
أصحاب.. فارس أحلامي
بدأ العام الدراسي وتجرأت ونزلت مع السائق لشراء ملابس جديدة وانبهرت بالمحلات التي قادها لها الرجل، كانت مرتبكة ولكن مع الوقت اشترت كل ما كنت تحلم به وبدت الملابس مناسبة وبسيطة وبأسعار جيدة
الجامعة كانت كما قال كبيرة جدا ومزدحمة بالطلبة ولكنها كانت تعرف هدفها، الأنظار التفتت لها وهي بالبنطلون الجينز الواسع والبلوزة البيضاء وجاكيت جينز طويل مماثل، كانت بسيطة لكن جميلة وأنيقة، لا مبالغة ولا إثارة لكنها ليست كزوجة ملياردير وهي لم تدرك ذلك
المحاضرات كانت معروفة وساعات الحضور محسوبة، اندمجت بالكتب ولم تهتم بالصحبة، دبلتها لفتت الأنظار فأوقفت الكثيرين عن التقرب لها لكن كان لابد من التعارف
صوت فتاة تقول "لقد مضى شهر وأكثر وأنتِ لا ترغبين بالحديث مع أحد"
التفتت لترى فتاة قصيرة بملابس ضيقة وشعر أسود قصير وطليق، ماكياج نهاري معتدل وتحمل كتب بيدها، ارتبكت وقالت "هو فقط الوقت"
ابتسمت الفتاة وقال "زينب، زينب محمود وأنتِ حلا أليس كذلك، رأيت اسمك بالكشف"
هزت رأسها فقالت زينب "ينادوني زيزي، لا أحب زينب، أنتِ متزوجة؟"
هزت رأسها مرة أخرى فعادت الفتاة تسأل "ومن هو الرجل الذي يضع سيارة حديثة وسائق تحت أمرك؟"
ترددت قبل أن تقول "هذا لأني لا أعرف أي مكان هنا"
ضحكت زيزي وقالت "من الريف؟"
قالت اسم بلدها فسألتها "وهو عثر عليكِ هناك أم من أثرياء البلد؟"
طريقة الاستجواب ضايقتها لكن قلة الخبرة جعلتها ترد بصراحة وقالت "هو ابن عمي، حمزة، حمزة دويدار"
توقفت الفتاة تستوعب الاسم وقالت بتجهم "دويدار! بالتأكيد لا تقصدين آل دويدار، لا يمكن إنهم العزاب الذين يثيرون الجدل"
رفعت وجهها وقالت بتحدي "اثنان فقدوا اللقب عامر الكبير وزوجي حمزة، اسمحي لي"
استوعبت الفتاة الكلمات وهي ترد "نعم لقد كانت الصور على الميديا، لكن لا أظن أنه تزوجك أنتِ، لا تشبهين الصور، الإخوة رائعين أنهم الأكثر رجال وسامة وثراء بمصر، هل تمزحين معي؟"
لاحظت وصول السائق، شعرت بأنها لا تجد كلمات ترد بها وخوف يسكنها من مواجهة الفتاة ومع ذلك قالت "لا، لا أمزح، آل دويدار أولاد عمي وحمزة زوجي، اسمحي لي السائق وصل"
وتحركت تفر هاربة وقلبها يدق بسرعة وتشعر بوجهها يلتهب من حرارته والخوف من أول مواجهة لها ولكنها راضية عن نفسها
باليوم التالي وجدت زيزي تناديها وهي بطريقها للداخل فتوقفت لترى الفتاة وبصحبتها شاب وفتاة أخرى، ابتسمت زيزي وقالت "صباح الخير، تبدين متعجلة"
أبعدت عيونها عن الشاب والفتاة وقالت "صباح الخير، إنه موعد المحاضرة"
أشارت زيزي للشاب الوسيم وقالت "بلال زميل معنا بنفس العام، هالة ايضا صديقتنا، هذه حلا عضو جديد"
لم ترفع عيونها لأحد وهي تقول "أهلا، اسمحوا لي"
تحركت لتذهب لكن زيزي قالت بسرعة "انتظري، لم لا تبقين معنا لتناول الإفطار؟ لا يهم المحاضرة اليوم"
كانت ترى نظراتهم لها وبدت خائفة لذا قالت "لا، أنا لن أذهب لأي مكان سوى للمحاضرة"
وتركتهم للداخل وظنت أن الأمر انتهى وأن طريقتها الجافة قد تدفعهم بعيدا ولكن بالداخل وجدتهم يتبعونها وذلك الشاب يجلس بجوارها وزيزي من الجانب الآخر والشاب يقول "تبدين خائفة لماذا؟"
لم تنظر له وهي تقول "لست كذلك فقط أنا لا أتحدث مع شباب"
ابتسم والدكتور يدخل وبلال لا يهتم وهو يقول "لأنك متزوجة؟ لا يهم نحن أصدقاء"
غضبت وقالت "أنا لست صديقة أحد"
ونهضت لتتحرك مبتعدة وانتقت مكان بعيد عنهم ولم يمكنهم متابعتها لوجود الدكتور
عندما عادت البيت لم تصدق نفسها لأنها وجدت ضوضاء بالمكان وصوته يتحدث بالهاتف، تذكرت أنها لم تراه منذ تلك الليلة، تجمدت مكانها وهي لا تعرف ماذا تفعل؟ هل تتقدم لرؤيته وتسأله عن سبب وجوده أم تتركه كي لا يظن أنها تفرض نفسها عليه..
اختارت الحل الثاني، بآخر مرة كان غاضب ولا رغبة له بالحديث معها فتحركت للداخل ولكن قبل أن تصل للسلم الداخلي سمعته يقول "هل تعودين متأخرا هكذا كل يوم؟"
التفت ببطء لتواجه ولاحظ ملابسها المنمقة والمحترمة، الحجاب مكانه، لا مساحيق تجميل، الكتب بين ذراعيها تحتضنهم باهتمام، بدت مختلفة، أكبر قليلا ولكن ما زالت جميلة، جميلة جدا
التفتت لتواجه وقالت "لا، ليس كل يوم، حسب مواعيد المحاضرات"
تقدم تجاهها وهو بقميصه المفتوح وبدا بأفضل حالاته كعادته، لم يقل يوما وسامة عما كان، لم تنظر لعيونه وإنما ظلت عيونها منخفضة وهو يقف أمامها ويقول "ما أخبار الكلية؟"
هل يسأل؟ بعد وقت طويل لها بالكلية يهتم؟ تركها بذلك العالم الجديد وحدها تجتاز التجربة بلا مساعدة والآن يسأل؟ لم تحاول النظر له وهي تقول "جيدة"
اختصار الرد ضايقه، تبدل ملامحها أزعجه، ربما هي لا تريد أن تتحدث عن الكلية، ضاقت عيونه والأفكار السيئة ترتفع لرأسه فقال "جيدة فقط؟ ألا توجد أي كلمات أخرى عنها؟ الدراسة صعبة أم سهلة؟ الأساتذة جيدين أم لا؟ الأصحاب؟"
رفعت وجهها له وهي لا تفهم سؤاله، بينما أكمل "هل أصبح لكِ أصحاب؟"
كانت تندهش للسؤال ولكنه سأل أسئلة أخرى، قالت "لا، فتاة حاولت أن تكسب صداقتي ولكني لم أرغب بذلك"
رفع حاجبه وهو يردد "فتاة؟ لماذا لم ترغبين بها؟"
هل يهتم أصلا؟ ولو اهتم لماذا الآن بالذات؟ هل عرف بأمر هؤلاء الصحبة الذين حاولوا معها منذ عدة أيام؟ هل يراقبها؟ من الأفضل أن تخبره هي بدلا من أن يظن بها شيء أو.. هل يمكن أن يعاقبها
تراجعت قليلا ولاحظ ذلك ولكنها قالت "لديها أصحاب، شاب وفتاة، حاولوا، الشاب حاول التحدث معي ولكني ابتعدت"
جذبه الأمر أكثر مما تخيل وهو يردد "شاب؟ أي شاب؟ وماذا قال لكِ؟"
شحب وجهها من تبدل ملامحه وشعرت بالخوف والندم لأنها تحدثت ومع ذلك تحلت ببعض الشجاعة لأنها لم تفعل شيء خطأ فقالت "تبعني داخل القاعة وسألني ما إذا كنت خائفة وأجبت بلا وتركته لمكان آخر فلم يكرر الأمر"
كان قلبها يدق بقوة من الخوف، حرك يده ليدفعها بشعره فتراجعت وهي ترفع يدها لتحمي نفسها من ضربة قادمة فتجمد مكانه وهو يراها تغلق عيونها بشدة تحت ذراعيها التي ترفعهم أمام وجهها لصد الضرب وهو ما كان حسين سيفعله بها لو عرف ما حدث لها لذا هو رجل مثله وها هو يرفع يده ليضربها
هل ظنت أنه سيضربها؟ هل يمكن أن تفكر هكذا به، هتف "حلا، ماذا حدث؟ هل ظننتِ أني سأضربك؟"
ببطء فتحت عيونها وأبعدت ذراعيها وهي ترى الذهول بعيونه ثم تركها واختفى داخل مكتبه وهو غاضب من كل ما كان، من حسين الذي فعل بها ذلك، منها لأنها خرجت لذلك العالم، من نفسه لأنه تركها هكذا وحيدة وهو يعلم ضعفها ولكن هذه هي نتيجة ما كان
ظل بالمكتب والأفكار تضربه مما حدث ولا يعلم ما الذي زج به بتلك الحياة، هل من الممكن أن يفكر بتلك الطريقة؟
دقات على الباب جعلته ينتبه وهي تفتح وتدخل بنفس ملابسها، ابتعد للنافذة دون النظر لها ووضع يده بجيوبه، تحركت حتى منتصف الغرفة وابتلعت ريقها قبل أن تقول "آسفة"
لم ينظر لها، هل تراه حيوان مثل ذلك الجبان حسين؟ هل آذاها بأي يوم منذ عرفته؟ كيف تفكر به بتلك الطريقة وتجعل الإهانة رد على ما فعله معها؟
كانت دموعها تسقط وهو لا يدرك ذلك، مسحتها بيد مرتجفة وقالت "لم أقصد تشبيهك به ولكن.."
التفت وهتف بغضب "ولكنك فعلتِ"
ظلت تنظر له بدموع وهو أكمل "هل آذيتك بأي يوم؟"
هزت رأسها بالنفي وتشجعت وقالت "أنا عشت ثمانية عشر عاما بالخوف مما سيفعله بي لو ارتكبت أي خطأ أو لم أفعل فقط لأني سبب موت أمي أو لإرضاء امرأة تكرهني بلا سبب، كل حركة منه معي كانت صفعة أو لكمة أو حزام يجلد ظهري أنا، أنا حقا آسفة ولكن، لم أكن لأنجو منه أبدا لولا وجودك من فضلك لا تغضب مني أنا آسفة، آسفة"
وأوقفتها الدموع وخنقت الكلمات بجوفها فتحرك تجاهها دون تفكير وأحاطها بذراعيه وهو لا يصدق أن أب يفعل ذلك بابنته ولماذا؟ من أجل امرأة؟
كل الذكريات المؤلمة طافت حولها الآن، الألم والمعاناة هما ما قفزا لها من الماضي ليجذبوها إلى حيث تنتمي، مجرد فتاة لا معنى لها ولا حق لها بأي شيء من الحياة
كان يهمس بكلمات تهدئة لكنها لم تكن تسمع سوى صوت حسين وهو ينعتها بأبشع الألفاظ والشتائم وزوجته تضحك سعيدة لما يصيبها وصفعاته تنهال عليها كالسيول بلا رحمة
وأخيرا شعرت بذراعيه حولها وصدره الذي يصد رأسها الباكي، وسمعته وهو يمنحها كلمات تهدئ منها، الراحة والأمان انتشرت بكل جسدها، الدفء هو ما تشعر به، حنان، نعم هذا هو الحنان الذي لم تعرفه من قبل، الحضن الذي لم تناله أبدا لذا هي لا تريد الخروج منه ولن تبعده عنها تلك المرة هي تحتاج لهذا الأمان
عندما هدأت أبعدها وما زال يلفها بذراعيه ثم نظر لوجهها المنهار وقال "لا يمكنك تجاوز تلك الذكريات أليس كذلك؟"
هزت رأسها بالنفي دون النظر له فعاد وقال "أعلم أن الأمر صعب ولكن أين ثقتك بي؟"
لم ترد فأحاط وجهها براحتيه وتبللت يداه من دموعها ولكنه لم يهتم وهو يرفع وجهها له لتلتقي بعسلية عيونه الجميلة وومض بها بريق غريب لم تعرفه ونبرة صوت جميلة فتنتها وهو يقول "صراحتك اليوم كانت تدل على الشجاعة وجعلتني أثق بكِ أنا الآخر لكن لابد أن تتأكدي أنني أبدا لم ولن أكون حيوان لأتعامل معكِ كما كان يفعل، قبل أن تكوني زوجتي أنتِ ابنة عمي وأبدا لن يمكن أن يصيبك أي سوء مني أو من سواي هل تفهمين؟"
هزت رأسها بين يداه فابتسم وقال "جيد"
ووقتها انتبه لقرب وجهه من وجهها ونظراتها البريئة تواجه كمرآة تعكس عيونه، بشرتها الناعمة تحت يده كانت كالحرير الأملس، أنفاسها حارة على أصابعه تجعله يسقط من ارتفاع شاهق بلا نجاة، زاد قرب وجهه منها وما زالت يداه تحيط وجهها وعندما انتهى الفارق أغمضت عيونها، نعم هي لن تبتعد ولن تتراجع، هي زوجته وتريد أن تكون زوجته حقا، هو رجلها ومنقذها، فارسها الأول والأخير، ستمنحه كل ما تملك، نفسها وجسدها، روحها و.. قلبها
لكن لا شيء جميل بحياتها يكتمل، رنين الهاتف المنزلي رن فجأة بشكل جعلها تقفز بين يديه وهو فزع من فزعها وأبعد يده وتراجع وهو يستوعب ما كان يحدث بينهم، قلبه كان يدق بسرعة غير عادية، أنفاسه تلاحقت، حرارة مرتفعة سرت بعروقه و.. جسده يطالب بالمزيد
تراجع للهاتف والغضب يحتويه من قطع تلك اللحظة، رفع السماعة وهتف بغضب "نعم"
صوت عامر كان هادئ وهو يقول "هل قطعت شيء ما أم ماذا؟ تبدو غاضب"
تابعها وهي تفر هاربة للخارج، لم ينسى الأحمر على وجنتيها، هو الخجل كما قال جاسم وهي لم تفر منه ولم تبتعد، أخرج السجائر وأشعل واحدة وهو يجيب "فقط العمل عامر، مشكلة معقدة أثارت غضبي، هل هناك شيء؟"
رد عامر "مشكلة بالساحل، القرية الجديدة تسبب مشاكل والتعامل مع المورد يثير الكثير من العقبات"
نفخ الدخان وحك جبينه ثم قال "حسنا ارسل لي الملف على البريد الالكتروني"
"لقد فعلت ولكنك لا تجيب هاتفك ولم تتفقد بريدك"
بالفعل هاتفه بالخارج وحتى جهازه أيضا حيث كان ينتظرها، تحرك خارج المكتب وقال "حسنا سأرى ماذا يمكنني أن أفعل وسأمنحك الرد فور أن أنتهي"
حمد أن عامر لم يسأل، عامر دائما يفهم ما بداخله دون أن يتحدث، الحقيقة هو يفعل معهم كلهم، هو الأب عندما تخلف رفيق عن مكانته وكلهم يقدرون عامر وهو بالنسبة لهم كل شيء بعد والدتهم هدى
جذب جهازه ولم يبحث عنها، لن يمكنه أن يوجه لها أي حديث بعد ما كان بينهم، الأفضل تجاهل ما حدث وكأنه لم يكن
العمل ساعده على استعادة هدوئه وبعد فترة وجد صينية ساندويتشات وصوتها يقول "ظننتك قد تكون جائع"
رفع وجهه لها، كانت قد بدلت ملابسها ببنطلون جينز قديم ولكنه ليس واسع كما اعتادت أن ترتدي وتي شيرت قصير أخضر برسومات رقيقة على صدره وما زالت طرحتها تسكن رأسها
قال دون ترك وجهها "نعم، شكرا"
علقت بعيونه وهو أيضا كان يتجول بخضارها الهادئ حتى أبعد وجهه فتحركت خارجة دون كلمات
لم تتركه بعد ذلك، أعدت له شاي ثم طلب قهوة وجلست تدرس بالخارج ربما احتاج شيء ولكن بالنهاية سقطت بالنوم على الأريكة
عندما شعر بصداع تراجع ومسح وجهه بيداه ونهض مغلقا الجهاز، كانت الثانية صباحا فتحرك للخارج ليراها نائمة على الأريكة، كم يعجبه مظهرها هذا، تبدو رقيقة جدا وبريئة جدا، جدا
لم يفكر وهو يحملها كالمرة السابقة ويصعد بها لغرفتها، ما أن وضعها بالفراش حتى ظل يتأملها ووجد نفسه يرفع يده ويمررها على وجنتها حيث كان يحيطهم الليلة، ارتفعت نظراته لرأسها ومد يده ليرفع ذلك الغطاء أراد رؤية شعرها ليعرف السبب في وجوده ولكن قبل أن يفعل استدارت على جانبها لتجعله يرتد مبتعدا وهو يوقف أفكاره ثم استدار خارجا وهو يدرك أن لا معنى لم يفعله كل ما عليه فعله أن يخبرها أن تخلع طرحتها وعليها أن تطيع
كالعادة لم تجده بالصباح وقد اعتادت ذلك ولكن تلك المرة تساءلت كيف انتقلت لغرفتها ولم تجد سوى إجابة واحدة فاحمرت وجنتاها ولكنها كانت سعيدة
نزلت والسائق أخذها للكلية، المحاضرة كانت طويلة وشعرت بصداع، تلك الفتاة زيزي حاولت الانضمام لها بالصباح ولكنها لم تمنحها فرصة
انتهت المحاضرة وانصرف الجميع وهي معهم، تحركت للحديقة لانتظار المحاضرة التالية وجلست على مائدة بعيدا عن التجمعات وطلبت نسكافيه
تجولت بالكتاب الذي اشترته مؤخرا واندمجت به وهي تتناول النسكافيه عندما سمعت زيزي تقول وهي تجلس أمامها "وأخيرا وجدتك، سنتناول ساندويتشات على حسابك اليوم"
رفعت وجهها لترى زيزي ومن خلفها بلال وهالة يجلسون حولها، للحظة تجمدت وهي لا تفهم ما الذي يجذبهم لها
بلال قال "ربما ليس معها ما يكفي زيزي، سأدفع أنا"
ضحك ثلاثتهم وهي لا ترد بينما قالت زيزي "هي تدعي أنها زوجة ملياردير، ألا يوجد معها ثمن بضعة ساندويتشات؟"
رددت بدهشة "أدعي!؟"
ضحكت زيزي بقوة وهتفت "هل ظننتِ أننا نصدق كذبتك هذه؟ زوجة ملياردير وتدرس هنا بجامعة حكومية عادية وبتلك الملابس المقرفة؟ فتاة من الريف لا تفقه شيء عن الحياة وتدعي أنها زوجة ملياردير؟ ألم تشاهدي زوجات هؤلاء الرجال أيتها القبيحة؟ أنتِ لا يمكن أن تصلحي لرجل مثل واحد منهم لن تليقي به أبدا، تخدعين من بكذبتك هذه يا فتاة؟"
الإهانة كانت حادة ومؤلمة والضعف وقلة الخبرة أسباب جيدة للهزيمة، نهضت وهي تلملم أشيائها دون أن ترد ولكن يد بلال أمسكت يدها وهو يقف ويواجها قائلا
"من الواضح أنه ليس هناك زوج من الأساس والأمر كله تمثيل بتمثيل، لم لا تأتين معي يا حلوة لنمضي وقت جيد سويا؟"
جذبت يدها من يده بقوة وهتفت "ابتعد عني ولا شأن لك بي"
وتحركت لتذهب ولكنه تبعها وجذبها من ذراعها لترتد أمامه وهو يهتف "لن تذهبي لأي مكان قبل أن تنطقي بالحقيقة التي نعرفها جميعا، أنتِ مجرد فتاة متسلقة فقيرة معدمة وتدعي العكس لتجذبي من هم أغنياء، لدي لكِ خبر سار أنا من هؤلاء الأغنياء فدعينا نمضي وقتا رائعا أيتها الجميلة"
حاولت أن تخلص نفسها منه وهي تهتف بدموع "اتركني، ابتعد عني"
وتملكها الخوف من أنه سيفعل بها كوالدها ولكنها أسقطت الكتب ونجحت بدفعه بعيدا بكل قوتها حتى تراجع بغضب وهو يهتف وقد بدأت الطلبة بالتجمع حولها
"أيتها اللعينة لن تفلتي مني"
تراجعت بخوف وهو يندفع تجاها بكل غضب وقوة وهو يرفع يده ليصفعها وهي رفعت يداها كما فعلت مع حمزة لتحمي وجهها والضعف يضربها وعيونها مغمضة بقوة ولكن ما من شيء ضربها بل صرخات تعالت حولها وهمهمات وجسد يرتد ففتحت عيونها من بين ذراعيها لتجد ظهر عريض يواجها، ظهر تعرفه جيدا يقف حاجزا لها مما قد يواجها أو يمسها مثل المرة السابقة، فارس أحلامي
عندما أبعدت ذراعيها رأت جسد بلال يترنح للخلف ودماء تنتشر على وجهه
الفصل الثامن
أنا لا أليق بك
ظلت متجمدة مكانها عندما اعتدل بلال بغضب وهو يرى الدم على يده من أنفه فاندفع تجاه الرجل الذي تعرفه جيدا وقبضة بلال تتحرك لوجهه ولكنه مد ذراعه للخلف حيث لمسها ودفعها جانبا خلفه وهو يتراجع ليسمح لبلال بأن يندفع بالهواء ويكاد يسقط أرضا
لم تكن ترى أي شيء سوى هو وهو الظهر الذي تحتمي خلفه، الذراع الذي يدفع عنها الأذى مرة أخرى بحياتها وليس من يمده عليها بالضرب، كما أطلقت عليه، فارس أحلامي
لم تراه وهو يدفع فبضته بمعدة بلال الذي انحنى من الألم ثم لكمة بوجهه أعادته للاستقامة وسنة أو اثنان تطير خارج فمه مع الدماء من لكمة رجلها ومنقذها وزوجها
سقط بلال على الأرض بلا حركة وصرخات الطلبة تنطلق وأصحابه يندفعون نحوه بينما التفت هو لها وعيونها تواجه بلا اهتمام للدموع أو الخوف والفزع، فقط هو، هو من تراه ولا أحد سواه
"هل أنتِ بخير؟ هل بكِ شيء؟"
استوعبت ما كان وكلماته فقالت بصدق نابع من قلبها "أنا بأفضل حال بوجودك"
كلماتها كانت غريبة له ونظراتها كانت أغرب، صوت يقول "هل تسمح وتخبرني من أنت وماذا حدث هنا؟"
التفت ليجد رجل بزي الأمن فقال "أنا حمزة دويدار وهذه زوجتي وقد تعرضت للتحرش من ذلك الشاب لذا نال ما يستحق"
التفت الرجل للتجمع وقال "هل تسمح بالدخول لمكتب العميد؟"
هز رأسه والتفت لها وقال "ستخبرينه بما حدث وابعدي هذا الخوف من عيونك هل تسمعيني؟"
هزت رأسها، طالما هو معها لن تخاف من أي شيء بالعالم بعد اليوم، لم ولن تندم أبدا لأنها طلبت منه ألا يتركها بذلك اليوم..
ما أن عرف العميد من هو حمزة دويدار حتى تبدلت نبرته للاحترام وطلب القهوة والعصير لها وبدون سماع أي شهود عنف بلال بشدة وطلب منه الاعتذار لها ومن وسط الدماء التي ملأت وجهه وعينه المغلقة اعتذر ونال فصل يومين من الكلية
ما أن دخلت البيت حتى استوعبت كل ما حدث اليوم، التفت لتراه يتقدم تجاها حتى وقف أمامها وقال "لن يقترب منكِ مرة أخرى"
دمعت عيونها وقالت "أنا لا أليق بك"
كانت كلماتها مفاجأة له، لم يتوقعها ولم يفهمها من الأساس، ضاقت عيونه وقال "عن ماذا تتحدثين؟"
قالت باكية "عن الحقيقة التي نعرفها، عن الفتاة الريفية التي لا تعرف حتى كيف تتعامل مع الآخرين؟ أنت تستحق أفضل من ذلك، تستحق امرأة تفخر بها وسط الجميع وتتباهى بأنها زوجتك لا فتاة حمقاء غبية قبيحة مثلي، أنا حتى لا أرتدي ما يليق بمكانتك، هم لا يصدقون أني زوجتك، ظنوا أني أدعي ذلك ومعهم كل الحق أنا لا أصلح لذلك"
هتف بها "كفى، كفى حلا هذا هراء لا يعني لي أي شيء، لا الملابس ولا الكلمات المعسولة هي ما يريدها الرجل بزوجته"
هتفت بدموع "وماذا إذن يهم؟"
لم يتراجع وهو يقول "الأخلاق حلا، الأخلاق ومن بعدها كل شيء سيكون صواب، الأخلاق هي من تضع كل شيء بمكانه الصواب هذا ما تعلمانه ببيتنا، أبي كان يصنع الكثير من الأخطاء بحياته ولكن والدتي علمتنا كيف نميز الصواب من الخطأ وأنا أعرف جيدا متى يكون الشخص جيد أَم لا، ليس هؤلاء الفاسدين هم من تأخذين منهم الحقيقة"
أبعدت وجهها وقالت "ولكنك تؤكد كلماتهم"
خرجت منها الكلمات دون وعي وهو يردد "أؤكد ماذا؟ أنا لا أفهمك؟"
عادت له وقالت "أنت لا تريدني بحياتك، أنا مجرد عبأ عليك، مسؤولية لم تكن بحاجة لأن تحملها"
هتف بقوة "كفى، أنا من اخترت تلك المسؤولية ولم يجبرني عليها أحد وأنا لم أخرجك من حياتي بأي يوم بدليل أنكِ هنا، ببيتي وتحصلين على رعايتي واهتمامي"
فتحت فمها لتخبره أنه لم يعتبرها زوجة كأي زوجة لها حقوق وعليها واجبات، أرادت أن تخبره أنها تريد أكثر من مجرد رعايته لها كطفلة صغيرة بل تريده أن يعاملها كامرأة ولكن الكلمات أبت أن تخرج من فمها، لن تعرض نفسها هكذا عليه، كرامتها تأبى ذلك
أخفضت وجهها ومسحت دموعها وقالت "معك حق، أنا حقا لم أكن أعرف ماذا كان سيحدث لي لو لم تظهر بالوقت المناسب" ثم رفعت وجهها له وقالت "شكرا لك"
ثم تحركت مسرعة لغرفتها وأغلقت بابها وسقطت على فراشها وانهارت بالبكاء وهي تعرف أنها أحبته، نعم أحبته لأنه فارسها المنقذ، أحبته لأنه موجود عندما تحتاجه، أحبته ببساطة لأنه يستحق الحب، لديه قلب طيب وحنان لم تعرفه سوى معه فكيف لا تحبه؟
تحرك لغرفتها ودق الباب فلم تجيب فنفخ وقال "حلا أنا راحل للساحل وقد أتغيب يومين لا تغلقي هاتفك"
ولم ينتظر أن تجيب وهي لم تفعل وإنما ظلت تبكي ولم تعرف متى توقفت ومتى سقطت بالنوم من التعب
الساحل بدا بعيد هذه المرة أو ربما ذهنه لم يكن صافي، كلماتها تدق برأسه "أنا لا أليق بك" "أنت لا تريدني بحياتك" كيف لا يريدها بحياته وهو أصبح لا يفكر سوى بها؟ ماذا تفعل؟ مع من تتحدث بغيابه؟ ماذا سترتدي له لو أخذها كزوجة؟ بل هل ستقبل به؟
لم يستطع نسيان أمر تلك الصحبة التي ذكرتها له لذا قرر زيارتها بالكلية قبل السفر ورؤيتها وجن جنونه عندما رأى ذلك الشاب وهي تدفعه عنها ولا يعرف كيف قطع المسافة لهم قبل أن يمد يده عليها مرة أخرى
ضرب عجلة القيادة بيده غاضبا وهو يهتف "أنتِ لا تخرجين من عقلي حلا فكيف لا أريدك بحياتي؟"
كاد الصداع يفتك به من عدم النوم منذ ليلة الأمس ولحظة قربهم سويا وهو يريدها بشدة ولم يتوقف عن التفكير بذلك، وما حدث اليوم زاد من تزاحم الأفكار برأسه، لولا غياب عامر لما وافق على تركها
فتح حارس الأمن البوابة بمجرد رؤية سيارته واندفع للداخل محاولا إيقاف الأفكار وتصفية ذهنه، الأرقام لا تقبل شريك وإلا لتلاعبت به وأسقطته بالفخ وهو أبدا لم يكن ليسقط من أجل إخوته
المقاول كان بانتظاره والجدال طال لساعات حتى رحل الرجل على لقاء آخر، كانت العاشرة مساء فأخرج هاتفه واتصل بها، مر وقت قبل أن تجيب بصوت ناعس "نعم"
بدا أنها لم ترى حتى اسمه فقال "حلا أنا حمزة هل أنتِ نائمة؟"
اعتدلت ولكن الصداع ضربها، البكاء أمس واليوم وكل ما أصابها بالصباح جعلها تتألم بصمت وهي تقول بتعب "نعم كنت نائمة"
صمت قليلا ثم قال "حسنا عودي للنوم"
أسرعت تقول "لا، هل وصلت الساحل؟"
كان يشعل السيجارة فنفخ الدخان بالهواء الطلق وسط الجو البارد من شتاء ديسمبر وقال "نعم"
بحثت عن كلمات وهي تسأله "متى ستنتهي؟"
"لا أعلم ولكن ليس الليلة بالطبع، لديكِ محاضرات غدا؟"
صمتت قليلا ثم قالت "لن أذهب"
جذب نفس من السيجارة وأطلق دخانها وقال "بل ستفعلي ولن تسمحي لأحد بالتطاول عليكِ مرة أخرى هل تفهمين؟"
ظلت صامتة فعاد يقول "حلا هل تسمعيني؟"
"نعم، لكنك لست موجود"
تحرك والريح تشتد من حوله وقال "لن أكون موجود بكل أزماتك لذا عليكِ بالقوة ومواجهة المشكلة لا الفرار منها، ستذهبين غدا وكأن شيئا لم يحدث اليوم وتواجهين أي لسان طويل وتقطعيه هل أسمع وعدك"
كانت كلماته كالسحر بل مخدر يسري بجسدها يداوي جراحها ويوقف الألم، قالت "حاضر، أعدك"
بدأت تمطر فقال "جيد، عودي للنوم، لدي عمل لابد أن أعود له"
احتضنت الهاتف وهي ما زالت تسمع صوته وعادت تتمدد على الفراش وصورته وهو يقف أمامها ويدفع الخطر عنها ما زالت أمامها لا تذهب، كان يحميها، منذ عرفته أول مرة وهو يحميها، بالحقل، أمام والدها وهنا، هو من أرسله الله لها ليوقف عذابها ليته يعرف كم تحبه ولا تتمنى سوى أن تظل تحت قدميه ما تبقى من عمرها لترد له ولو جزء صغير من ديونها له..
عندما انتهى من العمل كان قد نال من المطر كفايته وتبللت ملابسه حتى وصل للشاليه المخصص للمبيت، وما أن وصل حتى أدرك أنه نسى حقيبته بالسيارة وبالطبع لن يعود تحت تلك السيول بالخارج هو أمر مستحيل، المطر بلل الجاكيت وحتى القميص، خلعهم واغتسل بماء بارد لعدم اكتمال الصيانة بالمكان، الجو كان برد حقا، غطاء خفيف كان هو المتوفر فتمدد على الفراش الصغير الوحيد المتوفر بالمكان ونظر للسقف وما زال يفكر بها وعيونها الجميلة تجذبه بلا هوادة، كم أراد البقاء أمامها يتجول داخلهم، جميلة، هي حقا جميلة، رقيقة، بريئة وضعيفة جدا لدرجة الكسر بسهولة
التف على جانبه محاولا النوم ولكن البرد كان شديد والرعد يذهب النوم وصوت المطر مزعج، وجسده كان يطالب بحقه كرجل يريد امرأة، نهض وتحرك للموقد الصغير وأشعله وصنع قهوة لنفسه وتحرك للنافذة الوحيدة والتي تتكسر عليها القطرات الغزيرة ودخن السيجارة وهو يتناول القهوة والأسئلة تدور برأسه؛ ماذا لو طلب حقه كزوج؟ لو أرادها كرجل يرغب بامرأته، هل سترفض وتفر منه أم تخضع لأنها اعتادت على الخضوع؟
ليس هذا ما يرغب به، هو أرادها أن ترغب به كما يرغب بها، تريده كزوج لا كمنقذ، أن تدرك أنه يريدها زوجة حقيقة وليس فقط سبب لهروبها من حسين لكن كل تلك الأسئلة لا إجابات لها ولن يمكنه الحصول على إجابات لأنه لا يعرف كيف يمكنه أن يطالب بحقه كزوج دون أن يتلقى إجابه قد تغضبه ووقتها لا يعرف ماذا سيكون الحل..
تنفست بقوة قبل أن تنزل من السيارة، ارتدت البدلة التي اشتراها لها بالأقصر ولكن ليس الحذاء العالي، بل آخر مريح ونزلت لتتحرك بثقة اكتسبتها من كلماته، ما أن وصلت للحديقة حيث مكان تلك الشلة حتى رأت زيزي وهالة والتف حولهما البعض من الآخرين تعرفهم شكلا، لم تنظر لهم وهي تعرف أن عيونهم كانت تخترقها، بالداخل سمعت همهمات
"لا أعرف ما الذي يعجبه بها؟ هل رأيتِ وسامته؟"
ردت أخرى "يقال أنه من آل دويدار، أصحاب مجموعة استثمار متحدة، هذا غير والدهم الملياردير الشهر"
أبعدت وجهها وسارت مبتعدة لم يكن لديها جرأة لمواجهتهم اليوم، بالمدرج سمعت واحدة تقول "لكمة واحدة منه أطارت سنتان لبلال، هذا الجسد لابد أن يكون بهذه القوة"
الغيرة كانت تنهشها وهي تعرف قوة زوجها جيدا لكن جسده، جسده كان بعيدا عنها، كانت تحمر لرؤيته وتخفض عيونها من الخجل، ماذا لو كان لها بيوم ما؟ ماذا لو مررت يداها على تلك العضلات لترى مدى صلابتها، لو لمست جلده المشدود هل سيسمح لها بأي يوم أن تفعل؟
لم يتعرض لها أحد بذلك اليوم ولا باليوم التالي والذي كان الخميس وآخر يوم بالترم حيث ستبدأ الامتحانات مع بداية الشهر، بالأمس هاتفها مرة واحدة ولكنه كان مشغول فأنهى الاتصال بسرعة واليوم تتمنى لو يعود، الوحدة لم تعد تسعدها بل وجوده بالقرب منها هو قمة السعادة
أخذت حمام دافئ وبدلت ملابسها ونزلت مرة أخرى للمحلات وتلك المرة اختلف اختيارها تماما ولكن بعد أن طلبت من المسؤولة مساعدتها ولم تتوانى المرأة عن مساعدتها بكل شيء واختلف الأمر حقا لأن المرأة عرفت زوجة من هي
عادت على الثامنة بالكثير من الأكياس ولكن السعادة ضربتها عندما وجدت الأضواء مضاءة فعرفت أنه عاد
جاكته على المقعد فابتسمت بسعادة، تركت الأكياس وأسرعت للمكتب ولكن لم تجده، صعدت للغرف ووقفت أمام باب غرفته لتسمع أي حركة وبالنهاية دقت الباب مرة ثم اثنان وكادت تذهب عندما وجدته يفتح وهو يلف خصره بالمنشفة وأخرى يجفف بها رأسه وتوقف لرؤيتها وهي احمرت لرؤيته هكذا وتذكرت أفكارها السابقة تجاه جسده فأخفضت وجهها وقالت
"آسفة لم أظن أنك بالحمام"
تحركت لتذهب ولكنه قال "لقد انتهيت إلى أين؟"
ارتدت دون النظر له وقالت "أردت التأكد من أنك عدت، أنت لم تخبرني"
سعل قليلا وابتعد للدولاب وقال "لم أكن متأكد من عودتي"
عاد يسعل فانتبهت ورفعت وجهها وهو يرتدي التي شيرت وقالت "هل أنت بخير؟"
هز رأسه وقال "نعم، السائق أخبرني أنكِ تتسوقين، هاتفك كان مغلق"
ظل واقفا أمامها فقالت "نعم، كنت أشتري بعض الأشياء، هل أنت جائع؟"
بالحقيقة هو كذلك ولكن كان جائع لرؤيتها، لجذبها له وتقبيلها حتى تنتهي أنفاسهم، لأخذها لفراشه وتلبية رغبته التي لا تتوقف ولكنه استعاد سيطرته وقال "أظن ذلك"
ابتسمت وهتفت "حالا"
وأسرعت للمطبخ وقد كانت مستعدة لعودته فقط وضعت الطعام بالميكروويف وقطعت السلطة وسخنت الحساء ووجدته يدخل ليجلس وهو يقول "كيف كانت الكلية؟"
نظرت له وبدا شاحبا على غير عادته، متعب أو لا تعرف، قالت "لم يتعرض لي أحد لكنك كسبت الكثير من المعجبات"
ابتسم وهو يدخن السيجارة ولكنه عاد للسعال وهو يشعر بالصداع يلازمه
أسرعت له بكوب من الماء ولكنه أبعده وهو يطفئ السيجارة وقال "أنا بخير"
ظلت تراقبه عندما أطلق الجهاز صافرته فتحركت لتخرج الطعام، تناول القليل وهو يشعر بألم بحلقه، لم يهتم وهو ينتهي وقال "أحتاج للنوم"
عاد السعال فتحركت تجاهه وهي تمنحه منديل ورقي فلمست يده لتجدها دافئة، وضعت يدها على وجهه بلا تفكير وهتفت "يا الله! حرارتك مرتفعة جدا"
نهض وقال "لا تفزعي هكذا إنه مجرد برد، تبللت ملابسي من المطر ولم أملك بديلها"
تحرك ببطء فأسرعت خلفه وقالت "أنت تحتاج للراحة والدواء"
لم يرد وهو يتحرك لغرفته واندس بالفراش ولم يعي أي شيء بعد ذلك