رواية غفران هزمه العشق الفصل السادس والثلاثون36 بقلم نورا عبد العزيز


رواية غفران هزمه العشق الفصل السادس والثلاثون36 بقلم نورا عبد العزيز
___ بعنــــوان " أنتقام القدر  " ___

تبسمت "نورهان" بمكر شيطانية وقد جاءتها لحظة الانتقام المُميتة الآن ، قالتها "رزان" بهدوء لتقف "نورهان" من مكانها بتعجل وغادرت المكان وهى لا تهتم بمرضها أمام حياة حفيدها وقلق ابنتها لتقول بجدية:-
_ أنا جاية ليكِ، أعرفيلي رقم تليفونه عشان أكلمه 

_ معايا 

تبسمت "نورهان" بخباثة وصعدت بسيارتها بعد أن فتح السائق الباب الخلفي لها وقالت بجدية:-
_ أتصلي بيه فى مكالمة جماعية دلوقت 

أنتظرت دقيقة حتى أجاب "محمود" لتقول بكبرياء:-
_ معاك دكتورة نورهان الحديدي

ضحك "محمود" بسخرية ضحكة طويلة ثم قال:-
_ هههه اي بنت حضرتك وكلتك محامية ليها 

_ مش يمكن يكون ابنك 
قالتها بنبرة تهديد قوية ليتوقف عن الضحك ، وضعت "رزان" الهاتف على اذن ابنه الذى صرخ بقوة من الخوف:-
_ بابا... أنت فين؟ مين دول وعايزين منى أي أنا وماما؟

سحبت "رزان" الهاتف مع صرخة "محمود" الذي فقد أعصابه من الخوف عندما سمع صوت ابنه وقال:-
_ متخافش .... إنتِ مجنونة ؟ إنتِ مش قد اللى بتعمليه؟

ضحكت "نورهان" وهى تضع قدمها على الأخرى بغرور ونظرت من النافذة لتقول بجدية صارمة:-
_ لو فينا حد مجنون فهو أنت، أنت اللى عقلك صورلك أنك تقدر تلمس حفيد الحديدي أو تبص له بصة لمجرد أنك نقلت شقة الزوجية، عقلك صورلك أن حشرة زيك مهما يعمل يعرف يخبي مراته وابنه من دكتورة نورهان، أنا اسمي لما بيتذكر فى المجالس رجالة بشنبات بتتهز ..ههههه مش غبي زيك، أسمع يا صعلوق أنت أنا لو عايزة أوصل لحفيدي هوصله معاك ساعة واحدة أنا رجالتي هتتحرك وأنت هتتحرك لو رجالتي وصلت لحفيدي قبل ما أنت تجبهولى على القصر هيكون معاها أمر قتلك أنت وأبنك ومراتك باللى فى بطنها ... هى ساعة واحدة وطريق القصر أنت عارفه 

أغلقت الخط دون أن تنتظر جواب منه وأشارت إلى السائق بأن يصعد إلى السيارة وينطلق بها وعقلها الآن لا يفكر سوى فى حفيدها وأن يصل إلى المنزل سالمٍ وكأنها تناست أمر مرضها لأجل ابنتها وحزنها من فراق رضيعها ....

__________________________

[[ قصـــــر اللـــؤلـــــــــــــؤ ]]

سمعت "تيا" الحديث الذي دار بين "رزان" ووالدتها فى الهاتف فترجلت الدرج بسرعة جنونية والرجال تسحب ابن "محمود" معهم للقبو فصرخت "تيا" بجنون:-
_ دا ابنه ... أنا هقتله 

مسكتها "رزان" من يدها بقوة وحزم ثم حملقت بها بضيق وهى سبب كل هذه المشاكل التى وضعت والدتها بها فقالت بضيق:-
_ إنتِ عايزة ابنك وإحنا هنجيبه لحد عندك لكن بطريقتنا وكفاية تهور بقي

نظرت "تيا" إلى سكرتيرة والدتها التى تجرأت عليها لتتبادل "رزان" النظرات معاها لكن بتحدٍ وكبر فقالت بحزم موجهة الحديث إلى الرجال:-
_ طلع مدام تيا لأوضتها ومتطلعهاش منها غير بإذن من دكتورة نورهان

أتسعت عيني "تيا" على مصراعيها بصدمة ألجمتها ليسحبها الرجال للأعلى وهى تصرخ بغضب وتسب فى "رزان" حتى فتح باب القصر ودلفت "نورهان" لتقول :-
_ هم فين؟

أستقبلتها "رزان" بهدوء وقالت:-
_ فى القبو زى ما حضرتك أمرتِ وكما توقعنا مدام تيا خرجت عن أعصابها وكانت عاوزة تقتل الولد

تأففت "نورهان" بضيق منها وقالت أثناء جلوسها على الأريكة:-
_ سيبك منها، بنتي مخها طار 

_ أنا خليت الرجالة يطلعوها أوضتها لحد ما نخلص لأنها مُصممة تأذي الولد وأمه
قالتها "رزان" بهدوء دون قلق من "نورهان" فمعاشرتها مع "نورهان" وثقتها بها طمأنت قلبها لتقول:-
_ أحسنتي يا رزان، خلينا نخلص وعمومًا باقي من المدة ثلث ساعة والمهلة اللى أديتها له تخلص

_ أعتقد أنه مش مجنون عشان يضحى بعائلته عشان يأخذ ثأر صاحبه، مفيش صاحب أغلى من الضنا
قالتها "رزان" مع جلوسها على المقعد المجاور لـ "نورهان" فأومأت "نورهان" بنعم ثم قالت:-
_ أكيد يا رزان ، الضنا دا شيء غالي أوى ربنا بيزرع غلاوته فى قلبنا مع زرعه وهو جنين فى أرحامنا وألا أنا بعمل كل دا ليه ماهو عشان الضنا رغم أنها متستاهلش لأني يا ما حذرتها من أنس وهى مفيش زى أخوها يا ما قُلتله أن كندا خاينة والنتيجة أي شايل عيلة مش من صلبه 

_ أكيد ... ، صحيح حضرتك كنتِ فين لما كلمتك؟

نظرت "نورهان" لسكرتيرتها نظرة غضب من تجرأها على السؤال فقالت بهدوء:-
_ أنا مبحبش السؤال دا يا رزان

تنحنحت "رزان" بقلق شديد ثم قالت:-
_ أنا أسفة لحضرتك على تجاوز حدودي

هزت "نورهان" رأسها بهدوء ثم قالت بجدية:-
_ كنت فى المستشفي، أبقي روحي أستفهمي من الدكتور عن مرضي، بيقول أن عندي ورم على المخ ، لما تفضي روحي أفهمي منه 

فزعت "رزان" من كلماتها رغم برود "نورهان" فى الحديث عن المرض وتلعثمت فى الحديث بفزع شديد تقول:-
_ أى... ورم أى ؟ وأزاى حضرتك مش مهتمة كدة؟ أنا هكلم الدكاترة فى ألمانيا ونروح نكشف هناك

فتحت هاتفها لتجرى أتصالاتها وعينيها تدمعها حتى رأت "نورهان" الدموع تتساقط على شاشة الهاتف فى يدي "رزان" المُرتجفة فتبسمت بخفة وقالت:-
_ معتقدش أن ولادي ممكن يبكوا عليا زى يا رزان أو حتى يقلقوا ويتفزعوا زيكِ

رفعت "رزان" رأسها إلى "نورهان" والدموع تذرف بغزارة من سمعها بالمرض دون أن تعلم بكونه خطر أو لا لكن يكفى أن "نورهان" مريضة، وضعت الهاتف على أذنيها تنتظر الجواب من الطرف الأخر، تبسمت "نورهان" بسمة خافتة وسحبت الهاتف من يد "رزان" رغم أن أتاهم صوت الطرف الأخر مُجيب لتغلق "نورهان" الاتصال وقالت:-
_ متتصليش بحد يا رزان، متخافيش أنا مش هموت لأني مش هستلسم للموت بسهولة كدة 

صرخت "رزان" بوجهها لأول مرة فى حياتها ترفع صوتها على رئيستها قائلة:-
_ إنتِ بتقولى أى؟ دا ورم والموت محدش بيكبر عليه 

ضحكت "نورهان" بقوة من صرخة "رزان" وقالت:-
_ سبحان مغير الأحوال ، مجرد خبر مرضي بزعقيلي وتعلى صوتك عليا ، لا وكمان رفعتي الألقاب يا رزان ... ناقص تضربني عشان تأخدني للمستشفى أخد الحقنة 

صمتت "رزان" بحرج من تجاوزها الحدود بسبب خوفها، ربتت "نورهان" على يدها المرتعشة بقوة وجسدها المُنتفض من الخوف بلطف ثم قالت بحنان:-
_ المكتوب لازم نشوفه يا رزان، محدش بيهرب من قدره فسيبها على الله... يلا قومي أغسلي وشك عشان الضيف اللى زمانه على وصول دا

وقفت "رزان" من مكانها لتسير بعيدًا لكن أستوقفها صوت "نورهان" تقول:-
_ رزان

أستدارت "رزان" إليها بعيني باكية لتتحدث "نورهان" بنبرة قوية تهديدية مُرعبة :-
_ حذار حد يعرف وخصوصًا ولادي

أبتلعت "رزان" لعابها بخوف من تهديديها وهذه النبرة تعرفها جيدًا وإذا خالفت الأمر ستقتلها "نورهان" ...
دلف "محمود" مع الحارس الشخصي لها يحمل الرضيع بين ذراعيه ولأول مرة يرى قصر اللؤلؤ فأبتلع لعابه من فخامة القصر فترجل الدرجات الرخامية مع الحارس الذي يرشده إلى طريقها فرأها تحمل فى يدها سكين تقطع التفاح وتضع قدم على الأخرى ببرود شديد فرفعت نظرها به ببرود فأشار الحارس له بأن يجلس ثم وقف هو خلف الأريكة التى تجلس عليها "نورهان"، وقف "محمود" من مكانه ليقترب الحارس بجدية يمنعه لكن تحدثت "نورهان" تقول:-
_سيبه

أقترب "محمود" ليضع الطفل على الأريكة التى تجلس عليه جوارها فلم ترفع نظرها بـ "سِند" ، بل نظرت إلى "محمود" وقالت ببرود شديد:-
_ أقطعلك تفاح

تأفف بضيق من برودها لاعبة بأعصابه فقال بجدية:-
_ فين ابني ومراتي، أنا عملت اللى عايزاه اهو وحفيدك قصادك كويس

تحدثت ببرود أكثر قائلة:-
_ تفاح أصفر ولا أحمر، متخافش دا تفاح فاخر مستورد

_ المستورد دا ليكم أنتم اللى بتأكلوا الناس وبدوسوا عليها وتقتلوا اللى ميعجبكوش ، أنا بقي راجل بيأكل البلدى على قد حاله... عندك منه يا دكتورة
قالها بغيظ واضح فى نبرته الخشنة فتبسمت "نورهان" ببرضو ثم قالت:-
_ لا، نعمل أى بقي ربك خلقنا كدة، طبقات عشان اللى زيك ميتجرأش يرفع عينه فى أسياده ما بالك بواحد عقله فكرله أنه ممكن يلمس نسل أسياده

تبسم "محمود" بهدوء وقال بقوة:-
_ أنا ماليش أسياد، زمن الأسياد والعبيد أنتهي ، دينك نهاه بس الظاهر أن اللى زيكم ميعرفش فى الدين ولا يعرف يعنى أى يتقي ربنا ، لأن ربك مخلقناش طبقات عشان ندوس على بعض، ربك خلق اللى معاه يدي اللى معهوش ونعين بعض ونتسند على بعض عشان نعمر الأرض مش عشان نقتل واحدة لمجرد أنها أتجوزت على سنة الله ورسوله ولا نتهم واحد بالزور عشان أتجوز بشرع ربنا ، أنهي دين اللى يقبل باللى عملتيه إنتِ وبنتك بس ربك مبيسيبش وقريب هتترد لك من القدر ، عشان عمر الظالم ما أنتصر على المظلوم ولا الشر غلب الخير مش دا اللى يرضي ربنا وهتشوف أزاى ربنا هينتقم لأنس وملك منكم إنتِ وبنتك

صمتت "نورهان" وعينيها تحملق به وتتذكر خبر مرضها الذي جاءها من قليل بعد خطف عائلته وشردت بعقلها فهل هذا المرض  أنتقام القدر منها على ما حدث لـ "ملك" وتسترها على جريمة ابنتها وهكذا تزويها للأتهام بـ "أنس" لتفوق من شرودها على صوت "محمود" يقول بضيق:-
_ فين مراتي وابني عشان عايز أمشي من المقبرة دى؟

رفعت رأسها بهدوء ونظرت حولها على القصر ثم قالت:-
_ قصري مقبرة !! لو تعرف كام واحد نفسه يشوف قصر اللؤلؤ

ضحك "أنس" بسخرية وقال بتهكم:-
_ مفهوش حياة، مكتوم ويسحب النفس ، من ساعة ما دخلت وأنا نفسي مكتوم وحاسس أنى بموت .. واضح أن البيوت مش بمناظرها زى البني ادمين و.....

قاطعته بضيق من المحاضرات التى يلقيها عليها وقالت بغضب بعد أن وقفت:-
_ أمشي أطلع برا هتلاقي عربية برا فيها مراتك وابنك هتوصلكم للبيت 

دلفت لغرفة مكتبها من الغضب ليغادر "محمود" بسرعة جنونية حتى يطمن على زوجته ليراهما داخل السيارة مع رجال "نورهان" فأخرجهم "محمود" وصعد معهم إلى سيارة الأجرة التى وصل بها ليغادر مخذولًا من أنتقامه إلى صديقه....

__________________________ 

[[ شركة الحديـــــــــدي ]]

كانت "ليلي" جالسة على المكتب تكتب الأوراق على اللاب بتركيز شديد حتى قاطعها الساعى ذلك الرجل العجوز، يقول:-
_ بقولك أى يا أستاذة ليلي؟

_ قول
قالتها ويديها تكتب على اللاب وعينيها حاقدة بشاشته ليتابع الحديث:-
_ ممكن تدخلي القهوة لبيه 

رفعت "ليلي" نظرها إلى الساعي بدهشة وهو يطلب منها أن تقوم بعمله فتابع بنبرة خافتة خائفٍ:-
_ دا رابع فنجان قهوة أعمله وميعجبهوش وحالف لو الرابع معجبهوش هيرفدني من شغلي وأنا مش عايز رزقي يتقطع

_ يعنى لو معجبهوش هيسمي عليا أنا
قالتها بتذمر وهى تغلق شاشة اللاب وتقف فأجابها الساعى بلطف:-
_لا، بس حضرتك ليكِ معزة عنده ومش هيرفدك ، أنا عندي عيال وعروسة بجهزها 

تبسمت "ليلي" بإشفاق على حال هذا الرجل وأخذت القهوة لتقول:-
_ على الله ما تطرديني أنا وأنا عروسة بتتجهز 

دلفت إلى مكتبه تحمل فنجان القهوة وكان "غفران" غارقًا فى عمله وسط الأوراق التى يراجعها قبل الإمضاء، وضعت القهوة أمامه بلطف وأستدارت ليستوقفها بصوته الحاد قائلًا:-
_ هو بعتك إنتِ؟

أبتلعت لعابها بخوف ثم قالت:-
_ حضرتك هتزعق لو قولتلك

رفع نظره إلى "ليلي" فرأها تنكمش فى ذاتها ليشير لها بنعم فأبتلعت لعابها بينما تسمعه يقول:-
_ هزعق بس عندك خيار تاني غير إنكِ تقوليلي

هزت رأسها بالنفي مقوسة شفتيها بحزن وقالت:-
_ هو مش عايز عيشه يقطع عشان عياله وعنده عروسة بيجهزها وفرحها قرب، والله يا مسيو غفران الراجل دا غلبان جدًا و....

أرتشف القليل من قهوته فكز على أسنانه وقال مُقاطعًا إياها:-
_ هاتيه

قشعر جسدها من الخوف وخرجت لتحضر الساعى له فدلف الرجل خائفًا وينظر فى الأرض لا يقوى على النظر إليه فتحدث "غفران" بهدوء:-
_ قهوتك زى الزفت، لو كبرت وعجزت ومبقتش تعرف تعمل قهوة قولي وأنا أجيب غيرك فى ألاف مش لاقينا شغل 

_ اللى تشوفه حضرتك يا بيه
قالها بأنكسار وقد فهم أنه سيترك عمله اليوم، تحدث "غفران" بهدوء قائلًا:-
_ عروستك اسمها اى؟

_ قُسم

أتسعت عيني "ليلي" على مصراعيها من بين كل الأسماء تفوه هذا الرجل باسم معشوقته وهى سبب كل هذا الخراب الموجود بداخله، أنتفض قلبه كأنه صعق الآن بالكهرباء وحملق بالرجل بصدمة ألجمته وهو واثقًا أن هذا الرجل قاصدًا إغاظته فلن يقابل أسمها من قبل سواها، تحدثت "ليلي" بغضب من الرجل قائلة:-
_ أنت جاي تهزر ، بنتك اسمها أى؟

_ والله قُسم يا أستاذة
أخرج محفظته وكان بها صور لأولاده وأعطاها صورة لطفلته وتحتها مدون الأسم ثلاثي بالكمبيوتر واسمها حقًا "قُسم" ، أقتربت لتعطي الصورة لـ"غفران" فأشار لها بلا فى جميع الأحوال لن يرى الوجه ، نظر إلى الأوراق بحزن جديد خيم على قلبه وملامحه بعد أن أثار هذا الرجل نيران قلبه المُشتعلة من الفراق والآن بدأت النيران براكين مُلتهبة بداخله فتمتم "غفران" بحزن قائلًا:-
_ أصرفيله 100000 ألف لجواز بنته يا ليلي

أتسعت عيني "ليلي" بصدمة قاتلة فلم يكفى بشهر أو شهرين بل أكثر من 16 شهر مكافأة فى حين أن مرتب الرجل لا يزيد عن 6000 فى الشهر ، لم يتسوعب الرجل الرقم الذي سمعه فقال بتلعثم:-
_ لا يا بيه دا كتير أوى على قهوتي الوحشة 

دمعت عيني "غفران" بألم بينما ينظر فى الهاتف على صورتها الموجودة خلفية خارجية له فتمتم بشرود:-
 _ بس لأجل قُسم 

رفع نظره إلى "ليلي" التى دمعت عينيها على قدر عشقه إليها وقد سلك قلبه فى طريق الفراق وقال بتحذير:-
_ قهوتك متستاهلش 10 جنيه لكن لأجل قُسم وأبقى أعزمني فى الفرح عشان هجي

_ طبعًا يا بيه وتشهد على العقد كمان 
قالها الرجل بحماس شديد بينما فتحت "ليلي" هاتفها خلسًا وأتصلت على "قُسم" وغادر الرجل فقالت "ليلي" بهدوء مُتعمدة أن تسمع "قُسم" هذا الحديث:-
_ مش كتير يا مسيو غفران 100 ألف جنيه مكافأة على ساعى ، دا حتى قهوته مبقتش تعجب حضرتك ، أنا دخلتها لأنه خايف يتطرد يقوم يخرج من هنا ب100 ألف ، دا يعتبر أغلى فنجان قهوة فى العالم

أجابها "غفران" وهو ينظر إلى شاشة هاتفه الموجود جوار الفنجان قائلًا:-
_ قهوته زفت فعلًا ودا أغلى فنجان قهوة شربته فى حياتي لكن زى ما قولتله يا ليلي ... لأجل قُسم 

_ عذرًا بس دى مش مدام قُسم ، دا مجرد نفس الأسم
قالتها بمكر حتى يتحدث أكثر عنها وتسمعه هذه الزوجة الغبية التى فتح باب الأنفصال عن حبيب يعشقها بروحه وعلى أستعداد أن يضحي بكل ما يملك لأجلها، تحدث بنبرة حزينة واهنة:-
_ لكنه اسم قُسم يا ليلي، مجرد ذكره لأسمها قصادي حسيت بقلبي بتقبض كأن القلب الموجود جوا صدري بقولي حتى اسمها النادر القدر جابه لحد عندك عشان يعذبك أكثر، على يدك يا ليلي أنا عملت كل حاجة عشانها وعشان سعادتها لكن قُسم عملت أى عشان غفران

تنحنحت "ليلي" بهدوء ونظرت إلى الهاتف خلسًا لترى الأتصال جاري ومحبوبته تسمع على الجهة الأخرى فقالت بهدوء:-
_ أنا آسفة فى تدخلي ، تحب أروح أتكلم معاها 

رفع نظره إليها بحدة لترعبها نظرته وقالت بهدوء:-
_ إياكِ ، أنا استثنيتك من غضبي لأجل عُمر ومعزته عندي وعشان غلاوتك عندي لكن لهنا وهنسي الغلاوة دى ، قُسم متستاهلش حاجة من اللى عملتها عشانها حتى لو كان قلبي يدق ليها وموجوع عقلها لكن عقلي طردها من حياتي طرد نهائيًا ، أنا قُسم اللى حبيتها ماتت والميت بنعزه وبنبكي على فراقه لكن مستحيل يرجع 

دمعت عيني "ليلي" من كلماته لتغادر المكتب هى الأخرى فى صمت بعد تهديده لها، نظرت للهاتف فرأت الاتصال أغلق....

________________________  

جهشت فى البكاء بوجع أكبر بعد أن علمت أنه يعتبرها من الأموات، أعتصر الوجع قلبها بقوة وهى تضرب صدرها بقبضتيها الصغيرتين وبدأت فى البكاء مُنهارة حتى سقطت أرضًا ، لم ترى أسبوعًا أسوأ من هذا فى حياتها، هذا الأسبوع الذي ذاقت فيه مشاعر الفراق والأشتياق ، ظلت تبكي حتى فقدت كل قوتها وشعرت بخمول جسدها، دلف "قاسم" لها يقول بعفوية:-
_ قُسم معاكيش 100 جنيه سلف ....

توقف عن الحديث حين رأى وجه اخته أحمر كالدم من شدة البكاء وعينيها مليئة بالدموع التى بللت وجنتيها، جلس جوارها على الأرض بحزن وقال:-
_ متعيطيش يا قُسم ، هو ميستاهلكيش

ضحكت بسخرية على كلمته وقالت:-
_ ليه هو اللى طلقني وسابني ولا أنا اللى سبته

تحدث "قاسم" بغرور قائلًا:-
_ بس لو بيحبك كان لازم يتمسك بيكِ ، هو الخسران

_ مش هتفرق يا قاسم
قالتها بهدوء ووقفت تفتح حقيبتها لتعطيه المال الذي يريده ثم غادر، بدلت "قُسم" ملابسها وأستعدت للخروج فخرجت من الغرفة ورأت والدها يجلس فى الصالة ينظر فى هاتفه فسأل بهدوء:-
_ على فين يا قُسم على الصبح كدة؟

_ هروح أدور على شغل يا بابا ولا هفضل قاعدة ، أى حاجة تساعد.. ادعيلي أنت بس

_ ربنا معاكِ يا حبيبتي
قالها ثم خرجت "قُسم" وترجلت الدرج بوجه حزين باهتة فأستوقفها على البوابة صوته من الخلف يقول:-
_ قُسم

تأففت بضيق شديد ثم أستدارت إليه بأشمئزاز لتتقابل عيونهما مُنذ أن سُجن على يد "غفران" وهى لم تلمح طيفه وبمجرد أن رأته تذكرت قذارة أفعاله معها فتحدثت بحدة صارمة قائلة:-
_ نعم يا حازم 

_ أنا سمعت أنكِ أتطلقتي منه 
قالها "حازم" بهدوء وعينيه تتفحصه من الرأس لأخمص القدم كأنه اشتاق إلى رؤية هذه الفتاة فقالت بضيق أكثر:-
_ مالكش فيه ومتحاولش تصطاد يالمياه العكرة ، أنا أصلا قرفانة أبص لك وقذارتك مسابتش عقلي لحظة ومتحاولش تستفزني كتير عشان السجن اللى اتسجنته ميساويش حاجة قصاد اللى عملته فيا ومتخلينيش أتهور وأفكر أخد حقي بأيدي 

غادرت من أمامه بغضب وكأن القدر جمع شيء حتى تحمله على عاتقه وكأن كان ينقصها خروج هذا الرجل من السجن ...

_________________________ 

[[ قصــــــــر الحديــــدي ]]

وصلت سيارة "غفران" إلى البوابة الرئيسية للقصر فأستوقفه رجل الأمن وطرق على نافذة "عُمر" ليفتح له الزجاج فقال:-
_ الولد دا مستني مسيو غفران من بدري ومش عايز يمشي قبل ما يقابل بيقول أنه أخو مدام قُسم

سمع "غفران" اسمها ليرفع نظره عن الهاتف إلى النافذة فرأى "قاسم" مع رجل الأمن مُنتظر أمره حتى يقترب فتحدث "عُمر" بجدية قائلًا:-
_ روحوه ، أطلع يا سمير 

كاد السائق أن يتحرك بالسيارة لكن أستوقفه صوت "غفران" يقول :-
_ أستن

ترجل من سيارته ليرى "قاسم" رغم الملامح الضبابي لكنه الأخ الأصغر إلى محبوبته فوقف أمام "قاسم" وقال:-
_ قالولى أنك عايزني

_ أتكلم هنا عادي

نظر "غفران" إلى الطفل صاحب الثامنة عشر سنة وسار معه إلى الداخل فى الحديقة ليدخل "سمير" بالسيارة مع "عُمر" ، تحدث "قاسم" بنبرة هادئة :-
_ أنت مش راجل

توقف "غفران" إليه بذهول من كلمته وحدق به متعجب جرأة الطفل فتابع "قاسم" بشجاعة دون خوف:-
_ أيوة مش راجل لأنك وعدت بابا لما أخدتها أنك هتحافظ عليها ومش هتبكيها وهتخليها أسعد واحدة فى الدنيا ، لما جيت عندنا قُلت أنك هتحميها لأخر يوم فى عمرك بس أنت معملتش أى وعد من دول، محفطتش عليها وبكتها كتير... لا مش كتير هى مبتبطلش عياط ليل ونهار بسببك ومخلتهاش أسعد واحدة فى العالم أنت خليتها أتعس واحدة وحزينة وسرقت منها ضحكتها اللى بحبها وشقاوتها اللى كانت بتلعب معاها بيها، أنت طفيتها وسرقت روحها الحلوة ، وكمان محمتهاش لأن حازم طلع من السجن وطول الوقت بيضايقها ويتنمر عليها لأنك طلقتها ، أنت معملتش ولا وعد من اللى وعدت بابا بيه يبقي أنت مش راجل

كان يستمع لحديثه وقلبه يتمزق وجعها ليس من جرأة الطفلة ولكن لأنه يسمع لمعاناتها وحزنها وكيف تحولت حياتها لتعاسة أكبر بعد دخوله لحياتها، أنطفئت وهذا كفيلة بإيقاف قلبه محله ، تحدث ببرود يخفى خلفه وجعه:-
_ مش هى اللى أخترت؟ متلومنيش

_ كانت موجوعة ، أم وخسرت ابنها وخايفة متعرفش تحمل فى غيره كان لازم تقف جنبها وتطمنها، كان لازم تسندها لأنك راجلها مش تسيبها وتمشي 
قالها بصراخ وهذا الرجل يبرر رحيله عن محبوبته فى هذا التوقيت العصيب، تابع "قاسم" بغضب سافر:-
_ أنا بكرهك ومش عايز أكون زيك، أنا كنت بقول لقُسم أنا عايز أتخرج وأشتغل وأحب واحدة زى ما غفران بيحبك لكن دلوقت أنا عرفتك على حقيقتك وميشرفنيش أكون أزيك وأسف لنفسي لأني خدت قدوة ليا فى يوم 

غادر "قاسم" من أمامه غاضبًا ليتركه على وشك الأنفجار من الغضب وكيف سمح لهذا الطفل بأن يهينه هكذا ويتجرأ فى الحديث معه بهذا الأسلوب المقزز ، شعر بغصة فى قلبه من حالها وما تعانيه وكما قال أخاها لم يفي بأى وعد قطعه على نفسه مع والدها......

______________________ 

فى أحدى المدارس كانت تقف "قُسم" على السبورة داخل الفصل تشرح الحصة لطلابها فشعرت بدوران فى رأسها، فقط ثواني معدودة حتى سقطت على الأرض فاقدة للوعي ليصرخ الطلاب وبعضهم ركض للخارج ينادي على مشرفة الدور لأجل مُعلمتهم...

_______________________ 

[[ قصر الحديـــــــــدى ]]

تحدثت "فاتن" بضيق مع "عُمر" قائلة:-
_ أنت خايف تقوله، أنا هطلع أصحيه وأقوله؟

أستوقفها "عُمر" بضيق شديد خائفٍ من غضب رئيسه وهو أصبح أشرس وحدته تأذي الجميع قائلًا:-
_ أهدئي يا فاتن هتقوليله أى؟ هو مش مهتم ومش عايز يسمع عنها، كل ما حد يجيب سيرتها يزعيق فيه

تأففت "فاتن" بضيق وسحبت ذراعها من "عُمر" وقالت:-
_ صاحب العقل يميز، لو هو مش مهتم بيها مكنش خلى حد من رجالته يراقبوها ويفضل حاططها تحت عينيه متبقاش عبيط يا عُمر، هو بيكابر بس ... أوعي بقي كدة وخليني أطلع له

تأفف "عُمر" بضيق وقال بخفوت بحيرة:-
_ أستني بس هتقوليله أى؟ دا أنا خايف أقوله ومعرفش هبدأ منين ولا هجيبها أزاى؟

رفعت "فاتن" حاجبها بغرور وقالت بعفوية شديدة:-
_ هى محتاج هتجيبيها أزاى ، هطلع أصحيه وأقول وش كدة، مدام قُسم تعبانة ومحجوزة فى المستشفي خبط لزق كدة و......

قاطعها صوته القوي من الأعلى يقول بصدمة ألجمته مما سمعه:-
_ إنتِ قُلتِ اى؟

ألتف الأثنين إليه ليروا "غفران" ينزل الدرج ركضًا من الخوف عليها ووجه مصدومًا من القلق مما أصابها وفى هذه الوهلة تحرك القلب ليخرس عقله المتكبر وتحجره بعد أن أنتفض القلب من الفزع خوفٍ على محبوبته ومعشوقته الوحيدة ، سأل بقلق :-
_ قُلتِ أى؟

أبتلع كلاهما الخوف منه وخصيصٍ "عُمر" الذي فزع من وجوده وما سمعه فحقًا إذا كان الأمر يهمه سيقتله "غفران" فى مرضها ......

            الفصل السابع والثلاثون من هنا 




تعليقات