رواية عقيق إل دورادو الفصل الخامس عشر15والسادس عشر16 بقلم منه ممدوح البنا


 رواية عقيق إل دورادو الفصل الخامس عشر15والسادس عشر16 بقلم منه ممدوح البنا

كان بدر واقف مع قائد الحرس بيتناقش معاه إزاي هيأمنوا حدود القصر بشكل مكثف خوفًا على الملك وأسرته، من وقت للتاني كان بيرفع عينه لضي القمر اللي لمحها واقفة في شرفة جناحها، رغمًا عنه مكانش قادر يشيح بنظره عنها، كان حاسس بمشاعر عديدة جواه وهو شايف نظرة عينيها اللي ملاحقاه والاهتمام اللي هو شايفه منها، كمل كلامه مع قائد الحرس اللي قال_ممكن نزود أكتر رماة السهام اللي على أسوار المملكة، ونزود عدد الحراس على الجبهة الشرقية والجنوبية، وممكن نزود المدافع على اسوار المملكة برضه كوسيلة دفاع
هز بدر راسه ليه بتفهم وقال_كويس جدًا، وهنضطر نستخدم أسلحة مملكة ازتلان مؤقتًا لحد ما صناع الأسلحة ينتهوا و...
سكن فجأة لما لمح التخبط اللي باين على ضي القمر من فوق، كان باين عليها الاعياء وبتترنج وهي واقفة، ضيق عيونه بتعجب فرفع قائد الحراس راسه مكان ما بيبص بدر وقال_سمو الأمير
الأميرة ضي القمر شكلها مش طبيعي
ركز بدر في ملامحها لحد ما شاف الاختناق اللي ظاهر عليها وبعدين اختفت عن أنظارهم، اتوسعت عيون بدر بصدمة وفي لحظات كان جري بهلع في اتجاه جناحها ووراه قائد الحرس
صعد لجناحها وهو حاسس بقلبه هيتخلع من مكانه، فتح باب الجناح بعنف ودخل لجوا، ولكنه وقف متجمد تمامًا مكانه لما شافها مرمية على الأرض فاقدة الوعي وملامحها شديدة الشحوب، تمالك قائد الحرس صدمته وصرخ للعمال_هاتوا الطبيبة للجناح بسرعة!
فاق بدر في الوقت ده وجري عليها، نزل على ركبته ورفع راسها بين إيديه وهو بيربت بخفة على خدها وبيقول_ضي القمر..
ضي القمر فوقي!
باستخدام صوباعين حس نبض رقبتها اللي كان ضعيف بشكل غريب وكإنها بتودع الحياة، حس هو بالهلع وقتها وابتدى يهزها وهو بيقول_ضي القمر قومي...
قومي متستسلميش لأ!
اتعدل وحملها بين إيديه فوقعت راسها على صدره، كانت غايبة عن الوعي تمامًا ومش مدركة لأي حاجة حواليها، فضل باصص لملامحها شوية وهو حاسس بالرعب، الهلع بيتملك منه، مش فاهم إيه اللي حصلها، اتجه بيها لجوا وحطها على فراشها وقعد جمبها يحاول يدلك إيديها وعينيه مثبتة على وشها الخالي من الحياة في انتظار أي حركة منها تخليه يتطمن.
دخلت الطبيبة في الوقت ده فانتفض يراقب اللي بتعمله بقلق، رفعت الطبيبة عيونها ليه وهي بتقول_إيه اللي حصلها بالضبط؟
رفع كتفه بحركة هسيترية وقال_مش عارف..
أنا مش فاهم 
كانت كويسة، ظهر فجأة عليها الاعياء و....
سكت فجأة لما حاد بنظره ناحية شرفة جناحها وثبتت نظرته على كوب العصير المرمي في أرضية الشرفة وتناثرت بقاياه، فتمتم بصدمة_اتسممت!
وجه نظره للطبيبة اللي كانت بتكمل فحصها_اتسممت
اتعرضت للتسمم!
في الوقت ده طلعت الطبيبة ابرة وادتهالها، وابتدت تمزج أعشاب كتير قصاد عينه مع العديد من العناصر الطبية اللي بتستخدمها في العلاج، أما بدر كان بيتحرك رايح جاي في الأوضة بعشوائية، مش متخيل إنها اتسممت جوا حيطان قصره!
اتحرك وفتح باب الجناح بعنف فانتفض الحرس وانحنوا بارتباك، صرخ هو فيهم_تعرفولي مين المسئول عن محاولة تسميم الأميرة ضي القمر
صدقوني لو مجبتوليش الفاعل هيكون عقابكم عظيم
أما بقى لو قدرت اعرفه...
فهو اللي حكم على نفسه بالموت بأبشع الطرق..
تمتم نهاية جملته بنظرات مظلمة في حين بيجز على أسنانه بغيظ رهيب، معقولة رئبال ليه دور في اللي حصلها لإنها كشفت ألاعيبه؟!
ولكن اللي كان بيكويه من جوا هو إنه مقدرش يحميها!
على بُعد كانت واقفة الملكة زمرد تراقب عصبية ابنها وهي مبتسمة باتساع، هي مدركة كويس إن ضي القمر مش هتقدر تتحمل قوة السم اللي هي دستهولها في العصير بنفسها عشان تقدر تتخلص منها، اتلفتت ورجعت لجناحها، دخلت لجوا وهي بتدندن بسعادة، زي ما اتخلصت من وجود عقيق نهائيًا قدرت تتخلص من ضي القمر، فتحت أحد الادراج اللي بجانب فراشها وطلعت منه صندوق اسود عتيق، فتحته وبصت لمحتواه وهي بتقول بشر_متقلقش يا بدر، دورك اللي جاي...

رجع تاني لجناحها، ففتحوله الحراس الباب، لقى الطبيبة قاعدة جوار ضي القمر اللي كانت مازالت مش في وعيها، في حين  محطوط على جبهتها قطعة من القماش المبللة بمياه باردة، وقف بدر يبصلها بمشاعر متضاربة، فوقفت الطبيبة بدورها وانحنت وبعدين قالت_الحقيقة نوع السم اللي شربته قوي جدًا فسببلها بحمى شديدة، حاليًا بحاول اهديها بالكمادات الباردة
غمض عيونه يضغط على جفونه وهو حاسس بالقهر، وبعدين قال بنبرة جامدة_هتفوق امتى؟
ردت الطبيبة بأسف_مقدرش احدد للأسف، حسب استجابة جسمها للعلاج
_تقدري تخرجي
قالها وهو بيتجه ناحية ضي القمر وقعد جمبها وهو بيتأمل في ملامحها، انحنت الطبيبة باحترام وبعدين خرجت من الجناح، أما بدر كانت متخبط بشدة، جواه صراع غريب، لوهلة اتملكه ألم ورعب رهيب من فكرة خسارتها، مكانش متخيل إنها غالية عنده بالشكل ده وهو اللي كان بيتمنى يتخلص منها دلوقتي قبل بكرا؟!
ازاي هيقدر ينفذ وعده لوالدته وهو متحملش فكرة موتها وحس بالجنون!!
ولكن من جواه متأكد إنها بريئة، هي مش عقيق وملهاش علاقة بيها زي ما قالت، هو مصدقها
حتى لو مبينش ده بس مصدقها ومش عايز حاليًا غير إنها تفتح عيونها الجميلة وتبصله بنفس النظرات اللامعة اللي بتسحره..
مد إيده وملس على ملامحها برقة كأنه بيحفرها جواه بيقاوم القهر اللي حاسس بيه تجاهها، ورغم عنه لقى نفسه بيميل وبيطبع قبلة رقيقة على خدها، بِعد شوية وقال بهمس جمب أذنها_قومي يا ضي القمر
مش قولتيلي إن مينفعش واحد فينا يظهر من غير التاني؟
بدر أهو موجود بس مستني ضيُّه!
مفيش وجود لبدر من غير ضي القمر خاصته..
بعد عنها وهو بيبصلها بعمق، ملامحها الشاحبة بتقتله، حيوية وشها اللي فقدته، مش متعود عليها صامتة بالشكل ده!
اتعدل وشال قطعة القماش من على جبهتها، وحطها في طبق الماية اللي جنبها، وابتدى هو يعملها كمادات..
فضل قاعد جمبها لوقت طويل لحد ما اتطمن إن حرارتها نزلت عن الأول بكتير، وقتها قدر يتطمن شوية، ومحسش بنفسه غير وهو غافي جمبها وهو ساند على قبضته على الفراش، 
غفى وهو بيتأملها!...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سمع الملك رسلان باللي حصل لخليلة ابنه، اتملك منه الغضب بشدة بعد ما عرف بالطبع مين اللي هيكون الفاعل، اتجه لجناحها وفتح الباب بعنف، انتفضت الملكة زمرد من مجلسها وظهر عليها معالم الرعب، ولكن بمجرد ما شافت الغضب اللي ظاهر عليه رجعت قعدت تاني وهي بتعبث في اظافرها ببرود، اتجه الملك رسلان ناحيتها وهتف بغضب_أنا مش قولتلك مفيش مجال لألاعيبك هنا!
مصممة تعصي أوامري وتاخديني عدو ليكي!
قامت وقفت وقربت منه وهي بتقول ببرود_أنا معملتش حاجة!
حس هو بالجنون من الغضب اللي حاسس بيه فزعق بعصبية_الكلام ده تروحي تقوليه لابنك اللي شايفك ملاك ومش مدرك إن امه ما هي إلا إنسان متجسد في هيئة شيطان!
البنت مأذتكيش في حاجة ليه مصممة تدمريها وتدمري ابنك معاها!
مطت شفايفها بسخرية وقال_أولًا لو عندك دليل إن أنا اللي عملت كده طلعه
ثانيًا إيه دخل ابني بيها؟!
ضحك بتريقة وقال بإهانة_طبعًا، ما لازم تبقي متعرفيش حاجة عن ابنك لإنك من ساعة ما فوقتي وأنتِ بتخططي لألاعيبك الشيطانية ومتعرفيش إن البنت اللي مرمية بين الحياة والموت ابنك عاشقها، عميتي عنيكي عن حالته والجنون اللي صابه لفكرة إنها ممكن تضيع من إيديه!
مش مدركة حتى إن ابنك من خوفه عليها لسة قاعد في جناحها لحد دلوقتي وبيداويها بنفسه!
اشتعلت جواها نيران مليانة حقد وغضب، فجزت على أسنانها وقالت_ابني شايفها مسئولة منه بس
وأنا مش هسمح بحكاية عقيق تتكرر تاني
استحالة اخلي ابني يمشي ورا نبوءة سخيفة رابطاه بيها

اتكلم الملك رسلان بنفاذ صبر_ابنك ماشي ورا قلبه مش ورا نبوءة زي ما بتقولي، رغم رفضه للنبوءة ونكرانه ليها إلا إن كان لقلبه رأي تاني، وطبعًا واحدة زيك مش هتفهم ده
وبعدين كمل بتهديد_صدقيني يا زمرد، لو اتأكدت إنك ليكي دور في اللي حصل لضي القمر مش هتردد ارميكي في الزنزانة لحد ما تعفني
قالها واتحرك عشان يمشي، ولكنه اتجمد مكانه لما قالت_أو تشربني سحر يدخلني في غيبوبة طويلة تاني 
ولا إيه؟
فضل واقف مكانه مشدوه ومتحركش، أما هي فقربت منه ووقفت قدامه وعلى وشها ابتسامة مليانة سخرية وقالت_فكرك إني مش عارفة؟
غبي يا رسلان 
أنا مدركة كويس إن مفيش حد غيرك ليه يد في اللي حصلي، أنتَ اللي دسيت السحر اللي صنعته في طعامي!
بص لعيونها مباشرة وقالت باستهزاء_السحر اللي صنعتيه عشان تدسيهولي أنا!
سكتت شوية وهي بترمقه بكره، فكملت هي بثقة_مش هتقدر تعملي حاجة يا رسلان
عارف ليه؟
عشان بدر مش عشاني..
ابتسملها بتريقة وقال_متختبريش صبري يا زمرد
خافي من قوتي، وابنك اللي أنتِ ضامناه لصفك ده لو عرف حقيقتك مش هيتردد يقتلك بإيده..
نهى كلامه وسابها وخرج من جناحها براس مرفوع بشموخ، فضلت هي واقفة باصة لأثره بغضب رهيب، لحد ما زمجرت بحقد وخبطت الطاولة اللي كانت مرصوص عليها كؤوس وطبق فاكهة فاتناثرت محتوياته على الأرض وصوت صراخها الغاضب بيهز جدران جناحها...
اتحرك لجناح ضي القمر، فتحوله الحراس الباب وانحنوا تلقائيًا بمجرد ما شافوه، ولكن أول ما دخل اتجمد تمامًا، كان ابنه غرقان في النوم جمبها فعلًا، لوهلة اتبدلت نظراته للحنان، ابنه بيكرر نفس ماضيه، هو نفسه ما ادركش إنه عاشق لعقيق غير لما حس إنه هيخسرها، ابنه بيقاوح مع نفسه رغم معرفته بإن فيه مشاعر جديدة بتحيا جواه.
اتعدل بدر في الوقت ده بعد ما أدرك إنه غفى، اتلفت لما حس بخيال وراه، فاتعدل بسرعة بمجرد ما لقاه أبوه وقال_جلالة الملك؟!
وقف فاتجه ناحيته وانحنى باحترام، ابتسمله الملك رسلان بحنان أبوي وقال وهو بيشاور براسه ناحية ضي القمر_حالتها إيه دلوقتي؟
وجه بدر نظره ليها ورد_حرارتها انخفضت، بس لسة مفيش مؤشرات على إنها هتفوق
رفع إيده وربت على كتفه بدعم وهو بيقول_متقلقش، هتبقى كويسة
بصله بدر بضعف، كانت عيونه مليانة عذاب، فاتكلم الملك رسلان وهو محافظ على نفس ابتسامته_أنا مدرك التخبط اللي أنتَ حاسس بيه، بس أنا راجل وقع في الحب قبل كده وجرب عذابه، وأقدر أميِّز كويس اللي بيعانى من مشاعره 
نكس بدر راسه ومقدرش يرد، جذبه الملك معاه وخرجوا، فقابلوا قائد الحرس اللي انحنى وقال_جلالة الملك
سمو الأمير
لقينا العاملة اللي قدمت العصير لسمو الأميرة
اتحرك بدر معاه بسرعة لأحد الزنزانات الداخلية في القصر، دخل لجوا فشاف بنت قاعدة على الأرض وبتنحب بقوة، اللي بمجرد ما شافته انتفضت واتكلمت بنواح_سمو الأمير
صدقني أنا مليش دعوة باللي حصل، أنا دخلت المطبخ وقالولي إن العصير ده مُجهز للأميرة ضي القمر، ارجوك يا سمو الأمير صدقني معملتش حاجة!
اتكلم الأمير بدر بقوة_مين اللي قالك تطلعيه ليها؟
ردت البنت بسرعة من بين دموعها_رحيق يا مولاي، رحيق العاملة في المطبخ
اتلفت بدر لقائد الحرس وقال_فين رحيق؟
نكس قائد الحرس راسه وقال_مش موجودة يا سمو الأمير، اختفت تمامًا وحققنا مع كل العمال مش عارفين هي فين
جز بدر على أسنانه بغيظ شديد وقال بأمر_تجيبولي رحيق دي من تحت الأرض بأي طريقة
وجه نظره للبنت وقال_ولحد ما تظهر هتفضلي هنا في الزنزانة
نهى كلامه وخرج من المكان وسط صراخ البنت وتوسلاتها ليه...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد مرور يومان تقريبًا...
انهى تدريبه المعتاد وطلع لجناحها عشان يتطمن عليها، لحد دلوقتي مقدرش يوصل لحاجة تخص رحيق اللي اختفت تمامًا وكإنها مكانتش موجودة من الأصل، ده شيء كان محسسه بالعجز والضيق من نفسه، ده غير التشتت اللي هو فيه بسبب إنها مفاقتش لحد دلوقتي!
شاف الطبيبة خارجة من جناحها فاتجه ناحيتها بسرعة_طمنيني، وضعها إيه؟
ابتسمتله وردت بعملية_حالتها بتتحسن يا سمو الأمير، ابتدى السم ينسحب من جسدها، الظاهر إن سمو الأميرة عندها قوة خاصة لدرجة إنها قدرت تتغلب على سم بالقوة دي
لوهلة حس بإن روحه بترجعله تاني، اتنهد بقوة وهو بيضغط على جفونه، فتحهم تاني وقال_هتفوق امتى؟
ردت ببساطة_مسألة وقت مش أكتر، حسب ارادة أميرتنا!
هزلها راسه بتفهم وشاور للحرس إنهم يكافئوها، وبعدين اتجه لجوا جناحها، كانت الحيوية رجعت لملامحها شوية، ولكنها لازالت خافية عيونها المميزة عنه، ده غير صوتها اللي لوهلة اشتاقله!
اتحرك وقعد جمبها، وبعد وقت طويل قضاه بيتأملها فيه، رفع أنامله يملس على ملامحها برقة، وهو بيقول بصوت أجش_مش هتفوقي بقى يا ضي القمر؟
محتاج اشوف نظرة عينيكي ليا
مش كفاية النوم ده كله؟!
البدر غايب عنه ضيُّه بقاله يومين بحالهم!
امتدت إيديه لخصلاتها شعرها بيملس عليهم وبيعبث بيهم بحنان، وقت مش قليل عدى سرح هو فيهم تمامًا، لحد ما حس بحركة جمبه، لوهلة افتكر إن متهيأله، ولكن صوت تأوهاتها خلاه ينتفض وهو بيهتف_ضي القمر!
فتحت عيونها بصعوبة وهي بترمش كذه مرة، لحد ما وضحت ليها الرؤية وأول حاجة شافتها هي وجهه اللي كان متلهف للاطمئنان عليها، بصوت ضعيف همست_بدر..
بلهفة هتف_أنا هنا جمبك
قوليلي محتاجة إيه مني؟
حاسة بأيه؟
أخيرًا صحيتي يا ضي القمر!
رفعت إيديها وحطتها على بطنها اللي بتتألم، ونطقت بصعوبة_ماية
وكإنه كان مستني أمرها، اتلفت وصبلها في الكاس ماية، وبعدين ساندها تتعدل لحد ما بقت في حضنه تقريبًا وعاونها تشرب، وبعدين ساعدها تحاول تقعد، اتكلمت ضي وهي بتتألم_إيه اللي حصلي؟
أنا مش فاكرة حاجة
عبست ملامح بدر اللي رد وقال_حاولوا يسمموكي وبقالك يومين تقريبًا نايمة
لوهلة حست بالصدمة، كان الأمر أكبر من استيعابها، ابتدت الذكريات ترجعلها، بداية من محاكمتها اللي كانت هتنتهي بالاعدام لولا تدخل بدر، وبعدين محاولة الملكة زمرد لخنقها، وبعدها...
تسميمها!
كل الأحداث دي كانت زيادة عليها، زيادة لدرجة مش قادرة تتحملها، اتصدم بدر لما لقاها ابتدت تتنفض وهي بتبكي لحد ما اتحول بكائها لنحيب بإنهيار، حس هو إنه متجمد تمامًا ونطق_ضي القمر!
كانت بتشهق زي الأطفال، اتحول وشها لكتلة دموية، ودموعها كانت مغرقة وشها، ومن بين شهقاتها قالت_أنا عايـزة امشـي من هنا
مشيني من هنا بالله عليك، مش عايزة أرجع هنا تاني، أنا عايزة ارجع لبيـتي
حس بدر بألم رهيب بيتملك منه، نبرتها المعذبة ونحيبها، فجذبها وضم راسها لصدره وطبع قبلة قوية على شعرها، أما هي فضلت تكرر_عايـزة امشـي من هنـا
مش قادرة استحمل اللي بيحصلي
أنا عايزة السلسلة
مشيني من هنــا..
نهت جملتها وهي بتتشبث بملابسه بقوة ودفنت وشها في صدره وهي بتبكي بإنهيار، كان بدر حاسس بتشتت كبير، مزيج بين الألم والضياع وتأنيب الضمير لإنه خبى عنها السلسلة للوقت ده كله
بعدها عنها وهو محتوي وشها بين كفة إيديه الاتنين، مسح دموع عيونها بإبهامه وهو باصللها بحنان وقال_من يوم ما جيتي هنا وأنا حاسس إن فيكي حاجة مميزة، مبقتش قادر أقاوم نظرة عينيكي، ومبقتش عارف اطلعك من عقلي من وقتها، بفكر فيكي على طول من غير إرادتي،
وقت ما لقيتك مرمية على الأرض
حسيت إن قطعة من روحي بتضيع مني، مكنتش عايز غير إنك تكوني كويسة، كان الوضع بالنسبالي غريب لإني معيشتش المشاعر دي قبل كده
كانت بصاله بدهشة من بين دموعها مش مستوعبة إن بدر اللي بيكرهها هو اللي بيقولها الكلام ده بنفسه ومن غير تردد، أما هو فكمل بتخبط_تفتكري ده الحب؟
نطقت بشفايف مرتعشة بذهول_حب؟!
مال براسه للجنب، وابتسم ابتسامة خفيف وقال_الظاهر إنه الحب
غريب الحب ده يا ضي القمر، خلاني احس باحاسيس جوايا مش قادر اترجمها ولا أوصفهالك
مد إيده في جيبه وطلع سلسلتها رفعهت قصاد عينيها وقال_الحب غريب لدرجة إنه خلاني أناني وخفيت عنك السلسلة طول المدة دي كلها بإرادتي.....

الحلقة السادسة عشر

صدمة تملكت منها وهي بتنقل نظراتها بين السلسلة المتدلية من بين إيديه وبين نظراته اللي بتفصح عن حبه لأول مرة، ولكن حست إن عقلها اتشتت ما بين احساسها بالغضب منه بسبب إنه كان بإيده خلاصها طول الوقت ده وما بين مشاعره اللي اعترف بيه من غير تردد ولكن في النهاية قالت بذهول_أنتَ...
أنتَ كان معاك السلسلة طول الوقت ده؟
كان متابعها بنظراته لما انتفضت فجأة وهي بتلف حوالين نفسها في الجناح بإعياء واضح وبتكمل_كنت عارف إن بدور عليها طول الوقت ده وكنت بتمثل إنك بتدور معايا؟!
وقفت ودموعها بتنزل بقهر وكملت_كنت هتحاكم واتعدم بسببك، واتسممت بسبب انانيتك، كان زماني مشيت من هنا قبل ما يحصل ده كله!!
وقف واتحرك ناحيتها واتكلم_مكنتش عايزك تمشي يا ضي القمر، مكنتش عايزك تروحي من غير رجعة زي ما بتقولي، كنت عايزك جمبي، عايز أشوفك قدامي دايمًا
رفع إيديه واحتوى كتفها في حين باصص لعينيها مباشرة_أيوه كنت بنكر مشاعري، لإني كنت شايف إني ليكي دور زيك زي عقيق في اللي أمي وصلتله، بس دلوقتي الوضع اتغير يا ضي القمر
أنا مش عايزك تمشي..
لأول مرة امشي ورا نبوءة، أنا وأنتِ مقدرين لبعض من زمان وأنا اللي كنت بنكر، بس كان لازم اعرف ده لما اكتشفت إنك أنتِ اللي في أحلامي!
اتوسعت عينيها بدهشة وتمتمت_أحلامك!
هز راسه مع ابتسامة رقيقة_بقالك سنتين مبتفارقيش أحلامي، كان اسمك المميز بس هو اللي مبيفارقش لساني
حتى اليوم اللي جيتي فيه المملكة، كنت بقولك فيه....
قاطعته وهي بتقول بذهول في حين بيتردد في ذهنها أحلامها اللي مكانتش بتفارقها هي كمان_أخيرًا جيتي
أنا مستنيكي من زمان...
اتجمد تمامًا وهو مش مستوعب عرفت منين سر جملته، لحد ما ربط الأحداث، فاتسعت عينيه بذهول، فهزت هي راسها مع ابتسامة رقيقة بتأكد اللي في دماغه، اتكلم هو بلهفة أول مرة تشوفها_قولتلك إننا مقدرين لبعض
متمشيش يا ضي القمر
أنا عايزك جمبي، مكانك هنا!
كانت متخبطة بشكل كبير، مش هتقدر تكمل حياتها هنا بالشكل ده، هي هنا في خطر محقق، وللأسف مش هتقدر تثبتله سوء نوايا والدته لإنها مش قد الألاعيب اللي بتدور هنا، مش هتقدر تسيب عالمها وتفضل هنا، لو كملت معاه هتفضل مربوطة بيه!
مالت براسها وعيونها اتملت بدموع قلة الحيلة، رفعت كفها وبسطته بحنان على وشه، في حين بتقول_بـدر انا بحبك
ومش هنكر
مشاعرك اتملكت مني!
اشرقت ملامحه بسعادة، فاجئته لما ارتمت فجأة بين أحضانه مشددة ضمها لإيديها حوالين خصره، حس هو بجسده اتجمد من المفاجأة، ولكن لوهلة غمرته مشاعر لذيذة أول مرة يجربها على إيديها، فلف إيده حواليها يجذبها ليه وكإنه عاوز يخبيها جواه وهو دافن وشه بين تجويف رقبتها بيستنشق عبيرها، ولكنه اتجمد وانطفت سعادته لما قالت بشهقة متألمة_بس مش هينفع
مش هينفع صدقني
حاول يبعدها عنه عشان يفهم كلامها، ولكنها كانت زي الغريق اللي اتعلق بقشاية، زادت من تشبثها بيه وكملت ببكاء_أنا مكاني مش هنا يا بدر
مش هقدر على الحياة هنا
المملكة دي مش مكاني والحياة دي كلها مش بتاعتي
صدقني مش هينفع!
غمض عيونه يضغط على جفونه بألم وهو ناكس راسه في حين دراعه متهدل جمبه بعد ما كان ضاممها، بِعدت هي عنه في الوقت ده، ورفعت عيونها ليه تتأمل الألم اللي على وشه، هي كمان متقلش عذابًا عنه، بس مش هتقدر تضحي بحياتها، مش هتضحي بجدتها وعالمها الحقيقي، رفعت كفها وبسطته على خده، ففتح عيونه اللي كانت لامعة بحزن عميق، فقالت هي بابتسامة متألمة_سامحني يا بدر، يمكن لو كنا في مكان تاني، صدقني عمري ما كنت هتردد أكمل حياتي معاك
لكن الموضوع أكبر مني
مش بإيدي صدقني!
امتدت أناملها وفتحت إيديه اللي فيها السلسلة وخدتها منه وهي بتكمل بصدق_أوعدك إني عمري ما هنساك يا بدر
عشان أنتَ متتنسيش
مقدرش يتحمل كلامها اكتر من كده، بل بِعد عنها وخرج من الجناح بسرعة تحت أنظارها الحزينة اللي كانت مراقباه، نقلت عيونها هي للسلسلة اللي بين إيديها ورفعتها لبستها، فومض الرمز اللي على الحجر بقوة كإنه كان بيبحث عنها وبعدين انطفى تاني، اتحركت هي وقعدت على السرير وفضلت باصة قدامها في الفراغ، رفعت إيديها وبسطتها على صدرها اللي بيصرخ من العذاب اللي هو فيه، وبعدها قامت اتحركت عشان تغير ثيابها، لازم تمشي من هنا قبل ما تتراجع
هل هي ضامنة نفسها؟
بتاتًا....
كانت بتتأمل في جدران القصر وكل ركن فيه بتودعه بنظراتها، اتوجهت لجناح الملك رسلان بتردد، خبطت على الباب ولما سمعت اذنه بالدخول فتحولها الحراس الباب، دخلت فشافته قاعد على مكتبه في جناحه بيكتب مراسيل بالحبر، أول ما شافها قام وقف واشرقت ملامحه وهو بيقول_ضي القمر!
أخيرًا فوقتي
الحمدلله إنك بخير
ابتسمتله بود، كانت شايفة إن الملك رسلان رغمًا عنه عاطفته بتوجهه ناحيتها بسبب عقيق، ودي حاجة كانت بتدهشها إن رجل زيه حبه يكون صادق وقوي بالشكل ده، وقف قدامها فبدورها انحنت، بصلها بدهشة وقال_الظاهر إن تأثير السم خلاكي واحدة مننا!
ضحكت من كلامه، وبعدين فضلت بصاله شوية لحد ما اتكلمت_تعرف إن عقيق محظوظة جدًا إنها لقت واحد زيك يحبها بالشكل ده؟
أنا متأكدة إنها لو كانت موجودة وعرفت إنك عملت ده كله علشان تلاقيها مش هتتردد تفديك بروحها
رغم كلامها الغريب إلا إنه ابتسم وقال_من غير أي حاجة هي كانت مستعدة تضحي بروحها علشاني، ومتأكد إن سبب كبير هو اللي خلاها تختفي، ولكن كل اللي بتمناه إنها تكون بخير
على ذكر السيرة عبست ملامحها، ولكنها اتكلمت رغم ده_أكيد كانت بخير يا جلالة الملك
لكن أنتَ صح، سبب كبير هو اللي خلاها تهرب بلا رجعة، سبب الوحيدة اللي عارفاه هي الملكة زمرد
عقد حواجبه بتعجب وقال_إيه قصدك بكلامك ده؟
اتحركت خطوة ناحيته، وقالت_الملكة زمرد وراها أسرار كبيرة جدًا يا جلالة الملك، لكن اللي متأكدة منه إنها عملت حاجة كبيرة خلت عقيق تهرب بلا رجعة، أرجوك يا جلالة الملك، اوعدني تاخد بالك من نفسك ومن بدر، خليك حذر دايمًا منها
كان حاسس بالارتباك من كلامها الغريب، فقرب منها وهو بيقول_ضي القمر
أنتِ تعرفي حاجة ومش عايزة تقوليها؟
هزت راسها وهي مبتسمة بحزن_للأسف مقدرتش أعرف، بس كل اللي متأكدة منه إن عقيق مختفتش بإرادتها
أرجوك خليك حذر يا جلالة الملك، متثقش في حد أبدًا خصوصًا لو كانت الملكة زمرد
خلصت كلامها وانحنت بخفة وبعدين خرجت من الجناح، هي كده شبه خلصت دورها هنا وأدت واجبها، قدراتها المحدودة مش هتخليها تقدر تعمل حاجة أكتر من كده، بسطت إيديها على السلسلة تتأكد إنها في رقبتها، ونزلت لتحت علشان تخرج، لكن رغم عنها لقت نفسها بتدور عليه، سألت أحد الجنود فقالها إنه في ساحة التدريب، اتجهت للمكان اللي جمعها بيه ذكريات لطيفة، بمجرد ما افتكرتها لقت نفسها بتبتسم لما جه ببالها المعركة اللي دارت بينهم، مين كان يقول إن الشخص القاسي ده هو نفسه اللي كان بيعترف بحبه ليها من شوية؟!!
وقفت من على بُعد تراقبه من ورا الحائط، زي عادته بيتبارز عاري الملابس، كان باين عليه الغضب وهو بيقاتل الشاب اللي قدامه بكل قوة وكإنه بيفضي غضبه في القتال، وبالفعل ملقاش غير الطريقة دي اللي هتهدي النيران اللي حاسس بيها في صدره، وقفت تتفرج عليه وعلى وشها ابتسامة حزينة وعيونها بتومض بعذاب، لو عليها هتفضل هنا وتكمل باقي حياتها معاه، ولكن واقعها بيحتم عليها إنها لازم تمشي، لوهلة لقت نفسها بتدي عقيق الحق في إنها هربت، رغم إن مقارنة بين حب عقيق وحبها فهي متجيش حاجة جنب الحب الخالص للملك رسلان!
التفتت في الوقت ده وقررت تمشي قبل ما ياخد باله منها، ولكن بالعكس كان قدر يلمحها من على بُعد، رمى سيفه بسرعة واتجه وراها وهو بينهج من المجهود بعد ما مال والتقط ملابسه من على الأرض ولبسهم بإهمال، ولكن لقى نفسه بيراقبها وبيتسلل وراها، شافها بتدخل للمبنى الآخر من القصر، وبعدها اتحركت كإنها حافظة خطواتها كويس جدًا، حست هي بحركة حواليها فاتلفتت تبص بقلق ولكنه كان اتخبى ورا جدار بسرعة، فهزت كتفها بلا مبالاة وكملت مشي وهو بيتسلل وراها، شافها بتدخل للسرداب اللي خدها منه قبل كده لما حاول يهربها، راقبها فشافها بتشعل مصباح وبعدين مسكت فستانها واتحركت بروية لجوا السرداب، فضلت ماشية وهو وراها لحد ما خرجت منه، وقفت تبص للقصر بعيون لامعة للمرة الأخيرة، عمرها ما هتنسى غرابة اللي عايشته هنا ولا الذكريات اللي بنيتها، كل حاجة هتفضل في عقلها لحد ما تلفظ آخر انفاسها.
اتنهدت بضيق وبعدين ابتدت تتحرك ناحية الغابة ووراها بدر، كانت من حين لآخر بتسمع صوت وراها فتتلفت فجأة ولكنها مبتلاقيش حد فترجع تكمل طريقها لحد ما وصلت للبحيرة، وقف بدر ورا شجرة من الأشجار وهو بيبصلها بتعجب، مش فاهم إيه سر وجودها هنا بالذات، شافها واقفة بتبص لصورتها المنعكسة على مياه البحيرة، كإن بيدور صراع جواها، هي بالفعل كان صراع عنيف متملك منها ولكن صوت العقل كان بيخرس قلبها دايمًا، حطت المصباح على الأرض وبعدين تمتمت_هتوحشني يا بدر
هتوحشني أوي
خدت نفس عميق ورمت نفسها في البحيرة، طلع بدر من ورا الشجرة لما شاف المشهد وصرخ بهلع_ضي القمـر!
جري بأقصى سرعته وملامح وشه باين عليها الرعب والخوف، وبدون تردد رمى نفسه في البحيرة وراها، ولكن للعبث ملقاش ليها أثر، اتوسعت عينيه بدهشة من تحت الماية وبقى يدور عليها زي المجنون، لدرجة إنه هبط لعمق كبير ولكن مش شايفها مش شايف ليها أي أثر، حس إنه على وشك الجنون، مش فاهم سر اختفائها، هو شافها وهي بتنزل في الماية قصاد عينه ازاي اختفت بالشكل ده 
سبح للسطح لما حس بإن أنفاسه هتتقطع، وشهق بقوة وهو بيدور حواليه وبيصرخ_ضي القمر
ضي القمر!
خرجت منه زمجرة قوية محمولة بألم جبار_ضـي القمـر!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شهقت بعنف وهي بتلتقط أنفاسها الضائعة، بصت حواليها فلقت نفسها رجعت للبيت اللي لوهلة...وحشها!
بالفعل اشتاقت لجدتها والبيت وللبلد!
ازاي كان ممكن تبعد عنهم!
لوهلة حست إنها سمعت صوت بدر اللي بيصرخ باسمها وهي في الماية ولكن فسرت ده بإنه تهيؤات
اتعدلت وبصت على الساعة سرعان ما اتوسعت عينيها بدهشة، كل الأيام اللي قضتها هناك اتلخصت في ٤ ساعات ونص هنا!
بالفعل هي فاكرة كويس التوقيت اللي دخلت تنام فيه واللي زاد عليه اربع ساعات ونص بس!
ورغم ده الحياة هنا اسرع من هناك، والقرون اللي بتعدي هنا بتكون سنوات معدودة هناك بدليل إن عقيق هي جدتها الكبرى من قرون وعلى العكس الملك رسلان ما زال موجود!
فيه نظام غريب بين العالمين مش قادرة تفهمه ولكن كفاية لحد كده، انتهى دورها هناك.
قامت وهي بتنفض الماية اللي مغرقاها عنها، وقفت قصاد مرايتها وهي بتتأمل ملامحها، وبعدين امتدت إيديها تملس على السلسلة بحنان، ولكن بقلب مكلوم خلعتها عن رقبتها، وومض الرمز آخر نور ليه قبل ما يطفي لوقت مش معلوم..
حطت السلسلة في الصندوق وقفلته بالمفتاح العتيق وبعدين حطته في خزانتها كإنها بتوعد نفسها إنها مش هتكرر تجربتها تاني وهتكتفي بعالمها.
اتلفتت لسريرها الغرقان تمامًا، ورغمًا عنها لقت نفسها بتضحك، مش عارفة هتجيب مبررات إيه تاني لجدتها!
اتحركت واتحاملت على نفسها شالت المرتبة كعادتها وجرتها للبلكونة عشان تنشف، وبعدين خلعت فستانها العتيق واللي هيكون الذكرى الوحيدة الباقية ليها من هناك.
غيرت هدومها واتجهت لغرفة جدتها، فتحتها بحذر عشان متصحيهاش فلقتها ما زالت نايمة، غصب عنها لقت نفسها واقفة بتتفرج عليها، حاسة إنها اشتاقت ليها بشكل كبير، وبعدين قربت منها ومالت طبعت قبلة عميقة على جبهتها واتلفتت عشان تخرج ولكنها وقفت لما سمعتها بتقول_ضـي...
بصتلها فلقتها فاردة إيديها ليها كدعوة ليها عشان تنام في حضنها، ابتسمت ضي القمر بحنان واتجهت ناحيتها بسرعة واتمددت جنبها ولفت دراعها حوالين خصر جدتها، كانت محتاجة لحضنها فعلًا، كانت محتاجة لحضن يصبرها على الفراق، طبعت جدتها قبلة على شعرها وقالت_أنتِ كويسة يا ضي عيني؟
اتنهدت بعمق وهي بتقول_كويس يا تيتة
كويسة...
هل هي فعلًا بخير؟
لسة متعرفش ولكن كل اللي عارفاه إن ألم الفراق هيفضل ملازمها....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقدرش يجيله نوم وقضى ليله بيلف حوالين نفسه، مكانش مستوعب اللي هو شافه، فلحظة قفزت في البحيرة ومبقاش ليها أثر، كان بيلف حوالين نفسه في جناحه بعشوائية وهو بيفتكر لما قاله الجنود إنها انتحرت في البحيرة وبعدها لقاها راجعة للمملكة بمنتهى البساطة رغم إنهم قالها فضلوا محاوطين البحيرة لربع ساعة تقريبًا، مش قادر يفهم إيه علاقة البحيرة بيها!
حس بجسده بيشتعل، فقرر ينزل يشم هوا تحت، مش قادر يتخيل إنها قدرت تمشي فعلًا، الظاهر إن ضي القمر صادقة في كل كلامها فعلًا!
_حورية البحر اختارت تعود لأصلها!
جه صوت سلطان من وراه، فاتلفت هو بدوره لما سمع كلامه اللي ترجمه بسرعة، وبدون تردد قرب منه بملامح مشتعلة وقبض على تلابيبه وهو بيزمجر بحدة_انطق وقول كل اللي تعرفه
أنا عارف إن كل حاجة واصلالك يا سلطان، إيه حقيقة ضي القمر انطق؟!
رفع إيديه الاتنين في علامة استسلام، أما الضفدعة  اللي كانت على عصايته فابتدت تعمل اصوات معترضة على إيذاء صاحبها، فاتكلم سلطان بروية_اهدى يا سمو الأمير
كل منا ليه أسرار 
ولكن الحاجة الوحيدة الحقيقية المكشوفة هي حبكم لبعض
نفض بدر إيده عنه بعصبية وهو بيقول_حب إيه؟
ها؟
حب إيه وهي سابتني ومشيت!
رغم معرفتها بمشاعري ليها قررت تمشي
وأنا مش فاهم مشيت ازاي
وإزاي اختفت في البحيرة، هي إيه بالظبط!
رفع سلطان كتافه وهو بيرد ببساطة_كل واحد  ليه طاقته يا مولاي، وطاقة ضي القمر نفذت، صدقني يا سمو الأمير في اسرار كتيرة حواليك، شرور انفس بتلاحقك رغم اظهار عكس ده
خليك حذر يا سمو الأمير
ولو ضي القمر مُقدرة ليك صدقني هترجع تاني ولكن خلي ايمانك بيها صادق..
كلامه ليه كان بيزيده اشتعال، فاتكلم بحدة_يعني مش هتتكلم برضه يا سلطان؟
رفع كتافه وهو بيمط شفايفه ببراءة مصطنعة_أنا مجرد عجوز عفى عنه الزمن يا سمو الأمير، لا أكتر ولا أقل!
حس بدر بالتشتت تمامًا، وكإن الكون تحالف ضده، محسش بنفسه إلا وهو بيقعد على الأرض في حين محتوى راسه بين إيديه، لوهلة حس سلطان بالأسى عليه، فقعد جمبه وهو بيقول_سمو الأمير، صدقني في حقايق كتيرة غايبة عن عينيك، لكن أنتَ اللي رافض تدور وراها بإرادتك، اسئلة جواك خايف تلاقي اجاباتها، لو قدرت تميز الصالح من الطالح حاجات كتير  هتتغير
رفع عيونه ليه بيبصله بعجز رهيب، ولكنه اتلفتت على صوت أحد الحراس اللي كان بيركض ناحيته وبيقول_سمو الأمير..
سمو الأمير!
بصله بدر عشان يتكلم، فالتقطت الحارس أنفاسه الضايعة وبعدين فجر مفاجئته وقال_قدرنا نلاقي رحيق
انتفض بدر فجأة وبان عليه التلهف، حتى لو كانت مشيت وسابته فهو مش هيتردد ينهي حياة اللي اتعمد يتسبب في أذاها!
كان بيتحرك مع الحراس للمكان المنشود ولكن خافيين هويتهم بإرتدائهم لاوشحة بنية مغطية جسدهم كله، وصلوا لأحد البيوت البسيطة اللي موجودة في قرى بعيدة نسبيًا عن المملكة على عكس الموطن الأصلي لرحيق فادرك إنها هربت بإرادتها، فشاور واحد من الجنود لبدر إن ده البيت، اداله بدر الأذن، فاقترب واحد من الحراس اللي كانت هويته مش معروفة، ودق على الباب الخشبي العتيق، فتحت بنت في منتصف عمرها كان باين عليها البساطة، في حين كان بدر وباقي الحراس متخبيين حوالين البيت عشان متفزعش لما تشوفهم، بصتله البنت بتعجب وقالت_نعم؟
قال الحارس بفظاظة_أنتِ رحيق؟
لوهلة حست بالارتباك، فنقلت بنظرها وراه عشان تشوف حد معاه ولا لأ، وبعدين قالت بقلق_أيوه نعم؟
وفلحظات كان هجم رجال بدر مشهرين سيوفهم عليها فصرخت هي بهلع وهي بتتراجع لورا، دخل بدر البيت من وسط رجاله، وخلع عنه وشاحه اللي بمجرد ما قدرت البنت تميز هويته اتسعت عينيها بهلع وقالت_أرجوك سامحني يا سمو الأمير
صدقني أنا مليش علاقة باللي حصل
 أنا نفذت أوامر الملكة زمرد بس!
اتجمد بدر من الدهشة وقال_بتقولي إيه؟!
نقلت البنت نظراتها بين جنوده برعب وهي بتقول_الملكة زمرد هي اللي أمرتني أحط السم في مشروب الأميرة ضي القمر....

يتبع 

             الفصل السابع عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات