيته ولكن كانت شايفاه بطرف عينها
اتجه ناحية التسريحة وابتدى يسرح شعره وينثر عطره وهو بيراقبها من انعكاسها في المراية
لحد ما قطع الصمت وقال_هتتعبي كذه من نوم الأرض
أنا ممكن أنقل كنبة المكتب هنا وأنام عليها أنا
بدون ما تبصله قالت_لا شكرًا 
انقل كنبة المكتب وهنام عليها أنا
مش هنام على سرير أنتَ كنت نايم عليه
ساب المشط من إيده واتلفت وهو بيقولها_تصدقي أنا غلطان إني قولت اعمل فيكي جيميلة
بصتله وعوجت وشها وهي بتقول بتريقة_محدش طلب منك!
جز على أسنانه بغيظ وهو شايفها سايباه وداخلة الحمام، فحب يستفزها أكتر وقال_طب على فكرة بقى
كنبة المكتب كنت بنام عليها هي كمان
رفعت حاجبها وبصتله بضيق وقالت_متجيبهاش
محدش اشتكالك أنا عاجباني الأرض!
دخلت ورزعت باب الحمام وراها، فضحك وهو بيقول_البطاطين اللي كنتي نايمة ومتغطية بيها دي بتاعتي برضه!
فتحت الباب وهتفت بطفولية_اشبع بيهم!
 قبل ما تقفله في وشه تاني، هز راسه بقلة حيلة وهو بيضحك، أما هي فسندت على الباب وهي بتسمع صوت خطواته الخارجة
ولوهلة لقت نفسها بتبتسم بخفة قبل ما تتحول للعبوس سريعًا وهي بتنهر نفسها.
قعدت معاهم على السفرة بعد ما اجبرها كالعادة تنزل
كانت حاسة إن كل الأنظار مسلطة عليها بتفحص وتعجب في آن واحد
ده غير نظرات الكره اللي كانت فاطمة موجهاها ليها
مقدرتش تاكل قدامها واستأذنت على طول وخرجت لبرا قدام الباب
دقايق وشافت عامر خارج، قرب منها وقال بتريقة_متبقيش حساسة كذه!
شوية وهتلاقي نفسك أخدتي مناعة من لسان ونظرات فاطمة الزيات
ابتسمتله بتريقة وهي بتعوج وشها، فربت على شعرها باستفزاز خلاها تدفع إيده بعصبية
وبعدين سابها وخرج وهو بيقول_ابقي داري شعرك هذا
فصرخت وهي بتدبدب رجليها على الأرض_ملكش دعوة خليك في نفسك!
مردش عليها وركب عربيته وخرج، وللحقه فارس اللي عدى من جنبها من غير ما يهتم، وعايد اللي قال_سلام يا مرات أخوي
رفعت إيديها في الهوا وهي حاسة بالجنون من تصرفاتهم المخبولة، الظاهر إن الچينات دي بتجري في دمهم
ولكنها ابتسمت بمجرد ما شافت جواد مقبل عليها وهو بيجري ويضمها بعفوية
ابتسمت وهي بتملس على شعره، الظاهر إن جواد هو الوحيد اللي هتلجأله بعد كده هنا، يمكن عشانه لسة ببراءته، ودم الزيات لسة مظهرش مفعوله عليه!
قضت وقت معاه وهو بيلعب بالكرة في المدخل الخلفي للبيت عشان يبقى بعيد عن دوشة الرجالة واللي موجودين
مكانش فيه غير اتنين تقريبًا اللي واقفين برا بيحرسوا الباب الخلفي
وفي أثناء ما هي مندمجة مع جواد سمعت صوت أحد الرجالة اللي جه جري للاتنين التانيين وهو بيقول_الحقوا بسرعة
المستودع اللي في مزرعة النخيل بيولع!
وبالفعل جريوا الاتنين اللي كانوا واقفين بهلع بدون تردد
عقدت يقين حاجبها بتعجب، واتحركت بخطوات فضولية لبرا تشوف إيه اللي بيحصل
ووراها جواد اللي كان ماسك الكورة وهو بيقول_إيش فيه يا ماما، ليش الكل بيجري؟!
لما شافت خلو المكان برا من أي حد حست بالقلق، فضمته ليها وقالتله_مفيش يا حبيبي
ادخل يلا كمل لعب
هز رأسه وبالفعل سابها ورجع، أما هي فوقفت تحاول تشوف الرجالة جريوا فين بفضول واهتمام شديد
ولكنها اتجمدت على صوت هتاف جواد المتعجب_خال عزيز!
اتلفتت بذعر، واتوسعت عيونها بدهشة وهي شايفة قدامها عزيز اللي شايل جواد وعلى وشه ابتسامة خبيثة وهو بيشاورلها بـ "باي"...!

يتبع 

         الفصل السابع عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات