
رواية وش تالت الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم اسماعيل موسي
نظر مدحت إلى مروة نظرة طويلة، محاولًا أن يلتقط أي ارتباك في ملامحها، لكنها كانت ثابتة
لم يكن قادرًا على تجاهل الإحساس الثقيل الذي بدأ يتسلل إلى داخله.
"أنا مش بصدق ولا بكذب، بس عايز أفهم."
أشاحت مروة بوجهها عنه، كأنها تحاول كبح انفعالها، ثم قالت بصوت منخفض لكنه حاد:
"إحنا اتفقنا إن أسامة ميبقاش له علاقة ببيتنا تاني، مش كده؟"
"فعلاً، بس لما واحد زي أسامة يقولي إنه شاف حد داخل بيتنا، يبقى لازم أسأل ولازم أفهم انا مش كوز دره يا مدام
لم تجبه هذه المرة. اكتفت بالنهوض من مكانها بغضب ، ثم توجهت إلى المطبخ وهي تقول بفتور:
"أنا تعبت، مش عايزة أتكلم في الموضوع ده تاني."
شعر مدحت أن هناك شيئًا تخفيه، لكنه لم يرد الضغط عليها. قرر أن يراقب الأمور بصمت، ويتأكد بنفسه.
في اليوم التالي، عاد مدحت مبكرًا من العمل، لكنه لم يصعد إلى الشقة مباشرة. وقف في الشارع، في الجهة المقابلة للعمارة، متظاهرًا بأنه يتحدث في الهاتف. أراد أن يرى إن كان هناك شخص غريب يقترب من شقته كما قال أسامة.
مرّت ساعة، ولم يحدث شيء، إلى أن لمح رجلًا يرتدي جاكيت أسود وكاب ينزل من العمارة بسرعة، متلفتًا حوله وكأنه يخشى أن يراه أحد.
شعر مدحت بانقباض في صدره. لم يتردد، واندفع ليعبر الشارع بسرعة، لكنه لم يتمكن من اللحاق به. اختفى الرجل بين الزحام قبل أن يتمكن من رؤية وجهه.
صعد إلى الشقة بسرعة، وفتح الباب دون أن يطرق. وجد مروة واقفة في منتصف الصالة، ممسكة بهاتفها، وعيناها متسعتان بدهشة لرؤيته يدخل بهذه الطريقة.
"إنت جيت بدري ليه؟" سألته، محاولة الحفاظ على هدوئها.
"كنت تحت، وشوفت واحد نازل من عندنا... مين ده، مروة؟"
تجمدت ملامحها للحظة، ثم تمالكت نفسها سريعًا. "حد إيه؟ إنت أكيد بتتخيل."
"أنا مش بتخيل! شفت بعيني، وكان شكله غريب. عايز أفهم، مين اللي كان هنا وأنا مش موجود؟"
نظرت إليه نظرة طويلة، ثم أطلقت تنهيدة بطيئة قبل أن تهمس:
"مدحت... في حاجة لازم تعرفها."
جلست مروة على الأريكة، متوترة، بينما جلس مدحت أمامها متحفزًا، ينتظر أن يسمع الحقيقة التي أخفتها عنه.
"أنا ماكنتش عايزة أقولك، عشان الموضوع معقد... بس الشخص اللي شفته داخل بيتنا هو—"
توقفت فجأة عندما دوّى صوت طرق سريع على الباب. ارتبكت، ونظرت إلى مدحت بخوف.
تقدم مدحت إلى الباب، وعندما فتحه، وجد أسامة واقفًا، يلهث كأنه كان يجري، ووجهه شاحب بشكل غير طبيعي.
"إنت لازم تسمعني كويس، مدحت." قالها بصوت متقطع، ثم أضاف وهو ينظر إلى مروة:
"في حد بيدور عليك... والموضوع كبير أكتر مما كنت متخيل."
مدحت لم يعد يفهم شيئًا. التفت إلى مروة، ثم إلى أسامة، وقال بصوت منخفض لكنه مشحون بالغضب:
"صرخ مدحت بجنون حد يتفضل يقولي إيه اللي بيحصل هنا بالظبط؟"
نظر أسامة إلى مروة، ثم قال:
"قولي له الحقيقة... قولي له مين اللي بييجي عندك، ومين اللي مستخبي عنه من زمان."
ارتجفت يد مروة، وعيناها امتلأتا بالخوف، لكنها لم تقل شيئًا.
الفصل الرابع
ساد الصمت للحظات، لكنه كان صمتًا ثقيلًا، كأن الهواء في الغرفة قد تجمد.
نظرت مروة إلى أسامة نظرة حادة، وكأنها تحذّره من التمادي، لكنه لم يتراجع.
"أنا ماليش دعوة يا مروة، بس لازم تقولي الحقيقة دلوقتي، قبل ما يحصل اللي أسوأ."
مدحت شعر بأن الغضب بدأ يغلي في عروقه. نظر إلى مروة مباشرة، وقال بصوت منخفض لكنه حاد:
"كفاية لف ودوران. أنا عايز أفهم. مين اللي بييجي هنا وإنتِ مخبيّة عليّ؟"
ارتجفت شفتاها، وكأنها تحاول أن تجد الكلمات المناسبة، لكنها لم تجدها.
وأخيرًا، بعد لحظة طويلة، همست بصوت بالكاد يُسمع:
"أخويا، مدحت… اللي إنت فاكر إنه مات من عشر سنين."
الصدمة
حدّق مدحت في مروة بذهول. مرت ثوانٍ طويلة قبل أن يستوعب ما قالته.
"إيه؟! إنتِ بتهزري؟ كريم مات، إحنا حضرنا عزاه، ودفناه بإيدينا!"
أخفضت مروة عينيها، وكأنها تخشى مواجهة الحقيقة التي كشفتها.
"هو مامتش يا مدحت . كان لازم نخلّي الناس تصدق إنه مات، كان في خطر."
ضاقت عينا مدحت، وصوته جاء حادًا وهو يقول:
"خطر؟ خطر إيه اللي يخليكي تخبي عني حاجة زي دي؟"
تدخل أسامة، وقال بصوت منخفض لكنه حاسم:
"الخطر اللي بتتكلم عنه مروة لسه موجود، ويمكن يكون أقرب مما تتخيل."
رفع مدحت عينيه إلى أسامة، مزيج من الغضب والريبة في نظرته. "إنت كنت تعرف؟"
أومأ أسامة ببطء. "عرفت قريب. وأنا اللي قلت لك إني شفت حد داخل بيتك، عشان أتأكد. لما شفت رد فعل مروة، فهمت كل حاجة."
مدحت شعر أن الأرض تهتز تحته، كريم كان أقرب شخص له قبل أن يموت... أو بالأحرى قبل أن يختفي. والآن، مروة كانت تخفي هذا السر عنه طوال هذه السنوات؟
استعاد صوته، لكنه كان أكثر حدة:
"إنتِ كنتِ بتخدعيني طول العشر سنين دول؟ إزاي قدرتِ تعملي كده؟"
دمعت عينا مروة، لكنها تماسكت وقالت بصوت متهدج:
"كان لازم، مدحت كنت لازم أخفيه عن الجميع، حتى عنك. ولو رجع الزمن، كنت هعمل نفس الحاجة."
صوته ارتفع وهو يسأل بغضب: "ليه؟ ليه كل ده؟"
نظرت إليه مروة، وعيناها تحملان خوفًا حقيقيًا هذه المرة، ثم قالت:
"عشان كريم كان متورّط مع ناس… ناس مش هيسيبوه يعيش لو عرفوا إنه لسه على قيد الحياة."
أسامة أضاف بهدوء: "وأظن إنهم عرفوا… وإلا ماكنش اضطر يخرج من مخبأه وييجي لبيتك."
شعر مدحت بأن الغرفة أصبحت أضيق، وكأن الجدران تطبق عليه. كان كريم هو الشخص الذي ظن أنه فقده، والآن يعود بهذه الطريقة، محاطًا بأسرار ومخاطر لم يكن مستعدًا لمواجهتها.
نظر إلى مروة نظرة طويلة، ثم تمتم بصوت منخفض لكنه محمّل بالغضب والخذلان:
"إنتِ كنتِ المفروض تبقي صادقة معايا، مروة… دلوقتي، أنا مش عارف أصدق مين فيكم."
ثم استدار، واتجه إلى الباب، لكن قبل أن يخرج، استوقفه أسامة قائلاً:
"على فكرة يا مدحت… اللي كان بيراقب بيتك مش كريم."
توقّف مدحت في مكانه، جسده متوتر بالكامل. استدار ببطء وسأل:
"أومال مين؟"
نظر أسامة إلى مروة نظرة حذرة، ثم عاد إلى مدحت وقال ببطء:
"الناس اللي كانوا بيدوروا عليه… شكلهم عرفو انه ظهر
ناس مين صرخ مدحت من على الباب، وانت ايه إلى عرفك دا كله؟
تلعثم اسامه لحظه قبل أن يستعيد تركيزه
فاكر لما مروه قلتلك انى جيت البيت اسأل عنك؟
دى كانت أول مره اجى شقتك كنت عايزك فى موضوع مهم
لكن مروه مرضيتش تتكلم معايا ولا ترد عليه
سبت شقتك ويدوبك همشى لقيت شخص طالع الشقه عندك
ولانك صاحبى ان وقفت ارقبه لأن مروه فتحت الباب بسرعه ليه وبعد ما مشى اتقصت وراه لحد ما عرفت السر إلى مخبيه
وجيت هنا عشان اسأل مراتك من غير ما اعمل شوشره
لكن حصلت حاجه غريبه، لقيت شخص بيراقب الشقه
مكنش كريم، لا، كان شخص تانى وكان واضح عليه انه مجرم
ساعتها حاولت احذر مراتك لكن حصل إلى حصل.
دول ناس مين وعايزين ايه؟
معرفش صرخت مروه وهى بتبكى، اسامه فتح الشباك وبخضه همس قرب يا مدحت ؟
بص هناك شايف الشخص ده؟ هو دا إلى انا شفته بيراقب الشقه
انا لازم ابلغ الشرطه صرخ مدحت بتوتر
شرطة؟ هتقول ايه للشرطه يا مدحت؟ لازم نقابل كريم ونعرف منه ايه إلى بيحصل قبل ما نعمل حاجه
صرخ مدحت وهو بيسيب الشقه وانتى حسابك معايا بعدين
نزل مدحت درجات السلم توقف اسامه لحظه
بص على مروه نظرة غضب خليتها تتيبس فى مكانها وساب الشقه وهو بيشاور على جرد المكتب