
رواية الذئب مطلوب الفصل الاول1بقلم صابرين شعبان
هو مغرور و متهور يفعل ما برأسه و لا يطيع أوامر رؤسائه و دوماً يقع في المشاكل
هى مجنونه تظن أن الحياة فيلم كبير و هى تعيش داخله تاركه الواقع خلفها
ماذا يفعلان معا عندما يتقابلان على الطريق
هارون و نسيم و إتنين على الطريق
مقدمة
كانت قدميه تؤلمانه من الجلوس على ذلك المقعد الخشبي القاسي لفترة طويلة كانت يديه مصفده بأصفاد خلف ظهره تخص الشرطة لن يسأل من أين أتى بها ذلك المجرم شوقي و قدميه مقيده في قدمي المقعد بحبل غليظ يشد عليها بقسوة رفع رأسه بضيق فهو قد سئم حقا الجلوس هكذا مع هؤلاء الأغبياء و سماع حديثهم الغبي التافه عن سرقتهم التالية ..كان وجهه به عدة جروح و عين زرقاء منتفخه من ضربه عليها تلقاها من ذلك الأحمق شوقي هذا المجرم التافه الذي يظن نفسه ربح الجائزة الكبرى فقط لأنه أمسك بالذئب هذا الغبي لا يعرف مع من علق أنه هو الذئب الذي ألقى القبض على أعتى المجرمين فقط بيده الحرة بدون سلاح أو مساعدة و هذا دوماً ما يثير حنق رؤسائه و لم يكن ليقع في يده لولا تلك الحمقاء التي تجلس مثله على المقعد مقيدة اليدين و القدمين كان يود لو طلب من أحد الرجال أن يكمم فمها أيضاً حتى لا يستمع لنواحها كالغربان فهى لا تصدق للأن أنها واقعة تحت يد عصابة من المجرمين الحقيقين و ليس مثل التي تشاهدهم في الأفلام العربية الهابطة التي جلبت لرأسه صداعا من كثرة ما تتحدث عنهم شعر بالملل من إنتظار فرصة مناسبة للهروب هو و تلك الغبية التي تعيق حركته منذ قابلها قبل أربعة أيام على الطريق ..
تقدمت منها امرأة ممتلئه قليلاً بيضاء البشرة بها مسحة من جمال ترتدي ملابس ضيقة تظهر حنايا جسدها الذي يتطلع عليه في ذهابها و إيابها ذلك القذر المدعو شوقي كانت تمسك بيدها طبق به بعض الطعام كريه الرائحة و هى تقول بسخرية لنسيم .."أفتحي بؤك يا شابة خليني أأكلك يمكن تتخرسي و منسمعش صوتك ده تاني "
أتسعت عينا نسيم و هى تقول بخوف هستيري ظانه أنها تضع لها السم في الطعام لتقتلها .." لا لا مش عايزه أكل روحي روحي أبعدي الأكل ده عني ده ريحته مقرفة إنتي جيباه منين "
لوت نعيمة فمها في حركة ساخرة وهى تجيبها بسخرية.." في ايه يا شابة هكون جيباه منين شرياه طبعا من عند عم برعي بتاع الفول ده أحسن واحد يعمل فول في المنطقة أن مكنش في مصر كلها "
شعرت نسيم بالغثيان من رائحته و هى تبعد رأسها بعيداً من يد نعيمة و هى تسألها بريبة .." إنتي عماله تقوليلي يا شابة يا شابة ليه أنا عمري ما سمعت الكلمة دي غير في فيلم ريا وسكينه إنتي هتموتيني زيهم مش كده هما كمان كانوا بيقتلوا الستات لما يخدروهم الأول و إنتي حطالي سم في الأكل مش كده " ؟؟
أنفجر هارون ضاحكا فهذه الفتاة حقا ساذجة لا تعرف أن حياتها ورقة رابحة بالنسبة لهم أكثر من موتها إذا علما إسم أبيها ..التفتت إليه بغضب هامة لتصرخ به عندما قالت نعيمة بسخرية .." يخربيت الإعلام إلي بوظ مخكم ياختي ريا وسكينة مكنوش بيقتلوا الستات كانوا بيقتلوا الإنجليز بس ولاد الحرام بقى هما إلي شوهو سمعتهم "
قالت نسيم برجاء .." طيب ما تسبيني و أنا هخلي بابا يديكي إلي إنتي عايزاه "
صرخ بها هارون محذرا .." نسيم أسكتي " فهو يخشى أن تخبرهم الغبية بإسم أبيها و عندها لن ينجدها أحدا و لن يتركوها دون أن ينالوا ما يريدون منها ..قالت صارخة به .." أنت تسكت إذا كانوا عايزين فلوس أنا هديهم إلي هما عايزينه بس يسبوني أرجع لبابا "
نهرها هارون بغضب .." بقولك أسكتي يا غبية مسمعش صوتك و إلا قسما بالله أول حاجة هعملها لما أفك أيدي و تبقى حرة هتنزل على وشك تعيد تشكيلة من تاني إنني سامعه"
صرخت في وجهه غاضبة فقد فاض بها الكيل و هى جالسة خائفة مرتعبة و هو يجلس أمامها بهدوء لامبالي و كأنه جالس على قهوة ليشرب شاي و ليس مكبل على مقعد تحت يد مجرم ينتظر ليقتله بعد .." بقى أنت ظابط أنت مش قادر على أربع رجاله لوحدك تدريب ايه إللي بتدربوه في الكلية مش فاهمة "
أجابها هارون ساخرا فهذه الحمقاء تعيش داخل أحد الأفلام الهزلية و لا تعرف شئ عن الواقع ..
" و كمان غبية مبتعرفيش تعدي دول كانوا عشرة و واحد منهم حاطط في دماغك المسدس
عايزاني أعمل ايه ..إنتي فكراني أدهم صبري إلي بوظ مخكم و خلاكم تفكروا أن الظباط تقدر تهزم جيش بحاله لوحدها
ردت ساخرة .." لأ أنت إلي ظابط خايب و عشان كده لحد دلوقتي زي مانت مخدتش ترقية واحدة و كل زمايلك سبأوك يعني أنت سمعه ع الفاضي اومال ايه ذئب و مش ذئب و مطلوب من العصابات
أهو واضح وقعت في أيد أول حرامي غسيل قابلك "
طحن هارون أسنانه بغيظ لعنا سمير لحديثة أمام هذه الفتاة الغبية فهو حقاً لم يحصل على ترقية في وظيفته و لكن ليس لأنه لا يجيد عمله و لكن لأنه لا يطيع أوامر رؤسائه و دوماً ما ينفذ ما برأسه نظر إليها بسخرية و قال .." تسمحي تخرسي و تنقطيني بسكاتك أنا من يوم ما قابلتك و أنا بقع في المشاكل و أدي النتيجة وقعت في أيد واحد تافه بسببك عشان أنقذ حياتك و أطلع في الآخر ظابط خايب مش كده تصدقي أنا كان لازم أسيبك على الطريق فعلا للديابه تاكلك و كنت خلصت منك و من الي وصلتينا ليه بغبائك بيت أم اليوم إلي شوفتك فيه إنتي نسيم إنتي إنتي أعاصير زوابع عواصف لكن مش نسيم أبداً"
أغرقت عينيها بالدموع و هى تنظر إليه صامته بلوم و عتاب فزفر بضيق و هو يرى ملامحها الرقيقة حزينة بسبب حديثة القاسي ود لو مد يده ليمسح دموعها عن وجهها و شعر بالضيق لما يشعر به نحوها و لم هو متأثر هكذا بحزنها ماذا تعني له هذه الفتاة التي تعيش داخل عالمها الخاص تاركه الواقع خلفها لا تريد فتح عينيها لتراه عاد بذاكرته قبل أيام أربعة عندما كان يقود سيارته أو بمعني أدق السيارة التي سرقها عند هروبه من مكيدة كانت معده له لقتله ...عندها رأها
الفصل الأول
قبل أربعة أيام العاشرة مساءً
كان يقود السيارة على طريق مهجور و هو يتحدث في هاتفه النقال مع أحد الضباط ..
" يا سمير عرفت أنه كمين في أخر لحظة ..أيوة الحيوان إلي إسمه شوقي هو إلي ورا الإخبارية...عارف عارف هو مش هيسكت غير لما يخلص عليا و عشان كده لازم أوصله الأول .. أنا .. أنا على طريق مهجور و العربية يمكن متوصلنيش لآخره .. اه الحمد لله لولا غبائه مكنتش قدرت اه ..." صمت و أتسعت عينيه و هو يضغط على مكابح السيارة بقوة و و الهاتف يسقط من يده عند قدميه عندما قفزت أمامه على بعُد عدة أمتار من السيارة أوقف السيارة قبل أن يدهسها و خرج منها حانقا على ضوء السيارة رأها تقف هناك تقف على قدم واحدة تمسك بفردة حذائها ترتدي بنطال چينز ضيق و جاكيت مماثل بدون أكمام و تجمع شعرها فوق رأسها و لم يتبين ملامحها للإضاءة الخافته ..دنا منها غاضبا و هو يقول بحده .. " إنني مجنونة إزاي تقفي كده في نص الطريق إنتي عايزه تموتي ..أفرضي مكنتش وقفت كنتي هتموتي و توديني في ستين داهية معاكي "
كانت تقف أمامه تستند بقدمها العارية على قدمها الأخرى و هى تلهث تشكر الله على إيجادها لأحدهم يمر في هذا الطريق المهجور فهى بعد هروبها من حفل خطبتها بعد أن بدلت ملابسها مسرعة دون أن يراها والدها أو هشام خطيبها .. بعد ثوان ألقت فردة حذائها و أرتدتها و قالت ترجوه .." معلش أنا أسفة بس أنا أول ما شوفت نور عربيتك من بعيد مصدقتش عنيا أنا بقالي أكثر من ساعة و نص على الطريق مستنية أي حاجة تعدي و مفيش غيرك وصل أرجوك لو سمحت وديني لأقرب مكان مأهول فيه بشر لو سمحت "
زفر بضيق قائلاً ببرود فهو لا يستطيع تركها في هكذا مكان مهجور أي أن كان وضعه ..." أتفضلي أركبي بسرعة الوقوف هنا خطر و الطريق ده في حيوانات مفترسة الحمد لله أنك ماقبلتيش حد منها "
أقشعر جسدها و هى تسرع تجاه السيارة لتستقلها و تغلق الباب بجانبها مسرعة جلس بجانبها و هو يغلق بابه و يسألها ساخرا .." كنتي قلعة فردة جذمتك ليه في نص الطريق "
شعرت بالغضب من سخريته منها و لكنها أجابته بهدوء و هى تطحن أسنانها غيظا .." كنت بشورلك بيها عشان تقف "
ضحك هارون بقوة أثار استياءها أكثر و هو يقول بعد أن تمالك نفسه قليلاً .." و إنني كنتي فكراني مش هقف غير بالجذمة و لا ايه "
ردت بغيظ .." مقصدش أنا بشوفهم بيعملوا كده في الأفلام قولت يمكن دي الطريقة إلي بيوقفوا بيها عربية لحد عشان توصله "
إذدادت ضحكات هارون على سذاجة هذه الفتاة في أي زمن تعيش ..نظرت أمامها بحنق صامته لم تشأ أن تخبره رأيها فيه بصراحة حتى لا يلقي بها خارج السيارة ليتركها على الطريق المهجور بعد قليل عاد للصمت بعد أن تمالك نفسه و كف عن الضحك كان الصمت يخيم على المكان فهو كان يقود السيارة ببطء شديد لوعورة الطريق الذي يكاد يكون مهدم مد يده ليقوم بتشغيل جهاز التسجيل ليستمع لبعض الأغاني لتبديد السكون من حوله فهذا الطريق و كأن ليس له نهاية و ما أشعره بالضيق أكثر تهالك السيارة تنحنحت بحرج تقول .." لو سمحت أطفي التسجيل أنا مبسمعش أغاني عشان حرام "
التفت ينظر إليها بدهشة و تعجب قبل أن ينفجر ضاحكا مرة أخرى هذه الفتاة حقاً ممتعة هارون لقد جعلتك تضحك أكثر من مرة في عشر دقائق فقط و هذا إنجاز كبير يحسب لها قالت حانقة هذا الرجل مستفز حقاً و هى تريد كسر رأسه .." جرا إيه يا أستاذ هو كل ما تكلم تضحك هو أنا بقول نكته "
حاول هارون التماسك و هو يجيب بتعجب " يعني إنني عارفة أن الأغاني حرام و عشان كده مبتسمعيهاش ده شئ كويس و يتحسبلك طيب محدش قالك أن شعرك و دراعك المكشوف و ظاهر ده حرام برضوا "
لمعت عينيها بالدموع و هى تقول بنبرة حزن و بعض اليأس .." عارفة "
تعجب من نبرة الحزن في صوتها فسألها بهدوء .." طيب لما إنني عارفة أنه حرام ليه كاشفة شعرك و لابسة لبس ضيق و مكشوف كده "
صمتت قليلاً و هى تجيب .." ظروف هى إلي أضطرتني لكده بس أن شاء الله الوضع يتصلح قريب ". ماذا تقول أن والدها رفضا محاولاتها المتكررة لإقناعهم و أنهم يرفضان و يضغطان عليها لتجاري محيطهم الملئ بالنفاق و تكف عن تزمتها فلم تجد غير إتقان دور الفتاة المرفهه المدلله التي تأمر فتطاع ..سألته من باب فتح الحوار و إمضاء الوقت بالحديث حتى يخرجان من هذا الطريق الوعر المهجور .." أنت بتشتغل ايه "
رد بلامبالاة .." ظابط "
نظرت لهيئته الجسديه على ضوء السيارة الخافت فقد كان نحيف الجسد شعره طويل يصل لحافة قميصه و ذقنه غير حليق تعطيه مظهر فوضوي لا يمت لما تراه في الأفلام عن شخصية ضابط الشرطة بصله فقالت بتعجب .." غريبة "
سألها ببرود .." و ايه الغريب في كده " ثم أكمل ساخرا .." تحبي تشوفي الكارنيه "
فأجابت بسرعة مع بعض الضيق من سخريته منها الا يستطيع سماع حديثها دون السخريه و الضحك عليها .." لأ مقصدش أنا بس يعني أصلي ديما بشوف في الأفلام .. أن الظابط ده بيكون حاجة كده عضلات و شعرهم قصير و حلقين دقنهم بيبقوا كده مظهرهم مرتب و أنت يعني عكس كده تماماً "
زفر بضيق يا إلهي هذه الفتاة ليست ساذجة و لكنها غبية .." هو إنتي مفيش حاجة عارفها بعيد عن إلي بتشوفيه في الأفلام هو إنتي قاعدة ادام التلفزيون على طول و فاكرة إلي جواه هو إلي بره إنتي مبتخرجيش و بتشوفي الدنيا ماشية إزاي و لا ايه "
قالت بلامبالاة .." لأ بخرج بس يعني أنا أعرف أن الدراما دي أعتقد أنها بتجسد الواقع مش كده "
نظر إليها بطرف عينه و هو يواصل القيادة ببطء محاولا الإبتعاد عن مطبات الطريق الوعرة وأجاب ببرود ...." و أديكي شوفتي مثال أنها مش بتمثل الواقع و لا حاجة "
صمتت و لم تجب فسألها بريبة .." إنتي إزاي كنتي هنا لوحدك في الطريق المهجور ده أنا لحد دلوقتي مشوفتش و لا بيت على السكة "
ردت تجيبه .." لأ في بس من جوا شويه ورا الأراضي الزراعية بس متشفهاش من الطريق هنا لأن الطريق ده بعيد و محدش بيستخدمه كتير " و لذلك علمت أنه أفضل طريق تسير فيه لأن والدها لن يفكر أنها قد جازفت و جاءت لهنا قال لها هارون بتساؤل .." طيب و إنتي ايه إللي جابك هنا لوحدك المكان هنا خطر على بنت لوحدها الحمد لله أني كنت معدي من هنا و إلا كان الله أعلم ممكن يحصلك ايه لوحدك "
تنهدت براحة .." اه الحمد لله ربنا بيحبني عشان بعتك ليا "
التفت ينظر إليها بسخرية ثم عاد و نظر للطريق أمامه مرة أخرى رن هاتفه فإنحنى و أمسكه من تحت قدمه فهو قد نسى أمره عندما توقف ليحادثها ضغط على زر إستقبال المكالمة قائلاً .." أيوة يا سمير "
صمت قليلاً ثم قال .." لأ مفيش. حاجة محدش وصلي و لا حاجة أطمن أنا لسه سايق العربية على نفس الطريق "
أستمع قليلا ثم أجاب.." بقولك ايه عشان الشحن هيخلص أنا هكلمك أول ما أوصل مكان مأهول أتفقنا سلام "
أنهى الإتصال و عاد لينتبه للطريق فسألته بريبة .." هما مين دول إلي هيوصلولك هو أنت هربان من حد أنت مش قولتلي أنك ظابط "
زم شفتيه و لم يجيبها فقالت تلح في سؤالها .." هو في حد بيطردك"
زفر هارون بحنق فهذه الفتاة حقاً لا تطاق من أين ظهرت له يكفيه ما هو فيه من قلق أجابها بحده ..." إنتي رغاية ليه ماتسكتي أنا هوصلك لأقرب مكان فيه ناس زي ماقولتي أطمني و يا ريت تبطلي أسئلة في حاجة متخصكيش محسساني أني لسه قاعد في القسم "
صمتت و لم تجب تخشى أن ينزلها على الطريق إذا سئم منها أو من حديثها ..التفت إليها و سألها بهدوء بعد أن طال صمتها .." إسمك ايه "
ردت بحنق فهى مازالت غاضبة من طريقة حديثه القاسية معها ..
" نسيم " ردد إسمها مرارا و كأنه يستشعر مذاقه في فمه قاطعته بغيظ " ايه أول مرة تسمعه "
رد هارون بجدية .." اه أول مرة أسمعه فعلاً "
سألته ساخرة .." و عجبك "
رد هارون بلامبالاة .." عادي يعني إسم زي أي إسم "
شعرت بالغيظ ودت لو ضربته هل كل الضباط هكذا يثيرون الأعصاب و يشعرونك بالغيظ و الغضب قالت تسأله .." و أنت إسمك ايه ولا هو سر حربي "
أبتسم ساخرا و أجاب بهدوء .." هارون عبد العظيم تحبي تعرفيه رباعي "
صمتت نسيم تنظر أمامها للطريق الشبه مظلم فعاد هو الآخر و أنتبه للطريق و كل منهم أفكاره تعود إلى ما قبل بضع ساعات ...
*********************
قبل بضعة ساعات
دلف شاكر مساعده إلي الغرفة و بعد أن قام بالتحية قال بجدية .." جتلنا إخبارية يا فندم عن تسليم بضاعة عند الكيلو سته و خمسين "
هب هارون من خلف مكتبه واقفا يسأل .." عرفتوا أمتى "
أجاب شاكر مترددا فهو يعلم طباعه و أنه لن يصبر حتى يعلم كل شئ ..
" أيوا يا فندم بعد ساعة و نص من دلوقت "
قال هارون بحزم .." طيب بلغ سمير و حسام أني مستنيهم يطلعوا معايا " فتنهد شاكر براحة و هارون ينظر لساعة يده و هو يصمت قليلاً قبل أن يعود و يتحدث بأمر .." ولا أقولك أنا هسبقهم على هناك و أنت بلغهم يجيبوا قوات و يحصلوني على المكان سامع يا شاكر "
تردد شاكر فما خشيه قد حدث و هو حقاً سيذهب وحده كعادته المتهورة هذا الرجل مجنون حقاً ليجازف بحياته هكذا قال له .." يا فندم مينفعش تروح لوحدك أنت مش عارف ايه اللي ممكن يكون مستنيك هناك ده فيه خطورة على حياتك لو سمحت أستنى لما سيادة الضابط سمير و حسام يرجعوا من مهمتهم و يطلعوا مع حضرتك ده أءمن يا فندم "
كان هارون قد تحرك بالفعل ليضع سلاحه في جرابه و هو يفتح درج مكتبه ليخرج سلاح أبيض صغير يضعه في جراب صغير في أسفل قدمه قال بأمر .." أسمع الكلام يا شاكر مفيش وقت لازم أروح عشان أعرف الوضع هناك و لو كان في تسليم فعلا أحاول أعطلهم لحد ما القوات توصل يلا أعمل إلي قولتلك عليه " فقال شاكر برجاء .." طيب ألبس درعك على الأقل أرجوك يا فندم للأمان "
تنهد هارون بضيق .." ماشي و لاونه هيعطلني " بعد بعض الوقت تركه راحلا أستقل سيارة شرطة منطلقا للمكان المنشود عند وصوله ارتاب في الأمر فقد بدا المكان ساكنا و لم يكن يعلم أن هناك عيون تتربص به و تراقبه في لهفة و حقد كان المكان خاليا تقريباً إلا من بعض المبان المهدمة لم يكد يترجل من السيارة حتى فتحت عليه أبواب الجحيم و من خلف تلك المبان يطلق أحدهم النيران عليه بغزارة تراجع مسرعا يحتمي بالسيارة التي أصبحت كالمصفاة حامدا الله أنه أستمع لحديث شاكر و أرتدي درع الحماية على غير عادته لم يرى أحدا من مطلقي النيران و هو يختفي خلف سيارته تراجع قليلاً يدرس المكان من حوله ليجد أكثر مكان أمانا لم يجد سوى سيارته و تلك المبان التي يختبئ هؤلاء المجرمين خلفها سمع صوت أحدهم يهتف به .." أستسلم يا باشا و أنا أوعدك هموتك موتة سريعة من غير متحس بحاجة "
طحن هارون أسنانه بغيظ فهو قد علم من صاحب الصوت أنه ذلك الحقير شوقي فهو يريد الإنتقام منه فهو قد تسبب في سجن شقيقه الأصغر و هو الآن ملقى خلف القضبان و تسبب في موت أحد أبناء عموته و لذلك يسعى خلفه بكل قوته هذا الحقير و عائلته من المجرمين التفت حوله ليجد على بعد عدة أمتار سيارة قديمة أعتقد أنها السيارة التي أتي بها هؤلاء المجرمين فليس في المكان غيرها و هذا يعطيه فكرة كم عددهم فكر قليلاً ثم أخرج السكين الصغير من جراب قدمه فهو دوماً يجلب معه أداة حادة كالسكين فهو لا يعلم ما سوف يقابله و ها هو قد أحتاجها أخرج السكين و قام بطعن دواليب سيارته الخلفيه ليفرغ منها الهواء منتظرا قليلاً و هذا الغبي مازل يحذره .." بقولك أطلع يا باشا أنت شايف المكان كويس فاضي و مفيهوش حاجة تستخبى وراها ايه رأيك ده إختياري و لعلمك إحنا إلي بعتنا الإخبارية لشاكر العبيط و هو صدق زي الحمار و بلغك و عشان أنا عارف غرورك و تهورك عرفت أنك هتيجي هنا زي الخروف من غير قواتك عشان متضيعش وقت و أديك شرفت إحنا بنشكر تهورك يا باشا إلي جابك لحد عندي يلا بقى أستسلم و أطلع زي الشاطر و أنا أوعدك هتموت على طول من غير ماتحس حتى صدقني أنا قلبي طيب و مش هعذبك زي ما عملت في توفيق ابن عمي "
كان هارون يستمع لتبجح هذا الحقير بصمت ثم أخرج سلاحه و خرج من خلف سيارته متجها للسيارة الاخرى و هو يطلق النار تجاه مكان إختبائهم فقد خشى أن يظهر منهم أحد فيصاب فقال ذلك المدعو شوقي .." أستنوا شويه يخلص الكام رصاصة الي معاه و هتهولي هنا"
كان هارون في ذلك الوقت قد وصل للسيارة القديمة أبتسم ساخرا و هو يرى مفتاحها مكان كان مازال يطلق النيران لإلهائهم و ما أن أستقلها حتى أنطلق بها و هو مازال يطلق النار تجاههم ..فصرخ شوقي عند سماعه صوت السيارة .." أخرجوا بسرعة ده بيهرب بعربيتنا "
أتجه أحد الرجال مسرعا تجاه سيارة هارون يتفقدها فقال بضيق ..
" العجلتين إلي ورا فاضين "
صرخ شوقي .." الحيوان هرب تاني من تحت أيدي و ديني يا هارون الكلب مانا سيبك مسيرك تقع في أيدي و ساعتها بقي مش هتموت بسرعة لا دا أنا هخليك تتمني الموت و مطلهوش "
قال له أحد الرجال .." يا ريس ما قولتلك نيجي بعربيتين إحطياطي هنرجع إزاي دلوقت "
نهره شوقي .." متخرس أنت كمان أنا نقصك مسيره يقع في أيدي و ساعتها مش هرحمه "
كان هارون قد أبتعد عن مجال رؤيتهم عندما أوقف السيارة لينزع قميصه و يزيل الدرع عنه فهو يكاد يكتم أنفاسه أرتدي قميصه مرة أخرى و عاد ليقود السيارة مسرعا و هو يسب و يلعن ذلك الحقير شوقي ..
********************
كانت نسيم تقف بجوار والدها و والدتها في ڤيلا والدها في الأرياف و التي أصر ليقيم حفل الخطبة فيها بعيداً عن الصحافة والإعلام يخشي من تهور ابنته أن فعلت شئ مجنون كعادتها كانت ترتدي ثوب طويل بأكتاف عارية و تجمع شعرها الطويل أعلى رأسها بزينة وجهها الصارخة تزم شفتيها الحمراء بضيق و هى تمد يدها للواقف أمامها مبتسما ليلبسها خاتم الخطبة ألبسها هشام الخاتم قائلاً بفرح .." مبروك يا نسيم يا حبيبتي عقبال يوم فرحنا " أبعدت يدها و هزت رأسها بصمت فهى لم تستطيع أن تظهر على وجهها إبتسامة و لو حتى مزيفه للحضور من حولها مالت والدتها برأسها تهمس بجوار أذنها ..." أفردي وشك شويه الناس كده هتاخد بالها و هيحسبوكي مغصوبة على الجوازه "
رمقت نسيم والدتها بسخرية و هى تكتم ضيقها حتى لا تنفجر بهم جميعا فهي قد جف حلقها مع والديها و هى تقول إنها لا تريد هذه الخطبة و أنها لا تحب هشام هذا و لن تحبه يوماً كانت تستقبل التهاني من الجميع و هى تقف بجواره بصمت تهز رأسها من وقت لآخر ترسم على شفتيها إبتسامة مزيفة ردا على المهنئين بعد قليل كانت قد فاض بها الكيل و لم تستطع الأستمرار في هذه التمثلية الهزلية المسماه بخطبتها فقالت بهدوء لهشام الوقف بجوارها يحادث أحدهم .." هشام أنا هطلع أوضتي ثواني بعد أذنك مش هتأخر "
نظر إليها بتعجب و هز رأسه بصمت فأسرعت لغرفتها في الأعلى مقفلة الباب خلفها بإحكام أتجهت لخزانة ملابسها فأخرجت أول شئ وقع في يدها و أبدلت ثوبها به ثم أخذت متعلقاتها و بعض النقود وضعتهم في جيب سروالها مسرعة قبل أن يكتشف أحدا غيابها بعد أن أنتهت أتجهت للشرفة لتفتح بابها و هى تنظر للأسفل لتقيس المسافة من الشرفة للأرض أذا قفزت شعرت بالخوف لبعد المسافة خشيت أن تجاذف و تقفز فتسقط و تكسر ساقها أو يدها فيكون الوضع أسوء كان المكان مضائا مما يجعلها ترى بوضوح لتحدد خيارتها فالتفتت بجانبها كانت هناك شجرة بجوار شرفتها و لها عدة أفرع متقاربة رفعت قدميها لتقف على سور الشرفة و هى تصل للشجرة بيدها لتمسك بأحد أفرعها و أنزلت قدميها واحدة تلو الأخرى لأقرب فرع لها و هكذا ظلت تنتقل بين أفرع الشجرة نزولا حتى وصلت لنهايتها فقفزت فكانت المسافة بعيدة بعض الشئ مما ألمها قليلاً ركضت لتخرج من باب الڤيلا الحديدي حامده الله أن لا أحد قرب البوابة ليرها ركضت داخل الأراضي الزراعية لتصل للطريق و هى تتمنى أن تجد سيارة لتأخذها لأقرب مكان عادت من ذكرياتها لرؤيتها لشئ يعبر الطريق كأنه حيوان فصرخت بفزع... " هارون حاسب "
يتبع