رواية حمزه الجزء الثاني2 من عامر الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم داليا السيد

رواية حمزه الجزء الثاني2 من عامر الفصل الخامس5 والسادس6 بقلم داليا السيد

غير طبيعية
لم تنظر له وهي تضع اللحم بفمها وتمضغه ثم قالت "هو يكرهني منذ أول يوم لي على الأرض، اعتبرني السبب بموت والدتي لأنها ماتت بعد الولادة مباشرة، اهتمامه انصب على أخي الذي لا أعرف عنه شيء حتى اختفى، قذف بي لجارتي التي تولت تربيتي وبالابتدائية رحلت، وبقيت وحدي"
تناول السلطة وقال "وحدك!؟ كيف؟" 
ظلت عيونها بالأطباق التي أمامها، لم تعد حكايتها غريبة لها فهي عاشتها عمرها كله وموقف حسين لم يعد يدهشها أو تتمنى تغييره، بهدوء قالت "هو لم يأخذني معه لبيته الجديد، زوجته لم تريدني وبعد وفاة الحاجة توحيدة أرسل لي نعمة، فتاة تولت مراعاتي، المدرسة كانت المكان الوحيد الذي عرفته بخلاف البيت ومع اثنان من الرجال، لم يصاحبني أحد أبدا، البنات لم تفضل ابنة حسين دويدار، زوجته كانت تثير عني الشائعات فخافوا مني ولم أهتم، كنت الأولى دائما حتى بالثانوية العامة، الأولى على البلد ولكنه رفض أن التحق بالجامعة، ليس لديه بنات تفعل"
تراجع بالمقعد وهو يدخن ويدفع الهواء بعيدا عنها وقال "تلك المرأة زوجته لم نراها أبدا"
واجهته وقالت "لم تقبل بالحضور وقد كانت برحلة لليونان مع أهلها ككل عام بالصيف، هو لا يذهب معها ويمنحها الحرية بكل شيء"
الدخان جعلها تسعل مرة أخرى فانتبه واطفأ السيجارة وهو يمنحها الماء تناولت القليل حتى هدأت فقال "هل هناك سبب لذلك؟" 
عندما هدأت قالت "هو حبسني مرة بغرفة خلف الاسطبل ليعاقبني على شيء لم أفعله لكن زوجته كذبت بشأني واشتعلت النيران فجأة بالإسطبل وكدت أختنق من الدخان وقد نساني بالداخل، كنت أصرخ حتى بدأت أسعل بقوة ثم فقدت الوعي ومن وقتها وأنا أصاب بالسعال من أي دخان"
قال بجدية "ألم يراكِ أي طبيب؟ وقتها أو بعدها؟"
قالت "هو لم يقبل ولم يهتم"
هتف بغضب وعدم تصديق "ألم تطلبي ذلك، يا الله حلا! كيف تتهاونين بنفسك هكذا؟"
ردت باستسلام "إما الصمت وإما العقاب"
اقترب منها وقال "عقاب؟ أي نوع من العقاب؟"
عندما دمعت عيونها ولم تجيب فهم فتراجع بالمقعد وعيونه تحدق بها والآن فهم الكثير فأغمض عيونه لحظة ثم فتحها وقال "لذا طلبتِ مني ألا أتركك؟ كنتِ تخافين من عقابه أو، أو أردت التخلص من حياتك معه أليس كذلك؟"
هزت رأسها بالإيجاب وقالت بصدق "كانت فكرة عم سعدون، هو الوحيد الذي كان يعرف كل شيء عني، نعمة كانت تعمل لديه أيضا وتحكي له هو الآخر وحاول كثيرا معه ليتوقف عن تلك المعاملة معي ولكنه لم يكن يسمع لأحد لذا بذلك اليوم أخبرني أنك حبل النجاة الوحيد لي وعليّ التمسك بك، هو رأى بك رجولة وشهامة لم يعرفها برجل من البلد أضف لذلك أنك ابن عمي، لو لم تنقذني بذلك اليوم لكان قتلني ولم يكن أحد ليلومه على ذلك"
كانت دموعها تتساقط بلا وعي منها وهو جامد مكانه يستوعب حكايتها، ذلك الرجل القاسي لا رحمة بقلبه، لذا هي منطوية لا تعرف شيء ولا أحد
نهض وقال "أعلم أن ما سأقوله صعب ولكنه الحل، انسي حلا، انسي حياتك الماضية، بالتأكيد لن تعودي لها مرة أخرى؟"
تنفست ببكاء وقالت "هو هددني يوم الزفاف بعدم العودة، أنا لا أريد العودة له، سأفعل كل ما تطلبه مني، يمكنك تركي بأي مكان دون أن أطلب أي شيء لو جعلتني خادمة لك لن أعترض ولكن أرجوك لا تعيدني له، هو لم ولن يرحمني، لن يرحمني"
دفنت وجهها بيداها وهي تبكي بشدة، كثيرا ما كانت تفعل، بعد كل عقاب مؤلم منه، بعد كل حرمان من الكتب المدرسية، بعد رؤية الدماء تسيل من جراحها التي هو سببها وتركها دون علاج كانت تبكي، تبكي بقوة ولكن بلا فائدة، فقط منذ تحررت منه بابن عمها تمنت لو تظل تحت أقدامه دون أن يعيدها
شعرت بيده تلمس يدها وصوته يقول "حلا اهدئي، أنا لن أعيدك ولن أرسلك لأي مكان، حلا كفى" 
أبعد يداها وواجه عيونها وهو راكع أمامها على الأرض، ترك يداها ولمس وجنتاها ليمسح دموعها واندهش من نعومة بشرتها تماما كما تخيلها عندما وضعها بالفراش، أكمل "أنتِ زوجتي الآن وليس من حق أحد أن يلمسك طالما أنا على قيد الحياة حتى ولو كان ذلك الرجل والدك هل تسمعين؟ سأقطع أي يد تمتد إليكِ قبل أن تصل لكِ، فقط ثقي بي هل تفعلي؟" 
هزت رأسها بالإيجاب ودفء يده يمنحها راحة فهو بالفعل حماها من قبل أن تكون زوجته وبالتأكيد هي تثق به، عيونها الجميلة جذبته عطر الورد جعله يقربها، شفتيها الصغيرة كانت مثيرة وكان عليها دعوة مفتوحة
نفض أفكاره بعيدا وجذب وجهها وطبع قبلة على جبينها ثم تركها ونهض وهو يتحرك للغرفة وقال "ما رأيك لو ننزل لنتجول بالمدينة قليلا؟"
ظلت لحظة تستوعب تلك الشفاه الغليظة التي لمست بشرتها ورائحة صاحبها العطرة وشعرت بقلبها يرفرف داخل صدرها من هذا القرب الغريب والذي منحها مشاعر عميقة ودافئة كليلة صيف حارة، اقتراحه انتزعها من أحلام الفتيات المراهقة ورفعت وجهها له وهتفت بتساؤل 
"حقا؟" 
عاد عند الباب وقال "ألا تريدين ذلك؟" 
هتفت وقد نست ما كان من لحظات "بل أتمنى لكن أنت متعب من العمل" 
كان قد ارتدى بنطلونه والقميص ما زال مفتوح لترى صدره المنحوت بشكل مثير ورائع وعضلات بطنه الواضحة والتي تناسقت مع ظهره الذي رأته من قبل وكلهم دليل على انه رجل يتابع التمارين الرياضية بلا توقف
جذبها صوته "العمل لا يمثل أي تعب بالعكس هو شيء رائع يمنحني طاقة إيجابية كما هي الرياضة والجري، هيا أنا انتهيت، ادخلي وبدلي ملابسك" 
هزت رأسها وابتلعت ريقها وصرفت تفكيرها عن جمال زوجها جسدا ووجها وأخلاقا
ملابسها كانت بسيطة جدا ومحتشمة بشكل مبالغ، نظرة لها وقال "من كان يشتري ملابسك؟"
احمرت مرة أخرى وقالت "زوجة أبي كانت ترسلهم لي، لم يوافق على منحي أي مال لأفعل، إنه حتى رفض شراء أي تجهيزات للزواج"
هز رأسه بلا اهتمام ولكنه فهم الكثير اليوم فقال "لا يهم، سنجد حل لذلك" 
تحرك بلا ربطة عنق وظل قميصه مفتوح لمنتصف صدره وفتح الباب وقال "هيا" 
تبعته وداخلها فرحة عارمة كالطفل الذي حظى بعيدية كبيرة وسيذهب لقضاء العيد بالخارج، هي لم تعرف تلك الأشياء من قبل فهل ستعرفها الآن؟ 
المدينة كانت رائعة، والأنوار تخطف العيون، لم يذهب للنيل وإنما داخل المدينة، بعض محلات الملابس كانت مشغولة بالأجانب، بالطبع أدركت ما يريد ولم تعترض، لم ترغب بملابس زوجة أبيها بأي يوم
اشترى لها عدة بنطلونات وقميصان مناسبان فقط حتى يعودا القاهرة، بعض الجلاليب الملونة كانت جميلة ولم تمانع
وأخيرا اكتفى وقال "لقد تأخر الوقت ولدي عمل بالصباح" 
لم تعترض وهم يعودون وهي سعيدة بما حصلت عليه، ما أن دخلوا حتى قال "عندما أنهي أعمالي يمكننا التجول بالمدينة، لن تذهبي وحدك" 
لم تتردد وهي تقول "لا، وحدي لا لن أذهب لأي مكان وحدي" 
الخوف لاح بعيونها فتجمدت نظراته عليها ثم قال "حسنا، فقط لا داعي لكل هذا الخوف اتفقنا على الثقة" 
هزت رأسها ولم تعترض، تحرك للغرفة وبدل ملابسه ثم خرج للأريكة بالوسادة وتمدد دون أي كلمات وهي تتابعه ثم تحركت للداخل وهي تشعر بأنها كانت تحلم حلم جميل، راحة جرت بعروقها منذ حكت له كل شيء، سعادة شعرت بها وهي تسير بجواره وترى اهتمامه بها ومشاعر لا تعرفها عندما ترى نظرات النساء له ولجاذبيته
لم تدري متى رحل ولكنها اغتسلت وصلت وفعلت كما قال وطلبت إفطار ووجدته تاركا أموال لها على المائدة، ابتسمت وهي تتأكد أنها لن تندم لأنها لجأت له
عاد للعمل، الشيء الذي تعلمه جيدا هو وإخوته، سرق أعمارهم دون شكوى منهم بل ظنوا أنهم تزوجوه ولن يحتاجوا لامرأة بأي يوم ولكن ها هو يسقط بالفخ
الإعلان عن مدير لقسم الحسابات انتشر وهو انتهى من مراجعة الحسابات ووضع لوائح وقواعد جديدة حتى انتهى وتفاجأ عندما وجدها الثامنة مساء
نهض وجذب جاكته دون أن يرتديها وتحرك خارجا وقد كان الجميع قد رحل بالطبع، توقف أمام أحد المحلات عندما رأى بدلة أنيقة بمحل ولا يعلم لماذا رآها بها، أوقف السيارة ونزل ولم يتردد وهو يشتريها مع كل ما يلزمها وساعدته الفتاة العاملة بالباقي
عندما دخل كانت تنتظره على الأريكة نهضت كالعادة فقال "ظننتك نائمة" 
قالت "لا، استيقظت متأخرة" 
منحها الأكياس وقال "لكِ" 
نظرت للأكياس ولم تعرف بماذا تشعر وهي تنظر لهم ثم عادت لعيونه التي تنتظرها وقال "ارتديه سنتناول العشاء بالخارج" 
سألت بلا فهم "خارج؟ أي خارج؟" 
ابتسم وقال "مطعم بمكان على النيل حلا، أحتاج حمام وتبديل ملابسي" 
هتفت "هل أعد لك ملابس؟" 
توقف فتراجعت وقالت بارتباك "آسفة، نسيت كلماتك" 
تحرك للحمام ولم يرد وهي احتضنت الأكياس وأسرعت للغرفة بلا تفكير لتستعد 
عندما خرج بروب الحمام كان هاتفه يرن فتحرك له وأجاب بينما كانت الغرفة مغلقة، اندمج بالحديث حتى انفتح الباب وتحركت خارجة وهي تتحرك ببطء على الحذاء العالي، لأول مرة ترتديه حتى بالزفاف ارتدت حذاء عادي ورفضت سواه
توقف عن الحديث وهو يراها تجاهد بخطواتها وعيونها تنظر للأرض خوفا من أن تسقط لكن هو كان بمكان آخر، كان يتأمل قوامها المرسوم داخل الجاكيت القصير والتنورة الطويلة التي تلف باقي جسدها، طرحتها كانت هادئة وملفوفة بشكل أنيق مناسب، فقط الحذاء كان المشكلة وقد كانت تصارع لتتوازن عندما تعثرت بالمقعد وكادت تسقط لكنه توقع ذلك وكان بلحظة يلتقطها بين ذراعيه ليوقفها وهي تهتف 
"آسفة، هذا الحذاء عالي جدا وأنا" 
رفعت وجهها لتنتبه لوجهه القريب ويداه تحكم على جسدها وحرارة جسده تندفع لجسدها، مشاعر غريبة دقت أبوابها، مشاعر لم تعرفها من قبل، ظلت العيون متواجهه، كم هو وسيم جدا حتى وهو بروب الحمام؟ كم يذوب جسدها من يده التي تضغط على خصرها، ليس هو فقط بل هي أيضا تلمسه، تضع يداها بلا وعي على ذراعيه كي لا تسقط، أنفاسه سقطت على وجهها فالتهب من حرارتها ورحلت أنفاسها منها وكأن قربه انتزع الهواء من حولها، رائحة صابون الاستحمام خاصته ارتفعت لأنفها ومعها رائحة أخرى لرجولته التي عرفتها جيدا، ذلك الرجل ليس كأي رجل هو مختلف، عضلاته تدفعها من تحت أصابعها، عيونه ترمقها بنظرات تملك وهي لا ترفضها بل تستسلم لها فهي بالفعل ملك له
لا تعلم لماذا شعرت بأن المسافة انتهت بينهم مما جعلها تستعيد نفسها وتتراجع لتفتقد الدفء الذي منحه قربه لها وهي تبعد وجهها عن عيونه التي تخدرها وتذهب بعقلها وهتفت 
"سأعتاد عليه" 
وحررت نفسها منه وهو تركها، أي جنون هذا الذي كاد يسقط فيه، هل أراد أن يقبلها؟ هل انتفض جسده من قربها؟ الرغبة لم تكن يوما أي شيء بالنسبة له لكن الآن هي الجحيم بعينه، تلك الفتاة تجذبه بقوة، تجعله يشعر بأشياء لم يعرفها، براءتها غريبة ولم يعهدها بأي امرأة عرفها من قبل، بالطبع مختلفة هل يقارنها بمن يعملن لديهم بالمجموعة؟ أو أي امرأة جمعه معها عمل؟ حتى ليل زوجة عامر كانت مختلفة، جميلة وأنيقة ومتحدثة لبقة ولم يعرف سر احتفاظ عامر بسر زواجه منها أما تلك الفتاة فهي كالمادة الخام لم تتشكل بعد وربما هو من سيفعل..
مرر أصابعه بشعره القصير وتنفس بانتظام ليوقف كل ما اندفع لعقله وقال "من الأفضل أن تفعلي" 
وتحرك للغرفة وفتح الدولاب وتوقف أمامه وهو يجذب أنفاس طويلة وينظمها كي يسيطر على جسده الذي فقد السيطرة عليه فجأة وهذا شيء لا يعجبه بل ويغضبه بقوة ولن يسمح لذلك بأن يتكرر لن تسيطر عليه رغباته أبدا وعليه أن يدرك ذلك جيدا لن يفقد سيطرته أبدا 
جذب قميص وما زال الغضب يهيمن عليه وصورتها ما زالت تقف أمامه فقذف القميص بغضب بعيدا وهو يهتف "غبي، كيف تسمح لنفسك بأن تفكر هكذا؟ أنت مجرد غبي، أحمق، فقدت عقلك أمام فتاة لا تفقه عن الحياة أي شيء، هي بالنهاية مثل كل النساء ولو اقتربت أكثر ستحترق بنيرانها"
عاد وجذب القميص وارتداه موقفا جنونه عند حده حتى انتهى ووضع عطره ثم خرج دون النظر لها وقال وهو يتحرك للباب "هيا"
هتفت "هل تنتظر؟ أحتاج مساعدتك، من فضلك"
رفع ذراعيه بالهواء ونفخ بقوة ثم التفت ليواجها ويلقي بغضبه عليها ولكن عيونها ضربته مرة أخرى، كم تبدو جميلة، جميلة جدا، الظلال الخضراء تغرقه تجعله يشعر وكأنه يجري بحرية وسط حقل واسع من النباتات الخضراء الناضرة، تلاشى غضبه بلحظة أمامها وتحرك تجاهها وقال "يمكنك ارتداء شيء آخر لن تسيري هكذا بالطريق" 
الغضب بعيونه جعلها تخجل من نفسها، لا، لن تفسد ما كلف نفسه ليجلبه لها، اعتدلت وقالت بإصرار "لا، سأكون بخير"
لاحظ تبدل ملامحها وربما أعجبه إصرارها فهز رأسه وتحرك للباب وخطوة متعثرة مع أخرى جيدة حتى خرجت وقد بدأت تعتاد الأمر لكن دون راحة
أوقف السيارة أمام النيل ونزل، رجل ما فتح له الباب فمنحه المفاتيح وتحرك تجاهها وقد نزلت من السيارة، أغلق جاكته وقال "هل يصيبك دوار من ركوب السفن؟ كان لابد أن أسألك قبل الآن؟" 
ضحكت وقالت بنفس البراءة التي اعتاد عليها "لم أجرب لأعرف، سنكتشف سويا" 
دعابتها جعلته يرتخي، وقبل أن تصعد الدرجات القليلة بالحذاء العالي وجدت يدها تبحث عن مساعدة ولم تجد سوى ذراعه فالتفت لها ولكنها كانت تهتم بالدرجات فهز رأسه وهو يدمدم 
"غير طبيعية"
ما أن وصلت للأعلى حتى أبعدت يدها وتحركت بجواره، المسؤول أرشدهم لمكانهم وجلسوا متواجهين وهي مبهورة بمنظر النيل والسفن الأخرى، ضوء القمر وهو هلال يكاد لا يضيء شيء لكنه مبهر ورائع يضفي نوع من الهيبة على سكون الليل الخجول من تلك النجوم التي تلمع وكأنها تبدي إعجابها بتلك الليلة الصافية، أضواء السفن تنعكس على سطح المياه، صوت الموسيقى من مكان ما يمنح راحة نفسية
ناداها فانتبهت له لتراه يحدق بها ويقول "أسألك هل تشعرين بشيء؟ لقد تحركت السفينة" 
ابتسمت وقالت "لا أنا بخير لكن سعيدة جدا، المكان رائع يا.."
وصمتت وهي تخفض عيونها لدبلتها التي بيدها، بماذا تناديه؟ ابن عمي؟ زوجي؟ أم حمزة؟ 
لم يتحرك وهو يقول "يا ماذا؟ لا تخبريني أنك نسيتِ أسمي أنتِ أيضا؟" 
هزت رأسها بالنفي فقال "إذن ماذا؟"
رفعت عيونها له وقالت "هل يمكنني أن أفعل؟ أناديك باسمك أم ابن عمي؟"
وضع الرجل المقبلات ثم ابتعد فقال بنفس الهدوء "الزوجة تنادي زوجها باسمه وليس ابن عمي" 
هل هي حقا زوجته؟ لماذا لم يطالب بحقوقه كزوج إذن؟ هل يراها طفلة لا ترقى لأن تكون امرأة وزوجة؟ هو لا يبدو نادم على زواجهم وتعهد بحمايتها ولكنه بعيد كل البعد عن أن يكون زوج وهي زوجة" 
"حلا أنا أتحدث معك!؟"
عادت لعيونه التي سرقت لون البن الذي تفوح رائحته الخلابة بكل مكان وشعرت بأنها لا تريد إبعاد عيونها عنه وكأنها أدمنت تلك العيون ولكن عليها أن تستعيد نفسها من نبرة صوته النافدة للصبر فقالت "أنا أعلم أن زواجنا ليس بالزواج الحقيقي، أقصد الذي كنت تتمناه ولكن"
انحنى للأمام وقال مقاطعا إياها "وهذا على أساس أنكِ تعرفين جيدا نوع الزواج الذي أردته؟"
لم تفترق النظرات وظل الصمت حليفهم حتى قالت "بدون أن أعرف يمكنني التخمين، بالتأكيد رجل مثلك لا ينقصه شيء لابد وأن يرغب بامرأة كاملة، عائلة وجمال وعلى دراية بكل تلك الأمور الدنيوية التي لا أفقه عنها شيء، لن ترغب بفتاة مثلي تتعثر بحذاء بكعب عالي لأنها أول مرة ترتديه ولا فتاة ريفية لا تملك حتى فستان لائق للخروج به معك ولا تعرف عن تلك الحياة أي شيء"
ظل يسمعها قبل أن يقول "ولم تتحدثي عن رغبتك أنتِ أيضا، ليس المظهر كل شيء يا ابنة عمي، أنا لم أبحث عن الكعب العالي ولا الملابس الأنيقة وإلا لتزوجت من سنوات، أنا بالأساس لم أفكر بأي امرأة بحياتي، الزواج لم يكن هدفي أبدا، نعم تعاملت مع نساء كثيرة لكن كله في إطار العمل، أنا أتساءل لم تقللين من نفسك؟ ألم تنظري لنفسك بالمرآة وتدركين كم أنتِ جميلة؟ مؤدبة، مطيعة، فتاة لا تجادل ولا تثير الغضب، هذه مزايا متعددة ليست متوفرة بالكثيرات من بنات هذا الجيل"
تورد وجهها وشعرت بثقة تجتاح كل كيانها، كم كلماته رائعة تبعث السعادة والسرور لقلبها الصغير ابتسمت ابتسامة فاتنة حقا دون أن تدري ولكنه كان يراها واعتدل بالمقعد وهو يلعن جسده الذي يستجيب لها، ألا يدري كم يكبرها؟ كيف يفكر هكذا؟ منذ متى أصلا يبحث عن المتعة والرغبة؟ لماذا الآن أصبح يفعل ومعها هي وهي بالأساس مجرد طفلة بالنسبة له
وضع الرجل الأطباق ولفت رأسها تتأمل النيل والمشاهد على جانبيه، كانت مفتونة بما تراه وقد لاحظها فقال "غدا الجمعة لم لا نذهب بجولة لرؤية الآثار؟" 
استوعبت كلماته فعاد وجهها المنير بتلك الطرحة التي تخفي أكثر مما تظهر ولمعت عيونها التي ظلت تحتفظ بجمالها وهتفت "حقا؟ هل يمكن أن نرى معبد الكرنك؟ لقد قرأت الكثير عنه، والدير البحري أنا معجبة جدا بالملكة حتشبسوت" 
ابتسم من لهفتها وقال "حسنا تناولي الطعام وغدا سنحاول رؤية أكبر قدر ممكن منها" 
هزت رأسها والسعادة تقتحم حياتها التي كانت جملة من الأحزان والمآسي لكن الآن كل شيء يتبدل حولها بفضل ذلك الرجل، رفعت وجهها لتراه يتناول الطعام، عيونه التي تأخذها تستقر بالطبق، شعره مصفف بعناية دون خطأ، فمه الغليظ يغلق على الشوكة، ترى هل يمكن أن تقبلها تلك الشفاه بأي يوم؟ سقطت الشوكة من يدها عندما ارتجفت من أفكارها وأسرعت تلتقطها وهو ينتبه لها وهتف 
"فقط دعيها سيجلب غيرها" 
شعرت بالإحراج والغضب من نفسها، كيف تفكر هكذا؟ بالفعل أحضر الرجل واحدة بينما سألها هو "هل أنتِ بخير؟" 
هزت رأسها ولم تجيب ولم تنظر له من الخجل الذي كاد يقتلها وظل يتابعها في صمت، بعد العشاء عرض الصعود للسطح فلم تعترض ولكن الحذاء ضايقها 
نسمات الليل كانت جميلة والضوء الفضي يثير الهدوء فقط الموسيقى الهادئة هي الصوت الوحيد من حولهم حتى الموجودين كانوا بعالمهم الخاص ولا أحد يهتم بمن حوله وبدا وكأن المكان مخصص للأزواج فقط والهدوء صفة سائدة، توقفا عند السور وهناك آخرين حولهم، الصمت ساد حتى نظرت له وقالت "أخبرتني أننا سنعود لشقتك، هل هي بالإسكندرية" 
هز رأسه وقال "لا بالقاهرة، أنا لا أقيم بالقصر ولا إخوتي الرجال" 
ظلت تنظر له فلف وجهه لها وقال "ألن تسألي؟" 
هزت أكتافها وقالت "وماذا لو لم تشأ أن تجيب؟" 
عيونه لم تترك عيونها، كانت تشع ببريق أخضر سرقه، جعله ينسى أي هموم سابقة ولا يذكر إلا أن تلك العيون ملكه هو، أبعد وجهه وقال "رفيق، عمك، ليس بالرجل الصالح الذي يعرفه الجميع، تهريب الآثار كانت تجارته الخفية وعندما عرفنا أنه مهرب مشهور رفضنا ما يفعله واستقل عامر عنه وتبعناه بالطبع وهو من أسس المجموعة التي انتمينا لها جميعا وساهمنا بها، كلها بمجهودنا ومال حلال، نسينا أنفسنا وتركنا خلفنا كل أحزانا وعثراتنا ووضعنا كل عيوننا على هدف واحد، النجاح"
سألته بفضول "لم تفكر بالزواج؟ أو علاقات؟"
موسيقى رائعة انسابت والتفت ليرى الثنائيات ترقص فقال "لا، أخبرتك أنه لم يكن هدفي بأي يوم فقط تجربة فاشلة بالكلية كانت كافية لرفض أي امرأة"
أخفضت وجهها وقالت "الحب الأول؟"
ضحك وقال "ليس هناك ما يسمى بالحب، الحب هي كلمة نبرر بها تصرفاتنا الشهوانية تجاه الجنس الآخر، الحب وهم كبير يسقط به الكثيرين وعندما يتألمون يدركون أنه كان السراب الذي يحسبه الظمآن ماء"
حدقت به وقد ضربتها كلماته بقسوة، هي قرأت روايات رومانسية كثيرة وعرفت عن الحب وقصصه ما جعلها تتمنى لو تعيش واحدة مثلها، لكن ها هو يغلق الأبواب بوجهها ويعلنها صراحة، لا حب، لا أحلام ولا أماني، واقع لا تعرف إلى أين يأخذها
أخفضت وجهها وقالت "وزواجنا؟ أليس ضد كل ما تقوله؟" 
سقطت نظراته على طرحتها وتساءل، هل تغطي شعرها لأنه سيء، هل يجعلها قبيحة رغم جمال وجهها؟ بالتأكيد هي تملك شعر مشعث لذا هي تخجل من نزع غطاء رأسها بالجناح، لماذا يفكر بكل ذلك؟ جميلة أم لا ما الذي يعنيه؟ هو لا يفكر بكل تلك الأمور ولكنه منذ دخلت حياته وهو يفعل، ما الذي أصابه؟ 
نعم زواجهم ضد كل ما عاش عليه، الزواج لم يكن يمر على ذهنه ولكنه وقع وانتهى، أبعد وجهه للنيل وقال "أنا لم أناقض أفكاري لأني ببساطة لم أختار الزواج بنفسي بل فُرض عليّ وسقطت مسؤوليته على كاهلي وأنا لم أكن أبدا ممن يفر من مسؤولياته وأنت تعرفين البقية" 
كانت تتأمله وهو واقفا بشموخ ورجولة وثقة، كان رائعا حقا ومثيرا للإعجاب وهي معجبة به لا يمكن لأي فتاة أن تقف أمام رجل مثله ولا تعجب به وخجلة من نفسها لأنها من أوقعته بتلك الأزمة وتخلى عن مبادئه بسببها
التفت لها والتقى مرة أخرى بعيونها ونظراتها التي لم يفهمها ولمعت بشرتها تحت الضوء الدخاني للقمر فلم يشعر وهو يرفع يده ليلمس وجهها وهي لم تتحرك بل وظلت تواجه نظراته عندما نطق لسانه دون وعي 
"أنتِ جميلة حلا، جميلة جدا وصغيرة جدا" 
وسقطت يده بعيدا فشعرت ببرودة تضربها لتركه لها وهمست بحزن "لست صغيرة لهذا الحد، ببلدي يتزوجون أصغر مني، أنا أكبر منهم" 
أبعد وجهه وقال وكأنه يذكر نفسه بالحقيقة "لكنك بالنسبة لي طفلة" 
شعرت بإهانة تصيبها، هل يعني أنها لا تصلح كزوجة له؟ وماذا؟ هل سيلفظها من حياته؟ هو بالفعل لم يقبل بها كزوجة، بالنسبة له ابنة عمه التي تورط معها لحمايتها غير ذلك هي لا تمثل له أي شيء 
تحولت للنيل هي الأخرى كي تخفي دموعها بالظلام المحيط، عليها أن ترضى بهذا القدر البسيط من الراحة والذي منحه لها القدر، لا يمكنها أن تحظى بكل شيء 
طال الصمت حتى أدرك أن السفينة عادت لمكانها فالتفت لها وقال "لقد عدنا هيا لنذهب" 
لم تعترض وتحركت بجواره بحذر من الحذاء ولم يلاحظ دموعها وهي لم ترى تجهم وجهه عندما أدرك أنه تزوج طفلة لا تعرف عن الحياة أي شيء وهو لن يورط نفسه معها سيظل بعيدا وسيتعامل على أنها ابنة عمه فقط ولن يجعل أي شيء يؤثر على قراره


الفصل السادس
عودة
الآثار كانت كما قرأت عنها، لم تترك مكان لم تذهب له وهو لم يعترض، تركها تسأل المرشد الذي كان يجيب بدون ضجر وظل هو يتابعها وهي تتصرف بدون قيود، كما ظن بها، طفلة، مجرد طفلة سعيدة برحلتها وتتصرف بتلقائية أعجبته ولكنه لم يسمح لأي أفكار أخرى بأن تهاجمه وهذا كان الأفضل
انتهت الجولة السياحية على موعد الغداء وعندما عادوا للفندق جذبها للمطعم الذي شاهدته لأول مرة وما أن جلسوا حتى قالت "المكان جميل" 
رفع عيونه لها وقال "هذا لأنكِ لم تشاهدي سواه، هناك الأفضل دائما" 
عادت له وقالت "يبدو أنك شاهدت الكثير، من تلك الفنادق على ما يبدو" 
قال بهدوء "بحكم عملي نعم، لابد أن أكون بأي فرع من فروعنا عبر المحافظات لمتابعة الحسابات، الأرقام هوايتي لا أجيد سواها"
ابتسمت والرجل يضع أطباق الطعام وقالت "تتحدث وكأنها أمر ممتع، أنا لا أجد بها أي متعة أنا أعشق علم النفس"
تناول الطعام وقال "لم أبرع به أبدا، ذلك الحديث عن النفس والنظريات كنت فاشل بها"
ضحكت بصوت ناعم وجميل فرفع وجهه لها ولكنها لم تكن تنظر له وضربه ذلك الإحساس بالرغبة فعاد للطعام رافضا ذلك الجنون وما زال قراره ساري ولن يتراجع به
قالت فجأة "تمنيت بيوم ما أن أدخل كلية الآداب قسم علم النفس ولكن هو رفض وبالطبع لم يكن هناك مجال لذلك"
استوعب كلماتها ولمس المرارة بصوتها فقال بلا تفكير "هل ترغبين بدخول الجامعة؟" 
رفعت عيونها له بنظرات تساؤل وربما عدم تصديق لسؤاله، هو لا يفهم، لن يدرك أنه كان حلم صغير بالنسبة لها أن تدخل الجامعة كمثيلاتها لكن ربما وقتها أرادته للتحرر من حسين لكن الآن هي حرة، حرة ولكنها لم تتعلم بما يليق بزوجها لذا قالت "لا أظن أن ذلك أصبح ممكن بعد زواجي"
ظل مواجها لها والأفكار تتلاعب به حتى قال "لو لديكِ رغبة يمكنني تلبيتها لكِ، الجامعة ليست بمستحيلة" 
لم تعرف بماذا تجيب، القرار صعب ولا تعرف أين الصواب، كان موافقتها على خطة سعدون أول قرار حر لها بحياتها وكان بمساعدة سعدون والآن لا تعرف هل يمكنها اتخاذ قرار وحدها أم لا
أخفضت وجهها وقالت "لا أعرف، لم أظن أني سأفعل بأي يوم، ما رأيك؟"
هز أكتافه وقال "الأمر لا يهمني كثيرا، لا فارق عندي" 
لم ترد وعادا للطعام في صمت وكلا منهما تائهة بالأفكار
الأيام التالية لم تراه إلا قليلا، اضطر لحضور المقابلات الشخصية لاختيار مدير وإعادة هيكلة الفرع ووضع ميزانية جديدة مع المدير الجديد وبنهاية الاسبوع كان قد انتهى، جعلها تنضم لفوج سياحي لرؤية باقي المدينة واستمتعت جدا بالجولات ولكنها تمنت لو كان معها ولكنه كان مشغول على الدوام وكانت تراه فقط عند النوم وبالصباح يرحل قبل أن تستيقظ
مرت العشرة أيام بسرعة وانتهى من خططه الجديدة مع المدير ومنحه كل التعليمات وقرر العودة للقاهرة
ما أن دخل الغرفة حتى وجدها تخرج من الحمام بروب الحمام الطويل ومنشفة حول شعرها، تراجعت بفزع لرؤيته وقبضت على أطراف الروب وهي تهتف "لم أشعر بك" 
أبعد وجهه عنها وهو يخلع الجاكيت وقال "هل تعدين الحقائب؟ سنرحل بالتاسعة صباحا" 
هزت رأسها وهي ترتجف بلا سبب، لا بسبب، هو هنا وهي بروب الحمام وهي أول مرة ومع ذلك تماسكت وقالت "حاضر" 
وأسرعت للغرفة وأغلقت الباب وهي تتنفس بسرعة، هو لم يمنحها أي اهتمام ومع ذلك هي تشعر بالضعف بوجوده، هي تعلم أنه لن يراها أبدا سوى طفلة كما قال ولكن هو بالنسبة لها الفارس على الجواد الأبيض الذي أنقذها على جواده وهرب بها الفارق أن ذلك كان النهاية وليس بداية لقصة الحب كما بالأفلام
معاناة الطائرة تكررت معها بالعودة وهو شعر بالضجر، بمجرد العودة سينتهي كل ذلك ستبقى بالبيت ولن تكن عليه أي مسؤوليات أخرى تجاهها ولكنه لم يفكر بالمستقبل، ألن يأتي يوم تطالب فيه بحقوقها كزوجة أو حريتها كامرأة ترغب بالحياة كأي شخص؟ ماذا سيفعل وقتها؟ 
لا إجابة، هي زوجته حتى يجد أي جديد، بحمايته كما وعدها، لها بيت وحياة وجامعة لو أرادت غير ذلك لن يمكنه تقديمه
السائق بالسيارة كان ينتظرهم بالمطار قاد بهم وسط الزحام فقالت "سنذهب لبيتك؟" 
نظر لها وقال "هل هناك مكان آخر بنظرك؟" 
قالت بارتباك "ظننتك ترغب برؤية والدتك" 
أبعد وجهه وقال "أراها يوم الخميس عندما أجتمع بإخوتي وأحيانا لا أفعل على حسب الوقت والعمل" 
لم ترد والسيارة تقف أمام مبنى شاهق وجديد بمنطقة راقية جدا كما لاحظت، فتح لها السائق الباب فنزلت وهي تندهش أنه فعل ذلك، تحرك حمزة تجاها أمام بوابة المبنى والسائق يخرج الحقائب ولمس ذراعها ليقودها داخل المبنى الفخم
المصعد وصل بهم للدور الخامس، فتح ودخل وتبعته لتنبهر بالشقة وهو يتقدم ويزيح الستائر لترى النيل أمامها وسمعته يقول "ساهر هو من اختارها لي هما شقتان مفتوحتان على بعضهما مما منحني العديد من الغرف ولكن أنا أشغل غرفة واحدة، انتقي الغرفة المناسبة لكِ، هناك امرأة تأتي مرة بالأسبوع للتنظيف والطعام معظمه جاهز أنا لا أبقى بالبيت كثيرا" 
وصل السائق بالحقائب ووضعها فقال حمزة "انتظرني بالسيارة سأكون معك بعد دقائق"
التفتت له بدهشة وهتفت والسائق يخرج "ألن ترتاح من السفر؟"
هز رأسه وقال "العمل أفضل راحة لي، هناك أرقام بالأجندة لمطاعم وسوبر ماركت لتطلبي ما شئتِ و.."
أخرج محفظته وجذب مبلغ كبير وقال "هذا من أجل احتياجات المنزل" 
ومنحها بطاقة ائتمان وقال "وهذه خاصة بكِ، هذا حساب أنشأته لكِ بالبنك لأضع مصروفك به ويمكنك فعل ما تشائين به، لو شئت الخروج بلغيني قبلها لأرسل لكِ السائق، هل تعرفين كيف تستخدمين هذه البطاقة"
هزت رأسها بالإيجاب وهو يترك الأشياء على المائدة وقال دون النظر لها "هاتفك، أين هاتفك؟" 
استعادت نفسها ومنحته هاتفها فعبث به وقال "لقد سجلت رقمي" 
اهتز هاتفه فأخرجه وأكمل "وهذا رقمك"
سجل اسمها ثم قال "لابد أن أذهب"
وتحرك خارجا وهو يغلق الباب خلفه وهي تشعر أنها كانت تجري أميال لتلحق به ولكنه لم يهتم، ألقى أوامره بوجهها ورحل تاركا إياها وحيدة لا تعرف أي شيء عن أي شيء فكيف يمكنها التأقلم مع تلك الحياة الجديدة والتي لا تعرف عنها أي شيء؟ 
تلفتت حولها، الشقة جميلة حقا، حديثة الأثاث والديكور، تحركت لترى غرفة فتحتها كانت مكتب كبير بالطبع حيث يعمل، غرفة أخرى لاستقبال الضيوف، وغرفة ثالثة للطعام، المطبخ كان يأخذ مساحة كبيرة وبه كل ما تحلم به المرأة، هل حقا هي ستعيش هنا بتلك الجنة ومع ذلك الرجل؟
ارتقت الدرجات العديدة بسور فضي مزين بورد صناعي حتى وصلت لمكان أكثر جمال وكأنه ينعزل عن الطابق السفلي، صالون فخم ثم ممر الغرف، فتحت أول باب وبدون تفكير عرفت أنها غرفته، رائحة عطره كانت تملأ المكان، الفراش العريض مرتب ونظيف، دولاب كبير جدا، مائدة للزينة تكاد تكون فارغة إلا من زجاجة عطر وفرشة شعر، أريكة بجوار الفراش ومقعد مماثل، مائدة مشابه وباب جانبي
خرجت دون رغبة بالبقاء للغرفة الثانية كانت نفس المساحة لكن فراش أصغر ولون أفتح، دولاب متوسط باب جانبي مماثل للآخر
اختارتها لنفسها، ليست بحاجة لرؤية البقية، عادت للحقائب وأمضت اليوم هنا وهناك واتصلت بالسوبر ماركت وطلبت كل ما رأت أنها بحاجة له فلا شيء بالثلاجة أو دولاب الخزين، رتبت الأشياء بعد أن وضعت الطعام بالفرن واجتهدت كي تعرف طريقة عمله
أخذت حمام بالحمام الملحق بغرفتها والذي انبهرت بجماله وكل ما به من تجهيزات حديثة، عادت للطعام وتناولت البعض منه ثم تحركت للغرفة الجديدة وتمددت بالفراش ونامت
كل الأيام التالية كانت هكذا، تعمد ألا يلتقي بها كي ينسى وجودها لكن لمستها بكل مكان بالبيت جعلته يدرك أن المكان اختلف بوجودها، وجود امرأة بالبيت يبدل كل شيء يصنع اختلاف ويمنح البيت دفئ غريب وراحة لا يعلم من أين تأتي، النظافة والنظام كانا واضحين جدا بكل مكان بالبيت، لمسة نسائية هنا وهناك، رائحة طعام، عطر نسائي رقيق، كلها أشياء لم يعتاد عليها منذ ترك قصر العائلة
الشهر انتهى دون أي حديث متبادل، استقرت على دخول الكلية وإكمال تعليمها، وقت الفراغ لديها كثير فلم لا تستفيد منه؟ فقط عليها إبلاغه لتقديم الأوراق فقد اقترب بداية العام الدراسي الجديد
لم تنم بتلك الليلة وأعدت عشاء مختلف، هو لم يتناول شيء من طعامها من قبل وأدركت رسالته من أنه لا يريد ذلك، ظلت مستيقظة حتى تنتظره
أنهى لقاؤه مع إخوته بالإسكندرية وحمد أنهم توقفوا عن سؤاله عن الزواج وأصبح الأمر قديم أو ربما أدركوا الحقيقة وهي أنه لا يريد التحدث عن الأمر، قاد عائدا للقاهرة حتى وصل بالثانية فجرا، كان يعلم أنها نائمة فقد كانت تفعل كل يوم، بدا أنها لا ترغب برؤيته أو ربما هو من دفعها لتتجنبه من البداية، طعامها كان دائما موجود ولكنه رفضه، لم يحاول أن يتذوق البعض منه دون سبب
رائحة عَطِرة كانت تملأ الأجواء، ملابسه مرتبة ونظيفة كالعادة بالتأكيد منها وليس المرأة التي كانت تأتي من قبل هو يدرك الفارق بالتأكيد
كان يحمل الجاكيت على ذراعه، تركه على المقعد كعادته وهو يعلم أنها ستعيده مكانه، توقع النور الخافت الذي كانت تتركه له لكنه تفاجأ بنور عادي وصوت ضوضاء، هل تنتظره؟ أم نامت أمام التلفاز؟ 
ما أن تحرك للداخل حتى وجدها جالسة على الأريكة وكتاب بيدها ولم يكن تلفاز بل موسيقى خافتة عالمية تنطلق من المسجل الموجود على البوفيه
كانت تضع غطاء رأس أيضا على رأسها وترتدي منامة وردية تجعلها طفلة بل هي طفلة بالفعل وهو ما جعله ينفيها خارج عالمه
أبعد وجهه عنها وقال "مساء الخير" 
هبت مفزوعة وسقط الكتاب من يدها وصدر منها صوت كصرخة فزع كتمتها بيدها وهي تحدق به وهو يقف صامتا منتظرا ذهاب حالة الفزع عنها
أغمضت عيونها وقلبها يدق بقوة وتنفست بانتظام حتى هدأت فقال متحركا للداخل "ما زلتِ مستيقظة؟" 
تحرك للبار الصغير وأخرج زجاجة بيرة فتحها وتناول البعض منها فهو لم يفعل مع إخوته، أعادت الكتاب على المائدة وقالت "أردت الحديث معك" 
أشعل سيجارة وظل مكانه وهو يحدق بها ولم تختلف عما كانت عليه من شهر، سأل "عن؟" 
نهضت واقفة ولكنها لم تتحرك من مكانها خوفا من الدخان وقالت "الجامعة، أخبرتني أني أستطيع إكمال الدراسة بها فهل يمكن أن أفعل؟" 
ظل ينظر لها وهو نسى الأمر، جامعة ونزول من البيت وشباب، نعم شباب بعمرها من كل مكان وهي لا تعرف حتى كيف تتعامل مع فتيات مثلها ولكنه وعدها.. 
دخن السيجارة مع البيرة وظل صامتا يفكر حتى قال "هذا قرار؟" 
أدركت أن الوقت لم يكن جيد أو ربما تراجع بكلمته فقالت "بل طلب"
تجيد الحديث هذه المرة ما الذي تبدل بها؟ أطفأ السيجارة وتحرك عائدا لها وهو يقول "الجامعة هنا مكان كبير وأشخاص مختلفة ومتنوعة وكثيرة فهل يمكنك التعامل معهم؟" 
ضمت يداها سويا وقالت "لست بحاجة للتعامل مع أحد العلم هو ما أريده" 
ظل يبحث عن أي شيء بعيونها ولكن لم يجد فابتعد للمقعد وهو يفك ربطة العنق وتركها على صدره وفك الأزرار وقال "لماذا تغير رأيك؟"
التفتت لتواجه وقالت "أنا لم أمنحك أي رأي لأغيره، أنا فكرت ووجدت أن لدي وقت فراغ كبير فلم لا أستغله بشيء مفيد؟ لكن لو لم ترغب بالأمر فلن أعارضك" 
تلك الفتاة لا حل لها، ابتعد عنها ليبعدها عن رأسه ولكن ها هي تعيده لها بسهولة، أدار وجهه قليلا وهو يقول "حسنا سأرسل من يرى المطلوب" 
تهلل وجهها وقالت "شكرا لك"
والتفتت لتذهب ولكنها عادت وقالت "هل تحب أن أعد لك عشاء؟"
كاد يرفض ولكن شيء ما بعيونها جعله يهز رأسه بالموافقة ثم هو حقا كان جائع البيتزا كانت باردة فلم يتناول الكثير الليلة
بسرعة اختفت بالمطبخ فنهض لغرفته وبالطبع ملابسه مرتبه، الحمام نظيف وأدواته بمكانها، هي، بالتأكيد هي من يفعل كل ذلك يوم بيوم وهو لا يرغب بأن يعتاد ذلك كي لا يصعب عليه التخلص منه بأي يوم
ارتدى ملابس البيت وتحرك للمطبخ وكانت تتحرك بسهولة وشعرت به فقالت "هنا أم بالخارج؟" 
جلس على المائدة وقال "هنا" 
وضعت الأطباق أمامه والشوكة والسكين والملعقة ثم وضعت الطعام، فراخ مشوية، جلاش محشو بسطرمة وآخر مفروم، ملوخية وأرز فلاحي، سلطة، حساء رائحته شهية، تراجع وقال بذهول "ما كل هذا؟ إنه غداء وليس عشاء" 
ابتسمت وقالت "هل تهم المسميات؟ المهم المذاق"
ظل ينظر لها وهي تواجهه بكلماته الغريبة اليوم، عاد للطعام ومن أول لمسة لم يتوقف إلا عندما انتهى ما بالأطباق وأدرك ذلك فتراجع وقال "هذا أسوأ شيء حدث لي بحياتي" 
تجهم وجهها وشحب وهي تحدق به وهمست "لم يعجبك؟ آسفة ظننت، كان يمكنني استبداله و.."
رفع وجهه لها وهو يقول بهدوء "السيء ليس الطعام حلا بل لأني تناولت كل تلك الكمية سيكون عليّ الجري ميل زيادة لحرق كل هذا" 
نهض وتحرك للخارج ودخن سيجارة فابتسمت وهي تزيل الأطباق وتغسلهم ثم جففتهم وأعادت كل شيء مكانه وتحركت لتخرج عندما اصطدمت به أمام باب المطبخ وشعرت بصلابة جسده الذي دفعها للخلف بقوة كادت تسقطها أرضا ولكن كالعادة فهو أصبح فارسها المنقذ وهو يلف ذراعه حولها ويجذبها له لتستعيد توازنها وتلقي يداها على صدره لتشعر بحرارة تضربها ورفعت وجهها لوجهه الذي كان مستعد لها بعيون هادئة 
المنامة كانت ناعمة وخفيفة جعلت يده تشعر بليونة جسدها ويدرك أنها ليست نحيفة بل كما تخيلها لديها منحنيات تختفي تحت ملابسها الواسعة، رائحة الورد ارتفعت لأنفه فزاد من انجذابه لها، جسده استجاب بشكل غريب بعد أن كان قد سكن مؤخرا الآن عاد للتنمر، تلك الفتاة تثير جنونه، يدها الصغيرة على صدره تجعله يشعر برقتها 
عيونها الزائغة تحمل سحر يهيمن عليه، شفاها، اللعنة تلك الشفاه المنفرجة ما هي إلا دعوة صريحة له كي ينقض عليها ويعرف طعم القبلة فقد نسى، تجربته الأولى كانت منذ سنوات كثيرة واقتراب النساء منه مؤخرا كان بحساب لأنه كان يرفض ويتراجع لكن هي، هي مختلفة، هي مغناطيس قوي يجذبه بقوة وهو فقد قوته بالفعل أمام تلك الجاذبية وهو يخفض رأسه ويقترب من وجهها ولكنها استوعبت ما يحدث وضربها الخجل والخوف فتراجعت فجأة تنزع نفسها من ذراعيه وهي تقول بارتباك 
"آسفة لم أشعر بك" 
تنفس بعمق محاولا إخفاء أنفاسه الثقيلة والتفت كي لا تدرك تأثيرها عليه وقال "أردت بعض الشاي" 
وتركها وعاد للخارج وهو يدخن بشراهة بسبب الغضب الذي تملكه، أرادها، ليس هناك مسمى آخر ولن ينفي تلك الرغبة أكثر من ذلك، شهر أو أكثر وهو يتجنبها وها هو يسقط من أول اختبار، أين القوة التي ادعاها؟ ربما هي لا تريده، لم لا؟ ألم تدفعه بعيدا عنها ورفضت قربه؟ هي أصلا لم تحاول التقرب منه وابتعدت هي الأخرى طوال الوقت إذن هما متفقان على فشل تلك العلاقة وأن ما فعله هو الصواب
"تفضل" 
التفت لها وهي تتراجع وعيونها على الدخان فأشاح بيده وهتف "يمكنك النوم، لم أعد بحاجة لشيء" 
أدركت الغضب الواضح بنبرته فلم تعارض وتحركت للأعلى وهي أيضا غاضبة لكن من نفسها لأنها لا تعرف أين الصواب من الخطأ؟ 
هل هو غاضب لأنها ابتعدت عنه؟ هذا طبيعي، هي لم تعتاد عليه وهو لم يمنحها أي شيء يجعلها تقبل قربه، بل كل تصرفاته تعني رغبته بخروجها من حياته وهي ابتعدت، فقط اليوم احتاجت موافقته ومساعدته على تنفيذ قرارها فهل سيلبي رغبتها؟ 
تناول الشاي مع سيجارة جديدة وهو يتابع الليل من نافذة الغرفة، الجامعة هي الحل، ستبعدها عنه وتشغل وقتها فلا يراها وهكذا أفضل سيلبي رغبتها وهو متأكد أنها ستصون اسمه وشرفه فهي ليست تلك الفتاة اللعوب
عادت للوحدة من جديد وبدأ الغياب عن المنزل باليومين وأكثر، الوحدة ليست جديدة عليها لذا لم تتضرر يكفيها أنها بعيدا عن حسين وعذابه، ترك لها رسالة يخبرها بأنه تم تقديم أوراقها للكلية وبانتظار التنسيق
سعادتها انطفأت لأنه ابتعد وتأكدت أنه لا يرغب بها وهي تعلم أنه مجبر عليها وبدا أن وجودها يغضبه أكثر لذا اختار البعد
يد هزته على كتفه ففتح عيونه ليرى جاسم يقف فوق رأسه، أغمض عيونه ورفع يده لوجهه وجاسم يبتعد ويقول "هل هذا يعني أن البيت أصبح لا يطاق؟ هل نظريتنا بالزواج كانت صائبة؟" 
نهض جالسا على الأريكة وجسده يؤلمه منها، جذب السجائر وأشعل واحدة دون أن ينهض وجاسم يجلس فقال "هذا يعني أني تأخرت بالعمل وأردت الراحة قليلا فلم أشعر بالوقت، ما الذي أتى بك؟" 
حدق به وبعلبة البيتزا والبيرة على المائدة وقال "تأخرت بالعمل؟ حسنا أنا لدي عمل بالفيوم وأردت رأيك ببعض الأمور قبل أن أذهب"
نهض وبدا على غير عادته وقال "وأين القائد؟" 
أبعد جاسم وجهه وقال "العائلة أصبحت بالمقدمة، رحل لقضاء اسبوع بباريس مع ليل ومازن"
دخل حمامه الخاص وقال "والحمل؟ ألا يخشى عليه؟"
عبث جاسم بهاتفه وقال "الطبيب لم يمانع، ألن نحظى بفرد آخر صغير بالعائلة؟"
جذب المنشفة وجفف وجهه وعنقه وقال بعصبية "توقف جاسم، لا مجال لذلك، تلك الطفلة لن يمكنها تحمل مسؤولية طفل"
جذب قميص نظيف وارتداه وربطة العنق ثم تحرك لجاسم الذي لم يرد حتى وقف أخيه أمامه فرفع وجهه له وقال "الأمومة غريزة بكل امرأة ولا علاقة لها بالعمر"
ابتعد حمزة للسجائر وأشعل واحدة أخرى فتحرك له جاسم وقال بضيق "ما الذي أصابك؟ لم تكن تدخن بتلك الطريقة وتبدو متعب وبلا نوم وتبيت بالمكتب، هل الزواج هو السبب؟ تشاجرتم؟ هل ترغب بإنهاء علاقتكم؟ لن أنتظر حتى أراك تضيع حمزة أجبني" 
تحرك مبتعدا للحظة وما زال يدخن ثم قال "لقد وعدتها ألا أتركها" 
تجمد جاسم مكانه ونظراته تعني الحيرة وهو يسأله "وماذا يعني هذا؟ أنت تغضبني حمزة بصمتك هذا، تحدث يا رجل أنا أخيك" 
لم ينظر لأخيه وقال "أنت تعلم ظروف الزواج جاسم وهو لم يتجاوز تلك المرحلة مجرد حبل نجاة لها من حسين الذي كان يعذبها ويضربها ويحرمها من كل شيء، وجودي بحياتها لم يتعدى الحماية وهذا ما أردته، هي مجرد طفلة ولن يمكنني التجاوز معها" 
هتف جاسم بعصبية "أي تجاوز يا رجل إنها زوجتك، حلالك، حقك بل وحقها هي الأخرى" 
رد بلا معنى "كلانا لا يرغب بالآخر" 
هتف جاسم "وبقاؤكم معا مزحة؟"
العصبية أخذت الرجلان وهم يتواجهان حتى ابتعد هو وقال "أخبرتك السبب، حماية لها من حسين، منحتها فرصة لتكمل دراستها بالجامعة لا وقت عندي لها"
حدق به جاسم ونظرات التساؤل بعيونه مرة أخرى وهو يردد "الجامعة!؟ ستتركها تدخل الجامعة؟"
هز رأسه ثم قال "وعندما تنتهي ستتمكن من الحصول على عمل وربما تجد طريقها بالحياة" 
يد جاسم جذبته ليواجه وهتف بغضب "وأنت ستظل معها الشريف العفيف؟ زواج بلا معنى، طلقها وامنحها كل ما تحتاج له واتركها تنال حياتها وحدها ربما تجد من يمنحها ما لا تريده أنت"
جمد مكانه وهو يستوعب الكلمات عندما ابتلع ريقه وقال "كلانا لا يريد ذلك وليس أنا فقط"
هتف به مرة أخرى "من منحك الحق بالتحدث باسمها؟ هل أخبرتك بذلك؟ أنها لا تريدك؟"
أشاح بيده وقال "تعرف أن تلك الأمور تكون واضحة، هي تبتعد"
"هي تخجل يا غبي، من بعمرها ومثلها لا خبرة لهم والخجل هو كل ما يملكون، لو رفضتك لطالبتك بحريتها"
الصمت تملكه برهة وكلمات جاسم توافق المنطق لكن أين المنطق بكل ما حدث؟ أشاح بيده وقال "كفى جاسم، هو أنا من أعرفها جيدا وأرى تصرفاتها فلتتوقف عن هذا الحديث لا رغبة لي بإكماله"
تراجع جاسم أمام إصرار حمزة ولم يتدخل أكثر وكلماته لا تترك أي أثر على حمزة، الخجل؟ هو لم يرى الخجل هي دفعته بعيدا مرة واثنان هي ترفضه وهو لن يبغي امرأة تدفعه بعيدا

تعليقات