
رواية ما بين العشق والقدر الفصل الخامس عشر15 والسادس عشر16 بقلم هند صقر
زفرت براحة عند انتهاء المحاضرة لتغمغم بخفوت :الحمد لله عدت علي خير
كادت ان تخرج من باب القاعة مع صديقتيها ولكن استوقفها ندائه:حور
فتسمرت مكانها وهي تلعن بداخلها فهتفت ايمان بصوت خفيض :اوعى... استلم يا معلم
فرمقتها حور بنظرة مشتعلة لتردف بغضب وهي تجز علي اسنانها:اخرسي خالص... وخليكي في اللي انتي فيه احسنلك
ردد اسمها مرة اخر :حور
فنظرت الي نجلاء لتطالعها الاخيرة بقلة حيلة فاخذت شهيق عميق ثم زفرته ببطء لتستدير لتناظره بنظرات محتقنة وهي تقول بانزعاج :أفندم
فطالعها هو بسكون لفترة محاولا استفزاها وقد نجح في ذلك فعندما طالت المدة شاهد أشتعال عسلي عينيها فكانت وسط بشرتها البيضاء ككرة من النار.... كادت ان تتكلم فسبقها مردفا ببرود وهو يتخطاها :حصليني علي مكتبي
فوقفت مكانها مشدوها وهي تشاهد ابتعده لتزفر بحنق وهي تكرر جملته بنفس اسلوبه :حصليني علي مكتبي
أضافت بتبرم:علي اساس اني خدامة الست الوالدة مثلا...
ضيقت عينيها وهي تتابع بوعيد:ماشي انت اللي جنيت علي نفسك... هتشوف
فهتفت ايمان بخضة:ياخرابي يبقي نقول علي الحليوة ابو عيون دباحة يا رحمن يا رحيم... اهدي يا منار
فصاحت بها بنبرة محتقنة :ايمااااان.... ايه مش من شوية كنتي قالبة الست امينة رزق ايه اللي حصل خليكي في نفسك دلوقتي عشان انا عفريت الدنيا بتتنط قدامي....
فهتفت نجلاء بهدوء محاولة استمالتها:ايمان خايفة عليكي ياحور.... فارجوكي اهدي وبلاش تهور... انتي مش ناقصة مشاكل
فطالعتها حور بنظرات مستنكرة لتجيبها بعدم تصديق :يعني مش شايفة معملته واسلوبه معايا من اول محاضرة وتهزيقه ليا في اخر مرة لاء وبعد معرف انه غلطان بدل ما يعتزر بيذيد فيها....
كادت نجلاء ان تقاطعها فرفعت يديها امام وجهها منهية الكلام لتتحرك بعدها من امامهم بتجاه غرفة مكتبه
فصاحت ايمان وهي تزفر بقلق:انا مش مطمنة حاسة ان هيحصل مشكلة تاني
فغمغمت نجلاء بخفوت :بس ان حاسة العكس
..................................
طرق علي باب مكتبه طرقات رقيقة فاتها صوته من الداخل اذنا لها بالدخول فاخذت نفس عميق لتستعد للمعركة القامة قبل ان تدير مقبض الباب لتتقدم بخطواتها الثابتة الي الداخل وقد تركت الباب خلفها مفتوحا ... وقفت في منتصف الغرفة تطالعه وهو جالسا علي رأس مكتبه يقوم بمطالعة كتاب معين فزفرت بضجر من أسلوبه الا انها مالبثت ان تلبست قناع الهدوء عن رؤيتها انه واخيرا انتبه لوجودها فتمتمت لنفسها وهي تلوي شفتيها بتهكم "لاء كتر خيره بصراحة"
وضع كتابه جنبا ليرفع رأسه اليها ليطالعها وقد ارتفع حاجبه مستعجبا فاشار بيده نحو احد المقاعد الموجودة امام مكتبه ليقول بهدوء :أقعدي
فطالعته بصمت قبل ان تتحرك بتجاه المقعد المعاكس لتجلس عليه بسكون تام فهز رأسه وقد التوي ثغره بابتسامة جانبية فاعتدل واقفا ليتحرك ليجلس في المقعد المقابل لها وهو ذاته المقعد الذي اشار اليها للجلوس عليه فقطبت جبينها باستغراب من فعلته واغفضت وجهها ارضا وهي تملي نفسها بانها علي اتم الاستعداد لاي تصامدت ايا كانت ظلت علي وضعيتها تلك لفترة وانتظرت حديثه ولكن السكون كان سيد الموقف فرفعت وجاهها لتتأكد من وجوده فصدمت بعينيه التي تطالعها بتركيز فاحست بالحرج وحاولت ادخال خصله وهميه من شعرها داخل حجابها ولكن علق اصبعها مكانه عقب سماعها لجملته
-أنا اسف
فرفعت وجهها لتطالعه بعدم تصديق نظرت الي عينيه لتتأكد من صحت حديثه ولكن غبائها وصل بها الي تذكر جملة ايمان القائلة"الحليوه ابو عيون دباحة" لا تعلم لم تملكها الفضول لتتأكد من صدق جملتها فوجدتها فرصة لتتدقق من ملامحه فمن يمتثل امامها الان شاب يمتلك من الوسامة المصرية قدرا لا يستهان به ببشرته الحنطية وشعره الاسود الداكن بتسريحته الرجوليه المميزة وانفه المستقيم واكثر ما يميزه حقا هي عيونه البنية الداكنة ورموشه الكثيفة فهي أول مرة تشاهد شاب او لنقل انسان ذكر او انثي يمتلك رموش بمثل تلك الكثافة حقا يشبه والداته كثيرا ولكن بشكل رجولي بحت احست بابتسامة الواسعة بسبب تحديقها العميق به فتيبس وجهها لتردف بجمود محاول التغطية علي غبائها :أفندم حضرتك قلت ايه
فابتسم بداخله فاللحظة الفائته كانت كالسحر بالنسبة له ولكنه اردف بهدوء مكررا لجملته :انا اسف....
فرفعت حاجبها وهي تلوي شفتيها بتهكم قائلة :ايه يادكتور حضرتك بتتأسف علي ايه هو حضرتك تعرفني اساسا
فمسح وجه بيدها وهو يقول بهدوء :أنا عارف اننا حصل بنا مشاكل كتير
فصحتت هي :قصدك... حضرتك دايقتني كتييييير
فلوح بيده ثم أضاف مستميلا اياها:ياستي ايا كان.... انا بعتذرلك دلوقتي علي اي حاجة صدرت مني ودايقتك...
فابتلعت ريقها بتوتر وقد شرد عقلها بتفكير ثم ما لبثت ان أردفت باقتضاب :وده بقي عشان طلعت صاحب أخويا
فهز رأسه بنفي مضيفا بابتسامة عذبة :أبدا والله أنا من بعد الموقف الاخير وأنا قررت أعتذرلك وأشكر في اللي عملتيه مع أمي
فرمشت بعينيها عدة مرات لتقول :طب هو سؤال كده
فأومأ برأسه مجيبا بهدوء :اه اتفضلي
فسألت مستفسرة بتخبط :هو حضرتك دكتور سيف بجد
فضحكا عاليا ليردف بعدها مشدوها:ليه هو انتي كنتي فاكراني اذاي
فاردف باندفاع:يعني شخصية قوية وملكش في المشاعر وان الاعتذار والشكر وغيره مش موجوين في قموسك ذي اللي بنقرأ عنها في.... أقفلت فمها فورا عندما أدركت ما تفوهت به
بينما زادت ابتسامته ليردف بعدها مشدوها:انتي صريحة أوي....
فعضت شفتيها السفلي وشبكت يديها بتوتر ولم تعلم بماذا تجيب
.............................
وفي الجانب الاخر في موقف موجهة من نوع أخر وقفت أمام المنيكان المعروض تحاول ترتيب وضعية قطعه الملابس بوضع صحيح فوق المنيكان ولكن تيبست يديها الممسكة بقطعة الملابس عند سماعها لصوته فالتفتت من فورها تحاول السيطرة علي انفعالاتها فطالعها هو لفترة محاولا التدقيق في ملامحها التي لم تتغير بالنسبة له قبل أن يردف بعدها بلوم :ليه ليه خبيتي موضوع كبير ذي كدا...
فمطت شفتيها لتقول باستهجان :والله مكنتش فاكرة ان الموضوع يهمك بالشكل ده..... ما انت رمتني من حياتك وهو كان موجود جوايا ومفكرتش تسمعني حتي... يبقي جايا دلوقتي بتسألني علي ايه دلوقتي.... انت ملكش حق عندي
فهز رأسه وهو يجيبها بعدم تصديق :ياااه انتي اتغيرتي اوي ياحياة...
فضحكت ضحكات مرتفعة يتملكها ألم عميق لتجيبه باستنكار :بجد... يعني لما ابديت اتكلم... حضرتك حسيت اني اتغيرت...
فتنهدت بعمق لتضيف بتملق:يارتني كنت اتغيرت من زمان
فأغمض عينيه بعنف ليردف وهو يطالعها بلوم:ليه معرفتنيش أنك حامل
فارتفع حاجبيها وهي تردف بابتسامة متهكمة تحمل وجع السنين وقد تدفق الي ذاكراتها جميع الاحداث الماضية بتتابع مرهق :عشان اليوم اللي حضرتك اتكرمت عليا فيه وخرجتني من حياتك كان اليوم اللي عرفت فيه اني حامل وتصور كان المفروض أني هعملك مفجأة
فأغمض عينه بعنف وهو يلعن بداخله ليردف بعدها بأسف حقيقي :حياة صدقيني انا اسف... أنا عرفت كل حاجة بس بعد فوات الاوان... بعد... بعد ما خسرتك
فضحكت ملئ فمها لتجيبه بسخرية :بجد؟!
فتنفس بصوت مسموع ليردف بعدها برجاء:حياة ارجوكي حاولي نسيب اللي فات علي الاقل دلوقتي... عشان مصلحة ادم
فطالعته بنظرات جامدة ليتابع هو :ااادم... في اليوم اللي شفته فيه في المحل وانا قلبي كان بيقولي انه مش غريب عني وعنك اسمه والشبه الكبير بينك وبينه... من ساعتها وأنا بدور عليكي وعلي حاجة تأكد شكوكي... وشهادة ميلاده كانت اقوي دليل وأسهل وسيلة عرفت أوصل بيها ليكوا خصوصا بعد ما غيرتي عنوانك...
فاستجمعت شجاعتها لتقول باقتضاب :والمطلوب يا يحي
فاردف باندفاع :أنا عايزة أشوف ادم يا حياة...عايزه يعرف اني ابوه موجود ومستعد يعمل اي حاجة عشانه
فأغمضت عينيها بقوة لفترة ثم ما لبست ان فتحتها وهي تومأ برأسها لتقول بهدوء :ماشي.....بس سبني شوية أمهدله الموضوع
فابتلع ريقه وهو يسألها بتوجس:انتي قولتيله عني ايه
فتنهدت بعمق لتردف بعدها بابتسامة متهكمة:متقلقش.... أنا قولتله أنك مسافر.... بس...
فهتف مستفسرا :بس ايه
فاغمضت عينيها وهي تجيبه بألم وهي تنطق حروف جملتها بصعوبة:مش معرفاه اننا منفصلين
.........................
-تصوري اعتذري مني
نطقت بها حور وهي مازالت بحالتها المشدوها
فحملقت بها نجلاء بدهشة بينما اردفت ايمان بهيام:يسلام... شكل الزهر خلاص لعب واتبدلت الاحوال مبروك يا حور
فانتفضت حور اثر جملتها لتردف بعدم فهم :قصدك ايه يا بت انتي
فرفعت أكتافها لتقول بلامبالاة :أقصدش أنا مليش دعوة.... أنتي اللي قلتوا انكم اصتفيتو وبقيتوا سمن علي عسل
فلوحت بيديها وهي تردف بنفي :لاء... لاء... لاء... أوعي دماغك تروح لبعيد.... صحيح أعتذر... بس ده كان مفروض عليه الحكاية اني مكنتش أتوقع ان شخصية زيه تتنازل وتعتذر أو تشكر...وده بردوا ميمنعش اني لسه مش بطيقه
هنا تدخلت نجلاء قائلة بهدوء : علي فكرة بقي هو شخصية غير اللي انتي فكراها دي نهائي أنتي اللي مش فاهماه أو مش مدية نفسك فرصة تفهميه صح انتي ناسية ساعة أول موقف لما انتي اللي ابتديتي معاه وزعقتيله وبعدين عرفتي أنه الشخص الغلط مشي ومعلقش مع أن لو شخص غيره كان علي أقل تقدير اداكي كلمتين في جنابك لكن ده لما لاقاكي في موقف محرج مضغطش عليكي ومشي من غير ما ينطق ولا كلمة يبقي ده تصنيف شخصيته ايه
فصاحت ايمان مؤكدة :ايوة قوللها يا نجلاء... الرجال صحيح جد شوية بس ده في تعامله مع الطلاب وبصراحة أسلوبه نافع معانا جدا... صحيح وربنا أحنا شعب بطبعنا ملناش في الانظباط...
فابتلعت حور ريقها وهي تدير كلماتهم في عقلها ولكنها أحست عقلها يأخذ لمكان تهابه تهربت فورا لتردف وهي تنظر الي نقطة ما :الله مش دي أمنية أنا هروح أسألها عشان تدخل معانا في الجروب
قالت جملتها ثم تحركت فورا بتجاه الشخص المذكور لتردد اسمها عند أقترابها:أمنية
فاستدارت لتنظر اليها ثم ما لبثت أن هتفت بابتسامة مجاملة:أهلا حور ازيك
فاجابتها حور قائلة بهدوء :الحمد لله تمام... انتي ايه أخبارك
فهزت رأسها قائلة:تمام الحمد لله
أضافت حور بترقب:بقولك صحيح لو مكنتيش دخلتي جروب أنتي ممكن تدخلي معانا
فرفعت حاجبها وهي تجيبها باستفسار :انتو مين بالظبط
فرفعت حور اكتافها قائلة بتوضيح:يعني هنكون مين أنا وايمان ونجلاء
فهزت الاخر رأسها لتردف باعتراض:لاء سوري مينفعش أكون معاكم
عقدت ما بين حاجبيها لتردف باستنكار:ليه بقي أن شاء الله
فمطت شفتيها لتجيبها بضيق :بصراحة كده عشان نجلاء
فزاد انعقاد حاجبي حور لتصيح بعدم فهم:نجلاء ليه بقي
فتنحنحت أمنية وهي تردف بتبرم :أنا اصلا مش عارفة انتي وايمان لسه مصحبنها وبتمشوا معاها اذاي انتو مش خايفين علي سمعتكم أنتي ناسية أنها واحدة مطلقة أنا مستغرباكم بصراحة
حاولت حور تجمع الكلمات التي التقطتها اذنيها لتتأكد من صحتها قبل أن تتسع عينيها بصدمة لتهتف مشدوها:أنا اللي مستغرباكي أذاي واحدة المفروض متعلمة ذيك كده وتقول الكلام اللي انتي بتقوليه ده.... انتي أكيد مش طبيعية
فهزت أمنية رأسها لتقول باذدراء:الطبيعي اللي مفروض تعرفيه اننا في مجتمع شرقي وعيشين وسط ناس ملهمش غير بالظاهر أنا بنصحك لانك عزيزة عليا و......
فقاطعتها حور وهي تقول بحدة :بس متكمليش... لان كل اللي لأنتي بتقوليه ده كلام عقيم والناس اللي انتي خايفة من كلامهم كده او كده بيتكلموا ولو المجتمع ده كله من أمثال تفكيرك يبقي ميستحقش واحدة ذي نجلاء تكون عايشة معاكم...... يعني حضرتك بتتدعي أني عزيزة عليكي فممكن تقوليلي أنا لو كنت مكان نجلاء دلوقتي وكنت أنا المطلقة كنتي هتقولي نفس الكلام ده لنجلاء انها لازم تبعد عني... ها متردي ولا القطة كلت لسانك
أخفضت الفتاة رأسها وهي تنظر لما خلف حور بحرج فاستدارت حور بوجهها ليشحب وجهها بصدمة عند رأيتها لنجلاء الواقفة من خلفها وقد التمعت الدموع في عينيها وهي تقف مكانها تطالعهم بوجع فوقفت مكانها لثواني وهي غير مدركة لما يجب عليها فعله ولكن تحرك نجلاء من أمامها استطاع افاقتها اخيرا لتركض خلفها وهي تنادي باسمها بهلع
..................................
الفصل السادس عشر
-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-_-
-نجلاء... استني... نجلاااااااء
صاحت وهي تحاول الاقتراب منها وعند تمكنها من الوصول اليها جذبت ذراعها تديرها نحوها لتغمض عينيها بألم وهي تشاهد دموعها السائلة كالشلال علي خدها.... استجمعت قوتها ثم صرخت بها وهي تهزها بعنف:انتي هبلة يعني تخلي حته بت ذي دي تأثر فيكي بالشكل ده
حاولت التكلم رغم النار الثأره بداخلها فاردفت بصوت متحشرج من بين دموعها :أناااا...أنا تعبت يا حور تعبت من كل حاجة.....حااااسة... حاسة أن كل حاجة بتتحد ضدي... كل ما بحاول أنسي وأقول أعيش وابدء بصفحة جديدة أنسي فيها انا كنت ايه قبل كده... بلاقي نفسي رجعت...
رجعت لنقطة الصفر من تاني
فالتمعت الدموع في عين حور من منظر صديقتها الذي أتعب قلبها حقا وضربها في الصميم ولكنها حاولت التحلي بالجمود حتي تستطيع مساعدتها فنظرت اليها بقوة وهي تقول:نجلاء بطلي عياط وبصي في عنيا.... احنا اتفقنا علي ايه
فارخت نجلاء كتفها وهي تقول بانكسار :بس أنا تعبت... بجد تعبت يا حور... أناااا...أنا كنت بحاول اتعايش بشكل الظاهر مينفعنيش....
فقاطعتها حور وهي تقول بحدة :لاء مش نجلاء اللي تقول كده... أنتي واحدة مؤمنة وعارفة ان اي حاجة بتحصل وبتوجعنا أوي كده بتكون أختبار من ربنا.... وربنا لما بيحب عبد أوي بيبتليه... يشوفه هيصبر أو... فبلاش تفقدي إيمانك بان بكرة أحلي وأن اللي أحنا فيه هيبقي مجرد فترة وهتعدي.... ومين عارف مش يمكن يكون ده كله بيحصل عشان في حاجة أجمل هتحصل
-حور انتي فين أنا قلبت الجامعة عل.....
بتر جملته وهو يشاهد ذلك الملاك الذي خطف عينيه بابتسامته البريئة من قبل يقف امامه اليوم ولكن بشكل مختلف شكل مكسور موجع أدمي قلبه بشدة فهتفت بتوجس:هو في ايه
فجفتت نجلاء دموعها بظهر يدها بينما رددت حور وهي تطالعه باستغراب:أمجد
فتنحنح وهو ينقل نظره بينها وبين نجلاء يحاول فهم ما يحدث ثم ركز نظره علي نجلاء التي تناظر الارض... ليقول وهو شارد في وجهها يحاول التسلل داخلها ليعرف ماذا يبكي ملاك مثلها لهذه الدرجة:أنا كنت عند سيف من شوية وعرفت أنك خلصتي محاضرات فقولت أخدك معايا وأنا مروح... ده حتي صاحبتك الثلاثة بتدور عليكوا.... هو في حاجة
فجذبته من ذراعه محركة اياه ثم دفعته بعدها من ظهره برفق وهي تقول :يلا كويس أنك جيت... جهز أنت بس العربية وأستناني جنب الكلية هجيب أصاحبي وهنحصلك
فهز رأسه ليتحرك الي مكان سيارته ولكنه ألتفت برأسه ليلقي نظرة سريعة لما خلفه قبل أن يتحرك مرة اخري وهو في شرود تام....
........................
وكزتها في ظهرها لتلتف اليهم بشراسة وهي مستعدة للهجوم :كنتوا فين يا....
بتر جملتها وهي تطالع نجلاء بنظرات مشتتة ثم أردفت بقلق:مالك يا نجلاء
فاجابتها حور بهدوء :مفيش حاجة.... هبقي أحكيلك بعدين يلا هاتي الشنطة عشان هنروح... أمجد جه وهيوصلنا بعربيته..
فقاطعتها نجلاء باعتراض:لاء ياحور أنا قلتلك مش هينفع..أنا
فهدرت بها حور بحدة :نجلاء متعصبنيش... أسمعي الكلام..ويلا انجري قدامي لينا كلام تاني بس بعدين
فتصلبت ايمان في مكانها لتردف بحزم :لاء أنا مش متحتحه من مكاني غير لما أعرف في ايه بالظبط مالها نوجة....
فنفخت حور بضيق لتقول بضجر:ايمان قولت مش وقته هفهمك بعدين...
جذبت كلتهما من ذراعها وهي تقول بأمر :يلا نمشي
فتحررت ايمان من اسرها لتقول بتذكر:استني يابنتي اجيب الشنط
......................
-يلا يا أمجد
هتفت بها حور بعد أقترابها من السيارة
فالقي أمجد نظرة خاطفة علي نجلاء قبل أن يهز رأسه موافقا ليتحرك نحو عجلة القيادة فاتجهت حور لتفتح الباب الخلفي لتدخل ايمان ومن خلفها نجلاء وكادت حور أن تركب بجوارهن الا ان أمجد هتفت بها بتذمر :أنتي بتعملي ايه
فاردفت حور بتلقائية :هركب
فصاح بها باندهاش:هو ايه اللي هركب ده.... سواق السيادة حضرتي....
أشار بأصبعه نحو الكرسي المجاور مردفا بأمر:تعالي ياماما اترزعي جنبي هنا...
فعبست حور بوجهها لتغلق الباب الخلفي وتتجه لفتح الباب الامامي لتستقل بجواره وهي تقول بتذمر:يا باي عليك.... غتيت.... متسبني أقعد مع صاحبي...
فلوي ثغره بتهكم وهو يقول بسخرية:اه معلش وحشوكي بقالك كتير مشفتهمش...
ثم أضاف بمرح وبعدين ما تخفيش أنا أخوكي يعني مبعضش.... مع أن أنا اللي مفروض أخاف بصراحة أنتي لو جعتي متصور منك اي حاجة
فضحكت ايمان لتقول مؤكدة :ههه والله معاك حق في موضوع الاكل ده دايما عامللنا حالة طورائ في الجامعة والمشكلة انه ما بيبنش عليها كل ده
فضحكت حور بتهكم :ايوة حلو حلو اتمألسوا علي انتو الاثين بت يا ايمان خليكي في حالك احسنلك وأنت يا أخ ركز في السواق أنا عايزة أروح سليمة الحاجة النهاردة عمللنا بشامل ومنبار
فانفجر أمجد وايمان في الضحك ليصمت أمجد فجأة عندما لمحت عينه وجهها الشارد الحزين من المرأة وكأنها ليست موجودة معهم فأحس بوخزة في قلبه لا يعرف مهيتها وتمني أنه يستطيع قرأت الافكار لكي يدخل الي عقلها ويعرف ماذا حدث ليحزن ملاك مثلها أستمر الحديث المرح بين حور وايمان محاولين ادخال نجلاء في الحوار ولكنها كانت متحفظة في اجابتها فعقلها ليس معهم أفاقه من تأمله لها صياح ايمان:بس نزلني هنا
فهز رأسه ليوقف السيارة جنبا لتنزل ايمان ومن ثم لوحت بيديها لحور ونجلاء قبل أن ينطلق أمجد بالسيارة من أمامها لتتحرك هي بخطوات متبطئة بتجاه منزلها وكادت أنا تتحرك لصعود الدرج الي انها توقفت مكانها وقد أهتزت أوصالها برعب عند سماعها لندائه :ايمااااان
فهزت رأسها بتوجس وقد أدركت أن نهايتها قد أقتربت حاولت تشغيل عقلها فهي ليست في وضع يسمح لها بمواجهته كانت تفكر بالهروب وصعود السلم بأقصي سرعة تمتلكها كادت أن تنفذ ما أملاه عليها عقلها فأغمضت عينيها باستعداد وكادت أن تخطو بقدميها الخطواه الاولي.... الا أنها وجدته يقف قبالها مباشرة علي الدرجة الثانية ففغرت فاه بصدمة ثم ما لبثت أن أغلقت فمها وهي تشاهد نظراته المشتعلة المصوبة نحوها فعضت شفتيها السفلي بتوجس وهي تحاول ايجاد سبب تلك النظرات من شخص يمتاز بالبرود مثله فزاد الرعب بداخلها وهي تفكر في أحتمالية أن سبب نظراته... ماذا ... لا لا من المستحيل أن تكون هي... فهي لا تتحمل فرضية غضبه قطع شكها صوته الاجش وهو يقول بغضب :ايه العربية اللي كنت ركبها دي
أدارت الكلمة "عربية.. عربية" في عقلها محاولة تذكر ما يرمي اليه ولكنها لم تستطيع التذكر وكأنها أصيب بالزهايمر أو ربما فقدان الذاكرة فأحست بالدوار الخفيف وأن قدميها لم تعد قادرة علي حملها ولكنه لم يمهلها الفرصة لتغيب عن الواقع أكثر حيث أضاف وهو يصرخ بها بحدة:انطقي
شكرت صراخه فهو أنقذها من تغيبها العقلي وجعل عقلها يعمل سرعيا لتتذكر مقصده فاردفت بتلجلج :أصل حور... أصل أخوها
فنظر اليها بنظرات قوية منتظرا تكملتها لكلامها فاردفت قائلة بسرعة وكانها ترمي الكلام :دي عربية أخو حور صحبتي هو جه خدها ووصلنا في طريقه
زفرت بقوة عندما أكملت جملتها فنظر اليها بنفس نظرات الملتهبة ليتنفس بعمق قبل أن يسألها محاولا التمسك بهدوءه الذي أنعدم بفضلها :طب وهو قد ايه أخو صحبتك ده
فعقدت مابين حاجبيها وطرقت بإصبعها علي جبينها وهي تحاول أن تتذكر هيئته لتقول بتذبذب:بص هو تقريبا في أواخر العشرينات أو في بداية الثلاثين مش قادرة أحدد الصراحة
فنظر اليها بصدمة ليصرخ بها بنفاذ صبر :أنتي عايزة تجننيني... بجد عايزة تجننيني.... انتي اصلا بتركبي مع واحد غريب العربية ليه
أجفلت من صراخه وأحست نفسها ضئيلة جدا أمام جسده الصلب الضخم ذاك واتي الي عقلها مشاهد من فيلم خلي بالك من زوزوا وأغنية" يا واد ياوتقيل" التي أحست أنها تليق به حقا ولكن عندما أعادت جملته الاخيرة في عقلها ادركت من تفاهة تفكيرها فلعنت نفسها لتنظر اليه بضيق من تشكيكه بها فاردفت بتبرم :الله ما أنا مكنتش لوحدي كان معايا حور أختو وكنت أنا ونجلاء ركبين ورا
فمسح وجهه بيده بغيظ ثم هدر أمرا اياها وهو يشير بيده الي الاعلي :ايمان اطلعي دلوقتي علي فوق مش ناقص جنان.... وبعد كده مفيش حاجة اسمها اخو نيلة صحبتي أفيش ركوب عربيات مع حد تاني.... واه وو شوفتك تاني مرة راكبة العربية دي تاني يبقي مفيش حاجة اسمها صحبتي تاني وهتقطعي علاقتك بيها فورا
فوضعت يديها في خصرها لتتغنج وهي تصيح باعتراض:ليه بقي أن شاء الله.... وأنت تأمرني أصلا بتاع ايه
نظر اليها بنظرات مخيفة دبت الرعب في أوصالها فقد أدركت لتوها ما تفوهت به فأرتخت يديها لتقع بجانبها مرة اخري وأعتدلت في وقفتها لتعدل من وضع حجابها بارتباك وحاولت تصحيح كلامها فأردفت بتلجلج :أناااا...أنا مقصدش...أنت... أنت أبن عمي وخايف عليا.... معلش معلش أنت الكبير
لم يتمالك نفسه فانفجر ضاحكا من كلامها فنظرت لها باعين مصدومة وقد فغرت فاه مبهورة من ضحكته التي أقسمت بداخلها أنها لم تشاهده يضحك يوما والاصعب من ذلك أن وجدت أن ضحكته جذابة جدا خصوصا بعدما ظهرت تلك الحفرة الصغيرة المسماه بالنغزة وسط ذقنه المهذبة بالاضافة الي عيونه السمراء التي التمعت ببريق عجيب انار وجهها الصلبة ذات البشرة الحنطية يالهي فكم بدى جذاب صعب حقا صعب عليها كل ذلك.... عضت شفتيها السفلي بحرج وزاغت نظراتها عندما أمسكها بالجرم المشهود
-أطلعي يلا علي فوق وجهزي نفسك عشان الخطوبة الاسبوع الجاي
رفعت رأسها بعد سماعها لجملته فنظرت مشدوها لابتسامته ونظراته الغريبة فرمشت بعينيها لتهتف بعدم فهم :نعم
فاتسعت ابتسامته من هيئتها ليضيف بهدوء :اطلعي يا ايمان دلوقتي وأنا هكلم عمي
فهزت رأسها وهي تقول ببلاهة:أطلع فين
كتم ضحكاته بصعوبة وهو غير مصدق لطريقة كلامها فأشار بيده الي الاعلي وهو يقول كانه يحادث طفل صغير:فوق شقتك فوق يلا اطلعي
فهزت رأسها وهي تقول بتذكر :اه صح فوق.... اه انا هطلع
فتحرك من امامها معطيا لها المجال للصعود فتخطته صاعده الي أعلي بخطوات متخبطة شاردة وهي تحدث نفسها بصوت مرتفع قليلا بينما وقف هو مكانه يحاول فك طلاسم كلامها حتي سمع أغلاق باب منزلها فتنفس بعمق ليردف بابتسامة :شكلي لبست في مجنونة
ثم تحرك خارج العمارة حيث مكان عمل عمه كما قال...
.........................
علي الجانب الاخر أوقف أمجد سيارته جنبا عند وصوله الي منزل نجلاء كما أخبرته حور ففتحت نجلاء بابا السيارة لتنزل بهدوء متحركة بتجاه منرلها فتبعتها حور هي الاخري لتجذبها من ذراعها مستوقفها اياها علي بعد من السيارة فاردفت نجلاء وهي تهز رأسها لتطمئنها:متقلقيش ياحور أنا هبقي كويسة.... الموضوع ده مش أول مرة يحصل
فأمسكت حور كفي يديها وهي تنظر الي داخل عينيها محاولة أعطائها الدعم والقوة:أنا مش عايزكي تبقي كويسة..... أنا عايزاكي تبقي نجلاء....نجلاء أنتي أقوي من كده مش عايزة اي حاجة تهز ثقتك بنفسك ولو ملي....الاستسلام للامر الواقع مش حل ده ضعف ومبيعملش حاجة غير أنه بيحطمنا من جوا... لازم نأخد بالاسباب ونسعي دايما للافضل..... فاهمني
فأومأت بتأكيد وهي تزفر بتعب فطالعتها حور برضا لتقول بترقب وهي مازالت ممسكة بكفيها :توعديني أنك تبقي أحسن من كده
فهزت رأسها وهي تقول بخفوت :أوعدك يا حور أوعدك
فابتسمت حور لتردف بثقة:وأنا أوعدك أن بكرة هيبقي أحسن بكتير... ودي أولا واخر ثقة في ربنا، وأن مفيش حاجة وحشة بتستمر... وان الحاجات الوحشة دي مجرد أسباب عشان نحس بطعم الحجات الحلو اللي بتبقي جاية في الطريق...
فابتسمت نجلاء اخيرا وهي تشير برأسها نحو السيارة لتقول بمرح:طب يا حكيمة زمانك يلا سلام دلوقتي أخوكي مستنيكي بقاله كتير
فضحكت بصوت خفيض لتقول بتذكر:ههه تصدقي نسيته
دفعتها برفق وهي تقول بتململ:يلا ياماما كفاية رغي البشامل مابيستناش
فابتسمت وهي تلوح بيديها لتتحرك الي داخل عمارتها انتظرت حور دخولها ثم أنطلقت بتجاه السيارة حيث كان أمجد جالسا يشاهد الموقف بأكمله وهو غير مدرك لما يحدث هو بطبعه ليس فضوليا ولكنه لا يعلم كيف ظهرت له تلك الملاك من العدم لتقلب تفكيره وتصرفاته الي هذه الدرجة "نجلاء" نطق اسمها من بين شفتيه بتلذذ فاسمها حقا يليق بها وبعينيها الجميلة الواسعة التي خطفت لبه من أول لحظة وأصبح كل تفكيره الحالي منسب عليها ....
يتبع