رواية وجوه فى العتمه الفصل الحادي والثلاثون31 والثانى والثلاثون32 الاخير بقلم منه ممدوح


 رواية وجوه فى العتمه الفصل الحادي والثلاثون31 والثانى والثلاثون32 الاخير بقلم منه ممدوح

وقفت يقين تنقل نظرها بين فاطمة وبين أمها وأبوها اللي كانت ملامحهم متجهمة وكإنهم سمعوا كلام مش حابينه، وقفت تحية والدة يقين في الوقت ده واتحركت ناحيتها وهي بتقول بسخرية_تعالي يا يقين، كانت حماتك دلوقتي بتحكيلنا قد إيه هي بتكرهك وإنها مش عايزاكي في حياتهم ولا حياة ابنها!
بصتلها يقين بضيق شديد هي عارفة ومدركة إن فاطمة استحالة تتخير بس متخيلتش إنها تيجي هنا بنفسها عشان تقول الكلام ده، أما التانية فكانت فترميها بنظرات ساخرة من فوق لتحت، فاتكلم والد يقين في الوقت ده وقال_عامة أنا سبق وبلغت عامر إن الطلاق يتم بهدوء، ولكن ابنك هو اللي متمسك ببنتي ورفض الطلاق رفض تام وهدد كمان!
وبنتي يقين زينة البنات استحالة أقبل إنها تكون في مكان هي مرفوضة فيه!
كانت فاطمة قاعدة براس مرفوع بتسمع كلامهم وعلى وشها ابتسامة غريبة، وجهت نظرها ليقين وقالت_تحبي نتكلم قصاد أهلك؟
ضحكت يقين باستهزاء وقالت_أنتِ عارفة كويس إن أنتِ اللي هتتئذي لو اتكلمتي!
رفعت حاجبها باستنكار لكلامها، هي فعلًا مش هتقدر تقول أي تفاصيل لإنهم أكيد لو عرفوا عن شغلهم وشغل عامر مش هيترددوا يبلغوا عن عامر ويضغطوا عليهم من الناحية دي، هي أكيد مش هتغامر بده، ولكن في نفس الوقت مش هتخلي يقين تهددها وتكسب في النقاش، فبصت لوالد يقين وبدون سابق انذار قالت_بنتكوا طعنت ابني بالسكينة
شهقات خرجت من أفواهم هما التلاتة، فبصتلها يقين بتوسل إنها تسكت في حين كانت عيونها متسعة بصدمة من جرئتها، أما والد يقين فهتف بعدم استيعاب_إيه الكلام اللي بتقوليه ده؟!
أشارت براسها ناحية يقين وقالت_بنتك قدامك تقدر تسألها بنفسك
وجه والدها نظره ليها وقال باستنكار_يـقـين!
شدت على خصلاتها وبعدين شاورت ليها وقالت_اتفضلي معايا
لو سمحـتـي كفاية كده!
وبالفعل قامت فاطمة ببرود شديد واتجهت ناحيتها، كانت عارفة كويس إن يقين بتحب ابنها رغم رفضها لده واستحالة تقول على حاجة ممكن تئذيه كانت واثقة في حبها ليه بس كارهاها برضه، فعشان كده قالت إنها طعنته من غير خوف ولا قلق
سبقتها فاطمة ودخلت لجوا، واتحرك والدها ناحيتها وهو بيقول بعصبية_فهميني دلوقتي إيه اللي بيحصل ده
وإيه الكلام اللي الست دي بتقوله!
اتوسلته وهي بتقول_هفهمكوا كل حاجة والله بس هتكلم معاها الأول
وقبل ما يقول حاجة تانية كانت اتحركت ناحية الأوضة اللي واقفة قدامها فاطمة فشاورتلها يقين تدخل وبعدها قفلت الباب وراهم، وبعصبية اتقدمت منها يقين وهي بتهمس بنرفزة_نفسي أفهم أنتِ ليه كده؟!
بتقوليلهم ليه على اللي حصل؟!
هتستفادي إيه؟!
رفعت راسها وبكبرياء قالت_إنك تبعدي عن ابني، أي حاجة هتزود فرصة إنك تبعدي عنه هسويها!
شدت على خصلاتها وقالت_هتستفادي إيه لما ده يحصل؟!
عامر نفسه متمسك بيا، عايزني في حياته، للدرجادي صعب عليكي إنك تشوفيه سعيد؟!
مش قادرة تشوفيه مرتاح في حياته؟
خليه ولو لمرة واحدة يختار سعادته بإيده!
ردت باندفاع_مفيش حد قدي عاوز يشوف عامر سعيد، بس مش معاكي
أنتِ خليتي عامر ضعيف، مبقاش عامر الزيات اللي نعرفه، لعبتي في عقله بكلامك وخليتيه عاوز يترك شغله عشان ترضي عنه، أنتِ غيرتيه للأسوأ!
اتسعت عيون يقين بدهشة، ولكن كان واضح عليها السعادة، فرددت بعدم استيعاب_عامر..
عامر هيبطل شغل التهريب؟!
قربت منها فاطمة وقالت_ما تفرحي لهذي الدرجة، على جثتي إن هذا يصير، وعلى جثتي إنك تفضلي على ذمته يا مصراوية
سبق وقولتلك استحالة أقبل إنك تصيري مرت ابني فعلًا!
استفاقت على كلامها اللي استفزها بشدة، فكملت فاطمة بقوة_اسمعيني زين، هتبعدي عن عامر فاهمة؟!
هتطلقي منه ولو حكمت ارفعي عليه خلع بس ما تتأملي إنك تظلي مرته!
جزت يقين على أسنانها وقالت_اسمعيني أنا كويس
اكتفيت من اللي بتعمليه واتهاماتك اللي بتتهميني بيها، من الآخر أنا بحب عامر وأكيد أنتِ عارفة إنه بيحبني
صعب عليكي للدرجادي إن تشوفي ابنك بيحب ست غيرك؟
مش كفاية حياته اللي ضاعت عليكوا؟
ليه مش عايزاه يكون مرتاح؟!
سكتت وربعت إيديها قصاد صدرها وكملت_عامة لو كان فيه نسبة ولو لواحد في المية إني اتطلق من عامر، فهي بقت معدومة دلوقتي بعد اللي قولتيه
أما أنتِ لو حابة تخسري ابنك فاقفي في طريقنا، ولكن لو قررتي تتصرفي كأم لأول مرة صدقيني مستعدة أنسى اللي فات ونبدأ من جديد 
اتحفزت ملامح فاطمة ورددت بغضب_طلعتي كيف الحية!
استنكرت يقين اللي قالته وردت_حية ليه؟
عشان بطالب بحقي في جوزي؟
في الراجل اللي حبيته؟!
أنا لا اتجوزت عامر جواز مصلحة، ولا كنت طمعانة في فلوسه، كنت متجوزاه بالاجبار
إن كنت حبيت عامر فده عشانه راجل!
الحسنة الوحيدة اللي عملتيها في حياتك إنك ربيتي رجالة زي عامر وعايد وفارس ودي حاجة أحييكي عليها
بس أعذريني يا فاطمة هانم، زي ما عامر متمسك بيا، أنا هتمسك بيه.
اشتعلت عيون فاطمة بغضب رهيب وحست بالغل بياكلها من الداخل لدرجة إنها حست بألم في صدرها، فرفعت إيديها تلقائيًا وحطتها على صدرها واترنجت فوقفتها، لاحظت يقين ده فقربت منها وملامحها اتبدلت للقلق وقالت_أنتِ كويسة؟!
دفعتها فاطمة عنها وهي بتزعق_ابعـدي عن وشـي
سابتها وخرجت بعصبية وبخطوات تفتك بالأرض، خرجت يقين وراها وهي حاسة بالقلق، فشافتها بتخرج من البيت بغضب، راحت ناحية حمد وقالتله_خلي بالك منها
شكلها ميطمنش
هز حمد راسه وقال_مش ناوية ترجعي يا مرت أخوي؟
ابتسمت بشرود وردت_ناوية
وقريب جدًا
استأذن حمد وخرج من البيت، كان واقف وراها والدها وظاهر عليه العصبية، اتلفتت ليه في الوقت ده فقال بغضب_فهميني إيه الكلام اللي الست دي قالته؟
يعني إيه طعنتي ابنها؟!
أنتِ وقعتي نفسك في إيه يا يقين وعشان مين؟!
فاتدخلت والدتها بتقول برجاء_طمني قلوبنا يا بنتي، الناس دي إحنا مش قدهم
اتقدمت منهم يقين وقالت_صدقني يا بابا، كل اللي حصل ده كان زمان، الحقيقة الوحيدة دلوقتي إني بحب عامر وعامر بيحبني
بابا، عامر هو الإنسان الوحيد اللي هآمن لنفسي معاه
هتف عبدالرحمن باستنكار_مع اللي شبه المجرمين ده؟!
ابتسمت يقين على جملته وقالت_مع اللي شبه المجرمين ده 
هتتعب في اقناعهم؟
جدًا
ولكن مش هتيأس، خاصة لما عرفت إنه عايز يسيب شغله في التهريب علشانها، كلام فاطمة بيتردد في أذنها، زي ما عامل بيحاول عشانها، هي برضه هتحاول علشانه وباستماتة..

                            ****

رجعت فاطمة للبيت من تاني، كانت طول الطريق حاسة بتعب شديد لاحظه حمد ولكنها فضلت رافعة راسها بكبرياء تأبى إنها تضعف، نظرات الحقد والغضب بتشع من عيونها وبيتردد في أذنها كلام يقين اللي كان بمثابة صفعات على وجهها وأدركت إن وجودها قادر يغير عامر مية وتمانين درجة.
دخلت العربية لجوا البيت فشافت عامر من شباك العربية وهو واقف مستنيها وكإنه عارف إنها هتوصل في الوقت ده
ضامم كفوفه الاتنين ورا ضهره ومثبت نظره على العربية بعيون مظلمة غريبة ولكن كان واضح عليه العبوس.
نزلت فاطمة من العربية واتجهت ناحيته بملامح باردة، وقفت قدامه ففضل صامت شوية وهو بيتأملها بنظرات مليانة غضب مكبوت بيحاول إنه ميخرجهوش.
وفي النهاية قال من بين أسنانه_برضك؟
برضك سويتي اللي في دماغك
برضك بتصغريني!
رفعت راسها وردت_أنا بسوي اللي شايفاه لمصلحتك!
ضم قبضة إيده وبإنفعال قال_اللي شايفاه لمصلحتي ولا لمصلحتك أنتِ!
ظهرت معالم الدهشة على وشها من كلامه اللي شكك بيه في أمومتها وهتفت تنهره_عـامـر!
ولكنه مداش لدهشتها اهتمام وهتف_اللي قدامك هذا ماله عيل صغير عشان تقرري عن حياته بداله!
قرب منها خطوة ورفع اصبعه في وشها وقال_اسمعيني زين ياما
أنا لحد دلوقت صابر عشانك أمي بس
عشانك أمانة أبوي الله يرحمه، بس صدقيني حركة كمان هتسويها في ضهري وبدون علمي هاخد جواد وامشي من هنا خالص وتنسي إن عندك ابن اسمه عامر!
سمعـتيني؟!
زعق بجملته الأخيرة قدام نظراتها المصدومة من كلامه وبعدين سابها ومشي، نبرة صوته ولهجته مكانتش توحي إنه مجرد تهديد
عامر بالفعل اكتفى منها، اكتفى وجاب آخره...

                            ****
بعد يومين
اجتماع في أحد الأماكن بيجمع افراد عائلة الزيات بعدد من كبار العشائر اللي بيعتمدوا على عامر في التهريب، وكمان صالح وعزيز الزيات اللي كانوا مستغربين من طلبه لوجودهم رغم إن اجتماع زي ده ملهمش علاقة بيه.
بعد السلامات والترحيب من الكل اتكلم واحد من كبار العشائر وقال_فرحنا إن شوفناك يا عامر، بقالنا زمن ما قابلناك!
ربت عامر على صدره وهو بيقول_تسلم يا أبو محمود ، على قد فرحتي بكلامكم بس للأسف جاي عشان أقولكم إنها هتبقى الأخيرة إن شاء الله
ساد الهمهمات بين كل الموجودين باستغراب للي بيقوله، فاتكلم واحد من الموجودين_إيش تقصد يا عامر؟!
رد عامر بقوة_عيلة الزيات مش هتشتغل مباشر بعد اليوم في التهريب
هسلم زمام الأمور لعزيز الرشايدة
اتسعت عيون عزيز وبصله بدهشة من اللي قاله، فربت عامر على رجله وقال_أنا واثق في عزيز زين، وأظن أنتوا عارفين مين هما الرشايدة، بعد كذه تعاملاتكم كلها مع عزيز كإنكم معايا بالضبط، وأنا هتابع معاه على طول يعني ما تقلقوا أو تشيلوا أي هم.
مال عزيز على عامر وهمس بصدمة_أنتَ واعي للي بتقوله هذا؟!
هز عامر راسه وقال باستفزاز_لو شايف حالك مالك قد الشغل هرجع في كلامي عادي!
ضحك عزيز وهو بيبصله بنظرات كلها امتنان وسعادة، فقال واحد من كبار العشائر_معنى هذا إنك هتغيب عن الصورة يا عامر، بس لو صار أي غلطة مع الرشايدة اللوم هييجي عليك أنتَ
فرد عامر وقال_كلامي كلام رجالة وأنا قده وداري وش اللي بقوله، بس هيبقى عندي شرط واحد بس عشان أسلم الرشايدة الشغل كله
اتسائل صالح بلهفة واللي حس بالفرحة الشديدة باللي قاله عامر_على راسي، اشرط براحتك!
فقال عامر_الرشايدة يوقفوا تجارة المخدرات، ووقتها شغل الزيات للسلاح كله هيكون في إيد الرشايدة من بكرا
بدون تفكير قال صالح_وأنا موافق
هز عامر راسه برضا وقال_على بركة الله
مال مرزوق على عامر في الوقت ده وقال بهمس_أنتَ متأكد من اللي ناويله هذا يابن أخوي؟
رد عامر_ما تقلق يا عمي، صدقني هذا الأحسن لينا كلنا
وأهو نكسب ود الرشايدة بعد الحرب اللي دارت بينا طول السنين هذي
ربت مرزوق على فخده وهو بيقول_أنا واثق فيك وفي عقلك، مالنا رايدين إن اللي صار في غالب بسبب هذا الشغل يتكرر مع أي حد فينا
هز عامر راسه بتأييد وقال_وعشان كذه هذا أنسب حل
كان عامر قدر يقنع عمه مرزوق وياخد صفه بعد ما عرفه إن كل اللي حصل لعمه غالب ده بسبب شغلهم، فلخوفه على حياته أيد عامر في قراره لإنه مش حابب يقضي عمره في السجون زي غالب أخوه أو تبقى نهايته مأساوية زي سالم أبو عامر
أما رؤساء العشائر فابتدوا يتهامسوا بينهم وبين بعض بيفكروا في اللي قاله عامر تحت أنظارهم المراقبة للوضع، وفي النهاية اتكلم واحد فيهم_تمام وإحنا موافقين، من اليوم شغلنا كله هيكون مع عزيز وصالح الرشيدي
وأي غلطة هتصير عامر الزيات اللي هيشيلها
ربت عامر على صدره وقام يصافحهم كلهم، وفي النهاية خرج بصحبة أفراد عائلته وصالح وعزيز اللي أخد عامر وبعده عنهم قدر المستطاع عشان محدش يسمعهم وسأل بتعجب_أنا مالي فاهمك يا عامر، تركتلي شغلك كله بإيدك؟!
ليش؟!
اتنهد عامر وقال_اختك اتقتلت بسبب طمع عمي، يعني اللي صار كله بسبب واحد من الزيات
أظن هذا ابسط حق ليك بعد اللي صار، بس كيف ما اتفقنا هتتركوا كل شغلكم مع المخدرات
ربت عزيز على كتفه وقال_الظاهر إننا مش هنرجع أعداء يا عامر، وأنا اللي قولت هذي مسألة وقت بس
ضحك عامر وقال_وحشك الضرب ولا إيش؟
وبعدين ما تفكر إننا حبايب وأصحاب، أنا مالي ناسي إنك رفعت ايدك على مرتي!
قال جملته الأخيرة واتبدلت نظراته لتانية غاضبة مشتعلة، فضحك عزيز وقال_مين؟
مرتك؟!
أقسم بالله أنا اللي كنت ضحيتها، هذي ركبت فوق كتافي وكلت ودني يا خال!
حاول عامر يحافظ على عبوسه وهو حاسس بالفخر من شراسه يقين وقال_تستاهل
أقل شي كانت تسويه والله واحمد ربك إنك طلعت سليم من بين إيدي يومها
جه صالح في الوقت ده وسلم على عامر بحفاوة وهو بيقول_صدقني يا عامر، عمري ما هنسى اللي سوييته معنا، ياريت ننسى كل اللي فات ونبدأ من جديد 
هز عامر راسه بود من غير ما يرد، وبعدين راح اتحرك مع اخواته وولاد عمامه واتحركوا ورجعوا على البيت
اتكلم حسن وقال_تفتكر اللي ساويناه هذا صحيح يا عامر ياخوي؟
يمكن الرشايدة يستغلوا الوضع ويحاولوا يوقعونا مع كبار العشاير!
فقال عامر بثقة_ما تقلقوا، الرشايدة كانوا عاوزين بس يمسكوا سوق السلاح، وأهم مسكوه، فدلوقت مالهم رايدين منا شي تاني ألا سطوتهم في السوق 
فقال خالد_أنا شايف اللي صار هذا عين العقل، الحكومة عينهم علينا بعد اللي صار مع عمي غالب وقواضي عامر اللي لسة ما انتهت، كان لازم نترك الشغل في السلاح على الأقل لحد ما الأمور تهدى
أيده زايد وقال_عندك حق، مش ناقصين واحد فينا يضيع هو كمان
كفاية ابوي واللي صار فيه
ربت عامر على كتفه بدعم وقال_ما تشيل أي هم، حتى لو أبوك ظل في السجن هتأكد إن ما يصيرله أي شي، ولو على الفلوس اللي بتجيلنا من السلاح فمزارعنا قايمة بشغل أضعاف السلاح وعلى الأقل في الملأ بدون ما نخاف
هز راسه بتفهم واستأذن خالد وزايد إنهم يرجعوا البيت، أما عامر فوجه كلامه لحسن وقال_خلي ليلى تجيلي على المكتب يا حسن
عقد حسن جبينه بتعجب وقال_في شي ولا إيش ياخوي
رد عامر_لا ما تقلق، كل خير إن شاء الله
فهم حسن في الوقت ده إنه هيكلمها على موضوع خالد وسابه وراح عشان يقولها بالفعل
أما عامر فاتوجه ناحية مكتبه وهو بيدعك جبينه بإرهاق
كان واقف وهو بيصب كوباية القهوة اللي كان بيعملها عشان الصداع اللي بيلفح دماغه، فسمع صوت طرق على الباب فهتف_تعالي يا ليلى
دخلت ليلى بالفعل اللي كانت ناكسة راسها بإحراج بسبب آخر موقف كان بينهم، هي بالفعل نهرت نفسها بما فيه الكفاية، فابتسم ليها بحب أخوي وقال_تعالي يا ليلى اقعدي ليش حانية راسك
اتركي الباب مفتوح
اتجهت ناحيته بالفعل وقعدت على الكرسي، فشال كوب القهوة بتاعه وقعد على الكرسي قصادها، ارتشف من الكوب وقال_أنتِ عارفة زين إنك اختي يا ليلى وغلاوتك من غلاوة عهود 
على قد ما حست بغصة في صدرها من كلامه ولكنها ابتسمت ورددت_عارفة يابن عمي
اتكلم عامر_بعد اللي صار مع عمي غالب الحمل كبر على حسن وزايد، حسن عنده حياته مع عهود وزايد مسيره يتجوز هو كمان، وأنتِ ما بقيتي صغيرة يا ليلى،
خالد ابن عمك مستني اشارة منك بس
مستني ترضي عليه ومطول باله على الآخر، وصدقيني خالد راجل وهيشيلك في عيونه
على الأقل وافقي على الخطوبة، اتعاملي معاه على إنه خطيبك مش ولد عمك ووقتها حبيتي تكملي هسلمك ليه بفستان فرحك بنفسي، ما ارتحتي وحبيتي تفشكلي ما في مشكلة المهم تكوني مرتاحة
سكتت ليلى وهي بتفكر، هي بالفعل عرفت إن استحالة حاجة تجمع بينها وبين عامر، ومن فترة كبيرة وهي عارفة خالد قد إيه بيحبها
ليه متجربش تاخد اللي بيحبها مش اللي بتحبه؟
ما يمكن تحبه فيما بعد
يمكن تقدر تنسى عامر وتكتشف إنه مجرد انبهار فعلًا
وبعد مدة من الصمت قالت_اللي تشوفه يا ولد عمي
قول لخالد إني موافقة على الخطوبة
حس عامر بالراحة الشديد، فساب كوب قهوته وقام وقف فوقفت بدورها هي كمان، احتوى كتفها بإيديه الاتنين من على بُعد وهو بيقول بتشجيع_عين العقل يا ليلى
ألف مبروك يا حبيبتي..
وعلى جانب تاني..
وصلت يقين في الوقت ده بالعربية اللي كانت مأجراها عشان توصلها، بعد صراع دام يومين كاملين مع أهلها لحد ما اقتنعوا بمساعدة سندس اختها إنها ترجع لبيت عامر
نزلت من العربية وحاسبت السواق، قابلها حمد في الوقت ده اللي جري عليها وهو بيقول_مرت أخوي!
حمدلله على السلامة، نورتي العريش كلها 
كنتي قولتيلي آجي أخذك بنفسي
ابتسمت بود وقالت_الله يسلمك يا حمد، حبيت أعملها مفاجأة بس
 خلي حد يشيل شنطي من العربية
شاور على عينيه وهو بيقول_من عيني
شاور براسه لاتنين من اللي واقفين اللي جريوا ياخدوا الشنط بالفعل واللي كانت بتحتوي على ثيابها وحاجاتها القديمة، وبعدها سألت حمد_عامر فين؟
رد على طول_في المكتب اللي في المزرعة
بالفعل اتحركت لهناك على طول متحمسة إنها تقوله بمعرفتها لإنه هيسيب شغل التهريب، طول اليومين دول بتحارب عشان تشوفه لحد ما قدرت
وصلت للمكتب اللي كان بابه مفتوح، لكن سرعان ما وقفت مكانها متجمدة تمامًا واختفت ابتسامتها اللي كانت على وشها لما شافته محتوى كتف ليلى بل ورفع إيده يربت على راسها
اتملكت منها الغيرة في الوقت ده وجزت على أسنانها بشدة، اشتعلت النيران في صدرها من المنظر اللي قدامها وهي بتتذكر كلام ليلى ليها ومحاولاتها إنها تقرب من عامر
اتحركت خطوة لجوا فحسوا بيها هما الاتنين، بِعد عامر عن ليلى واتملكت الدهشة منه وهتف_يقين؟!
ابتسمت باصفرار وردت من بين أسنانها_آه يقين، إيه رأيك في المفاجأة دي؟!
ارتبكت ليلى في الوقت ده وقالت_محتاج شي تاني مني يابن عمي
رد بود_لا يا ليلى اتفضلي
وبالفعل خرجت ومرت من جنب يقين اللي بصتلها بنظرات مشتعلة، قرب منها عامر اللي كان مندهش من وجودها وقال_جيتي متى وكيف
وليش ما قولتيلي آجي آخذك؟!
رفعت عيونها ليه وقالت بسخرية_قولت أعملها مفاجأة، بس في الغالب كده المفاجأة معجبتكش، عامة أنا اللي استاهل
عقد حواجبه بعدم فهم، وقال_إيش تقصدي؟!
ضمت شفايفها وبغيظ شديد قالت_طلقني يا عامر
أنا مش هكمل مع واحد زيك وده آخر كلام عندي!
نهت كلامها وقلعت الخاتم اللي في إيديها ومسكت كفه حطته فيه واتلفتت عشان تمشي، بصلها عامر بصدمة وهتف وهو بيجري وراها_يقيـن
استنـي عنـدك!
استنـي بقـولك
خرجت جملته الأخيرة بغضب شديد اللي أشعلته بتجاهلها، ولكنها كانت ماشية بعصبية شديدة ومعطتهوش اهتمام، وقفت مرة واحدة وبصتله بحدة وهي بتقول_عايـز إيه؟!
قولتلك مش عايزاك خلي عندك دم!
ولا كل حاجة عندك بالعافية؟!
جذبها من دراعها وهو بيقول من بين أسنانه بغضب_وش اللي بتقوليه هذا؟!
وطي صوتك واتكلمي كيف البني آدمين!
شدت دراعها منه بعنف وهتفت_ملكش دعوة بيا ومتلمسنيش تاني
وقولتلك هتطلقني يعني هتطلقني!
نهت كلامها وسابته واتحركت بخطوات واسعة، اتجهت ناحية عربية من العربيات المركونة فتحت الباب، اتلفتت على صوته_يـقيـن!
كان بيزمجر بغضب رهيب اللي حاسس بيه بسبب تصرفاتها اللي ملهاش علاقة ببعض، لما لقاها وقفت بص مكانه وقال بتهديد_أنا جيبت أخري منك
لو خرجتي من باب الدار هذا...
قاطعته وهي بتقول بتحدي_لو خرجت؟!
ضم قبضته اللي محتوية على الخاتم وقال من بين أسنانه_هقـتـلك!
رمقته بسخرية وقالت_اقتلنـي
قالتها وركبت العربية واتحركت بيها وخرجت من البيت، خرج وراها عامر بخطوات سريعة يبص على أثرها بضيق شديد ممزوج بالخوف، هو عارف إنها مبتعرفش تسوق لسة كويس، ولكن لوهلة لقاها بتقف بالعربية مكانها مرة واحدة وكإنها تراجعت بعد ما كان شاور لحمد يجيبله عربيته عشان يلحقها، ولكن شاورله يقف وبعدين اتجه ناحيتها بخطوات سريعة، شافها واقفة بالعربية ومثبتة إيديها على المقود ودموعها نازلة على وشها ببطئ، أدرك في الوقت ده إنها كانت مشتعلة من الغيرة بس ودي حاجة حسسته بانتشاء
فتح باب العربية وجذبها بحنان عشان تخرج، أما هي فكانت بتبصله بلوم، رفع إيديها الباردة واحتواها بين ايديه ولبسها الخاتم من تاني تحت أنظارها، وبعدين مد أنامله ومسح دموعها بحنان وجذبها لصدره يضمها، فاتشبثت هي بذراعه باشتياق شديد.
بعدها عنه وقال_ما كان ليها داعي حركات غيرة الحريم هذي؟!
وبعدين واخدة السيارة لوين وأنتِ حتى السواقة ما بتعرفيها!
ضربته بإيديها وهي بتقول بنزق_أنا مش غيرانة!
ضحك وقال_مصدقك يا روحي
رفعت عيونها ليه بصدمة من أسلوبه الجديد عليها، وكإنه أدرك صدمتها، فملس على خصلاتها بحنان وهو بيقول_أنا كنت ببارك لـ ليلى عشان وافقت تتخطب لخالد
اتسعت عيون يقين بدهشة وتمتمت_وافقت
هز راسه بآه، وبعدين احتوى كتفها واتجه لجوا البيت وهي بتقول_قول والله وافقت
ضحك عامر وقال_والله وافقت 
ضمت يقين قبضتها بحماس رهيب وهي بتحركها بفرحة من غير ما ياخد باله، أزمتها مع ليلى اتحلت وأخيرًا، كويس إنها ممشيتش ورا غيرتها اللي كانت هتخليها تدمر كل حاجة
طلعت مع عامر لفوق تحت أنظار فاطمة اللي كانت متابعاهم بغضب شديد بيشتعل جوا صدرها
بسطت كفها على صدرها لما حست بالألم فيه وبعدين اتجهت لغرفتها..
دخلت يقين وعامر للأوضة، قفل هو الباب وراه أما هي فكانت واقفة تعبث بأصابعها وتعض على شفايفها بندم،  نقلت نظراتها عليه وهي بتتحاشى النظر ليه وقالت بتوتر_عامر أنا آسفة على الكلام اللي قولته تحت
نظراته كانت اتبدلت لتانية غريبة، غامضة وداكنة، كان بيتقدم ناحيتها بخطوات بطيئة أثارت ربكتها فتراجعت لورا بإرتباك، أما هو فقرب منها وقال بنبرة أجشه_على أنهي بالضبط؟
على إنك مش عاوزة تكملي مع واحد زيي؟
اتقدم خطوة كمان_ولا إنك مش عاوزاني
خطوة كمان وهي بتتراجع لورا_ولا إني ما عندي دم
خطوة كمان_ولا إني ملمسكيش
ولا إني اطلقك؟
اتكعبلت في السجادة وقعدت على السرير وهي بصاله وبتبلع ريقها بقلق من نظراته الغريبة واسلوبه الجديد عليها، مال عليها بجسده وقرب وشه منها بشكل خطير في حين أنفاسه الساخنة بتلفح بشرتها وهمس_جاوبيني
على أنهي فيهم بالضبط يا يقـيـن؟!
كان بيتلذذ باسمها وكإنه بينطقه لأول مرة، ارتجفت شفايفها وتمتمت بنبرة مهتزة من قربه_عـامر
_بـحبـك
وقبل ما تستوعب اعترافه المفاجئ كان أخذها في قبلة جموحة عبر بيها عن المشاعر اللي اتملكت منه من وقت ما شافها
وأخيرًا الحواجز اللي بينهم اتشالت..


الخاتمة "الجزء الأخير"

على عكس المتوقع كانت الأجواء هادية بينهم تمامًا، مليانة سكينة ومشاعر أول مرة يجربوها
ولكن ده كان بالإضافة لخناقاتهم على اتفه حاجة ومناقرتهم لبعض الممزوجة بضحكاتهم، لأول مرة مشاعرهم تكون واضحة بالشكل ده
كل واحد فيهم أكتشف إنه كان محتاج التاني بشكل كبير
وأخيرًا بقوا زي أي زوجين طبيعيين.
كانت قاعدة جنبه على الكرسي العريض في البلكونة، ساندة راسها على صدره في حين كان هو ضاممها ليها ولافف إيده حوالين كتفها وقاعدين بيراقبوا النجوم والمكان من قدامهم
حاطين شال خفيف يدفيهم من برد الأيام دي ولكن مشاعرهم المشتعلة كانت كفاية إنها تسببلهم الدفء.
_مالك بردانة؟
هتف بيها يقطع الصمت اللي داير بينهم، كل واحد فيهم كان بيراجع اللي حصل الأيام اللي فاتت، مكانوش متخيلين إن الحواجز اللي بينهم تتشال ويعيشوا علاقة الحب الصادق اللي عايشينها دلوقتي، جواه هو نفسه سعادة مش طبيعية أول مرة يعيشها وهو اتعود يسعد اللي حواليه بس من غير ما يبص لنفسه، صدر من فمها صوت دلالة على الرفض 
نفس حركاته
حتى أصغر حاجة بقت تقلده فيها، نزل بعيونه عليها وهو بيبتسم على حركتها، رفعت عيونها ليه تتأمله بعيون لامعة وابتسامة حلوة مرسومة على شفايفها وبعدين رجعت سندت راسها على صدره وهي بتتنهد بحالمية وقالت_مش مصدقة اللي بيحصل ده
رد باستفهام_إيش بالضبط؟!
اتعدلت بإحراج وهي بتعبث بخصلات شعرها وقالت_يعني أنا..
وأنتَ
إن إحنا حبينا بعض بعد العداوة اللي كانت بينا!
جذبها ليه تاني وقال بمرح_ما محبة إلا بعد عداوة!
ضحكت على كلامه وقالت_مش مصدقة إنك بقيت راجل طبيعي
رفع حاجبه باستنكار على كلامها وقال_ليش وأنا كنت راجل فضائي قبل كذه؟!
لكزته في صدره بغضب مصطنع على تريقته فضحك بقوة وهو بينعكش خصلات شعرها بعنف خلاها تدفعه وهي بتصيح بضيق_عـامر!
مال مقرب وشه منها وقال بأنفاس متهدلة_روحـه!
ابتسمت بخجل وهي بتتأمل ملامحة الناعسة من فرط مشاعره، ورفعت إيديها تملس على دقنه النامية اللي غزاها الشيب، فغمض عيونه وهو بيتنهد باستمتاع من حركتها، فقالت هي_لما عرفت إنك بطلت شغل التهريب متتخيلش فرحت قد إيه،
أنا كنت عارفة إن كل ده غصب عنك، كنت عارفة إن فيه انسان تاني ورا قناع القوة اللي راسمه
انسان حنين شوفته في معاملتك لجواد وعهود
انسان مستعد يضحي بحياته عشان القريبين منه زي اخواتك وولاد عمه
و...
انسان رومانسي مشوفتوش غير معايا أنا بس..
كان بيبصلها بصمت وهو بيستمتع بكلامها اللي بيثير حواسه ونبرة صوتها المغلفة بالعشق، فمال ناحيتها وهو بيقول بصوت أجش_بحبك يا مصراوية
لفت إيديها حوالين رقبته وهي بتقول بضحكة_وأنا كمان بحبك يا عيون المصراوية...
ولكن قطع لحظتهم الرومانسية صوت دقات عنيفة على باب الغرفة وصياح هدية من الخارج وهي بتهتف_عـامر اخـوي
الحق ياخـوي
اتنفض عامر ويقين من مكانهم، ولملم عامر شتات نفسه وجري على جوا الأوضة ووراه يقين اللي كانت حاسة بالقلق، فتح عامر الباب وبص لهدية بتساؤل ملهوف، كانت التانية وشها مخطوف وهي حاسة برهبة من الموقف وهتفت_الحق يا عامر ياخوي
الحاجة فاطمة...
وقبل ما تكمل كلامها كان سابها ونزل جري على تحت بملابسه البيتية من غير ما يغير حتى، سارعت يقين ولبست البالطو فوق هدومها ونزلت وراه على طول هي كمان..
دخل عامر غرفة والدته واقتحم الباب فشاف زوجات اخواته واقفين حواليها، في حين كانت فاطمة نايمة على السرير، وشها مخطوف ومتناثر عليه حبات العرق بغزارة، في حين باسطة إيديها على صدرها وبتنهج بعنف.
_أمـا!
جري عليها عامر فوسعتله نوارة المكان، قعد جنيها على السرير ومسك كفها بين إيديه واللي كان شديد البرودة، فهتف بقلق_إيدك باردة ياما
وش فيك؟!
مالك ياما حاسة بأيش؟!
حاولت فاطمة تطمنه وهي بتنهج وبتقول_ما تقلق يا ولدي
أنا بخير
ولكن عامر بسط كفه على جبهتها وهو بيتفحصها بقلق وقال_بخير بس كيف ياما
قومي يلا أخذك للمستشفى
كانت يقين واقفة على باب الغرفة تبص للي بيحصل  بتعجب، فكانت فاطمة ظاهر على شكلها التعب الشديد ورغم ده كانت مصممة على إنها بخير
تحت تصميم عامر قامت وقفت وهي بتتسند عليه ووضعوا الوشاح على خصلاتها البيضا ودثروها كويس
فسأل عامر نوارة_وينه فارس وعايد؟!
ردت راوية على طول مكان نوارة_في الطريق ياخوي، كانوا في السجن مع حسن وزايد
سند عامر فاطمة واتحرك لبرا وهو بيقول_خليهم يجولنا على المستشفى.
وصل لعند المكان اللي واقفة عنده يقين، رفعت فاطمة عيونها ليها وبعدين أشاحت بوجهها عنها وهي بتشاورلها بإيديها بنزق إنها تمشي من وشها، وبعدين خرجت مع عامر وسابت التانية تضرب كف على كف.
وبدون تردد خد عامر العربية بصحبة حمد ونوارة وراوية واتحركوا للمستشفى، في حين طلعت يقين على فوق على طول بدلت ملابسها لتانية تقيلة خروج وخدت جاكيت عامر لإنه خرج بهدوم خفيفة وجريت على تحت، وصعدت للعربية التانية بصحبة أحد رجال عامر..
وبعد مدة، وصلت للمستشفى اللي كانوا موجودين فيها، شافت عامر واقف قصاد الباب وهو ساند ضهره على الحيطة، أما راوية ونوارة فكانوا قاعدين على الكرسي وظاهر عليهم القلق.
راحت ناحيته فانتبه هو لوجودها واتعدل، مدتله إيديها بالچاكيت وهي بتقول_عشان متاخدش برد
ابتسملها ابتسامة خفيفة بامتنان وخده منها ولبسه بالفعل، فوقفت هي جنبه وسألت_لسة الدكتور مخرجش؟
هز راسه بلا، فوقفت جنبه، كانت شايفة القلق اللي ظاهر على ملامحه، خوفه من إنه يخسرها، مهما كان هي أمه، سندت براسها على دراعه وهي بتمسد عليه كإنها بتمنحه المواساة بدون كلام.
لحظات وشافوا عهود وهي داخلة من الممر عليهم بتدور بعيونها عليهم بهلفة، والدموع مغرقة وشها من الخوف
أول ما شافتهم جريت عليهم وهي بتهتف_أخـوي!
اتعدل عامر أول ما شافها وفتح دراعه ليها فاترمت هي على صدره وهي بتبكي وبتقول_وش فيها أمي ياخوي
صارلها إيش؟!
ربت عامر على ضهرها بحنان وطبع قبلة على مقدمة راسها وهو بيقول_ما تقلقي، إن شاء الله هتصير بخير
بعدت عنها ووجهت نظرها بعيونها الدامية ليقين، فابتسمتلها بحنان وضمتها وهي بتقول_متخافيش، هتكون كويسة.
وبعد مدة وصل فارس وعايد هما كمان بصحبة حسن وزايد، وبعد الأسئلة اللي مليانة لهفة وقلق خرج الطبيب من غرفة العمليات اللي خدوها ليها على طول، اتجمع الجميع ناحيته بلهفة أما يقين ففضلت تتابع اللي بيحصل من على بُعد
خلع الطبيب كمامته وقال_الحاجة فاطمة عندها جلطة في الشريان التاجي، والظاهر إن هذي الجلطة بقالها فترة مش اليوم بس
هز عامر راسه بتفهم وقال_هي بقالها مدة فعلًا بتشتكي من صدرها
ضم الطبيب شفايفه بتفاهم وقال_عامة إحنا عطيناها مذيبات للجلطة، وسوينالها قسطرة، وفي الغالب هنحتاج نركبلها دعامة اليوم برضك
ببكاء قالت عهود_يعني إيش؟!
أمي وش هيصيرلها؟!
حاول الطبيب يطمنها وقال_ما تقلقوا، إن شاء الله خير، إحنا شوية وهنركبلها الدعامة وبعدين هناخذها على العناية المركزة لحد ما حالتها تستقر، وبعدها إن شاء الله هتقدر تخرج معاكم
ووقتها أفهمكم تتعاملوا معاها كيف
ألف سلامة عليها.
أنهى الطبيب كلامه وسابها ومشي، إنهارت عهود من البكاء بين دراع عامر اللي كان بيواسيها رغم إنه حاسس بالخوف هو كمان
أما فارس فسند ضهره على الحيطة وهو بيمسح بكفه على وشه عشان يتمالك نفسه، وعايد اتحرك وقعد على الكرسي وهو دافن وشه بين كفوفه بإنهيار، أما بقين فضربت كف على كف من اللي بيحصل، ورددت بشفقة_لا حول ولا قوة إلا بالله 
الست اتجلطت!

                           ****

بعد أسبوع تقريبًا خرجت فاطمة من المستشفى بعد ما حالتها اتحسنت شوية بعد أسبوع قضته في العناية المركزة لحد ما قدرت تفوق.
ساندها عامر وفارس ودخلوها لفراشها، كان وشها شاحب عكس العادة، باين عليها الوهن والتعب ودي حاجة كانت غريبة عليهم لإن فاطمة طول عمرها قوية.
تقريبًا العيلة كلها جم عشان يتطمنوا عليها بعد ما رجعت، أما يقين فكانت واقفة على الباب ساندة وهي بتتابع اللي بيحصل، مش عايزة تتدخل عشان متتئذيش أكتر خاصة وهي عارفة تأثيرها على فاطمة قد إيه...
كانت برا بتعمل سندوتش لجواد، سمعت صوت نداء نوارة ليها، ودخلت عليها وهي بتقول_معلش يا مرت أخوي، روحي كملي أكل أمي فاطمة واعطيها علاجها لحد ما اشوف ابني ماله، قالولي وقع من فوق الحصان
ارتكبت يقين وقالت_وفين راوية؟!
ردت نوارة وهي بتحط الطرحة على راسها وبتخرج_رواية مع هدية في المزرعة بتودي الأكل للعمال.
وقبل ما تعترض أو تاخد رد فعل كانت خرجت نوارة من البيت، فاتنهدت يقين بقلة حيلة وأدت جواد السندوتش وهي بتربت على شعرها بحنان، وبعدين اتحركت ناحية غرفة فاطمة اللي مخرجتش منها من وقت ما جت من المستشفى.
خبطت يقين على باب الأوضة وهي بتتنحنح وبتطل براسها بتوتر، رفعت فاطمة وشها ليها سرعان ما اتجهم وهي بتقول بهجوم_إيش جايبك؟!
جاية تشمتي فيا؟!
دخلت يقين الغرفة وهي بترد_مفيش شماتة في المرض
وأعتقد أنتِ عرفتيني كويس يا فاطمة هانم، ومش أنا اللي اشمت في حد في مرضه.
اتحركت يقين وقفت قدامها وكملت_وعشان أنتِ والدة عامر، وعشان عارفة عامر بيحبك قد إيه مهما حصل عمري ما هتمنالك الشر
لإن لو حصلك حاجة عامر هيتدمر، وأنا مش عايزة عامر يبقى تعيس
ضحكت فاطمة باستهزاء وأشاحت بوشها الناحية التانية وقالت_حنينة أوي!
اطلعي برا مش عاوزة أشوف وشك!
ولكن يقين معطتهاش اهتمام، بل شالت الصينية اللي على الكومود، وقعدت على الكرسي اللي جنب السرير، فبصتلها فاطمة برفعة حاجب وقالت_وش بتسوي؟
ردت ببساطة_هأكلك
ولكن بهجوم قالت فاطمة_مالي رايدة منك شي
يلا اطلعي برا
ولكن مدت يقين المعلقة ليها وقالت_أنتِ في أمانتي لحد ما نوارة تيجي
انتفضت يقين لما دفعت فاطمة المعلقة فتناثرت محتوياتها على الأرض وهي بتصيح بإنفعال_قولتلك مالي رايدة منك شي
يلا انقلعي لبرا!
وقفت يقين وهي بصالها بصدمة من اللي عملته واتملت عيونها بالدموع، هي كل اللي عايزاه تعيش حياة هادية مع الراجل اللي حبته، بتحاول تتقرب منها ولكن كل مرة بتصدها وهي مشتكتش لعامر عشان متسببش خلاف بينهم تاني وهما علاقتهم على المحك
شافت عامر كان بيعاني ازاي وبيتألم طول فترة مرضها عشان عارف إنه ليه يد في حالتها دي
وقصاد نظرة يقين لوهلة حست فاطمة بتأنيب الضمير لما شافت عيونها اللي اتملت بالدموع اللي بتقاومهم، وهي كل اللي كانت بتعمله إنها بتساعدها
شافت إنها كانت بتتجنبها طول الفترة اللي فاتت ومفكرتش تدخل عليها الأوضة وسمعتها قبل كده وهي بتتكلم مع عامر عن إنها عارفة بضيقها منها ومش عايزة تتعبها أكتر
وقصاد التقل اللي في صدرها ده حست بألم بينهش فيه فانكمشت قسماتها من الوجع
حست يقين بالرعب وقربت منها بسرعة وهي بتقول_مالك
فيكي إيه؟!
لهفة يقين وخوفها عليها خلى ضميرها يوجعها أكتر، فأشاحت بوشها عنها وهي بتقول_ما في شي
ولكن يقين ابتدت تطلع العلاج من الشنطة، خدت حباية من الشريط اللي قدامها وعطته ليها مع كوباية ماية وهي بتقول_خدي ده هترتاحي
بالفعل معترضتش فاطمة وخدت منها العلاج وساعدتها يقين إنها تشرب وهي بتقول_أخلي حمد يجيب الدكتور لو لسة تعبانة؟
أنتِ يدوب لسة خارجة من العملية مش عايزين يحصلك انتكاسة
ولكن فاطمة بلهجة لطيفة مش معتادة منها قالت_ما تقلقي أنا بخير
بالفعل بعدت عنها يقين وحطت كوب المياه مكانه وفضلت واقفة زي الطفل الصغير وهي بتبصلها بقلق، أما فاطمة فكانت بتختلس النظرات ناحيتها من وقت للتاني
يقين بتصرفاتها الناضجة كل مدى بتثبتلها قد إيه هي شخصية مش مؤذية، ودي حاجة مش عاجباها
احساسها بالذنب ناحيتها مش عاجبها، ولكن هي شافت بنفسها ابنها سعيد قد إيه معاها
لأول مرة تحس إن ابنها عايش
بيضحك من قلبه
كفاية لمعة عيونه في وجودها 
هي حاسة بالغيرة من امتلاك امرأة تانية لعامر وهتفضل حاسة بالغيرة
ولكن كون إنه سعيد ده كفاية عندها 
خصوصًا بعد ما هددها آخر مرة إنه هيمشي وقتها حست إنها بتخسر ابنها بتصرفاتها
اتحركت يقين في الوقت ده عشان تخرج بعد ما اتطمنت على حالتها، ولكن وقفت لما سمعت فاطمة بتقول من وراها بتهديد_لو دريت في يوم إنك زعلتي عامر ابني هتلاقيني أنا اللي واقفة في وشك
وقتها هكمل اللي ما كملته أول يوم جيتي فيه!
اتجمدت يقين مكانها وهي بتستوعب معنى جملتها، رغم إنها كانت جملة فظة مغلفة بالتهديد ولكن كان محتواها إنها راضية عن علاقتها بعامر، موافقة إنها تكون زوجة ليه بعد ما شافت سعادته جنبها، ولكنه طبع فاطمة استحاله تخضع أو تقول ده بشكل مباشر
فاتلفتت ليها يقين في الوقت ده وهي بتبصلها بدهشة، وبعدين ابتسمت ليها وهي بتهز راسها بتأكيد، فقبل ما تنكشف ابتسامة فاطمة اللي تسللت لثغرها، أشاحت بإيديها إنها تمشي
وبالفعل خرجت يقين بعد ما رمتها بنظرة ممتنة...

                          ****

في السجن، كان قاعد غالب قصاده مرزوق وحسن وعامر، ولكن كان غالب وعامر بينهم نظرات هما بس اللي فاهمينها
اتكلم حسن في الوقت ده وقال_إحنا جينا نشوفك يابوي ونتطمن على حالك، وعشان نعرفك إننا هنعمل خطوبة ليلى وخالد يوم الجمعة الجاية إن شاء الله
هز غالب راسه بتفهم ورد_على بركة الله
أهم شي تكون ليلى موافقة ومرتاحة
ربت حسن على رجل عامر وقال_البركة في عامر أخوي هو اللي قدر يقنعها
سكت غالب ومردش، هو مدرك قد إيه عامر مسيطر على ولاده واستحالة يصدقوا عليه أي حاجة أو يخليهم يكرهوه وهما نشأوا على إنهم واحد من صغرهم
فقال عامر في الوقت ده_اتركوني مع عمي لحالنا
وبالفعل ودع حسن والده، في حين ضمه مرزوق وهو بيقول_أهم شي تكون بخير ياخوي
وما تقلق، ليلى في عيني ولو الواد خالد زعلها بكلمة حتى أنا اللي هقفله
ابتسم غالب بخفة وبعدين ربت على كتفه بامتنان، فسابوهم وخرجوا في الوقت ده، اتجهمت ملامح غالب وقعد وهو بيبص لعامر بنظرات مليانة كره، كان التاني ساند ضهره على الكرسي بثقة، فاتكلم_عين العقل يا عمي، أنا مبسوط إنك ما بخيت سمك في ودن ولادك، وإنك عقلت مرت عمي زين
ابتسم غالب بسخرية وقال_ليش وأنتَ تركتلي اختيار يابن أخوي؟!
رد عامر بنفس السخرية_طب كويس إنك فاكر إني ابن اخوك
ابن اخوك اللي دمرت حياته وكنت عاوز تدمرها أكتر
ضم غالب قبضته، ومال ناحيته وهو بيقول من بين أسنانه_قصر الكلام يا عامر؟
رد برزانة_رغم اللي سويته بس لسة بتحمل دم الزيات، موعدكش إني هخليك تخرج من هنا 
بس صدقني طول ما أنتَ في السجن واجبي عليك إني أحميك
مش هخلي حد يتعرضلك ولا يئذيك
أظن كذه عداني العيب
والفضل كله لدم الزياتية اللي بتحمله في عروقك..
فقال غالب باستهزاء_الزياتية؟
وأنتَ خليت ليهم قيمة بعد ما تركت شغلنا كله للرشايدة؟!
مال عامر ناحيته ورد بتحذير_هذا ماله شغلك يا عمي 
أظن أنا كبير الزيات وأنا أكتر واحد داري بمصلحة كل واحد
سلام يا عمي
قالها بعد ما سابه وخرج من المكان تحت أنظار غالب اللي كانت مشتعلة بسبب الهزيمة القاسية اللي تلقاها من ابن أخوه، وللأسف هو فقد كل قوته وأصبح تحت رحمة عامر خاصة بعد ما اتبرأ من كل القضايا الممسوكة عليه...

   
                          ****

أفرع النور مالية المكان بألوانها المختلفة، السجاد الأحمر المفروش في مدخل البيت وصواني الأكل المحطوطة في كل مكان، أهالي العريش معزومين كلهم على خطوبة خالد الزيات
وما بالك بأفراح الزيات اللي بيصرفوا فيها ببزخ
صوت الطبل التقليدي متصاعدة بترج جدران البيت، ورجالة الزيات كلهم بيقدموا واجب الضيافة لكل الموجودين 
وفي بيت غالب كانوا الستات كلهم متجمعين في البيت وهو بيطبلوا وبيزغرطوا، وليلى قاعدة وسطهم بجلبابها اللي كان مرصع بالأحجار الكريمة بلونه الأحمر، فاردة شعرها والدهب مالي إيديها وصدرها، 
ازاي ميصرفوش ببزخ وهي دلوعة عيلة الزيات؟!
كانت ليلى مندمجة مع الأغاني ومظاهر الفرح اللي مالية البيت، ولأول مرة تحس إنها مرتاحة لقرار أخدته.
دخل عامر الغرفة فوقف مكانه وهو بيبص ليقين باعجاب، كانت لابسة جلباب باللون الدهبي محدد خصرها بعناية، رافعة شعرها على هيئة كعكة مظهرة عنقها.
كانت واقفة قصاد المراية وهي بتلبس حلقها الذهبي كبير الحجم على شكل هلال متدلي منه فصوص، قرب منها عامر زي المسحور ووقف وراها وهو بيبص لانعكاسها في المراية وقال بنبرة ولهة_كيف الجنية بالضبط!
ضحكت على مغازلته اللي كل مرة بتبقى أغرب من اللي قبلها، فقال_غريبة
لابسة من عباياتنا اللي دايمًا كنتي معترضة عليهم!
اتلفتت ليه وهي بتبصله بشقاوة، وبسطت إيديها الاتنين على صدره وهي بتساوي الجاكيت اللي لابسه فوق جلبابه الداكن وقالت وهي بتسبل بعيونها بطريقة سحرته_ما أنا مش أي حد
أنا مرات عامر الزيات كبير عيلة الزيات كلها 
لازم أظهر بصورة تليق بيه ولا إيه؟!
ابتسم على كلامها وهو حاسس بقلبه بينتفض من مكانه، رفع إيديه يملس على خدها بحنان، وقال_من غير ما تسوي شي
أنتِ كلك على بعضك تجنني!
ضحكت بغنج وهي بتتلفت وبتفتح علبة معينة فيها سلسلة على شكل حجر كريم باللون الأزرق، عطته ليه وقالتله_لبسهولي
بالفعل خده منها ولبسهولها على مهل وهو بيبص على انعكاسهم من المراية، وبعد ما انتهى مال وطبع قبلة على عنقها أثارت القشعريرة في جسدها، فاحتوى خصرها بإيده وهو بيتنهد بإرتياح كبير ظاهر على ملامحه
كانت بتبص لانعاكسه بحب كبير، هيئته الوسيمة في الجلباب التقليدي، خصلاته الممزوجة بالشيب اللي مصففهم، هيئته مهلكة لأي حد مش ليها هي بس!
قطع لحظاتهم الرومانسية جملته لما قال باستفزاز_مش ناوية تداري شعرك هذا؟!
انتفضت وبعدت عنه وهي بتقول باستنكار_عـامـر!
ضحك بشدة على شكلها، ومسك وشها بين إيديه وطبع قبلة عنيفة على خدها وبِعد وهو بيقول_أنا بغير عليكي يا روح عامر!
دفعته وهي بتتصنع الضيق من قبلته العنيفة، فاتحرك هو ناحية دولابه، فتح خزنة معينة فيها كبيرة الحجم وطلع منها كاميرا ولاب توب، بصتله بتعجب فقرب هو منها وإداها الكاميرا في أيديها، قلبتها بينهم بتعجب وهي بتقول_إيه دي؟
رد بسخرية_هذي كاميرا يا أذكى اخواتك!
ردت بنفاذ صبر_ما أكيد عارفة إنها كاميرا
بتديهالي ليه؟!
رد متصنع التفكير_مش شغلتكم كصحفيين بتبقوا محتاجين فيها كاميرا برضك؟
عقدت حاجبها بتعجب من كلامه، فقالت_تقصد إيه؟
ما أنتَ عارف إني اتطردت و...
قاطعها وهو بيقول_زمان غير دلوقت..
بصتله باستغراب فكمل_ أنا جيبتلك شغل وعينتك في جريدة ****
شغلك هيكون أون لاين من هنا، وفنفس الوقت هتغطي على أي أحداث بتصير هنا في العريش
اتسعت عيونها بذهول من كلامه، وهتفت بدهشة_بتـهـزر!
هز راسه بـ لأ، فصرخت هي بحماس من الفرحة وبدون تردد نطت وهي بتضمه بسعادة رهيبة وبتقول_مش مصدقة
لا لا
مال بيها وحط اللاب توب على السرير بدل ما يقع منه وهو بيضحك على احتفالها الطفولي، وقفت وهي بتبصله بعيون مغلفة بدموع الفرحة وبابتسامة حلوة قالت_أنا بحبك يا عامر
بحبك أوي بجد!
ضمها لصدره وقال_وأنا كمان 
يا أجمل كارثة صارت في حياتي...

                            ****

باشرت عملها من البيت فعلًا، في أوقات غياب عامر في شغله كانت بتكتب المقالات من على اللاب توب وتنزلها على مواقع الجريدة الالكترونية
كل مرة بتشوف أخبارها بتنجح كان بيزيد امتنانها لعامر، حياتهم أصبحت هادية، لذيذة، زي الحياة اللي كان نفسها تعيشها من زمان.
العيلة اتوسعوا في شغلهم، وزودوا مساحة مزارعهم كمان وغالب كان ما زال في السجن وقضيته لسة متحاكمش عليها، ولكن الحكم كان معروف
عامر استحالة يخليه يخرج، واستحالة يخليه ياخد حكم مخفف
واستحالة برضه يخليه يتعدم..
حادثة حصلت في العريش رجت المكان كله، اصطدام سيارات نقل بأخرى أسفر عنها اصابة مدنيين خاصة مع سوء الأحوال الجوية والشبورة اللي مسيطرة على المكان خاصة في ساعات الصباح الباكرة.
مترددتش إنها تستغل الوضع، وخدت كاميرتها وخرجت بصحبة واحد من رجالة عامر لمكان الحادث عشان تاخد منه تغطية مباشرة.
وفي الطريق اتصلت بيه، وبعد عدد من محاولات الاتصال رد_معلش يا يقين أنا مشغول دلوقت، هكلمك بعدين
وقبل ما يقفل هتفت بنزق_اسمعني بس لمرة وكفاية كاريزمتك دي!
هتف وهو مشغول بتوقيع بعض الأوراق_قولي
ردت وهي باصة بعيونها على الطريق_فيه حادثة حصلت على طريق العريش
همهم وهو بيقول_عارف وصلي خبر
ولما طال صمتها اتجمدت إيده اللي ماسكة القلم واتعدل وهو بيقول بتحذير وكإنه عرف اللي في بالها_إياكي يا يقين
إياكي
ابتسمت بانتصار لما قدرت تستفزه وقالت_للأسف أنا في الطريق دلوقتي وقربت أوصل
خلي كاريزمتك تنفعك
وقبل ما يرد كانت قفل الخط في وشه وهي بتضحك بشدة، مدركة دلوقتي إنه أكيد في أقصى حالات غضبه، وهي قاصدة ده لإنه الفترة اللي فاتت كان مشغول عنها وكل ما تكلمه يقولها مشغول
أما عامر فبص على الموبايل بدهشة لما أدرك إنها قفلت الخط في وشه، سرعان ما اتبدلت ملامحه للغضب لدرجة إنه كان هيهشم التليفون في إيده من قبضته اللي بتضغط عليها
وبدون تردد ساب كل الأوراق اللي في إيده وقام اتنفض واتحرك وهو بيقول_آه يا يقين
آه!
اتذكر الچاكيت بتاعه اللي سايبه على ضهر الكرسي، فرجع على طول سحبه وهو بيقول_آه يا يقين
يجرالك حاجة لو ما حشرتي مناخيرك في المصايب!
كانت يقين بالفعل مندمجة في التصوير وتغطية الحدث، ومن حظها لقت واحد من اللي شغالين معاها في الجريدة موجودين هناك بالفعل، ودي حاجة حسستها براحة كبيرة
وصل عامر في الوقت ده ونزل من عربيته وهو بيدور عليها بعيونه وسط الجلبة اللي موجودة، لحد ما شاف واحد من رجالته، جري عليه وهتف_وينها؟!
شاورله لمكان وجودها، كانت واقفة بتسمع لكلام حد من الموجودين على تفاصيل الحادث، اتجه ناحيتها فاتلفتت بعينها بالصدفة سرعان ما اتوسعت عيونها واستأذنت من اللي واقف وراحت ناحيته وهي بتقول_أنتَ إيه اللي جابك؟!
فرد بعيون مشتعلة بالغضب_وش اللي جابك أنتِ؟!
كتفت إيديها قصاد صدرها وردت_شغلي
أنتَ إيه اللي جابك، مش على طول مشغول ومش فاضي؟!
من بين أسنانه قال_وأنتِ عشان العند تيجي لمكان حادثة كيف هذي لحالك وأنتِ عارفة إن الطريق هذولا اليومين زي الزفت؟!
ردت بعناد_أنا مش بعاند
وكمان معايا واحد من رجالتك يعني مش جاية لوحدي ولا حاجة
بنفاذ صبر هتف_يقـين!
ردت باستفزاز_نـعـم؟!
فضل باصصلها بحدة من برودها وهي بتبصله باستفزاز، زفر بعصبية وبعدين جذبها من إيديها وهو بيقول_يلا هنمشي
اعترضت قائلة_لأ
مش همشي يا عامر..
_يقين...
اتلفتوا هما الاتنين على صوت نداء من خلفهم، رفع عامر حاجبه بتساؤل وهو بيراقب اللي بيتقدم ناحيتهم، كان شاب مقارب لسنه ولكنخ أصغر بعدة أعوام، ماسك كاميرا يقين بين إيديه وهو بينقل نظره بينها وبين إيد عامر، قرب منهم وقال_أنتِ كويسة يا يقين؟
حد بيضايقك؟!
بلعت يقين ريقها وبصت على عامر اللي قال باستنكار وهو بيهز راسه_يقين؟
شاور براسه وهو بيقول في حين بيشدد بعنف على اسمها_ردي يا يـقـيـن!
ارتكبت بشدة، فجذبت دراعها من عامر وقالت_لا أنا تمام يا مصطفى
رفع عامر حاجبه وهو بيبصله بحدة، فكملت هي بسرعة_عامر الزيات، جوزي
قالتها وهي بتشاور ليه بإرتباك، بصله عامر في الوقت ده بعيون مليانة شرار ونظرات كلها تهديد، والتاني كان بيرمقه بنظرات غير مرتاحة لهيئته وقال_عامة لو حد ضايقك متتردديش إنك تقوليلي يا يقين أيًا كان مين
اتسعت عيون عامر وهو بيبصله بنظرات مشتعلة، حرك راسه للجهتين فأصدرت صوت طرقعة أثارت الرجفة داخل قلب يقين من حالته الاجرامية اللي مكانتش مبشرة تمامًا، فاتدخل عامر قبل ما ترد_مـدام يـقين لو حد ضايقها هتيجي تقول لزوجها
مش كذه ولا إيه؟
نهى جملته بسؤال وهو بيبصلها بنظرات شرسة، فهزت راسها على طول بارتباك.
رماه مصطفى بنظرات غير مهتمة وكإنه من الأساس مقالش حاجة وبعدين وجه كلامه ليقين وقال_تحبي نراجع الصور اللي خدتها؟
وقبل ما تتقدم ناحيته كان جذبها عامر وهو بيقول_مدام يقين مالها فاضية دلوقت، وأنا وهي نبقى نراجع الصور بنفسنا
جذب منه الكاميرا وخد يقين في إيده واتجه ناحية عربيته، فهتف التاني من وراهم_خلاص هكلمك عشان نتقابل مرة تانية نظبط فيهم المقالات
ابتسم عامر بشر ورد_هذا إن كان فيه مرة تانية
في الوقت ده كان فتح باب العربية دخل يقين وبعدين صعد جنبها بعد ما رمق التاني بنظرة نارية، فتحت يقين بوقها عشان تتكلم ولكن قاطعها بعنف_ولا كلمة
اعترضت_بس...
بصلها بنظرة أخرستها، وبعدين شغل العربية واتحرك بيها.
كان الصمت هو اللي غالب بينهم طول الطريق، ماسك مقود القيادة بإيديه الاتنين، عيونه مثبتة على الطريق وعضلات فكه متيبسة، خافت يقين من هيئته وقالت_عامر
مصطفى بيتعامل بعشم شوية، هو بس فرح لما لقاني من نفس الجريدة وحب يساعدني..
بصله بحدة فلزقت في الكرسي مكانها وهي بتبلع ريقها بقلق..
رجعوا البيت فنزلت من العربية وقبل ما تتكلم كان اتحرك بالعربية ومشي بعنف، فوقفت مشدوهة مكانها سرعان ما اتحولت دهشتها لابتسامة تبعها ضحكة لما افتكرت رد فعله مع مصطفى
غيرته فاضحاه
عامر بيعشقها
ورغم سنه وتقل مكانته إلا إن تصرفات غيرته كانت طفولية تمامًا..

                            ****
رجع بالليل بعد وقت طويل، الحقيقة محاولتش تكلمه طول المدة دي عشان مينفجرش في وشها، ولكن من وقت للتاني كانت بتضحك على رد فعله.
اتفتح الباب بعنف ودخل منه، فقامت انتفضت هي بخضة، رماها بنظرة نارية وخد هدومه ودخل الحمام من غير ما يقول أي كلمة، وبعد مدة خرج ورماها بنظرة نارية تانية
ولكن المرادي مقدرتش تقاوم واتلفتت تحاول تكتم ضحكتها.
وقف هو وبعصبية قال_تقدري تعرفيني إيش اللي بيضحك دلوقت؟!
هزت راسها بسرعة وقالت وهي بتضم شفايفها_ولا حاجة
بصلها من فوق لتحت وبعدين اتحرك بعصبية ودخل البلكونة، طلع سيجارة من جيبه وابتدى ينفثها بعنف
راحت وراه هي على طول، اتيبست عضلاته أول ما حس بدراعها بيلف حوالين صدره، وراسها اللي سندتها على ضهره من ورا، وبعدين قالت بحنان_مش كنا بطلنا سجاير؟
رجعت ليها ليه تاني دلوقتي؟!
رغم تأثره بلمستها، إلا إنه بحدة قال_مالك دخل
يا يـقين!
قال اسمها بتريقة بنفس أسلوب مصطفى، فضحكت هي واتلفتت ليه، جذبت السيجارة من إيده ورمتها على الأرض تحت نظراته المستنكرة، لفت إيديها حوالين رقبته وقالت بابتسامة سلبت أغواره_شكلك حلو وأنتَ غيران
قصاد نظرتها لقى نفسه بيجذبها من خصرها ليه أكتر، ودفن راسه في تجويف عنقها وهو بيستشنق رائحتها اللي ألهبت خلاياه وقال_مش عاوز أي راجل ينطق اسمك تاني
فـاهـمة؟!
رغم إن نبرته كانت شرسة، مستكينة و...ولهة
ولكن كان عاجباها، عاجبها نبرة التملك اللي في صوته، ابتسمت بزيادة ولكن اتأوهت لما ضغط بأنامله على خصرها وقال_فاهمة يا يقين؟!
بعد براسه عن عنقها وهو بيبصلها برفعة حاجب، فضحكت وهي بتقول_حاضر
بعصبية هتف_متضحكيش
ضمت شفايفها وهي بتقول_مبضحكش
زفر بنفاذ صبر فانفجرت من الضحك، وفي النهاية قصاد ضحكتها لانت ملامحه قدامها
ضمها ليه بقوة وقال_مش طايق إن حد يهوب ناحيتك
اعتبريه هوس
اعتبريه جنان 
اعتبريه اللي تعتبريه
ابتسمت وردت_اعتبره حب
بصوت أجش قال_عندك شك؟
أصدرت صوت دلالة على الرفض وقالت_نهائي..

                         ****

كانت حاسة بالصدمة وهي شايفة الرسائل اللي قدامها اللي بيتساءلوا فيها عن سبب غياب مصطفى زميلهم اللي مختفي من وقت الحادث امبارح، لوهلة اضطربت دقات قلبها بقوة وخافت ليكون عامر أذاه واتسبب بمشكلة بنفسه
فبدون تردد لبست الجاكيت فوق هدومها وخرجت بسرعة لمكان مكتبه، فتحت الباب بعنف، اتعدل حمد اللي حس بالتعجب من هجومها، أما عامر فمدالهاش اهتمام وكإنه عارف سر زيارتها
استأذن حمد وخرج، فاتوجهت يقين بخطوات سريعة ناحية عامر وهتفت_مصطفى فين؟!
ارتشف من كوباية القهوة بتاعته، وقال وهو مازال مركز في الورق_مصطفى مين؟
بنفاذ صبر قربت منها وخطفت الورق من قدامه وهي بتقول_اخلص يا عامر
عملت في مصطفى إيه؟!
بصلها باستنكار لفعلتها، أما هي فكانت لهجتها لا تقبل النقاش وهي بتقول_أنا عارفة إن ليك يد في اختفاؤه
وديت مصطفى فين يا عامر؟!
رد ببساطة_بأدبه شوية
شهقت بصدمة ورددت_يعني أنتَ اللي ورا اختفاؤه فعلًا؟!
لاعبلها حواجبه بتسلية، فبعصبية قالت_فين مصطفى؟
هتودي نفسك في داهية يا عامر
وديني عنده
بصلها بحدة فجذبته من دراعه وهي بتقول_يلا يا عامر
وريني عملت فيه إيه؟!
وعلى عكس العادي قام بالفعل، واتحرك معاها وشاور لحمد اللي فهم هو عاوز إيه، فابستنكار هتفت_يعني أنتِ مشاركه في اللي عمله؟!
هز حمد كتفه بقلة حيلة من غير ما يرد، وبالفعل اتحركت معاهم بالعربية، وبعد مسافة مش قليلة في وسط الصحراء وصلوا عند مكان معين، نزلت يقين وهي بتبص حواليها بتعجب وقالت_أنتَ جايبنا هنا ليه؟!
رد ببساطة_مش قولتي عاوزة تشوفي إيش سويت فيه؟
نزلت من العربية وقلبها بينبض بعنف، خايفة يكون قتله ووسخ إيده بالدم وهي ما صدقت إنه بعد عن كل ده
اتحركت وراه هو وحمد اللي كان شايل في إيده عصا معدنية غريبة آخرها جزء على شكل نصف دائرة 
سرعان ما شهقت بصدمة لما شافت مصطفى واقف في نقطة معينة وسط الصحراء، باين عليه الوهن، حتى مكانش قادر يقف على رجليه من التعب، وقبل ما تجري ناحيته جذبها عامر وهو بيقول بحدة وخوف حقيقي_على وين
مستغنية عن روحك؟!
بصتله بتعجب مش فاهمة مقصده، لقته بيشاورلها ناحية نقطة معينة، اتلفتت سرعان ما اتجمدت بصدمة وهي بتقرأ اللافتة اللي بتنوه إن المكان عبارة عن حقل ألغام
فبصدمة هتفت_يا نهار اسود
إيه اللي عملته ده
طلعه بالله عليك يا عامر
طلع صوت مصطفى المتوسل في الوقت ده وهو بيقول ببكاء_خرجني وصدقني لو شوفتها هلف من مكان تاني
والله العظيم هعملها بلوكات على كل السوشيال ميديا
وهستقيل من الجريدة كمان
أنا آسف والله بس سيبني أروح 
ضمت يقين شفايفها بأسف على حالته، وبعدين بصت لعامر برجاء وقالت_عشان خاطري طلعه يا عامر 
عشان خـاطـري
وقصاد نظراتها اتنهد وهو بيشاور لحمد اللي اتحرك وهو مثبت العصا اللي كانت في إيده واللي مكانتش غير كاشف للألغام اللي ساعدته يعرف الطريق المناسب، لحد ما وصل عنده وقال باستفزاز_مساءك لذيذ
إيش أخبارك؟
بصله مصطفى بنظرات مليانة حقد، فابتسم حمد وقال ببرود_خليك ورايا لو عاوز تخرج حي
وبالفعل فضل ورا حمد لحد ما خرجوا من حقل الألغام، فقالت يقين بسرعة_اهرب
اهرب بسرعة وانفد بجلدك
وبالفعل جري على طول وهو بيهتف_حسبي الله ونعم الوكيل فيكوا يا شوية مجرمين
كانت معرفتك سودة!
ضحك حمد على كلامه أما يقين فشهقت وهي بتقول_تصدق أنا غلطانة
كنت خليتهم يسيبوك هنا لحد ما تموت يا قليل الأصل!
احتوى عامر كتفها وضمها ليه وهو ماشي جنبها باستمتاع، أما هي فبضيق قالت_على فكرة بقى كان دمه تقيل ولزج ويستاهل اللي حصله
فباستمتاع قال_ملاحظ إنك كل مدى بتاخذي من طباع ولاد الزيات
وقفت وهي بتبصله بعيون تشبه القطط، أصدرت صوت دلالة على الرفض وقالت وهي بتغمز_كل مدى بشبه عامر الزيات
ابتسم عامر باتساع واتحرك معاها ناحية العربية، في حين مال جنب اذنها وهو بيقول بنبرة مغرية_مش ناويين نجيب أخ لجواد ولا إيش؟
لكزته في جنبه وهي بتنقل نظرها على حمد وهتفت بتوبيخ_عـامر!
بلهجة مليانة وله رد_عـيونـه!
مالت براسها وبدلال قالت_بـحبك..

                      تمت بحمد الله 
تعليقات