رواية شعيب الفصل السادس والعشرون26بقلم شيماء عصمت
احذرْ من ذاتك ألف مرة فمن قال (النفس أمّارة بالسوء) لم يكُ يكذب بل كان يعلم أنّ بعض الناس فاسدو القلب وجِدوا لدمار نفسهم وتدمير من حولهم..!
_أنا عايز أشوفك .. محتاجلك
قرأت الرسالة أكثر من مرة بعينين حزينتين ذابلتين وكأنها زهرة لم تُسقَ منذ أيام .. كانت مرهقة النفس مهمومة القلب ، قلبها العليل بحب "مـازن" لم ترَه من بعد وفاة والدته "وفـاء" فبعد إنتهاء مراسم العزاء أصدرت والدتها فرمان بقطع علاقتها مع "مـازن" بشكل نهائي ، إعترضت وبكت وترجّت ولكن قلب والدتها لم يَلِن فقط رمقتها بصلابة وتركتها محطمّة القلب ، ومن يومها وهي لم تخرج من غرفتها تتجاهل رسائل "مـازن" التي تعد على أصابع اليد الواحدة ، تتجاهلها دون إرادتها تشعر بالخجل لعدم مساندتها له في محنته ولا تعلم كيف تفسر له إبتعادها؟ بما تخبره؟ أتخبره برغبة والدتها في إلغاء خطبتهما؟ ولكن هل سيتحمّل؟ تشفق عليه فـيكفيه مصابه في شقيقته و ألمه لفراق والدته!!
خرجت من شرودها بسبب إقتحام "حنـان" لغرفتها دون إستئذان ، لم تتحدث "تقى" ولم تنظر لها فصرخت الأخيرة بحنق: ست الحسن والجمال هتفضل قافلة على نفسها الأوضة لحد إيمتى؟ لو فاكرة إنك بالشكل دة بتلوي دراعي وهتخليني أرجع في كلامي فـتبقي موهومة موضوع مـازن إنتهى وأبوكِ هيبلّغه النهاردة إن كل شيء نصيب
رمقتها بذهول قبل أن تصرخ بقهر: بس أنا مش موافقة يا ماما أرجوكِ متعمليش كدة متكسريش قلبي وقلبه
_بلا قلب بلا زفت أنتِ ليه مش عايزة تفهمي؟ يا بنتي أنا خايفة عليكِ والله العظيم أنا بعمل كل دة عشانك بكرة الأيام تعدي وتقولي أمي كان عندها حق
هزت رأسها بنفي ودموعها تغرق وجنتيها قبل أن تهمس بيأس: لو مكنتش لمازن مش هبقى لغيره لا أنا هقدر أنساه ولا هقدر أحط حد تاني مكانه
صرخت حنـان بغيظ قائلة: هموت ناقصة عمر بسببك اللي أنتِ ماسكة فيه بإيدك وأسنانك دة أخوه وأخته شياطين تتخيلي هو هيكون إيه؟ ملاك بجناحين؟ أكيد لا مش بعيد يطلع أنيل منهم
_صوابعك مش زي بعض يا ماما
_بلا صوابع بلا قوانص هي كلمة ومفيش غيرها كل شيء بينك وبينه إنتهى وإحمدي ربنا إنك لسة على البر
إندفعت حنـان إلى الخارج تلهث بإنفعال قلبها يؤلمها لأجل ابنتها لا تريد الشقاء لها ولكنها لا تستطيع أن تدفعها لهلاكها فلم تعد تثق بأي من أولاد "توفيق"
إنتبهت لسالم الواجم فهتفت بحنق: سـالم وحياة ربنا أنا ما ناقصة هتطلع إيمتى لمازن تبلغه
أجابها ببرود: أبلغه بإيه؟
_إن الخطوبة إتلغت
_ومين إن شاء الله اللي هيوافقك على الهبل دة؟
صاحت بصدمة شاعرة بالإهانة: هبل!!! أنا هبلة يا سالم؟
_نهاية الموضوع مـازن لتقى وتقى لمازن أنا مش صغيّر عشان معرفش أميّز بين الناس ، مـازن مش زي إخواته وبعدين تعالي هنا أنتِ ضامنة منين لو تقى إتجوزت واحد تاني متطلعش أخلاقه أقذر من عمـاد و نـورا؟! "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"
_ونعم بالله بس
_مابسش وقفلي على الموضوع دة يا حنـان عشان أنا تعبت منك وأصبحتِ لا تطاقي
رمقته بصدمة وهو يندفع خارج الشقة وهمست بصوت مسموع: أنا عملت إيه؟ كل دة عشان خايفة على عيالي؟!!
××××××××××
رمقت جدّتها بنظرات ذاهلة قبل أن تقول بعدم تصديق: حامل؟ لا طبعاً إيه اللي بتقوليه دة يا تيتة
أجابتها بـإستغراب: وليه لا طبعاً؟!! أنتِ مش متجوزة يابنتي؟ يبقي ليه لا؟ مش يمكن ربنا أذن ورحمك شال؟ ولا أنتِ مش عايزة تبقي أم؟
إتسعت عيني لتيـن بإنبهار وهي تتخيل نفسها وقد أصبحت أما لصبي أو فتاة لا يهم.. المهم فقط أن تكون أمّاً
_يا الله .. همستها بتضرع ، برجاء للمولى عز وجل أن يهبها طفل يكون قرَّة عينها وروح فؤادها
خرجت من شرودها قائلة: عن إذنك بقى يا تيتة لازم أطلع عشان البنات ومالك زمانهم صحيوا
أومأت الجدة موافقة فإنسحبت لتيـن شاردة بإتجاه شقتها تلاحقها دعوات الجدّة بصلاح حالها وبالذريّة الصالحة
دلفت إلى شقتها ومازالت ساهمة قبل أن تشهق برعب وهي تشعر بمن يحتضنها من الخلف بتملّك ، وعلى الفور تخللت رائحته الرجولية خلاياها... رائحته التي تُسكِرها
هتفت لتيـن بعتاب رقيق: كدة ياشعيب؟ وقّعت قلبي
أجابها بهمس محموم: سلامة قلبك يا قلبي
إبتعدت عنه بخجل وهي تشعر بلمساته الجريئة قائلة بحرج: شعـيب إحنا في الصالون ما ينفعش كدة
همس بصوت عابث: وماله ندخل أوضتنا
رنت ضحكاتها فتضخّم قلبه بإنتشاء لسعادتها ، لقد تغيّرت لتيـن كثيراً أصبحت كما كانت في الماضي ، شقيّة ، مدللة ، مُهلِكة .. أحيانا لا يصدق أنها اعترفت له بمشاعرها إتجاهه ، فيسألها ويصرّ على سماع إجابتها فتجيبه بخجل بحبها له فيشبعها عناقاً ويمطرها بالقُبلات ويلقي على مسامعها بكلمات الغزل النابعة من وجدانه ، يشرح ويحلل لها مشاعره إحساسه بها لعلّها تدرك قيمتها الفعلية عنده
همس بصوت أوضح مشاعره الجياشة: تدوم ضحكتك وتدومِ ليا
_أنا بحبك
قالتها بصدق وعينيها تُقبّل كل إنشٍ به
أجابها بغرور رغم ضربات قلبه التي تضرب بجنون متأثرة بإعترافها: عارف
_يا بارد
همستها بغيظ وهي تندفع لغرفة "مالك" تطمئن عليه فمنذ وفاة "زوجة عمها" وإختفاء "نـورا" وهي تراعي الصغير وتعتني به لم تحقد عليه بسبب أفعال نـورا المشينة بل أشفقت عليه فما ذنبه إن كانت والدته بقلب معطوب!!
صاحت لتيـن بإبتهاج عندما رأت الصغير مستيقظ: يا صباح الورد على مالك حبيب قلب لتين
إتسعت إبتسامة الصغير حتى شملت وجهه بأكمله ورفع يديه في الهواء يرغب بأن تحمله وبالفعل حملته لتيـن بين ذراعيها وأخذت تمطره بالقُبلات قائلة بحنان: حبيب قلبي يا ناس صحي أبو ريحة جنان
أخذت تستنشق رائحته الطفولية المحببة بإنتشاء غريب
_أبلة لتيـن لو مفيش إزعاج يعني عايز أفطر(هتف شعـيب بإمتعاض يشعر بالغيرة من إهتمامها بالصغير لما لا يكون هذا الإهتمام والدلال له هو وحده فهي ملكية خاصة لشعيب سالم مهران )
أجابته لتيـن بدلال: معلش يا "شوشو" أنا تعبانة النهاردة فأعمل أنت الفطار
جحظت عيناه وارتسمت ملامح الإجرام على وجهه قبل أن يقول بشرّ: شوشو!!! مين شوشو د