رواية وجوه فى العتمه الفصل الاول1والثاني2 بقلم منه ممدوح
رنين هاتف متواصل قطع تركيزها في كتابتها لإحدى المقالات المهمة بالنسبالها واللي كانت هتنشرها في الجريدة اللي شغالة فيها، عقدت حاجبها بإنزعاج وخلعت نضارة القراية في حين مسكت تليفونها وبصت بتعجب للرقم الغريب
فتحت الخط وجواها فضول كبير، فجه صوت غير مألوف بيقول_مدام يقين عبدالرحمن؟
ازداد تعجبها وقالت_أيوه نعم؟
_البقاء لله
الرائد يوسف منصور استشهد...
رجعت لشقتها بعد يوم طويل قضته في الجريدة، بتتصنع كتابة المقالات ولكن في الحقيقة كان جواها هدف تاني خالص
هدف بتسعاله بقالها خمس شهور تقريبًا
فتحت باب شقتها ولوهلة اتهدلت اكتافها بحزن لما لقت الشقة بلا روح على عكس قبل الحادثة اللي قلبت حياتها رأسًا على عقب
شغلت الأنوار ودخلت على أوضتها وهي بترمي شنطتها على الكنبة وبتقعد على السرير بإنهاك واضح
رفعت عيونها للصورة اللي محطوطة على الكومودينو في أوضتها
كانت صورة زفافها على الراجل اللي عاشت معاه أسعد سنتين في حياتها
الرائد يوسف منصور، اللي في غمضة عين اتاخد من بين إيديها في حركة غدر.
دمعت عيونها غصب عنها، وهي بتفتكر الذكريات السعيدة اللي جمعتهم سوا وشافت قد إيه كانت عيونها بتلمع وسعيدة في صورة فرحها على عكس حالتها دلوقتي والسواد اللي متشحة بيه
مسحت دموعها بطرف صوابعها وقامت اتجهت لدولابها، فتحته ولوهلة ظهر قدامها صور كتير متعلقة على ضهر الدولاب من جوا، وحواليها اسهم وكلام كتير مكتوب بخطها هي
وكل الصور الموجودة كانت لنفس الشخص المجهول
شاب باين عليه في منتصف التلاتينات تقريبًا ببنية قوية ونظرة حادة، شعره اتغزى بالشيب شوية واللي كان متصفف بعناية، كانت صور ليه في أوضاع مختلفة، مرة ببدل رسمية، ومرة بجلاليب بيضا او داكنة ده غير الوشاح اللي لافه على راسه
كان يشبه اهل البدو!
للحظات اتغيرت نظرة الحزن اللي في عينيها لتانية مشتعلة بنيران حقد وغضب دفين، كإنها شافت عدو ليها قدامها
وأي عدو!
ده عامر الزيات بنفسه
عنده أكبر مزارع للزيتون والنخيل ده ظاهريًا
أما في الباطن
أكبر مهرب أسلحة في شمال سيناء واللي لحد دلوقتي مفيش غبار عليه
إلا لما قدر يوسف يمسك عليه دليل
وقتها بقى مصيره الغدر
ضمت قبضة إيديها وجزت على أسنانها بعنف وبأعصاب مشدودة قالت_صدقني يا عامر
محدش هينهيك غيري!
ضربت بقبضة إيديها بعنف وبكل مشاعر الحقد اللي جواها على الصورة بتتخيله إنه هو اللي قدامها بالفعل
بتتمنى اللحظة دي
اللي تشوفه فيها ببدلة الإعدام وهي واقفة قدامه تتشفى فيه بعد ما قدرت تثبت تورطه في القذارات دي،
خدت هدومها واتحركت لحمام أوضتها وهي بيتعاد في بالها ذكريات سنة فاتت..
كانت قاعدة على أعصابها مستنياه بعد ما اتأخر بشكل يقلق في حين إنها حاولت تتصل بيه أكتر من مرة ولكن رقمه كان خارج نطاق الخدمة
ففضلت مكانها في الصالون على أعصابها عيونها مسلطة على الباب، وبعد وقت طويل انتفضت من نومها بعد ما غفلت وهي مكانها لما حست إن الباب بيتفتح
وقفت بسرعة واشرقت ملامحها لما شافته بخير قدامها_يـوسف!
جريت عليه وضمته بقوة وهي بتقول بصوت ضعيف من القلق_كده تقلقني عليك يا حبيبي!
كنت هموت من خوفي ليكون حصلك حاجة!
بعدها عنه بحنان وملس على خدها وهو بيبتسملها وبيقول_متقلقيش يا حبيبي أنا كويس
ولكنها حست إن فيه حاجة غلط، نظرة عيونه المتوترة، القلق اللي ظاهر عليه ووشه الشاحب، فتساءلت بقلق_مالك يا يوسف؟
قبل ما يتكلم رفعت إيديها قدام وشه وقالت بحزم_من غير كدب
أنا حاسة إن فيه حاجة
وكمان تأخيرك ده مش طبيعي وأنت معندكش مأموريات الفترة دي!
سكت واتنهد باستسلام بعد ما عرف إنها استحالة تسيبه من غير ما تجيب قراره، فشاورلها تقعد وبالفعل اتحركت معاه وقعدت وهو جنبها، سكت شوية تحت نظراتها المتفحصة ولما حست بالضجر قالت_هاا قول يا يوسف!
وبعد تردد كبير اتعدل في جلسته، ضم كفوفها بين إيديه وقال_يقين أنا مش عايزك تقلقي
بس الموضوع ده لازم تعرفيه عشان لو حصلي حاجة تبقى عارفة السبب
حست بانتفاضة جوفها من الرعب واتكلمت بهلع_لو حصلك حاجة؟
إيه الكلام اللي بتقوله ده يا يوسف؟!
ضغط على جفونه وبعدين بص في عيونها وهو بيقول_شغلي اتنقل من السويس للعريش
بس مش دي المشكلة
في عيلة معروفة هناك، اسمها الزيات
كبيرها يبقى عامر الزيات، العيلة دي مشهورة أوي بإنتاج التمور والزيتون
ده المعروف، بس اللي الناس متعرفهوش إنهم بيتاجروا في السلاح من سنين طويلة جدًا ومحدش قدر يمسك عليهم حاجة
واللي قدر يمسك دليل يدينهم بينهوه في وقتها
شهقت بهلع ورددت وهي باسطة كفها على شفايفها_يا نهار أسود
لا لا
بالله عليك يا يوسف خليهم ينقلوك لأي مكان تاني، أو ملكش دعوة بيهم خالص بالله عليك
شدد على كفها وهو بيقول بضيق_مقدرش يا يقين ده شغلي
أنا ظابط شرطة مش عيل صغير، ووظيفتي هي إني اوصل لمجرمين زي دول واقضي عليهم واخلص البلد من قذارتهم
بس مش دي المشكلة!
قربت منه بوجه شاحب_مشكلة؟
هو فيه كمان مشكلة؟!
ضم شفايفه بأسف وقال_وصلهم خبر إني هتنقل هناك وكلموني
هما مقالوهاش صريحة
بس من الباطن إنهم هددوني يا أبقى في صفهم لهياخدوني عدو ليهم
شهقت بارتياع ونزلت دموعها وهي بتهز راسها برعب حقيقي برفض للي بيحصل، رأف هو بحالها، فمد إيده وملس على خدها ومسح دموعها برقة وهو بيقول_أنا مش بقولك كده عشان أخوفك
بس عشان تاخدي بالك من نفسك كويس لو حصلي حاجة
أنا مش مشكلة أموت أو لأ
المهم متتئذيش أنتِ...
حطت إيديها اللي بترتجف بعنف على شفايفه تمنعه من إنه يكمل كلامه، وبدموع سايلة على وشها اتكلمت_لأ
لأ يا يوسف متقولش كده
مش هيحصلك حاجة إن شاء الله
متقولش كده أرجوك
قولي إنك هتبقى بخير وهتعرف تبعد عن أذاهم
قولي بالله عليك!
حالتها كانت تدل إنها هتدخل في بدايات إنهيار، فضمها بسرعة لصدره وهو بيقول_متقلقيش، مش هيقدروا يعملولي حاجة
شددت من ضمه ودفنت وشها في صدره وهي بتبكي برعب، فطبع هو قبلة على مقدمة راسها وبص قدامه بشرود وهو بيكمل_إن شاء الله...
نزلت دموعها اللي اختلطت بمياه الدش اللي كانت واقفة تحته، لحد دلوقتي مقدرتش تتعافى من اللي حصل، مش قادرة تتخيل إنه عايش مرتاح وبيكمل في اللي بيعمله في حين دمر حياتها ورملها وهي ما زالت شابة مكملتش التلاتين سنة لسة حتى!
واللي قاهرها أكتر إن واحد من رجالته هو اللى اتبنى التهمة واعترف إن هو السبب في قتل جوزها ومفيش غيرها
هي الوحيدة
اللي عارفة مين السبب في كل ده
ضغطت على جفونها بقوة تحت الماية، وارتعشت شفايفها وهي بتهمس بحقد دفين_عـامر!
****
"شمال سيناء تحديدًا العريش"
اصطف عدد كبير من العربيات الضخمة المصفحة قدام مخزن كبير بعيد عن مركز المدينة وكان يعتبر في وسط الصحراء، نزل عدد من الرجال اللي كانوا مسلحين ولابسين كلهم جلاليب بيضاء ده غير الوشاح اللي ملفوف على راسهم، فتح واحد من الرجالة عربية سودا چي كلاس فنزل منها شخص براس مرفوع اللي فتح أزرار بدلته الرمادي وهو نازل وبيتأمل المكان بعيونه الحادة مع ابتسامة مليانة سخرية، شاور لرجالته بعينه يستنوا هنا فوقفوا مكانهم بالفعل من غير ما حد فيهم يجرؤ يعترض، أما هو فاتحرك بخطوات واثقة واتجه لجوا المخزن
استقبله واحد من رجالته اللي قال باحترام_نورت يا عامر بيه
الضيف جوا
رفع حاجبه وبنبرة ذات مغزى_خد واجبه؟
ابتسم الشخص باتساع_عطيناه واجبه وبزيادة كمان
طبطب على كتف الشخص بقوة وهو بيقول_الله ينور عليك يا سعد
الله ينور علـيك
اتحرك لجوا، كان مخزن فاضي مليان كراكيب وخشب وأثاث متكسر، وفي وسط المخزن كان فيه شاب مربوط في كرسي ومتبهدل تمامًا وكإنه كان في خناقة عنيفة طالع منها بإصابات غشيمة، عينه المقفولة من قوة الكدمة، والدم اللي سايل جنب شفايفه، حتى هو مكانش قادر يفتح عينه ويشوف مين اللي بيقرب منه، اتقدم عامر ناحيته ووراه سعد وهو بيقلع چاكيت بدلته وبيمده لسعد ببرود اللي خده بسرعة منه، سحب كرسي في طريقه وجره لحد عنده وحطه بالمقلوب وقعد عليه وهو بيشمر أكمام قميصه ببطء وبيقلع ساعته الغالية، أما الشخص المربوط فاتحامل على نفسه لحد ما قدر يفتح جزء من عينه وبمجرد ما شاف اللي قاعد قدامه ضحك بسخرية فابتسم عامر هو كمان وقال_كنت واحشك؟
ابتدى الشخص يكح من الألم وهو ما زال بيضحك وقال_عامر الزيات جايلي بنفسه!
تعبت حالك يا راجل رجالتك قاموا بالواجب وبزيادة كمان
قام عامر وقف وقرب منه ومال عليه وهو بيقول بهسيس_وأنتَ فكرك إن شوية الشخبطة اللي على خلقتك هذي كفاية؟
باغته بضربة قوية بقبضته خلت وشه ينفجر من الدماء، حاول التاني يتحامل على نفسه ويتعدل لحد ما بصله وهو بيضحك بأسنانه اللي مليانة دم واتكلم_نهايتك على ايدنا يا عامر
صدقني
آخرتك قربت، حتى لو خلصت عليا دلوقت
هيطلعلك ميت واحد زيي يجيبوا قرارك لحد ما نجيب أجلك
في لحظات طلع عامر سلاحه من ضهره وشد صمام الأمان وحط فوهته على رقبة الشخص وبإيده التانية ثبت راسه، وبعيون حمرة وأعصاب مشدودة قال_اسمع
صدقني هخليك تكره اليوم اللي اتولدت فيه
هتفضل مرمي هنا كيف الكلاب لحد ما يبانلك صاحب
ووريني الرشايدة هيعرفوا ينجدوك كيف من بين ايدي!
بلع الشخص ريقه بإرتياب وقلق من إنه يتهور ويضغط على الزناد، ففضل ساكت تمامًا عشان ميثيرش أعصابه، أما عامر ففضل على وضعه شوية لحد ما بعد عنه واتلفت عشان يمشي فاتنفس الشخص بإرتياح ولكنه اتفاجئ لما لف وضربه بضهر السلاح في وشه خلاه يصرخ بألم وهو بيقع على الأرض بالكرسي بعد ما فقد توازنه، بصله عامر بتشفي وبصق عليه بقرف وبعدين اتلفت وسابه ومشي وهو بيرجع سلاحه مكانه وبياخد چاكيت بدلته من سعد وخرج من غير ما يتكلم وهو بيرجع يلبس ساعته من تاني.
"دار الزيات"
تلات بيوت ضخمة على الطراز الحديث للأخوات التلاتة
سالم الزيات، وغالب الزيات، ومرزوق الزيات
متحاوطة التلات بيوت بسور ضخم واخد مساحة شاسعة ومهولة، ومتأمن بكمية حراس كلهم مسلحين بأسلحة تفتك بأي حد يقرب منهم
التلات بيوت مترتبين بعناية، وبيتوسطهم بيت كبير الزيات المرحوم سالم الزيات واللي توارث القيادة منه عامر واللي ماسك زمام العائلة من بعد والده
دخلت العربيات جوا الدار الكبير، نزل عامر بقوته ودخل لبهو البيت، استقبلته والدته السيدة فاطمة اللي كان ظاهر عليها قوة تليق على دماء الزيات اللي بتحملها في دمها
مال طبع قبلة على مقدمة راسها وقال_كيف حالك ياما؟
ربتت على كتفه وهي بتقول بحنان_بخير يا ولدي ايش امورك أنتَ؟
طبطب على كفها وقال_الحمدلله
بص حواليه بتعجب وسأل_وينه جواد؟
ردت وهي بتتحرك ببطء_بيتغسل فوق،
تعال غسل إيدك البنات حضروا العشا
اتحرك بالفعل لمكان السفرة اللي كانت في غرفة لوحدها ولكن وقف لما سمع صوت نداء اخواته فارس وعايد
اتلفت ليهم بضيق وهو عارف إيه اللي هيتقاله كويس، قرب منه فارس واللي كان فيه شبه كبير من عامر ولكن كان يصغره بحوالي اربع سنوات
وقف قدامه وقال_كيف ما تقوليش إنك لقيت جاسوس الرشايدة؟!
رفع عامر حاجبه وبتهديد قال_بتحاسبني ولا إيش؟!
اتدخل عايد في الحوار قبل ما يحتد النقاش بين عامر وفارس وقال_العفو ياخوي
بس أنتَ عارف كويس إن الشحنة اللي كان مسئول عنها فارس كانت هتخرب بسببه
اتكلم عامر بحدة_وأنا حليت الموضوع
إيش لازمتها كُتر الكلام؟
وجه كلامه لفارس واتكلم بقوة_وأنتَ عايزني اقولك على مكانه عشان تجري تفضي خزنتك في راسه وتضيع حقنا من الرشايدة؟
بتتكلم كإني مش عارفك ومش عارف إن سلاحك سابق دماغك وهتبوظ كل حاجة
زفر فارس بضيق وقال_على الأقل كنت خدنا معك
قاطع حوارهم صراخ طفل صغير وهو بيجري من فوق وبيقول_أبوي!
أشرقت ملامح عامر واتملت حنان، مال وخطف صغيره وشاله وهو بيقول_قلب أبوك!
كيف حالك يا بطل!
طبع قبلة على خده وهو بيقول_الحمدلله يا أبوي
جيبتلي حاجة حلوة ولا لا؟
ضحك عامر وهو بينزله على الأرض وعبث بخصلات شعر ابنه البنية الناعمة وسط انزعاجه وقال_المرة الجاية حاضر
زفر جواد بضيق ودفع إيده وهو بيتجه بقمص طفولي ناحية جدته وبيقول_مش عاوز منك حاجة
_عيب يا جواد!
هتفت بيها فاطمة بتنهر حفيدها، في حين ضحك عامر وهو بيقول_سيبيه ياما براحته عيل صغير
ولكن فاطمة قالت بحدة وقوة_العيل الصغير لو متقومش من صغره هيطلع حاله مايل
هز عامر راسه بقلة حيلة واتجهوا كلهم للسفرة، ودخلت في الوقت ده راوية زوجة عايد ونوارة زوجة فارس مع بعض البنات اللي بيساعدوهم في البيت وهما شايلين بقيت الأطباق
اتكلمت فاطمة في الوقت ده موجهة كلامها لزوجات أولادها الاتنين_فين العيال؟
ردت راوية_جايين ورانا ياما
فقالت فاطمة بقوة_عودوهم بعد كده ييجوا على السفرة في معادها، لازمن يتعودوا على النظام من صغرهم
بصوا لبعض بتعجب أما عامر فمهتمش باللي بيتقال، هو مدرك كويس إن والدته بتحاول تتحكم في كل حاجة حتى النفس اللي بيتنفسوه
ولكن في النهاية مش بإيده حاجة، هي بتكون أمه..
بعد مدة كان مجتمع كلًا من عامر وفارس وعايد مع عمه غالب وأولاده الاتنين حسن وزايد، وعمه التاني مرزوق وابنه الوحيد خالد كعادتهم بعد اتمام شغلهم بيجتمعوا يتناقشوا كل آخر شهر لتوزيع حقوق كل واحد فيهم في الشغل المشترك بينهم
كان قاعد عامر على مكتبه الضخم في حين الباقي واقفين منتظرينه، طلع عامر شنطة كتف كبيرة شوية وهو بيتكلم_طبعًا أنتوا عارفين إن لولا إننا مسكنا الكلب اللي تبع الرشايدة كنا روحنا كلنا في داهية
اتكلم عمه مرزوق_الحمدلله إنها عدت على خير يا ابن الغالي
هز عامر راسه ولكن اتكلم بقوة_أنا عايزكم تفتحوا عينيكم كويس بعد كده
مش المكان اللي أغيب عنه وأسيبكم فيه يتقلب زريبة وكل من هب ودب يدخله!
فتحوا عيونكم شوية!
سكتوا كلهم وهما بيتناقلوا النظرات بين بعض، لحد ما اتكلم زايد_متقلقش يابن عمي
هنخلي بالنا بعد كده
لكز في الوقت ده أخوه حسن اللي أكد على كلام أخوه وهو بيقول_طبعًا طبعًا، متشيلش هم يا عامر
فضل باصصلهم شوية بضيق، هو عارف ومدرك إن ولاد عمامه طايشين ومبيعرفوش يتصرفوا من غير ما هو يوجههم، ودي حاجة مضايقاه، حاسس إن كل حاجة على كتفه هو من غير مساندة، هو مدرك كويس إن من غيره العيلة دي كانت اتدمرت من زمان، ويمكن أصح قرار اتاخد إنه يبقى هو كبيرهم
ابتدى يدي لكل واحد منهم حصته في الفلوس اللي في الشنطة، وبعد ما انتهى واتراضوا كلهم قال_الشحنة الجديدة هتتسلم الأسبوع الجاي، خلوا بالكم، الغلطة المرادي بفورة!
فرد خالد_متقلقش يابن عمي، الشحنة المرادي بين إيدي أنا، متشيلش هم
ابتسمله بخفة وهو بيشاورلهم يخرجوا لو عايزين، فاتكلم عمه غالب_من إيد ما نعدمها يابن الغالي
يجعلها عامرة دايمًا
رد عليه بتحفظ_تسلم يا عمي
وبالفعل خرجوا كلهم ونزلوا لتحت، لقوا كل ستات العيلة متجمعين في بهو البيت، اتحرك بعد ما استأذن عشان وراه شغل
وبالفعل خرج لبرا لكن مخدش باله من العيون اللي متابعاه واللي أول ما شافته خرج جريت وراه وهي بتهتف_عامر
استنى يابن عمي
قلل خطواته وهو بيضغط على جفونه وبيتنفس بضيق، اتلفت وهو بيقول بكلف_نعم
اتفضلي يا ليلى خير؟
اتقدمت منه بنت بملامح رقيقة، بشرتها البرونزية وعيونها السمرا المتكحلة بكحل داكن، وشعرها البني اللي حاطة على طرفه طرحة خفيفة، ده غير اللباس التلقيدي المحتشم اللي كانت لابساه، اتقدمت منه وعلى وشها ابتسامة مليانة حب وقالت_على وين يابن عمي
واخد في وشك وماشي؟
كان عارف ومتأكد من المشاعر اللي جواها من زمان، ولكن رافضها تمامًا، رافضها هي أو اي أنثى، كفاية اللي حصل آخر مرة لما فكر يدخل واحدة حياته رغم إن الوضع مكانش قايم على مشاعر، بس برضه مش عايز يظلم التانية ودي مش أي واحدة
دي بنت عمه غالب ودلوعة العيلة
حاول يحافظ على رسميته معاها وقال_تريدي شي يا ليلى؟
اتهدلت ملامحها باحباط من جفافه وقالت_سلامتك يابن عمي
اتلفت وسابها ومشي ركب عربيته مع رجالته واتحرك تحت أنظارها الحزينة اللي كانت متابعها
حست بحد بيلكزها بحدة، اتلفتت بخضة فلقت جنبها هناء بنت عمها اللي هتفت بحدة_يا بت مش كده!
اتقلي شوية
ما هو طول ما أنتِ متدهولة عليه كده عمره ما هيبص في خلقتك
بصتلها بغيظ شديد وسابتها ومشيت بعد ما خبطتها بقوة في كتفها، فاتألمت التانية وهي بتقول_بقى كده؟!
الحق عليا، يكش تولعي!
****
كانت قاعدة في صالون شقتها بتسمع فيلم قديم، ولكن كان عقلها في مكان تاني تمامًا، لحظات وارتفع رنين تليفونها، انتفضت وردت بعد ما لقيتها من صديقتها وقالت_ها عرفتي تعملي حاجة؟!
جه صوت صاحبتها مها اللي كانت بتضحك من لهفة صوت التانية وقالت_اهدي اهدي
إيه الحماس ده كله؟
وبعدين اشمعنى العريش اللي ماسكة فيها وحابة تكتبي خبر عن أهل البلد، هي اسكندرية قصرت معاكي في حاجة على الأقل اقرب؟!
زفرت بضيق وقالت_اخلصي يا مها، استاذ فادي وافق ولا لا
اتكلمت ببساطة_وافق يا ستي، حتى اتحمس كمان، شاف إن العريش محدش بيتكلم عليها كتير، فقرر ينظملك رحلة مع شوية مساعدين صغيرين معاكي
بس بيقولك لازم تطلعي بحاجة تشرف وتقلب الدنيا
ابتسمت يقين باتساع وهي شايفة خطتها ماشية زي ما هي عايزة بالضبط، وشردت في الفراغ وهي بتقول بنبرة مفيش غيرها هيفهم المتبطن فيها_من ناحية هتقلب الدنيا
فهي هتقلبها فعلًا!
وفي انعكاس عيونها كانت صورته هو، عامر الزيات
اللي اقسمت مش هترتاح ولا يهدالها بال غير لما تنهي مسيرته تمامًا...
تنويه
جميع الشخصيات والاحداث خيالية ولا تمت للواقع بصلة
الحلقة الثانية
كانت بتجهز شنطة هدومها لرحلة التلات أيام اللي هتقضيها هناك، كانت مدركة إنها لازم تستغل التلات أيام دول كويس، تقريبًا هي دي فرصتها الوحيدة بعد كم المعلومات اللي جمعتها طول الشهور دي عنه، خرجت من شقتها واتوجهت لمقر الجريدة بعد ما كلمت أهلها وقالتلهم على الرحلة وسط اعتراضهم ولكن في النهاية استسلموا بعد ما عرفوا إن بنتهم ذات الرأس المتيبس استحالة ترجع عن قرارها
وطبعًا مكانوش يعرفوا عن السبب الرئيسي.
وصلت لمقر الجريدة فشافت مديرها بيتكلم مع المساعدين اللي هيبقوا معاها، اتوجهت ناحيته وصافحته بامتنان وهي بتقول_أنا بجد متشكرة لثقة حضرتك يا استاذ فادي وأنا متأكدة إني هرجع بحاجات كتيرة هتعجبك من هناك
ابتسم الراجل المسن بلطف وقال_عارف شطارتك يا يقين، عشان كده سلمتك زمام الأمور بعد ما مها كلمتني
فقالت بود_بكرر شكري لحضرتك وإن شاء الله هبقى عند حسن ظنك
رد بمزاح_رحلة سعيدة
ومتنسينيش في زيت زيتون العريش
ده بيتقال عنه حكاوي وأشعار!
ضحكت وقالت_ عيوني طبعًا
ودعته واتجهت مع مساعدينها للعربية اللي هيروحوا فيها، واللي كانت كبيرة شوية عشان تاخد المعدات اللي هيستخدموها في التصوير، ولكن قبل ما تركب العربية اتلفتت على صوت نداء من صديقتها مها، اللي وقفت قدامها تقول بعتاب_بقى كده هتمشي من غير ما تودعيني!
أنا ابتديت اغير من الحماس ده كله!
ضحكت يقين وضمتها بود وهي بتقول_بجد يا مها مش عارفة أقولك إيه، من غيرك مكانش استاذ فادي وافق
لكزتها بخفة وهي بتتكلم بعتاب رقيق_عيب عليكي
صاحبتك في الخدمة
ودعتها وصعدت للعربية، واتحركوا للرحلة المجهولة بالنسبالها، ورغم القلق والخوف اللي كان متمكن منها، إلا إن اصرارها على الانتقام لجوزها هو اللي كان مديها القوة..
بعد حوالي ٥ ساعات في الطريق
وصلوا أخيرًا للفندق اللي هيقيموا فيه، كانت رحلة شاقة بالنسبالهم لطول الطريق ده غير الخوف اللي كان بيتسلل لقلبها كل ما يقرب اللقاء
انتهت أمور التسجيل على خير واستقرت أخيرًا في غرفتها اللي كانت بتطل على شواطئ العريش
وقفت في البلكونة شاردة في البحر بتستقبل نسمات الهواء الباردة اللي لعلها تطفئ النار اللي حاسة بيها
رغم التعب اللي هي حاسة بيه من السفر ولكن أصرت تخرج تستكشف المكان مصممة إنها تستغل كل ثانية في وجودها هنا،
جهزت شنطتها وخدت كاميرتها واتحركت لتحت، في البداية كان كل ما يقابلها مشهد خلاب بتستغل مهنتها وتصوره، علشان بس تثبت إنها بالفعل جاية لشغل
ولكن بالها كان مشغول في مكان تاني، صرح عائلة الزيات واللي للأسف كان في جنوب المدينة
بجوار مزراعهم المخصصة ليهم
ففكرت إنها تندمج وسط الناس لعلها توصل لأي معلومات تقدر تستفاد منها، ولكن من الواضح إن الكل هنا بيهاب العيلة دي وخاصة عامر الزيات
الظاهر قدامها إن صيتهم واصل وبقوة!
رجعت للفندق بعد ما حست بالإرهاق وإن الوقت اتأخر، وقررت تأجل زيارتها لمكان الزيات بعد ما تقدر تستمد قوتها شوية...
صباحًا
خرجت مع المساعدين عشان يبدأوا يعملوا لقاءات مع الأهالي، ده غير تجولهم لكتير من الأماكن الخلابة اللي كانت هناك، وبعد ما انتهوا تقريبًا من معظم الأماكن وصوروا حاجات كتير يقدروا يستغلوها
استقروا أخيرًا في أحد المطاعم اللي على البحر عشان يرتاحوا
كان التلاتة المساعدين اللي معاها بيتفرجوا على الصور والفيديوهات اللي عملوها بحماس، في حين اتكلم واحد منهم وقال_مكنتش متخيل إننا هنلاقي الأماكن التحفة دي هنا
استاذ فادي هينبهر باللي عملناه
فرد التاني_المفروض نروح فين تاني؟
اتكلمت البنت اللي كانت مستمعة_اعتقد مفيش حاجة تاني نقدر نعملها هنا
_فيه
كان رد يقين اللي كانت شاردة من أول قعدتهم ولكن فاقت على كلمتها، فبصولها بفضول شديد، اتعدلت هي وقالت برسمية عشان متظهرش مبتغاها_فيه مزارع للنخيل هنا والزيتون
من أكبر المزارع في سيناء ده لو مكانتش في مصر كلها خاصة مزارع عيلة الزيات
بيقدموا أنواع تمور بجودة عالية جدًا وبيتصدر منها كتير، ده غير زيت الزيتون اللي مشهورين أوي بيه
اعتقد لو خدنا إذن منهم وقدرنا ندخل هناك نصور المزارع والعمالة وطريقة اهتمامهم بالانتاج ده هيكون إنجاز تاني لينا هنا وهيبقى سبق صحفي شبه متعملش قبل كده
ظهر الاعجاب على وجوههم بالفعل بعد ما قدرت تسلب انتباههم بكلامها، فاتكلم واحد فيهم_طب مستنيين إيه
يلا بينا
بالفعل قاموا كلهم بحماس كبير، أما هي كانت بتراقبهم من بعيد وهي حاسة بقلق كبير، وأخيرًا هيتم اللقاء اللي انتظرته بقالها خمس شهور!
كانت بتراقب الطريق من شباك العربية، ابتدت زحمة المدينة تقل، وعدد المباني نفسها يقل، مزارع فقط، اشجار نخيل كتيرة، او صحراء، ابتسمت بسخرية، بالفعل عيلة الزيات حويطة لدرجة إنهم عازلين نفسهم عن الناس
هي الوحيدة اللي عارفة سرهم
عارفة إيه اللي وراهم
ولكن فاضل إنها تثبت إدانتهم بس
وعلى بُعد ظهر صرحهم، المباني الصخمة اللي ساكنين فيها، بتصميمها المبهر الراقي واللي بيدل على ثرائهم الفاحش، اتسعت عيون الموجودين بإنبهار، لحد ما اتحول لقلق لما شافوا كمية الرجالة المسلحين اللي واقفين في المكان
لوهلة انقبض قلبها هي كمان، كانت عارفة إنهم خطر، ولكن متخيلتش إنها تشوف المشاهد دي على الحقيقة
اعترض عدد من الرجالة طريقهم، بصوا لبعض بإرتباك، في حين اتجه حارس وخبط على الزجاج عشان ينزلوه، بالفعل قام اللي سايق باللي طلبه، دخل راسه يبص لجوا العربية ولوشوشهم بتفحص وقال_لوين رايحين إن شاء الله؟!
رغم الرعب اللي كانت حاسة بيه إلا إنها اتصنعت القوة ونزلت من العربية تحت أنظار الحراس اللي كانوا بيتأملوها بتفحص، وقفت قدام الحارس وطلعت الكارنيه بتاعها وهي بتقول_أنا الصحفية يقين عبدالرحمن تبع جريدة****
جينا هنا عشان نعمل سبق صحفي لمزارع الزيات
فلو سمحت ممكن تجيب حد منهم نتكلم معاه عشان ناخد الاذن منه؟
_ايش فيه عندك يا حمد؟
كان صوت زايد اللي شاف التجمع وهو خارج واتقدم ناحيتها وهو بيبصلهم بتفحص، وقبل ما يتكلم حمد اتحركت يقين ناحيته بجرأة وهي بتمد إيدها ليه وبتقول_يقين عبدالرحمن، صحفية لجريدة****
نقل نظراته بين إيديها وبين وشها، ولما حست بالارتباك والاحراج رجعت إيديها مكانها، أما زايد فقال بغلاظة_مالنا دخل بالصحافة
الله يسهل حالكم
قالها واتلفت عشان يمشي، ولكن بالعكس ميئستش يقين ابدًا وجريت وراه جذبته من دراعه وسط دهشته ودهشة رجالته وقالت_اسمعني بس يا استاذ...
فقال بحدة_زايد
زايد الزيات
رغم كرهها للقب ده إلا إنها ابتسمت بتكلف وقالت_اتشرفت بيك يا استاذ زايد
احنا صحفيين من القاهرة، ولكن أنا أصريت إني آجي العريش اعمل سبق صحفي فيها، وفعلا رغم إني جيت امبارح بس إلا إني لفيتها حتة حتة وصورت كل مكان فيها والحقيقة انبهرت بالمكان
ولكن سمعت إن عندكم مزراع من أكبر المزارع في مصر وصيتكم واصل في البلد بشكل كبير
عدل زايد من ياقة الچاكيت اللي بدون اكمام واللي كان لابسة على الجلابية بغرور، فقدرت تفهم إن التفخيم عجبه، فكملت بحماس_والحقيقة حسيت إني مش هقدر امشي من هنا غير لما أشوف بنفسي الكلام اللي اتقال عن جودة مزارعكم ومحاصيلكم اللي ملهاش مثيل في كل مصر
فانا بطلب بس من حضرتك ساعة واحدة بالظبط جوا مزارعكم وصدقني هنكون ضيوف خفاف جدًا ومش هنضايقكم
ولكن ارجوك متكسفنيش!
نظراتها البريئة واسلوب كلامها اللبق عجبه مش هينكر، واتمحت الحدة اللي كانت على ملامحه، فاتكلم بغلظة_استنيني دقيقة يا ست البنات أما نشوف الموضوع هذا
هزت راسها مع ابتسامة رقيقة، واتجه لجوا تحت أنظارها، نزل في الوقت ده مساعدينها اللي وقفوا وراها يتابعوه وهما بيقولوا_وافق؟
ردت من غير ما تتلفتلهم_حتى لو موافقش، مواراناش غيرهم طول اليوم
لوهلة اتجمدت مكانها تمامًا لما شافته خارج من بيت من البيوت اللي جوا قدامها، لابس قميص رمادي ومدخله جوا بنطلونه، فاتح أول أزراره، ماسك موبايله وكل أنظاره مسلطة عليه باهتمام
اضطربت دقات قلبها بقوة، عدوها قدامها أخيرا مش مجرد صور!
لوهلة اتبدلت نظراتها اللي بقت مليانة كره كفيل أي حد يلاحظه، بغض ملهوش مثيل
جزت على أسنانها بغيظ، بتتمنى إنها تروح تفتك بيه
السبب الوحيد لموت جوزها وحبيبها قدامها عايش مرتاح البال!
كان خارج في طريقه لمكتبه، ولكن وقف لما سمع نداء زايد ليه_عامر
عامر يابن عمي
بصله بتعجب_خير يا زايد؟!
شاور براسه للمكان اللي واقفة فيه يقين وقال_فيه صحفيين من جريدة معرفش اسمهم إيش كده
جايين وبيقولوا عاوزين يسووا سبق صحفي للمزارع ويصوروا الانتاج عشان يحطوها على الجرايد
رفع عامر حاجبه بتعجب وقال_من متى وحنا بندخل الصحافة عنا ولا في شغلنا؟!
غورهم اجري
ضم زايد شفايفه باعتراض، فاتكلم عامر بحدة_اسمع الكلام يا زايد
مش عاوزين لبش اليومين ذولا ولا عاوزين العيون تتفتح علينا
هز راسه بضيق واتلفت ورجع لهم، استقبلته يقين بلهفة حسسته بالعجز اكتر، ولكنه طفى حماسها لما قال_حنا ملناش فاضيين
ومش عاوزين قلق في شغلنا
تقدروا تروحوا تصوروا في مكان تاني
اتصنعت يقين الحزن ومطت شفايفها بضيق_احنا عارفين إن فيه مزارع تانية هنا
بس استحالة تكون في جودة مزارع الزيات
يا خسارة، كانت هتبقى إضافة كبيرة ليا إن اعمل سبق صحفي زي ده بس مليش نصيب
اتلفتت وهي ناكسة راسها بتمثل الأسى، نقل زايد نظراته بينها وبين عامر اللي وراه، وسط ارتباك وتردد كبير منه، ولكن في النهاية هتف_استني يا
يا صحفية
هذي ايش كان اسمها!
اتلفتت ليه بلهفة_يقين
يقين عبدالرحمن
قرب منها وقال_اسمعي يا يقين، أنا هدخلكم بس لنص ساعة بالضبط، ماقدر ازيد عن كذه
ابتسمت باتساع وقالت_وإحنا راضيين بقليله
رغمًا عنه لقى زايد نفسه بيبادلها الابتسامة، بعد ما حس بالاعجاب ناحيتها، وهي كانت مدركة لده كويس وبتشتغل عليه.
اتحركت وراه هي والصحفيين بمعداتهم، وصلهم زايد لمدخل المزرعة، ووجه كلامه لعدد من رجالتهم بأمر_خليكم امعاهم، ومش عاوز أي شوشرة عشان عامر بيه ميقطعش رقابيكم
_أمرك يا زايد بيه
رغم إنه كان بيتكلم ببساطة وكإن القتل شئ عادي، ولكن نظرات القلق والخوف اللي اتبادلوها بين بعض كانت واضحة جدًا، بس استمدوا القوة ببعض واتحركوا ورا الرجالة، ولكن فضلت يقين مكانها تحت أنظار زايد الفضولية، ولما شافت إنهم بعدوا شوية قربت منه واتكلمت برقة_أنا بجد مش عارفة أقولك إيه يا استاذ زايد
اشكرك جدًا إنك إديتني الفرصة دي
بصلها بنظرات متفحصة ممزوجة بالاعجاب، واتكلم بنبرة رجولية_العفو
هزت هي رأسها بامتنان، واتوجهت بكاميرتها لجوا
لوهلة انبهرت بالمنظر قدامها، المساحة المهولة المليانة بأشجار الزيتون اللي كان نضج والعمال اللي بيحصدوه من الأشجار، كانوا بيتشغلوا على قدم وساق، ورغم إن دي مش مهمة يقين الحقيقية إلا بحكم مهنتها لقت نفسها بتمسك كاميرتها وبتبتدي تصور المكان.
ومن على بُعد شافت ليلى وهناء المشهد هناك، واستعجبت من اللي بيحصل، فاتوجهت بجلبابها التقليدي لهناك، واتكلمت بقوة تليق ببنت الزيات_مين هذولا يا حمد
وش بيسووا هنا؟!
نكس حمد راسه بسرعة تحت أنظار يقين المتفحصة، مكانش يجرؤ يرفع راسه لأي ست تنتمي لعيلة الزيات، واتكلم بتوتر_ست ليلى هذولا صحفيين باعتهم زايد بيه عشان يصوروا المزرعة
كتفت إيديها وبتعالي قالت_ومن متى بندخل صحفيين جوا مزارعنا؟
عامر بيه عنده علم بالكلام هذا؟
اتقدمت منها يقين المرة دي واتكلمت بلباقة_إحنا مش هناخد من وقتكوا كتير، هناخد كام صورة للمكان، ونشوف العمال بيشتغلوا ازاي وهنمشي على طول
استاذ زايد ادانا نص ساعة وان شاء الله قبل النص ساعة هنكون مخلصين
بصتلها من فوق لتحت بتعالي واضح، ضحكت بسخرية ورددت_استاذ زايد؟!
وجهت نظرها المرة دي لحمد وقالت_خلي عينك عليهم
_أمرك يا ست ليلى
اتحركت ومشيت بعد ما رمتها بنظرة مستحقرة أثارت غضب يقين بشدة، ورجعت تاني لمكانها جنب هناء اللي مالت عليها بفضول_عرفتي مين هذولا؟
ضحكت باستهزاء_مساخة بتوع مصر
قال جايين يصوروا المزرعة!
يلا يلا نرجع على الدار سيبك منهم.
اتحركت يقين مع مساعدينها وابتدوا يصوروا الانتاج والعمالة اللي هناك ويعملوا لقاءات مع العمال اللي كانوا ودودين بشكل كبير
ولكن كل اللي مضايقها رجالة الزيات اللي كانوا محاوطينها
حاولت تبعد هي عنهم وتتوغل أكتر جوا المزرعة وبالفعل استغلت انشغالهم بمراقبة مساعدينها واتحركت بين الأشجار، وعلى بُعد شافت مستودع كبير كان حواليه حراسة كبيرة واللي كان عامر الزياد وفارس اخوه واقفين بيتكلموا معاهم وكان واضح على وشوشهم الصرامة وكإنهم بيحذروهم
حست إن فيه حاجة غريبة في المكان ده، حاولت تقرب أكتر ولكن اتجمدت مكانها لما هتف واحد من رجالة زايد_إيش بتسوي هنا؟!
ممنوع تقربي من المكان هذا!
غمضت عينها بهلع، وبلعت ريقها بارتباك وبعدين اتلفتت ليه وهي بتقول بضحكة متوترة_أنا بس نسيت نفسي وأنا بتمشى وبصور وسط المزرعة فلقتني هنا ونسيت برجع ازاي
بصلها بتفحص شوية وشك، وبعدين قال_تعالي
أنا هرجعك لزمايلك
هزت راسها مع نفس الابتسامة، وبالفعل أبتدت تتحرك معاه ولكن عيونها كانت مسلطة على نفس المكان ده اللي حاسة انعزاله بالشكل ده وراه حاجة..
وبعد ما مرت النص ساعة رجعوا لطريقهم للفندق تاني، كانوا كلهم ماليهم الحماس من اللقطات اللي خدوها واللي متأكدين إنها هتكون إضافة ليهم
إلا يقين اللي كان عقلها مشغول تمامًا بالمشهد اللي شافته، وبأسلوب عامر اللي كان باين عليه التهديد وهو بيشاور حوالين المستودع ده وكإنه فيه حاجة مخبيينها فيه
كانت عارفة إنها لازم ترجع ولكن كل ازمتها هي ازاي وبأي حجة
هما دخلوا هنا بالعافية أساسًا وباين قد إيه أنهم حويطين زيادة
ولكن رغم ده كان الإصرار مالي عينيها، مش هتيأس حتى لو إيه حصل!
****
_ازاي يعني نكون في الجريدة على بكرا يا استاذ فادي، إحنا حتى يدوب كملنا يوم هنا!
هتفت بيها يقين وهي بتلف حوالين نفسها في الأوضة بضيق، مكانتش متخيلة إن الوضع ممكن يتأزم بالشكل ده!
ولكن جه صوت فادي الحازم_فيه شوية أحداث حصلت هنا يا يقين، محتاجين كل صحفي موجود في الجريدة
وكمان أنتِ معاكِ تلاتة من أحسن المساعدين، من غيرهم مش هنطلع الأخبار بالشكل اللي إحنا محتاجينه
شدت على خصلاتها البنية بجنون واتكلمت_بس يا استاذ فادي...
قاطعها بحدة ولهجة لا تقبل النقاش_مبسش يا يقين
أنا محتاجكوا بكرا في الجريدة وانتهى الموضوع
اتحركوا من الفجر عشان تلحقوا توصلوا
عضت على شفايفها بغيظ، وقالت بطاعة ونبرة مليانة ضيق_حاضر يا استاذ فادي حاضر
قفلت معاه وحدفت تليفونها بقوة على السرير وهي بتصرخ بغيظ شديد وبتشد على شعرها بجنون، فضلت تلف حوالين نفسها شوية
مش معقولة هتكون بالقرب ده وهتضيع الفرصة من بين إيديها!
لازم تتصرف، لازم!
وبعد تفكيره طويل لقت نفسها بتتجه لشنطتها وبتطلع هدوم داكنة رسمية، ومعاهم وشاح اسود هتستخدمه في إنها تداري بيه ملامحها
وقفت تبص لنفسها في المراية وهي بتعقص خصلاتها على هيئة كعكة عشان متعيقهاش، وخدت تلفونها اللي عملته صامت وكاميرتها الصغيرة، ولكن قبل ما تخرج لقت نفسها بتبص للسكينة اللي محطوطة في طبق الفاكهة، وبعد تردد كبير قربت خدت السكينة وقلبتها بين إيديها بتردد وبعدين حطتها في شنطتها الصغيرة واتحركت لبرا الفندق
هي مدركة إن اللي بتعمله ده خطر على حياتها، ولكن لازم تستغل الفرصة، مش هتقدر تمشي من هنا من غير ما توصل لجزء من اللي هي عايزاه!
وقفت تاكسي من قدام الفندق، واتحركت بيه لأقرب نقطة من صرح الزيات عشان متلفتش النظر
نزلت من التاكسي اللي كان سواقه بيبصلها بنظرات متعجبة من وجودها في مكان زي ده في الوقت المتأخر ده، حاسبته وبعدين اتحركت بحذر وهي بتتأمل المكان من على بُعد لحد ما اختفى السائق بالعربية عن عيونها
طلعت الوشاح ولفته حوالين راسها بإحكام لدرجة إن مبقاش باين ليها أثر غير عينيها، وطلعت قفازات جلدية لبستها عشان بصماتها
كل دي حاجات اتعلمتها من مهنتها في كتابة الجرايم في الجريدة، ده غير شغل زوجها اللي كان بيحكيلها دايمًا عن تفاصيله
طلعت كاميرتها والسكينة حطتها في جيب البالطوا الاسود الطويل بتاعها مؤقتًا عشان لو احتاجته، واتحركت بتردد من وسط الاشجار
كانت عارفة إنها مش هتقدر تتحرك من الطريق الرئيسي بسبب عدد الرجالة الموجودين واللي كانوا مسلحين مش هيترددوا يخلصوا عليها
اتسللت من ورا سور البيت بحذر، ولكن كانت حاسة بالرعب من الرجالة المسلحين اللي واقفين حتى على سور البيت بيراقبوا المكان، ولكن الضلمة والاشجار وكمان حجمها الصغير ساعدتها في إنها تتدارى منهم
ولكن لوهلة شهقت بهلع واستخبت ورا الحيطة لما شافت رجل مسلح خرج قدامها،
كتمت بوقها بإيديها وثبتت مكانها وهي بتحاول تكتم أي نفس ليها ولكن الرعب كان ظاهر عليها من عيونها المتوسعة بشدة
لحظات ومر الرجل من جنبها ولحظها محسش بيها، فاتحركت بسرعة وبحذر لحد ما لقت مدخل للمزرعة من ورا
دخلت وهي بتتأمل المكان من حواليها بفضول، وابتدت تتخبى بين الأشجار لحد ما وصلت عند المستودع اللي شافته بالنهار واللي كانت أضواؤه شغالة
قربت بحذر لحد ما وقفت ورا شجرة إلى حد ما مخبياها
ولكن لوهلة اتسعت عيونها بصدمة من اللي شافته....
يتبع