رواية سوء تفاهم الفصل الثالث عشر13بقلم بتول عبد الرحمن
دخل الأوضة وهو شايل همه على اكتافه، لقى ليلى قاعدة على السرير، كانت سرحانه في الكلام اللي سمعته، الصدمه لجمتها انهارده، هل أيامها معدوده ولا مراد مس هيسمح لحد يأذيها، تفكيرها خلاها مش حاسه بحاجه حواليها ولا بمراد اللي دخل
أول ما شافته، جريت عليه بسرعة، حضنته بخوف، هو ضمها جامد وحاول يهدّيها، دموعها نزلت وهي مش قادرة تفهم إيه اللي بيحصل، لكن الخوف كان أكتر شعور حساه في اللحظة دي.
سألها بلهفة "مالك؟ حد ضايقك؟"
قالت له بانهيار "أنا خايفة يا مراد، أنا مش عايزة حاجة من الدنيا غيرك، مش عايزة حاجه خالص، وحتى شغلي مش عايزاه، مش عايزاك تعمل مشاكل مع حد من العيلة دي، عشان خاطري يا مراد، أنا عايزة أعيش حياتي معاك، عايزة ألحق أكون معاك، تعالي نسيب كل حاجه هنا ونمشي، وبابا ييجي معانا، مش عايزة حاجة هنا، لو بتحبني فعلاً، عشان خاطري."
مراد حسّ بوجع عميق في قلبه، اتنهد وكأنه عايز يحس بوجودها أكتر، مسك وشها بين إيديه، رفعه وبص في عينيها، وصوته طلع مليان قلق شديد وهو بيقول "اهدي، اهدي بس، إيه اللي حصل؟ حد كلمك أو قالك حاجة؟ مالك فيكي ايه؟"
عيونها مليانة خوف، قالت برعشه " مراد، انا مش عايزه اكون هنا، انا خايفه، عايزه امشي من هنا، مستعده اعيش معاك حتى لو في خرابه بس نمشي من هنا، عشان خاطري يا مراد"
" ليلى في ايه، حد ضايقك طيب، ردي عليا"
سألها بقلق
هزت راسها وقالت "لاء، محدش قالي حاجة، بس أنا خايفة يا مراد، ممكن يحاولوا يموتوني، وأنا خايفه"
مراد كان مش مصدق احساسها ده، وايه سببه، قرب منها أكتر، شدها ليه جامد، وقال بصوت حازم "محدش يقدر، طول ما أنا معاكي محدش يقدر، أنا هنا اهو."
لكن ليلى كانت متوترة أكتر، عيطت وحست إنها مش قادرة تلاقي مكان للأمان، قالت له مرة تانية بصوت ضعيف "طب نمشي من هنا، مراد… نمشي، بالله عليك"
مراد بص في عيونها، كانت مليانة خوف وعزيمة، قال بهدوء وحزم "هنمشي، وحياتك عندي هنمشي، انتي أهم حاجة عندي، واي حاجة تانية مش هتفرق، مكان ما تروحي، أنا هروح معاك."
كمل بشرود "كام يوم وأكون ظبطت الدنيا، وهنرجع القاهرة تاني، ماشي؟" قالها بصوت ثابت وعينه بتراقب ملامحها.
ليلى فضلت ساكتة للحظة، كانت بتحاول تستوعب كل حاجة، وبعدين هزت راسها ببطء من غير كلام.
مراد قرب منها أكتر، لمس وشها بإيده بحنية وقال "ماتقلقيش، أنا معاكِ، ومش هسيب حد يضايقك تاني."
عينيها كانت مليانة مشاعر مختلطة، بس في الآخر، وثقت في كلامه
رحمة خرجت من البيت براحة، قلبها بيدق بسرعة، عيونها بتدور عليه، وبمجرد ما شافته مستنيها بالموتوسيكل، ابتسمت بخفة وراحتله بسرعة، ركبت وراه وهو من غير كلام اتحرك بسرعة بعيد عن أي عيون بتراقبهم، الطريق كان هادي، والهواء بيلعب في طرحتها، كانت حاسة إنها معاه في عالم تاني، عالم مفيهوش خوف ولا قيود.
بعد شوية، وقف في مكان هادي تمامًا، مفيهوش حد غيرهم، نزلت وهي بتحاول تخبي ابتسامتها، لكنه قرب منها بسرعة، مسك إيديها بحنية، وبص في عيونها وهو بيقول بصوت دافي مليان شوق "وحشتيني."
ضحكت بدلع وهي بتبصله بمكر وقالت "بجد وحشتك؟ ولا كلام وخلاص؟"
قرب أكتر، صوته كان واضح إنه مش بيجامل، كان صادق لدرجة تخلي قلبها يدق أسرع "مبقتش قادر أعيش من غيرك."
إيده لفت على وسطها، قرب منها أكتر، باسها بوسات متفرقه وهو بيغازلها، بس هي بعدت شوية وقالت بصوت مبحوح "عبده..."
رد عليها وهو عيونه مثبتة على ملامحها الناعمة "عيونه"
اتنهدت وقالت بصوت متوتر، خوفها بدأ يظهر "إحنا هنفضل كده لحد إمتى؟ لو حد عرف إني بكلمك، هتكون نهايتي."
شدها أكتر ناحيته، كأنه عايز يطمنها ويثبت لها إنه مش هيسيبها أبدًا، وقال بحسم "قريب وهنكون في بيت واحد يا حبيبتي، أنا بس بظبط دنيتي مع أهلي وهاجي أتقدملك."
عيونها لمعت وهي بتقول "بجد؟"
ابتسم وهو بيهز راسه بثقة "طبعًا، المهم سيبك من ده دلوقتي… انتي وحشاني أوي."
مراد كان قاعد على المكتب، عينه في شاشة اللابتوب وهو بيخلص شغله، وليلى كانت قاعدة على السرير بتقلب في فونها بس عقلها مشغول بثريا واللي سمعته عنها، كلام حماتها لسه في دماغها، ثريا قتلت جدتها بسبب غيرتها وحقدها، هل رجعت علشان تخلص منها وتعرف تسيطر على مراد، ممكن نهايتها تكون قربت
وسط الهدوء، خبط حد على الباب، مراد كان مشغول فقال من غير ما يبص
"افتحي انتي يا ليلى، أنا مشغول."
ليلى قامت بخطوات هادية ناحية الباب، فتحته، واتجمدت مكانها لما لقت ثريا واقفة قدامها، بملامح جامدة ونظراتها بتقرأها من فوق لتحت، كأنها بتحاول تخترقها.
" فين حفيدي؟" قالتها بثبات، وعينيها بتلمع بحدة.
ليلى بلعت ريقها وقالت بصوت حاولت تثبته "اتفضلي، في حاجة؟"
ثريا دخلت بخطوات هادية، بس ليلى كانت حاسة إن الأرض بتتهز تحتها
ثريا دخلت بخطوات تقيلة، وعنيها بتلف في الأوضة كأنها بتقيم كل تفصيلة فيها، من شكل الأثاث لكل حاجه، مراد كان لسه مركز في اللابتوب، بس مجرد ما سمع صوتها رفع عينه، وقفل الشاشة ببطء وهو بيقول ببرود "خير ؟!"
ثريا قعدت على الكرسي اللي قدامه، رجل على رجل، عينيها مليانة صرامة وهي بتتكلم بحدة "اللي حصل ده عندي كبير أوي، لما أبعتلك تنزل وترفض تنزل، ولما قبلها تعلي صوتك عليا، كل ده مش مقبول بالنسبالي"
مراد كان ثابت، ملامحه ما فيهاش أي تردد، رد عليها بصوت هادي لكنه حاسم "مش هقدر أكون موجود في مكان مراتي مش موجودة فيه، مش هقدر أحط لقمة في بوقي من غيرها، الأكل هيكون من غير طعم، صدقيني المكان اللي مراتي متكونش فيه، ما يلزمنيش، رفضك ليها كأنك رفضاني بالظبط، اما لاني عليت صوتي فده بسبب نرفزتي، انتي بتهيني مراتي قدامي فده رد طبيعي، مش هنكر اني غلطان بس كنت رد فعل "
ثريا رفعت حواجبها بدهشة، ضيقت عينيها وهي بتراقبه، وبعدين قالت بسخرية واضحة "للدرجة دي؟ واحدة زي دي تعمل فيك كده؟"
مراد قرب بجسمه، نبرته بقت مليانة صدق وحزم "أنا بحبها يا تيته، راعي مشاعري وبلاش تقفي قصادنا، ليلى في كفة، وكل الناس في الكفة التانية."
ثريا ضحكت ضحكة خفيفة، فيها خبث، وقالت بنبرة متلاعبة "وأنا هحاول أتقبلها... بس متحلمش بأكتر من كده، عشانك انت بس."
مراد بصّلها للحظات، حسّ أنها مش مقتنعة، لكن مجرد أنها قالت كده كان كافي بالنسباله في الوقت الحالي، اتنفس بعمق، وبصّلها بامتنان وقال بصدق "مش عارف أقولك إيه... بس كلامك عندي كبير"
ثريا ما ردتش، بس بصت له نظرة أخيرة قبل ما تسيبه وتخرج، وسابته واقف في مكانه، بين إحساس الراحة المؤقتة والقلق من اللي جاي
ثريا خرجت من أوضة مراد وهي ملامحها متجهمة، وقبل ما توصل للممر، لقت سهام مستنياها عند الباب، ملامحها كلها ترقب وهي بتقول بصوت واطي "عملتي إيه؟"
ثريا أخدت نفس عميق وقالت ببرود "فعلاً زي ما قولتي، متعلق بيها ومش هيسيبها."
سهام رفعت حاجبها بدهشة، قربت منها أكتر وقالت بنبرة متحمسة "طب وعملتي إيه؟"
ثريا ابتسمت ابتسامة خفيفة فيها خبث وقالت "قولتله إني هتقبلها."
سهام ضحكت ضحكة قصيرة وقالت بحماس "حلو أوي كده... يبقى لازم نخلص منها زي ما خلصنا من اللي قبلها، بابا محذرناش منها، يبقى نلعب براحتنا."
ثريا سابت الكلام يتردد في دماغها، ملامحها كانت جامدة، لكن عينيها كان فيها نظرة غامضة، ما بين التفكير والتخطيط، ولسه اللي جاي كان أخطر.
تاني يوم مراد كان بيلبس بسرعة، مستعد للخروج، لكن ليلى قربت منه بخطوات هادية "مراد، أنا زهقت من القعدة في الأوضة هنا، هكلم أدهم ونخرج شوية، ماشي؟!"
مراد وقف مكانه، لف ناحيتها بعينين ضيقة "تخرجي معاه؟"
هزت راسها ببساطة وقالت "أيوه، علشان زهقانة."
ملامحه اتشددت وهو بيقول بحدة "أنا موجود أهو، تكلمي أدهم بتاع إيه؟"
حاولت تهدي الموقف وقالت "عادي يا مراد، أدهم زي أخويا، من ساعة ما جيت هنا وهو معايا علطول، وبينفذ اي حاجه اطلبها منه"
حس بضيق، صوته كان اهدى لكن أخطر وهو بيقول "الكلام ده قبل ما أكون أنا موجود، فاهمة؟"
ليلى اتنهدت بحيرة وقالت "بس انت مشغول يا مراد، اهو هتخرج وتسيبني لوحدي، مينفعش أقولك وانت مضغوط كده وعندك شغل"
مراد قرب خطوة، صوته كان قاطع وهو بيرد "لاء طبعًا، تقوليلي أنا... أومال أنا لازمتي إيه؟! أسيب الدنيا كلها عشانك عادي، بس ليه تلجأي لغيري مش فاهم؟"
ليلى رفعت إيديها كأنها بتهدي الوضع وقالت بهدوء "عادي والله، إنت مكبر الموضوع ليه؟ أدهم مش بس ابن عمتي، بقى صاحبي كمان، من ساعة ما جيت هنا وهو معايا."
مراد شد فكّه بغضب واضح، رد بصوت واطي لكنه قاطع "ده مش مقبول خالص بالنسبالي، أدهم ابن عمتي انا كمان وبحترمه، بس مش هسمحلك تخرجي معاه طول ما أنا موجود، مش هكون مرتاح وانتي محتاجه لغيري، فاهمة؟ فـياريت متطلبيش مني حاجة زي دي تاني، تمام؟"
ليلى شافت الجدية في عيونه، فهزّت راسها وقالت بنبرة معتذرة "لو كنت أعرف إنك هتتضايق مكنتش طلبت منك، بس بقالي فترة مش بشوفه، فقولت منها أقعد معاه شوية ومنها أغير جو."
مراد أخد نفس عميق وهو بيحاول يهدي نفسه، بص لليلى اللي كانت واقفة قدامه بعيون بريئة، شايلة في نظرتها شوية زعل، قرب منها أكتر، لمس خدها بإيده بحنان وقال بصوت دافي "ما تزعلنيش منك، أنا مش عايزك تحسي إنك لوحدك أو مضطرة تروحي لحد تاني غيري عشان تحسي بالونس، أنا هنا علشانك، ولو حسيتي بالملل أو الضيق، قوليلي، هنخرج سوا، هنغير جو سوا، بس بلاش تحسسيني إنك محتاجة لحد تاني غيري."
ليلى ابتسمت ابتسامة صغيرة، حسّت بحنيته وضعفه قدامها، رفعت إيدها ولمست كفه اللي كان على خدها وقالت بهمس "أنا مقصدتش أزعلك، أنت أغلى حاجة عندي يا مراد، بس كنت حاسة بالزهق شوية."
مراد شدها في حضنه بحب، حضنها بقوة كأنه عايز يطمنها ويطمن نفسه، همس جنب ودنها "متخافيش، طول ما أنا موجود، عمري ما هسيبك تحسي بالوحدة."
ليلى ضحكت بخفة وهي حاسة بالأمان بين دراعاته، رفعت وشها وبصتله وقالت "طب دلوقتي أنت رايح فين؟"
مراد ابتسم وهو بيشد خصلة من شعرها بحنان وقال "رايح أشوف شغلي، بس طالما مراتي زهقانة، يبقى هنخرج بعد ما أخلص، موافقة؟"
ليلى عيونها لمعت بالسعادة، هزّت راسها بسرعة وقالت بحماس "موافقة طبعًا!"
مراد ضحك وهو بيطبع قبلة خفيفة على جبينها، وبعدها استعد للخروج
قبل ما يخرج، لف وبص لليلى بتركيز، صوته كان هادي لكنه مليان تساؤل "علاقتك كانت عاملة إزاي بإدهم لما جيتي هنا؟"
ليلى سكتت لحظة، كانت بتحاول تفهم كلامه، ولما استوعبت أنه بيحاول يخفي غيرته، ابتسمت بخفة وقالت "عادية، كان بييجي يوميًا يقعد معايا ويحاول يأخدني على الجو هنا "
مراد رفع حاجبه، قرب منها خطوة وسأل بنبرة أعمق "وبييجي يوميًا ليه؟ مكنش في حد غيره يعني؟"
ليلى ابتسمت أكتر، قربت منه وحطت إيدها على صدره وقالت بهدوء "مراد، أنت عارف إني كنت لوحدي هنا، وهو كان الوحيد المتاح يساعدني، عماتك كلهم متجوزين وبناتهم متجوزين ومحدش بييجي هنا اصلا، ادهم الوحيد اللي كنت مرتاحه معاه، واكيد انت شايف بنفسك الوضع، دي حاجه مزعلاك يعني "
مراد فضل ساكت لثواني وهو بيبصلها، وبعدها سحب نفس عميق وقال بصوت هادي لكن واضح فيه الحسم "مفيش حاجة تزعلني طول ما أنتي عارفة حدودك، وبتقدّري أنا مين في حياتك."
ليلى حطت إيديها على خده بحب وقالت "أنا مقدراك جدًا، وعارفة إنك مش زي أي حد، وادهم بالنسبالي كان مجرد سند في وقت كنت محتاجة حد يفهمني، بس دلوقتي أنا معاك، ومش محتاجة حد غيرك."
مراد ابتسم أخيرًا، لمس كفها بحنان وقال "تمام، بس خلي بالك، أنا مش هقبل إنك تحتاجي حد تاني غيري أبدًا، عايز اكون كل حاجه ليكي"
ليلى ضحكت وقالت بخفة "وأنا مش محتاجة غيرك اصلا يا سي مراد"
مراد قرب منها ومسك ايديها، باسها بحب وقال " بحبك"
قالت بابتسامه " بموت فيك"
يصلها بابتسامه مليانه حب وبعدها لف وخرج وهو متطمن، وليلى واقفة مكانها، مبتسمة وسعيدة إنها قدرت تهدي غيرته بطريقة لطيفة.
عدت الأيام، ومراد كان خلّص كل ترتيباته، ظبط دنيته وقرر إنه يمشي هو وليلى، يسيبوا المكان ده بكل مشاكله وذكرياته.
نزل تحت وجمع الكل، ملامحه كانت جامدة، نظرته ثابتة وهو بيتكلم بجدية ومستعد للعواقب، وعنده قنبله هيفجرها الليله، هيقلب الطاوله عليهم كلهم "أنا وليلى هنمشي من هنا."