
رواية ما بين العشق والقدر الفصل الثالث3 والرابع4 بقلم هند صقر
ارتمت نجلاء في احضانها ثم أجهشت في بكاء عنيف فارتدت حور بجسدها للخلف قليلا من أثر اندفاع صديقتها المفاجئ ثم أخذت تربت علي ظهرها بحنان وظلوا بهذه الوضعية لفترة حتي قطعها صياح حور :ايه اللي عمل فيكي كدا
استمرت نجلاء في نحيبها قبل ان تجيبها من بين شهقاتها :طارق طلقني يا حور
فازاحتها حور عن احضانها برفق وظلت ممسكة بمرفقيها لتنظر اليها بتعمق قبل ان تسألها باستهجان :اوعي تقوليلي ان هو اللي عمل فيكي كدا
فأومت برأسها مؤكدة وهي تشهق بألم فصمتت حور لبرهة وهي تكز علي أسنانها بغضب جم ثم صاحت باستنكار منفعل :الحيوان.. المتخلف.... قوليلي ايه السبب حصل ايه بالظبط
فتحررت من يديها لتمسح دموعها باطراف أصابعها لتحكي ما حدث ولم تتوقف شهقاتها
فانتصبت حور واقفة لتكور قبضتها وهي تصيح بانفعال :الحيوان.. عديم الرجولة... طب وعملتي ايه بعد كده ... ووصلتي هنا اذاي
فاجابتها نجلاء بصوت متحشرج :جارتنا ربنا يجزيها كل خير لما سمعت صوت الزعيق العالي خرجت تطمن... ساعتها شافته لما خرج من الشقة وكان سايب الباب مفتوح، فدخلت وقعدت تنده لغاية ملقتني... بس.. بس كان مغمي عليا... لبستني اسدال وطرحة، وندت لجوزها وودوني اقرب مستشفي..
فأرخت حور يديها وهي تتنفس بانفعال ثم أخذت نفس عميق لتزفره ببطء محاولة السيطرة علي انفعالها ثم جلست مرة أخرى علي الفراش لتنظر الي صديقتها لفترة ثم سألتها باستفسار :طب وهتعملي ايه بعد كدا
أطلقت تنهيدة حارة ثم اجابتها وهي تهز رأسها بعدم معرفة :مش عارفة... بس بابا هو اللي هيتصرف معاه
تابعت باعين منكسرة وصوت متهدج وقد عاد سيل دموعها للهطول مرة اخري :انا تعبانة اوي ياحور... تعباااانة.. اوي... حاسة...حاسة...ان في حاجة جوايا انكسرت... حاسة ان حياتي وقفت... مبقتش عايزة حاجة.... كسرني.. كسرني اوي...مش بضربه ليا.. لاء.. انا انكسرت قبلها بكتير من معملته معايا واهاناته وعيونه اللي ضاع منها الحب.. كنت... كنت بستحمل وبقول دي فترة وهتعدي واني هقدر استحمل لغاية ما ارجعوا.. ارجع طارق حب عمري... بس كنت غلطانه.. كنت غلاطانه في حق نفسي.. لان مع كل مرة كان بتصرف فيها معايا كدا كنت بديلوا فيها ترخيص... ترخيص انه يكمل وان مهما يحصل هفضل ساكته.. بس انا..ااانا كنت بموت بالبطيئ وانا مش حاسة... لغاية ما خلاص بقيت بلا روح... انا انتهيت يا حور خلاص...اااانتهيت
ظلت حور تنظر اليها بثبات تاركة لها المجال لافراغ كل مافي قلبها مع انها تريد وبشدة ان تبكي لحال صديقتها ولكن دموعها ابت الهبوط فهذا ليست الوقت المناسب للدموع يجب عليها ان تكون قوية من اجلها من أجل صديقة عمرها.. ان تكون صوت عقلها الذي من الظاهر انها الغته تمام ... فمدت يديها نحو مرفقها لتهزها بقوة وهي تصيح بها :ايه الكلام اللي انتي بتقوليه ده.... تبقي غلطانة وستين غلطانة كمان.. لو نفذتيله اللي هو عايزه وادتيلوا الفرصة انه يكسرك... انتي هتفضلي قوية... وهترجعي نجلاء... نجلاء صحبتي اللي الضحكة مبتفرقهاش... اللي دايما بتأخد كل الامور ببساطة..
فقطاعتها نجلاء باعتراض وبنبرة مختنقة:بس
فوضعت حور يديها مانعة اياها من التكملة :ما بسش.. مين دايما اللي بيقولي.. كبري كله هيعدي.. ها قوليلي مين .. فوقي يانجلاء.. ده اختبار من ربنا.. وانتي قده...فوقي علي الاقل عشان ابوكي وامك.. وقبلهم عشان نفسك.. أحلامك... مستقبلك.. كليتك
نظرت اليها بأعينها المنتفخة من الدموع لترتمي في أحضانها وهي تبكي بأنين مكتوم فربتت حور علي ظهرها وهي تنظر بعقل شارد إلى اللاشئ
.............................
ولجت الي الداخل وأغلقت الباب خلفها لتتحرك برتابه صوب غرفتها وعقلها لا ينفك عن التفكير بصديقتها والحالة التي آلت إليها ولكنها توقفت مكانها عند سماع نداء والدتها الغاضب فنظرت اليها بدون كلام وعيونها شاردة تحمل الكثير
فعقدت فاطمة ما بين حاجبيها باستغراب من حالة ابنتها الغربية ثم سألتها باستفسار وهي تنظر اليها بتركيز :كنتي فين كل ده.... وازاي تخرجي من غير ما تقوليلي انك خارجة
فاقتربت بخطوات ثابتة بتجاهم وهي تنظر الي اللاشئ وعند اقترابها من والدتها خارت قواها لترتمي في أحضان والدتها وقد أجهشت في بكاء عنيف
وقفت والدتها لبرهة تستوعب الامر ثم ربتت علي ظهرها وهي تصيح بقلق:يالهوي مالك ياحور ايه اللي حصلك
...................
تحركت لتترك فراشها لتتجه صوب خزانتها وقفت أمامها لفترة بتردد ثم مالت بجدسها لتأتي بشئ موضوع أسفل الخزانة مخبأ بين ملابسها حملته بين يديها لتتجه الي فراشها مرة آخرى..... نظرت إليه لفترة فهي غير متأكدة من قرارها فبعد كل هذه السنين هل حان الوقت للرجوع إلي الماضي...... أغمضت عينيها لثواني قبل ان تفتحها لتفتح معها ألبوم ولكنه ليس كأى البوم فهو يحوي بين طياته وصوره العديدة ذكريات الماضي نظرت إلى الصور التي يحويها وهي تبتسم ابتسامة جانبية ساخرة فبعد حكي حور عن نجلاء ليلة أمس أحست بأن الماضي يعيد نفسه فقد مرت بنفس هذه التجربة المريرة مع أختلاف بارز في الاحداث فطارق كان هو سيد افعاله وتصرفاته غير معلومة السبب أما...يحي.... يحي لم يكن المتصرف الوحيد في حياته فوالدته لم تبخل أو تقصر في أعطائه النصائح السديدة والتي كانت السبب الرئيسي في انفصالهم فالحق يقال انها في بداية زواجها كانت من أسعد نساء الكون حتي اتي اليوم الذي ابلغها فيه بضرورة حضور والدته للعيش معهم فلا يصح تركها بمفردها وهو اولي بالاعتناء بها بدلا عن شقيقته وهي كلبلهاء وافقته الرأى وألحت بضرورة قدومها للعيش معهم وقد واعدت نفسها بالاعتناء بها كوالدتها تماما ولكن لم تعلم وقتها أن بقرارها هذا قد جلبت لنفسها كم هائل من المشاكل التي لم تكن تحسب لا حساب، ولكن لم تضع الذنب كله علي والدته ربما لم يكن حبهما كافي ليصمد أكثر من تسعة أشهر تسعة أشهر فقط وبعدها حازت علي لقب مطلقة ويا له من لقب أبتسمت بمرارة وهي تستعيد ذكريات حياتها ونظرات الناس اليها وكلامهم الذي يلقونه عليه من وراء ظهرها او في وجودها وكأنها ارتكبت ذنبا عظيما أو ابتليت بداء خبيث لم يكتشف له علاج
...............................
دخل إلى المنزل بعد غياب أسبوع كامل ليتحرك بخطوات سريعة الى غرفة النوم والتي لا زالت تحمل عبق رائحتها فتحرك بخطوات متثاقلة نحو خزانة ملابسها ليقوم بفتحها وهو ينظر إلى ملابسها الموضوعة بترتيبها المعتاد فلمحت عيناه فستان من اللون السيموني فتحركت يديه المرتعشة لتقوم بجذبه وأخذ ينظر اليه لفترة ليستنشق رائحتها حتي تجسدت له صورتها وهي ترتديه فأغمض عينيه واحتضنه بقوة وهو يقول :وحشتيني.... وحشتيني... وحشتيني اوووووي..... أاااانا أسف... أاسف سااامحيني..... بس أرجوكي أوعي تسبيني...محتاااجلك اوووي
فتح عينه ببطئ ليكتشف ان وجودها مجرد وهم هيئه له خياله الضائع نعم ضائع الم يكن هو من أضاعها من بين يديه بغبائه وقسوته ولكنها يجب ان تعلم انه يحبها بل يعشقها يعشق روحها عينيها ابتسامتها... ولكنه ماذا فعل ماذا فعل!!! ترك الفستان ليسقط من يده ليضرب بقبضته ضلفت الخزانة وهو يصرخ بألم:لييييييييه
خارت قواه فارتمي بجسده أرضا لتمتلأ عيونه بالدموع المهددة بالهطول وهو ينظر الي انحاء الغرفة ليغمغم بخفوت:أنااا أاااسف
برزت دموعه وهي تسقط كلشلال لتملئ وجهه... دموع... وجع... ندم....ام ماذا لا يعلم ولكن الاكيد انه ادرك أستحالة أرجاع الامور إلى وضعها الاول
أستمر بهذا الوضع لفترة ليغفو أرضا وقد ضم فستانها بين ثناياه ليفيق بعد ساعات نوم طويل كانت هي وحدها بطلة أحلامه......أغمض عينه مرة آخرى محاولا أسترجاع تفاصيل حلمه فمسح وجه بكفه ليخرج هاتفه المغلق من جيب بنطاله ليقوم بفتحه وهو يتذكر آخر مكالمة أتته قبل أغلاقه فقد كانت من جاره ليخبره فيها عن آخر الاخبار ووضعيه زوجته ووجودها بالمشفي وحضور أهلها
بحث عن رقم معين ليقوم بالاتصال به فقد حان الان وقت عقابه فلو كان السجن هو عقابه فهو علي أتم الاستعداد
............................
تقف في المطبخ تقوم بتحضير الطعام حتي سمعت طرق مرتفع يكاد يكون مميز لها فصاحت بصوت جهوري :ياااا حياااة يااا حيااة يابنتي افتحي ايدي مش فاضية
فاتها صوت الأخيرة وهي تقول بضجر :خلاص ياماما انا راحة افتح اهو
فاقترب من باب الشقة لتضع يديها علي مقبض الباب وتقوم بفتحه وهي تقول بملل :اتفضلي يا ست حو...
بترت كلمتها وتسمرت في مكانها هي تنظر إلي أخر وجه تتوقع مجيئه لتفغر فاه بصدمة
فدخل ليغلق الباب من خلفه وهو يطالعها باشتياق ليقول بابتسامة :ايه هتفضلي موقفاني كده كتير ومش هدخليني ولا ايه
فارتمت في أحضانه وهي تقول بحنين وقد انسالت دموعها :ياااه أخيرااا رجعت وحشتني أووووي
فحملها ليدور بها وهو يقول بحب :وانتي وحشتيني جدااا جدااا ياحياتي
فخرجت فاطمة من المطبخ وهي تعيد انازل أكمامها المرفوعة لتقول باستفسار :مين ياحياة اللي ج...
-ياضناية ياااابني انت رجعت
نطقت بها وهي تنظر اليه بعدم تصديق
.............................
في الجامعة
صاحت بامتعاض :أف بقي مادة لا تطاق هي ودكتورها
فزفرت صديقتها وهي تجيبها بتقرير:فعلا حاجة كدا غلسة بس أنا سمعت أن في دكتور جديد هو اللي هيدينا المادة دي
فلوت شفتيها لتجيبها باستهجان :يعني هتفرق أوي يا إيمان ما كلهم واحد وأحنا من أمتي بنفهم من حد منهم
فأومت برأسها وهي تجيبها بتأكيد :والله عندك حق... يالله ياخبر بفلوس
فلوحت حور بيديها وهي تقول :طب يلا بقي عايزة حاجة
فقطبت إيمان جبينها وهي تنظر اليها باستغراب قائلة:ايه ده أنتي هتروحي ولا ايه...ده لسه في محاضرة كمان
فهزت رأسها نافية وهي تقول بانهاك:لاء أنا تعبانة وصدعت وجعانة كمان هروح مش قادرة ومش ناقصة صداع تاني
فهزت إيمان رأسها بتفهم بينما تخطتها حور وهي تتحرك مبتعدة
-حور
نادت بها بعد تذكرها أمر ما فالتفت لها حور وهي تقطب جبينها مستفسرة
فاقتربت إيمان منها لتسألها بترقب:صحيح متعرفيش نجلاء مبتجيش ليه... أنا معرفش حاجة عنها وهي بتردش علي فونها
فتنحنحت حور ثم أجابتها مصطنعة الهدوء :لاء عادي متقلقيش هي بس تعبانة شوية
فردت بصدمة :ايه ده بجد طب مقوتليش ليه.... خلاص أنا هقول لماما ونبقي نروحلها سوى أن شاء الله
فابتلعت حور ريقها ثم قالت بنفي :لاء بلاش....قصدي مفيش داعي يعني دور برد و هي كويسة ويومين كدا وهتيجي الكلية
فهزت أكتافها وهي تقول باستسلام :خلاص ماشي اللي تشوفيه
فتحركت حور وهي تلوح بيديها :طب اشطة سلام بقي
فضيقت إيمان عينيها بعدم فهم وهي تنظر الي ظلها الذي يبتعد لتغمغم بخفوت:سلام
...............................
ركن سيارته في مكان مناسب ثم تحرك وهي ينظر إلى ساعة يده ليصتدم بدون شعور بجسد فتاة ليوقع حقيبتها ارضا وقد وقعت الاوراق التي بحوزته هو الاخر فانحني بجسده ليجمعها وهو يقول باعتذار :أسف والله مخدت باللي
جمع كافة أوراقه ثم أعتدل واقفا ليلوي شفتيه باستغراب عندما لم يجد آثرها
فقد لملمت الفتاة أشيائها بسرعة وضيق لتغمغم ببعض الكلمات الخافتة ثم تحركت من أمامه وهي تسب وتلعن
...........................
الفصل الرابع
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-
-ياضناية ياااابني انت رجعت
نطقت بها وهي تنظر اليه بعدم تصديق
فترك حياة من بين يديه ليتحرك بخطي سريعة ليرتمي في أحضان فاطمة وهو يقول بحب :وحشتيني ووحشتيني اوي يا أمي
فلوت هي يديها خلف ظهره لتذيد من أحتضانه وهي تقول بعتاب :يا حبيبي يابني وحشتني كل دي غايبة..... يعني موحشتكش أمك ولا عشان بطني مجبتاكش مبقاش أمك متنساش أني أنا اللي مربياك
تحرر من أحضانها وتناول كف يدها ليقوم بتقبيله وهو يقول بنفي :متقوليش كده أنتي أمي أنا ماندتش ومش هنادي بالكلمة دي غير ليكي أنتي
فجذبته إلي أحضانها مرة اخري وهي تقول ببكاء:ياحبيبي وحشتني ووحشني كلامك
فصاحت حياة بعبوس طفولي:اه اقعدوا حبوا في بعض كدا كتير وانا هوا واقف جنبكم
فلم يعقب علي كلامها وتحرك بدون صوت جاذبا فاطمة ثم قام بأجلسها علي ألاريكة ليتحرك صوب حياة ليجلسها علي نفس الاريكة ويجلس هو في منتصف الاثنين ليحتويهم بذراعيه ليقول بمرح وهو ينظر الي حياة :متغيرتيش خالص ياحياة
..........................
سمعت صوت طرقات علي باب غرفتها فجففت دموعها بكف يدها لتنظر صوب الباب وهي تقول بهدوء محاولة ارتداء قناع الثبات فقد علمت بهوية الطارق :أدخل
ففتح الباب ليدلف الي الداخل بهدوء ثم أقترب منها وهو يبتسم بتصنع.....جلس بجوراها علي السرير ليتناول راحة يدها بين يديه ليربت عليها وهو يقول بحنان :عاملة ايه ياحبيتي
فرفعت عينيها لتطالعه محاولة أغتصاب الابتسامة: الحمد لله يابابا تمام
فاردف وهو يقول بابتسامة بعدما شرد في وجهها الذي لم يرجع لحالته الطبيعية بعد: تعرفي أول لقاء كان بيني وبين أمك كان أذاي
فهزت رأسها نافية وهي تنظر اليه باهتمام... فتحمس من نظرة الاهتمام تلك ليتابع بابتسامة : خناقة
فنظرت اليها مشدوها... ليهز رأسه مؤكدا وهو يستأنف:أنتي عارفة أمك من زمان ولسه لغاية دلوقتي طبعها حامي.... كنت في ثانية كلية والبلد بتاعتنا بعيدة عن الجامعة فكان في واحد معرفة عنده شقه فخدتها إيجار أنا وكام واحد...... المهم أمك كانت من نفس المنطقة اللي سكنت فيها أو تقدري تقولي الشقة اللي تحتنا علي طول وفي يوم أتفلحست وغسلت الهدوم بتاعتي وماقولقيش بقي علي الغسيل بتاعي نشرت الهدوم من غير ما أعصرها
فابتسمت لتقول بعدم تصديق :يالهوي يابابا وبعدين
فتابع بعدما حقق هدفه في رسم الابتسامة علي وجهها :ولا قبلين أنا نشرت الهدوم من هنا وأمك دخلت في شتيمة وزعيق من هنا اتريها كانت بتلم الهدوم بتاعتهم في البلكونة وأنا زي الشاطر غرقتها وغرقتلها الهدوم اهو بقي ياستي ومن ساعتها وبنشر الهدوم في الحمام
فضحكت ملئ فمها لتصيح باندهاش :مش معقول
فنظر اليها بحنان وسعادة من ضحكاتها التي أنارت وجهها فأخيرا استطاع أخراجها من حزنها ورؤية وجهها الضاحك بعد أيام بينما نظرت اليه وهي تقطب جبينها من تحديقه الذي طال فاحتضنها بين ذراعيه بحنان فحركت هي رأسها لتكون بجانب صدره ليملس هو علي شعرها وهو يتابع:ظروف جوازنا كانت صاعبة شوية... غير اننا بعد الجواز ربنا ما أطعمناش بيكي بسرعة كدا أحنا في أول جوازنا تعبنا أوي في موضوع الخلفه وتعبنا من كتر اللف علي والدكاترة اللي معظمهم كانوا بيقولوا لنا ان كل واحد فينا ينفع يخلف بس من حد تاني واننا مستحيل نخلف من بعضنا بس أحنا دايما كان عندنا أمل في ربنا وسبنا كل حاجة عليه مكدبش عليكي ساعات كان اليأس بيتملكنا بس كنا بندويه بالاستغفار والدعاء وفجأة جيتي أنتي من غير علاج أو اي شئ كنتي الهدية اللي ربنا ادهالنا بعد سنين من الصبر جيتي عشان تنوري حياتنا اللي كانت هتبقي ضلمة من غيرك...
لم يستطيع أستكمال كلامه بسبب دموعها التي بللت قميصه فقد كانت تبكي في صمت وهو لم يدرك ذلك فرفع وجهها ليمسح دموعها باطراف أصابعه وهو يهز رأسه معاتبا فابتسمت نصف ابتسامة تخبأ ورائها جرح غائر قامت بتخبأته عن الجميع حتي والديها فيا للسخرية فعند اكتشافها بعقمها هو من طلب منها أخفاء الامر و أعلام الجميع بتأجيلهم للانجاب حتي انتهاء دراستها ابتسمت بسخرية عند تذكرها لهذا الامر وما يعقبه من....تركت وصلت الذكريات جنبا لتنتبه الي والدها وهو ينظر اليها بنظرة تعرفها فهتفت بعزم :متقلقش عليا يابابا فترة صعبة وهتعدي وهرجع ذي الاول واقوي وهفضل طول عمري قوية ذي ما علمتني
فهز رأسه وهو يبتسم برضا ثم أردف باتزان وهو يربت علي كفها:هي دي بنتي.... وأنا واثق ان بايمانك بربنا وبالقيم اللي علمتهالك عمر ما في مشكلة هتقدر تهزمك
فأومت برأسها مؤكدة فابتسم لها ابتسامة طفيفة وهو يتفحصها بتركيز ثم أستقام واقفا ليتحرك بهدوء بتجاه الخارج
-بابااا
نطقت بها بثبات... فالتفت برأسه ليطالعها باستفسار
فاردفت بجمود:ايه الموضوع الاساسي اللي حضرتك عايزني فيه
فابتسم بتصنع ليتجه للجلوس بجوارها مره اخرى فالبتأكيد استطاعت قراءة عينه كعادتها فلا مفر هي اولا واخرا يجب أنا تتخذ القرار بنفسها....
.......................
فتحت بمفتاحها باب الشقة لتدلف الي الداخل وهي تصيح :ياااا أهل البيت ااانا جيت ياطمطم الحقيني بالاكل جعااا..
بترت كلمتها وهي تنظر الي ذلك الذي يقف عاقدا ساعديه أمام صدره وهو يستند بكتفه علي الحائط وعلي ثغره ابتسامة مبهمة المعني فنظرت بتفحص إلي معالم وجه قبل أن تصيح باندهاش :مش معقول أمجد
فعدل من وقفته ليقترب منها وهو يقول بنفس الابتسامة :ازيك يا قردة
فلوحت بيديها وهي تهتف بتزمر ولكن عينيها تبتسم بسعادة من وجوده:قردة في عينك.... بقي بعد السنين دي كلها بدل ما تقول وحشتيني ياحور وتخش في الجو الحلو بتاع الافلام العربي ده بتقولي يا قردة... ماشي ياشمبنزي انا مش هانزل نفسي لمستواك...
فنظر اليها من رأسها الي أخمص قدميها بنظرة شمولية قبل ان يردف وقد التوي فمه بابتسامة متهكمة :يخربيتك... شكلك صحيح اتغير خالص بس لسانك اللي ذي الفرقلة ده مااتغيرش
فاجابته بقرير :ومش هيتغير فريح نفسك كدا ثم...
تابعت وهي تنظر إلى هيئته بتفحص شديد :انت ذي ما انت متغيرتش لا شكلا ولا مضمونا نفس الهيئة والاسلوب الممل صحيح عجزت شوية بس ايه ده... حلوة النظارة خبت شوية عنيك اللي شبة القطط...ا
كان يستمع الي كلماتها وهو فاغرا فاه مشدوها من أسلوبها فصاح بها :بس..اااسكتي مبقاش غيرك انتي ياشبر ونص اللي تتريق عليا... يابنتي ده أنا اخر مرة شوفتك فيها كنتي كائن مبهوم المعني والهوية بشعرك الكدش و..
قاطعته وهي تهتف بحدة :أنا بتهزر أ..
-بس أنتو الإثنين... عمركم ما هتكبروا
نطقت بها فاطمة التي تقف خلفهم وهي تطالعهم بضجر
فهتفت حور بتبرم:يا ماما ا..
فقاطعتها فاطمة وهي تشير باصبعها بصرامة :ولا ماما ولا بتاع يلا علي أوضتك غيري هدومك وتعالي ساعدينا في المطبخ
فضربت الارضية بقدميها بتأفف كالاطفال... ثم ألقت نظرة خاطفة علي أمجد لتتحرك بغيظ الي غرفتها
.........................
-ها ياعصام قلتلك ايه
نطقت بها أمال وهي تنظر اليه بترقب بعد خروجه من غرفة ابنتهما
فجلس بجوارها علي الاريكة ليتنهد بعمق قبل أن يقول وهو يطالعها بهدوء :خير خير أن شاء الله متقلقيش
فاعتدلت في جلستها لتنظر اليه بضيق وهي تصيح باعتراض:مقلقش اذاي... قولي قالتلك ايه هتعمل ايه مع..ولا بلاش الغلط هنأخد سيئات علي الفاضي.....
سكتت قليلا لتتابع بحزم :بس هو لازم يطلقها أنا مأمنش عليها أنها تعيش معاه تاني شكله أتجنن..أنت لازم تعرفه قيمتوا ابن سعدية... اه..ولازم تعملوا محضر ولما يتذل برميته في السجن ساعتها هيعرف ان الله حق..... وأنا ناري هتبرد حبة
فنفخ بضيق ليقول :لا حول ولا قوة إلا بالله.....ياستي استهدي بالله هو أصلا رمي عليها اليمين يعني طلاقها... وبعدين متشغليش بالك أنتي أنا هتصرف
فمطت شفتيها لتردف بملل :أه اااه سكتني سكتني... قولي أتفقت أنت وبنتك علي ايه
سكتت قليلا ثم اتسعت عينيها لتهتف بصدمة :يالهوي أوعي تقولي أنها وافقت علي أنها ترجعلوا تاني أنا لا يمكن أسمح بكدا أبدا ده لو السما أنطبقت علي الارض مش هوافق... أنا دلوقتي بس بحمد ربنا أنها مكانتش بتسمع كلامي لما كنت بلح عليها في موضوع الحمل ده... أهي دلوقتي أفيش حاجة هتربطها بيه
استأنفت وهي تنظر اليه برجاء :أنت ساكت ليه قولي ريح قلبي هتعمل ايه بالظبط
تركها تفرغ ما بجبعتها ثم اردف بهدوء :خلصتي.... اللي أنتي عايزاني أقولهولك هتعرفيه بس لما أرجع أنا رايحلو دلوقتي ولما أرجع يبقي يحلها ألف حلال
فصمتت لبرهة وهي تحاول أستيعاب كلماته وعندما كادت أن تهتفت باعتراض أتاها صوت باب المنزل الذي أغلقه من خلفه فصاحت بتزمر :اه ياناري مشي وسابني ومقليش حاجة... وانا هقعد كدهو اهري وانكت في نفسي... ماشي ياعصام لما تجيلي
...........................
جلس الجميع علي المائدة لتناول الغذاء
فنظرت حور الي الطعام بنهم لتصيح بمرح :ياجمالوا يا جمالوا احنا عندنا وليمة... أنا مش مصدق نفسي يالمبي... ربنا يبارك ويكتر وكل يوم نأكل من كل ده وأكتر
فضحك الجميع بينما عنفتها فاطمة قائلة :ايه يا بنت محسساني أنك أول مرة تأكلي من الاكل ده
فنظرت اليها حور لتقول بتوضيح :اه يامامتي كلت وكل حاجة بس مش الاصناف الحلوه كلها مع بعضها تتجمع مرة واحدة
حولت نظرها الي أمجد لتقول بطريقة مسرحية :أمجد أنت المنقذ فينك من زمان
كتم ضحكاته ليقول بجدية مصطنعة :دلوقتي عرفتي قيمتي
فهتفت وهي تهز رأسها وتفرد يديها بحركة مسرحية :نحن أسفون عما بدر منا أرجوا أن تقبل أعتذاري الصادق ساعدت البوص الكبير
فضحك أمجد ملئ فمه ليقول بدهشة :سبحان مغير الاحوال أنتي بتتحولي اذاي
فتدخلت حياة قائلة بتوضيح :متقلقش يا أمجد.... ده طبيعي بكرة تتعود
فقطب جبينه وهو ينظر اليها مستفهما فتابعت هي بهدوء :حور والاكل علاقة من نوع اخر..... من الاخر
مالت برأسها وأخفضت صوتها وهي تستكمل وكأنه تطلعه علي سر خطير: نقطة ضعف حور الاكل
فقهقه أمجد عاليا ليقول وهو يميل برأسه مخفضا لصوته هو الاخر قائلا وقد رفع حاجبيه بلؤم : اذا فلنعد العدة لما آتي
غمز لها بطرف عينه فابتسمت باستمتاع وهي تؤمأ برأسها بتفهم
فلوت حور فمها بضيق وضيقت عينها وهي تنظر اليهم بعدم فهم فلم تصلها كلماتهم :قصدكم ايه!!انتوااا...
-بس... مش عايزة كلام طلاما بنأكل..... لما تخلصوا كملوا وصلت الخناقات بتاعتكم
نطقت بها فاطمة وهي تنظر اليهم بحزم وضيق من تصرفاتهم الطفولية
بينما ادرف ادم ببراءة :تيتا انا متكلمتش خالص انا شطور صح
فأومأت فاطمة برأسها وهي تبتسم :حبيبي يا ادم انت الوحيد اللي مش بتتعبني زيهم نفسي تتعلموا منه شوية بس هقول ايه مش هتكبروا ابدا
فنظر الجميع الي بعضهم قبل أن يلتفت كلا الي طبقه ثواني وقطع أمجد الصمت مرة اخري بعدم نظر الي حياة باستفسار:امال فين جوزك يا حياة.. عايز أتعرف عليه
برقت عينيها ووقف الطعام في حلقها لتسعل بقوة فهبت حور واقفة ولتربت علي ظهرها بقوة وهي تناولها كوب المياة
بينما اردفت فاطمة باتزان وهي تنظر الي ادم الصغير:ادم حبيبي... ادخل اوضتك دلوقتي
فنظر ادم بعينه الصغيرة الي الجميع بعدم فهم قبل ان يهز راسه بخنوع موافقا ليتجه الي غرفته بخطوات سريعة
فقطب أمجد جبينه وهو ينظر الي الجميع باستغراب ليردف بعدم فهم :هو في ايه بالظبط!؟
فنظرت حياة و فاطمة الي بعضهم البعض بصمت مطبق فضيق هو عينه وهو ينظر اليهم باستفهام وترقب
-حياة اتطلقت من زمان يا أمجد
نظر أمجد الي حور التي رمت بجملتها المحتقنة لتتحرك بعدها صوب غرفتها تاركة أمجد وقد أتسعت عينها بصدمة ليصمت قليلا محاولا الاستعياب قبل ان ينتصب واقفا ليهدر وهو ينظر اليهم بحدة :اذاي... وامتي حصل ده....واذاي مقوتلوليش
نظرت حياة ارضا وهي تقاوم دموعها التي تجمعت في عينيها وتأبه الهبوط بعدما اندفعت الذكريات الي عقلها بدون رحمة بينما تكلفت فاطمة بالحديث لتقول بجدية وهي تنظر الي أمجد المشتعل غضبا وعتابا:اهدي يا أمجد وأقعد... وانا هحكيلك كل حاجة