رواية عودة الأسد الفصل الثاني2 بقلم راضية

رواية عودة الأسد الفصل الثاني2 بقلم راضية

وصل سمير الى مكان عمله باكرا كعادته ، قبل ان يبدا العمل يفضل دائما ان يقوم بنزهة  صباحية في الغابة المجاورة  ممتطيا حصانه المفضل .قفز سمير على ظهر الحصان الأسود ،  وتوجه نحو الغابة الكبيرة  المغطاة باشجار الزيتون. لمس سمير عنق الحصان  بهدوء وقال له مبتسما : مارايك ياصديقي،  ان تركض قليلا ؟

انطلق الحصان مسرعا، سمير منتصب القامة فوق ظهره ، يشد على اللجام باحكام ، ويوجه حصانه بين الأشجار، يبدو وكانه فارس من فرسان  القرن الرابع عشر . وصل الى منبع ماء عذب ، نزل سمير وترك حصانه يرتاح قليلا ، يدعه يشرب  وياكل بعض العشب قبل ان يعود إلى المركز 


وصلت نوال الى المركز مصطحبة اكرم ، التقت بسمير عند المدخل ، ركض اكرم نحو سمير وعانقه وقال له : اخي اشتقت اليك .




سمير : كيف حالك يابطل؟ وهو يضع يده على راس اخيه.




رات نوال المشهد والدموع في عينيها  وقالت لسمير : اكرم يحبك كثيرا ، يقول بانك حنون جدا مثل امي رحمها الله.




نبض قلب سمير لسماع نوال  تتحدث عن والدته التي لم يعرفها ، ولأول مرة ينظر إلى نوال و يستمع الى كلامها ، ويملاه  الفضول لمعرفة المزيد عن امه . ومن افضل من نوال لتحكي له عنها ، فهي التي تربت في مكانه . فقد تم استبدال سمير بنوال في المستشفى .




سمير  : هل امي كانت حنونة؟




نوال : كانت افضل ام في الدنيا ، ابي كان يحبها كثيرا، كانت توصيني داؤما على اكرم وتقول : بعد الله ليس له غيرك .




سرح سمير بخياله ، وبدأ يتساءل  : لو انه عاش مع والدته الحقيقية هل كانت ستكون بكل هذه الحنية معه أيضا؟ هل كانت  ستوصيه  باخيه ايضا؟ وبينما هو سارح في أفكاره رن هاتفه انه اخوه منذر  الذي اتصل به .




سمير :  الو ، نعم منذر ، ما الامر ؟




منذر  : سمير ، ابي، يعاني من  أزمة  قلبية ، وهو في المستشفى  .




سمير :ساتي حالا ، في اي مستشفى هو ؟




منذر: في المستشفى الخاص في قلب المدينة  .




نوال  : ماذا حدث ؟




سمير : ابوك في  المستشفى .




وبينما هو ذاهب إلى سيارته القديمة  وصلت حياة ، ابنة مدير


المركز ، المدربة النفسية التي وقعت في حبه .




حياة : سمير ، هل ستذهب؟




سمير : ابي في  المستشفى ، علي الذهاب لرؤيته.




حياة : حسنا، لاتقلق ، سيكون بخير.




رغم الموقف المقلق  ، الا ان نوال لاحظت نظرات حياة لسمير ، واهتمامها به ، وادركت ان هذه الفتاة الجميلة تعشق سمير،  ومن يفهم المرأة اكثر من امراة مثلها .




في المستشفى الخاص الذي تعمل فيه مونيا  ، كان الجميع في الرواق ينتظر خروج الطبيب من العناية  المركزة  ليعطيهم اخبارا  عن السيد صالحي ، كان هناك : سهام وزوجها سعيد، منذر  ، مهدي،  الجميع كان قلقا .




انضمت اليهم مونيا لتي كانت في  مناوبتها ، بعد ان اخبروها ان والدها  دخل الى المستشفى  فاقدا  الوعي .




مونيا :ماذا حدث ؟




سهام : ذهب في الصباح الى  المقبرة  ليزور  قبر  امي عتيقة رحمها الله،  وعندما دخل الى البيت سقط على الارض.




مونيا:  لماذا تركتموه يذهب؟ كلما ذهب يعود  مريضا .




سهام: تعرفين والدك   ، لايستمع لاحد .




السيد صالحي كان يزور  باستمرار قبر  زوجته  عتيقة ، في البداية عندما عرف  مافعلته ، اقسم  انه لو كانت  حية  لذبحها بيديه ، ولكن مع  مرور  السنين  ، أدرك كم كان  قاسيا  معها ، وكم كان  غبيا ، بكرهه  البنات .السيدة  عتيقة  كانت  يتيمة  الوالدين ، رآها  في  يوم من  الايام تمر  امام  متجره  الصغير ،  ووقع في حبها من اول نظرة .




وراء كل تصرف قصة ، السيد صالحي يكره البنات ، لان اخته الكبرى   انتحرت  بعد ان  حملت بطريقة. غير.  شرعية. من شخص  مجهول ، والذي  تخلى عنها ، كانت الصدمة  كبيرة لمراهق  في 15 عشرة  من عمره ، منذ ذلك الوقت اصبح يكره البنات  ، وقال لزوجته:  ان أنجبت طفلة   ساطردك  الى الشارع معها .السيدة عتيقة  لم يكن لديها  احد كانت وحيدة ، ضعيفة ،  لم يكن أمامها سوى التخلي  عن بناتها .




قصة ابنته مونيا تشبه الى حد ما قصة امها   عتيقة ، عندما تفتقد البنت الى حب وحنان العائلة، عندما  تفقد الأمان والسند بفقدان ابيها ، تدخل في متاهات، وتفعل اشياء رغما عنها .




ندم السيد صالحي كثيرا ، ولكن هل ينفع الندم بعد فوات الأوان؟ في الاخير استعاد بناته، وهو فخور جدا بهن ، ويحاول تعويضهن عن كل هذه السنين الضائعة.




خرج الطبيب : لا تقلقوا ، حالته مستقرة . لكنه لم يستيقظ بعد




مونيا : هل يمكنني أن أراه؟




الطبيب : مونيا ، انت ادخلي لرؤيته لمدة  5 دقائق فقط. اما الآخرون فلا يمكنكم  رؤيته اليوم .




دخلت مونيا الى غرفة ابيها ، قبلت يده،  امتلأت عيناها بالدموع وقالت له : ابي لاتتركني لوحدي  .




وصلت نوال ، وذهبت لتتحدث مع اختها سهام.




في لحظة ما ، التفت الجميع الى اخر الرواق،  لرؤية ذلك الفارس الذي جلب الانظار نحوه ، انه سمير ، لقد جاء لرؤية ابيه، لم يلتق بمهدي و سعيد منذ خروجه من السجن ،




سهام  تسمرت في مكانها ، نبضات قلبها زادت كيف لا وهي تتذكر اخر مرة رات فيه سمير ، عندما طلب من منذر ان  يربطها  مع أخواتها،  وعندما.  اطلق.  الرصاص.  على منذر. .هاهي اليوم تلتقي به مجددا بعد اكثر من  6 سنوات .لكن هذه المرة  تلتقي به بصفتها ابنة السيد صالحي،  ليست الخادمة  التي كانت تعمل في بيتهم والتي قال عنها يوما : انها لاتساوي شيئا . مشاعرها مختلطة، لاتفهمها، بين الغضب والندم والاحباط، لاتعرف كيف هي مشاعرها نحو سمير ، هل سوف تعتبره مثل اخيها ؟ لان السيد صالحي هو الذي رباه قبل كل شيء، وسمير كيف سينظر إليها ايضا ؟




صافح سمير  كلا من منذر وسعيد  ، لم يلتفت الى سهام  ، اما مهدي فقد عانق سمير بشدة وقال له : كيف حالك ياصديقي ، دعنا نراك قليلا  .




سمير  : كيف حال ابي ؟




منذر : خرج الطبيب ، قال حالته مستقرة ،




سمير : اريد رؤيته.




منذر : اليوم ، الزيارات ممنوعة عليه ، غدا يمكن رؤيته.




في هذه اللحظة  فتح الباب ، خرجت مونيا من غرفة ابيها ، التفت سمير نحو الباب معتقدا ان الطبيب هو الذي خرج  ، التقت نظراتهما بعد  فراق  دام اكثر من 6 سنوات ....




تسمرت مونيا في مكانها ، اما سمير ادار لها ظهره مغادرا ، مشى في الرواق دون أن ينظر خلفه.




مهدي :  سمير ، الى اين تذهب؟




منذر: سمير ، هداك الله ، ارجع 




مونيا  استجمعت ذكرياتها، تذكرت حينما.  امسكها   من  رقبتها مهددا   اياها  بالقتل، في  تلك  اللحظة   قالت  له : احبك ، سمير قال لها : لاتحبينني، لو كنت تحبينني لما فعلت ، ما فعلت .




عندما استعادت وعيها ، كان سمير قد اختفى من الرواق ، وبدأ في نزول الدرج، ذهبت مونيا خلفه منادية اياه : سمير ، توقف.




واصل سمير النزول الى الطابق الأول، ثم الطابق الأرضي ومونيا  وراءه تناديه وتطلب منه التوقف لكنه رفض التوقف . 




الجميع ينظر اليهما متعجبين، وصل سمير الى مدخل المستشفى ، ذهب إلى سيارته المركونة امام هذا المدخل ركبها وغادر دون  ان ينظر وراءه.




وصلت مونيا الى المدخل ورات سمير يغادر ، بدأت بالبكاء ، سقطت على ركبتيها  والدموع تنهمر على خديها  وتقول : سمير، احبك ، ارجع ، سامحني لقد اخطات.




سهام  ونوال  شاهدتا اختهما تبكي من نافذة  الطابق الثاني،




وكل من كان في المستشفى شاهد ذلك ، 




من بين المشاهدين شاب طويل القامة ، أخضر العينين، اشقر الشعر ، يبدو من الوهلة الاولى انه  ألماني،  وبالفعل امه ألمانية وابوه عربي . الشاب اسمه امير، وهو  طبيب،  والده ووالدته أطباء ايضا و المستشفى الخاص ملك لهم .




كان امير معجبا بمونيا وطالما حاول التقرب منها ، ولكنها كانت ترفضه . لم يكن امير يفهم لماذا ترفضه ، فكل الفتيات في المستشفى يتمنين الارتباط به ،




لكنه يعتقد اليوم انه فهم لماذا .




نظر إليها امير وهو يتساءل:   امن ا جل هذا الرجل ترفضني؟ لايبدو عليه انه ذو مستوى دراسي عالي وليس بمثل وسامتي ؟  




ولكن مونيا تحب سمير ، نعم تحبه ، لانه رجل بأتم معنى الكلمة .




الرجولة ياأمير لاتقاس بالطول ، أو العيون الخضراء ، أو البشرة البيضاء ، أو المستوى الدراسي . الرجولة هبة من الله سبحانه، يهبها لمن يريد.




سمير الاسمر  هو الرجل الذي كسب قلب مونيا برجولته وشهامته عندما كانت فتاة فقيرة ضائعة مضطهدة .




فعندما كانت على علاقة بمنير ، وكان اخوها  مهدي  ينوي قتلها عند خروجه من السجن  لأنها لطخت شرفة العائلة،  تدخل سمير وقام بخطبتها ليحميها من اخيها . وابعدها عن منير الذي كان ينوي الهجرة معها هجرة غير شرعية   فمهدي يرفض علاقتهما.


كان مهدي قد ضرب منير على وجهه بسكين، لذلك منير  اشتكى به وادخله الى السجن اين حاول قتله باستاجار احد السجناء .




مونيا  ادركت بعد فوات الأوان انها خسرت حب حياتها ورجلا شهما لايعوض .




نزلت نوال لترى اختها ساعدتها على النهوض ، ومسحت لها دموعها نظرت إليها وقالت : هل تحبينه؟ 




مونيا  : نعم احبه ، وواصلت البكاء . 




نوال: لاعليك اختي ، ساساعدك لاسترجاع سمير ، فهو يحبك  ايضا انا اعرف ذلك.




عاد سمير الى المركز ، دخل الى قاعة الرياضة وغير ملابسه ، ارتدى الكيمونو الأبيض الخااص برياضة التايكواندو.




بدا يدرب تلاميذه  ، يعلمهم حركات الدفاع عن النفس ، كلهم يحبون سمير ، فقد كان بارعا في عمله وحنونا جدا عليهم . 




فجأة، سمع.  صراخا.  ، خرج ليرى مايحدث ، ذهب إلى مدخل المركز ووجد المدير الذي هو والد حياة يتشاجر مع صاحب المركز التجاري الذي يبنى في الجوار ، 




صاحب المركز التجاري يريد شراء قطعة الارض التي بها اسطبل الاحصنة ، ليبني عليها موقف السيارات ،




لكن والد حياة السيد بشير حمدان، رفض بيعها .




قال ان امتطاء الخيل مفيد جدا الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ، ولن يفرط في اسطبله.




كما ان والد حياة كان قد قدم شكوى ضدهم بسبب الضوضاء و الضجيج الذي تحدثه أعمال البناء ، خاصة بين الساعة 1  و3 بعد الزوال،  حيث يستفيد تلاميذ المركز من الراحة  في وقت القيلولة. 

فهذه الفئة من المجتمع ، ضعيفة جسديا ونفسيا تحتاج إلى الراحة والهدوء.

سيارة فاخرة  برقم تسجيل اجنبي ، تتوقف وينزل منها منير ،

ويتم اللقاء بين الرجلين من جديد أحدهما ببدلة أنيقة وربطة عنق و أحذية كلاسيكية والآخر بكيمونو ابيض:

منير : العالم قرية صغيرة ، اليس كذلك ؟.

سمير : منيييييييييييييييي

منير :  هل خرجت من السجن ؟ يا أسد المدينة؟


كان سمير يلقب بهذا اللقب في حيه ، وفي كل المدينة لانه ذو شخصية قوية وجريء ، وله هيبته واحترامه .

منير  : هل تعلم باني ساتزوج ؟ وبمن في رايك؟


سمير : لايهمني


منير : مونيا  ،خطبتها من ابيها وقد  قبل .


سكت سمير ولم يرد ، لو ان منير نطق باسم مونيا قبل 6 سنوات ، لضربه    ضربا. مبرحا،   لكنه سكت وغادر .


لاحظت حياة غضب سمير وحاولت الحديث معه لتعرف مابه لكنه لم يعرها اي اهتمام اكمل درسه وغادر المركز .

ذهب الى الشاطيء وبالضبط الى المكان الذي تحدث فيه مع مونيا  اول مرة ....بدا يسترجع كل ذكرياته معها ..

.هل حقا ستتزوج بمنير ؟ 

.تذكر اول مرة رآها فيها ، وكيف وقع في حبها دون إنذار، دخلت في قلبه ، تربعت على عرشه،  وتغلغلت في وجدانه  دونما استاذان.

لايستطيع ان ينساها ولايستطيع ان يسامحها ولايستطيع ان يحب غيرها........

يتبع 

                   الفصل الثالث من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>