
رواية ظلمات ال نعمان بقلم لادو غنيم
الفصل الثالث
بـمراسم الحياة نادتنا أصوات الحنين لـنشعر بـلذة
العيش المنعدم بـقدراً يـقول البعض عنه إبتلاء'
يا خـبير الأقدار لماذا جمعتنا بلقاء بعضنا فـوالله
قـلوبنا لـن تستطيع تـحمل المزيد مـن الألأم'
إذا أنكشف ستار الـمستور لـيبوح بـما سيحطم
قـلبى المـتعب من غـدر الزمان📌
ــــــــــــــ'
مـوافقة'!
قطب جبهته بـتسأول:
لـو مش متاكده من ردك تـقدرى تنسحبى'؟
أجابته بتنهيدة الحصره:
متاكده دى أول مره أخد فيها فرصة الأختيار'
هتفَ بصلابه:
أتفضلى معايا لسه ورانا كام أجراء لازم نعمله عشان نقدر نكتب الكتاب رسمى'!
ضيق عيناها الدامعه بتسأول:
إجراء أيه مش المفروض أننا بنجيب مأذون يكتب أسمينا في ورقه و اتنين شهود و خلاص على كدا نبقى أتجوزنا'؟
و هـو الماذون دا مش محتاج شهادة صحيه بأننا نقدر نتجوز'؟ دا غـير صور لينا و شهود ببطايق سايره'؟
إرتجفت من خوف خاطرها بذكريات زيجاتها الماضيه التى جعلتها تتسأل:
طب لو الشهاده الصحيه متعملتش و الشهود كانت بطايقهم مش شغاله و قسيمة الجواز متسجلتش كدا يبقي إيه نظام الجوازه'و الأهم العروسه مكنيتش، موافقه'!؟
قاله بـرسميه:
باطله بختصار شديد عباره عن ورقه لتحليل نـومهم معا بعض'! و بالأخص بقا النوم دا بيبقى'زنـ ـا'
خـانتها ساقيها و كادت تـقع لكنها أمسكت بـطرف المقعد تـشن حروباً من البكاء الصارخ غـير مباليه بمن معها'فـقد إدركت إن تلك الزيجات الماضيه لم تكن قانونيه بل كانت مجرد وهم لقضاء لليالي بصحبة رجال لا يفقهون شيئاً عن حلال الله'أدركت أن تلك التجارب السابق ما كانت سوا علاقات محرمه'!
وضعت قبضتها على قلبها الذى يـقتلها بألم كادا يـمزق روحها'تزمناً معا قولها المضطرب بـالأنكسار:
الله لا يسامحك'الله لا يسامحك'حسبى الله و نعمه الوكيل خصيمتك يوم موقفاً عظيم يا خويا'خصيمتك قدام ربنا مش مسمحاك دنيا و إلا أخره'إستغفر الله العظيم يارب سامحنى يارب أنتَ عارف إنى مكنتش، أعرف حاجه'أغفر لبنت متعرفش أنها كانت بتغضبك'!
صوتها المنخفض لما يبوح له الفرصه لسماع ما تمتم به'لكن هيئتها كانت تفصح عن هلاك يقتل تلك الغـريبه'فـقتربا خطوتين منها متسائلاً بـرسميته المعتاده:
ايه اللى حصلك'! أنا مقولتش إنى هتجوزك بالطريقة الحقيره ديه'؟ جوازى منك هيبقي قانونى و على سنة الله ورسوله'بس عندى الأول سـوال عشان الماذون هيحتاج أجابته أنتِ بكر و إلا كنتِ مـتجوزه
و نفصلتى عن جوزك'لإنك لـو مكنتيش بكر و قولنا أنك بكر كدا العقد هيبقى باطل دا غير أن الماذون هيحتاج قسيمة الجواز لو كنتِ مطلقه'؟
ماذا يمكن أن تقول له أنها كانت سلعه بيد أخيها'ماذا عليها أن تقول بمثل هذا الموقف المؤلم هل عليه أن تخبره بحقيقة زيجاتها التى أدركت أنها لم تكن يوماً سوا وهم عقوداً باطلة لا يعترف بها القانون الكونى و إلا القانون الربانى'!!
عاود السؤال من جديد:
كنتِ متجوزه و إلا لاء'؟
بلعت لعابها بثقلاً من ثمَ قالت بتردد:
مكنتش متجوزه'!
لـم يكن أمامها خيار للهرب من قفص اخيها سوا الكذب في تلك الحظه التى جعلته يغمض عيناه لبرهه و كأنه يـحجز بـعض الكلمات بـجوف عقله المشتعل بـكل ما يـمر به مـن ثم فـتح جفونه تزامناً معا قوله الجاد:
تمام أمشى معايا'
ــــــــــــــــــــ'
«قصر النعمان حـجرة نـوم داليدا»
واقفه عندك بتعملى إيه'؟
سألها "أدهم" الذى خرج للتو من المرحاض فـلتفتت له من جوار التراث بـحجابها الأبيض:
مـبعملش بشم هواه نضيف شويه'!
رفع حاجبه ساخراً:
ااه هواه نضيف طب ياست الشيخه محدش علمك أنك تـغضى بصرك و إلا غض البصر ليه مبدأ تانى عندك'!
جحظت عيناها بدموع الظلم:
أغض بصري ما تـحترم نفسك شويه أنتَ شايفنى إيه بالظبط'! أنا مستحمله حياتى معاك و بقول بكرا حاله يتعدل و يبقى أنسان كويس بس الحد أخلاقى و مش هسمحلك يا"أدهم"
القى المنشفه من يده و تجه إليها يحكم قبضته على ذراعها بـحنقاً بصري و صوتى:
أحترم نفسي إيه أنتِ مفكرانى نسيت الزفت بتاع المتوسيكل و أيدك اللي مسكها والهانم سكته'أنتِ لو محترمه زي ما بتبانى كدا أقل حاجه كنتِ صـرختى زعقتى مش تفضلى متنحه'؟
أرتجفت بحصرة عـتاب تـخرج ما سجنته في قلبها المهجور:
عشان اتفاجئت حسيت إنى أتلغبط'ااه أنا غلطانه و عندك حق تزعقلى بس يبقي ليك الحق تمد أيدك عليا و تقولى كلام غير محترم لـو لقتنى بصيت لغيرك أو سبت نفسي لغيرك حتى لو بالنظره'! و بدل مأنتَ زعلان أوى كدا غَير معاملتك معايا حسسنى إنى مراتك حسسنى أنك بتحبنى و بتخاف عليا حـسسنى إن ليا قيمه في نظرك حسسنى إنى إنسانه من حقها تحب و تتحب'حبنى خاف عليا خدنى في حضنك عيشلى أنا لوحدى أطهر من ذنوبك عشانى و خلينا نبدء من جـديد'!
لم يـعطى لحاله فـرصه للشعور بكلماتها بل فعلا العكس و القى بيدها عنه مشيراً لها بسبابته بتحذير:
أول و أخر مره تتكلمى معايا بالأسلوب دا'!؟ و يكون فى علمك أنا هعديلك المرادي أحتراماً لوجودنا فى بيت العائله الفترة ديه'و يلا غيري هدومك و أنزلى خـلى الشغالين يحضرو الفطار''!
حركت رأسها بـستسلام الحزن لذلك الزوج العاصى'و إسرعت بالخروج من تلك الحجرة تاركه أياه ينظر لأنعكاس وجهه بالمرأه و عيناه إمتلئت بدموع خبئها خلف ستار قلبه الجريح بـذكريات مؤلمه تسببت بتكوين تلك الشخصية العاصيه'
ـــــــــــــــــــــــــ'
«بـعد ساعتين بـلايڤين القصر»
تـقف بجوار "خليل" الذى يلقى الخبر على مسمع الحاضرين "أدهم و داليدا"
زي ما سمعت كدا يا "أدهم" فلك تبقا مراتى'
"أدهم بستفسار"
مراتك أنتَ أتجوزت و هـو عمك بين الحيا و الموت'؟ طب ليه دلوقتى بالأخص'!
"خليل بـثبات"
أنا مش ملزم إقدملك مبررات يا أدهم'! أما عمى هيقوم بـالسلامه'المهم دلوقتى تـروح على الشركه وراك أجتماع مهم جداً لأزم تبقا متواجد فيه'
تنهد الأخر بستياء:
تمام يا "خليل"
بـعت لعمك و "سليم" عشان يحضرو'!
أيوه هيوصله بكرا'معا عمتك و جدتك و أمى'!
أوماء بـتفهم فـقاله "أدهم" ببحه تلونت بـالتردد:
عـلى فكرة مدام "سعاد" أتصلت على القصر و قالت أنها عايزه تكلمك فـى حاجه مهمه لأنها ممعهاش رقمك الجديد'!
تـلونت عيناه بـالكراهيه الجافه قائلاً:
تمام أمشى أنتَ و أنتِ يا "داليدا" من فضلك اطلعى معا "فلك" لأوضتى و ياريت تديها حاجه من عندك تبدل فيها لبسها الحد ما الديزينر يوصل بـاللبس الجديد
اومأت ببتسامة الترحيب:
حاضر أتفضلى معايا يا "فلك"
سارة معها دون النظر لأي شيئاً حولها و بعدما أصبح بمفرده أخرج جواله يتصل على السيده"سعاد"التى أجابة بـتسأول من داخل حجرة نومها:
الو مين معايا'!؟
هتفَ بجفاء:
قالولى أنك طلبتينى خير'!
هتفت بـحزن:
طب مش تقولى الأول أخبارك إيه يا أمى'و إلا أنتَ خلاص نسيت إنى أمك يا "خليل"
بلع غصته بـذات الجفاء:
خـير:
أدركت أنها لم تلقى ما تتمناه فـقالت:
بكلمك عشان أقولك إنى خدت خبر عن اللى حصل بينك وبين "برهان" بلاش تنشف دماغك زى أبوك أبعد عن طريق "برهان" أنتَ مش قده'!
صق على إسنانه بـغضباً كادا يـهشهش إسنانه تزمناً معا قوله الجش الملغم بـالهدؤ المخيف:
أبويا متجبيش سيرته على لسانك'أبويا دا أنتِ رميتى ذكراه بـعد موته بشهرين و سبتينى و روحتى أتجوزتى الكلب"برهان"فبلاش بقى تعملى فيها قلبك عليا'! و يكون فى علمك حق أبويا هـيرجع
"يمين بالله" ما هخليلك فيه حته سليمه هموته بالبطئ قدام عنيكى'! مبقاش أبن حافظ و تربية منذر لو مجبتلك الكلب بتاعك الأرض و خليته يبوس التراب اللي بمشي عليه عشان أرحمه لوجه الله'؟
أما أنتِ بقا فأنسى أن ليكِ أبن عشان أنا نسيت من زمان قوى أن ليا أم'!
أغلـق الجوال بـعين ترغرغت بـدموع الذكريات بعين الصغير المسجون داخل جسد رجل صلب مثل الجليد و هو من الداخل محطم'
ــــــــــــــــــــــــ'
«بـمنطقة عماد»
كانَ يبحث عن "فلك" بكل مكان لكن دون جدو فكانَ يركض بـالشوارع المجاوره حتى تصادف معا العم"عبد العال"الذى أوقفه بستفسار:
مالك يا "عماد" بتجري كدا ليه خير؟
وقف يلهث أنفاسه بصعوبه:
البت "فلك" صحيت ملقتهاش معرفش راحت فين بنت الكـلــ" ديه هتجنن'!
"أجابه الأخر بتذكير:
أنا لمحتها بعد صلاة الفجر بتركب تاكسي من على الشارع العمومى و كانت مسكه شنطه سودا فيها حاجات'أفتكر كدا يمكن كانت قايللك أنها هتروح عند حد من قرايبكم'!
تجحظت عيناه بـغضباً:
يابنت الهرمه تبقي سرقة الحاجه و هربت و حياة أمها لاهجيبها حتى لو كانت جوه بطن الحوت'
ــــــــــــــــ"
«بـقصر النعمان»
طمنى عليه مفيش تحسن'!
إستفسر "خليل" من الطبيب المباشر لحالة "السيد منذر»
للأسف مفيش تحسن بس ما تفقدش الأمل السيد" منذر"باذن الله هيتخطا المحنه و يقوم بالسلامه'!
فـرك عنقه بـتمنى لحديت الطبيب فأته أتصال فتنحى لليسار مجيباً:
ها عملت إيه'!
كل خير قدام المدعى العام مذكره بالأغذيه الفاسده اللى كان بيستوردها "برهان" و مش كدا وبس دا طلع قرار بالقبض عليه'
زم فمه ببسمة الإنتصار من ثم هتف بتخطيط:
تخليه يقضى يومين و بعد كدا تقدم تقرير لطعن المذكره و تخرجه'
ضيق ذاك المجهول عيناه بتسأول:
و ليه نخرجه مش أنتَ عايزه يتحبس'
لاء الحبس هيكونله راحه أنا بقا عايز أسويه على الجانبين'المذكره ديه كانت أول لعبه أنما اللى جاى أقوى و أحله هيخليه يتمنى أن الأرض تتشق و تبلعه من المصايب اللى هتنزل على دماغه واحده واحده"
يمين بالله"لا هخليه يموت بالبطئ سلام'
«فلاش»
عادا من ذكريات هذا اليوم الشاق و نهضا و ليبدل ثيابه و ياخذ حماماً ساخن "
و بعد ساعه تقريباً تدلى من المرحاض و مدد جسده بجوارها لياخذ قسطاً من الراحه'