رواية وجوه فى العتمه الفصل التاسع والعشرون29 والثلاثون30 بقلم منه ممدوح


 رواية وجوه فى العتمه الفصل التاسع والعشرون29 والثلاثون30 بقلم منه ممدوح

_كل اللي صار هذا ما كان اتفاقنا!
هتف بيها سعد اللي كان مداري جسده في وشاح اسود مش ظاهر منه غير فمه، زفر غالب بنزق وقال_أنتَ اللي ما داريت حالك زين، لولا مرت عامر عرفتك ما كنا وصلنا لهذي الحال!
فرد سعد بضيق_وأنا إيش عرفني إنها ذكية لهذي الدرجة؟!
رفع غالب إيده وهو بيقول بعصبية_المرة صحفية!
صحفية يا أخي، يعني دماغها شغالة وبتلقط أقل شي!
ضغط سعد على جفونه وهو حاسس بالغضب، حاول يتمالك نفسه وقال_والمفروض وش هنسوي دلوقت؟
عامر بيدور عليا بإيده وسنانه ولو مسكني مش هيعتقني تاني!
رد غالب بنبرة سوداوية متحملش شفقة_هحاول أثبت التهم على عامر عشان يتحبس، ووقتها كل شي هيصير في إيدي أنا
اتهكم سعد وقال بنبرة ساخرة_على أساس إن مافي في إيدك شي دلوقت!
ابتسم غالب ورد_فيه شي واحد بس ماله في إيدي
سكت شوية وكمل من بين أسنانه_السلطة..
السلطة مالها في إيدي، وهذا هو كل اللي محتاجه، ميبقاش واد قد نص عمري وواخد كل حاجة لصالحه وأنا مجرد تابع ليه!
المشكلة إن بقالي سنين بحاول وهو لابد في الدنيا!
سبحان الله ما جمع إلا ووفق، حتى مرته بسبع أرواح هي كمان!
طلع غالب تليفونه من جيبه، وحطه قدام سعد وهو بيقول_هذي السيارة هتكون منتظراك في ....، وقتها هتاخذها وتطلع بيها على أي مكان بعيد عن هنا خالص الفترة هذي لحد ما الأمور تهدى، وأنا هحاول اتصرف وألبس عامر في قضية مخدرات أخلي التهم تثبت عليه عشان يتحبس وما يطلع منها
سمعوا صوت حركة في الوقت ده من خلفهم، فنزل غالب تليفونه على طول وحط إيده على خصره وطلع سلاحه هو وسعد.
في الوقت ده شهقت يقين بهلع لما حست بحد بيكمم فاهها، اتوسعت عيونها برعب لحد ما سمعت صوته بيهمس جنب أذنها_اهدي
فضولك هذا في مرة هيجيب أجلك!
اتملت عيونها بالدموع بعد ما سابها ولقته هو اللي قدامها من بين الظلام وهمست_عامر!
بلا تردد ضمته، كانت حاسة بالرعب من إن حد تاني هو اللي مسكها، وقتها كانت هتكون في عداد الأموات بلا شك، ربت عامر على شعرها بحنان وهو بيقول_ هذا أنا ما تقلقي
عيونه كانت مثبتة كالصقر على المكان اللي غالب وسعد واقفين فيه، ولما لقاهم بيتحركوا عشان يشوفوا مصدر الصوت جذبها لصدره واتحرك بيها بسرعة وهو بيحاول يبعد عن المكان على قد ما يقدر، وكانت يقين بتتحرك معاه بحذر لحد ما بعد عنهم بشكل معقول، بعدت يقين عنه في الوقت ده وحطت إيدها على صدرها وهي بتنهج من الخوف وقالت_خضتني الله يسامحك!
بصلها عامر بنزق وقال_نفسي تبطلي تحشري مناخيرك في اللي مالك دخل بيه!
اتعصبت من نبرته اللي كان فيها لوم فقالت_أنا شوفت حد بيجري من بعيد!
فرد عليها بسرعة_يبقى من باب أولى تكلميني مش تسوي فيها سبع رجالة وتروحي بنفسك!
فقالت بعصبية ولكن كان صوتها لسة هامس_ده على أساس أنتَ سايبلي وسيلة تواصل مع الناس زي البني آدمين!
أنا معييش موبايل بسببك ابعتلك بالحمام زاجل ولا أعملك إيه؟!
بصلها بنفاذ صبر ورد_أنتِ عاوزة تتخانقي يعني دلوقت؟
بعصبية أجابت_أنتَ اللي بدأت بالخناق!
هز راسه بيأس من تصرفاتها، وبعدين تخطاها واتحرك خطوتين تحت أنظارها ووقف ورا شجرة وهو بيراقب من على بُعد سعد وغالب اللي كان ظاهر عليهم التوتر لحد ما اتحرك سعد ومشي تحت أنظار غالب اللي كان بيراقبله الطريق، وقفت يقين ورا ضهره ولكن كانت باصة على مكانهم وعيونها بتتنقل بين ملامح عامر الجامدة وعيونه اللامعة بغضب وبين اللي بيحصل قدامها، ضمت شفايفها بأسى عليه وقالت_عرفت امتى؟
ضغط على جفونه وهو بيحاول يتمالك نفسه، واتلفت ليها وقال بجمود_اليوم
قبل ما تتكلم جذبها من إيديها وهو بيقول_لازم نرجع الدار قبل ما يرجع هو ويشوفنا
وبالفعل كان اتحرك معاها بخطوات أشبه بالركض عشان غالب ميلاحظش وجودهم أو يشوفهم، وفعلًا كانوا قدروا يوصلوا قبله البيت لما اختصر عامر الطريق اللي حافظه عن ظهر قلب
طلعوا لفوق ولحظهم كان الكل نايمين، دخلوا لغرفتهم ومنها اتجه عامر وقعد على الكنبة وهو بيدعك عيونه بتعب، فاتحركت يقين وقعدت على إيد الكنبة وهي بصالة بنظرات حزينة، كانت عارفة إنه بيقاوم مشاعره اللي حاسس بيها، صدمة عنيفة إن عمه اللي من لحمه ودمه يطلع هو اللي عمل فيه كل ده، بقاله سنين بيئذيه وهو مش عارف
حسسه بالعجز والضعف وكل ده لإنه مشكش في اللي منه!
رجع ضهره لورا وسند راسه على ضهر الكنبة وهو مغمض عيونه بإرهاق، مكانش إرهاق من مجهود او من قلة النوم ولكن من قسوة الحقايق، اتحركت وقعدت جنبه فحس هو بيها ولكنه فضل على وضعه وهو بيقول_كلفت عزيز يراقب تليفونات كل اللي في الدار
أنا كنت وصلت لدرجة إني بشك في حالي، وفي الآخر عرفنا إنه له تواصل مع سعد، وسمعناه بيكلمه إنه هيقابله اليوم.
كانت يقين ساكتة وهي بتسمع جملته المتألمة، ضحك بسخرية وهو بيفتح عيونه وبيبصلها بنصف عين وبيقول_تخيلي إنه بيتفق معاه كيف يخلص مني؟!
اتملت عيونها بالدموع وهي شايفة العذاب والعجز اللي ظاهر في عيونه، رجع على وضعه تاني وكمل_كل اللي عاوزه هو السلطة 
أنا ما قصرت مع ولا واحد من العيلة، بالعكس كنت أحرم حالي عشانهم
ما قصرت والله، ليش؟
ليش دمر حياتي بهذا الشكل؟
عشان السلطة؟
عشان يبقى الاسم إن هو كبير عيلة الزيات؟
طب وأنا؟
هان عليه يسووي كذه في ابن أخوه؟!
مكانتش عارفة تواسيه ازاي، ولكن مقدرتش تسيبه بالشكل ده، فقربت منه بدون تردد وضمته وهي ساندة راسها على صدره وبإيديها بتملس على صدره بحنان، اتفاجئ من حركتها ورفع راسه وهو بيبصلها بدهشة، أما هي فكان نفسها تقدر تمتص الحزن اللي هو حاسس بيها، ولما شافها ساكنة بالشكل ده لأول مرة، لف دراعه حوالين خصرها وجذبها ليه أكتر وهو بيتنهد بوجع، وقال_مش عارف وش أعمل!
كيف هنتقم من عمي؟!
كيف هاخذ حقي، وحق سلمى، 
وحق ابني اللي اتيتم وهو لسة ما وعي على الدنيا، حق محاولات قتلي، وحقك أنتِ كمان!
لو حد سمع من العيلة اللي صار مش هيصير فيه عيلة اسمها الزيات، هنتفكك، هنتدمر، كل اللي بنيته طول هذي السنين هيروح
وش اسوي بس؟!
أنا قصرت في إيش معاه!
بعدت يقين عنه وهي بتبصله بنظرات عاجزة بعيون لامعة بدموع على حالته، رفعت إيديها وبسطتها على خده بحنان وهي بتقول_المشكلة مش فيك أنتَ يا عامر
صدقني، مفيش مبرر للي عمله ده، أنا شوفت بنفسي أنتَ بتعمل إيه عشان تشوف عيلتك مبسوطة
بس للأسف فيه ناس قلوبها مليانة سواد من غير سبب، حتى لو كان السواد ده للي من لحمه ودمه
سكت وهو بيتمعن في كلامها، وبعدين بعدها عنه برفق تحت أنظارها، قام وقف واتحرك وخرج من البلكونة، وقف وهو بيبص على الفضا من قدامه، وطلع سيجارة من جيبه ولعها وابتدى ينفث دخانها ببطء وهو بيفكر
مفيش وقت لإنه ينهار ويتوجع، مفيش وقت،
مفيش وقت لإنه يعاتب ويتألم، ومينفعش يسامح
اتلفت لما حس بيقين بتقف جنبه، كانت بتبصله وعلى وشها كل ملامح القلق، لأول مرة يحس إنه فارق معاها فعلًا
إنها حزينة وقلقانة عليه، فضلت بصاله شوية، وبعدين قالت برجاء_عامر
مش عايزاك تشتغل في الشغل ده تاني
عشان خاطري، 
عشان خاطري ابعد عن كل ده وأبدأ من جديد
اتجمدت عيونه عليها وهو حاسس بالعجز، هو شايف إن الوضع جاب نهايته، الشغل ده هو اللي قوم الفتنة بينهم
إنه بنى اسم وسط التجارة في السلاح خلت عمه طمع في السلطة 
أو يمكن هو اللي طمعان في الاسم من زمان ومش واخد باله!
كان مدي الأمان لكل فرد في العيلة، متوقعش إن الغدر ييجي من المكان اللي مآمنله
وبعد صمت طويل وملقتش هي منه رد، اتنهدت بيأس لما أدركت إن عامر عمره ما هيتخلى عن عامر الزيات، وفي النهاية سابته وراحت نامت على السرير وعيونها مثبتة عليه وعلى الدخان اللي بينفثه بعصبية واضحة..

                            ****

نزلت وراه لتحت وهي حاسة بالفضول على اللي هيعمله، خصوصًا وإنها راقبته طول الليل، عيونه مداقش النوم من كتر التفكير، فضل طول الليل في البلكونة بيشرب كمية سجاير من كترها معدتش
مضايقها إنه بيضغط على نفسه بالشكل ده، صامت وجامد ميعرفش إنه بيهلك نفسه بصمته ده، كانت عايزاه يثور، يتعصب، يكثر الدنيا حتى ولكن المشكلة إنه سكت!
كانوا كلهم قاعدين على طاولة السفرة بيفطروا، وهي مصطحبة جواد في إيديها، ولكن عامر اتلفت ورمقها بنظرة ذات مغزى فهمتها هي على طول وشاورت لهدية خلتها تاخد جواد ويروحوا المطبخ.
دخل لجوا وهو بيرمي السلام ولكن مقعدش، رمتها فاطمة بنظرات من فوق لتحت ووجهت كلامها لعامر_ما تقعد يا ولدي
هز عامر راسه بالرفض، ووجه كلامه لاخواته وقال_اسمعوا الكلام اللي هقوله هذا زين وركزوا فيه
ومش عاوز أي كلمة هقولها تطلع برا، مش عاوز ولاد عمكوا يسمعوا عن الكلام اللي هقوله
حتى عهود عشان حسن
ساب فارس اللقمة اللي في إيده وقال بقلق_وش صاير ياخوي؟!
ضم عامر قبضة إيده وقال_غالب الزيات
هو الخاين اللي بينا
شهقات خرجت من كل الأفواه اللي موجودة، اتنفض عايد وفارس اللي قال_وش اللي بتقوله هذا ياخوي؟!
أما فاطمة فقامت وقربت من عامر بملامح مصدومة وقالت_أنتَ متأكد من الكلام اللي بتقوله؟!
فقال عايد_يمكن فيه لبس في الموضوع ياخوي، مش معقولة هذا عمك غالب!
اتدخلت يقين في الوقت ده بعد ما شافت إن كلهم مش مصدقين وعامر معندوش صبر إنه يشرح، فاتكلمت_الكلام اللي بيقوله عامر حقيقة، أنا وهو شوفناه بنفسنا وهو واقف مع سعد امبارح
اتجمد فارس مكانه وهو حاسس بالصدمة، أما عايد فاتحرك وقعد بإنهيار على الكرسي
كلهم مش مستوعبين اللي بيتقال، ده في النهاية غالب عمهم اللي كان في مقام والدهم!
رفعت فاطمة ايديها وبسطتها على صدرها اللي كانت حاسة بالألم بسببه، ورددت_المـلعـون!
بلل فارس شفتيه وهو بيمسح وشه وبيلف حوالين نفسه بلا هوادة ووقف قدام عامر وهو بيقول_طب وش غرضه من كل اللي بيصير؟!
ليش يسوي كذه؟
ليش عاوز ينهيك ياخوي؟!
رد عامر وهو ضامم قبضته وبيحاول يتمالك نفسه_عاوز السلطة
عاوز يبقى هو كبير الزيات، عشان ما يطلع شكله وحش قصاد الناس قِبل بوصية أبوي وقال إنه ما رايد أي شي
بس في الحقيقة من وقت ما مسكت العيلة وهو بيدبرلي مصايب
لما عجز إنه يقتلني بيحاول دلوقت يحبسني عشان يمسك العيلة من بعدي، سعد كان بيشتغل لحسابه من وقت من جه هنا، كان هو اللي بينقل كل اللي بيسويه ليه وللأسف كنت فاكره دراعي اليمين، بدأ بإنه يشعل النار بينا من تاني مع الرشايدة، ولما هديت بالنسب اللي بينا أمر سعد يقتل سلمى عشان الرشايدة ينتقموا مني عشانها، كل محاولات قتلي اللي فاتت كانت بسبب عمي غالب
هو اللي سوى كل شي!
بسط عايد إيديه الاتنين على راسه من الصداع اللي بيلفح دماغه، فاتكلم فارس_أنا مالي مصدق اللي بتقوله
عمي غالب!
طب حد كان معاه في اللي بيعمله؟
عمك مرزوق؟
حسن وزايد؟!
هز عامر راسه، واتحرك وقعد على الكرسي بعد ما حس بالتعب، وقال_أنا مراقب تليفوناتكم كلكم 
كلكم بلا استنثاء عشان أكون واضح معاكم، ومفيش غير عمك غالب اللي متورط في اللي صار
أنا بقولكم هذا الكلام عشان ما حد ينصدم من اللي هيصير قدام، عمكم غالب خاين ولازم يتعاقب
اتنفض قلب يقين من الخوف من إنه يعمل حاجة يئذي بيها نفسه، فقربت منه وهي بتقول بصوت مهزوز_عامـر
اتلفت ليها بوشه وبصلها بنظرات قوية مليانة تأكيد_الخاين لازم يتعاقب يا يقين
لازم
دخل حمد في الوقت ده وهو بيتنحنح، وقال_عامر أخوي
عزيز الرشيدي منتظرك في مكتبك
قام عامر وقف واتحرك لبرا بالفعل تحت أنظار يقين، وخرج معاه فارس وعايد بسرعة اللي كانوا لسة مش مستوعبين كل اللي اتقال
أما فاطمة فحست إنها على وشك فقدان الوعي، اتحركت وقعدت بإنهيار على الكرسي وهي بتتنفس بعنف، فجريت يقين عليها بقلق هي ونوارة وراوية.
في حين كانت بتهتف راوية وهي بتفك حجابها وبتهويلها بيه_أما
ياما فاطمة مالك بس!
قالت نوارة ليقين وهي بتدعك إيدين فاطمة لعلها تفوق_مرت أخوي
عندك العطر في المكتبة هاتيه الله يخليكي
وبالفعل بدون تردد راحت يقين فتحت المكتبة ودورت على العطر اللي بتقول عليه نوارة لحد ما لقته، ورجعت جري فتحته وابتدت تحط على رقبة فاطمة وتربت عليها وهي بترمقها بنظرات قلقة
أما فاطمة فكانت بتتنفس بصعوبة، مازالت فاتحة عيونها ولكن مش قادرة تتكلم، لما شافت إن يقين هي اللي بتسعفها اتحاملت على نفسها ورفعت إيديها ودفعتها بضعف، فزفرت يقين بنفاذ صبر وهي بتقول_مش وقته عِند الله يخليكي!
ولكن فاطمة كانت استجمعت قوتها شوية، فدفعتهم كلهم بعيد عنها وقامت وقفت تتسند عشان تخرج تحت رفضها مساعدة أي واحدة فيهم، وفي النهاية وقفوا كلهم يراقبوها بقلة حيلة وهي راجعة لغرفتها..

دخل عامر لغرفة المكتب فلقى عزيز قاعد على الكرسي وهو حاطت رجل على رجل، بص لفارس من فوق لتحت بسخرية وقال_مش قولتلكم الخاين وسطيكم؟
مكانش ليها لازمة الخناق
أهو شكلك طلع وحش في الآخر
أشاح فارس بنظره عنه وهو بيحاول يتمالك أعصابه، فاتكلم عايد بنفاذ صبر_أقصر الشر يا عزيز وبطل رمي كلام
ولكن عامر كان على أعصابه لوحده، فبعصبية زعق ليهم_لو جايين عشان تتعاركوا فاطلعوا برا بدل ما أفضي خزنتي في جوفكم!
الوضع ماله متحمل مناقرتكم كيف العيال الصغار!
سكت عايد ونكس راسه في الأرض أما فارس ففضل صامت زي ما هو، طلع عامر كيس حافظ من جيبه، رفعه قدام عيون عزيز، كان محتوي على عدد من رصاصتين بس ولكنها كانت متشابهة وكإنها خاصة بسلاح معين، وجه نظره لعزيز وقال_عاوز تنتقم لأختك
اسمع زين اللي هقولهولك ونفذه...

                          ****

في مكان شبه مقطوع بعيد عن العريش ببضع كيلومترات
شاف سعد اللي كان بيتحرك وهوملثم العربية اللي قاله غالب عليها، واتحرك بخطوات متعرجة بسبب الرصاصة اللي في رجله ناحية العربية واللي مكانش فيها حد خالص ده غير إن العربية كانت مصفحة زي باقي العربيات الخاصة بالزيات، شال الوشاح من على وشه وفتح العربية ودخل جواها، ابتدى يفتح في كراسي وأدراج العربية اللي جوا يتأكد إن غالب مش داسسله حاجة لإنه عارف إنه مش سهل.
رفع راسه وهو بيتعدل ولكن اتجمد لما شاف عزيز واقف قدام العربية وهو بيبتسم باتساع وهو بياكل العلكة، اتجمد سعد مكانه من الصدمة خاصة لما رفع عزيز إيده وشاورله بـ باي، وبعدين طلع سلاحه من خصره وكاتم الصوت من جيبه وابتدى يركبه وهو بيقرب منه
اتوسعت عيون سعد بهلع وبدون تردد ضغط على قفل العربية من جوا فاتقفلت الشبابيك والأبواب، ولإن العربية كانت مصفحة فمكانش عزيز شايف اللي جواها
طلع سعد موبايله في الوقت ده وهو مركز نظره على عزيز اللي مال وهو مضيق عينه وبيحاول يشوف اللي وراه الزجاج، بِعد وبدون تردد ضرب رصاصة بمسدسه في الزجاج ولكن مأثرتش فيه غير حاجة بسيطة نظرًا لإن الزجاج مقاوم للرصاص
ومع خروج الرصاصة انتفض سعد من الرعب وأول ما جاله الرد صرخ_الحقني يا غالب بيه
عزيز، عزيز هنا وهيقتلني
ابعتلي أي حد يلحقني بسرعة
جه صوت غالب المصدوم_وهذا كيف عرف مكانك
الله يخريبيتك، اقفل اقفل هحاول اتصرف.
قفل غالب الخط تزامنًا مع خروج عدد كبير من الرصاصات المتتابعة على زجاج السيارة في نفس المكان لحد ما ابتدى الزجاج يضعف ويتخرم مكان الرصاص وكان سعد بيشهق بهلع ونزل تحت الكراسي وهو محاوط راسه برعب،
خلص عزيز خزنة كاملة من الرصاص في الوقت ده، فبمنتهى البرود طلع خزنة تانية من جيبه ودسها في السلاح مرة تانية وهو بيبص على زجاج السيارة ببرود وابتدى يضرب رصاصات على نفس المكان لحد ما رصاصة من الرصاصات خرمت الزجاج ولكن مدخلتش لجوا
وقف عزيز ضرب وقرب بعينه يبص على الرصاصة تحت أنظار سعد اللي كان بيرتجف من الخوف، مد عزيز صوباعه ودخل الرصاصة لجوا اللي نزلت على راس سعد من جوا خلته يتنفض بهلع
وبعدين بِعد وهو بيبتسم بسخرية، نزل الشنطة اللي على كتفه وطلع منها أنبوبة صغيرة سوداء مش واضح هي إيه، وصل فيها أنبوبة بلاستيكية رفيعة وبعدين حط الأنبوبة على سقف العربية ودخل الأنبوبة البلاستيكية من جو الحفرة بتاعة الرصاصة وبعدين فتح صمام الأنبوبة التانية فابتدت الأنبوبة تنفث في الوقت ده كمية كبير من الغاز في قلب العربية المقفولة
شهق سعد من الصدمة وابتدى يكح بعنف وهو حاسس الاختناق من الغاز اللي ملى العربية من جوا وعزيز كان واقف حاطت إيده في جيبه وهو بيصفر بمنتهى التسلية، في حين كان سعد بيكح لدرجة إن نفسه اتقطع واتعدل وهو كاتم نفسه بصعوبة وداس على أزرار قفل العربية عشان يفتحها
وبعدين اتحرك بعد ما وشه ازرق من قلة الاكسجين وحاول فتح باب العربية ولكن عزيز زق الباب برجله قفله تاني وسط مقاومة سعد ومحاولاته لفتحها وكإنه بيعاقبه على اغلاقه ليها، وفي النهاية بِعد عن الباب ففتحه سعد وبعدين اترمى على الأرض وهو بيشهق وبيكح بقوة
وابتدى يزحف بعيد عن عزيز وهو مش قادر يتحرك من الضعف والوهن اللي اتملك من جسمه بسبب الغاز
طلع عزيز سلاحه واتحرك ناحيته وعلى وشه ابتسامة واسعة، داس على رجل سعد اللي كان فيها جرح الرصاصة القديم فصرخ بألم، دفعه عزيز برجله خلاه يتقلب على ضهره، وبصله بنظرات اجرامية وهو بيقول_فاكر نفسك عشان ما مت مخنوق هتظلك عايش؟
يلا اشوف وشك بخير يا سـعـد يا غـالـي!
وقبل ما يفتح سعد فمه ويتكلم عشان يترجاه كانت خرجت رصاصة من مسدس عزيز اتوجهت لصدر سعد فخر صريعًا فاقد للحياة تمامًا.
بصله عزيز ببرود وهو حاسس بانتشاء، أخيرًا وبعد السنوات دي كلها ثأر لاخته اللي اتقتلت ظلم، وممتن بشكل كبير لعامر إنه إداله فرصة زي دي.
رجع مسدسه في خصره تاني وبعدين اتجه للعربية، قفل أنبوبة الغاز وكتم نفسه ودخل جوا العربية وهو بيلم الرصاصات اللي خرجت من مسدسه عشان متبقاش دليل عليه، وطلع أكياس من المواد المخدرة دسها في قلب العربية بين الكراسي وبعدين اتحرك تجاه الملقى أرضًا
جثى على ركبته قدامه وطلع عصا حديدة رفيعة من الشنطة ودخلها بكل جحود جوا مكان الرصاصة اللي ضرب بيها سعد وبعدين خرجها تاني وطلع الرصاصة اللي جواه وحطها في قلب كيس بلاستيكي حافظ وعانها في الشنطة
وبعدين طلع الكيس اللي فيه الرصاصتين اللي عامر عطهوله وطلع منه رصاصه وابتدى يدخلها لجوا جرحه بالعصا الحديدية لحد ما اتأكد إنها استقرت في نفس مكان الرصاصة الأولى
رجع العصا الحديدية لشنطته تاني، وقام اتعدل وهو بيبصله بمنتهى البرود والتشفي، طلع تليفونه من جيبه وطلب رقم عامر لحد ما اتفتح الخط وقال بجمود_خلصت..
أما عامر فكان واقف في بلكونة أوضته وهو بيتابع عمه اللي خد عربيته وخرج بأقصى سرعة من البيت وكان باين عليه الخوف
قفل الخط مع عزيز من غير ما يرد عليه، واتلفت بعينه على يقين اللي كانت قاعدة على طرف السرير وهي بصاله بنظرات مليانة قلق، عارفة إنه ناوي على حاجة ومش راضي يقولها، ولكن ملامح وشه الإجرامية محسساها إنه وراه حاجة ومش عايز يقول.
دخل لجوا الأوضة واتجه ناحية دولابه، وقعت أنظاره على خزنة معينة جوا، أدخل كلمة المرور بتاعتها وفتحها وطلع منها علبة حمراء قطيفة
لوهلة لقى نفسه مرتاح لما عزيز قاله إنه خلص كل حاجة، ولسة بقيت الخطة اللي كملها وبتتم زي ما هو عايز من غير ما حد يعرف أو ياخد باله، ومن غير ما يكون ليه يد في الموضوع قدام العيلة عشان ميحصلش أي زعزعة بينهم.
تحت أنظارها المرتابة منه قرب منها، مسك إيديها ورفع كفها وهو بيطلع خاتم من الألماس اللي كان ذوقه رفيع جدًا وبيلبسهولها تحت نظراتها المتخبطة من تصرفاته، ضغط على مكان الخاتم بتملك وهو بيقول_هذا الخاتم هيفضل في إيدك طول العمر يا يقين، أوعي تخلعيه أبدًا
ضمت شفايفها وهي عاقدة حاجبها وقالت بقلق حقيقي_عامر
أنتَ بتخوفني!
ابتسملها واحتوى وشها بين إيديه وهو بيقول بتأكيد_ما تخافي
كل حاجة هتنتهي عن قريب..

                           ****

وصل غالب للمكان اللي كان سايب العربية فيه لسعد، كل خوفه من إنهم يكتشفوا إن العربية بتاعته، نظرًا لإن كل أوراقها باسمه هو، وقف من على بُعد فشاف سعد ملقى أرضًا ولكن لوحده، راقب المكان من حواليه عشان يتأكد إنه لوحده فعلًا، وبعدين نزل من العربية واتجه ناحيته وهو بيجري، جثى على ركبته وهز سعد و هو بيهتف باسمه ولكن ملقاش أي استجابة منه، حط إيده على رقبته واتجمد لما ملقاش فيه أي نبض
بِعد عن سعد وهو واقف يتلفت حواليه وبيشهد على خصلاته البيضا بعجز من اللي حصل، حاسس بالجنون من معرفتهم لمكانه
إذا كان عزيز عرف فحتة إن عامر يعرف مسألة وقت!
ولكن في الوقت ده اتجمد تمامًا لما سمع صوت عربيات الشرطة اللي حاوطته من كل ناحية
رفع إيده في استسلام، فنزل عدد من الضباط في الوقت ده جريوا عليه وخلوه ينبطح على الأرض، أما غالب فمكانش بيردد غير_والله العظيم مالي دخل..

اتقلب بيت عيلة الزيات رأسًا على عقب بعد ما وصلهم خبر القبض على غالب، اللي بعد التحريات اكتشف الطب الشرعي إن الرصاصة اللي في صدر سعد خارجة من سلاحه هو، ده غير العربية الخاصة بيه المسجلة باسمه وكانت مليانة بأكياس المخدرات والمواد الممنوعة.
كان كل رجال العيلة مستنيين قدام القسم، ده غير إن بدرية كانت في حالة لا يُرثى لها هي وليلى، أما عامر وفارس وعايد فكانوا بيقدموا الدعم لولاد عمهم خاصة وإنهم عارفين إن ملهمش دعوة بتصرفات ابوهم
كانت يقين واقفة من على بُعد ساندة ضهرها على العربية وهي بتراقب عامر، مش قادرة تلومه الحقيقة لإن اللي عمله فيه عمه مش قليل، بالعكس هو اختار أقل الطرق إيذاءً للعيلة
محبش إنه يخسر ولاد عمه وهو عارف هما بيحبوه قد إيه، الحقيقة عامر طلع ذكي 
ذكي لدرجة متخيلتهاش ودي حاجة خوفتها منه أكتر، تصرفاته كانت مريبة وهو بيستقبل الخبر!
كانت عارفة إنه بيخطط لحاجة مع عزيز ولكن مقدرتش تكتشفها للأسف..
خرج المحامي في الوقت ده واللي كان ظاهر عليه اليأس، انتبهله كل الموجودين فوجه كلامه لعامر وهو بيقول بيأس_للأسف موقف غالب بيه حرج جدًا
ولكن هحاول على قد ما أقدر أخفف الحكم عليه
وبعد ما خلص كلامه انهارت بدرية وليلى أكتر، واتقلب المكان تمامًا، خرج غالب في الوقت ده وهو مكبل بالأصفاد، والعساكر ماسكينه وواخدينه بإتجاه سيارة الترحيلات، جريوا كلهم بإتجاهه ولكن العساكر منعوهم من إنهم يقربوا منه، كان عامر  واقف مكانه من وسط الدوشة، ساكن تمامًا وهو بيتأمله بنظرات مظلمة غامضة مليانة مشاعر كتيرة متناقضة وهو شايف حالته المزرية والخوف والهلع اللي ظاهر عليه، ولما وقعت عيون غالب عليه، اتحرك عامر وقرب منه شوية وهتف بامتنان مصطنع وهو حاطت إيده الاتنين في جيبه_مش هنسالك جيميلك هذا يا عمي
أنا داري إنك سويت كذه عشان تجيب حق ابن أخـوك
مش هنسـالك اللي سويتـه عشـانـي أبـدًا...
كان بيشدد على الكلام اللي هو بيقوله، رسالة مبطنة؟
بالظبط 
وقدر غالب يميزها
أكيد
ولكن في النهاية ما باليد حيلة، وقع بين قبضة عامر ووصل لطريق مفيش منه رجعة..
الحلقة الثلاثون

في بهو بيت غالب كانوا كلهم رجعوا من القسم بعد ما خدوا غالب، كانت الأجواء مليانة توتر من اللي حصل، لسة كلهم مش مستوعبين اللي صاب غالب
كانوا كلهم قاعدين في مجلس البيت، ليلى في حضن هناء ومش مبطلة بكاء، وبدرية قاعدة رابطة راسها بوشاح وملامحها شاحبة وكإنها عجزت ميت سنة، أما حسن فكان بيتحرك بعشوائية في المكان وهو حاسس بالصداع هيفتك بدماغه، وعامر وعايد وفارس بيتابعوا اللي بيحصل بصمت تام، لحد ما وقف حسن مرة واحدة وقال وهو بيضرب كف على كف_أنا مالي مصدق اللي صار!
التهمة لابسة أبويا ومفيش منها مفر، والمشكلة مش راضي يقول شي!
وجهت بدرية نظرها لعامر وهي بترمقه بنظرات مليانة كره، هي متأكدة إنه ليه يد في اللي حصل، فاتكلمت وهي بتبصله من فوق لتحت_وش هيقول؟!
ربنا يجازي اللي كان السبب في اللي صار!
محدش فهم مقصد كلامها غير اللي كانوا على علم بكل حاجة، فكان عامر بيوجهلها نظرات تحذيرية هي قرأتها كويس، هو مدرك إنها عارفة باللي عمه عمله نظرًا لإنه مبيخبيش عليها أي حاجة من زمان
حس بكف بيتحط على دراعه، فاتلفت لعهود اللي كانت جنبه وعيونها وارمة من البكا، وقالت_سوي شي ياخوي الله يخليك، مالها معقولة إننا نترك عمي غالب في هذي المحنة!
ربت على كفها بحنان وقال_ما تقلقي، إن شاء الله خير
فاتدخلت بدرية بتهكم_وش هيسوي اخوكي يا عهود، ماهو قاعد جنبنا أهو!
فقال زايد بعصبية_وش هيسووي يعني ياما، كلنا مالنا ساكتين، وعامر أخوي الله يعينه لسة قضيته شغالة لحد دلوقت!
وجه حسن كلامه ليه وكإنه تذكر شيء وقال_صحيح ياخوي، تقريبًا القضية اللي عليك نفس اللي على أبوي، وش هتسوي فيها؟
سكت عامر ومردش بل وفضل يتأمل في وشوش كل الموجودين بصمت، فرد فارس على طول_المشكلة ياخوي إن فيه كذه دليل ممسوكين على عمي غالب، أما عامر فكانت بلاغات بس ولسة بيحققوا فيهم!
هز حسن راسه بتفهم ورجع يلف حوالين نفسه بيفكر وبيحاول يلاقي أي حاجة يقدر يخرج أبوه منها.
قام وقف عامر وهو بيستأذن عشان يخرج، وشاور لفارس وعايد يفضلوا مع ولاد عمهم عشان ميحسوش إن فيه حاجة غلط ويتهموهم بالتقصير، وقبل ما يخرج قالت بدرية_أبقى وصل سلامي لأم عامر 
شكلها مجاتش هنا عشان تعبت من الحزن على اللي صار
فاتكلمت عهود بسرعة_صحيح ياما، لقيت وشها مخطوف من الخضة وتركتها ترتاح
ابتسمت بدرية وردت بتهكم_صادقة يا حبيبتي صادقة
رماها عامر بنظرة أخيرة وبعدين سابهم وخرج من البيت واتجه على طول على غرفته مقررًا إنه يتجنب أي حد دلوقتي، دخل الأوضة فوقعت عيونه على جواد اللي رايح في النوم، ابتسم بحنان عليه واتلفت لما سمع صوت المياه من الحمام فأدرك إن يقين جوا 
قلع الوشاح من على راسه وغير هدومه وبعدين اتنهد لما وقعت عيونه على صورة أبوه اللي كانت على الكوميدينو
اخدها واراح قعد على الكنبة وهو بيتأمل في صورته، اتبدلت ملامحه لتانية مهمومة مليانة حزن وألم، وبعد صمت مش طويل اتكلم بصوت هامس أجش من الحزن_تركتني بدري أوي يابوي
وتركتلي حِمل تقيل أوي، اتهدلت اكتافي يابوي، حاولت أحافظ على أمانتك وأنفذ وصيتك، كبرت اسمنا وخليتني أنا وولاد عمامي كتف بكتف، فضلت سعادة العيلة على سعادتني، ضحيت بحاجات كتيرة أوي، نسيت نفسي ونسيت أنا إيش بحب وإيش بكره.
كل هذا عشان نظل عيلة متماسكة، عيلة قوية مايفرقها إلا الموت
ورغم كل هذا ماكفاش يابوي وبرضك الشيطان دخل بيننا واتفرقنا!
اتهدلت أنفاسه في الوقت ده ولمعت عيونه بالدموع المحبوسة وكمل_أنا نفسي انقطع يابوي، انقطع من الجري ورا مصالح العيلة، من إني أهل مشكلة هذا وهذا وأترك مشاكلي أنا وأنساها، وفي الآخر عمي هو اللي كان بيطعني طول الوقت، عمي اللي كنت معتبره مكانك
أنا مالي عارف اللي سويته هذا صح ولا لأ، بس مكانش ينفع اتركه وسطينا، هيشعل نار الفرقة، هيخلينا نكره بعض
أنا تعبت يابوي، تعبت ونفسي ارتاح
بس ما هقدر اترك العيلة في إيد حد تاني، ما أقدر أهد الاسم اللي بينته، ما أقدر أآمن حد عليهم
سكت وهو بيبتسم بحزن، ابتسامة مهزوزة من محاولته لتمالك نفسه، وفي النهاية قام ورجع الصورة مكانها، وقعت عيونه على جواد فقعد جنبه وهو بيملس على شعره بحنان، ومال طبع قبلة على جبينه..
خرجت بعد مدة من الحمام، كانت سامعة صوت همس برا ولكن مقدرتش تسمع محتواه، شافته وهو رايح في النوم جنب جواد، وهو ضامه ليه، لوهلة لقت نفسها بتبتسم بحنان وهي بتقرب منهم، وقفت تتأمله شوية وبعدين عدلت الغطاء وسحبته عليه.
مش قادرة تلومه، عامر هو الضحية، كل اللي عمله ده عشان يحافظ على العيلة اللي شايف همومها على كتافه، شايفة نظراته المعذبة وضهره المحني اللي بيحاول يخليه يفضل مفرود وشامخ ولكن كتير عليها كل اللي بيحصل ده
عمرها ما اتحطت في مواقف زي دي
الحمل تقيل عليها هي كمان، هي بتحبه ومش هتنكر ده
بس أكيد الحب لوحده مش كفاية!

                            ****

رغم إن ده ممنوع ولكنهم أبلغوه إنه فيه زيارة جياله، اتحرك مع العساكر وبين إيديه سبحته اللي بيداري بيها ضيقه.
اتجمد أول ما دخل ولقاه هو اللي قاعد مستنيه، ساند ضهره على الكرسي وبيبصله من فوق لتحت بنظرات ممزوجة بعدة مشاعر.
اتقفل الباب في الوقت ده وخرج العساكر، فرفع غالب راسه بكبرياء وقال_جاي تشمت فيا يا عامر؟!
رفع عامر حاجبه بدهشة، ورد بحزن مصطنع_اشمت فيك؟!
بقى هذا كلام يا عمي؟!
اتحرك غالب واتقدم ناحيته بخطوات سريعة، وقف قدامه وقال بحدة_عملتها كيف؟
اتعدل عامر وقام وقف وهو بيمط شفتيه بتعجب مصطنع، وبعدها رفع نظره ليه وهو بيقول_قصدك على إيش بالضبط؟
عرفت خيانتك كيف؟
ولا إنك اللي مشغل سعد
ولا إنك اللي بلغته يقتل سلمى
ولا محاولاتك لقتلي، مرة بفرامل السيارة، مرة رجالة يقطعوا عليا الطريق
ومرة بالسم
ولا عرفت كيف دبرتلي قواضي عشان اتسجن
بتسأل عن إيش بالضبط يا عمـي؟
بهتت ملامح غالب من نبرة عامر اللي كانت شرسة وكإنه اعتبر اللي قدامه ده مجرد عدو لدود ليه، فقرب منه عامر خطوة وقالت من بين أسنانه_اسمع
احمد ربك إني تاركك عايش لحد دلوقت، وهذا لأجل خاطر حسن وزايد بس، ولأجل خاطرهم ما خليتهم دريوا بعمايل أبوهم، فإن ما كنت عاوز تحافظ على علاقتك بيهم وتتركلهم ذكرى عدلة قولهم إن أنا ليا علاقة بحبسك يا عمي
ووقتها هنشوفهم هيظلوا يقولولك يابوي ولا هيتبروا منك!
كده كده القواضي لابساك، إن ما كنت داري رغم عشرة العمر هذي
فاللي كنت بتلعب معاه هو عامر الزيات!
سكت غالب تمامًا، كان بيوجه لعامر نظرات مليانة كره بس، كره اتمكن منه لدرجة إنه نسي إن اللي قدامه ابن أخوه!
ابتسم عامر باستهزاء وهو بيبصله من فوق لتحت، وبعدين اتحرك ببرود وراح عند الباب، وقبل ما يخرج اتكلم_عقل مرت عمي
إن ما كنت عاوزها تحصلك هنا قولها تنسى اللي صار وتعيش
وبس نهى جملته وخرج من الغرفة، وتركه بيبص لأثره بحقد وغل دفين، لدرجة إنه انتفض لما انفرطت حبات السبحة اللي ماسكها في إيده من كتر شدها من الغيظ وهو مش حاسس
للأسف انقلب السحر على الساحر، عارف قد إيه ولاده بيحبوا عامر، عارف قد إيه بيعتبروه كبيرهم فعلًا
بيثقوا فيه ثقة عمياء
مش هيقدر يوريهم وشه لو قال غير اللي عامر قالهوله
للأسف هو خسر، وشكله هيفنى هنا في السجن طول عمره إن مخدش اعدام..

                            ****

كانت قاعدة مستنياه في غرفتها بعد ما بعتلها خبر مع هدية إنها تجهز لإنه هياخدها لمكان ما ولكن معرفهاش فين بالضبط، وبالفعل كانت جهزت ومستنية خبر منه
هي بتحاول تتجنب الكلام معاه بعد اللي حصل عشان ميحصلش مشادة بينهم، أعصابها تعبانة ومش قادرة تتحكم من ردود أفعالها، وهو كمان كان بيتجنبها تمامًا
كان عقله مشغول في حاجات تانية كتيرة.
لقت هدية بتخبط عليها وبتقولها إنه مستنيها قدم البيت، وبالفعل خدت شنطتها ونزلت تحت
قابلت فاطمة في طريقها اللي كانت بتبصلها بنظرات غريبة ولكن في النهاية سابتها وخرج برا، فشافته جوا عربيته مستنيها.
فتحت الباب وصعدت جنبه وهي بتبص لملامحه الشاردة وسألت بقلق_هنروح فين؟
شغل العربية واتحرك بيها وهو بيقول_هتعرفي لما نوصل
رفعت حاجبها وسألت باستنكار_وإيه لزوم التشويق يعني؟
ابتسم وهو بيبصلها بطرف عينه_بستفزك كيف ما بتستفزيني
اتعدلت وهي بتبصله بعبوس وبتقول_قول بقى إن وحشك الخناق معايا!
بصلها بنظرات مليانة مشاعر جياشة ورد بنبرة سلبت أغوارها_ولو قولتلك إن حاجة تانية اللي واحشاني؟
ارتبكت من نظراته وأسلوبه الجديد عليها، ولكن حبت تلاعبه فقالت بمكر_زي إيه مثلًا؟
رد بدون تفكير_أنتِ مثلًا؟
قدر يسلب أنفاسها بكلامه، احمرت خدودها من الخجل وأشاحت بنظرها للناحية التانية بسرعة تحت أنظاره اللي بتتابعها، شقت ابتسامة شفايفه وهو بيتأملها بحب
هو بيتمنى دلوقتي قبل بكرا يكونوا زوجين طبيعيين، بس مش هيقدر يعمل ده غير لما يشيل كل الحواجز اللي بينهم
عبثت بخصلاتها وهي بتشيح بنظرها عنه وقالت_عملت إيه مع عمك؟
تجهمت ملامحه وبص في الطريق بشرود، وبعدين رد_عرفته إن لمصلحته ميقولش لحسن وزايد حاجة
عضت على شفايفها وقالت_تفتكر هيقولهم؟
أصدر صوت من فمه دلالة على الرفض، كانت ملامحه باردة وساكنة عكس عيونه المشتعلة اللي كانت بعيد عن مرمى نظرها، فاتعدلت وهي بتقول باهتمام_تفتكر ممكن ياخد حكم إيه؟
فرد بنبرة عادية_الله أعلم
ممكن ١٥ سنة، ممكن مؤبد، أو اعدام
حسب ذكاء المحامي، ومزاج القاضي
سألت بحذر_وأنتَ ممكن تسيبه يتعدم؟
اتلفت ليها بطرف عينه ورد_أنتِ شايفة إيش؟!
ردت بدون تردد_عامر اللي أعرفه ميعملش كده 
ضحك باستهزاء وعلق_ما عامر اللي تعرفيه مهرب قذر
مجرم وخارج عن القانون، ما عنده لا قلب ولا ضمير
واثقة في أيش بقى؟
ضمت شفايفها بغيظ شديد، كانت عارفة إنه قاصد يستفزها ويفكرها بالكلام اللي كانت بتضربه في وشه على طول، ولكنها تمالكت نفسها على قد ما تقدر عشان متردش عليه رد يخليهم يمسكوا في خناق بعض، بل اتنهدت بقلة حيلة وقالت_نفسي نبعد عن ده كله يا عامر
نعيش حياة عادية بعيدة عن الصراعات والأسلحة والشرطة وكل ده.
نفسي تبطل الشغل ده
لمعت عيونه بمشاعر غريبة من نبرتها الهادية اللي ممزوجة بالرجاء وبعد صمت طال بينهم رد وقال_مفيش حد بيهرب من قدره يا يقين
وأنا هذا قدري
ملى اليأس صدرها وأشاحت بنظرها عنه وبصت للطريق، كانت عارفة إنها هتتعب كتير، أو حتى هتعجز عن إنها تخليه يحيد عن الطريق ده
بس هي معندهاش استعداد تكمل معاه لو فضل كده، حتى لو غصب عنه استحالة تجيب أولاد منه يورثوا نفس الشغل ده
أولاد؟!
هي ممكن تجيب أولاد منه؟!
عند الجملة دي شهقت بخجل شديد وهي بتنهر نفسها، فبصلها هو بتعجب وبرفعة حاجب من رد فعلها الغريب، فقال بسخرية_بتتخانقي مع الشخصيات اللي في دماغك ولا إيش؟!
حست بالإحراج وإنه شايفها مجنونة، فحاولت تلهيه وسألت_مش هتقول رايحين فين برضه؟
رد وهو مركز على الطريق_هتعرفي لما نوصل
ضمت قبضته وهي بترمقه بنظرات مغتاظة، فابتسم بطرف فمه وهو ملاحظ نظراتها النارية المتوجهة ليه وبعدين أشاحت براسها بعيد عنه جهة الطريق اللي كان كله بقى صحرا...
وبعد مرور وقت طويل في الطريق كانت غفيت فيه بدون ما تحس بعد ما رفض باستماتة يقولها رايحين فين.
وقف قصاد عمارة معينة وهو بيتنهد وبيبص ناحية العمارة بملامح جامدة، وبعدها اتلفت ليها وابتسم لما لقاها منكمشة على نفسها.
مد إيده ورفع شعرها عن وشها وهو متعمد يملس عليه بحنان وبعدين هتف_يقين
يقين يلا وصلنا
يقـين!
وكالعادة خرج آخر نداء بصوت عالي خلاها تنتفض بخضة، ضربته في دراعه بحركة تلقائية وهي بتقول بنفاذ صبر_يا أخي بقى أنتَ متعرفش تصحيني زي البني آدمين!
اتعدلت وهي بتبعد شعرها عن وشها وبتتمطع بتعب، فابتسم وقال_أنتِ اللي نومك تقيل ولا اللي شاربة بينج!
بصتله بغيظ بملامح ناعسة وبعدين اتلفتت حواليها تبص على المكان، سرعان ما اتسعت عيونها بصدمة وهي بتميز المكان اللي هي فيه
بهت وشها وظهر الارتباك عليها، فرجعت بصتله وهي بتقول بتوتر_إحنا جينا هنا ليه؟!
نزل من العربية وهو بيقول_انزلي يلا وهتعرفي بنفسك
حست بصدرها بيعلو ويهبط من القلق فخرج صوتها مهزوز_عامر..
ولكنه مداهاش فرصة بل لف ناحيتها وفتحلها باب العربية وهو بيشاورلها عشان تنزل، فضلت بصاله بتردد شوية وهي بتنقل نظراتها على العمارة وعليه، وفي النهاية نزلت بالفعل واتحركت معاه بخطوات مترددة وهو من حين للتاني بيبصلها بتشجيع ولما لاحظ خوفها مد إيده ليها وعلى وشه ابتسامة وبيمنحها نظرات كلها حنان، وبدون تردد مسكت إيده واحتوى كفها بين كفه وهو بيشدد عليه بدعم.
طلعوا لأحد الأدوار فضغط عامر على زرار الجرس وبالفعل بعد وقت قليل اتفتح الباب وطلت منه والدة يقين
كانت يقين في الوقت ده واقفة ورا عامر وهي منكمشة على نفسها وخايفة تظهر نفسها لوالدتها، وأول ما شافتها قدامها اتملت عيونها بالدموع وهي متشبثة في بالشنطة بتاعتها تستمد منها القوة، مكانتش والدتها شايفاها من ورا عامر، فوجه عامر كلامه ليها وقال_جيبتهالك كيف ما وعدتك
قالها وأشاح بجسده أظهر يقين اللي اتيبس جسمها من جملته وهي بتبصله بتعجب وعدم استيعاب، وبعدين بصت على والدتها اللي اتملت عيونها بالدموع وجريت عليها ضمتها وهي بتقول_يقـيـن
يا حبيبتي يا بنتـي
وحشـتينـي أوي!
اتسعت عيون يقين من الصدمة، مكانتش مستوعبة اللي بيحصل، ولكن دموع والدتها وتشبثها بيها خلت دموعها تنزل على ملامحها الباهتة وهمست بصوت مرتجف_مـامـا
وبدون تردد لفت إيديها حوالين والدتها وضمتها وهي بتدفن وشها في كتف والدتها وبتبكي بسعادة حقيقية ، فهتفت والدتها باعتذار حقيقي وندم_أنا آسفة يا يقين
سامحيني يا حبيبتي إني اتخليت عنك من غير ما اسمعك، قلبي كان واكلني عليكي طول المدة دي، مكنتش مصدقة إني قسيت عليكي بالشكل ده وأنا المفروض عارفة وواثقة في تربيتك!
حقك عليا يا نور عيني 
قد إيه كانت مشتاقة للحضن ده، مشتاقة لأهلها ووالدتها، مشتاقة لخناقاتهم مع بعض ولحضنها ولحنيتها، الفترة اللي فاتت حست بقسوة الوحدة
وقت ما لقت نفسها ملهاش حد فجأة
بكت يقين بشدة وخرجت في الوقت ده سندس اختها ووالدها اللي جريوا عليها وضموها هما كمان
أما عامر فكان واقف مشبك إيديه الاتنين ورا ضهره وبيراقب المشهد اللي قدامه بابتسامة سعيدة وكإنه عمل إنجاز 
هو بالفعل عمل إنجاز كبير.
وبعد وقت كانوا كلهم قاعدين جوا في صالون البيت، يقين في حضن أمها وجنبها سندس اللي ساندة راسها على كتفها
اتكلم عبدالرحمن والد يقين في الوقت ده وقال_عامر جه قابلني من كام يوم وقالي إن ملكيش ذنب في اللي حصل، قالي على اللي عمله يوسف اللي الله يرحمه بقى ويسامحه، وقالي إن ظروف جوازكم كانت إجبارية وأنتِ مكنتيش موافقة على كل اللي حصل ولكن في النهاية مكانش فيه حل غير إنكم تتجوزوا
بصت يقين بنظرات مليانة امتنان لعامر في الوقت ده، فهزلها راسه وكإنه بيقولها العفو، ولكن اتجمدت يقين لما سألها والدها_بس مقاليش السبب القهري اللي خلاكي توافقي تتجوزيه، فطالما عامر رفض يقول يا يقين ياريت تعرفيني أنتِ السبب بالضبط عشان نقدر نفهم اللي حصل
ثبتت عيون يقين على عامر وهي مش عارفة ترد تقول إيه، ولكن ملامحه كانت ساكنة وكإنه مستنيها تقول اللي هي عايزاه، محستش بأي تهديد منه وكإنه سايبلها الحرية، حست هي بالحيرة، لو كانت في وضع غير ده مكانتش اترددت تحكيلهم كل حاجة، ولكن لوهلة لقت نفسها مش قادرة تشوه صورة عامر قدامهم
مش عايزين ياخدوا عنه فكرة إنه مجرم ومهرب سلاح، اكيد استحالة يخلوها تكمل معاه
حتى لو هي فكرت بعقلها مش هتكمل معاه ولكن العقل بيتلغي في المواقف دي والقلب هو اللي بياخد زمام الأمور
زي ما مقدرتش تقول لوكيل النيابة لكل حاجة مش هتقدر تشوه صورة عامر قدامهم
فاتعدلت وبعدت عن حضن أمها وردت بارتباك_متهيألي الأسباب مش مهمة دلوقتي يا بابا
بس كل اللي حصل ده كان بسبب يوسف، سواء أنا أو عامر فاحنا الاتنين اتجبرنا على الجوازة دي زي ما فهم حضرتك، ووقتها الظروف حكمت إني مقولكوش اللي ورا الموضوع وكدبت عليكم وقتها. 
سكت عبدالرحمن لما عرف إن بنته استحالة تقوله على السبب ولكن في النهاية اتكلم وقال موجه كلامه لعامر_عامة يا عامر أنا متشكر إنك عرفتنا الحقيقة حتى لو متأخر شوية، ودلوقتي أقدر أعفيك من الجوازة دي وهنتمم اجراءات الطلاق في أقرب وقت وبدون شوشرة، كفاية اللي حصل لحد كده.
وقع قلب يقين في الوقت ده وشحبت ملامحها وهي بتنقل نظراتها بينه وبين عامر اللي بتتوسله إنه يرفض
مش متخيلة فكرة الطلاق رغم إنها كانت محبذة الفكرة زمان ولكن دلوقتي مش هتقدر
عامر اتملك من قلبها واللي كان كان
ولكن عامر اتعدل في جلسته وبكبرياء قال_أنا محترم كلامك وعلى راسي أكيد يا عمي، بس يقين مرتي وهتفضل كذه
أنا مش هتخلى عنها حتى لو هي اللي طلبت هذا
وجه كلامه ليقين في الوقت ده اللي تسللت الابتسامة لوشها غصب عنها بدون ما تحس وقال_ويقين دارية زين بهذا الكلام وقولته ليها بدل المرة ألف
كان عبدالرحمن من البداية مش مرتاح لعامر من وقت ما دخل بيتهم وشاف أسلوبهم وحياتهم، حسه الأبوي قاله إنهم ناس هما مش قدهم ومرتاحش لهيئتهم نهائي، فاحتدت نبرته وقال_الكلام ده ميفرقش معايا يا عامر، طالما الجوازة دي كانت غصب عن بنتي فنفضها بهدوء بدل ما ندخل المحاكم بينا ونعمل شوشرة،
أنا متأكد إنك عارف كويس الفرق بينا وبينكوا، وإن يقين عمرها ما هتسلك في عشيتكوا عشانها مش شبهكوا
وأنا مش محتاج أقولك الكلام ده فياريت تكمل جيميلك للآخر ونخلص الموضوع ده بهدوء
اتحفزت ملامح عامر من لهجة والد يقين اللي كان فيها تهديد، فضم قبضة إيده وهو بيحاول يتمالك أعصابه واتشرست ملامحه، حست يقين بالذعر من إنه ياخد رد فعل يقلب الدنيا هنا خاصة إن عامر مش من النوع اللي يتقبل التهديد بسهولة، فقالت بسرعة_بابا...
ولكن قاطعها لما عامر رفع إيده يمنعها تكمل كلامها، وقام وقف وهو بيعدل هدومه بكبرياء وقال_أنا هنسى كل الكلام اللي اتقال دلوقت هذا، وهترك يقين تقعد عندكوا يومين تشبع منكوا
رفع إيديه في وشهم وقال_هما يومين بس، ويقين مرتي هترجع لدارها 
اللي هو داري
ولحضني...
طلع من جيبه موبايل حديث شكله شيك، حطه على الترابيزة قدامهم ووجه كلامه ليقين وقال_تليفونك
عشان لو احتاجتي شي
سلام عليكم
نهى كلامه واتلفت وخرج من البيت زي العاصفة محاولًا تمالك نفسه قدامها بالذات عشان ميحصلش حاجة تسبب حساسية بينهم تاني، وبمجرد ما خرج اتنفست يقين الصعداء، كانت خايفة بشكل رهيب من إن يحصل خناقة بين أبوها وبينه تعقد الدنيا، وبمجرد ما خرج وقف أبوها وهو بيضرب كف على كف وقال_أنتِ كنتي عايشة معاه ازاي؟!
ده شبه المجرمين وقتالين القتلة!
لقت يقين نفسها بتدافع عنه وبتقول_بالعكس يا بابا صدقني عامر مش زي ما أنتَ فاكر
بصلها والدها باستنكار وهتف_مش زي ما أنا فاكر إيه؟!
أنتِ مشوفتيش بيتكلم إزاي؟!
ناقص يضربني بالنار!
سكتت يقين ومحبتش تزود بالكلام نظرًا لإن علاقتها بأهلها لسة يدوب متحسنة، ولكن شردت قدامها وعلى وشها ابتسامة خفيفة وهي بتستعيد كلامه عن كونها هترجع لحضنه
حتى لو مقالهاش صريحة ولكن مضمون كلامه وأفعاله كلها بتثبت إنه بيعشقها مش بيحبها بس، حتى لو هو نفسه أنكر ده!
هي عارفة ومتأكدة إنه هينفذ كلامه، مش هيسيبها حتى لو هي طلبت ده زي ما قال
ودي حاجة مطمناها، إنه مش هيسيبها...

                            ****

في ساعات الليل المتأخرة كانت نايمة على سريرها في أوضتها اللي بتتشاركها مع سندس، مكانتش مصدقة إنها رجعت بيتها وعلاقتها اتحسنت بأهلها وده كله بسببه هو، افتكرت كلام أبوها عن إنه قابله من أيام فافتكرت إن دي الفترة اللي كانت قاعدة فيها عند ريم والوقت اللي جه عشان ياخدها فيه ولكن اتخطفوا طبعًا.
سرعان ما صدرت عنها ضحكة لما جه في بالها رد فعل أهلها لو عرفوا كل أحداث الأكشن اللي حصلتلها.
_إيه اللي واخد عقلك؟!
فاقت من شرودها على صوت أختها العابث اللي كانت بترمقها بنظرات مليانة تسلية، فكملت وهي بتغمز_ولا يكونش اللي واخده بطل المسلسلات اللي كان هنا
ضحكت يقين وقالت_متفكرنيش بالله، هو وبابا هيبقوا أعداء عشانه مصمم على الطلاق
اتعدلت سندس وهي بتقول_وأنتِ مش عايزة ده؟
اتمحت ابتسامة يقين بالتدريج وسرحت في الفراغ وردت_مش عارفة والله يا سندس، ممكن تكون ظروف جوازنا مش أحسن حاجة بس..
عامر شخصية تانية غير اللي فاكرينها، حنين ومتفاهم، بيدافع عني، بيحميني وبيحاول ميئذينيش حتى ولو بالكلام
عنده استعداد يحرق الدنيا لو حد أذاني بس.
افتكرت لما أنقض على عزيز لما شافه بيضربها ولما ضمها بحماية وقت ما طلع عليهم رجالة فابتسمت بدون وعي.
قامت سندس في الوقت ده وقعدت جنبها وقالت بحماس_بتحبيه؟!
بصتلها يقين بشرود شوية وبعدين هزت راسها وقالت_بحبه
ارتفع رنين تليفون في الوقت ده واللي كان جاي من التليفون اللي سابهولها عامر
قامت خدته وأول ما شافت الاسم عقدت حاجبها بصدمة وهي بتضحك، فوقفت جنبها سندس ورددت_زوجي قرة عيني؟!
ده أنتِ دايبة على الآخر!
بصتلها يقين بإحراج شديد وجريت على البلكونة فتحت الخط وقالت_زوجي قرة عيني؟!
أنتَ بتدور على أي حاجة تستفزني بيها يعني؟
سمعت صوت ضحكته وهو بيقول_عندك اعتراض ولا حاجة؟
أنتِ تبوسي إيدك وش وضهر إنك مرت عامر الزيات بنفسه
سكتت وهي بتعض على شفايفها بغيظ، سمعت صوت تنهيدته من التليفون وبعدها قال_مبسوطة؟
ابتسمت بمشاعر عديدة، وقالت_أوي
مش عارفة أقولك إيه يا عامر، شكرًا أوي بجد إنك صلحت علاقتي بأهلي، عمري ما هنسى اللي عملته.
حست بيه بيبتسم، رغم إنه على بُعد بس كانت حافظة كل ردود أفعاله، فسمعته بيتنحنح وبيقول بارتباك_سمعتك وأنتِ بتكلمي والدتك من كام يوم من على تليفوني
اتجمدت لما افتكرت اليوم اللي انهارت من البكا فيه، عامر بيتفنن كل يوم في إنه يكبر مكانته في قلبها، عمل ده كله عشان سمعها!
مهانتش عليه إنها تفضل تتألم، وبعد طول صمت همست بامتنان حقيقي_شكرًا يا عامر
ابتسم رغم عنه وقال_تصبحي على خير
_وأنتَ من أهله
قالتها واتقفل الخط بعدها، مسكت التليفون وفتحته واللي كانت خلفيته صورة ليه وكإنه قاصد يعاندها، ضحكت على حركاته ولكن فضلت تتأمل في الصورة بمشاعر عديدة، وفي النهاية لقت نفسها بتضم التليفون لصدرها وهي بتبص للسماء بعيون لامعة...

                            ****

كان يدوب لسة واصل البيت بعد ساعات سفر، هو قرر يستغل عدم وجودها عشان يصلح حاجات كتيرة في وقت متكونش فيه عشان الشوشرة اللي هتحصل
كلامها بيتردد في ودنه عن كونها عايزاه يبعد عن ده كله
هو نفسه في ده قبلها، نفسه يبقى راجل طبيعي بعيد عن كل المشاكل وتجارة السلاح والتهريب.
دخل البيت بعد ما قفل معاها، شاف فاطمة مستنياه في مدخل البيت، رمى عليها السلام فقالت هي_قالولي إنك سافرت لمصر
هز راسه بـ آه، فبصت حواليه وبعدين قالت_مش شايفة المصراوية معاك يعني؟!
رد_يقين عند أهلها
رفعت راسها بكبرياء وقالت_هتتركها هناك وتطلقها؟
زفر بنفاذ صبر وهو بيمسح على وشه وسأل_فارس وعايد وينهم؟
عرفت إنه بيغلوش على الموضوع، فردت_في غرفهم
في الوقت ده طلع تليفونه واتصل عليهم هما الاتنين واستناهم في غرفة المجلس في البيت تحت أنظار فاطمة اللي كانت حاسة إن وراه حاجة.
وبالفعل بعد وقت بسيط كانوا كلهم قاعدين في نفس الغرفة وواضح على وشوشهم التساؤل، لحد ما اتكلم عامر_حبيت أخبركم قبل ما آخد القرار، أظن آن الأوان نطلع من كل هذا، شغل التهريب كانت مساوؤه أكتر من مكاسبه، في البداية أبوكم راح بسبب هذا الشغل والحرب اللي دارت بينا وبين باقي العشاير، وبعدين أنا كنت هتحبس وبيني وبين الدليل على القواضي شعرة بس، طول ما أحنا بشتغل في هذي الشغلانة هتظل حياتنا على شعرة
هنعيش اللي باقي منها خايفين لنتمسك أو حد يشوفنا ووقتها مستقبلنا هيضيع ومستقبل عيالنا كمان.
حست فاطمة إن فيه حاجة ورا كلامه ده، فسألت بحذر وهي رافعة حاجبها_عاوز توصل لإيش يا عامر؟
بصلها عامر بقوة وقال_خلاصة الكلام كلها مسألة وقت وعيلة الزيات هتبعد عن كل شغل التهريب وهنكتفي بمالنا من مزارعنا
اتبادل عايد وفارس النظرات بينهم بصدمة شديدة، كانت الدهشة واضحة عليهم، متوقعوش إن عامر بنفسه اللي يقوله الكلام ده، انتفضت فاطمة في الوقت ده وبعصبية هتفت_أنتَ اتجنيت يا عامر؟!
عاوز تتخلى عن شغل أبوك وأجدادك؟!
رد عامر بمنطقية_روحنا أو جينا ياما الشغل هذا ماله صحيح، كانت زمان الدنيا بتمشي شوية وسهلة، بس دلوقت الوضع الأمنى أشد وفيه تركيز علينا والحكومة بتفتح عيونها كويس وما بتتهاون في هذي الأمور، مش هستنى لحد ما واحد فينا يدخل الحبس وياخد مؤبد عشان متمسكين بشغل أبوي
الزمن اتغير ياما، ومهما صار هيظل تهريب السلاح غير قانوني واللي بنسويه هذا غلط
جزت فاطمة على أسنانها وبغضب قالت_هذا ماله كلامك
هذا كلام المصراوية اللي كلت عقلك وخلتك مالك واعي للي بتقوله!
حط إيديه على جبهته بإرهاق وقال بسأم_يا ولي الصابرين!
وش دخل يقين دلوقت؟!
قاطع فارس نقاشهم الحاد وقال_طيب ياخوي أنتَ عارف إن هذا الكلام ماله سهل، ممكن يفتح علينا النار
هز عايد راسه بتأييد وقال_بالضبط، خصوصًا الجماعة اللي بيبعتولنا السلاح عشان نهربه ليهم
كيف هنتعامل مع هذي العشاير لو جينا قولنالهم في يوم وليلة إننا هنبطل تهريب، أكيد مش هيعتقونا!
طمنهم عامر وقال_ما تقلقوا، اتركوا هذا الموضوع علي بس المهم إنكوا تبقوا موافقين، أظن جه الوقت اللي نعيش فيه كيف الناس الطبيعية، الوقت اللي نطمن فيه على مستقيل عيالنا!
اتقدم منه فارس وربت على كتفه وقال_إحنا معاك في أي شي يا عامر
أنتَ كبيرنا وأكتر واحد عارف مصلحتنا، استحالة نعارضك في شي داريين زين إنه صحيح لينا
ابتسمله عامر بامتنان من كلامه اللي أثلج صدره، وشاورله يقرب منه وبالفعل ضمه وهو بيربت على ضهره بقوة وتليه عايد
حست فاطمة بالغضب الشديد في الوقت ده وهتفت بجنون_أنتوا واعيين للي بتقولوه؟!
موافقين على الجنان اللي بيقوله؟!
هيبة الزيات هتروح باللي هتسووه هذا، هنتفضح وسيرتنا هتبقى على كل لسان!
قرب منها عايد وربت على دراعها وهو بيقول_ما تقلقي ياما
إحنا مالنا محتاجين الفلوس اللي جاية من التهريب، مزارعنا بتكفي وتوفي
ماشاء الله عندنا مزارع نخيل وزيتون وموالح كمان، وش هنحتاج تاني؟!
عامر عنده حق، آن الأوان نصير كيف الناس الطبيعية خاصة وإن الدنيا في سيناء مقلوبة هذولا اليومين كيف ما أنتِ عارفة!
هزت راسها غير مستوعبة للي بيقوله، وقالت وهي بتخرج وبتسيبهم_مالي مصدقة اللي أنتوا فيه
مالي مصدقة أبدًا
راقبوها وهي بتخرج بخطوات زي العاصفة، عامر مدرك كويس إن رفضها نابع من إنها شايفة إن يقين هي السبب في تغيره 
يمكن يقين ليها إيد ولكن هي السبب في إنها فتحت عيونه، خلته يشوف الصح من الغلط، تمسكها بمبادئها خلته يدرك إن الطريق اللي كان ماشي فيه مخليه مش راضي عن نفسه
هي كل اعتراضها إنها حاسة إن يقين ليها سلطة عليها، وهي كارهة ده!
ولكن هو هيقدر يقنعها
ده الأصح للعيلة كلها وآن الأوان يفاتح ولاد عمه وعمه مرزوق في الموضوع..

                            ****

صحيت يقين على صوت رنين جرس الباب، وبعدها صوت همس واصلها غريب، خرجت لبرا وهي بتدعك عيونها بإرهاق، سرعان ما اتجمدت أول ما شافت حمد قدامها اللي أشاح بنظره عنها لما طلت بهيئتها دي
فهتفت بتعجب_حـمد؟!
افتكرت إن عامر هو اللي هنا، فاتحركت للصالون بملامح منشرحة بسعادة غريبة اجتاحتها
سعادة اتبددت تمامًا أول ما شافت فاطمة اللي كانت قاعدة مع والدها ووالدتها اللي ملامحهم كانت متهجمة تمامًا
ومن نظراتهم أدركت في الوقت ده إن فاطمة كشفت كل حاجة.
اتجمدت وهي واقفة قدامها مستغربة من وجودها، رفعت فاطمة عيونها ليها بعد ما حست بوجودها وبصتلها من فوق لتحت باستحقار، فمالت يقين براسها وهي بتتوسلها بنظراتها إنها متكونش ارتكبت حاجة تضيعهم كلهم..

يتبع 

         الفصل الحادي والثلاثون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات