رواية وش تالت الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم اسماعيل موسي

رواية وش تالت الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم اسماعيل موسي


شعر مدحت ببعض الحيوية، فتح باب الشقه ونزل إلى المقهى، جلس على المقعد وطلب شيشة وشاى
كان بحذاء المنزل وجلباب بلدى ووجهه، وجهه اصفر مثل الليمونه التى طرحتها الشجره بعد انتهاء موسمها، لا شيء يقضى على روح المرء أكثر من الهموم، كان يتابع نظرات الناس واحيان همساتهم ويتصعب على نفسه وعلى الأيام، ايام زمان، لكنه لم يبلغ الأربعين بعد، ماله يشعر انه رجل مسن رجله والقبر؟ ان كان مريض سيأخذ الدواء والله قادر على كل شيء، انه لا يهذى ولا يركض فى الطرقات نصف عارى

والله صعبان عليه المعلم مدحت، يوم هنا ويوم هناك همس النادل مع عامل المكتب الذى يعد المشاريب، الدنيا دى مش سايبه حد فى حاله، سعل المعلم مدحت، الدخان طعمه علقم، والشاى الذى كان يوزن دماغه لا يستثيغه، وزوجته مروه، بنت الأصول التى صبرت معه، مع رجل لا يستطيع أن ينجب تستحق كل الخير وكان على وشك ان يعود إلى شقته ويأوى إلى سريره ويكفى خيره شره الا ان اسامه ظهر وجلس بعيد عنه يدخن الشيشه ويضحك مع أهل المقهى، الذى يموت لا يعود مره اخرى، والرجل يقف امامه سليم معافى وان كان صديقه يستحق اعتذار، وأن كان عدوه ولا يعلم لأن عقله ترك مرابطه فعليه ان يعامله بالحسنى
شرفة بيته قريبه من المقهى واحيان اذا مر احد بالقرب منها يراه من فى الشارع، لمح مدحت طيب طفل من الشرفه
طفل كبير، ربما أحدا عشر عام او اكثر
ترك مدحت لى الشيشه وشمر جلبابه وصعد إلى الشقه
ليس لديه آمل، يعلم أن عقله يخونه لكنه ان يفضح نفسه
طرق باب الشقه ودلف إلى الداخل، مروه انتى عمللنا ايه على العشاء؟
إلى قلبه يحبه يا مدحت، محشى وبط ورز وخضار
استدار مدحت ناحيت الغرف ونظر داخلها مره بعد مره وفى كل مره قلبه يهوى بين قدميه
بتدور على حاجه يا مدحت؟
لا مفيش، محفظتى كنت بدور عليها،
لحظات والعشى يكون جاهز

لكن مدحت لم يشعر بالجوع ولا رغبه له فى خنقة الشقه
نزل إلى القبو وجلس على المقعد وسط الظلام
هنا ابتدت حكايته، هنا تفجر جنونه مر وقت طويل وهو جالس فى مكانه حتى سمع حركه
جرذان كان يتحرك بين الأثاث المخزن، فى الماضى كان هناك هر يربيه يقضى على الفأران لكن ابنه احمد اضاعه فى الشارع
لكنه لا يمتلك ابن اسمه احمد، ولا يستطيع الأنجاب؟
ضغط على قابس النور جواره، الذى أضاء القبو بأكمله
لمح الجرذان الذى هرب بسرعه كان تحت مقعد خشبى مكسر
هو الفقر ده بياكل ايه؟
رفع المقعد، ونظر تحته، وجد بقعة دم كبيره ولم يجد طائر ميت او دجاجه اوعصفوره
من أين أتتت بقعة الدم؟
قرب مدحت عيونه من الدم وحدق فيه دم بشرى؟
ثم سمع صراخ مروه، العشا جاهز، لحظه واحده وجاى
مرر أصبعه على الدم قشطه ولمس به طرف لسانه
دم، مؤكد دم، حتى لو كان عقله كاذب مغيب عينه ترى الدم ولسانه تذوقه

جلس على المنضده وهو يأكل قال لزوجته، تصدقى انا لقيت بقعة دم فى القبو!!
مدحت، همست مروه بزعل، احنا كنا نسينا الموضوع ده وبقينا تمام؟
هترجع تانى للأوهام؟
مش اوهام يا مروه المره دى انا متأكد انه دم، دم ناشف يابس لازق فى البلاط
مدحت ارجوك بطل، انا تعبت مش متحمله حاجه تانيه ومصدقت انك اخدت الدوا وبقيت كويس
تلعثم لسان مدحت، كاد ان يعترف انه لم يأخذ الدواء بل ووضعه فى قاعدة الحمام
طيب ممكن تصدقينى المره دى بس؟
ناكل وننزل نبص على القبو
يوه كفايه بقا يا مدحت، انت ايه مبتزهقش؟
رايحه فين همس مدحت بتساؤل بعد أن تحركت مروه تجاه المطبخ
هجيب الملح، نسيت الملح
بعد أن أنهى مدحت العشاء رافقته مروه تجاه القبو
فتح الأضأه وسار تجاه المقعد الذى تركه مكانه
رفع المقعد بصى هنا؟
وكان قد سبقها بالنظر ولم يجد شيء
لا بقعه دم ولا يحزنون
فين الدم يا مدحت؟
كان هنا والله انا شفته بعينى

مدحت ارجوك كفايه، كفايه، تركت مروه القبو غاضبه
شعر مدحت بحزن وكأبه تزحف على صدره ضرب الأرض بقدمه عدت مرات، ثم توقف مكانه واقترب بوجهه من الأرض
الدم كان هنا؟
لكن البلاط كان يبرق من النظافه ولا أثر لأى بقعة د*م
الفصل العاشر 

رجع مدحت على الشقة، كان منكسر مثل عود شجره ضعيف هبت عليه عاصفه... كان شارد لحد بعيد، مروة فين البرشام؟
لم ترد مروه، واخده على خاطرها زمت شفتيها بتمنع
انا عارف انك زعلانه، بس انا هاخد البرشام، هاخده على طول
ومش هسبب ليكى ولا ليا الاحراج مره تانيه
اربعة برشامات (Haloperidol)
 (Chlorpromazine
 (Thiothixene)
(Fluphenazine)

شعر بلسعه فى يده وعدم اتزان، ثقل تملك رأسه
انا هدخل انام مش قادر اصلب طولى؟ رقد مدحت على السرير يشعر بسكون غريب

خد ده كمان هيخليك كويس ناولته مروه برشامة بريدنيزون
ابتلعها مدحت وراح فى نوم عميق
توالت الساعات وهو راقد وعندما آفاق شعر ببعض الحيويه
كانت مروه فى الصاله تشاهد التلفاز
جلس مدحت بعد أن قبل يديها، انت كويس يا حبيبى؟
الحمد لله انا حاسس انى كويس جدا، العلاج ده ممتاز
انا هخليه فى اوضتى دايما واخد منه على طول

بقلك يا مروه بيتهيئلى انى سمعت ذى ما تكونى بتتكلمى مع حد وانا نايم؟
هكلم مين يا مدحت ومين بيجى عندنا اصلا؟
دا من أسر العلاج يا مدحت، معاكى حق انا دماغى بقت تتخيل حجات كتيره جدا

هنزل أقعد على القهوه شويه وارجع، قضى مدحت جلسته فى المقهى ثم فى طريق عودته مر على القبو
رفع المقعد المكسور ونظر تحته، البلاط النظيف الذى تراكمت فوقه حبات تراب قليله

ترك مدحت القبو وعاد إلى الشقه قصد غرفته وفتح الدولاب ثم اخرج نقود كان يحتفظ بها للأيام السوداء
انت هتعمل ايه بالفلوس دى يا مدحت؟
دخلت مروه فجأه،

هشترى بيها تليفون جديد، تليفون حديث من بتاع التتش

ليه يا مدحت تليفونك أشتكى؟
مشتكاش ولا حاجه، بس انا مريض دلوقتى ومحتاج تليفون انزل عليه العاب اتسلى بيها بدل ما اقعد على القهوه

اشترى مدحت هاتف جديد وعاد به إلى الشقه، اخذ جرعات الداوء ثم جلس فى غرفته يتسلى ببعض الالعاب
مضت ايام ومدحت يواصل اخذ العلاج والجلوس فى غرفته لا يخرج منها، وكان عقله بداء يمتلاء بالأوهام والهذيان ويتخيل علاقات وهميه تدور داخل عقله

كانت مروه تتابع جرعات الدواء بأستمرار وتتطمأن انها تنقص بأستمرار

ثم زهق مدحت من الحبسه فخرج إلى المقهى وكان بين الناس شخصيه محبوبه الا ان غمزلتهم ولمازتهم كانت تقتله
كان الجميع ينظر اليه بعين الرهبه
وعندما تأخرت الشيشه وصرخ مدحت فين الشيشه؟
صاحب القهوه قال انت هتطلع جنانك علينا ولا ايه؟
وضحك الجالسين وضحك معهم اسامه، لم يتحمل مدحت الكلام، ترك المقهى وسمع اذان العشاء فدخل يصلى وبعد أن خرج وقف تحت منزله غير قادر على الصعود
ومضى وقت طويل وهو جالس فى ركن مظلم لا يراه احد لكنه يكشف الشارع

وبعد أكثر من ساعه مر اسامه تحت بيته ثم وقف ونظر تجاه الشرفه قبل أن يطلق ضحكه كبيره
اخرج مدحت هاتفه والتقط صوره لاسامه قبل رحيله

ثم عاد اسامه بعد مضى ساعتين او اكثر وكلما مر تحت المنزل نظر تجاه الشرفه مدة دقيقه قبل أن يرحل
لكن تلك المره وضع هاتفه على اذنه وهو راحل

صعد مدحت شقته لم يتحدث مع مروه دخل شقته وأغلق الباب على نفسه
فتح الاستديو وتأمل صورة اسامه، اذا كان عقله يكذب فأن الهاتف لا يكذب
وخلال نومه فعل برنامج التسجيل وترك هاتفه قرب باب الغرفه فى أقرب نقطه للصاله، ورغم انه سمع صوت همس خارج غرفته وكلام لم يخرج
كان لازال تحت تأثير الهذيان ويتخيل ان عقله يكذب عليه
وعندما فتح عينيه فى الصباح امسك هاتفه بسرعه وفتح تسجيل الصوت
تعليقات