رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الثلاثون30 بقلم نجمه براقه

 
رواية ابتليت بحبها الجزء الثاني2 الفصل الثلاثون30 بقلم نجمه براقه
ياسر 

كنت واخده معايا علشان يتكلم بدالي ويعفيني من الحرج قدام ابو بسنت ولكنه فضل ساكت وفي دنيا تانية غير دنيتنا. 
كان واضح انه بيفكر في نفس الموضوع اللي اتكلمنا فيه قبل وصولنا. 
وبعد وقت من سكاته ده ابو بسنت لاحظ ف قال موجه الكلام ليه: 

  _ ساكت لية، مش صاحبك ده.. 

فاق من شروده وقال: 

  _ هه،  نعم!..

_ ده انت مش معانا خالص.. 

 _  معاكم اهو، وانا بقول ان ياسر راجل يعتمد عليه، وبدء شغل وشال مسؤلية، هو بس عايز وعد منك ان بسنت تكون ليه.. 

_  ومين يشهد للعروسة.. 

 _ ربنا العالم لو مش عارفه علي اية ما كنت جبته، ياسر شخص كويس وأهله كمان ناس محترمين  وهتطمن عليها معاهم.. 

قال موجه كلامه لي: 

_ طيب وعلى كده شغلك اللي بدائته ده هيشتريلك بيت امتي ولا ناوي تسكنها مع أهلك.. 

قلت: 

 _ حضرتك سمعت إني انا الولد الوحيد في بيتنا،  وبابا كدة كدة مخليلي شقة واقفة بس علي الفرش.
وانا مش جاي اقول لحضرتك ان بمرتب شهر هعمل كل حاجة، اقصد شبكة ومهر وشقة،  لا انا بدأت شغل بس لو هستنا يكون عملت كل المطلوب لوحدي مش هخلص قبل عشرين سنة علي الأقل، ف بابا هيساعدني في جوازي وبعدين انا هتحمل مسؤولية بيتي، مصاريف، اكل، شرب،  علاج وسفر.... 
    
سكت ف تابعت بتوتر من نظراته الغير مفهومة: 

_ انا بكلمك بصراحة هو ده حالي واللي اقدر اعمله، لكن انا شاريها ومش هلاقي واحدة زيها،  وياريت حضرتك توافق

  _  طيب وعلي كده لو وافقنا عاوز تجوز امتي.. 

_ زي ما يناسب حضرتك، بنسبالنا احنا مش هتواجهنا مشاكل.. "

فكر للحظات وبعدين اومأ بدماغه وقال: 

  _ طيب، سيبنا نفكر ونرد عليك.. 

ابتهجت وقولت وانا بتنقل بنظراتي بينه وبين حمزة اللي رجع لسكوته من تاني 

_ وانا مستني الرد، وإن وافقت، وإن شاءلله توافق هجيب اهلي وأجي نتكلم تاني.. 

-  إن شاءلله .. 

قولت بسعادة

  - طيب، نمشي احنا بقا، يلا يا حمزة؟.. "

اومأ ايجابا وقال اثناء وقوفه: 

_ محتاج حاجه يا عمي.. "

_  سلامتكم، سلم على رقية.. 

_  يوصل، عن اذنك.. "

طلعنا من هناك وانا مبسوط وبتكلم معاه في الحوار اللي دار بيني وبين حماه ولكن توقفت عن الكلام واختفت بهجتي لما لاحظت سكوته وقلت: 

 _ مالك يا زفت.. 

ابتسم بتظاهر وقال وهو بيربت على كتفي: 

_  مفيش، الف مبروك هتبقي عريس، بس يارب ما تكسفنا ..

 _ يعني هكسفكم ربع كسفتك لينا، ده انت قربت تكمل سنة وخليني ساكت، بس وحيات امك ياشيخ ما تفكر في الحوار ده، متبوظش حياتك بإيدك.. 

_ نسيته مبقاش في دماغي .. 

 _ ياريت يكون مش في دماغك بجد، ومتسبش نفسك لشيطان يلعب بيك.. 

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، 
#حمزة

مكنتش قادر أشيل الفكرة اللي وصلت لها من دماغي، وفي نفس الوقت مكنتش قادر أحكي لحد عنها، ولا حتى أقول شكوكي دي لماما يمكن أرتاح.

رجعت البيت وأنا حاسس بصداع هيفرتك دماغي، ومحتاج بس حد يمسح عليها... يمحي منها كل الوجع والتفكير.

ولما وصلت البيت، لقيت رقية مستنّياني. 

قفلت الباب وقلت:

– إيه الأخبار؟

– تمام، إيه الأخبار إنت؟ عملتوا إيه مع بابا؟

– قال هيفكر ويرد، بس شكله موافق.

– على خير...

سكتت لحظة وبعدين تابعت بتردد:

– إنت عامل إيه دلوقتي؟ بقيت أحسن؟

– مش قوي... مصدع شوية.

– آه... طيب أعملك شاي ولا قهوة يخففوا الصداع؟

ابتسمت ابتسامة باهتة وقلت:

– لا، عايز حاجة تانية...

بصتلي بإنصات، فقلت بتردد:

– عايز نلعب لعبة الأسئلة

– ليه؟

– أهو...

أومأت بإيجاب وقالت:

– ماشي، اسأل إنت.

دورت في دماغي على سؤال يصعب عليها تحله، لكن ملقتش... أو يمكن مكنتش مركز كفاية، وفي الآخر قلت:

– قوليلي، إيه اسم البرفان بتاعي اللي محطوط جنب التسريحة؟

هزت دماغها بنفي وقالت من غير ما تفكر حتى ثانية:

– معرفش.

– مش هتفكري؟

– مدورتش على إسمه، مهتمتش يعني أعرفه.

– آه...

قالت بتردد:

– كده خسرت، إيه حكمك؟ 

– مصدّع، وتعبان، ومقريف...

كان صعب عليا أطلب منها طلب زي ده، فمسحت على شعري يمكن تفهم من غير ما أقول، فقالت باستفهام:

– أيوة، عايز إيه؟

مسكت إيدها وقلت:

– تعالي...

راحت معايا من غير أي اعتراض، قعدتها على السرير وقلت:

– دماغي...

فضلت ساكتة بتبص لي، وبعدين أومأت بإيجاب، وعدّلت رجلها وقالت:

–فهمتك، وده حكم مقدرش منفذهوش، تعال...

قعدت جنبها وبعدين تمددت، حطّيت دماغي على حجرها، وبحركات سحرية بدأت تدلّك. كانت مترددة في الأول، بس في النهاية تنازلت ودلّكت.

ومن ناحيتي، كنت تايه وتعبان، ومخدتش وقت علشان أنام...

#حسن

كنت سهران في أوضتي ماسك التليفون ومستني أي رسالة منها، ولكن ما بعتتش ولا نقطة حتي، ومكنتش قادر احدد إذا كانت صاحيه أو نايمة. واللي عارفه إنها زعلانة مني. 
وبعد تردد، كتابة وحذف، استجمعت شجاعتي وبعتلها:

"صاحية ولا نايمة؟"

استنيت شوية لغاية ما استلمتها، ولكن مردتش، فبعتلها تاني:

"إنتِ إيه مزعلك دلوقتي؟ هو أنا جيت جنبك؟"

ردت بعد لحظات:

"مش زعلانة، بريحك مني بس. أنا قولتلك قبل كدة إنك هتيجي بعدين وتقولي معرفكيش؟"

"وأنا عملت إيه لكل ده؟"

"لو مش شايف إنك عملت، يبقى معملتش."

رديت بابتسامة:

"علشان قولت مش فاضي أوصلك الجيم."

"أديك عارف، بس أنا مش على رفضك.  انا علي إنك مش عايز تعرفني."

"إنتِ هبلة."

مردتش، فبعت تاني وقلت:

"وأنا لو مش عايز أعرفك، هبعتلك ليه؟ أنا بس محبتش إن خالي يقول صدق ما لقيها."

"إنت مش بتقول صحاب ومبنغلطش، إيه مخوفك؟"

"صحاب ومبنغلطش، بس هو مش هيفهم ده، ويمكن يعرف إننا نعرف بعض ومخبيين."

"وإيه اللي حصل علشان تخاف يعرف؟"

"رحمة، مش عايز غباء. متخلينيش أندم إني كلمتك. أنا دلوقتي بكلمك علشان عارف إنك حاسة إنك لوحدك، خصوصًا بعد ما سيكا وبرق راحوا."

"ماشي."

"ماشي إيه؟"

"متودنيش الجيم، ولو كلامنا تقيل على قلبك، بلاها."

"إنتِ شايفة كده؟"

مردتش، فبعت تاني:

"على فكرة، أنا قولت لخالي موافق أوديكي، بس طالما بلاها، فبلاها."

"بلاها، إنت هتزلني."

"طالبة معاكي خناق صح؟"

"لا خناق ولا غيره، أنا بس مش هفرض نفسي عليك."

"زي ما قولت، عاوزه خناق."

مردتش، فبعت تاني:

"روحتي فين، رحمممة؟!"

"عايز إيه؟"

"ده إنتِ زعلانة بجد."

"زعلانة يا حسن، كل حاجة حوليا مزعلاني. لما ياسين قال هيسافر، قولت فرصة أخرج وأخد نفسي من غير حبس. كنت فكراك هتقف معايا، بس زي عادتك بتهرب. أنا عارفه إنك شايفني رخمة وبقول كلام مش لايق علينا، بس زي ما قولت، أنا بقيت لوحدي. إنت أقرب حد ليا في البيت ده."

"مش رخمة ولا حاجة، إنتِ عندك حق، وأنا كمان تحمست وكنت مستني يقولي أوديكي الجيم، بس محبتش أوافق بسرعة لأني كنت عارف هيصر إنّي أوديكي."

"يعني مش متضايق إنك هتدبس فيا؟"

"متضايق، بس نعمل إيه، حكم القوي."

"على الضعيف."

"اتكسفتي تقولي جبان؟"

"خفت أقولها تزعل ههههه."
،،،،،،،،،،،،، 

#فيروز

صحيت من النوم لقيت نفسي لسة نايمة في حضنه، وهو مفتح عينيه وباصص للسقف، ف ارتفعت عن صدره وقلت:

"إنت صاحي؟"

بصلي وقال:

" العادي بتاعي، مش بنام كتير."

"ليه؟"

"أهو مش بيجيني نوم."

"طيب ومصحتنيش ليه أقعد معاك."

"في حد يصحي حد عشان يقعد معاه؟"

"أيوة، لما يكون حابب يقعد معاه."

ابتسم وقال:

"بتحبيني يا فيروز؟"

"إيه السؤال ده؟ وانت مش عارف بحبك ولا لأ؟"

"عارف بس مش عارف ليه، غير طيبتي اللي بتقولي عليها."

"كل حاجة فيك تتحب، ده كفاية إنك أنقذتني من الموت مرتين."

"يعني لو ما أنقذتكش مكنتيش حبيتيني؟"

"مالك يا صدام؟ ليه بتتكلم كده؟"

"مش عارف، ومش عارف ليه حبيتك. أنا بحبك قوي وده اللي أنا مش فاهمه."

"مش شايف فيا حاجة تتحب؟"

"لا لا، فهمتيني غلط. أنا بقول إني بحبك قوي. وأنا لاحظت حاجة وأنا بفكر دلوقتي في الناس اللي حوالي، وهي إني مابحبش غير شخص واحد وبنجرف ليه كلي. يعني في الأول كنت بحب عمي ياسين قوي، هو كان أقرب شخص ليا، لغاية ما جه حسن وخد مكاني وبعد عني.
وبعد ما ماما رجعت بعد شهور سابت فيهم البيت، قربت مني ف بقت هي أقرب إنسان ليا، أقرب من أي حد.

تابع بإبتسامة وهو بيداعب خدي بلطف: 

"  لغاية ما جيتي إنتِ.  متخيلة إني بقيت حاسس بذنب تجاه يسرا بسببك. وعلشان إنتِ شايفة كده، أنا مش فاهمني. حقيقي بقيت خايف من نفسي."

"كرهت حسن علشان خد مكانك؟"

"من بين كل اللي قولته مشغلكش غير الكلمة دي؟"

"كله بس التفصيلة دي حل لغز سبب كرهك لحسن."

أومأ إيجابًا وقال:

"أه صح صح، هو ده السبب. حسن جيه في أكتر وقت أنا كنت محتاج لعمي فيه. عمي كان بيهتم بيا وبيحبني، بيعمل اللي يقدر عليه علشان ميخلينيش أحس بالوحدة في غياب أمي. وفجأة وبدون أي مقدمات بعد عني. إنتِ عارفة لما يكون حد شايلك وبيلف بيكي ومبسوطة وكأنك طايرة في السما وفجأة يسيبك توقعي؟، أهو كده بالظبط.
هو انشغل بيه عني، وخد مني كل حاجة، خد حب واهتمام ولعب، واداهم لحسن في وقت كنت انا اللي محتاجهم،  تجاهلني تمامًا وكأني مش موجود. كان بيتعصب لما أقرب ليه زي الاول. كان يزعق لو حسن وقع وأنا واقف جنبه وهو بيتعلم المشي. كرهت حسن. كرهته قوي وبالذات إن حب واهتمام عمي بيه مقلش. ده اعتبره ابنه. كان أهله يسافروا وهو قاعد يرازي فيا، عمي بسببه مكنش ياخد باله مني وأنا بتعاقب بالأيام في أوضتي ولا حرماني من حاجات كتيرة علشان ماما شايفة إن كده بتربيني صح."

" طيب إيه رأيك في كرهك ليه دلوقتي؟"

"يعني إيه؟"

"يعني مش شايف إنه ملوش ذنب علشان تكرهه كده؟ كان طفل مش فاهم وكبر علي حب خاله ليه بيحب وأكيد إنتِ مقولتلهوش لا هو ولا عمك إن اللي بيحصل مضايقك."

"فاهم عايزة تقولي إيه. وأنا حاولت أقنع نفسي إنه ملوش ذنب، مش محاولتش؟ لا، كنت في كل مرة بضايقه فيها أو أتلَكك له، وأشوف نتيجة اللي عملته فيه، أزعل من نفسي وأقول هو ملوش دعوة. إنتِ عارفة!، يمكن اللي بينرفزني أكتر إنه ولا مرة حاول يخلص مني اللي بعمله فيه. متعرفيش بقى مستهيفني ولا هو جبان ولا طيب. يمكن لو حاول يرد لي اللي بعمله فيه كان الكره قل شوية."

"صح، صح جدًا. على العموم التجاهل وحش حتى لو كان في الأذية، بس يمكن هو مش شايل ضغينة  تجاهك، ومش هيردلك أي حاجة عملتها. جربت تكلمه؟"

"أكلمه؟"

"أه."

"لا، مجربتش ولا هقبل أبان متنازل ولا مزلول وحاسس بالندم قدامه."

"بلاش ، المهم دلوقتي لسة حاسس إنك عايز تضايقه؟"

"أه، بس مش أزيه ازيه يعني، أحب أحرق دمه "

قلت ضاحكة:

"أقولك حاجة ومتتعصبش؟"

"قولي."

"لو يعني، بقول لو، لو مكنش في ضغينة من الأول كنتوا هتكونوا صحاب قريبين قوي من بعض."

"ده لو مكنش في ضغينة، بس في ضغينة، وضغينة كبيرة قوي. بكرهه يا فيروز، بكرهه."

"وأنا بكرهه."

"وإيه كرهك فيه بقى؟"

"بجاملك."

ضحك وقال:

"مش عارف هحبك قد إيه تاني."

قلت بابتسامة:

"قليل لما بتضحك، مع إن ضحكتك حلوة قوي."

"أه، ما أنا بخاف أضحك ف اسرق قلوب البنات."

ضحكت وقلت: 

"يا سلام، مغرور قوي..."

،،،،،،،،،، 

# رقية

صحيت من النوم بصيت حواليا لقيت حمزة قاعد على الكنبة وعينه عليا وفيها ابتسامة هادية.
مررت بصري في المكان وانا بحاول افتكر اية اللي حصل في الليلة اللي فاتت، وللاسف افتكرت وحسيت إني عاوزة الارض تنشق وتبلعني او يحصل مونتاج للموقف ده 
وقومت وقلت وأنا بحاول أظهر طبيعية:

"في إيه؟"

ابتسم وقال بنبرة دافيه:

"نمت على حجرك، وصحيت لقيتك نايمة وإنتي قاعدة... فريحتك مكانك."

قلت بلخبطة:

"اه افتكرت، اصل  أنا كنت تعبانة ونمت من غير ما أحس... معلش، كان المفروض أصحيك."

قال بابتسامة:

— "ولا يهمك، أنا آسف إنك تعبتي عشاني."

قلت وأنا بحاول أهرب من نظراته:

— "عادي، هغسل وشي..."

خرجت من الأوضة بسرعة، ودخلت الحمّام، غسلت وشي، ووقفت قدام المراية أبص لنفسي. كنت باين عليّا التوتر، وقلت محدثة نفسي بصوت واطي:

— "مكنتيش قادرة تقوليله يقوم؟ هيقول عليكي إيه دلوقتي؟ غبية!"

خدت نفس  علشان اهدا وبعدين مسحت وشي، ولبست الوش الخشب المعتاد... الوش اللي مفيهوش أي رد فعل يخليه يظن حاجة. دخلت المطبخ، ف تفاجأت بكل حاجة بتلمع
والفطار جاهز...
ورد شيك، وشوكولاتة، والراديو شغّال على صوت قرآن بيهدّي الأعصاب.

فضلت ألف حوالين نفسي مش مصدقة، لحد ما حسيت بيه واقف ورايا. خدت خطوة لورا، وقلت بصوت متلخبط:

"إنت... إنت عملت كل ده؟"

رد ببساطة:

"آه."

"ليه؟"

"قولت أجهز أنا النهارده، أهو تغير."

"آه... طيب..."

ابتسم وقال:

"نفطر هنا ولا في الصالون؟"

"أي حاجة..."

"تمام، خلينا هنا."

اومأت بالايجاب واستدرت علشان اقعد على الكرسي ف تفاجأت بيه بيسبقني ويعدلهولي قبل ما أقعد. بلعت ريقي بالعافية وأنا بتهرب من عينه. قعد قدامي وقال:

"حاجات بسيطة."

"جميلة... تسلم إيدك."

"لو مش عاجباكي، نطلب أكل من برّه عادي."

"لأ، لأ حلوين... بجد."

ابتسم وقال: 

"بالهنا والشفا."

"أحم... طيب."

بدأنا ناكل، بس كنت حاسة إن عينه مثبتة عليا. كل ما أرفع عيني ألاقيه بيبصلي، فمبقاش في نفس للاكل. سيبت اللقمة، وقلت علشان أنهي التوتر ده :

"إنت... جبت إمتى الورد ده؟ مكنش هنا امبارح."

"لما صحيت كانت الساعة واحدة تقريبًا، خرجت جبته وجبت حاجات الفطار."

— "الساعة واحدة؟ علشان وردة؟"

— "لأ... علشانك إنتي."

— "آه... طيب."

ضحك وقال وهو بيسيب الاكل:

" المفروض تسأليني سؤال؟"

"آه، صح... بس مش لاقية حاجة في دماغي دلوقتي."

"جربي..."

"بعدين"

"اوكي،  كمّلي أكلك، أنا همشي على الشغل."

"ماشي..."

قام من مكانه، وأنا مركزة في التربيزة، مش عايزة أبصله... فجأة حسيته بيقرب، وبعدين حسيت بشفافة على جبيني. شهقت... ونفَسي اتقطع، وإيدي اتجمدت.

ضحك وقال:

— "سوري... يلا، باي."

~~~~~~~~~~~~

صدام

كنت في المكتب، وحمزة جنبي بشرحله شوية حاجات في الشغل مش فاهمها ، وفي نفس الوقت نص تركيزه مع تليفونه. كل شوية يبص عليه، يجمع رقم ويتصل. ف سألته:

"بتكلم مين؟"

رد وهو لسة عينه علي التليفون:

" بتصل علي رقية مش بترد."

"يمكن مش سامعة التليفون."

قال بضيق:

"مش سامعة إيه! ده أنا كلمتها أكتر من عشرين مرة."

حبيت انكوشه بسؤالي: 

"وبتتصل ليه؟"

"بطمن عليها."

"يا حنين يا حنين."

"ياخي اسكت."

في اللحظة دي دخل عمي فجأة وقال بتفخيم :

"حمزة هنا؟"

رد عليه وهو بينزل التليفون:

"إزيك يا عمي."

– "تمام… بس جاي الشغل يعني؟"

قلت أنا بابتسامة:

"هو حضرتك لسه ما عرفتش؟ ده بقى ييجي كل يوم، وبيحاول يفهم كل حاجة في الشغل."

"طيب والله كويس. كده ألاقي اللي يقعد مكاني وأنا مسافر."

عقدت حاجبي باستفهام:

"مسافر؟ فين؟"

قعد على الكرسي وقال في الوقت اللي حمزة رجع  يتصل تاني:

"تركيا."

"علشان الصفقة الجديدة؟"

"أيوه."

بص لحمزة وسأله:

– "بتكلم مين؟"

قال بضيق: 

"رقية… بتصل بيها مش بترد."

"في حاجة؟"

– "مش عارف."

قولت بسخرية:

"حوالي خمسين مرة بيتصل، شكله قلقان تكون سابته."

بص لي بغيظ وقال:

"ياخي ده انت رخم… أنا ماشي."

ضحكت وقلت:

"ماشي فين؟ بهزر يا راجل اقعد."

"هروح أشوف في إيه وهرجع. سلام، سلام يا عمي."

مشي، وعمي فضّل ساكت وهو بيتابعه بعينه لحد ما خرج، بعدين بص لي وقال:

"مش دي البنت اللي كان هيغتصبها وخرّب حياتها؟"

"أيوه، هي."

"ومع كده بقوا تمام… كأنهم متجوزين عن حب."

"لا خالص، هو بيقول إنها لحد دلوقتي مش قادرة تنسى اللي عمله فيها، بس شكلها بدأت تنسي… على الأقل لسه قاعدة معاه."

سكت لحظة وبص بعيد، وبعدها تنهد وقال:

"ممكن… ما هو الستات كده، مبيعجبهمش غير اللي يطلع عينيهم."

ضحكت وقالت:

"مش كلهم، بس رجالة كتير مبيعرفوش يختاروا اللي يناسبهم."

تنهد بسخرية وقال:

"وايه يناسبهم يعني؟ واحد زيك ولا زي حمزة؟ واحد بيضرب مراته، والتاني كان هيغتصب واحدة، ف  وافقت تتجوزه!"

"ما أنا بقولك، كتير مبيعرفوش يختاروا. أنا مثلًا مكنتش موفق في اختياري ليسرا، وحمزة… معرفش، بس ممكن يكون هو نجح يختار رغم البداية الغلط. حضرتك يمكن في الأول ما توفقتش في اختيارك، ويمكن حتى بعدين متوفقتش ، بس ده ميمنعش إنك تلاقي اللي يناسبك."

بص لي بنظرة مش مفهومة وقال:

"وإنت عرفت منين إن اختياري بعدين مش موفق يا ابن أخويا؟"

"من الشجن في كلامك."

"وأمتى بان الشجن في كلامي؟! أنا راضي عن اختياري التاني جدًا، حتى لو مش مناسب زي ما انت شايف."

"أنا؟ إمتى قلت كده؟"

"وقت ما قلت،  إعرف بس إني راضي قوي عن اختياري التاني ومش شايف فيه أنسب منه… وانس أمها واللي حصل منها، عادي، ما إنت متجوز فيروز، وسمنه على عسل، وأمها زي ما انت عارف… متهمة بمحاولة قتل أبوك."

قالها وهو بيقوم من مكانه وبعدين مشي باتجاه الباب، فناديته:

– "استنى يا عمي… أنا ما قصدتش اللي فهمته."

وقف عند الباب، وقال بجمود:

– "أنا مفهمتش غير حاجة واحدة وهي إني ما بحبش حد يتدخل في اللي يخصني. ودي تاني مرة أقولك… ركز في نسوانك، يا صدام."

،،،،،،،،،،،،،، 

#رقية

غسلت الهدوم، وبدأت أطبخ. والغريب إني في وسط كل ده، كنت مشغولة بيه، ومش قادرة أشيله من دماغي. وفضلت كده لحد ما فزعت لما لقيته ورايا من غير ما أحس برجوعه، وبيقولي:

"رقية!!..."

اتلفت ليه، وحطيت إيدي على قلبي من الخضة وقلت:

"بسم الله الرحمن الرحيم، خضتني يا أخي!"

قال وهو باين عليه الضيق:

"أنا اللي خضيتك؟! برن عليكي من الصبح ومبترديش."

"رنيت بجد؟ ما سمعتش... يمكن التليفون صوته واطي."

"وموطياه ليه؟ افرضي في حاجة حصلت!"

"ما أنا محدش بيتصل بيا، فمهملاه. هشوفه... في حاجة كنت بتتصل؟"

"كنت بطمن، ولما مردتيش قلقت... فجيت."

"آه... لا، أنا تمام."

"أوكي... شوفي تليفونك، خليه جنبك."

"ماشي."

"ماشي... يلا، باي."

"باي."

سابني ومشي، وأنا تبعته بعيني ووقفت عند باب المطبخ، أشوفه وهو ماشي. وقف شوية هناك من غير أي حركة، وبعدين رجع يبصلي كأنه بيضبطني متلبسة ببص عليه. بعثرت نظراتي وقلت بتلعثم:

"كنت عاوزة أقول إنّي..."

"إيه؟"

"آه، افتكرت... مسحوق الغسيل خلص، ابقى هات معاك."

ابتسم وقال:

"حاجة تانية؟"

"بس."

"أوكي... لو افتكرتي حاجة، اكتبيلي وهاجيبها وأنا جاي."

"طيب."

"باي."

لما قدرت أستجمع نفسي من عدم الاتزان اللي حصلي بسببه، روحت أشوف التليفون اللي لسه مخبياه وهو صامت، ولقيت اتصالات كتير من بسنت وحمزة وأسماء وسامح.

ف بدأت الاتصال بسامح، يمكن جاب الفلوس. ومجرد ما اتصلت، رد فورًا.
ف فضلت ساكتة شوية علشان ألعب بأعصابه، وبعدين قلت:

"ألو؟"

"يا شيخة حرام عليكي، ساكتة ليه؟!"

"كنت ببعد، أصله هنا في البيت... إيه الأخبار؟"

"تمام، كنت متصل بيكي علشان أقولك: الفلوس جاهزة."

"مش قولت بعد يومين؟"

"وصلوني خلاص. هتقدري تيجي تاخديهم دلوقتي؟ واهو بالمرة أشوفك."

"لأ أجي إيه؟ بقولك في البيت، وبيتلكك علشان يضرب... هبعتلك بسنت أضمن."

"ما تتلككيش بأي تلكيكة، انتي وحشاني."

"وحشك قطر! انت ناسي اللي عملته معايا ولا إيه؟! اتلم وبلاها الفلوس، أنا مطلبتش منك ترجعهم أصلاً."

"خلاص خلاص... أنا آسف. كلمي بسنت وخليها تتصل بيا، وأنا هتواصل معاها."

"ماشي... وعلى العموم، أنا متشكرة قوي."

"على إيه؟ ده انتي غالية يا رقية... بس وحياة النبي ما تفضلي زعلانة مني."

"كنت زعلانة لما افتكرت إنك بعتني علشان الفلوس. وعلى فكرة، أنا لو مش عاوزة أرفع قضية، مكنتش قبلت آخدهم تاني. بس إن شاء الله، لما أخلعه وأقدر أخرج من البيت، هرجعهم لك... أصل أي تحويل أو سحب من حسابي بيوصل عنده وبيعرف، للأسف."

"فلوس إيه؟ تغور الفلوس! حد الله بيني وبينهم... ده أنا أزودهم لك. أنا بس طمعان متقطعيش معايا وتخليني أقف جنبك لحد ما تخلصي منه."

"أما نشوف. محتاجة وقت أعيد حساباتي. أكدب عليك لو قولتلك نسيت اللي عملته لما لجأتلك."

"حقك عليا يا ست البنات، محقوقلك... ووعد، عمري ما هقل معاكي تاني. بس سامحيني وارجعيلي."

— "مش وقته الكلام ده. أخلص من الشيطان اللي ربنا بلاني بيه، وبعدين لينا كلام تاني."

"ماشي يا غالية... كلمي بسنت، وخلي بالك من نفسك، ابقي كلميني، متسيبينيش مشغول عليكي."

"هحاول... سلام دلوقتي."

"مع السلامة يا غالية."

قفلت معاه، وقلت باشمئزاز :

— "غلاك في كنكة... غلوة البيض يا بعيد! بس اصبر... أطول الفلوس، وانت مش هتفارق البلوك."

#بسنت

رنت أخيرًا فرديت عليها، وقلت 

"يا حيوان فينك، يلعن أبو شكلك!"

جاني صوتها مبتهج وقالت:

"بتعملي إيه دلوقتي؟"

"قاعده، مبسوطة ليه؟ استر يا اللي بتستر!"

قالت ببهجة: 

"سامح..."

قلت:

"متقوليش، لا، لالالا."

قالت:

"أه والله، اسمعي، هتكلميه دلوقتي، وتخليه يتفق معاكي على مكان تتقابلوا فيه، هو هيديكي الفلوس، واسمعيني، أنا فهمته إني هرفع قضية خلع، وأنتِ هتوكليلي محامي كبير هتبدأي تشتغلي عنده، وهتدفعيله من الفلوس دي، فاهمة؟"

قلت بتخوف:

"متأكدة يا بنتي؟ ليكون بيوقعك وهيدبحني أنا!"

"مش هيدبحك، هو هيديكي الفلوس بس لو حصل أي سؤال أو اي كلام اتقال، أنا بتضرب ومتهانة ومش قادرة أعمل حاجة."

"ومعاكي ملايين مملينة!"

"أيوه بالظبط، ابتديتي تفهمي."

"حاضر يا كبيرة، قطيع محدش بياكلها بالساهل، واووو حبيت شغل العصابات ده!"

"طيب، خلصي بس، كلميه واتفقوا على المكان اللي هتتقابلوا فيه."

"أوكي، بس وبعدين الفلوس هوديهم فين؟"

"اديهم لبابا، بس هاتيلي منهم 10 آلاف جنيه، هرجع اللي خدتهم من فلوس زيدان واخد منهم اسكت بيهم الزفتة دي."

"يا لهوي يا رقية، بابا اية دي فلوسك يا بنتي!"

"انا هعمل إيه بيهم؟ أديهمله، هو تعب كتير ومحتاجهم، ولسه جهازك كمان."

"طيب، وإنتي؟"

"أنا مش محتاجاهم، أعمل بيهم إيه؟"

"ربنا يخليكي يا رقية، ربنا يصلح حالك ويريح قلبك ويهديكي على جوزك."

"إيه امور الشحاتة دي ؟"

"ماشي يا واطية، المهم كنت بتصل بيكي علشان أقولك إن احتمال كبير بابا يوافق على ياسر."

"وأنتِ مبسوطة؟"

"بصراحة آه، هلاقي زيه فين؟"

"عجبك شكله انتي "

قلت بابتسامة 

"كل حاجة، وحاسه إنه يعتمد عليه وشهم."

"مع إنه صاحب حمزة."

"ودي أحلى حاجة فيه."

"ممم.."

"لسه عندك شك إنه إنسان كويس؟"

"لا خالص، هو زي ما قولتي، وفهمت كمان السبب اللي خلاه فاشل."

"كره أبوه ليه قصدك؟."

"ودلع أمه، أمه كانت مقدمه له كل حاجة تفسده، فلوس ودلع وعدم تربية وحرية زيادة، لدرجة إنه لما تعدا عليا معتبتهوش، وجت تهددني، يمكن لو اهتمت تربيه زي صدام كان بقى إنسان كويس، صدام مع ان سنه مش كبير إلا إنه ماسك الشغل زي أي راجل في الأربعين، وجد مالهوش في اللعب. مش عارفة إزاي هي نفسها اللي مربية الاتنين."

"أفهم من كده إنك خلاص رضيتي عنه وهنلين."

"لا، الموضوع أكبر من كده بكتير، مش سهل أتحول في علاقتي بيه من الكره للحب والجواز، صعب، صعب قوي."

"عندك حق، بس مش هتطولي علشان يحصل التحول ده."

"مش عارفة، المهم كلمي سامح وابقى ردي عليا، ومتقوليش لحد لغاية ما ترجعي البيت."

"حاضر."

قفلت معاها واتصلت بسامح، رد عليا وقال:

"بسنت، إزايك؟"

"الحمد لله، رقية قالتلي اكلمك.." 
:
"آه، قالتلك ليه؟"

"ايوة قالتلي، أقابلك فين بقى؟"

أداني العنوان اللي هنتقابل فيه، اللي مش بعيد عن المنطقة. قلت لماما هنزل أجيب حاجة، ونزلت واتقابلنا، مكنتش طايقاه وكنت بحاول أتظاهر بالهدوء علشان مبوظش الدنيا، وقلت له:

"إزايك يا سامح؟"

"الحمد لله، إنتِ عاملة إيه؟"

"أنا تمام."

"دايمًا تمام، خدي."

تابع وهو بيديني الشنطة:

"أهم 400 ألف، مش ناقصين مليم."

"دول بتوع رقية؟"

"وشوية عليهم، قسمنا المكسب وضيفناهم على فلوسها."

"طيب والله وطلعت جدع يا سامح، أنا قلت مش هتديها حاجة، ليها حق تثق فيك."

"رقية دي ست البنات، وعارفاني."

" اه طبعاً، ماشي."

فتحت الشنطة، شوفت الفلوس وتأكدت إنها فلوس حقيقية مش ورق أبيض، وبعدين قلت:

"معلش، أصلهم في وشي، ولازم أتأكد."

"حقك، طيب، وعلي كده هتروحي للمحامي إمتى؟"

"على طول، يدوب أوصل البيت، أسيب الفلوس هناك واروح له أقدم له القضية."

"طيب، ابقي بلغيني بالجديد، وحياة أبوك."

"حاضر، من عينيا، امشي علشان الحق قبل ما يقفل المكتب، دعواتك."

"ربنا ينتقم منه هو وأهله."

"ده المحامي."

"ابن الكلب اللي بوظلنا حياتنا."

"ربنا ياخد كل المؤذيين، ولاد الست اللي مش بتربي، سلام بقى، سلام اتأخرت."

قلت كده ورجعت وأنا حاضنة الشنطة ومبسوطة فيه، ومش مستنية اللحظة اللي هيعرف فيها إنه خد مقلب. وقبل ما اوصل البيت قابلت بابا وهو داخل، بصلي وبص لشنطة وقال:

"كنتي فين؟ وإيه ده اللي في إيدك ده؟"

بصيت حواليا وبعدين ميلت عليه وهمستله بسعادة:

"حاجة حلوة، هقولك عليها جوه، تعال."

رجعنا البيت وهو مش فاهم، دخلنا، وبعد ما قفل الباب، قلت وانا بقدمله الشنطة:

"اتفضل."

"إيه ده؟"

"دول فلوس بتوع رقية."

قال عدم فهم 

"مالهم؟"

"أصل..."

"أصل إيه؟ إيه الفلوس دي؟ وجيباها ليه؟"

قلت بتردد وخوف من رد فعله: 

"دي فلوسها كانت محوشاهم من جمعيات وشغل، وبتديهم لإبن الآية اللي اسمه سامح، كانت بتساعده علشان يشتري الشقة ويتجوزوا، وشوية كمان كان واخدهم من عيلة فياض علشان يسيبها لحمزة."

فضل ساكت وبيبصلي بنظرات وترتني فقلت:

"إيه يا بابا؟"

قال بحسم:

"اتصليلي بأختك."

"ليه؟"

" بقولك اتصليلي بيها."

قلت بربكة: 

"حاضر، حاضر."

اتصلت بيها واستنيت لغاية ما ردت، وقبل ما أتكلم، بابا خد مني التليفون وقال:

"فهميني إيه حكاية الفلوس دي، وليه مجبتليش سيرتهم؟"

#رقية 

معملتش حسابي نهائي لرد فعله دي ولكن رديت وقلت:

"دي فلوسي يا بابا، تعبي وشقايا، والفلوس اللي سامح باعني بيهم لعيلة فياض."

قال بحدة:

"ورجعتيهم إزاي؟"

قولت:

"رجعتهم."

قال بنفس النبرة:

"إزاي؟"

رديت ودموعي قربت تنزل:

"زي ما رجعوا يا بابا... دول تعب سنين، أنا كنت بعمل جمعيات واديله علشان أساعده، لغاية ما باعني... وآهوا رجعوا، وعليهم شوية كمان. غلطت في إيه؟"

قال بحدة أكتر:

"الفلوس رجعت إزاي؟ ومش هسأل تاني."

قلت وأنا صوتي بيترعش:

"فهمته إني عايزاه، فرجعهم علشان أثق فيه وارجعله بعد ما اتطلق."

سكت... وسكوته وجعني فقلت بصوت مختنق:

"بابا؟ ساكت ليه؟"

قال بعد لحظة بصوت مكسور :

"أقول إيه؟ يعني ساعدتي سامح علشان يتجوزك؟
زيك زي واحدة معيوبة بتدور على اللى يسترها
وبعدين غيرتي شغلك من غير ما تعرفيني، فلبستينا مصيبة ومردغتي شرفنا.
وبعد ما اتجوزتي وبقيتي على ذمة راجل... بتكلمي واحد تاني ويحبك وتحبيه علشان الفلوس،  
ده أنا كنت فاكر نفسي بعرف أربي."

قلت وأنا ببكي:
"يا بابا والله ما حصلش حاجة، والله العظيم!
كلامي معاه في الأول كان عن طريق حد، ولما كلمني كنت واضحة، أنا بس... اديته أمل.
مغلطتش... بابا؟... ألو؟"

بعد ما لقيته قفل الخط دخلت غيرت هدومي ونزلت على طول.
مكنتش في حالة تسمحلي أفكر في حاجة، حتى نسيت أكلم حمزة ونسيت اخد التليفون.
وأنا ماشية في الشارع، حسيت بحد ورايا.
وقفت ورجعت أبص للخلف... لقيت واحد شكله مش غريب، بس مش فاكرة شوفته فين
فضلنا نبص لبعض لحظة وحسيت انه قاصدني ف رجعت مشيت وقصدت اكون قريبة من الناس، وكل شوية أبص ورايا وانا قلبي مقبوض ومش مطمناله.
ولكن بعد شوية خد طريق تاني غير اللي ماشية فيه. ف كدبت نفسي وقلت يمكن تهيالي انه ماشي ورايا لاني متوترة .
وتناسيته وكملت طريقي لحد بيت بابا.
خبطت، وبسنت فتحت لي.
وقالت: 

"تعالي."

"فين بابا؟"

"في أوضته وزعلان قوي."

"هشوفه."

دخلت  لقيته قاعد ساكت، وماما جنبه بتمسح على كتفه.
قربت منه وقلت بصوت واطي:

"بابا..."

بصلي نظرة سريعة وقال بجمود: 

"إيه جابك؟"

قعدت جنبه، والدموع بتنزل من عيني وقلت:

"يا بابا، أنا ما غلطتش... والله ما غلطت.
الرسايل بيني وبينه كانت عادية، ولو ما كنتش بحذفها، كنت وريتهالك."

قال بنبرة قاسية:

"بتحذفي علشان عارفة إنك بتعملي حاجة غلط، اللي مبيغلطش... مبيحذفش."

قلت بحرقة:

"لا يابابا ونبي، أنا بحذف علشان أكيد حمزة مش هيبقى مبسوط لو عرف، ومش هيفهم إني رجعت حقي وخلاص.
وبعدين أنا مش شايفة إن الراجل ده ليه دعوة بيا... أنا حرة."

رد بعصبية:

"حرة؟ طيب لما هو ملوش دعوة بيكي وانتي حرة، رجعتي معاه ليه؟ عشتي معاه ليه؟ بتاكلي وتشربي معاه ليه؟ احنا بقينا فين؟
أنا اللي مربيكي بقيت متقرطس، وبيتقال في ضهري إن بنتي بتساعد خطيبها يتجوزها لأنها معيوبة! ودلوقتي؟ هيتقال بنته خانت جوزها؟
وطيتي راسي مرتين... خليتي إيه؟"

قلت وأنا منهارة من العياط:

"لا عشت ولا كنت، يا حبيبي... أنا" 

قاطعني بقسوة:

"ما تتكلميش، امشي من قدامي... امشي."

مسكت إيده علشان أبوسها، شدها وقال مقاطع كلامي:

"مش عايز أشوفك... امشي بقولك."

"بابا... والنبي اسمعني..."

قالت ماما :

"روحي دلوقتي يا رقية."

"هروح، بس يسمعني..."

بسنت مسكت دراعي وقالت:

"تعالي دلوقتي."

ماما كررت بهدوء:

"روحي مع أختك دلوقتي، بعدين نتكلم... روحي."

جرس الباب رن بسنت سابتني وراحت تفتح.
وأنا رجعت لبابا وقلت:

"بابا، علشان خاطري... افهمني، أنا..." 

"انتي هنا؟ وأنا قالب الدنيا عليكي!"

جاتني الكلمة دي من ورايا بصوت حمزة  مسحت دموعي بسرعة وبعدين التفت ليه وشوفت القلق باين علي وشه  ومن ناحيتي انا ف كنت خايفة يعرف ومش واثقة ان بابا ممكن  يخبي وتفاجات لما جاني صوته  تماسك وهو بيقوله بنبرة هادية:

"سمعت إني تعبان، وجت تطمن." 

#حمزة

كان في حاجة غريبة بتحصل، حاولت أفهم، بس محدش قال حاجة غير إنه كان تعبان وإنها جت تطمن عليه.
مكنتش مصدق، وخاصة ان هي كانت بتعيط ومش عايزة تمشي.
وقتها جالي إحساس إنها راحت هناك عشان تسيب البيت، ومش ناوية تكمل معايا، وحسيت إن عمر علاقتنا ما هتتصلح،
رغم إني ساعات كنت بحس إنها ممكن تكون حبتني.

وبعد وقت رجعنا في طريقنا للبيت، وساد بينا صمت تقيل في العربية.
فضلت ساكت شوية مش عايز الوم عليها ولا ابان اني موجوع بسبب رفضها لي، لكن ما قدرتش أمسك نفسي ف قلت:

 في حاجة حصلت؟

ردّت من غير ما تبصلي:

"لا.

" يعني مكنتيش ماشية ومش راجعة تاني؟

بصتلي وقالت:

 لو كانت دي نيتي، كنت خدت حاجتي.. دا انا حتى التليفون مخدتوش.

"أمال إيه؟

" بابا قالك إني روحت أطمن عليه.

سكت شوية وأنا ببص في عينيها، وبعدين قلت:
– مصدقتش، باباكي كان كويس، وانتي كنتي بتعيّطي. في إيه يا رقية؟ هو بعد كل مرة نبقى كويسين بتتغيري،كل مرة نحس إن الدنيا هديت، ألاقيكي زعلانة وعايزة تمشي أو مش موجودة في البيت زي المرة دي! وأقعد ألف حوالين نفسي وأقول راحت فين؟ اتخطفت؟ طيي ماتت؟ كيي الراجل ده قتلها؟!

كنت بتكلم بعصبية، لأني حسيت إني مهما عملت، مفيش نتيجة.
لقيتها بتقول بصوت متلخبط ودموعها بتلمع في عنيها:

" أنا اتلخمت لما بسنت قالتلي إنه تعبان، نسيت أقولك مكنتش ماشية وسايبة البيت.

"يا رقية، متجننيش.. أبوكي كان كويس!
أنا دلوقتي عايز أفهم، انتي عايزة إيه؟ إيه اللي يريحك؟ أنا زهقت!

ردت بصوت مخنوق:

" مش عايزة حاجة."

وقفت العربية ولفيت ليها وقلت:

" رقية، بصيلي واسمعيني كويس، أنا فعلاً جبت آخري، الشقة بإسمك، وكل حاجة فيها ليكي.يعني لو مش طايقاني ومفيش فايدة، أنا اللي همشي، مش انتي.قوليلي دلوقتي، انتي عايزة إيه؟

قالت وهي مخنوقة أكتر:

"عايزة إيه في إيه؟ وانت شايف حالتي ينفع أتكلم في مواضيعك دي دلوقتي؟ قولتلك أنا روحت عشان بابا تعبان.

" لتالت مرة بقولك، باباكي كان كويس!: يا رقية، انتي بقيتي غريبة، في الأول كنت فاهمك.. دلوقتي لأ ومش قادر أستحمل التغيير اللي بيحصلك كل رمشة عين.

سكتت شوية، وبعدين استدارتلي في القعدة وقالت بهدوء:

" ليا سؤال."

بصيتلها باستغراب:

" نعم؟ سؤال إيه دلوقتي؟

خدت نفس عميق وبعدين قالت 

"كم عدد اللي حكموا مصر من أيام الفراعنة لحد دلوقتي؟

" إيه ده؟

" ده سؤالي.. جاوب، لو معرفتش، هحكم.

" على أساس إنك عارفة الإجابة؟

" جاوب.

"معرفش، إيه الحكم بقى؟

–/ الحكم إنك متسألنيش تاني وتقفل الموضوع ده على كده، مش عايزة أتكلم فيه.

" أي موضوع؟ روحتك لبيت أبوكي من غير ما أعرف؟ ولا إنك مش طايقة القعدة في البيت؟

" الاتنين.

" ماشي يا رقية، مش هسأل تاني، بس خليكي عارفة إنك مش مريحاني.

سكتت شوية، وبعدين قالت بتردد:

"نفسي في فِشار.

" إيه؟

" نفسي في فِشار.. نزلني أجيبه لو مش عايز تجيبه انت.

" مش حكاية مين يجيب، بس إحنا بنتخانق، لو مش واخدة بالك.

" هو الخناق بيتنافى مع أكل الفِشار؟
نفسي فيه، مكلتهوش من زمان.

"لا ما بيتنافاش، ماشي، نجيب فِشار..
بس طالما كده، نروح السينما كمان،  ماهي خربانة خربانة 

استنيت ردها، فلقيتها بتومئ برأسها وابتسمت ابتسامة خفيفة،
زادت حيرتي، لكن قررت أعيش اللحظة ومفكرش في تصرفاتها
وخدتها وروحنا السينما

تعليقات