
رواية عهد الغرام الجزء الثالث3 اسيرة في مملكة عشقه بقلم سيليا البحيري
رواية عهد الغرام الجزء الثالث3 اسيرة في مملكة عشقه الفصل الرابع4 بقلم سيليا البحيري
بعد عدة ساعات ، تتجمع العائلة في الصالة الواسعة، أجواء التوتر والخوف تسيطر على المكان. الجميع مصدومون بعد سماع خبر الغارة في سوريا. الجدة صفاء تحاول تهدئة الأمور، لكن ميار منهارة وتبكي بشدة، بينما يقف سليم غاضبًا بجانبها.
نادر (الجد الأكبر، بصوت هادئ لكنه قلق):
"اهدئي يا ميار، لازم نتمالك أعصابنا. البكاء مش هيحل حاجة دلوقتي."
ميار (من بين دموعها):
"غزل... بنتي يا جدو ،أنا السبب... أنا اللي سمحت لها تروح!"
سليم (بغضب وصراخ):
"طبعًا إنتِ السبب! مين اللي وافق إنها تروح سوريا؟ مين اللي قال لها إنها تقدر تعمل ده؟!"
صفاء (بتوسل):
"سليم، مش وقته تلومها دلوقتي. كلنا خايفين على غزل، لكن لازم نتصرف بحكمة."
سليم (يلتفت إليها بحنق):
"حكمة؟ بنتي بين الحياة والموت، وإنتِ عايزاني أكون حكيم؟!"
عادل (الجد، بحزم):
"سليم! كفاية. ميار مش أقل منك ألمً. مش وقت الصراخ."
ميار (تنهار وتجلس على الأرض):
"أنا أم! كيف أتحمل فكرة إنها هناك في المشفى، بين الموت والحياة؟! أنا السبب في كل ده!"
ادهم (الابن الأصغر، بصوت مرتعش):
"بابا، ماما، بلاش تتخانقوا. غزل محتاجة دعواتنا مش صراخنا."
مازن ( يبكي):
"أنا عايز غزل ترجع. هي وعدتني إنها مش هتتأخر."
حور (تضم مازن ببراءة):
"غزل هترجع، ما تخافش."
نادر (بصوت جاد):
"لازم نتصل بأي حد في سوريا نقدر نعتمد عليه. غزل بنتنا، ومش هنسيبها هناك."
محمد (الأخ الأصغر لعادل):
"أنا أعرف ناس من رجال الأعمال ليهم تواصل هناك. هحاول أتصرف."
زينب (زوجة محمد، باستخفاف):
"تتصرف إزاي؟ الوضع كله خطر. إحنا لازم نفكر كويس."
رهف (بغضب):
"إزاي تقدر تتكلمي كده؟ غزل بنت العيلة!"
نادر (يرفع يده ليهدئ الجميع):
"الكل يسكت! أنا مش هسمح إننا نضيع وقت في الخناق. غزل في خطر، ولازم نكون صف واحد."
صفاء (بحنان تمسك يد ميار):
"ميار، قومي. غزل قوية، بنتك هتعدي. أنا متأكدة."
ميار (تنظر إليها بعيون دامعة):
"ادعي لها يا ماما، ادعوا لها."
سليم (يحاول السيطرة على أعصابه):
"هتصل بالمسؤولين، لازم نعرف حالتها بالتحديد. لو اضطررت أسافر بنفسي، هعمل كده."
نادر (بحزم):
"وأنا معاك، سليم. غزل مش بنتك لوحدك، دي بنتنا كلنا."
الجميع يتبادلون نظرات متوترة، والخوف يسيطر على الوجوه. بينما في الخلفية، يسمع صوت التلفاز وهو يعرض تقريرًا عن الغارة
بينما يحاول الجميع تهدئة الأجواء، يدخل أدهم، سيف، ومازن، إخوة ميار، بوجوه متوترة بعد سماع الخبر. الصالة تعج بالهمهمات والصراخ، لكن بمجرد دخولهم يعم الصمت للحظات.
أدهم (بصوت جاد ومليء بالغضب):
"إيه اللي حصل بالضبط؟ غزل إزاي وصلت للمرحلة دي؟ مين سمح لها تروح هناك؟"
سيف (يحاول التماسك لكنه غاضب):
"إحنا مش بنلوم حد دلوقتي، لكن لازم نتحرك فورًا. أنا أعرف مسؤولين كبار يقدروا يساعدونا نتواصل مع المشفى هناك."
مازن (بصوت مرتجف، ينظر إلى ميار):
"ميار... إزاي غزل عملت كده؟ ليه سافرت من غير ما حد يوقفها؟"
ميار (تبكي بحرقة):
"مازن، أنا... أنا حاولت أمنعها، لكنها كانت مصرة. قالت لي إنها هتكون بخير... وأنا صدقتها!"
أدهم (يمسك كتف ميار بحنان لكنه غاضب):
"ميار، دي غلطة الكل مش غلطة واحدة. إحنا المفروض كنا جنبها، المفروض كنا واقفين ضد القرار ده."
سيف (بصوت أكثر هدوءًا):
"مش وقت اللوم دلوقتي، غزل محتاجة إننا نتصرف بسرعة. اتصلت بمسؤول في وزارة الخارجية، هيحاول يوفر لنا أي معلومة عن حالتها هناك."
مازن (ينفعل):
"حالتها خطرة إزاي؟ المشفى في دمشق؟ سوريا كلها مش آمنة! هنقدر نوصل لها ازاي؟"
سليم (بغضب مكبوت):
"مازن، مش وقت الأسئلة. لو اضطررت أروح بنفسي، هغامر بحياتي بس أرجع بنتي."
أدهم (ينظر لسليم بحزم):
"وأنا كمان مش هسيبك تروح لوحدك. غزل بنتنا كلنا، وأنا مش هسيب أخواتي يتحملوا ده لوحدهم."
سيف (يوافقه):
"بالضبط. لازم نكون صف واحد. غزل قوية وهتعدي المحنة دي، لكن لازم نتصرف بسرعة ونوصل لها."
مازن (بقلق شديد):
"لازم نعرف حالة باقي الفريق اللي معاها، يمكن حد منهم يقدر يطمننا على وضعها."
نادر (الجد الأكبر، بصوت واثق):
"أنا وثقت فيكم دائمًا كعيلة واحدة. غزل هترجع لينا. إحنا لازم نفضل مع بعض وندعم ميار وسليم في المحنة دي."
صفاء (تقترب من أدهم وسيف):
"أنتوا إخوة ميار، وغزل زي بنتكم. خلونا نشتغل كفريق. ميار محتاجة دعمكم دلوقتي."
أدهم (بصوت هادئ ولكنه مليء بالتصميم):
"إحنا مش هنتأخر عنها. دي أمانة في رقبتنا."
بينما يتبادل الجميع الحديث والتخطيط، تبقى ميار جالسة، تمسك بيديها بقوة وكأنها تحاول التماسك، بينما الدموع لا تفارق عينيها. سليم يقف بجانبها، يحاول أن يظهر القوة رغم شعوره بالعجز.
في غرفة سليم ( ابن زين و تقى) ، منذ سماعه للخبر وهو حابس نفسه في غرفته ،يجلس سليم على كرسي مكتبه، ويداه تضغطان على طرفي الطاولة بقوة، عيناه مثبتتان على هاتفه الذي يعرض الخبر المؤلم عن الحادثة. وجهه ممتقع، وعيناه تلمعان بغضب وحزن.
سليم (يتمتم بغضب مكتوم):
"غزل... ليه عملتي كده؟ ليه خدتِ القرار ده من غير ما حد يعرف؟ ليه ما فكرتِ فينا؟ فيَّ أنا؟"
ينهض من كرسيه فجأة ويبدأ في التجول في الغرفة، يمرر يده في شعره مرارًا، محاولًا تهدئة نفسه دون جدوى.
سليم (بصوت أعلى):
"كنتِ تعرفي قد إيه بخاف عليكي... قد إيه بتهميني! بس دايمًا راسك عنيدة، مش بتسمعي حد. صحافة إيه؟ مغامرات ايه ؟ سوريا إيه؟ إنتِ فاكرة نفسك بطلة خارقة؟"
يضرب الطاولة بقبضته بعنف، يأخذ أنفاسًا سريعة وكأنه يحاول استيعاب الوضع.
سليم (بصوت مكسور):
"لو حصل لك حاجة، أنا... أنا مش هقدر أعيش. غزل... إنتِ أكتر من مجرد بنت عم، إنتِ..."
يقطع كلامه ويجلس على طرف السرير، يمسك رأسه بين يديه، وصوته يتحول إلى همسات مليئة بالألم:
"لو كنت اعترفتلك من زمان... لو كنت قلتلك كل اللي جوايا... يمكن كنتِ فكرتي مرتين قبل ما تغامري بحياتك. بس لأ، سليم دايمًا بيخاف. سليم بيختبئ ورا كبريائه."
ينظر إلى صورة لغزل على هاتفه، كانت قد أرسلتها له منذ أسابيع خلال إحدى رحلاتها.
سليم (بصوت مرتعش):
"رجعيلي، غزل. عشان خاطري، عشان أي حاجة... رجعيلي."
تدمع عيناه أخيرًا، ويترك الهاتف يسقط من يده على السرير، بينما يحدق في الفراغ، غارقًا في مشاعره المختلطة بين الحب والغضب والخوف
في غرفة سليم في الفيلا، أضواء خافتة، سليم جالس على طرف السرير، وجهه متوتر وعيناه محمرتان من الغضب والحزن. الهاتف ملقى بجانبه. فجأة، يُسمع صوت طرق خفيف على الباب
تقى (بصوت هادئ):
"سليم... ممكن أدخل؟"
يرفع سليم رأسه ببطء، يمسح وجهه بسرعة ليخفي دموعه، لكنه لا يجيب. تدخل تقى الغرفة بهدوء، وتنظر إلى ابنها بحنان.
تقى (بلطف):
"كنت عارفة إنك مش هتكون كويس بعد اللي سمعناه... عارفه قد إيه غزل قريبة من قلبك."
سليم (بصوت منخفض ومكسور):
"ماما... أنا مش قادر أستوعب. غزل هناك، وحياتها بخطر... وأنا هنا، عاجز، ما أقدر أعمل حاجة."
تجلس تقى بجانبه، وتضع يدها على كتفه بحنان.
تقى:
"حبيبي، اللي صار فوق طاقتنا. غزل قوية، وبإذن الله ترجع لنا سليمة. لازم تكون قوي عشانها، عشان لما ترجع تلاقيك جنبها."
سليم (بغضب مكبوت):
"بس ليه يا ماما؟ ليه سافرت؟ ليه ما فكرت فينا؟ فكرت في اللي ممكن يصير لنا لو حصل لها حاجة؟"
تقى (تتنهد وتربت على يده):
"غزل دايمًا كانت جريئة ومندفعة، وعندها شغف إنها تعمل فرق. هي ما قصدت تجرح حد، بس اختارت طريقها. وأنت لازم تدعي لها بدل ما تلومها."
ينظر سليم إلى الأرض، ويضغط على يديه معًا.
سليم (بصوت مكسور):
"أنا... مقلتش ليها قد إيه هي تعني لي. كنت دايمًا أخبي مشاعري. كنت خايف من كل حاجة، من ردها، من الناس، من العيلة... و دلوقتي، يمكن ما يكون عندي فرصة أقولها."
تقى (بحنان وحزم):
"سليم، لا تفكر بالسلب. غزل محتاجة دعاءنا وقوتنا ، مو ندمنا. لما ترجع، واللي هيصير بإذن الله، لازم تقول لها كل اللي بقلبك. الحياة قصيرة، ومفيش وقت للخوف أو التردد."
يرفع سليم رأسه، وعيناه ممتلئتان بالدموع التي يحاول كبحها.
سليم:
"أدعي بس ترجع لنا يا ماما... أدعي إنها تكون بخير."
تقى (تمسح على رأسه):
"كلنا بندعي يا حبيبي. ربنا كبير، وهي هترجع لنا بخير. خلي إيمانك قوي، عشانها وعشان نفسك."
تحضنه تقى بحنان، وسليم يشعر ببعض السكينة بين ذراعيها، لكنه يظل غارقًا في قلقه وألمه
***********************
في صالون القصر. الجو مشحون بالتوتر والقلق. العائلة مجتمعة، ولكن سليم والد غزل يقف قرب النافذة، يحدق في الخارج بوجه متجهم ويديه معقودتين خلف ظهره. زين يجلس على الكرسي بالقرب منه، يحاول التفكير بهدوء.
زين:
"سليم، لازم نهدأ ونفكر بعقل. الانفعال مش هيحل الموقف."
سليم (بغضب مكبوت):
"إزاي أهدأ يا زين؟ بنتي بين الحياة والموت في بلد كلها حرب! وأنا هنا، مش قادر أعمل حاجة! قل لي، إيه اللي المفروض أعمله؟"
زين (بنبرة حازمة):
"أول حاجة، نركز على إنها تتلقى العلاج المناسب هناك. أنا عرفت من الأخبار إنهم في مستشفى بدمشق. دي خطوة كويسة، بس لازم نتأكد من حالتها بالتفصيل."
سليم (يلتفت إليه فجأة):
"وأنت دكتور، تقدر تعمل إيه؟ نقدر ننقلها لمصر؟ أنا مش هسيبها هناك لحظة أكتر!"
زين (يضع يده على ذقنه ويفكر):
"النقل الطبي في حالتها خطر، خاصة لو الإصابات خطيرة. لازم الأول نتواصل مع المستشفى، نعرف حالتها بالضبط. لو الوضع يسمح بالنقل، هنحتاج تنسيق كبير."
سليم (بحزم):
"أنا مش فارق معايا أي حاجة! هتكلم مع أي حد، هدفع أي مبلغ، المهم إن غزل ترجع هنا وتتلقى العلاج بينا."
زين (يحاول تهدئته):
"أنا فاهم قلقك، بس لازم تكون واقعي. النقل من منطقة حرب مش بسيط. هنحتاج تصريح من السلطات هناك، وموافقة دولية، وكمان تجهيز طائرة مجهزة طبياً."
سليم (يضرب بيده على الطاولة القريبة):
"طيب اتحرك، زين! اتصرف! استخدم علاقاتك، كلم السفارة، أي حاجة!"
زين (بنبرة هادئة لكنها جدية):
"أنا هبدأ بالاتصال بزملائي الأطباء هناك. عندي معارف في دمشق، هيقدروا يعطوني تقرير مفصل عن حالتها. بعدها، لو الأمور تسمح، هتواصل مع وزارة الصحة هنا، وأشوف إمكانية تجهيز طائرة طبية."
سليم (يقترب منه بنظرة يائسة):
"زين... هي بنتي الأولى و مدللتي. أنا مش قادر أستوعب إنها ممكن تضيع مني."
زين (بحنان وثقة):
"غزل قوية، يا سليم. وإحنا كلنا معاها. أوعدك، مش هنسيبها هناك. هعمل كل اللي أقدر عليه عشان أرجعها بأسرع وقت."
سليم (ينظر إليه بتأثر):
"ربنا يبارك فيك يا زين. أنا معتمد عليك."
زين (ينهض ويضع يده على كتف سليم):
"اطمئن. كلنا هنا سند لبعض. غزل هترجع لنا بخير."
يتبادل الاخوين نظرات حازمة، بينما يستمر التوتر في الصالون، والجميع مترقب لأية أخبار جديدة
***********************
فأوضة ميار و سليم، الإضاءة خافتة، الجو مثقل بالحزن والدموع. ميار تجلس على حافة السرير، تمسك بمنديل وتحاول كبت دموعها، لكن بكاءها لا يتوقف. تقى تجلس بجانبها، تربت على كتفها في محاولة لتهدئتها. رهف تقف بجانب النافذة، تنظر إلى الخارج بحزن، بينما الأطفال الثلاثة يجلسون على الأرض بجوار والدتهم، يراقبونها بوجوه متأثرة.
ميار (بصوت متقطع بسبب البكاء):
"غزل... بنتي الصغيرة... ليه سمحت لها تسافر؟ ليه ما منعتها؟! أنا أمّها، كان لازم أعرف إنه ممكن يحصل حاجة زي كده."
تقى (بنبرة هادئة ومواسية):
"ميار، غزل قوية. هي دايمًا كانت شجاعة وقلبها كبير. إن شاء الله هتعدي من ده. كلنا معاكي، وإحنا مش هنسيبها."
رهف (بصوت منخفض وهي تدير وجهها نحوهن):
"أنا كمان كنت بفكر... ليه ما حاولنا نقنعها تبقى هنا؟ كان لازم حد يقف في طريقها ويمنعها من المخاطرة دي."
ميار (تنتفض وتضع رأسها بين يديها):
"بس مكنتش هتسمع لنا! كانت عنيدة، دايمًا تحب تثبت إنها تقدر تتحمل المسؤولية... لكن أنا أمها! كان لازم أوقفها، كنت لازم أحميها!"
أدهم ( ينظر إليها بحزن ويقترب منها):
"ماما... غزل قوية، دايمًا بتقول لي إني لازم أكون شجاع زيها. أنا واثق إنها هترجع لنا."
مازن ( يحاول كبت دموعه):
"بس أنا خايف عليها، يا ماما... خايف إننا ما نشوفهاش تاني."
حور ( تقترب من والدتها وتمسك بيدها الصغيرة):
"ماما، غزل هتيجي البيت قريب، صح؟ إحنا هنشوفها، صح؟"
ميار (تمسح دموعها بصعوبة وتحتضن حور):
"إن شاء الله، يا حبيبتي. ربنا هيحميها وهترجع لنا."
تقى (تنظر إلى الأطفال وتربت على رأس أدهم):
"أدهم، مازن، حور... لازم تكونوا أقوياء. غزل بتحبكم، وهي عارفة إنكم مستنيينها. ادعوا لها، دي أكتر حاجة نقدر نعملها دلوقتي."
رهف (تقاطعهم وهي تتنهد):
"مازن، انت دايمًا كنت أقرب حد لها. لازم تكون مثلها دلوقتي... قوي وصبور."
مازن (بصوت خافت):
"هحاول... علشان غزل."
ميار (تنظر إليهم بحب ودموع في عينيها):
"أنا محظوظة إني عندي أولاد زيكم. أنتوا قوتي دلوقتي. ربنا يجمعنا بغزل قريب."
تقى (تحاول تخفيف التوتر):
"ميار، إحنا هنا كلنا جنبك. وأي حاجة تحتاجيها، إحنا موجودين."
حور (ببراءة):
"لما غزل ترجع، هخليها تحكي لي كل حاجة عن سوريا."
الجميع ينظر إلى حور بابتسامة حزينة، بينما ميار تحتضن أطفالها بحنان، وتشعر بالقليل من الراحة بوجودهم حولها. ميار تدعو بصوت منخفض، والكل صامت ومترقب لما سيحدث
*********************
في منزل غيث، غرفة المعيشة. عائلة بسيطة تجتمع حول التلفاز في مساء هادئ. التلفاز يعرض الأخبار، وصورة غزل الشرقاوي تظهر على الشاشة، مع تعليق المذيع عن إصابتها في غارة جوية أثناء عملها كصحفية في سوريا. الغرفة مليئة بالدهشة والقلق.
المذيع (من التلفاز):
"غزل الشرقاوي، الابنة الاولى سليم الشرقاوي وميار الصاوي، تصارع الموت في أحد مستشفيات دمشق بعد إصابتها في غارة جوية أثناء تغطية الأحداث في سوريا."
شيرلين (والدة غيث، تنظر إلى الشاشة بدهشة):
"يا رب سترك! البنت صغيرة جدًا، إزاي يسافروا حد في عمرها لمكان خطر زي ده؟"
رمزي (والد غيث، يتنهد):
"هي من عيلة كبيرة، متعودة تكون مستقلة. العائلات دي تفكيرهم مختلف عننا."
غيث (بصوت متوتر):
"غزل الشرقاوي؟ اسمها مألوف... هي مش اللي ظهرت في الأخبار قبل كده بتتكلم عن شجاعة الشباب في الصحافة؟"
شيرلين (تومئ برأسها):
"أيوة، كانت لسه طالعة في برنامج وثائقي الشهر اللي فات. سبحان الله، كانت بتتكلم بثقة وجرأة عن حياتها."
أمجد (الأخ الأصغر، بعفوية):
"مين غزل دي؟ ليه الكل بيتكلم عنها؟"
غيث (يشرح لأخيه بصوت هادئ):
"هي صحفية شابة من عيلة غنية جدًا. اسم عيلتها الشرقاوي معروف في كل مصر. لكنها اختارت تعمل حاجة مختلفة، بدل ما تعيش حياة رفاهية."
رمزي (يعلق، بصوت يحمل الحكمة):
"الشهرة والثروة ما بتضمنش السلامة. العالم مليان مخاطر، وما حد كبير أو صغير عليها."
شيرلين (تبدو قلقة):
"بس، رمزي، بنت زي دي، عندها كل حاجة. ليه تخاطر بحياتها؟ كان ممكن تكتفي بالشغل هنا في مصر بدل ما تروح سوريا."
غيث (يفكر بصوت عالٍ):
"يمكن عشان تثبت نفسها. أو يمكن عشان تؤمن بحاجة أكبر. مش كل الناس بتفكر بنفس الطريقة."
أمجد (ببراءة):
"طيب، هي هترجع؟ هي هتبقى كويسة؟"
شيرلين (تبتسم بحزن وتحتضن أمجد):
"إن شاء الله، يا حبيبي. ندعي لها بالسلامة. ربنا يحميها ويقوي عيلتها."
غيث (ينظر إلى الشاشة بتأمل):
"مش سهل الواحد يعيش حياة زي دي. الناس بتشوف الشهرة والثروة، لكنهم ما يعرفوش التضحيات اللي وراها."
رمزي (ينهض من مكانه ويضع يده على كتف غيث):
"كل واحد بيختار طريقه في الحياة. أنت كمان، يا غيث، لازم تختار طريقك بعقلانية. الصحافة والشجاعة حلوة، بس السلامة أهم."
غيث (بإصرار):
"عارف، يا بابا. بس ما أقدرش أنكر إن اللي عملته غزل شجاعة. لازم يكون عندي شجاعة زيها، بس بحذر."
شيرلين (تنهي الحديث بابتسامة دافئة):
"الشجاعة الحقيقية هي إنك تعرف قيمتك وتختار الطريق اللي يناسبك. خلينا ندعي لها بالسلامة الليلة."
يسود صمت ثقيل في الغرفة، مع تركيز الجميع على التلفاز، بينما يغيث يشعر بإعجاب غير معلن تجاه جرأة غزل الشرقاوي.
في غرفة المعيشة، المنزل بسيط ودافئ. التلفاز لا يزال يعرض لقطات من تقارير سابقة لغزل الشرقاوي، تظهر فيها بثقة وهي تتحدث عن شجاعتها ورغبتها في نقل الحقيقة. غيث يجلس بهدوء، محدقًا في الشاشة وكأن العالم من حوله قد تجمد. الجميع في الغرفة يستمر في الحديث، لكن صوته يتلاشى في خلفية تفكير غيث.
شيرلين (بصوت مسموع، لكنها تبدو بعيدة عن غيث):
"ربنا يشفيها ويعافيها، المسكينة. مين يعرف إيه اللي شافته هناك؟"
رمزي (معلقًا بهدوء):
"أكيد اتعرضت لخطر كبير، الصحافة الحقيقية دايمًا محفوفة بالمخاطر."
غيث (بصوت خافت وكأنه يتحدث لنفسه):
"هي مش عادية... مش مجرد بنت عادية."
أمجد (ينظر إلى أخيه باستغراب):
"إيه يا غيث؟ بتقول حاجة؟"
غيث (يستفيق قليلاً):
"ها؟ لا... مفيش."
شيرلين (تلاحظ شرود غيث):
"مالك يا بني؟ واضح عليك إنك مشغول بحاجة."
غيث (محاولًا استعادة تركيزه):
"لا، مفيش، كنت بفكر في الكلام اللي قالوه عنها في التقرير."
شيرلين (تومئ برأسها):
"فعلاً، بنت قوية، ربنا يحميها. بس يلا يا غيث، كفاية تلفزيون. عندك مذاكرة، مش كده؟"
غيث (مبتسمًا بخفة):
"أيوة، عندي."
لكن بمجرد أن يغادر الجميع الغرفة، يبقى غيث جالسًا في مكانه، محدقًا في الشاشة وهي تعرض صورة غزل بملامحها الجميلة والقوية. يتحدث لنفسه بصوت منخفض، بينما يضع يده على ذقنه، وكأنه يغرق في بحر من الأفكار والمشاعر الجديدة.
غيث (بهمس):
"إزاي حد زيها يكون موجود في الدنيا؟ الجمال ده... مش مجرد ملامح، ده جمال روح. إزاي تكون بالشجاعة دي؟ ووسط كل ده، تكون بالشكل ده؟"
يسرح غيث في عينيها الزرقاوين، اللتين يظهرهما التقرير وهي تتحدث بثقة، وشعرها البندقي الداكن الذي ينطلق مع الرياح في إحدى اللقطات. يكاد يشعر وكأنها تنظر إليه مباشرة من خلال الشاشة، وأن كلماتها ليست فقط للعالم، بل له وحده.
غيث (بابتسامة خفيفة):
"إيه اللي بيحصل لي؟ أنا حتى معرفهاش... لكن... فيه حاجة فيها... حاجة بتشدني. غزل الشرقاوي... مش بس اسم كبير، دي أكيد ملاك."
يمرر يده على وجهه وكأنه يحاول إبعاد الفكرة، لكنه لا يستطيع. ينظر مرة أخرى للشاشة، وصوت المذيع يتحدث عن حالتها الحرجة، فيزداد قلقه.
غيث (بصوت أعلى قليلاً):
"يارب... خليها بخير. خليها تقوم وتكمل اللي بدأت فيه. العالم محتاج شجاعة زي دي... وأنا... أنا محتاج أشوفها تاني."
غيث يجلس في الظلام، مع بريق أمل وإعجاب صادق يظهر في عينيه، دون أن يدرك أنه بدأ يخطو أولى خطواته في طريق عشق لم يكن يتوقعه
*******************
عند غزل في دمشق ، في غرفة العناية المركزة في أحد مستشفيات دمشق، الأضواء باهتة وأصوات الأجهزة الطبية تملأ المكان. غزل مستلقية على السرير، وجهها شاحب ومغطى بالجروح والضمادات. أنابيب التنفس والأجهزة موصولة بها. الممرضة تجري فحصًا روتينيًا بينما الطبيب يقف بجانبها.
الممرضة (تنظر إلى الأجهزة):
"دكتور، المؤشرات الحيوية ضعيفة جدًا... ضغطها في انخفاض مستمر."
الطبيب (بجدية):
"زودي جرعة المحاليل. وراقبي الأكسجين، لازم نرفع النسبة فورًا."
الممرضة:
"حاضر، يا دكتور."
فجأة، يبدأ جهاز مراقبة ضربات القلب بإصدار صوت إنذار حاد ومتقطع. يظهر على الشاشة انخفاض حاد في معدل ضربات القلب.
الممرضة (بصوت مرتفع وقلق):
"دكتور! معدل ضربات القلب صفر! توقف القلب!"
الطبيب (يصدر أوامر بسرعة):
"حضري جهاز الصدمات الكهربائية حالاً! نبدأ عملية الإنعاش القلبي."
الممرضة (تتحرك بسرعة لتحضر الجهاز):
"جهاز الصدمات جاهز!"
الطبيب (يضع يديه على جهاز الصدمات):
"شحنة 200 جول... جاهزين؟ ابتعدوا!"
يضغط الطبيب على الجهاز، فتتحرك غزل بقوة بسبب الصدمة الكهربائية، لكن جهاز المراقبة لا يظهر أي استجابة.
الطبيب (بصوت أكثر إصرارًا):
"مرة أخرى... 300 جول! مستعدين؟"
يضغط مجددًا، لكن الشاشة لا تزال تظهر خطًا مستقيمًا.
الممرضة (بصوت مفعم بالقلق):
"لا استجابة، يا دكتور!"
الطبيب (يحاول الحفاظ على هدوئه):
"استمروا بالضغط اليدوي على الصدر. لن نفقدها بهذه السهولة."
الممرضة تبدأ بالضغط اليدوي على صدر غزل، بينما الطبيب يحضر لمحاولة ثالثة. الأجواء مشحونة بالتوتر، وجميع الحاضرين في الغرفة يشعرون بثقل اللحظة. فجأة، يُسمع صوت الجهاز مرة أخرى، لكنه ليس الصوت الذي يريدونه... إنه صوت الخط المستقيم المستمر، دلالة على توقف القلب تمامًا.
الطبيب (بهمس، يحاول كسر الصمت):
"لا يوجد نبض... القلب متوقف."
الممرضة (بعيون تملؤها الدموع):
"يا الله... ماذا نفعل الآن؟"
الطبيب (بصوت منخفض ومليء بالحزن):
"سنحاول مرة أخيرة... لا يمكن أن نستسلم