رواية رسائل بلا عنوان
الفصل الرابع4والاخير
بقلم سامر الحريري
في تلك اللحظة، كان الجو مشحونًا بالكهرباء. وقفت لارا وسط الغرفة، تتنقل بنظراتها بين سلمى، الرجل الثالث، والرجلين الآخرين. كل كلمة جديدة كانت تفتح أمامها أبوابًا من الأسئلة، كل نظرة تكشف جزءًا من اللغز الذي لطالما حاولت فك شفرته.
الرجل الثالث (بإصرار): "سلمى، لا وقت للشرح الآن. نحن بحاجة للذهاب فورًا. الوضع أكبر من أن نتعامل معه بمفردنا."
سلمى (بالتردد): "لكن ما الذي يعنيه كل هذا؟ لماذا لا يمكنني أن أعيش بسلام بعد كل هذا؟"
الرجل الثالث: "التحقيقات التي بدأها ضياء كانت مفتاحًا لشيء أكبر من مجرد فساد صحفي. هناك قوى تتحكم بكل شيء في الظل، أناس لا يتورعون عن قتل الأبرياء لإخفاء الحقيقة."
لارا (بصوت منخفض): "هل تعني أن ضياء لم يكن مجرد صحفي؟ هل كان يشك في شيء أكبر من مجرد تحقيقات صحفية؟"
الرجل الثالث (بهدوء): "ضياء كان جزءًا من شبكة معقدة. كان يحقق في جرائم أكبر من مجرد فضيحة صحفية، كان يبحث عن تحركات غير قانونية تربط بين رجال السلطة وكبار رجال الأعمال في العالم. لكنه اكتشف أن أسرارهم قد تكون وراء شبكة دولية من الفساد الذي يمتد لعقود."
لارا (بتوتر): "وماذا عننا الآن؟ هل ستخبرنا الحقيقة بالكامل؟"
الرجل الأول (بصوت قاسٍ): "الحقيقة قد تكون أسوأ مما تتصورين. ولكن حتى لو تمكنا من كشف بعض الخيوط، فإننا جميعًا نعيش في خطر."
الرجل الثالث (بشدة): "كل ثانية تمر الآن تقربنا من النهاية. إذا لم نتحرك الآن، سيكون كل شيء قد ضاع."
مع تلك الكلمات، تقدمت لارا نحو سلمى، وعينها مليئة بالعزم.
لارا: "أنا لن أترككِ الآن. مهما كانت العواقب، سأكمل الطريق معكِ."
سلمى (بتنهد): "إذا قررتِ البقاء، فاعلمي أن الأمور لن تكون سهلة، وأن كل خطوة قد تكلفكِ حياتكِ."
لكن لارا كانت قد قررت. لم يكن الوقت للعودة الآن. كانت تمشي في الطريق الذي اختارته بنفسها، الطريق الذي كانت تعلم أنه سيعيد لها جزءًا من الحقيقة، وإن كانت مؤلمة.
الرجل الثالث (بصوت منخفض): "الوقت ليس في صالحنا، هناك الكثير من المراقبة، والأعداء في كل مكان. ولكننا نملك فرصة واحدة فقط لنخرج جميعًا سالمين."
في تلك اللحظة، جاء صوت أزيز سيارات الشرطة في الخارج، وتزامن مع انفجار الضوء من النوافذ. كانت اللحظة الحاسمة. لا وقت للتردد.
لارا: "إذن، كيف نبدأ؟"
الرجل الثالث (بحزم): "أولاً، نحن بحاجة إلى الوصول إلى الحقيبة التي يمتلكها ضياء. هي تحتوي على كل شيء. بعدها، سنخطط للهروب من المدينة."
سلمى (بتنفس عميق): "أعتقد أن الوقت قد حان لمعرفة كل شيء، مهما كانت العواقب."
كان كل شيء على وشك الانهيار. أما لارا، فقد وجدت نفسها الآن في قلب العاصفة، تقف مع سلمى والرجل الثالث، تنتظر تلك اللحظة التي ستغير كل شيء.
الرجل الأول (بغضب): "إن لم تسرعوا، سيكون فات الأوان."
لكن لارا كانت متأكدة من شيء واحد، وهو أن الحقيقة لا بد أن تظهر في النهاية، مهما كانت التضحيات.
بينما تحركوا بسرعة نحو المكان الذي كانت الحقيبة المخفية فيه، كانت كل خطوة تقربهم من كشف أسرار مدفونة منذ زمن بعيد. كانت لارا تشعر بثقل المسؤولية، وعينها على المستقبل الذي يخبئ لها مصيرًا غامضًا، لكن الأمل كان في قلبها، فالحقيقة كانت أقوى من أي خطر.
وفي اللحظة الأخيرة، عندما اقتربوا من الهدف، شعروا جميعًا أن العالم من حولهم على وشك الانفجار. كانت تلك هي النهاية، ولكنها أيضًا بداية لرحلة جديدة، رحلة كشف حقيقة مرعبة قد تعيد تشكيل كل ما كانوا يعتقدون أنه حقيقي.
مع اقترابهم من الحقيبة المخفية في غرفة ضيقة، كان الجميع يدرك أن اللحظات القليلة القادمة ستحدد مصيرهم. تسارعت أنفاس لارا، وعينيها مشدودتان إلى الحقيبة التي كان ضياء قد تركها خلفه، وكأنها كانت تحمل الإجابة على كل أسئلتها.
لارا (بهمس): "هذه هي اللحظة، أليس كذلك؟"
الرجل الثالث (بجدية): "نعم، إذا كانت الحقيبة تحتوي على ما أتوقعه، فسيكون لدينا جميع الأدلة التي نحتاجها."
كانت سلمى تسير بجانبهم بصمت، عيونها تراقب كل شيء حولها، وكأنها تدرك أن كل خطوة تقربهم من الحقيقة قد تكلفهم حياتهم.
سلمى (بصوت ضعيف): "لكن، ماذا لو كانت الحقيبة مجرد فخ؟ ماذا لو أن ضياء قد وقع في فخهم؟"
الرجل الأول (من خلفهم): "لم يعد هناك وقت للتردد. إذا كانت الحقيبة تحتوي على أدلة ضدهم، فسنتمكن من قلب الطاولة عليهم، ولكن إذا لم تحتوي على شيء، فقد تكون هذه النهاية."
لارا (بتحد): "لا أعتقد أن ضياء كان مخطئًا. أنا واثقة أنه كان يعرف ما يفعله."
وبينما كان الجو مشحونًا بالتوتر، اقتربوا من الحقيبة. فتحها الرجل الثالث ببطء، وعيناه تلمعان بتوتر. لكن عندما فتح الحقيبة، كانت المفاجأة.
داخل الحقيبة، كانت هناك ملفات إلكترونية، وأسطوانات مدمجة، بالإضافة إلى عدة تقارير مكتوبة بخط ضياء. كما كانت هناك رسائل مشفرة، تشير إلى شبكة واسعة من الفساد، تشمل شخصيات كبيرة في السلطة، رجال أعمال، وحتى بعض المسؤولين الأمنيين.
الرجل الثالث (مندهشًا): "هذه الأدلة... إنها تكشف عن شيء أكبر مما كنت أتوقع. ضياء كان يحقق في تنظيم دولي متورط في تجارة السلاح والمخدرات. هؤلاء الأشخاص ليسوا مجرد رجال فساد عاديين. إنهم شبكات ضخمة تتحكم في مصير الدول."
لارا (بصدمة): "إذا كانت هذه هي الحقيقة... إذاً نحن نواجه قوى أكبر مما يمكننا تحمله."
ولكن قبل أن يتمكنوا من التفكير في الخطوات التالية، سمعوا أصواتًا من خارج الغرفة. كانت السيارات تقترب بسرعة، والضوء الساطع بدأ يملأ المكان.
سلمى (مذعورة): "لقد حان وقت الهروب. يجب أن نغادر الآن!"
أصبح الجو مشحونًا بالذعر. كانت لارا تشعر بألم في قلبها، كل شيء كان يتحرك بسرعة أكبر من أن تدركه. حتى لو كانت الحقيبة تحتوي على أدلة قوية، كان الوقت يداهمهم. همس الرجل الثالث بشيء ما في أذن لارا، لكن قبل أن تجيب، كانت أصوات خطوات ثقيلة تتصاعد من خارج الغرفة.
الرجل الثالث (بحزم): "لا وقت لنضيع، يجب أن نتفرق. اتبعيني."
في تلك اللحظة، تفرق الجميع، وبدأوا في الركض عبر الممرات المظلمة. كانت لارا لا تزال تحمل الحقيبة، لكنها كانت تشعر أن اللحظة أصبحت حاسمة أكثر من أي وقت مضى. كانت تعلم أن الطريق الوحيد للنجاة هو كشف الحقيقة، مهما كانت العواقب.
لارا (وهي تجري): "لن أتركهم يربحون، سأحارب حتى النهاية!"
لكن فجأة، شعروا بصدمة قوية عند الباب، ودخل رجال مسلحون يحيطون بهم من جميع الاتجاهات. كان الرجل الأول يبتسم بابتسامة قاسية.
الرجل الأول (بتهديد): "لقد تأخرتِ كثيرًا. هذا هو مصيرك، مصير كل من حاول الوقوف في طريقنا."
لكن لارا كانت قد قررت. لم يكن لديها خيار آخر سوى المواجهة.
لارا (بصوت ثابت): "إذا كانت هذه نهايتي، فلن أسمح لكم بإخفاء الحقيقة. سأكشف كل شيء."
في تلك اللحظة، انفجر الصوت العنيف من جهاز اتصال صغير في يد الرجل الثالث، وعينيه تضيءان بمزيج من القلق والعزم.
الرجل الثالث (بسرعة): "الشرطة! ساعدوا، هناك عملية اقتحام هنا!"
على الفور، تغير الوضع بشكل مفاجئ. كانت سيارات الشرطة تقتحم المكان، والضوء الأزرق والأحمر يعكس على الجدران، بينما بدأ رجال الرجل الأول بالفرار.
لارا (بصوت مرتجف): "لقد نجونا... ولكن إلى متى؟"
الرجل الثالث (بابتسامة غامضة): "النجاة هي البداية فقط، لارا. الحقيقة لن تكون سهلة، ولكننا لن نتوقف أبدًا."
وفي النهاية، وجدت لارا نفسها أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها. تم القبض على معظم الأفراد المتورطين في المؤامرة، لكن بعضهم هرب، وعادوا إلى الظل حيث لا يمكن لأحد أن يوقفهم. ومع ذلك، كانت لارا قد بدأت رحلة جديدة، رحلة للكشف عن أسرار قد تغير العالم كله.
تمت
