رواية حمزه الجزء الثاني2 من عامر الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم داليا السيد

رواية حمزه الجزء الثاني2 من عامر الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم داليا السيد

ليت الأسف يعيد شيء
لم يمنحها الطلاق، لن يتخلى عنها، بلغ عامر أنه لن يعود دبي وسيعود لعمله القديم ولم يعترض عامر بل كان متفهما، لم يتوقف عن رؤيتها دون أن تشعر ولكن كان لابد من المواجهة مرة أخرى ولكن تلك المرة تسمعه
انتقلت لبيتها أخيرا وقد أصبح رائعا حقا ولم يأخذ وقت كثير اسبوعين كانوا وقت قياسي ولكن الرجال كانت تحصل على مال كافي فانتهوا بسرعة، عم سعدون نصحها بتعيين من يراعي الأرض وباعت البيت الآخر

عندما سألت عن زوجة والدها عرفت ما لم تكن تعرفه، الفضيحة التي لم تنتشر، حسين اكتشف خيانة زوجته بأيامه الأخيرة لذا ندم على ما فعله بابنته وترك لها ما ترك وطلق زوجته التي اختفت قبل موته وربما الحزن كان سبب موته
كانت قد انتهت من إعداد الغداء، طعامها المفضل، وتوقفت يدها وهي تضع الأطباق وتذكرت يوم تناول طعامها وأنهى كل ما بالطبق، لم تنساه، حتى ولو اختارت الفراق هي لم تنساه ولكن كرامتها ترفض العودة والاستسلام وهو تركها وكالعادة تخلى عنها ولم يبحث عنها.. 

دقات على الباب جعلتها تقفز من الفزع، ربما تكون نعمة، هي من تأتي لرؤيتها، أسرعت لتضع طرحة خفيفة على رأسها والباب يدق مرة أخرى ففتحت وهي تقول "حسنا نعمة ربما.." 
وتوقفت وهي تراه أمامها، كان قد استعاد وجهه الوسيم، والآن أدركت أن العامان والنصف لم يتركا أي أثر عليه، وسيم، قوي، واثق من نفسه
لم تتحرك ولم تنطق بكلمة واحدة وهو يحدق بها، ملابسها أنيقة وجميلة، جسدها استعاد جماله بل أصبح أجمل، وجهها عادت له الحياة والدموية، عيونها تلمع بنفس البريق البريء لكن محاط بالغضب
خصلات شعرها كانت واضحة تحت طرحتها، قطع هو الصمت قائلا "سأبقى كثيرا على الباب؟" 
ما زال زوجها، لم يمنحها حريتها، ولكنها لا تظن أن هناك ما يمكن أن يقال بينهم ولكن هل هذا حقيقي؟ 
تحركت للداخل تاركة له الباب وكان عليها إطفاء النار على الأرز، لحق بها بالمطبخ وعيونه تتجول بالمكان الذي جددت أثاثه وأصبح جميل، المطبخ اختلف تماما، رأى الأطباق على المائدة فقال 
"الغداء؟" 
هزت رأسها والأفكار تحوم حولها، حول سبب مجيئه وما يمكن أن يدور بيهم مرة أخرى، اضطرت لأن تدعوه "هل تفضل تناول الطعام؟" 
كان ثابتا مكانه يتابعها وهي تتحرك دون النظر له فقال "طعامك؟" 
رفعت وجهها له لتجد عيونه تنتظرها فأجاب "نعم، اشتقت له" 
ظلت تحدق به وقلبها يعود لجنونه داخل صدرها ولكنها صرخت بقلبها "اسكت، لن تتألم وتؤلمني معك مرة أخرى أيها القلب الضعيف"
أبعدت وجهها وهزت رأسها وهي تضع له أطباق فجلس وانكشف صدره من قميصه المفتوح، أصابعها كانت فارغة، المشفى سلمته الدبلة والخاتم وهي لم تأخذهم قبل أن ترحل
تناولوا الطعام بصمت وكلاهم يحمل أطنان من الأفكار داخل رأسه دون أن يتحدث
نهضت بعد أن انتهت وتراجع هو وهو يدخن سيجارته ويتابعها وهي تزيح الأطباق بحوض الغسيل فقال "كان لديكِ فتاة فأين هي؟" 
غسلت الأطباق وقالت "تزوجت وأنا لست بحاجة لأحد" 
انتهت وسكبت الشاي لهما فقال "نحن بحاجة للتحدث" 
رفعت وجهها له وأدركت الإصرار الواضح بعيونه فلم ترد، أخذ الشاي فتحركت أمامه للخارج حيث مكان الجلوس الجميل والمريح، وضع الشاي وهي تجلس وأراحت يداها بحجرها وانتظرت، الغضب يسكن القلوب والعقول ولكن هناك وقت لابد من إقصاؤه جانبا للخلاص الأبدي
أشعل سيجارة ونفخ الدخان ناظرا من النافذة على الحديقة الجديدة ثم قال "من أين أبدأ؟" 
لم ترد فنظر لها وقال "هل أبدأ من يوم رأيتك ورأيت نظرة الرجاء بعيونك وكلماتك، لا تتركني؟ أم منذ عرفتك كفتاة بيضاء لا تعرف عن الحياة أي شيء حتى كيف تطلب طعام لنفسها؟ أم عندما اخترقتِ حياتي دون أن أعرف كيف وأصبحت لمستك بكل مكان حولي؟" 
نظراتها كانت فارغة لا تعني أي شيء، كل هذا تعرفه عاشته معه، لا تريد تذكر ضعفها والجبن الذي كانت عليه لذا قالت "لم لا تبدأ من حيث بدأ كل ذلك؟ من حيث بدأت النهاية"
عاد للسيجارة وقال "هل تعرفين كم فارق العمر بيننا؟"
أجابت بهدوء "ولماذا أحتاج لأن أعرف؟ أنا لم أتزوج عمرك"
رفع حاجبه من إجابتها، هي لا تدرك معنى سؤاله، أطفأ السيجارة وجلس أمامها وقال "لا ولكن بيوم ما عندما أصل لسن معين ستكونين في أزهي مراحل حياتك ووقتها لن أكون نفس الرجل الذي أردته ووقتها لن يمكنني تحريرك"
ظلت هادئة وكلماته لا تعني أي شيء لها، انتظر منها رد ولكنها لم تفعل فعاد وقال "لم يكن من الصواب زواجنا من الأساس، كان لابد أن أمنحك حريتك بمجرد خروجك من البلد وتوليت كل شؤونك دون حاجة للزواج، لكني بدلا من ذلك قيدتك ببيتي وطالبت بكِ كزوجة، كنت أناني"
تحدثت أخيرا "واتخذت قرارك بالبعد كي تريح ضميرك ولم تكن أناني" 
إجابتها حاضرة وأصبحت قوية، هز رأسه فأخفضت وجهها تحدق بأصابعها وقالت "وما الجديد الآن؟ أنت نفس الرجل ونفس فارق العمر كما قلت وأنا أرضيت ضميرك وطلبت الطلاق"
نهض والغضب يجتاحه من برودها وأشاح بيده وهو يهتف "كفى حلا، ذلك البرود لن يحل أي شيء بيننا، لو أردت تحريرك لفعلت منذ البداية لكنك ما زلتِ زوجتي وما زلت أريدك" 
رفعت وجهها له وقالت "لماذا لم تخبرني بذلك وقتها؟"
سؤالها دفعه بقوة جعله يدرك أنها على حق لدرجة أفقدته توازنه ولكنه ابتعد وقال "كنتِ تتحدثين بالحب والحلم وهي أشياء أنا لا أعرفها، كنتِ صغيرة ولم تكوني لتفهمي"
نهضت واقفة وقالت "هذا يعني أني الآن أفهم السبب"
التفت لها وقال "ماذا يعني ذلك؟" 
بهدوء لم يتركها أجابت "يعني أني تفهمت السبب فما المطلوب مني؟" 
تحرك ليقف أمامها ونظر بعيونها مباشرة وقال "رغم هذا البرود الذي تتمسكين به إلا أني ما زلت أريد ذلك الزواج، ما زلت أريدك زوجة لي لكن وأنتِ تدركين هذا الفارق بالعمر وأني لن يمكنني منحك حريتك بيوم عندما تدركين أنكِ لا تريدين أن تكملي مع عجوز مثلي وأنتِ بأفضل مراحل حياتك"
للحظة ظلت صامتة وهي تستعيد كل أفكارها ثم قالت "هل تعرف ماذا فعل رحيلك بي؟ هل نظرت خلفك يوم بعد أن رحلت وتساءلت عن الفتاة التي تركتها وحدها؟"
تجهم وجهه وهو لا يجد إجابة وجف حلقه وهو يحاول أن يقول "أنا، عامر كان معك، السائق أيضا"
هزت رأسها بالنفي وقالت "خارج الجدران، خارج الجدران حمزة لكن داخل الجدران لم يراني أحد ولم يعرفوا ما الذي كنت أعانيه، فقط الوحدة، الوحدة هي من شاركتني كل شيء وكانت مخلصة لي، هل فكرت بيوم ماذا يعني أن بيوم واحد أعترف لك بحبي وأمنحك نفسي وبنفس اليوم تخبرني أنك نادم على ما حدث وتلقي بقلبي ومشاعري بصفيحة القمامة وكأنها لا شيء؟"
ابتعد من أمامها ولكنها أكملت "نادم، هذا ما قلته لي، أنت نادم على أنك كنت زوج لي لساعة زمن واحدة، ساعة واحدة أخذت فيها مني كل شيء وعلى عكسك أنا لم أندم على ما منحته لك فأنت لم تجبرني ولكنك لم تفكر أنك أيضا منحتني شيء، نعم حمزة منحتني شيء ولكنك حتى لم تدركه لأنك لم تهتم، كنت نادم"
ردد "منحتك شيء؟ أنا لا أفهم، بذلك اليوم.."
قاطعته والدموع ترتفع لعيونها وهي تقول بتعب وإرهاق من الذكريات المؤلمة "بذلك اليوم كنا زوج وزوجة معا بعلاقة زوجية حقيقية لأول وآخر مرة ولكنها بالنهاية علاقة زوجية ولكل علاقة نتائج ألم تفكر بأي نتيجة لم حدث بيننا؟"
ضاقت عيونه وهو لا يفهم وردد "أي نتائج حلا أنا لا أفهم عن ماذا تتحدثين؟"
سقطت على المقعد والدموع تهاجمها وقالت وهي تتذكر "بعد شهر من رحيلك بدأت الأعراض التي جعلتني أنتبه، تأخر دورتي، الإغماء، الغثيان والقيء"
رفع يده لشعره ودفعه بأصابعه وهو يغمض عيونه وهتف بلا تصديق "حمل!؟" 
لم تنظر له وهي تحدق بالفراغ أمامها وقالت بألم "كانت أسعد لحظة بحياتي يوم عرفت أني حامل، أخيرا سيكون هناك رفيق غير الوحدة، سأحمل طفل، طفلك، طفلنا، كنت سعيدة، سعيدة جدا ونسيت كل شيء، الألم والحزن والوحدة، نسيت لأني كنت أشعر بالأمل وظننت أنه سيعيدك لي وقررت الذهاب للطبيب للتأكد ثم إخبار عامر ليخبرك لكن" 
سقط هو الآخر على مقعد وهو يستوعب ما نطقت به، هو كان له طفل، كانت حامل بطفله، طفلهم، أبدا لم يفكر بذلك، رفع وجهه لها وصفى حنجرته وهو يقول 
"لكن ماذا؟"
لم ترفع وجهها ولا عيونها وقالت "هاتفت عيادة طبية معروفة على النت وحجزت بعد أربعة أيام، كنت سعيدة جدا ولكن وحدي، وقتها لم أهتم أو اعتدت على الوحدة، كنت أتحدث معه وأحكي له كل شيء عني وعنك حتى أتت تلك الليلة، الليلة السابقة لموعد الطبيب، كان منتصف الليل عندما انتهيت من القيء وأردت النزول لتناول أي عصير يساعدني على استعادة نفسي ولكن الدوار لم يتركني وعند الدرج ضربني بقوة ففقدت الوعي ولم أشعر بنفسي"
ظل يحدق بها وهو يستنتج ما حدث بعد ذلك وهي رفعت يدها لتمسح دموعها وتحلت بالشجاعة، من المفترض أنها تخطت تلك المرحلة وكان عليها أن تكمل "عندما أفقت كنت أسفل الدرج وبالطبع من الدماء عرفت ما حدث، وكأن القدر رفض منحي هدية صغيرة، استكثر عليّ حتى تلك الفرحة، كنت وحدي وبالثانية فجرا، عامر كان بالبحر الأحمر مع زوجته بعمل وساهر لا يجيب، جاسم هاتفه مغلق، وأنا لم أعرف ماذا أفعل؟ حاولت طلب طبيب ولكن بذلك الوقت كان مستحيل فنزلت وحدي من الألم الذي لاحقني لمشفى قريب وما زلت أنزف وهناك عرفت أن الحمل رحل ولو أني بقيت بالفراش ربما كان.. لكني لم أكن أعرف، كنت متألمة ووحدي، خائفة وتائهة وضاع، أنا.. فقدته.."
وضع رأسه بين يداه وهو يردد "لم يكن عليّ تركك وحدك"
لم ترد لقد انتهت من كل ذلك وأخذ منها الكثير حتى تتخطاه، مسحت دموعها وقالت "لقد تجاوزت الأمر وربما كان الأفضل"
لم يرد وهي ظلت صامتة حتى استوعب نفسه ورفع رأسه ليمسح دموع عنيدة أصابته ثم قال "أنا آسف"
نظرت له من بين الدموع وقالت "ليت الأسف يعيد شيء"
رنين هاتفه أوقف الألم الذي كان بينهم، كلاهم كان يتألم وهو السبب، أخرج هاتفه ورأى اسم جاسم، مسح دموعه وأنفه ونهض واقفا وهو يتحرك للنافذة وأجاب 
"جاسم" 
سأله جاسم "أين أنت؟" 
ضاقت عيونه من نبرة أخيه وقال "بالبلد لماذا؟"  
عاد يسأله "حلا معك؟" 
التفت لها وهي ما زالت بحالتها فقال "نعم، ماذا حدث؟" 
رد "أشرف هرب أثناء ترحيله من المحكمة، كلاكم بخطر هو تحدث عن أنكما السبب وهذا غير جيد" 
لم يحاول أن يلفت انتباها فقال "ورأيك؟" 
قال جاسم بحزم "وجودكم بالبلد أفضل لن يفكر بوجودكم هناك وبالطبع لن تتركها هل حللتم مشاكلكم؟"
كان ما زال يحدق بها وهي بعالم آخر فقال "ليس بعد" 
قال جاسم "ربما وجودك معها يفيد كي تزيل الغشاوة من على عيونك وتدرك أن غرورك لن يفيد، أنت تريدها وربما سقط بالحب كما سقط أخيك من قبلك فلا تكابر، المرأة تحتاج لكلمات بسيطة لتأخذ قلبها وحياتها كلها"
ظل جامدا وكلمات جاسم تندفع لعقله بلا حواجز، حب، هو يحبها؟ الآن؟ الآن بعد كل الدمار الذي تسبب به يعترف أنه يحبها؟ ما الذي سيفعله حبه لها؟ لن يفعل شيء هي نفسها قالت أن الأسف لن يعيد شيء فهل الحب سيفعل؟ 
ردد "تمام جاسم، فقط تابعني بأي جديد" 
"أنت لا رجاء منك"
وأغلق وهو أسقط الهاتف بجيبه وما زال يتابعها وظل يفكر حتى قال "تكرهيني؟" 
رفعت عيونها له وأرادت أن تضحك بقوة، ليس عليه ولكن على نفسها لأن رغم كل ما فعله بها لم تكرهه ومع ذلك قالت "لا فارق حمزة، لا مكان للمشاعر الآن أصبحت أُفضل العقل"
رد محايد، لا تخبر عن الكره ولم تتحدث عن الحب، تحرك تجاهها وركع بالأرض أمامها وقال "لا أنكر الخطأ الذي ارتكبته" 
حدقت بعيونه ووجه القريب منها، كم اشتاقت له، كم احتاجت كثيرا أحضانه بوقت لم تجده؟ أكمل "صدقيني ابتعدت من أجلك، ظننت أن ذلك هو الأفضل لكِ وأنكِ ستختارين حريتك" 
عادت لها الدموع فرفع يده لوجنتها ليمسح الكثير منها وقال "أعلم أن الأسف لن يعيد شيء ولكن هو كل ما أملكه الآن، الأسف والألم والندم، الندم على البعد والندم على تركك، والأسف لفقدان طفلنا، لم أظن أني سأفتقدك بتلك الطريقة حلا، صدقيني كنت أفتقدك بشدة وتمنيت أن تهاتفيني أو ترسلي لي أي رسالة تمنحني أمل بأنكِ تريديني ولكنك لم تفعلي" 
هزت رأسها وما زالت يده على وجنتها وقالت "أريدك وأنت من ألقى بي خارج حياتك؟ كيف؟ تركتني وحدي حمزة، وحدي وأنت تعلم أن ليس لي سواك تركتني وأنت نادم على ما فعلناه فهل ظننت أني سأسامحك؟ انتظرت أن أسعى خلفك وأنت من كان عليه أن يفعل؟ لا حمزة أنت جرحت كرامتي بما يكفي ولم أكن لأسمح لنفسي لأهين كرامتي مرة أخرى"
أدرك كلماته وبدا أنه لا يجيد أي شيء فقال "معكِ حق، يبدو أني أدمر الأمور أكثر، أنتِ على حق، كنت غبي ومغرور وأناني، كان عليّ أنا أن أفعل وليس أنتِ ولكن غروري لم يجعلني أجيد التفكير، صدقيني لم أتوقف عن التفكير بكِ لحظة واحدة، كنتِ معي بكل وقت ومكان ولكن كبريائي كان لعين وأصابني بالغباء" 
وتذكر كلمات عامر عن الغباء وعاد يكمل "لكن وقت أدركت أنكِ قد تضيعين مني للأبد لم أفكر بأي شيء سوى أن أكون معك وأستعيدك بأي ثمن، حلا أنا لا أجيد أمور النساء جيدا ولا أعرف كيف يمكنني إسعاد امرأتي أو طلب السماح منها، أنا بالأساس لم أطلب السماح من أحد من قبل ولكن أنا حقا أفسدت كل شيء جميل كان بيننا لكني بحاجة لكِ وأريدك أن تسامحيني" 
بلا وعي هزت رأسها بالنفي ولكنه قال بجدية "بل نعم، أريدك أن تسامحيني بل وأحتاج مساعدتك بأن نعيد ذلك الزواج مرة أخرى، فقط فرصة أخرى، فرصة واحدة وأعدك ألا تندمي، أنا تركتك تأتين هنا كي تستعيدي نفسك بعد الحادث لكن كل يوم كنت هنا معك لم أتركك"
كانت تتابعه بدهشة وقلبها ينبض بقوة ولا تعرف ماذا تفعل، هو هنا معها يركع أمامها، يطلب السماح بل ويريد وجودها معه مرة أخرى بل يحتاج لها فهل تقبل؟ هو نادم على البعد والفراق، متألم مثلما تألمت، لم يتركها ولم يحررها بل ما زال يريدها ومتمسك بها وهي؟ 
هي تحبه، نعم تحبه ولم تحب سواه، ما حدث لم يزحزح حبه من قلبها انش واحد
ظل يحيط وجهها براحته وقد شعر أن ملامحها لانت فعاد يقول "والله كنت هنا حولك فقد تعلمت من الماضي ألا أتركك واليوم لا أريد العودة للوحدة مرة أخرة، أريدك معي حلا، أريدك أن تسامحيني وننسى معا كل ما مر بنا ونبدأ من جديد وأعدك ألا أتركك أبدا مرة أخرى، لن تكوني وحيدة بعد اليوم" 
كانت هناك دموع أخرى تنزف من عيونها ولم تعرف سببها، هي لا تعرف ماذا تريد؟ لا، هي تعرف نعم هي لم ترد سواه، لم تعرف بحياتها إلا هو ولم تثق إلا به فلماذا التفكير؟ 
هو لم ينتظر كلمات وإنما جذب وجهها له وتناول شفتيها بين شفتيه، تلك القبلة يا الله! كم اشتاق لها؟ كم كان يحلم بها؟ لن يتركها أبدا مرة أخرى لا يهم إذا كان يحبها أم يرغب بها أم ماذا، المهم هو أنها معه، له، بين أحضانه
لم ترفضه بل استجابت لقبلته، نست، نست كل شيء، القسوة، الألم والحزن، الفقدان، نست كل ما كان ولم تعد تذكر إلا أنه هنا، معها ويريدها ولم يتركها مرة أخرى، يقبلها بنفس القوة والرغبة، يجذبها له وذراعيه تلفها ليمنحها الأمان الذي افتقدته
أبعدها عندما ذهبت أنفاسهم ولكن ما زال وجهه يكاد يلمس وجهها وهمس "سامحيني، أرجوك سامحيني" 
رفعت رموشها لتواجه عيونه وأنفاسه تضربها لتعيدها للحظات لم تنساها ولكن افتقدتها، الحب أقوى من أي مشاعر أخرى، يدمرها وينسفها نسف ويبقى هو السيد مهيمنا على كل الذكريات السيئة دافعا إياها بسلة الزمن البعيد وناشرا الأمل بالمستقبل الجديد
هزت رأسها وهمست "سامحتك" 
قبلها برقة ثم ابتعد وأخرج علبة ذهب من جيبه وما زال راكعا أمامها وهو يقول "هل تقبلي بالزواج مني لنهاية العمر؟" 
مسحت دموعها وهي تضحك وقالت "أنا زوجتك بالفعل؟" 
هز رأسه بالنفي وقال "لا، ذلك الزواج لم يكن بإرادتنا لكن اليوم أنا أطلبك للزواج بإرادتي لآخر العمر وأنتظر ردك" 
لم تفكر وهي تهز رأسها بالموافقة وترد "نعم، نعم أقبل حمزة، لآخر العمر، هو وعد عليك أن تعدني به إلا.."
قاطعها وهو يضع الدبلة بإصبعها "أعدك ألا أتركك مهما حدث، لن تكوني إلا لي ولن أكون سوى لكِ لنهاية العمر"
ابتسمت كما فعل هو وعاد يقبلها بقوة وهما يتمان عقدهم الجديد نهض وهو يجذبها ثم حملها فلم تعترض بل وأحاطته بذراعيها وعيونها تحتضن عيونه وهو يقول 
"فقط ارشديني للطريق الصواب"

الفصل السادس عشر
هل توقفتِ عن حبي؟ 
لم تعد تعرف الوقت فقط لأنها كانت معه بين ذراعيه، قبلاته، أحضانه، كلماته التي تسعد قلبها، كانت هائمة بعالم لم تعرفه ولكنها عشقته، عدة أيام بالجنة، لم يخرجوا من البيت وإخوته عرفوا بعودتهم فلم يهاتفوه بل وأغلق الهاتف كي لا يزعجهم شيء
انتهت من وضع الطعام بالأطباق عندما وجدت ذراعه تلفها من الخلف وشفتاه تخترق عنقها وصدره العاري يصدم ظهرها المغطى بقميص من القماش الشفاف لقميصها الأصفر، تلك الملابس لم ترتديها أبدا ولكنها ترتديها الآن، تشعر أنها عروسة جديدة بشهر العسل، العسل الذي لم تعرفه سوى الآن
ضحكت وهتفت "ما الذي أيقظك الآن؟ لم أنتهي بعد" 
لفها لتواجهه فشهقت وهو يأخذها بقبلة قوية كعادته وهي تضغط بيداها على أكتافه كي لا تسقط، أبعدها قليلا وهمس "أخبرتك ألا تنهضي من جواري" 
ضحكت وقالت وهو يقبل وجنتها "كنت جائعة حمزة لم نتناول شيء منذ الأمس" 
يداه كانت ترفع قميصها القصير لتلمس بشرتها وهي تشعر بجسده المستجيب وهي أيضا لمساته تجعلها تذوب وتنسى العالم من حولها وهو يقول 
"اتركي كل شيء وتعالي، أريك الآن" 
جذبها لعالمه بل عالمهم الذي صنعوه سويا والسعادة من حولهم كانت تشعر معه أنها أنثى مرغوبة وليس كما كانت تشعر بغيابه، هو من أعاد لها الحياة وجعلها تحبه أكثر وتمنحه كل شيء وتنسى الوحدة
تعلمت كيف تسعده بلمساتها خاصة وأنها كانت تحب جسده العملاق وعندما تمرر يدها على صدره تثقل أنفاسه فتضحك وتقول "فخورة أن زوجي يملك هذا الجسد الرائع" 
كان يقبلها بسعادة لكلماتها وهي لا تكتفي وتعود لتلمس كل جزء بجسده فيهمس "تعرفين كيف تثيرين جنوني أيتها الشقية"
تضحك بسعادة وتقول "وأنا أعشق جنونك هذا"
كان يسعد بكلماتها ورغباتها التي تساوي رغباته ولكنها لم تنطق بالحب مرة أخرى، وهو ما جعله يتساءل هل رحل حبه من قلبها؟ وعندما تنام بين ذراعيه كان يسأل نفسه هل هو حقا سقط بحبها؟ والإجابة لم تعد معلقة بل هو يعلم أنه يحبها، أحبها من وقت طويل لم يعرف متى بدأ والآن هو متأكد من ذلك ولن يسمح لشيء بتفريقهم مرة أخرى أبدا.. 
كان الليل قد انسدل وهي تناديه "حمزة، الطعام" 
وجدته يتحرك تجاهها ببنطلون رياضي وقد أحضر له السائق ملابس بالأيام السابقة، كان مشغول بالهاتف فقالت "عمل؟" 
انتبه لها وهو يجلس حول المائدة وقال "لا، انتهيت من العمل وأنتِ نائمة، هي رسالة من جاسم" 
ترك الهاتف وهي تضع الطعام أمامه وقالت "بكل لحظة أنتظر كلماتك بأن الأجازة انتهت ولابد أن تعود" 
كان يتناول الطعام عندما قالت ذلك وهي تجلس بجواره فرفع وجهه لها وقال "أعود؟ وماذا عنكِ؟" 
كانت تنظر للطعام وقد فكرت بالأمر فقالت "لا أريد تلك الشقة حمزة"
ظل صامتا لحظة ثم تفهم موقفها فقال "ذكريات سيئة" 
لم ترد لأن ذلك كان صحيح فقال "لكنك ستكونين معي؟"
عادت له وقالت "حتى نهاية العمر، لم أتراجع" 
ابتسم وجذب يدها بين يده وقبلها وقال "سأجد حل للشقة" 
كانت سعيدة لأنه لم يعارض رغبتها وقد تغير كثيرا، والحنان هو كل ما أصبحت تجده معه 
جاسم لم يخبره بأي تطور بموضوع أشرف ونساه بغمرة سعادتهم وبنهاية الاسبوع الثاني هاتفه عامر وقد كان يروي الزرع بالحديقة وهي نائمة فأجاب "مرحبا أخي" 
رد عامر "مرحبا يا عريس؟ كيف حال الزواج معك؟" 
ابتسم وقال "بأفضل حال يا قائد"  
ضحك عامر ثم قال "يؤسفني أن أقطع العسل ولكني بحاجة لك هنا، الأمور تعقدت فجأة وطبعا لا أحد يجيد تلك الأمور سواك وغيابك طال" 
كان يعلم أنه سيعود، لابد أن يفعل خاصة من أجل عامر فقال "وأنا لن أتأخر أخي، بالصباح سأكون بالشركة، سنعود اليوم" 
جاء صوت عامر هادئ "عرفت بالبيت الجديد مبارك" 
ابتسم وهو يعلم أن لا شيء يخفى على القائد ورد "لم نفضل ذكريات الشقة القديمة عامر" 
رد عامر بهدوء "نعم أفهم ذلك، أراك بالغد، بلغ حلا تحياتي"
سمعها تناديه من النافذة فالتفت لها وقال "ظننتك نائمة" 
ترك الخرطوم بعد أن أغلقه وتحرك للداخل، لفها بين ذراعيه وقبلها ويده تخترق شعرها الغزير ثم أبعدها وقال "الزواج يزيدك جمالا"
ضحكت وقالت "وسمنة"
قبل عنقها وقال "وهذا رائع بالنسبة لي"
أبعدها وقال "هل يغضبك انتهاء الاجازة؟ عامر يحتاجني" 
حاولت ألا تبدي حزنها وهي تداعب وجنته وقالت "بالنهاية كانت ستنتهي، متى ستذهب؟" 
قبلها وقال "نذهب، اليوم ما أن تعدي الحقائب سنرحل"
جمد وجهها وهو تنظر له فقال "لن نعود للشقة لقد انتهيت من تدبير بيت جديد"
هتفت "حقا؟" 
ابتسم وهز رأسه فأحاطته بذراعيها بسعادة فضمها له وهو سعيد بسعادتها وبعودتها له لأن بها عرف معنى الحياة والسعادة وأدرك أنه لم يكن على قيد الحياة.. 
البيت كان بمدينة سكنية جديدة بعيدا عن زحام العاصمة وهو ما أسعدها، من اعتاد على هدوء بلدها لن يعترض على مكان كهذا، بيت من دورين، حمام سباحة وحديقة خلف البيت، أثاث جديد وحديث، مطبخ رائع وكبير وهو ما تحبه جدا، بالأعلى غرف النوم وبالطبع ما أن دخلا حتى جذبها له وهمس 
"هل أعجبك؟" 
ضمت يداها حول عنقه وهي تنظر بعيونه وقالت بصدق "جدا هو رائع" 
قبلها ثم همس "جيد، أريد مكافأة" 
ضحكت وتركته يحملها للفراش الجديد ويستمتع معها بليلتهم الأولى ببيتهم الجديد.. 
لم يوقظها بالصباح ورحل للعمل واندمج مع عامر ولكن ذهنه ظل مشغول بها حتى هاتفته على الظهيرة فترك الاجتماع وابتعد ليجيب وهي تقول "لا تفعل ذلك مرة أخرى حمزة" 
نفخ الدخان وقال "أفعل ماذا أيتها الشقية؟" 
قالت بجدية "أنا لا أمزح، لا تذهب مرة أخرى دون إيقاظي" 
ابتسم وقال "لا أملك الجرأة على إيقاظك تبدين كالملاك وأنتِ نائمة" 
صمتت قليلا ثم قالت "ولكني أعلم أنك ستتغيب بالأيام فعلى الأقل.." 
قاطعها باهتمام "من قال أني سأفعل؟ لن أتركك وحدك هكذا، ما أن ينتهي الاجتماع سأعود" 
احتضنت وسادتها وقالت "حقا؟"
قال بجدية "بالتأكيد، أخبرتني أن دورتك اقتربت لذا نحتاج ألا نضيع وقتنا الحالي"
قالت بتمني "أو لا تأتي"
صمت وهو يفهم كلماتها وشعر بألم بصوتها فأغمض عيونه لحظة ثم عاد وقال "ولم لا حبيبتي؟ ربما يعوضنا الله عما ضاع منا لكن لو لم يحدث لا أريدك أن تحزني فما زلنا بالبداية" 
هي سمعت كل كلماته ولكن حبيبتي علقت بأذنها، جعلتها تريد أن تقفز بالملابس وتذهب له وتسأله ما معنى تلك الكلمة له؟ 
ناداها فقالت "معك حق حمزة، لا تخشى عليّ، علاقتي بربي تمنحني الصبر على المصائب وسأتقبل قضاء الله كما فعلت من قبل"
كان يعلم أنها ستفعل، ناداه عامر فقال "لابد أن أعود لهم، امنحيني يوما سعيدا وارتدي شيء جديد من أجلي" 
ضحكت وقال "طماع" ضحك وأرسل لها قبلة وأغلق كلاهم
بالمساء كانت قد ارتدت قميصا بلون اللافندر الرقيق، كانت قد طلبته من على النت ولم ترتديه، تزينت كما كانت تفعل مؤخرا من أجله، شعرها تتركه كما يحبه عطر الورد لا يتغير واعتادت الكعب العالي 
ارتدت الروب الخفيف ونزلت للمطبخ لتتأكد من التسخين وقد هاتفها ليخبرها بانتهاء العمل، صوت سيارته جعلها تسرع للنافذة فرأته ينزل منها فأسرعت للباب وظلت خلفه حتى سمعته يضع المفتاح ويفتح
تفاجأ عندما وجدها خلف الباب وهي تفزعه فتراجع وهتف "مجنونة، لن أتركك" 
ترك حقيبة العمل والجاكيت الذي كان على ذراعه وهي تسرع وضحكاتها تملأ المكان وهو يسرع كي يقبض عليها وهتف "لن تفلتي مني" 
قالت بجنون "فقط امسكني" 
وبالطبع هو يفوز خاصة مع الكعب العالي ليقبض عليها وينال قبلته القوية التي تعشقها ثم ابتعد برحيل الأنفاس وهو يقول "اشتقت لكِ" 
داعبت شعره الخلفي وقالت "ليس كما اشتقت لك" 
أغمض عيونه وتنفس بقوة ثم عاد لها وقال "لأول مرة تمنحيني كلمة واحدة" 
ظلت تحدق به وهي تستوعب ما يقول، احتضن وجنتها براحته وقال "أحيانا أشعر أنكِ لم تنسي ولم تسامحيني" 
لا تريد ذكر الماضي، هي نست بالفعل ولا تريد العودة خطوة واحدة للخلف لكن خائفة، خائفة من التصريح بمشاعرها مرة أخرى
ابتعدت خارجة من دفء ذراعيه وهي تبحث عن رد وهو يقول "ظننتك نسيتِ" 
لم تنظر له وهي تقول "نسيت حمزة لكنك أنت من لا ينسى أنت من تذكر الماضي"
يداه قبضت على أكتافها من الخلف وقال "شيء واحد فقط أذكره من الماضي ولا أستطيع نسيانه" 
لم ترد وهو يلفها لتواجه وهو يقول "حبك لي، لم أنساه يوما واحدا حلا ووقتها كنت أعرف أني لا أستحق حبك والآن لم أعد أعرف ماذا تكنين لي؟"
تاهت بين عيونه ونظراته الباحثة عن الرد، لم تستطع الاعتراف بحبها مرة أخرى لا، لن تعيد ما كان لقد ندمت كثيرا على اعترافها ولن تعيد ذلك مرة أخرى
عندما طال صمتها شعرت بخيبة بعيونه وهو يقول "هل توقفتِ عن حبي؟"
قالت "أنت لا تعرف الحب حمزة فلماذا تسأل عنه؟"
هي لم تعد تلك الفتاة الصغيرة البريئة التي تنطق بما بقلبها وعليه أن يكتفي بوجودها معه، ظل يداعب وجنتها بأصابعه باحثا عن إجابة قبل أن يقول "هدى ورفيق كانوا وما زالوا يعيشون على الحب؟" 
قالت "قلت أن ذلك كان بوقتهم وليس الآن" 
ابتسم وقال "عامر وليل بوقتنا" 
أخفضت عيونها ولم تجد رد وهو أدرك أنها لن تتحدث فأراد إنهاء الحديث فحملها مما فاجأها وهي تهتف به "ماذا تفعل؟ الطعام"
تحرك للسلم وقال "يمكنه الانتظار" 
لم يتحدثا بالأمر مرة أخرى واستقرت حياتهم بين العمل ودراستها على النت والسعادة الزوجية حتى انتهى الشهر وربما أكثر عندما فتحت له لاستقباله بعد غياب يومين بالساحل 
ضمها له بقوة وهتف "اشتقت لكِ حلا، اشتقت لكِ بجنون"
قبلها بقوة ثم تحركا للداخل وهي تحمل حقيبته وهو يحيطها بذراعه وقالت "خشيت أن تطيل ليلة أخرى" 
ألقى بجسده المتعب على الأريكة وهو يبعد ربطة العنق وقال "لم يكن هذا وارد لديّ، لم أتوقف عن العمل حتى أنتهي وأعود البيت" 
جلست بجواره فضمها له وقبل جبينها وهي تقول " تبدو متعب" 
أغمض عيونه وهو يذكر مكالمة جاسم من أن أشرف ظهر بملهى ليلي بالقاهرة منذ يومان ثم اختفى وهذا يعني أنه عاد للظهور مما جعله يقلق ويعود دون رغبة بتركها وحدها
هز رأسه وقال "أحتاج للنوم" 
لم تعترض وهي تنهض وتجذبه وتقول "إذن هيا لا تضيع الوقت سأعد لك الحمام وبعدها تتناول العشاء وتنام" 
نهض وجذبها له وقال "على شرط، لن أستحم وحدي" 
قبلها فلم تعترض وبالطبع استمتعا سويا وما أن انتهى حتى سقطت رأسه على صدرها وما زال يلتقط أنفاسه حتى همست بأذنه "أنا حامل" 
انتفض مبتعدا عنها وهو يستوعب ما قالت، كان جالسا وما زال يتنفس بسرعة ويحدق بها وهتف "ماذا؟ ماذا قلتِ؟" 
لم تتحرك ولم تبعد عيونها عنه وهي تقول "قلت أنك ستكون بابا" 
لا، لقد نسى الأمر بزحمة العمل وأشرف وسعادته معها، نسى أنه تمنى ذلك، أولاد أخيه، مازن وميرا يأخذون عقله لحسرته على طفله الراحل رغبتها الواضحة بعيونها بكل لحظة كل ذلك جعله يريد أن يكون أب 
هدأت أنفاسه وهو يقول "أنتِ لا تمزحين أليس كذلك؟" 
ابتسمت وهي ترد "جهاز الاختبار بالحمام، ثلاثة اختبارات بالحقيقة، وأنا.." 
لم تكمل وهو يقبض على شفتيها بقبلة قوية جعلتها تضييع حتى أبعد شفتيه وقال "كنت أتمناه حلا، تمنيت طفل لنا، لا يمكنك تخيل مدى رغبتي به" 
مررت أصابعها على وجنته وقالت "أو بها"
ضحك وقال "أو توأم، ولد وبنت" 
هتفت وهي تضربه بكتفه "لا حمزة، توأم صعب لن أستطيع"
قبلة رقيقة على شفتيها وقال "لن تكوني وحدك، عامر يساعد ليل بكل شيء خاص بالأولاد وأنا لا أقل عنه رغبة بذلك"
يدها تحركت على صدره وتوقفت عند قلبه وقالت دون النظر لعيونه "أنت سعيد" 
أمسك يدها وقبل راحتها ثم قال "منذ أحببتك وأنا أسعد رجل بالعالم" 
لا، هل تحلم؟ خطأ، هناك شيء خطأ، رفعت عيونها له فتلقاها بحنان واضح وقال "أحبك، لم أكن أعلم أني أحببتك إلا عندما عرفت بما أصابك بالحادث لكني خشيت أني لو اعترفت بحبي لا تصدقيني، خشيت أن  أكون فقدتك للأبد، ربما فقدت حبك لكني اكتفيت بحبي لكِ ووجودك معي والآن طفلنا" 
الدموع هاجمتها، الحب؟ السراب؟ الآن السراب أصبح حقيقة تنساب من بين شفتيه، لم تنتظرها منه أبدا، حتى عندما تحدث عنه ظنت أنه يريد حبها دون حبه لكن هو يحب؟ 
مسح دموعها وقال "ماذا تعني تلك الدموع؟"
قالت "تعني أني لا أصدق أنك تحب أنت قلت.."
قاطعها "قلت الكثير حلا وخسرت الكثير بكلامي لكن يوم عدنا لم يعد هناك مجال لكلمات لا معنى لها فقط كلمة واحدة، أحبك، أحبك بجنون ولم أحلم سوى بقلبك" 
قبلها حتى رحلت أنفاسها وعندما ترك شفاها قالت "هو لك، قلبي ملك لك، أنا لم أتوقف يوما عن حبك حمزة، أنت بالنسبة لي كل شيء ولا معنى لحياتي بدون وجودك معي"
أغمض عيونه كعادته وتنفس بقوة ثم فتحها وابتسم وهي تبتسم فعاد وقبلها مرة أخرى والسعادة فقط هي الكلمة الأخرى التي يمكن النطق بها الآن.. 
تعليقات