رواية سوء تفاهم الفصل الخامس عشر15والاخيربقلم بتول عبد الرحمن


رواية سوء تفاهم الفصل الخامس عشر15والاخيربقلم بتول عبد الرحمن





سهام ابتسمت بانتصار وهيا بتسمع أن خطتها بتنجح، لمعة الشر في عيونها فضحت كل اللي جواها، نزلت بسرعة على ثريا، ملامحها مليانة غل وانتصار، وقالت بثقة "كله تمام."
ثريا رفعت عيونها ليها بترقب وسألتها ببرود "خلصتي عليها؟"
سهام هزت راسها وهي بتبتسم بخبث "لاء... لسه، هخليهم يقتلوها قدام عنيه."
ثريا ضيقت عينيها، صوتها كان حازم وهي بتقول "بلاش يا سهام، قولتلك مش عايزة شوشره، تخلصي منها بهدوء."
لكن سهام كانت مصرّة، الشر كان متحكم فيها، نبرة صوتها كانت مليانة وجع وغضب وهي بتقول "لازم أحرق قلبه عليها.. زي ما حرق قلبي على بنتي!"
ثريا اتنهدت بقلق، هي كانت فاهمة وجع سهام بس مش عايزة الموضوع يجذب الأنظار أكتر، سألتها بصوت هادي"وهي فين دلوقتي؟"
سهام ابتسمت بخبث وقالت "في السرايا القديمة.. حطتها هناك لحد ما أجيبه هو كمان."
كل ده كان تحت سمع شادية اللي كانت واقفة بعيد بتسمع الكلام بصدمه، قلبها كان بيدق بسرعة، لازم تتحرك قبل ما يفوت الأوان!

مراد فاق، كان لسه في مكانه، جسمه موجوع وكأن حد داس عليه بمية رجل، بس أول ما افتكر اللي حصل، قام بسرعة، عينه دورت على موبايله اللي كان مرمي على الأرض، مسكه ورن على شادية، صوته كان مليان توتر وغضب.
"اعرفي سهام حطت ليلى فين.. بسرعة!"
شادية اترددت لحظة، بس في الآخر قالت بصوت واطي"في السرايا القديمة.. قالت هتخلص منها قدامك، هتحرق قلبك عليها.. الحقها بسرعة، بس خلي بالك من نفسك، متروحش لوحدك"
مراد قفل المكالمة بدون أي كلمة زيادة، رمى الموبايل على الكرسي جنبه، وداس على البنزين بكل قوته، الطريق كان طويل، بس في عينه مكنش فيه غير هدف واحد..."ليلى"

وصل عند السرايا
الرجالة كانوا واقفين على البوابة، مراد قرب منهم بهدوء، جه من ورا واحد، مسك رقبته بسرعة ولفها بعنف، الصوت اللي طلع كان كفاية يخلي التاني يلف بسرعة بس قبل ما يتحرك، الطلقة كانت سبقت تفكيره، وقع على الأرض بدون نفس.
دخل السرايا، مسدسين في إيده، كل ما يشوف حد، يضربه بدون تردد، بدون رحمة، كان عامل زي التور الهايج، واحد ورا التاني وقعوا تحت رجله، لحد ما فتح باب أوضة وشافها..
ليلى كانت موجوده ومربوطه، حاطين على وشها قناع ، قرب منها بسرعه وفكها، رفع القناع من على وشها وهو شايف رجفتها، اول ما شافته رمت نفسها في حضنه وهي بتترعش، الدموع كانت بتنزل من غير صوت، بس حضنها كان بيحكي كل اللي عدا عليها.
مراد مسك وشها وقال بسرعة "لازم نخرج من هنا، بسرعة.."
بس قبل ما يتحركوا، الباب اتفتح بقوة، وصوت سهام المليان خبث ملى المكان "شاطر يا مراد.. وصلت لوحدك.. قولت تيجي بنفسك بدل ما أجيبك.. واهو تشوفها وهي بتموت قدامك، هي وابنك!"
مراد وقف مكانه، عينه وسعت وهو بيبص لليلى اللي كانت بتترعش في حضنه، سألها بصدمة
"ليلى...؟!"
سهام ابتسمت بنصر وقالت "هي مقالتلكش؟ مراتك حامل يا مراد.. والنهارده هحرق قلبك عليها وعليه!"
مراد كان متلخبط، كان مصدوم، قلبه بيدق بجنون، ومخه مش قادر يستوعب الصدمة، هو دلوقتي مش مسؤول عن ليلى بس، لاء، مسؤول عن ابنه كمان! ابنه اللي لسه حتى مظهرش للدنيا، واللي سهام بتهدده إنه مش هيشوفه أبدًا.
مشاعره كانت متلخبطة جدًا، المفروض يفرح، المفروض يحضن ليلى ويباركلها، بس إزاي يفرح وهو شايف الموت حواليهم؟ فرحته اتقطعت قبل حتى ما يحسها، وكأنها كانت مجرد سراب، وهم مش مسموح ليه يحسه
شدد على قبضة ايده، عنيه كانت ما بين ليلى وسهام، صوته كان مليان غضب وكبت "ابعدي عنها يا سهام.. كفاية اللي حصل، كفاية اللي دمرتيه!"
بس سهام ضحكت ضحكة خلت الدم يغلي في عروقه، وقالت ببرود "لاء لسه.. لسه موصلتش للنار اللي حرقت قلبي على بنتي.. كنت فاكرني هسيبك تخرج من هنا بيها؟ لاء يا مراد.. دي نهايتكم انتوا الاتنين!"
مراد بلع ريقه، دماغه بتلف، مخه بيحاول يلاقي أي مخرج، بس قلبه كان متلخبط.. خوفه على ليلى، غضبه من سهام، والمسؤولية اللي بقت فجأة مضاعفة عليه، كل ده كان بيخنقه.
سهام خرجت بخطوات هادية، نظرتها كلها خبث وشر، وقبل ما تمشي، قالت للناس اللي معاها بصوت بارد لا فيه رحمة ولا إنسانية "كتفوه، اغتصـ ــبوها قدامه وبعدها اقـ ــتلوها، احرقوا قلبه!"
قالتها وهي بتبتسم ومشيت تدندن كأنها معملتش حاجه
مراد كان هيتجنن، الدم فار في عروقه، عينيه بقت سودا من الغضب، بس مش على نفسه... على ليلى! على مراته اللي واقفة قدامه مرعوبة، حاضنة بطنها بخوف على ابنهم اللي جوه، وعدد اللي قدامه كبير اكبر من تحملاته
شاف واحد من الرجالة بيتحرك ناحيتها، والتاني بيقرب منه عشان يمنعه يتحرك، بس مراد ما كانش شايف غير اللي ناوي يلمس ليلى، بعنف، نطر اللي ماسكه، واندفع ناحية اللي بيتوجه لليلي ضربه بكل قوته، كان بيضرب بدون رحمة، بدون تفكير، كأن القوة اللي جواه ما بتنتهيش، اضطر يلجأ للمسدس.
واحد ورا التاني وقعوا، بعضهم ميت، بعضهم متصاب، وبعضهم بينزف على الأرض مش قادر يتحرك.
ليلى جريت عليه، كانت بتتنفس بصعوبة، بس ما شافتش غيره، ما شافتش غير الجروح اللي مالية جسمه، وشه اللي بقى ملهوش ملامح من كتر الضرب.
"مراد!" نطقت اسمه بخوف وهي بتمسكه قبل ما يقع، بس جسمه كان خلاص منهك، كان بيترنح، لحد ما سند نفسه عليها، رفع إيده ولمس وشها بحنية رغم كل اللي فيه، ابتسامة صغيرة ظهرت في وسط الدم وقال بصوت واهن "مستحيل اسمح لحد يقرب منك... ولا من ابني."
عينيها اتملت بالدموع أكتر، رغم كل اللي حصله، لسه بيفكر فيها... في ابنهم.
"يلا نمشي من هنا يا مراد، تعالي نروح المستشفى، انت اتشلفطت عشاني!" قالتها بصوت بيترعش، بس مراد ابتسم وقال بصوت ضعيف "ومستعد أموت عشانك."
مسكت إيده، شالتها بإيدين بتترعش وكأنها عاوزة تحافظ عليه حي بأي طريقة، وخرجوا مع بعض. 
مراد كان هلكان، بيتنفس بصعوبه، بيترنح في مشيته، مكانش قادر بس لازم يخرجوا من هنا، هو خلص طاقته في عدد كبير، بالرغم من أنهم هواه بس كان حاسس بتعب، كان خلصان، ليلى كانت سانداه لحد ما خرجوا لبره شويه، مراد وقف في مكانه، جسمه كله اترعش، وجع شديد في جسمه، حس بحاجة دافية بتنزل على بطنه.
بص لنفسه ببطء، إيده اترفعت على جنب بطنه… دمـ ـه.
اكتشف أنه متصاب بطلقه، لكنه مكانش حاسس، الجرح كان كبير، والدـ ـم بينزل بغزارة.
ليلى لاحظت ارتعاشه، شافته بيبص لنفسه بصدمة
"مراد؟!" صوتها كان كله خوف وهي بتحاول تسنده أكتر، بس هو كان بيترنح، عينيه بتغيم، ووقع على ركبه.
"لا لا لا، مش دلوقتي، مراد، قوم، اسند عليّا، استحمل، هنخرج من هنا"
بس هو كان حاسس إن رجله تقيلة، كل حاجة حواليه بقت ضباب، كان سامع صوتها، حس بإيديها بتضغط على جرحه تحاول توقف الدم، بس خلاص…
همس بصوت ضعيف
" امشي يا ليلى، عايزك تبعدي عن هنا قبل ما حد تاني ييجي"
هزت راسها بسرعه وبعدم تصديق
"مش هسيبك، مستحيل!" كانت بتعيط بحرقه، بترج جسمه، بس هو ابتسم، ابتسامة ضعيفة وهو بيرفع إيده ويمسح دموعها، وشها بقا مليان دـ ـم أثر لمسته، قال بوهن" وشك اتبهدل" 
قالت بسرعه ودموعها مستمره في النزول " فداك عمري كله "
ابتسامة صغيرة ظهرت وهو بيقول بصوت يكاد يكون همس "مش قولتلك... مستعد أموت عشانك؟... أنتي أحلى حاجة حصلتلي..."
هزت راسها بعنف، دموعها بتنزل أكتر، مش قادرة تصدق اللي بيحصل "لا! هتبقى كويس! هموت من غيرك، انت وعدتني!"
مسكت إيده، وحطتها على بطنها، بصوت مليان رجاء قالت "ابنك هنا، مستنيك يا مراد، هنمشي من هنا وهنعيش مع بعض، هتكون معانا!"
بصلها بعينين مليانين وجع، كان نفسه يصدقها، بس كان عارف إن وقته خلص، ابتسامة حزينة اترسمت على شفايفه وهو بيقول بصوت مخنوق "كان نفسي... دي أحلامي يا ليلى... بس من إمتى الأحلام بتتحقق؟..."
شهقت بالبكاء، مسكت وشه بإيديها، قربته منها وكأنها بتحاول تنفخ فيه الحياة، لكنه بصعوبة قال "خلي بالك على نفسك... وعلى ابننا... كلمي أدهم لما تخرجي من هنا، هو هيمشيكي من هنا... عيشي يا ليلى... متخليش سهام تأذيك... ابني أمانة عندك... ربنا يعلم اني كان نفسي اعيش معاكي اكتر بس هو نصيب"
بصلها للمرة الأخيرة، عيونه بتتأمل ملامحها اللي بقت آخر حاجة هيشوفها في حياته، وبعدها... همس
"بحبك..."
وبعدين...
عيونه اتقفلت.
ليلى اتجمدت، عقلها رفض يصدق، فضلت تهزه، تصرخ، تنهار وهي بتقول
"مراد!!! مراد فتح عيونك! مراد بالله عليك رد عليا! مش قولت مش هتسيبني؟! هتكون كويس والله، فتح عينيك وبصلي"
لكن ما كانش فيه أي رد...
صرخت، صرخة هزت المكان، وجعها، حزنها، كسرتها، خرجوا كلهم في الصرخة دي وهي بتصرخ بألم، بصوت اخترق السما
"مراااااااااااااااااااااااااااد!!!" 

كانت حاسة إن الدنيا كلها ضلمت في لحظة، المكان بقى صامت بشكل يخوف، حتى صوت أنفاسها كان مخنوق، كأن روحها بتنسحب معاها.
حطت راسها على صدر مراد، بتحاول تسمع أي نبضة، أي إشارة إنه لسه هنا، لكنه كان ساكن... بارد... بعيد!
شهقت بحرقة، دموعها كانت بتنزل بدون توقف، إيديها كانت بتترعش وهي بتحضنه أكتر، بتحاول تمسكه، بتحاول تزرعه في الدنيا اللي قررت تاخده منها غصب!
"مراد بالله عليك، متسبنيش... أنا ضعيفة من غيرك، أنا بموت يا مراد، حاسة إن روحي بتطلع، ما تمشيش وتسيبني لوحدي!"
كلامها كان مليان ألم، صوتها كان مكسر، مش قادرة تصدق إن ده فعلاً بيحصل، إن الشخص اللي حماها بكل قوته، اللي ضحى بنفسه علشانها، خلاص... مشي!
رفعت راسها ببطء، عيونها الضايعة فضلت تدور في ملامحه على أي حركة، على أي دليل إنه بس نايم... مش رايح للأبد!
بس ما كانش فيه غير السكون... والبرد اللي بدأ يزحف لجسمه، واللي خلا قلبها ينزف أكتر!
عدى وقت وهيا منهاره، متعرفش ايه اللي حصل، هما فين والساعه كام وهيا بقالها قد ايه كده، مكانتش مستوعبه اي حاجه، مكانتش مصدقه نفسها، حبيبها راح، ملحقتش تعيش معاه، وبسبب مين، بسبب سهام، اه هيا سهام، سهام السبب، عايشه وسط ناس قاتله، مكانتش حاسه بحاجه خالص في حياتها ولا فارق معاها غير اللي حرمتها من الشخص الوحيد الصح في حياتها، خرجت من المكان وهيا مش في دماغها غير أنها تنتقم لحبيبها، يا قاتل يا مقتول انهارده، خرجت وركبت عربيته وعينيها سوده من الغضب، موبايل مراد جنبها بيرن، عينيها كانت مشوشة بالدموع، بس قدرت تلمح اسم "شادية" على الشاشة.
بإيد مرتعشة، فتحت المكالمه
جه صوت شادية من الناحية التانية، صوتها كان عادي في الأول، جاهل تمامًا المصيبة اللي حصلت "مراد بيه حضرتك كويس؟"
لكن ليلى كان صوتها مليان رعب وألم
" م....مراد مات"
ليلى استغربت كلمتها، ايه اللي هيا بتقوله ده، وليه بتقول كده، شهقت شادية بصدمة، كأن الدنيا وقفت عندها، كل كلمة سمعتها كانت زي طعنة في قلبها "يا مصيبتي!"
لكن ليلى كانت خلاص منهارة تمامًا، صوتها طلع مقهور
"هو وعدني مش هيسيبني! والله وعدني! وعدني هيحميني! وعدني هيكون في ضهري وعمره ما هيسيبني! بس مقدرش ينفذ الوعد ده، وكل ده بسببها، هيا اللي حرمتني منه"
دموع شادية نزلت بدون ما تحس، كانت عارفة إن الألم اللي في صوت ليلى مش ألم عادي، ده وجع كسرة، وجع فراق... وجع ضياع.
حاولت تتمالك نفسها وقالت بصوت ثابت رغم الرجفة اللي فيه "أنا معاكي في أي حاجة هتعمليها"
ليلى مسحت دموعها بعنف، نظرتها كانت شر، مستعده لأي حاجه وقالت " يبقى تنفذي اللي اقولهولك"
بعد ما قالتلها طلبها 
بهدوء قاتل، رمت الفون من إيدها، بصت للمكان نظرة أخيرة، بعدها اتحركت... ودموعها كانت آخر شيء سابته وراها، لكن نار الغضب كانت مشتعلة جواها، ومستحيل تنطفي!

وصلت ليلى البيت وهي بتاخد أنفاسها بصعوبة، قلبها كان بيدق بجنون من الغضب، من القهر اللي ماليها، شادية كانت مستنياها، فتحت لها الباب الخلفي بسرعة، من غير كلام، بس عنيها كانت بتقول كل حاجة.
أول ما دخلت ليلى، اتجمدت في مكانها، نظرتها وقعت على الفستان اللي كانت لابساه، غرقان بالدم… دم مراد! 
ليلى رفعت عنيها لشادية وقالت بصوت بارد رغم العاصفة اللي جواها "عملتي اللي اتفقنا عليه؟"
شادية هزت راسها بتأكيد "مفيش حد في البيت غيرهم… هما الاتنين بس."
الكلمات دي زودت النار اللي جوا ليلى، الغضب كان بيجري في عروقها، بصت لشادية، والكره اللي في عيونها كان واضح.
شادية بصوت هادي، بس مليان معاني "طلبوا مني قهوة… واهي جاهزة."
طلّعت حاجة صغيرة من جيبها،ازازه شفافة فيها سائل قاتم، بصت لليلى وقالت "ده سـ ـم قوي… مش بيموت على طول، الأول بيهري كل اعضاء الجسم وبعدها بيموت"
ليلى مسكته بإيدها المرتعشة، بس بسرعة تمالكت نفسها، فتحتها وصبت السم في فناجين القهوة ببطء… وهي بتحس بكل نقطة منه كأنها انتقام صغير بياخد حق مراد.
بصت لشادية، بصوت مليان قهر وأمر صريح "طلعيهالهم"
شادية أخدت القهوة وخرجت، في اللحظة دي، ليلى سمعتهم.
بره، في الصالة…
سهام كانت قاعدة مع ثريا، ابتسامتها كانت مليانة غل، وهي بتتكلم بمتعة "مشوفتيش رعبها ولا رعبه؟ وخصوصًا لما عرف إنها حامل! خليه يتقهر عليهم العمر كله."
ثريا كانت هادية بس صوتها كان فيه توتر "أهم حاجة محدش يقرب منه… مراد لاء"
سهام ضحكت، ضحكة خبيثة وقالت "يادوب خد علقة محترمة… أنا عايزاه يتعذب، مش يرتاح!"
فجأة، دخلت شادية بالقهوة، وقفت قدامهم، سكتوا للحظة، بعدها خدت كل واحدة فنجانها وبدأوا يشربوا.
سهام ارتشفت منها باستمتاع وقالت "نفسي أشوفه بعد اللي حصل."
ثريا ابتسمت هي كمان، شربت من الفنجان وقالت بارتياح "خلصنا من بنت عبد الرحمن أخيرًا!"
لكن ليلى، اللي كانت واقفة ورا الباب، كان الوضع عندها مختلف…
كانت حاسّة بغليان، بقهر، بغضب لو اتحول لنار هيحرق الدنيا كلها، كانت عايزة تخرج تقتلهم بنفسها، بإيديها، بدون وسيط، بدون سم، وده اللي حصل 
مسكت سكـ ـينة  وقطعت انبوبه البوتوجاز، فتحت كل العيون
شاديه دخلت، بصت للسكـ ـينة  اللي في إيدها، وبصوت حاسم، سألتها "بتعملي إيه؟"
ليلى ردت بثبات، بدون تردد
"دورك خلص، امشي إنتي!"
خرجت ليلى، بخطوات ثابتة، بعيون مش شايفة غير هدفها… السكـ ـينة في إيدها، والانتقام كان أقرب من أي وقت مضى

بمجرد ما شافوها…
الوقت وقف، الصدمة غطت الموقف كله، عيونهم وسعت بعدم تصديق، وكأنهم شافوا شبح قدامهم.
سهام شهقت، الفنجان وقع من إيديها على الطاولة بصوت عالي، نظرتها كانت متسمرة على ليلى.
ثريا، بايد مرتعشة، مسكت فنجانها بقوة وكأنها بتحاول تتأكد إنها في حقيقة مش كابوس… عينها كانت متعلقة بالسكـ ـينة  اللامعة في إيد ليلى، وبعدين رفعت نظرها ببطء لعيونها… العيون اللي كانت مليانة نار، نار انتقام مفيش حاجة في الدنيا هتطفيها.
ليلى اتحركت خطوة لقدام، بصوت مليان غل، عيونها مش بترمش وهي بتقول
"لاء… مموتتش، مش بموت بسهولة، ومش هسمح لنفسي أموت قبل ما انتقم!"
الكلمات وقعت زي الصاعقة، الصمت كان خانق، قبل ما ثريا تتلعثم بصوت مهزوز "إنتي… إنتي انهبلتي ولا إيه؟ إيه اللي في إيدك دي؟!"
ليلى ابتسمت… ابتسامة مليانة قهر، ابتسامة كانت أسوأ من ألف تهديد، وقالت بصوت منخفض بس كل كلمة منه كانت بتقطع فيهم "دي؟… دي سكـ ـينة ."
رفعتها قدامهم، خليتهم يشوفوها كويس، خليتهم يستوعبوا الرعب الحقيقي اللي مستنيهم، وبعدها بصت لهم نظرة طويلة، باردة، وقالت بهمس "هآخد بيها روحكوا… هنتقم"
قربت، وقربت 
ثريا قالت بحدة وهي بتحاول تخفي رعشتها "إنتي اتجننتي بجد؟! إزاي ترفعي علينا السكـ ـينة ؟!"
سهام أخيرًا استوعبت، نظرتها اتحولت لغضب أعمى وهي بتصرخ "إنتي بسبع أرواح ولا إيه يا بت؟! كل ما أحب أخلص منك، تظهريلي تاني! يبقى لازم أخلص عليكي بإيدي!"
هجمت عليها بسرعة، لكن ليلى كانت أسرع…
بغل وقهر، غرزت السكـ ـينة في بطنها وهي بتصرخ "دي كده الموتة التانية… أصل القهوة كانت مسمومة!"
ثريا شهقت بفزع، جسمها وقع على الكرسي، عيونها وسعت من الصدمة…
سهام فتحت بُقها شهقة ألم، الدـ ـم نزل من بوقها، عيونها بتبص لليلى بعدم تصديق… لكن ليلى لسه مخلصتش…
سحبت السكـ ـينة وغرزتها تاني وهي بتهمس بقسوة "أول موتة… عشان ستي!"
سحبتها تاني، وغرزتها بوحشية أشد، وكأنها بتقتلع روحها معاها، وقالت بجنون
"وتاني موتة… عشان أمي!"
سحبتها آخر مرة، عيونها كانت مليانة شرار، غرستها ببطء وكأنها بتديها كل العذاب اللي عاشته، وهمست بصوت مليان انتقام "والأخيرة… عشان حبيبي اللي قتلـ ـتيه بدم بارد يا مجرمة!"
سهام شهقت، جسمها اترنح ووقع على الأرض، غرقانة في دمـ ـها… انتهى أمرها!
لكن ليلى مكنتش هتسيب ثريا كمان … قربت منها، كانت بتنهج بخوف، عينيها مليانة رعب، مش مستوعبة اللي بيحصل…
ليلى قربت ببطء، السكـ ـينة في إيديها بتقطر دم، حطتها عند رقبتها وهمست بصوت هادي لكنه كفيل يخلي ثريا تترعش "هتموتي يا ثريا… ومش هتشوفي جنيه من الورث… طلعي في الروح يلا، وزي ما قولت لبنتك!"
وبدون تردد، غرست السكـ ـينة في بطنها وهي بتهمس بخبث "أول موتة… عشان ضرتك!"
سحبتها بقوة، وغرزتها تاني وهي بتقول بقسوة أشد "ودي… عشان أمي!"
ثريا شهقت، عينيها اتقلبت… جسمها تراخى… خلصت!
ليلى بصتلهم نظرة أخيرة، عينيها باردة، وبعدها…
تفت عليهم بغل، ولفت عشان تمشي، خرجت من البيت و......
بـــــــــووووووم!!
انفـــــــجــــــــار!
كل حاجة اهتزت، النيران ولعت في البيت، الدخان غطى السما، وكأن الجحيم فتح بابه علشان يبلع اللي يستاهلوا العذاب!
رجليها خانتها، وقعت على الأرض، إيديها اتحطت على بطنها… عينيها مليانة دموع… بصت على البيت اللي بيتحرق قدامها وبصوت مرتجف همست "حقك رجع يا مراد… خدتهولك بنفسي… بقيت مجرمه زيهم"
دموعها نزلت بحرقة، ابتسمت رغم الألم، حطت إيديها على بطنها بحنان وهمست بصوت متقطع "سيبتلي أغلى حاجة… لو هحبه، فده علشان هو ابنك…"
بصت للسما، عينيها مليانة حزن، وهمست بكلمة أخيرة
"في رعاية الله يا حبيبي!"


                   تمت

تعليقات