رواية عقاب ابن الباديه الجزء الثاني2 الفصل الثالث عشر13 الرابع عشر14 بقلم ريناد يوسف


رواية عقاب ابن الباديه الجزء الثاني2 الفصل الثالث عشر13 الرابع عشر14 بقلم ريناد يوسف


نهض صياح بعد أن شكر آدم وغادر وهو غارق في التفكير،
 أما آدم فشعر بعدم الراحة لصياح منذ أن رأى لمعة الطمع في عينيه، ولمس عدم رضاه بالقليل، وانه يود ان يقفز مرة واحدة بدلاً من اخذ السلم درجة درجه، وهذا اول خطأ يقع فيه التاجر، والذي نبهه له عمه قصير وحتي الشيخ منصور شدد عليه في هذا الأمر وعلمه عدم الإستعجال ابداً في أي شيء؛ وأن في التأني السلامة. 

فقرر أن يبعده عن صفقات الأسلحة وألا يجعله يحضر إستلام أو تسليم شيء من الآن وصاعداً طالما ينظر للبضاعة بعين الحقد. 

وصل صياح عند مجمع النساء، وكانت رجوه بينهم، نظر لها وإبتسم إبتسامة عريضة وغمز لها في محاولة منه لمناغشتها، ولم يكن يتوقع منها ردة الفعل التي رآها منها، ولا تخيل أنها ستمسك حجراً وتضربه به في رأسه ليسيل دمه كالنافورة وتجعله أضحوكة وسط النساء!
غادر صياح وهو يستشيط غضباً وذهب رأساً للشيخ قصير، فوقف أمامه وهو يضع يده علي رأسه كي يمنع الدم وتحدث بقهر:
- ياشيخ شوف بتك ايش سوت فيا، دجتني بالحجر بدون مااسويلها شي، وضحكت علي نساء القبيلة كلهن. 

-نظر له قصير بسخط ولم يرد عليه ولكنه ارسل في طلب رجوه على الفور.. وما ان حضرت حتى هدر بها قصير:
-ايش سويتي بوليد عمك الله يكسر يدك. 
-ماسويت شي. 
- ودمه اللي سال بوي اللي دجه
 بالحجر ورمح نام بقبره مره ثانيه؟
 
- يستاهل الذبح مو بس ضربة حجر
- والله ماحد يستاهل الذبح غيرك، ايش سوي لك الرجال يافانص؟ 
- غمزني قدام كل نساء القبيلة وسوالي حركات.. حركات أستحى حتى احكيها لك ياشيخ. 
صرخ صياح بفزع:
- حركات ايش الله ياخدك، والله ماسويت حركات انا، هى بس الغمزه وياريتني ماسويتها ودجتني بعدها رأساً. 
-لا سويت حركات ياصياح واذا كنت رجال ماتكذب الكذب مو للرجال. 
- لا يبه الكذب للحريمات، والله الكذب انخلق بس ليكم. 
صمت قصير قليلاً وهو ينظر لهما وأغمض عينيه وزفر بديق، فلا تناسب بين صياح ورجوه من اي زاويه؛ 
هي قوية وتنظر له مثل نمرة شرسة نريد ان تجهز عليه، وهو يتفادي نظراتها وينظر لها بخوف، وفي المستقبل ستجعل منه رجوه اضحوكة القبيلة كلها. 
فتح عينيه ونظر لصياح وقال له بأمر:
- صياح، الحين تاخد حقك منها أمامي؛ لأن الحرمه ماتمد يدها على زوجها لو ايش ماسوى، تقدم وخذ حقك حتى لا تعيدها بت مكاسب وتتطاول عليك.. أمسك حجر ودجها بنص راسها وخلي دمها يسيل متل ماسال دمك. 
صُدم صياح من طلب قصير ونظر لرجوه التي نظرت لأبيها بتحدي وقالت بنبرة جادة لا تقبل جدال:

- ورب الكون إذا سواها ومد يده علي لأفوت على خيمته وهو نايم واذبحه من الأذن للأذن، 
واهروب من القبيلة ماتعرفون لي طريق. وإذا مستغني عن عمره ولد صالحه يمد يده علي.. ورجوه ماتهدد ولا تقول حرف هي مو قده. 

نظر قصير لصياح يحثه علي التقدم من رجوه وعدم المبالاة لكلامها وأخذ ثأره منها، ولكنه صُدم وهو يستمع لكلمات صياح :
- أ أقول ياشيخ المسامح كريم، وهي أول غلطه لمرتي وانا سامحتها واعرفها ماتعيدها.. واعترف إني غلطت وقت غمزتها امام النساء وما حسبت حساب لحيائها وخجلها وانها مامعتاده على هي الحركات. 
-سمعت.. سمعته بأذنك يقول حركات، عرفت اني مااكذب. 

ضرب قصير كف بكف وقال:
- روح الله لا يعطيك العافية.. وابشرك ياصياح من الحين دمك راح يعبي القبيلة كلها وتشرب منه الرمال حتى ترتوي. 
اغروب، اغروب عن وجهي سود الله وجهك. 
غادر صياح في عجلة من أمره، ونظر قصير لرجوه بغضب وقال لها:
وانتِ يافانص ياعاااار، تمدين يدك على راجلك وتسيحي دمه؟ والله ماواقف بينك وبين الموت علي يدي غير بس سالم.. سالم اللي لولاه كنتي اليوم تحت الرمال منسيه. 

-اذا تريد تسويها سويها الحين وماتخليها بنفسك ياشيخ. 
- قلتلك السبب اللي مانعني عنك.. سالم اللي ماتسوي التراب اللي يدعس عليه بأقدامه. 
- والله إذا سويلم حاكم عليك وحكمه ماشي انا مالي ذنب وماتحملني مَنيه ولا تشيلني جميلته، انا ماطلبت منه حمايه، وإذا هو يحمي ويدافع من روحه ويرد أذى اهلي عني فهاد من طيب اصله وكرم اخلاقه.. والكريم يجود دون ماينتظر جزاء ولا شكورا. 
- رجوه اغررربي عن وجهي الحين لان إذا ضليتي اكثر ماتلومي إلا حالك، اغررربي يافانص يابت الفانص ياطويلة اللسان ياعديمة الحيا ياغراب البين. 

أسرعت رجوه بالإبتعاد من أمامه، فهي تعلم أنها رمت حجراً كبيراً في فوهة البركان والآن بدأ الفوران. 

مرت على خيمة عوالي فلم تنظر وتخطتها، ووقفت تزفر بضيق حين سمعت صوت عوالي ينادي عليها:
- يافانص تعي.. انت يابلوه ردي اريدك. 
دخلت الخيمة على مهل، فهي تعلم أن وصلة توبيخ أخرى قادمة ولا مفر من الإستماع، وقفت امام عوالي وقالت:
- كيفك ياعمتي نهارك باهي. 
- نهار زفت ع راسك وراس أمك ياعمتي. 
- اهووووو بدينا 
-ها اقوم اخلي مايزه تكتفك واجيب السكين واكويك؟ وهالمرة اكوي لسانك اللي مايلوقله إلا القطع؟ 
- ايش سويتلك انا ياشيخه؟ 
- سوايتك سواية الشوم.. تضربي زوجك يافانص وتسيلي دمه وتضحكي عليه نساء القبيلة كلهن وتخلي أمه تفترش الارض وتشيل وتحط الرمال على راسها من قهرتها على وليدها؟ 
- اي هو يستاهل غمزني وسوالي حركات وقحه. 
- الله لا يوفقك يافانص ياكذابه، حركات ايش اللي سواها؟ 
- استحي اقول. 
مايزه:
- كذابه انت ماتستحين وهو ولا سوى حركات ولا شي، وليداتنا ماتسوي هيك شي، هو بس حظه العاثر اللي وقعه بين اديكي ياغراب الشوم. 
- اي حظه.. يروح يلوم حظه انا ماعلي لوم.. والحين أريد امشي ارد لخيمتي اندفس وانام تعبت اليوم واااجد. 

- اي روحي اندفسي دفسه بلا قومه انشالله. 
غادرت رجوه وهي لا تهتم بكل ماسمعته، فاليوم هو يوم سعادتها ولن تسمح لأحد بتعكيره. 

وصلت خيمتها فوجدت أمامها تجمهر غريب، وحين اقتربت فهمت سببه، كانت صالحه أم صياح وابنتها خوله، صالحه جالسة على الأرض تأخذ من الرمال وتضع فوق رأسها وتنعي حظ إبنها، وصالحه واقفة وتنوح علي أخيها ودماءه التي سالت..
ومعزوزه ومكاسب وسدينه وشقيقاتها  حاضرون جميعاً يحاولن تهدئة الوضع. 
وبمجرد رؤية صالحه لها زادت في النحيب وهي تقول:
-جات الفانص، جات بتك يامكاسب.. اليوم اشوف مين اللي يخلصها من يدي على سوايتها بوليدي. 
وقفت رجوه وتلفتت حولها وبدات بجمع الأحجار والضرب عليهم عشوائياً، فتفرق الجمع سريعاً، وقامت صالحه وجرت مبتعدة ولم يتبقى في المكان إلا رجوه وخوله، والتي بدأت هي الأخرى بجمع الاحجار والتصويب على رجوه، وأصبحت حرباً بالأحجار بينهم انتهت بسيلان دم خوله.. فمن هي لتتغلب على رجوه في التصويب؟! 

 فأخذت صالحه إبنتها الغارقة في دمائها وعادوا لخيمتهم وهم يموتون قهراً، فقد اتوا يطالبون بالقصاص العادل وعادوا بضحية أخرى وبقناعة أن لا قصاص من رجوه ولا حق يؤخذ منها حتى لو خلفه ألف مُطالب. 

مر باقي اليوم بسلام، سالم سمع بما فعلته رجوه حاله حال جميع القبيلة، ولكنه صمت حين علم ان لا أحد تعرض لها بمكروه، فهو في إنتظار أن يرى حماية آدم لها، وهل سيستحق أن يحمل عنه لواء حمايتها كاملاً، أم يستمر سالم في حمايتها خفية، فمهما حدث هي إبنته التي ربى، حتي وإن تقطعت جميع الصلات الأخرى وتلاشت العلاقات،ولن يسمح لأحد بإذاءها. 

جلس سالم مع رابح، وتحدث معه في ماقاله آدم، وعرف منه ان الشيخ منصور شخصياً تدخل في الأمر وطلب من قصير أن يعطي رجوه لآدم متجاهلاً جميع الأعراف، 
وأن آدم ينتظر فقط الوقت المناسب ليفعل ذلك ريثما يبعد صياح عن طريق رجوه أو تبعده هي، وهاهي بدأت الحرب. 
فصمت سالم وقد أيقن بان الأمر بات حقيقياً، وآخر ذرة شك داخله بأن آدم غير صادق قُضي عليها..وزواج آدم برجوه أصبح واقعاً يلزمه فقط بعض الوقت ليتم وعليه التقبل الكامل. 
خيم الليل وخرجت رجوه من خيمتها بعد يومها العصيب، اخذت تبحث عنه فوجدته يقف بعيداً بجوار السيارات التي تاتي كل فترة في موعد إستلام شحنة الأسلحة، لا احد من أهل القبيلة يعلم سبب مجيئ السيارات سواها هي بحكم ملازمتها لهم والرجال الذين ينقلون السلاح فقط. 

إنتظرت حتى إبتعد آدم عنهم وبدأ يتحدث في هاتفه.. إقتربت منه بعد ان خلعت خُفيها حتي لا تُصدر صوتاً فيراها آتية ويبتعد، ولما إقتربت سمعت منه ما مزق قلبها:
- اي يانبض القلب ياحبيبة الروح، إشتقتلك واااجد واتمنى ارجع لحضنك ودفو انفاسك.. هانت يالغاليه كلها يومين واجيك واكحل عيني بشوفتك.. ههههه فدوه للي يغار. 
ضربت خُفيها علي الارض وبدأت تلبسهم بغضب فانتبه لها وانهي المكالمة، ونظر لها بحاجب مرفوع وقال:
- تتنصتين علي؟ 
- ولا اتنصت ولا اتزفت، ردت افاجئك بحضوري فاجأتني أنت بوصلة الشوق والمحبه. 
- اي وانت إيش خصك؟ 
-ايش تقول إنت ياعقاب مو ع أساس... 
- أساس ايش يارجوه؟ انا كلامي كان واضح.. قولتلك بعطيكي فرصه إذا قدرت اتقبلك كان بها ماقدرت مابالقلب حيلة، وهاد كلو إذا مانفع اني اتزوج حياة، أما إذا قدرت وتزوجتها اعذريني ماتت كل الفرص لك بعيوني وقلبي. 
- اي بس هاد مو اتفاقنا؟ 
- مااتفقنا على شي، طلبتي فرصه وانا عطيتك، وماتظني اني غافل عنك، انا اراقبك واراقب كل شي يخصك، وقولتلك صيري آدميه شو سويتي بالآدميه.. بطحتي صياح، وبطحتي اخته وخليتي امهم تشيل رمال الصحرا فوق راسها، جلطتي ابوك والشيخه عوالي بعد. 
- بس هو اللي غمزني و... 
- هو مازال قدام الكل راهنك وبحكم زوجك وهي مو غلطه يستحق عليها اللي سويتيه يارجوه. 
- اقول الحق انا اريد ابعده عني باسرع وقت. 
- بس مو بهي الطريقة.. تعرفي إن القبيلة كلها مالها سيره غير سوايتك وعملتك اليوم؟ طيب إذا جيت انا ارتبط فيكِ ايش راح تحكي الناس عني، يقولون عقاب خد الفانص اللي مارضي بيها صياح؟ 
- وانا ايش أسوي يعني، مو انت حكيت أن صياح من ضمن العقبات؟ 
- انا اللي بشيله من طريقك مو انت. 
- زين وحياة؟ 
-ايش بيها؟ 
-هي مو عقبه ولزوم تنزاح، اتركها علي وانا ازيحها. 
- والله ازيح راسك من فوق جسمك وتضلي بلا راس، إلا حياة مالك دخل فيها. 
-واذا صار وتزوجتها ياعقاب، وانا عملت كل اللي أمرتني بيه وطعتك.. بالاخير مااتحصل شي؟ 
- وقتها أشوف، بس يعني لا حياة بتقبل المشاركة ولا اظن انت تقبلينها.
صمتت رجوه؛ فهي بالفعل لن تتحمل ان تشاركها فيه أخرى، ولذلك ستفعل أكثر من المستحيل حتى تفوز هي به أولاً، وستبدأها من النقطة التي ستعزز فرصتها مع آدم اكثرررر. 

غادرت وتركته، فعاود هو الإتصال بأمه وأكمل معها حديثه، فقد رأي رجوه من بعيد وهي تراقبه، ولمحها وهي تتسحب نحوه، وشعر بها حين وقفت خلفه ولذلك غير مجرى الحديث ليوهمها بما أراد. 

فسمع صوت الشيخ من خلفه:
- ياعقاب ليش شيعت على السيارات بكير؟ 
- لان الشحنه بتوصل الليلة ياعمي. 
- بس انت قلت.. 
- من الحين مافي موعد ينعرف بالتحديد، ولزوم ندير بالنا أكثر، الاطماع بدت تزور النفوس ياعمي والنفس أماره بالسوء. 
- ايش تقصد ياعقاب؟ 
- اقصد صياح.. اليوم حكالي يريد يسوي تجاره لنفسه ويستورد بروحه سلاح، وإذا سواها وداق المكاسب راح يزيد طمعه ومو بعيد يوصل لأنه  يسوي اي شي يعطل بيه اشغالنا ويكبر هو.. وإذا صياح سواها الكل بيتبعه وتصير حرب ومنافسات يجوز تضيع بيها القبيلة كلها. 

- صياح مايحضر إستلام ولا شحنه من الحين. 
- غلط ياشيخ ومو الشيخ قصير اللي يغلط.. علمتني نخلي العدو اقرب من الحبيب وعيوننا ترافقه، ليش الحين تنسى تعاليمك؟ 
 صمت قصير واخذ يفكر ثم أردف:
- وانا اقول ليش نهى على رجوه وهي اللي ماحد ينظر صوبها.
- وغير هيك ماعمل حساب لزعل سالم وهو رفيقه، واللي يخون صاحبه ويتجاهل علاقة لجل مصلحته يتجاهل جميع العلاقات ويدعس عليها برجوله. 
- اريد افض نهوته على بتي. 
- مو الحين، بعد الشحنه تلبسه غلطه وعلى أساسها ينفض الرهن. 
- اي اي... يصير خير... عقاب لا تتركني أنا الظاهر كبرت وخرفت  وماعدت اقدر احكم على الناس ياوليدي. 
- لا ياشيخ، حاشاك.. انت بس بالك مشغول بألف شي وألا مايسقط شي من فكرك.. طمن حالك انا مااتركك إلا على الموت. 
- الله يطول بعمرك ياعزيز العين والقلب، ياولدي اللي ماخلفته. 

غادر قصير لخيمة عوالي التي ارسلت في طلبه وعاد آدم للجلوس وحيداً، وشرد في تلك التي لا يعلم عن حالها شيء، يريد الإطمئنان عليها ولكن يخشى ضعفه حين يستمع لصوتها، يخشى زلزلة قلبه وهياجه على الوضع، وإعتراضه التام والمطالبة بها مهما كانت الظروف. 

- بيش الجميل سارح؟ فدوه لابو البال مشغول. 
- اشوفك تغازل وانا مااقبل الغزل إلا من شويقي..
رد عليه بضحكة وهو يجلس بجواره:
-يعني مايصير تخون شويقك شوي؟ 
- ولا على قص الرقبه اخون. 
- احكي الصدق بيش سارح وعقلك مفارق؟ 
- والله يارابح افكر بأني على اخر الزمان صرت اسوي الاعيب وليدات صغار وافكر كيف اساسيس ام عقل خربان، عقاب بات يخطط خطط مايحطونها غير بمسلسلات الهنود. 
- ههههاي صرت سيندورا ياخوي؟
-اي بالضبط. 
- اقول ياعقاب، تخيل إذا رجوه عرفت إنك تخدعها والكل متفق معك إيش راح تسوي؟ 
- أبسط شي بتجيب نفط  وتدخل علينا وإحنا نيام وتصب وتحرقنا كلنا، ونفيق نلاقي روحنا بقلب الجحيم نذوب. 
- يايبه والله ترا اني خفت.. لا ورجوه تسويها وربي ومايرفلها جفن..اقول ياعويقب انا اقترح تاخذني انا ومرتي نبيت معك بغرفتك،ووعد مانزعجك ولا تحس بوجودنا. 

- فكرك إن الحيطان تمنعها يعني؟ والله تفجر الغرفه باللي فيها. 

ضحك رابح وضحك آدم أيضاً وصمت آدم وهو يري سالم آت من بعيد، فنظر له رابح وأردف:
- ياحيف قلبي على الابطال اللي بهدلهم العشق. 
- بس ماتقول ابطال.. مافي بطل يضعفوا شي ولا يأثر عليه حتي قلبه. 

إقترب سالم وجلس بجوارهم فغمز له رابح وضحك فأمسك الآخر حجراً وقال ساخراً:
- وإذا دجيتك بنص راسك وسيحت دمك تروح تشكي لامك؟ 
 ضحكوا جميعاً ورحب رابح وآدم بعودة ضلع المثلث الغائب من جديد، وعادوا يتحدثون في أمور القبيلة والتجارة، الصيد والإستثمار، وكل هذا لم يمنع سالم من التفكير في ان هذا المجلس ينقصه شيء؛ 
فلو كانوا في الماضي ماتركتهم يجلسون بمفردهم ولشاركتهم المجلس ولم تكف عن مداعبتها له وضربه وعض يديه والبحث في جيوبه وأخذ النقود التي نسي أن يخبئهم منها وخرج بهم من خيمته..

 نعم هو اقسم على التخطي، ولكن الحنين يراود وما ألعن مراودته؛ وكم كانت مشاغبتها جميله. 

مر بعض الوقت وانضم إليهم هلال وإنتقلت دفة الحديث على شحنة الأسلحة،، ويبدوا أن هلال بدأ يتحضر لقيادة السفينة وحفظ الخرائط حتى إن حان الوقت وأبحر بمفرده لا يُخطئ الطريق ويرسي على الميناء الصحيح.

حانت الساعة، وأعطى آدم إشارة للشباب فقاموا بنصب خيمة فوق مدخل الممر، وحين سمعوا إشارة الوصول أعطوا الإشارة للسيارات ان تتقدم،
 وفتحوا الممر وبدأ الرجال في إخراج الصناديق، وكل هذا في حضور صياح الذي كانت عيناه تلمع إكثر مع كل صندوق يخرج من الممر؛ وكأن الصناديق ومافيها ملك له، ولأول مره قصير ينتبه له ولحركاته ونظرة الطمع التي إحتلت عينيه! 

وقرر أخذ كل الحيطة والحذر من ناحيتة، ولام نفسه لإنه لم يكتشف هذا الطبع فيه سابقاً، وهو الذي يقرأ البشر وكأنهم كتاب مفتوح! 

تم إستلام الشحنة بنجاح، وأُغلق الممر وأُزيلت الخيمة وأعاد الشباب الرمال فوق فتحة الممر كما كانت، وبدأت السيارات في التحرك، وكذلك السيارتين المتوجهتين للمخزن الخاص بقصير، فصعد صياح في إحداهن، فساله قصير:
- لوين ياصياح؟ 
- اروح مع السيارات للمخزن ياعمي واطمن بروحي إن السلاح بأمان. 
فرد عليه قصير:
- لا انزل من السيارة وتعال، انت لك عندي مهمة اكبر وأهم.. اترك الشباب يهتمون بالأمر وانت اتبعني. 

نزل صياح من السيارة وتبع قصير، فأوكل إليه مهمة جمع النقود من التجار وإحضارها له، وبهذا أبعده عن السلاح حتي لا يتعرف على موقع المخزن الجديد، فخطة الحرص بدأت منذ اليوم، وذهب هلال فقط مع السيارات وبعض الشباب الأمناء جداً والذين يكتمون الاسرار في اجواف أبار الروح للموت. 

الفصل الرابع عشر 

تدهور الحال بالشيخ منصور بين ليلة وضحاها، فأصبح لا يقوى حتى على الحركه وقياتي تفرغ له بالكامل وترك جميع أشغاله بالرغم من أن هذا فيه خسارة كبيرة له، فهو لا يثق  في احد إلا نفسه،ولا يولي احد أي مهام في عمله إلا تحت إشرافه ومراقبته. 
 
بينما هو جالس بجوار ابيه يتفقد حرارته ويدلك له قدميه، أن منصور وتحدث بصوت متعب:
- قياتي.. أريد اندفن بقبيلتي، وسط ناسي، وتحت رمال ارضها اللي عشت عمري كله باحظانها. 
- بس يابوي السفر به مشقة عليك وصحتك ما تتحمل. 
-ماتشيل همي انا اتحمل اي شي بس اروح لحبابي  ردني لقبيلتي أريد اودعها قبل ماأفارق. 
نظر قياتي لزوجته وبناته الملتفين حول جدهم وكأنه يستشيرهم في أمره، فنطقت أوسطهم :
-يبه الشيخ أمر وأمره ماينرد، رده للقبيلة وحققله أمانيه. 
- بس يا عفراء  انت تشوفين حالته.. إيش فايدة تحقيق الأماني إذا تقتل صاحبها؟ 
- يابوي هي أمنية فراش.. ولابد تتحقق،إو متل مانقول وصية. 
- ياعفراء انت تعرفين وهو يعرف إني مااقدر اسافر الحين، هاد وقت قاتل بالنسبة لشغلي، ومااقدر أأجله. 
- ووقت قاتل لجدي ومايتعوض إذا فات أوانه، والندم اللي راح تحس بيه غدوه ماراح يهنيك على شي. 
- والعمل؟ 
هدر به منصور بضعف:
- العمل تردني لقبيلتي اريد اموت فيها والموضوع مابيه نقاش ياقياتي. 

- يابوي حتى ولادي الزوز صغار ومايفهمون شي كنت إعتمدت عليهم بشغلي او خليتهم ياخذونك للقبيلة. 
- مااريدك ولا اريد وليداتك، انا اندز على رجال من القبيلة يجي ياخدني، وتعرف إنت وقت منصور يشاور ويأمر القبيلة كلها تلبي. 
- ادري يابوي، بس عيبه تكون عندي وتدز علي اللي ياخدك. 
ردت عليه زوجته:
- يومين مايأثروا على شي ياقياتي. 
- وين يومين يا ريانه، يعني تظني اوديه وارد واتركه بهي الحالة؟ 
- اي اتركني وماعليك بي، إشقى بروحك، انا بس اكون وسط احبابي مااريد منيتك. 
- يابوي منية ايش؟ 
-منيتك بانك توديني القبيلة وتقعد معاي. 
- اهوووو جينا للكلام اللي يصعد الدم للنافوخ. 
-صكر خشمك ياقياتي ولا ترد علي. 
وهنا تحدثت زوجة قياتي لإنهاء الجدال:
- نروح انا والوليدات معه ونبقى بالقبيلة وأنت رد لاشغالك ياقياتي، ماتصعب الأمور وهي . 
 صاحت عفراء بفرحة:
- وأخيرررراً رايحين القبيلة. 
لتهتف اختها الصغيرة نوف ذات الثلاث عشر عاماً:
- لا لا، أنا مااريد اروح قبايل، إذا انتوا تروحون انا ابقى مع بوي هين، انا مااحب حياة القبايل ولا عاداتهم. 

فردت عليها اختها الأكبر بينهم وتدعى العنود:
- لا كلنا بنروح ومافي شي اسمو أبقى ومااروح. 

قياتي:
- يعني عقدتوا العزم على السفر؟ 
ردت عليه زوجته:
- اي ياقياتي، الشيخ أمر ووجب علينا التنفيذ. 
أومأ برأسة دليل على موافقته، وعقد النية على أخذهم للقبيلة في أقرب وقت حتى لا يحدث مايندم عليه لاحقاً، 
وخرج علي الفور يرتب أمور عمله ويحجز تذاكر الطيران له ولأبيه وزوجته وبناته الثلاثه وولداه الصغيران الحسن والحسين.. وأبلغ في طريقة عمه قُصير بخبر عودته بأبيه وكانت الفرحة في القبيلة لا توصف. 

أما في القاهره:
- ياياسين إنت سامع نفسك بتقول إيه، دي امك اللي بتتكلم عليها دي. 
- لا مبقتش أمي ولا بقيت عايز اعرفها، دي وحده وصمتنا بالعار وخلاص بقت رد سجون ومش بعيد يعدموها قريب، عارف دا معناه ايه؟ 
معناه انها هتكون نقطه سوده فحياتي وكل ماتيجي سيرتها قدامي هطاطي راسي في الأرض، انا مش عارف ازاي هقدر أواصل حياتي بالعار اللي هي جابتهولي ده، قولتلها اصبري انا هخلص الموضوع بطريقتي، بس ازاي تصبر الست هانم  لازم تجري وتاخد السبق، وادي النتيجه، أخويا الوحيد راح وهي اتسجنت وانا واختي مستقبلنا اتدمر. 

-وهي يعني يابني كانت بتعمل كل دا عشان مين، مش عشانكم؟ 
- انا مليش دعوه غير بالنتيجه اللي وصلنالها، لا ليا دعوه هي كانت بتعمل كده ليه ولا عشان مين. 
- طيب ماعلينا واللي حصل حصل واللوم مش هيقدم ولا هيأخر، بس دلوقتي امك عايزه تشوفك وكل مااروحلها تبكي بالدموع وهي بتسأل عليك وتترجاني اخدك معايا المره الجايه.. فعشان خاطري روحلها وشوف هتقولك ايه وطيب خاطرها، دي تعبانه أوي من ساعة موت اخوك مدحت..ودي مهما كان أمك وليها حق عليك. 
صمت ياسين وزفر بضيق ثم تلفت حوله وأردف متسائلاً:
- هي كارمن فين؟ البنت دي مبقتش اشوفها في البيت إلا بالليل متأخر! هي بتروح فين كل يوم كده وبتقضي الوقت دا كله مع مين؟ 
- بتقعد مع صاحباتها يبني وبتفك عن نفسها.. كارمن دي صعبانه عليا اوي اتحرمت من امها والبنت من غير أمها بتحس انها تايهه.. فبقول خليها تشغل وقتها بدال ماتقعد في البيت تكتئب. 
- اااه تشغل وقتها.. طيب ابقى فتش ورا بنتك وشوفها بتشغل وقتها فأيه بالظبط عشان انا مش فاضيلها، وربنا يستر ومتكونش هي كمان سبب كسرة ضهر جديده أحسن الواحد مبقاش عارف يلاقيها من فين ولا من فين. 
- ياسين لاحظ إن كلامك فيه إهانه ليا أنا شخصياً، دي بنتي وتربيتي، واكيد مش هتعمل حاجه توطي بيها راسي، أنا بنتي واثق فيها كل الثقة وعلى الأساس ده مديها الحريه الكاملة. 
-تمام انت حر، بس لو بنتك عرفت عنها حاجة بطاله هقطع خبرها وقد اعذر من انذر. 

تحرك مبتعداً فور أن انهى كلماته، فسأله يحيي:
- طيب ايه أعمل حسابك في تصريح الزياره المرة الجاية؟ 
 نظر له ياسين ولم يجبه فعرف ان السكوت يعبر عن خضوعه للأمر أخيراً. 

دخل ياسين غرفته وسمع يحيي صوت قفل الباب، فإذ بها كارمن.. 
- ايه ياكرمله كل دا تأخير بره؟ وبعدين يابنتي  غيابك بره البيت بيدايق أخوكى ، وانا كمان بقلق عليكي، مش نخف شويه ياماما؟ 
 ألقت كارمن المفاتيح من يدها وذهبت للأريكة وارتمت عليها وأجهشت بالبكاء، فإقترب منها والدها وهو مزعور يربت عليها ويسألها بخوف:
- مالك ياحبيبة بابا فيكي إيه بتبكي كده ليه؟ 
لترد عليه من بين عبراتها المزيفة/
- لا ابداً بس انا كل ماادخل البيت دا بفتكر ماما واخويا مدحت، بفتكر إني خسرتهم ومش هشوفهم تاني، غصب عني بحس اني مشتاقالهم وخصوصاً أمي اللي من بعدها مش عارفه اترمي فحضن حد واشتكيله همي.. انا يابابا بهرب من البيت عشان بتخنق كل ماادخله واحس اني عايزه اطلع منه جري واهرب من كل الحنين اللي جوايا.. وبفضل بره مع صاحباتي بيضحكوني ويسلوني ويحاولوا ينسوني اللي انا فيه، ولو انت وياسين هتبدأوا تجبروني علي قعدة البيت والحبسه فيه إكمن أمي مبقتش موجوده ومليش حد، يبقى تعملوا حسابكم إني هدخل في حالة إكتئاب دكاترة الدنيا كلهم مش هيعرفوا يعالجوها. 

صمت يحيي وقد شعر بغصة في حلقه، فهذا الألم كثير حقاً على صغيرته، فاخذها في أحضانه واخذ يمسد عليها وهو يهمس لها:
-طيب بس خلاص متبكيش، محدش هيقولك حاجه ولا يمنعك من حاجه واللي يريحك إعمليه، إحنا كل المسأله إننا خايفين عليكي وبس، إنما طول ماانتي بخير وقعادك مع صاحباتك بيريحك وينسيكي مفيش اى مشكلة معانا. 

اخذ يهديها ويتحدث معها بلين محاولاً رسم البسمة على شفتيها إلى أن نجح، وبعد مرور بعض الوقت إستأذنت منه لتدخل غرفتها وتستريح قليلاً. 
أما يحيي فبعد دخولها ذهب إلى المطبخ ليحضر لها شيئاً خفيفاً تتناوله، فمن المؤكد في ظل هذه الظروف تنسى نفسها بدون طعام. 

فأحضر لها قطعة من الكيك وبعض العصير الطبيعي الذي أعده بيديه، وذهب بهم إليها.. 

إقترب من باب الغرفة ومد يده ليدق بابها فإذ بصوتها يتهادى لأذنيه مما جعله يتراجع ويلم يده:
- أيوه يامعاذ اتزفتت ورحت للدكتور النهاردة واتفقت معاها إني هروحلها بكره وأنزل الطفل.. بس عايزاك تكون معايا ربما تحصل مضاعفات.. مالها الفلوس؟ ومن إمتا إنت بتتدخل في موضوع الفلوس ولا فأي يوم كان معاك فلوس أصلاً من يوم ماعرفتك!.. لا انا مش بعايرك بفقرك أنا بفكرك بس.. وخلي بالك دا الإجهاض التاني ليا والدكتور حذرني وقالي ممكن المرة الجاية نشيل الرحم مع الإجهاض.. معرفش بقى إيه أخرتها انا قولتلك إرتباط رسمي مش هينفع لأنك لا من مستوايا ولا مناسب ليا. 
هه الحب؟ الحب دا نضيع بيه وقت لكن منبنيش بيه بيت وأسره.. أيوه مكانش دا كلامي في البداية لأني كنت داخله علي حاجه جديده ومش فاهمة انا داخله علي إيه.. عموماً مش وقته الكلام ده لأني تعبانه ومجهدة وعايزه ارتاح دلوقتي.. بكره لما نتقابل وإحنا رايحين للدكتور نتكلم ونرغي في الهيافات بتاعتك براحتنا. 
أنهت المكالمة وزفرت بضيق وقالت:
- لا إنت كده وقتك معايا إنتهى رسمي ولازم تاخد إستماره سته بقى ونشوف غيرك. 
وهنا سقطت الصينية من يد يحيي وتراجع بأقدام متراجفة وقد طُعن في قلبه تواً وهمس وهو لا يصدق ماحدث:
- مديحه
سقط على الاريكة وهو يشعر بثقل في كامل جسدة، وعلى الجانب الآخر مع سقطة الأوانى على الأرض سقط قلب كارمن؛ فهي تأكدت بهذا أن احد ما سمع مكالمتها، وشعرت بأن قيامتها على وشك أن تقوم. 
أما ياسين فخرج من غرفته على صوت التكسير، ونظر لأبيه وهرع إليه وهو يراه فى هذه الحالة، وهو من تركه للتو في حال غير الحال، جلس بجواره يتفقده وإذ به فاقد النطق لا يجيب، وسرعان ما غاب عن الوعي،
فحمله ياسين وأسرع به للمشفى، أما كارمن فأبت مرافقته، وبعد أن غادر بأبيه لملمت هي أهم اشيائها وأخذت كل مصوغاتها والنقود التي تحصلت عليها وغادرت المنزل على الفور وقد إتخذت قرار بعدم الرجعة، فهي تأكدت الآن أن رجوعها يعني موتها. 

أما في القبيلة.. 
صياح:
- هلال، ياهلال أقبل تعال اريدك. 

ترك هلال رابح الذي كان يقف معه وذهب لصياح وألقي عليه التحية:
- حياك الله ياصياح، قول ياخوي ايش تريد؟ 
- الله يحيي أصلك ياالنسيب.. أقول ياهلال، ليش بوك غير مكان مخازن لسلاح، ووين المخازن الجديدة اللي حط بيها البضاعة؟ 
- وانت ليش تسأل ياصياح، أظن هالشي مايخصك! 
- أ.. أنا أسأل بس من باب الإطمئنان والخوف على المصلحة ياهلال، بحكم إني الحين واحد منكم ومصلحتكم مصلتحي واخاف عليكم مثل ماأخاف على روحي. 
- لا ياصياح ماتخاف، الشيخ قصير ماينخاف عليه إشقى بروحك، والحين انا بمشي لبوي دز علي من دقايق وطلبني بالإذن منك، وإذا تريد تسأل عن شي إسأل الشيخ بنفسه لأني ماأملك إجابات على شي.
رد عليه صياح بتهكم:
- ماتملك إجابات وأشقى بروحي! زين.. روح للشيخ وشوف إيش يريد منك.
- اي رايح. 
غادر هلال وشعر صياح بأن هناك حاجز بدأ يقيمه الشيخ قصير في وجهه يمنعه من رؤية الأمور بوضوح كما كان يحدث من قبل، وهذا لا يبشر بالخير، فهو نسج شباكه حول تسلم زمام كل شيئ، والمسافات التي بدأت تتكون بينه وبين أحلامه الآن لن تجعل المخطط يُنفذ كما هو. 

غادر وذهب لخيمة أمه، وجلس بجوارها وأشعل سيجارة وبدأ ينفث دخانها بغضب، فسألته أمه:-
إيش بيك ياوليدي ليش تنفخ من روحك ضجر مع الدخان اللي طالع من جوفك؟ 
- دبريني ياصالحة الشيخ بدا يحط سلك شايك بيني وبينه وولده هلال أرنب البراري احكي معه مايرد ورافع   علي راية الحرب. 
- حييييه علينا.. وليش قصير يسوي هكي؟ 
- ماادري، بس احسه مخبوص وراسه ملعوب فيها من يمي. 
وهنا ردت عليه خوله التي كانت مشغولة في غزل الصوف:
- وليش مستغرب عمايلهم إذا المخبوله اللي ناهي عليها بطحتك وبطحتني وفرجت علينا القبيلة كلها؟ والله والله اذا تركوني عليها بوقتها كنت قطعتها بسنوني ومضغت لحمها مضغ. 

صالحه:
- صكري خشمك ياحوله ياعوبه، وبطلي لغي، إذا تركوني وإذا فكوني، ليش هو من كان مقيدك وماسك ايدك، مو كنتي واقفه قبالها وتضربي عليها احجار متل ماتضروب عليكي، بس الفرق إن ضربتك كانت تروح يمين وشمال وما حجر وصلها، بس هي ولا ضربه منها خابت وخلتك متل شوال تصويب مليان رمل ومن كتر الضربات صار يخر رمال من كل جهه. 
- أي وانت كنتي واقفه بعيد تشوفي بتك وهي تنبطح ولا جابك حِنك تحوشي عني وتصدي مني ضربه، والحين لك عين تحكي وتصرخي علي. 

صياح:
- انا بس أريد أفهم كيف بنيه وحده تغلبكم انتوا الزور وتخليكم فرجه للقبيلة. 
خوله:
-متل ماغلبتك وخلتك تجري من أمامها متل الصخل ورحت للشيخ تصيحله وماطلع بيدك تدجها بحجر أو تعطيها كف تبلعها سنونها، بس بهي الخيمة الكل أبطال، تطلعون منها تصيرون صخال. 
- صكري خشمك ياخوله ولا اقوم اسففك رمل القبيلة كله. 
- اي هاد اللي تقدر عليه، خوله وبس، وعند بومة الوديان تنضرب منها وتمشي من خشم ساكت. 
- يمااا سكتي بتك. 
-حيييه عليك وعلى بتي وعلى أيامكم اللي ماطالع بيها ضو، قوم إشقى باللي يصير من حولك وجالس الشيخ ورافقه متل ضله وخليه يأمنلك ولا تقعد كيف النسا بأرض الخيام تعدد وتعبي الريه دخان وسموم. 

- قايم قايم.. والله الخيمة صارت ماتنطاق، متى يحين الوقت واصيرلي بخيمة وما اجي صوبكم مره ثانيه. 
- أبشر ياخوي، من قريب ننصبولك خيمة ونقفوا قدامها نعدوا البطايح ونسمعوا صوت الدج وماينسمع إلا صراخك والناس يقولون هاك صياح تفطره رجوه، هاك غدته وهاك عشته عشوه دسمه. 
- أهووووو.. قالها وغادر الخيمة على الفور، فهدرت أمها بها:
- ايش فيك انكلبتي تسمي بدن اخوك؟ 
- إي انكلبت وإذا ماسكتي اقوم اعضك.. هوهو هو. 

عدت ساعات النهار وخيم الليل، وفي الصباح الباكر كانت القبيلة كلها مستيقظة، والجميع خارج الخيام متأهبين لمن خرج شباب القبيلة كلهم يستقبلونه،وما هي إلا دقائق ووصل الموكب فهلل الجميع بفرحة.. أما منصور فحين رأي المشهد تبسم وزفر براحة؛ فها هو إخيراً وسط أحبته وعلى أرض قبيلته التي ظن أنه سيستطيع الموت بعيداً عنها، ولكنه عرف مدى صعوبة الأمر ، فعادت الشجرة لمنبتها. 

أما في السيارة التي تلي سيارة الشيخ منصور:
- اقول يارابح إذا ضربت بت عمك قياتي الكبيرة بيها شي؟ 
- لا مابيها شي ياخوي، اضرب اشوف  ضرب البنيات صار عندك عادة. 
- ليش إنت ماشفت إيش سوت وإيش قالت، والله أنا دمي من المطار يفور. 

تعليقات