
رواية الذئب مطلوب الفصل الرابع4 والخامس5 بقلم صابرين شعبان
دلف هارون إلى منزل الحاجة زهرة بعد أن أتفق مع الرجل الذي سيراعي أرض الحاجة زهرة و نور الذي ذهب إليه ناصحا لعله يستطيع مساعدتهم ..كانت ياسمين و جدتها زهرة قد أعدا كل ما سيأخذنه معهما لمصر ..نظر لنسيم الواقفة بجوار ياسمين الباكية فنظر لنسيم بتساؤل فهزت كتفيها في إشارة منها أنها لا تعلم شئ عن ما يبكيها ..لم يستطع هارون كتم بسمته الماكرة أن تظهر على وجهه و قد تأكد الآن أن هذان الإثنان يعرفان بعضهما جيداً ..أزال بسمته من على شفتيه و هو يتسأل ” خلاص جهزتوا كل حاجة هتخدوها معاكم يا أمي “
ردت زهرة و بعض الحزن يغلف. وجهها و حديثها ..” أيوة يا إبني جهزت كل حاجة إحنا مستعدين عشان نمشي خلاص “
أراد أن يخفف عنها فراق منزلها الذي مكثت به سنوات طوال كما أخبرته فأبتسم و قال بمرح يهون عليها ..” و إنتي زعلانة ليه كلها كام شهر و هترجعي في الإجازة و تفضلوا هنا طول فترة الإجازة بتاعة الصيف يعني هيبقى عندك فترة تستريحي من دوشة مصر و بعدين أنا هجيب أمي و مريم عشان يتعرفوا عليكم و أهو تبقوا تزورو بعض و البنات في الكلية عشان متزهقيش من القاعدة لوحدك ايه رأيك هتيجي تزورينا “
أبتسمت الحاجة زهرة بحنان لهذا الرجل ذو القلب الطيب و الذي يريد راحتها و سعادتها و هو لم يعرفها سوى من بضعة ساعات قليلة فقط ..
” اه يا إبني طبعاً هاجي أزوركم إن شاء الله “
فقال هارون مبتسما ..” طيب الحمد لله “
قالت زهرة لياسمين ..” يلا يا ياسمين عشان نلحق القطر إلي نازل مصر“
أجابتها ياسمين بحزن ..” حاضر يا تيتا أنا جاهزة “
سألتها زهرة متذكرة ..” جبتي مفتاح البيت في مصر يا ياسمين و لا نستيه “
ردت ياسمين مطمئنة جدتها ..” جبته يا تيتا أطمني “
خرج الجميع من المنزل و هارون يحمل حقيبة الحاجة زهرة و نسيم و ياسمين تتساعدان في حمل الباقي ..كان هارون يسير بجوار نسيم عندما أخبرها بحزم ..” إحنا هنسافر معاهم في القطر ماشي “
هزت نسيم رأسها فهى على أي حال كانت تريد العودة هى الأخرى..
” ماشي ما إحنا كنا راجعين مصر على أي حال “
أكملا الطريق بصمت حتى وصل الجميع لمحطة القطار فأجلسهم هارون و ذهب لجلب تذكرة لكل منهم أعطى لكل منهم التذكرة خاصته حتى إذا لم يجدا أماكن متجاورة كان يسير ذهابا و إيابا إنتظارا حتى يأتي القطار فلمح هارون من بعيد نور يقف بجوار أحد أعمدة المحطة ينظر لياسمين بحزن فأبتسم بمكر و هو يتقدم من ياسمين الجالسة بجوار جدتها محمرة العينين يقول بطلب بعد أن أخرج من جيبه بعض النقود يعطيها لها ..” لو سمحتي يا ياسمين روحي هاتي ميه و عصير لجدتك عشان السكة طويلة و هى مش متعودة على السفر عشان متتعبش “
نهضت تجيبه ..” حاضر بس أنا معايا فلوس شكرا “
فقال هارون بغضب مازح .. ” عيب كده خدي من أخوكي الكبير أحسن أزعل منك “
مدت ياسمين يدها بتردد و أخذت النقود بحرج فأبتسمت جدتها تطمئنها أن لا حرج فهى حقاً قد أطمئنت له و تعتبره مثل ولدها فقال هارون بمرح ..” بوصي هاتي من المحل ده قريب عشان القطر زمانه جاي يلا روحي بسرعة “
ذهبت ياسمين تحت نظرات هارون المراقبة الذي أبتسم بمكر عندما شاهد نور يقترب من ياسمين رآه يمسك بذراعها يشدها خلف أحد الأعمدة فعقد حاجبيه بضيق هذا الغبي تحرك بخفه متجها لمكان وجودهم تحت نظرات نسيم الحائرة من تصرفه تتسأل عما يفعل هذا المجنون وقف خلف العمود من الجهه الأخرى حتى يطمئن أن ياسمين لا تتعرض لمضايقة منه عندما أستمع لحديثه و هو يقول ..
نور بحزن ..” هتمشي و تسبيني يا ياسمين “
لم تجب و لكنه سمع صوت بكائها فرق قلبه لحالها متسألا لما الحياة صعبة هكذا على البعض سمع نور يقول بلهفة ..” طيب خلاص خلاص متعيطيش أنا مش زعلان منك يا ياسمين روحي لكليتك و ذاكري و إنجحي و أنا هستناكي يا ياسمين حتى لو عشر سنين متخفيش أنا مش هسيبك و دلوقت روحي عشان معاد القطر قرب أشوف وشك بخير خلى بالك من نفسك و من جدتك “
ردت ياسمين تجيبه بخفوت و بعض الحزن ..” مع السلامة يا نور أشوف وشك بخير “
عاد هارون يقف بجوار نسيم مرة أخرى فكتفت يديها على صدرها بحنق تنظر إليه بتساؤل و هى ترفع حاجبها فهز كتفيه بلامبالاة و لم يجب مما جعلها تغضب منه ..بعد قليل عادت ياسمين و قد جلبت معها بعض العصائر و زجاجتين من الماء و بعض الحلوي جلست بجوار جدتها في إنتظار القطار فأسندت رأسها على كتف جدتها التي تشعر بها و بحزنها فرفعت يديها تمسح على رأسها فأمسكت ياسمين يدها تقبلها قائلة ..” ربنا يخليكي ليا يا تيتا و ميحرمنيش منك أبدا “
أجابتها زهرة بحنان ..” و لا منك يا ياسمنتي يا بنت الغالي “
كانت نسيم تنظر إليهم بشرود متخيلة أن والدتها تترك كل شئ من أجلها و من أجل سعادتها عادت من شرودها على صوت بكاء طفل فالتفتت لتجد طفلاً يبكي و هو يمسك بيده قطعة من الحلوى يأكلها و هو يبكي كادت أن تضحك على ما يفعل كيف يفعل الإثنان في نفس الوقت الأكل و البكاء ..نهضت و أتجهت إليه تسأله ..” مالك يا حبيبي بتعيط ليه “
رد الطفل ببكاء ..” أمي و أبويا كانوا هنا من شويه مش عارف راحوا فين “
هدئته نسيم بحنان تحت نظرات هارون و الآخرين ..” طيب متعيطش أنت إسمك ايه “
رد عليها ببكاء و هو مازال يتناول حلواه ..” منصور “
قالت نسيم بمرح ..” اممممم منصور على إسم إبن عز الدين أيبك في فيلم وا إسلاماه “
رفع هارون عينيه للسماء يأسا و هو يجلس القرفساء بجوار الصغير على الأرض ..” قولي يا حبيبي إسمك ايه بالكامل عشان نقدر نوصل لأبوك و ترجع “
فرد الصغير بسرعة يريد العودة لوالده ..” منصور عادل عبد الحميد“
أستمر هارون يطرح عليه الاسئلة واحداً تلو الآخر ..” قولي بقى أنت ساكن هنا و لا جاي زيارة و تهت من باباك “
رد الصغير ..” لأ أنا ساكن هنا بس عمي هو الي جاي زيارة و أبويا جاي عشان يخده من المحطة “
أبتسم هارون ليطمئن الصغير قليلاً ..” طيب كويس أنت بقى ساكن فين من هنا “
أجاب الصغير بحيره ..” معرفش بس أنا و أبويا و أمي جينا المحطة في عربية “
سأله هارون بإهتمام ..” و العربية دي كانت جاية منين متعرفش “
رد منصور نافيا ..” لأ معرفش بس أنا عارف هى وقفت فين عشان ننزل“
أبتسم هارون قائلاً..” طيب ده كويس أوي أوي قولي بقى أنت عندك كام سنه ..“
رد منصور و هو يخرج على أصابعه العدد ..” سته “
قال هارون بمرح ..” سته يعني راجل في راجل ميعرفش عنوان بيته “
قاطعه صوت قدوم القطار فهتفت به الحاجة زهرة ..” يلا يا ابني القطر وصل “
التفت لنسيم ..” أمسكي أيده على ما أركب الحاجة و ياسمين “
أمسك بحقائبهم و أجلسهم في القطار متجاورتين و قال لنسيم الواقفة بجوار منصور ممسكة به ..”يلا أطلعي إنتي كمان و أنا هسافر بعدين لما أوصل منصور لأبوه “
ردت تقاطعه بحزم ..” لأ أنا هفضل معاك لحد ماتوصله و بعدين نسافر سوا “
قاطعها هارون ..” بقولك روحي معاهم يا نسيم أحسن أنا معرفش هلاقي أبوه وأمه أمتي “
هزت رأسها نافية ..” لأ قولتلك هاجي معاك “
زم شفتيه بضيق و ذهب للحاجة زهرة و ياسمين قائلاً ..” خدي يا ياسمين رقمي و أتصلي بيا أول ما توصلوا “ أعطاها رقم هاتفه و رقم هاتف المنزل قائلاً ..” و ده رقم البيت لو تليفوني مرضش معلش مش هنقدر نوصلكم بس أكيد هنشفكم في مصر أول ما نرجع أنا معايا العنوان أطمني “
كان القطار قد بدأ في التحرك فقال هارون ..” طيب أشوف وشكم بخير خلي بالك من جدتك يا ياسمين أتفقنا “
هزت رأسها موافقة و الحاجة زهرة تودعه ..” مع السلامة يا إبني أشوفك في مصر ان شاء الله و خلي بالك من خطيبتك “
نزل من القطار متعجبا من توصيتها له على نسيم فزفر بضيق و هو يتذكر حديثه معها و هو يقول سنراكم و سنعود فهو لا شعوريا يربطها به عاد لمكان وقوفها مع الصغير و أشار إليهم بالتحرك خارج محطة القطار و هو يسأل منصور ..” منصور حبيبي يلا تعالى وريني مكان العربية إلي جيت فيها “
خرجا جميعاً من محطة القطار متجهين لمكان وقوف السيارة التي أوصلت الصغير و والده أشار الصغير لمكان السيارة فأتجه للسائق قائلاً ..” السلام عليكم “
أجاب السائق ..” و عليكم السلام “
عاد هارون لسؤاله ..” هى العربية دي جاية منين لو سمحت يا أسطى “
رد السائق ..” جاية من .... “
فقال هارون ..” طيب خدنا معاك إذا سمحت “
أجاب السائق و هو يشير لسيارة أول الصف ..” أتفضل أركب إلي هناك دي طالعة دلوقت لأن ده مش دورى “
هز هارون رأسه ...” متشكر أوي “
أتجه للسيارة التي أشار إليها السائق و أصعد نسيم و منصور أولاً ثم جلس بجوارهم و بعد قليل أكتملت العربة و بدأت في التحرك فقال هارون لمنصور .” أنتبه بقى يا منصور و قولي أول ما تشوف المكان إلي ركبت منه مع أبوك و أمك أتفقنا أول ما تشوفه بلغني على طول “
هز منصور رأسه موافقا و العربة تتحرك بهدوء كان الصغير يتلفت حوله ليستعلم معالم الطريق ثم أستقر نظرة تجاه النافذة على اليمين و بعد قليل و عند رؤيته لمتجر كبير لبيع الحلوى و الجرائد و أشياء أخرى على الطريق أشار إليه ...” هنا ده الشارع “
قال هارون لسائق العربة أن يتوقف فترجل كلاهما من العربة و هو يتجه للمتجر يحيي الرجل الواقف به ..” السلام عليكم “
رد الرجل بريبة و هو ينظر للصغير ..” و عليكم السلام هو أنتوا مين و منصور وصلكم إزاي أنا لسه شايف أبوة بيلف في المنطقة بس مش عارف على إيه “
تنهد هارون و نسيم براحة و هذه الأخيرة تقول ..” الحمد لله يعني أنت عارفه طيب هو بيته فين “
أشار الرجل للشارع و قال ..” هنا رابع بيت على اليمين “
شكره هارون و أمسك بيد منصور الذي كان مبتسما لعودته لمنزله كان بيت كبير من طابقين مدهون باللون الأبيض ..كان أمامه تجمع كبير من النساء ملتفين حول سيدة تبكي بهستريا و هن يطيبن خاطرها و يطمئننها و تهدئتها كانت في حوالي الثلاثين من العمر ترتدي عبائة خضراء و غطاء للرأس ترك منصور يد هارون راكضا تجاه السيدة هاتفا بفرح من وجد ضالته أخيراً ..” أما أنا رجعت “
التفتت السيدة للصوت و هى تصرخ بفرح و تمسك به تحتضنه بقوة و تقبله على جميع أنحاء وجهه و تبكي هاتفه به ..” منصور منصور يا حبيبي كنت فين رحت فين يا حبيبي عادل يا عادل منصور رجع “
رد الصغير ..” يا أما أنتوا نستوني في المحطة “
ضحكت المرأة من وسط بكائها ..” يخربيتك يا منصور مش قولتلك متسبش أيد أبوك كده برضوا متسمعش الكلام “
خرج رجل كان يحاول أكمال أرتداء ملابسه و هو يصرخ به ..” منصور منصور كنت فين يا إبن ...“
قاطعه هارون قبل أن يسب الصغير و يصب جام غضبه و قلقه عليه كعادة ال ..” السلام عليكم “
أنتبه الجميع لنسيم و هارون الواقفين فرد عادل ..” و عليكم السلام أنتوا إلي منصور “
رد هارون ..” أيوة لقناه في المحطة أنتوا إزاي منتبهتوش لعدم وجوده و أنتوا راجعين “
خرج رجل من المنزل في الخمسين من عمره تقريباً يرتدي بذلة سوداء و قميص أبيض يقول بمرح ..” أنا و ولادي السبب “
ثم هتف بصوت عال ..” يا ولاد تعالوا منصور رجع “
خرج من المنزل جيش من الأطفال أعمارهم متقاربة يلتفون حول منصور و الرجل يبرر ..” أكتر من مرة نبهت عادل ميجبش حد معاه و هو جاي يخدني من المحطة بس مفيش فايدة و زي مانت شايف أنا عندي من العيال عشرة متعودين على السفر و ديما بيكونوا جمب بعض و لكن عادل بيشوفنا بينسي الدنيا عشان بنيجي مرة في السنة قبل المدارس ماتبدء و الله يسامحني أنا السبب أديت منصور فلوس و راح يشترى حاجة حلوة و للأسف أبوه نسيه و كعادة الحريم مبتنتبهش لحاجة وسط الرغي و بيعتمدو علينا فى إننا نخلي بالنا من الكل و خرجنا من المحطة و الحمد لله أنكم لقيتوه “
أبتسم هارون للموقف و نسيم تنظر للأطفال بدهشة ثم ما لبثت أن ضحكت بمرح و هى تقول ..” فكرتوني بفيلم عالم عيال عيال من كتر الأولاد كانوا بيتلخبطوا في أساميهم “
ضحك هارون على حديثها قائلاً ..” الرحمة يا رب هو مفيش حاجة بتمرى بيها مش شبه فيلم شوفتيه “
هزت كتفيها بمرح و والده منصور تقول ..” أنا لسه مشكرتكمش عشان رجعتولي منصور تعالوا أتفضلوا أستريحوا شويه “
قال هارون ..” لأ شكراً يا دوب نلحق نشوف قطر تاني نازل مصر “
قالت المرأة تجيبه ..” لأ النهاردة مفيش قطر تاني نازل مصر يبقى تباتوا عندنا النهاردة و بكرة إن شاء الله تسافرو “
شكرتها نسيم ..” لا شكراً مفيش داعي نزعجكم “
أمسكت المرأة يدها ..” تزعجونا ده إيه دا أنتوا هتنورونا جميلكم ده مش هنساه طول عمرى أنتوا رجعتولي الغالي “
كانت المرأة تشدها لتدخلها المنزل فاتجه عادل لهارون أتفضل يا أستاذ أنت تنورنا أنت و الآنسة “
أدخله الرجل لغرفة بها بعض الأرائك و سجادة حمراء تغطي أرضيتها فخلع هارون نعليه قبل دخوله كان يجلس بها بعض رجال الأسرة الجد و الأبناء رحب به الرجل العجوز و أجلسه بجواره متحدثا معه عما حدث اليوم و كيف وجد الصغير ضحك الجد كثيرا عندما علم أنه أختفى ليشترى حلوى فقال لولده ..” الواد أبنك ده يا عادل بطنه هتوديه في داهية “
ضحك عادل و هارون على حديث الجد كان جو المكان يدل على المرح و السعادة و حياة بسيطة يتشاركها الآباء و الأبناء مما ذكر هارون بأسرته فشعر بالشوق لأمه و أخته مريم كثيرا متمنياً العودة إليهم في أقرب وقت ...
الفصل الخامس
كانت نسيم تبدل ملابسها كما أصرت عليها أم منصور حتى تقوم بتنظيفها من الطين أرتدت عبائة بيتيه صفراء بأكمام طويلة و غطاء للرأس صغير عقدته نسيم على رأسها ليتدلي شعرها من الخلف أبتسمت أم منصور قائلة ..” شكلك أحلى من البنطلون “
ضحكت نسيم ..” بجد أوعدك أن دي أخر مرة ألبس فيها بنطلون أول مارجع البيت إن شاء الله أنا كمان مكنتش بحب البسهم إلا للضرورة “
ردت أم منصور و هى تجلب جلباب من الخزانة ..” طيب تعالي معايا ندي الجلابية دي لجوزك عشان يغير هدومه هو كمان “
أحمر وجه نسيم لإعتقاد المرأة أن هارون زوجها لم كل من يراهم يربطهم ببعضهم أرتبكت و هى تجيبها ...” لأ هارون ميبقاش جوزي دا يبقى ...“
قاطعتها أم منصور و هى تنظر ليدها الحاملة خاتم الخطبة ..” اه يبقى خطيبك طيب و ماله مهو في النهاية هتتجوزو “
صمتت نسيم حرجا من سوء الفهم فالكل مصر على خطبتهم و زواجهم ليتهم يعلمون أنها تاركة خطيبها خلفها و أن من معها لا يطيقها حتى منذ رأها خرجا معا و المرأة تنادي زوجها من خلف باب الغرفة المجتمع بها الرجال ..” أبو منصور ..يا أبو منصور ..“
خرج عادل قائلاً ..” خير يا مها في حاجة “
قالت مها و هى تمد يدها بالجلباب باسمة ..” خد يا أبو منصور أدي ده للضيف عشان يغير هدومه و الغدا هيجهز بعد شويه أبقى تعالى خده “
هز عادل رأسه و هو يمسك بالجلباب من يدها ..” طيب أبقي أبعتيلي منصور يبلغني “
ردت تجيبه قبل أن ترحل هى و نسيم ..” حاضر يا أبو منصور “
عاد عادل للغرفة ليعطي هارون الجلباب ليبدل ملابسه فتح باب صغير في جانب الغرفة ليدخل غرفة صغيرة أثاثها شبيه بتلك الغرفة الجالسين فيها تقريباً معده لتجمع نساء العائلة و أطفالهم جوار رجال العائلة في الخارج كنوع من التقارب و الحميمية بينهم ..قال عادل ..
” أتفضل غير هدومك عشان أم منصور تنضفها ..“
شعر هارون ببعض الحرج ..” مفيش داعي مش عايز أتعبها “
أبتسم عادل ..” تتعبها دا إيه كتر خيرك رجعتلنا منصور و جيت كل الطريق ده واحد غيرك كان وداه أقرب قسم و لا كان سابه في الطريق و مشي ..“
أبتسم هارون و أخذ من يده الجلباب قائلاً ..” لأ يا أبو منصور أكيد كان في ألف واحد هيرجعه غيري الدنيا لسه فيها خير “
تركه و دخل الغرفة ليبدل ملابسه في ذلك الوقت سألت مها نسيم ..
” يا ترى تعرفي خطيبك بيحب يأكل ايه عشان نعملهوله على الغدا “
أرتبكت نسيم هل من المفترض أن تعلم ما يحب و ما يكره أن كان خطيبها حقا ..” لا لا معرفش الحقيقة أصلنا مخطوبين من فترة قصيرة لسه ملحقتش أتعرف عليه عموماً متتعبيش نفسك أي حاجة هتوفي بالغرض هو مش متطلب و مش عايزين نتعبك “
مها ..” لا تعب و لا حاجة تعالي معايا نحكي شويه و أحنا بنعمل الأكل
أمضيا وقت لا بأس به في الحديث في كل شئ و أي شيء ف مها من تلك النساء اللواتي تشعر معهن بالراحة و الأولفة حدثتها نسيم عن أبيها و أمها و أخيها معاذ طبعاً دون أخبارها عن إسم أبيها و مها حادثتها عن عائلتها الكبيرة و عن زوجها و أخوته و أخواتها و أنها لديها فتاتين و منصور ولدها الوحيد لذلك هو مدلل من الجميع بعد أن أنهيا إعداد الطعام نادت ولدها منصور ..” منصور ..أنت يا واد يا منصور “
أتى منصور مهرولا و هو يتناول قطعة من الحلوى تركت أثرها على وجهه و يديه قائلاً بفمه الملئ ..” نعم يا أما “
نهرته مها بحنق مما جعل نسيم تبتسم ..” يا ولا كفياك أكل حلاوة مش هتعرف تتغدى كده ..يلا روح نادي أبوك خليه يجي باخد الغدا “
خرج منصور مسرعا و مها تقول لنسيم يلا إحنا كمان نحضر غدانا عشان أعرفك على بقية حريم البيت “
تسألت نسيم ..” هو أنتوا عايشين كلكم مع بعض في نفس البيت “
أجابت مها و هى تقوم بغرف الطعام لزوجها و باقي الرجال في الخارج قائلة ..” أيوة كلنا في بيت واحد بس كل واحد ليه شقته بيقفل بابه عليه هو و ولاده أخر اليوم “
فتعجبت نسيم ..” بس أنا شايفة أنكم بتاكلوا مع بعض طيب ليه مش بيساعدوكي في البيت و تحضير الأكل “
إبتسمت مها قائلة بهدوء ..” لأن ده يومي في تحضير الغدا مهو إحنا بنقسمها كده كل واحدة فينا يوم عشان يبقى عندها وقت ترتاح فيه لو أشتغلنا مع بعض كل يوم هنزهق و مش هيبقى في وقت راحة و إنتي شايفة عندنا جيش من الولاد والبنات و طلبتهم مبتخلص “
أبتسمت نسيم على هذا الترابط الرائع بين العائلة متمنية عائلة مثلها في يوم ما فقالت بمرح ..” طيب يلا روحي نديهم و أنا إلي هحضر الغدا على السفرة أنا شوفتك عملتي ايه لجوزك و هعمل زيه لينا مش كده “ أبتسمت مها لطيبة هذه الفتاة قائلة بمرح ..” كده “
تناولت النساء الطعام وحدها في الداخل و الرجال في الخارج وسط مرح و فرح من الجميع مشاغبة من الاولاد وروح طيبة مترابطة في جو أسري بعد الإنتهاء من الطعام قامت مها بالتنظيف مع بعض المساعدة من نسيم كان الأولاد قد بدأ يتثأبون فخلد الأولاد و الرجالو النساء للنوم لأخذ قيلولة و بقيت مها التي قالت لها باسمة ..” مش عايزة تنامي شويه يا نسيم ..“
ردت بمرح .” لأ يا مها روحي إنتي أنا هفضل أدام البيت شويه الجو هنا جميل عايزه أعد في الهوا شويه “
هزت مها رأسها موافقة ..” زي ما تحبي لو عوزتي حاجة دي أوضتي خبطي “ و أشارت لغرفة في أخر الردهة الطويلة أمامها ..أنصرفت و تركت نسيم لتخرج أمام المنزل وقت ما بعد الظهيرة و الجو هادئ فجلست على أريكة من الخرسانة عليها مرتبة من الاسفنج و مفرش خفيف تظن أن الرجال يجلسون عليها في أوقات الراحة خارج المنزل كانت تنظر للطريق الهادئ الفارغ من المارة خرج هارون من المنزل فوجدها جالسه بهدوء كان يضع يديه في جيب الجلباب الواسع التفتت إليه و كادت تضحك على مظهرة فجلبابه قصير بعض الشئ ذلك لأنه أطول من عادل زوج مها كتمت ضحكتها و تنحنحت و هى تعود و تستند على الحائط بجسدها ضامة قدميها بيدها زم شفتيه و جلس بجوارها كجلستها يستند برأسه على قدميه كانت الصمت يخيم على أجواء المكان فسألته نسيم قاطعه صمت المكان ..” أحكيلي عن عيلتك أنت عرفت كل حاجة عني تقريباً بابا و ماما و أخويا معاذ أنت كمان أحكيلي عن عيلتك “
صمت هارون قليلاً ثم قال ” عايزه تعرفي ايه بالظبط أسألي “
قالت بهدوء و هى تفعل مثله و تسند رأسها على قدميها تضمها لصدرها ” عندك خوات “ رد هارون ينظر إليها لحظات ثم يجيبها ..” اه عندي مريم أختي الصغيرة “
أبتسمت نسيم قائلة بمرح .. ” مريم أخت هارون “ ( تقصد مريم أخت سيدنا موسى و أخيه سيدنا هارون ) أبتسم بصمت فقالت ..” و مامتك و باباك “
رد بهدوء ..” بابا متوفي من سنتين أنا و ماما و مريم عايشين مع بعض في بيت واحد “
قالت تجيبه بنبرة صوت معتدلة ..” البقاء لله “
هز رأسه بصمت و هما يتطلعان على الطريق و يستمعان للصمت و بعض أصوات الطيور فقالت تسأله بلامبالاة ..” أنت متجوز “
التفت إليها بصمت ثوان ثم أجاب بلامبالاة ..” اه متجوز “
أعتدلت في جلسها و ظهر عليها الحيرة و الارتباك و هى تعاود سؤاله ..
” و عايشين كلكم في بيت واحد مع مامتك و أختك “
هز رأسه و لم يجب فعادت تسأله ..” عندك كام سنه .. هو شكلك يعني يدي تلاتين أو خمسة و تلاتين بس الحقيقي كام “
رفع حاجبه ساخرا و قال ..” واحد و تلاتين مناسب “
أحمرت قليلاً و قالت مرتبكة ..” مناسب لايه بالظبط “
فأبتسم ساخرا و قال بمكر ..” لشكلي يعني إنتي فكرتي إيه “
رفعت حاجبها علامة فهم و هى تشعر بالضيق من الخبث في حديثه ..
” اه طبعاً مناسب “
صمت كلاهما قليلاً فسألها هارون هذه المرة ..” و إنتي عندك كام سنة “
أبتسمت بمرح و هى تقول بجدية ..” تديني كام سنة “
ضحك هارون بمرح قائلاً ..” لو على تصرفاتك أديكي عشر سنين بس أنا عايز الحقيقي “
عقدت حاجبيها بغضب و قالت بضيق ...” تلاته و عشرين سنة مناسب “
ضحك هارون بمكر ..” مناسب مناسب أوي “
عادا للصمت فأغمض هارون عينيه و أستند برأسه إلى الحائط يتنفس بهدوء التفتت إليه تراقبة عن كثب بشرته شاحبة و كأنه لا ينال قسط وافر من النوم ذقنه غير الحليق يعطيه مظهر مشعث به بعض الشراسة شعره الطويل الذي يعادل سواده سواد ذقنه و حاجبيه العريضين وجنته العالية قليلاً و أنفه المستقيم تجولت بعينيها على وجهه ليستقر نظرها على عينيه المغمضة و التي لا تعرف لونها للأن لخجلها من النظر إليها برموشها الطويلة التي تستقر على جفنيه نظرت لفمه و شفتيه المزمومة بقسوة و هى تنفرج ليخرج منها كلمات ساخرة و هو يقول و عينيه مازالت مغمضة ..” ايه عجبتك أنفع “
صرخت بخفوت و هى تنهض من جواره تهرب داخل المنزل فتح عينيه يتطلع عليها بمرح ضاحك قائلاً ..”"البت دي مجنونة و لا ايه “
أمضيا اليوم يتحدثان مع سائر أفراد الأسرة التي لم تكف عن معاودة شكرهم من وقت لآخر حتى دخل الليل ..شعرت نسيم ببعض الإرهاق فمعظم الوقت كانت تمرح مع الأولاد تشركهم في ألعاب ذكاء و ألغاز حتى أستنفدو طاقتها فقالت لها مها ..” تعالي يا نسيم شكلك عايزة تنامي تعالي أوديكي أوضتك “
تثأبت نسيم قائلة ..” أنا فعلاً عايزة أنام أصلي مش واخدة على السهر أنتوا كل يوم كده بتسهرو لحد الساعة واحدة “
أبتسمت مها قائلة بمرح ..” و لحد الفجر كمان أتعودنا بقي “
أدخلتها غرفة صغيرة بها سرير يكاد يأخذ جسدها فقالت مها ..” دي أوضة منصور كلها ليكي و منصور هينام مع ولاد عمه هو صغير حبه بس عشان تبقي لوحدك و براحتك تصبحي على خير “
هزت رأسها شاكرة مها ..” و إنتي بخير يا مها “ و قبل أن تخرج سألتها نسيم ..” هو هارون هينام فين “
أبتسمت مها ..” متقلقيش جمبك هنا الأوضة الي جمبك على طول يلا تصبحي على خير “
ردت نسيم و هى تستعد للنوم ..” و إنتي من أهله “:
أستلقت على السرير لتغط في النوم سريعًا ...
********
وقف أمامها بعد أن بدلا ملابسهم التي قامت مها بتنظيفها و كيها تناولا فطورا سريعا تحت أصرار العائلة و بعد أنتهيا سألها هارون ..” إنتي مستعدة “
هزت رأسها موافقة و قالت ..” أيوة أنا جاهزة و مستعدة ممكن نتحرك عشان نلحق القطر “
ودعا الجميع و قامت مها بتقبيلها و إحتضنتها شاكرة و هى تقول ..
” أبقوا تعالوا زرونا تاني خلونا نشوفكم و متنسوش تعزمونا على الفرح لما تيجوا تتجوزو “
أحمر وجه نسيم و هى تجلو حنجرتها لتقول بصوت متحشرج ..” اه طبعاً إن شاء الله “
ثم أقتربت من منصور الذي كان يتناول قطعة من الحلوى قالت نسيم بمرح ..” بعد كده متسبش أيد ماما وبابا تاني فاهم “
هز رأسه بصمت فقالت تكمل ..” و بطل أكل حاجات حلوه و شوكولاتة سنانك هتسوس و تقع و هتبقى زي عم أيوب عرفه “
هز منصور رأسه نافيا فقالت ..” مش مهم المهم هو راجل معندوش و لا سنه في بقه عايز تبقى زيه هز رأسه بنفي و هو مازال يأكل ما بيده فتنهدت بيأس قائلة بمرح ..” أعتقد مفيش فايدة “
قبلته على خده و هارون يكتم ضحكته قائلاً بمرح ..” على الأقل خرجتي من جو الأفلام و دخلتي جو المسرحيات أهو تغير برضوا “
التفتت إليه بحنق و هو يشير إليها ليرحلا ودعوا الجميع على باب المنزل و رحلا لتلتفت نسيم بعد أن إبتعدا قليلاً و تشير بيدها للجميع و تعود و يكملوا طريقهم .. سارت بجوار هارون ليخرجا للطريق العام ليستقلا سيارة للذهاب لمحطة القطار و بعد أن وصلا المحطة جلب هارون تذكرتين لكلاهما و جلسا بصمت في إنتظار القطار ليأتي...
كانا يتطلعان على المارة في محطة القطار كلا في طريقه سألها هارون بهدوء ..” هتنزلي فين في مصر و لا هترجعي لباباكي “
هزت رأسها و قالت بحيرة ..” مش عارفه لسه و مقدرش أرجع دلوقت غير لما أقابل هشام و أتفاهم معاه من غير تدخل من بابا أو حد متقلقش أنا معايا فلوس هنزل في اي فندق لحد ما أقرر هعمل ايه يعني مش هغلب “
فقال بلامبالاة و هو يبعد عينيه عن نظرها ..” تقدري تيجي عندنا و تفضلي مع ماما و مريم لحد ما تقرري على الأقل مش هتكوني في مكان غريب لوحدك و الله أعلم ممكن تقابلي ايه في طريقك “
صمتت نسيم تفكر في حديثه هل تقبل هكذا إقتراح و تذهب معه لبيته هل تذهب لبيت رجل غريب و تمكث معه لا ..لا ..هذا لا يجوز ..و لكني سأمكث مع والدته و شقيقته الصغيرة و إذا أخبر أبي عن مكاني ماذا سأفعل وقتها سأضطر للعودة معه و كل ما فعلته و الفضيحة التي حتما تسببت بها عندما تركت المنزل كل هذا سيذهب هباء و سيجبرني حتما للزواج من هشام لا لا أعلم ما أفعل هل أوافق أم ..قطع هارون أسترسالها في أفكارها و هو يزفر بضيق قائلاً بنفاذ صبر ..” كل ده علشان تردي عموماً إنني حرة أنا بس كنت خايف عليكي تفضلي في مكان غريب لوحدك مع ناس متعرفهومش “
قالت تقاطعه ..” طيب و مراتك مش هتدايق لما تلاقيك جايب واحدة غريبة و هتخليها عندكم في البيت “
رفع حاجبه متعجبا و قد نسى أمر إخبارها بزواجه فقال مجيبا ..” لأ مش هتدايق هى عند أهلها و هتفضل فترة كده تكوني إنتي حليتي أمورك “
هزت رأسها ..” ماشي موافقة أنا هاجي معاك و هفضل مع مامتك و مريم بس بشرط “
نظر إليها بحنق ..” شرط ايه أتفضلي “
قالت بهدوء ..” أدفع مكان الاقامه زي مكنت هدفع في الفندق “
صمت هارون قليلاً فهذا يظل أءمن من مكوثها وحيدة في اي فندقو تكون عرضة للمضايقة ...” إنتي حرة بس خلي بالك ممكن ماما تزعل و تخدها على أنها إهانة ليها “
إبتسمت نسيم ..” سيب الموضوع ده عليا بس أنت متدخلش “
هز كتفيه بلامبالاة قائلاً ..” إنني حرة “
بعد قليل جاء القطار فصعد كلاهما أجلسها هارون بجانب النافذة و جلس بجانبها أنطلق القطار ليتوقف في كل محطة من محطاته ليهبط البعض و يصعد البعض الآخر كان يجلس هناك على المقعد المقابل لهارون على الجانب الآخر من القطار رجلين و امرأة و أحد الرجلين كان في حوالي الخامسة و الثلاثون يرتدي قميص أزرق و بنطال جينز و يحمل على قدميه حقيبه كتف جلديه صغيرة و يظهر على ملامحه القلق يتلفت حوله من وقت لآخر و كأنه مراقب من أحدهم ينظر في ساعة يدة بقلق مما أثار ريبة هارون فظن أنه خائف من شئ ما أو هاربا و يخشى من أن يقع في يد أحدهم أنتفض الرجل حين رن هاتفه فنهض مسرعا ليجيب على الهاتف و هو يسير تجاه نهاية العربه ليبتعد عن الركاب و لكن ليس قبل أن يلتقط هارون بعض الكلمات من حديث الرجل و التي أثارت حفيظته ...